خطة طموحة لإدراج أهوار العراق على قائمة الإرث الثقافي العالمي.. أحمد الشربيني

خطة طموحة لإدراج أهوار العراق على قائمة الإرث الثقافي العالمي.. أحمد الشربيني

أعلن برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة أنه سيتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) لإدراج منطقة الأهوار في جنوب العراق ضمن الإرث الثقافي العالمي.

وقال بيان بثه الموقع الشبكي لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة إن المبادرة، التي ستدعم ماليا من الحكومة الإيطالية، تهدف إلى تعزيز حماية وصيانة منطقة الأهوار الواسعة التي تمثل أهمية ثقافية، وطبيعية وبيئية بالنسبة للعالم أجمع.

وكانت الأهوار، التي يغذيها نهرا دجلة والفرات، والتي تعد بمنزلة منطقة تفريخ وتكاثر لأسماك الخليج وموطن أنواع نادرة من الطيور مثل طائر أبو منجل المقدس ومحطة شديدة الأهمية في طريق الطيور المهاجرة، كادت أن تجف وتدمر تماما على يد نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين خلال تسعينيات القرن المنصرم ومطلع القرن الحالي.

وساهمت السدود التي شيدت على نهري دجلة والفرات في تفاقم الوضع. وبحلول العام 2002، تقلصت مساحة الأهوار من تسعة 9 آلاف كيلومتر مربع إلى 760 كيلومتر مربع.

وقدر برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة حينها أن الأهوار كانت ستختفي تماما خلال فترة من ثلاث إلى خمس سنوات ما لم تتخذ إجراءات عاجلة لإنقاذها.

وقد دعمت إدارة الإرث العالمي باليونسكو الخطة، وأعلنت في نهاية اجتماع عقد في مدينة كيوتو اليابانية عن مشروع مدته أربع سنوات وقيمته 14 مليون دولار ينفذه برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة لاستعادة الحياة الإيكولوجية للمنطقة، التي هي حسب الإيمان التوراتي موقع حدائق عدن، مع توفير سبل عيش مستدامة لعرب الأهوار.

وكان عرب الأهوار، ورثة الحضارتين البابلية والسومرية على مدى خمسة آلاف عام، ومنطقتهم هدفا لجرائم متعددة ارتكبها نظام صدام حسين ضدهم بعد أن اتهمهم بالخيانة خلال حرب العراق مع إيران التي استمرت من العام 1980 حتى العام 1988، وأمر ببناء السدود في منطقة الأهوار وتجفيفها، الأمر الذي أجبر ما يتراوح بين 200 ألف و300 ألف إلى الهروب من الأهوار والعيش في المنفى.

وبعد سقوط النظام في 2003، هدم السكان المحليون عددا كبيرا من السدود لتغمر المياه الأهوار من جديد. وبدأت المنطقة تستعيد عافيتها بالتدريج، وبدأت الآلاف من الطيور والأسماك بالعودة إلى منطقة الأهوار. كما عاد الكثير من أبناء المنطقة إليها.

وقد عمل مشروع إدارة الأهوار التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، الذي أنشئ في العام 2004 بتمويل من صندوق الوصاية العراقي والحكومتين اليابانية والإيطالية، مع وزارة البيئة العراقية والمجتمعات السكانية المحلية لتسريع عملية تعافي الأهوار.

وتضمن ذلك وسائل صديقة للبيئة توفر مياه الشرب النقية لنحو 22 ألف من عرب الأهوار وزرع صفوف وسدود القصب (الغاب) باعتبارها مصفاة طبيعية للتلوث والمياه الصرف الصحي، وإدخال مشروعات الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية. وقد أسس المشروع شبكة معلومات الأهوار. وكان التدريب على المراقبة الميدانية وبالأقمار الاصطناعية واستعادة الأهوار وإدارتها أيضا جزءا من المشروع الذي أنهى أخيراً مرحلة تقييمه النهائي، وقدمه لاجتماع عقد في كيوتو في سبتمبر الماضي.

وخلال هذا الاجتماع، طلبت وزارة البيئة العراقية دعم برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة لانضمام العراق إلى «الاتفاقيات البيئية المتعددة الأطراف» من أجل المشاركة في التحديات البيئية الدولية التي تواجه كوكبنا.

وتتراوح «الاتفاقيات البيئية المتعددة الأطراف» بين «اتفاقية التنوع البيولوجي»، و«بروتوكول مونتريال حول المواد المستنزفة لطبقة الأوزون»، و«اتفاقية الأنواع المهاجرة»، و«اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ».

وقالت نرمين عثمان وزيرة البيئة العراقية في بيان أصدره برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة: «إنني سعيدة للغاية لأننا سنعمل الآن نحو جعل الأهوار محمية وطنية وموقعاً مهماً على لائحة الإرث العالمي».

وأضافت: «بسبب ما فعله صدام حسين، كانت الأهوار معرضة لخطر الاختفاء تماما مثلها مثل ثقافة عرب الأهوار التي ترجع إلى قرون عدة. وأصبحت كارثة إيكولوجية لكنها كارثة إنسانية أيضا».

وأردفت: «الآن استعدنا ما يتراوح بين 50 و60 من مساحة الأهوار، ونحن نتطلع اليوم إلى مزيد من التحسينات ووضعها على الخرائط باعتبارها أول موقع عراقي ذي سمة ممتزجة طبيعية وثقافية على قائمة الإرث العالمي وباعتبارها منطقة ذات أهمية كبيرة بالنسبة للعالم أجمع».

وفي تعليقه على المبادرة، قال آخيم ستاينر المدير التنفيذي لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة: «أود أن أشكر حكومتي اليابان وإيطاليا على دعمهما لنا وأهنئ الشعب العراقي على الإنجازات الرائعة». وأضاف ستاينر: لقد كان العمل في أهوار العراق فريدا وحافلا بالتحديات للعديد من الأسباب. لكن الدروس المستفادة تذهب إلى ما هو أبعد من الحدود العراقية. فهي توفر نموذجا لاستعادة أنظمة بيئية مائية ذات أهمية اقتصادية في شتى أنحاء العالم تعرضت لأضرار أو أهملت».

وقال ستاينر إنه يتطلع للعمل مع الحكومة العراقية وبالتعاون مع اليونسكو لتطوير مشروع إدارة شاملة لضمان إدراج الأهوار على قائمة الإرث العالمي بفضل الحكومة الإيطالية لدعمها الذي لا يقدر بثمن.

وقال شيزوري آوكي من المركز الدولي للتكنولوجيا البيئية التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في اليابان، الذي تولى مهمة تنسيق المشروع: «إن التمويل الياباني سيستخدم لوضع وتنفيذ برنامج إدارة وصيانة مستدام للأهوار».

وسيتضمن كذلك مشروعا تجريبيا على المستوى المحلي لإدارة النظام البيئي ولصيانة الثقافية بالتعاون مع اليونسكو والسلطات العراقية.

ووفقا لليونسكو، فإن أقرب موعد يمكن العراق أن يعرض فيه قضيته على لجنة التراث العالمي هو العام 2010 . وفي حالة الموافقة ستدرج أهوار ما بين النهرين ضمن قائمة مواقع الإرث العالمي.

ويقول آوكي: «الأمر الأساسي هو أن نواصل العمل مع شركائنا العراقيين، ومع اليونسكو والمنظمات المعنية لمساعدة العراق على انتقال إلى قائمة الإرث الثقافي بحلول العام 2011».

 

 

 

أحمد الشربيني