التدخين والحمل

التدخين والحمل

يعتبر التدخين العادة غير الصحية الأكثر شيوعاً، ومع الأسف، الأكثر تقبلاً في المجتمع. وبالرغم من الجهود الحثيثة التي تبذل في مختلف دول العالم للحد من انتشاره فإنه بازدياد.

منعت معظم الدول الغربية، وأخيراً الهند، التدخين في جميع الأماكن العامة وحتى في الحانات. إلا أن العكس يلاحظ لدينا، فظاهرة انتشار التدخين تزداد في مجتمعاتنا العربية، وأضحت رائحة التدخين هي أول ما تستحضره أذهاننا من ذكرى زيارة أي مقهى في البلدان العربية وخاصة بعد ازدياد ظاهرة تدخين النارجيلة وانتشارها بين المراهقين والنساء، فضلاً عن الرجال وأركّز في هذه المقالة على تدخين السيدات، وخاصة الحوامل منهن، والضرر الذي يسببه التدخين بأشكاله على الأم والجنين وأيضا حديثي الولادة... وتتراوح نسبة المدخنات بين النساء في الدول الصناعية بين 20% إلى 25% والمدخنات من الحوامل حوالي 10% ولا يوجد إحصاء مماثل لدينا في الدول العربية ولكن لاشك أنهن - مع الأسف - في ازدياد.

كيف يؤثر التدخين في الإخصاب لدى المرأة؟ تؤدي نواتج التدخين إلى تأثير سلبي في وظيفة المبيض مؤدية إلى ضعف في الإباضة وكذلك على قدرة بطانة الرحم على استقبال البيضة الملقحة أو مايعرف بفشل التعشيش، وهذا يؤدي إلى عدم حدوث الحمل، أو ازدياد نسبة الإسقاط في حال حدوث الحمل... كما أنّ التدخين المتواصل سبب من أسباب تبكير حدوث ما يعرف بسن اليأس لدى المرأة، وهذا له مظاهر مختلفة على المرأة تحتاج إلى مقالة خاصة بها، ونشير إلى أن القدرة الإخصابية للمرأة تعود لوضعها الطبيعي بعد الإقلاع عن التدخين.

كيف يسبب التدخين الضرر للمولود؟

ينتج عن تدخين السجائر أكثر من 250 مادة كيميائية تدخل الجسم، ومن أهمها النيكوتين وأحادي أوكسيد الكربون اللذان يعبران الدوران المشيمي وصولاً إلى دوران الجنين، مسببين نقصاً في الأكسجة لدى الجنين وبالتالي نقص نمّوه داخل الرحم، وازدياد نسبة الولادة قبل الأوان لمواليد ناقصي وزن الولادة (ضعفي المعدل العام) حيث يعاني أفراد هذه الفئة من المواليد صعوبات خاصة بعد الولادة تتراوح بين ضعف مستوى الذكاء وصعوبات التعلم، وكذلك ازدياد نسبة الشلل الدماغي. ويسلط الضوء حاليا على العلاقة مابين التدخين في الأشهر التي تسبق الحمل وخلال الثلث الأول مع التشوهات الخلقية في القلب لدى الجنين وبالإضافة لازدياد حالات الشفة والحنك المشقوق عند المواليد. كذلك يتعرض حديث الولادة أحياناً للإصابة بخثرات وريدية ناجمة عن كثرة كرياته الحمراء والتي ازدادت لديه لتعوض نقص الأكسجة الذي ذكرناه سابقاً. ويلاحظ ازدياد ما يعرف بوفيات الولدان المفاجئة مابعد الولادة لدى مواليد الأم المدخنة بثلاثة أضعاف مقارنة مع الأم غير المدخنة، بالإضافة إلى ظهور مايشبه تناذر السحب (الفطام) ويتظاهر بالهياج والتململ، عدا عن شيوع حالة انتانات الطرق التنفسية، وحالات الربو عند المواليد الجدد الذين يدخن أباؤهم بجوارهم. وهناك بعض النساء اللواتي سيذكرن قصة مواليد طبيعيين لصديقاتهن المدخنات، والإجابة عن ذلك بشرح بأن كلمة طبيعي ليست واضحة تماماً فقد تظهر عقابيل بعيدة المدى على هؤلاء الأطفال لم تكن واضحة عند الولادة!.

مضاعفات أثناء الحمل

يترافق التدخين مع عدد من الاختلاطات الحملية حيث يضاعف من مشاكل المشيمة والتي تتضمن:

- المشيمة المنزاحة: (الواطئة حيث تغطي جزئياً أو كلياً عنق الرحم وتكون متقدمة على الجنين).

- انفكاك المشيمة الباكر: (حيث تنفصل المشيمة جزئياً أو بشكل كامل تقريباً عن جدار الرحم قبل الولادة). وكلتا الحالتين تسببان نزيفاً رحمياً بدرجات مختلفة قد تشكل خطراً حقيقاً على الأم والجنين، بالرغم من أن الولادة القيصرية تستطيع منع معظم الوفيات.

- التدخين يزيد من احتمال تمزق جيب المياه المحيطة بالجنين (السائل الأمنيوسي) قبل بدء المخاض، وهذا له عواقبه على الجنين، خاصة إن حدث قبل نضج الجنين.

هل يسبب التدخين السلبي ضرراً على الجنين؟

تفيد الدراسات بأن أجنة الأمهات اللاتي يتعرضن بشكل متواصل لاستنشاق دخان الآخرين يميلون لأن يكونوا ناقصي الوزن عند الولادة لذلك من المهم تجنب الحامل للمدخنين.

مضار تلحق ألما أيضاً

  • على المدى القريب: ازدياد التهابات الطرق التنفسية والرئتين، ارتفاع الضغط الشرياني، ازدياد نسبة حدوث الخثرات الوريدية (الجلطات).

- على المدى البعيد: قصور الوظيفة التنفسية للرئتين المزمن وانتفاخ الرئة, أمراض القلب كقصور القلب ونوب نقص التروية القلبية المتكررة، حدوث شيخوخة الجلد المبكرة وكذلك العلاقة المؤكدة مابين التدخين والأورام السرطانية من الفم والحنجرة والرئتين إلى سرطان المعدة والمثانة. ويمكن أن نزيد على ذلك التكلفة المادية لشراء السجائر، ومن ثم تكلفة علاج الأمراض المتسببة عنه. فضلاً عن أنّ استهلاك التدخين قد يترافق في حالات ليست بالقليلة باستعمال عقاقير أخرى كالكحول والمخدرات، وإن كانت ولحسن الحظ مازالت محدودة في مجتمعاتنا، فيمكننا أن نتخيل مدى الضرر الذي سيتضاعف على الأم والجنين لو حدث ذلك!!. كيف تستطيع المدخنة الإقلاع عن التدخين؟ يمكن أن تحول السيدة إلى العيادة المتخصصة ببرامج وقف التدخين، ويجب أن يشرح لها كل الأضرار التي يسببها التدخين عليها وعلى جنينها، كما هو موضح سابقاً. ويجب النصح بالإقلاع من مرحلة التخطيط للحمل ومن ثم جميع مراحله وبعد الولادة أيضا مساعدة الزوج والأهل أساسية. وعلى الزوج ترك التدخين إن كان هو نفسه مدخناً، والابتعاد عن المدخنين قدر الإمكان، وعن الأماكن التي يشيع بها التدخين. في النهاية نقول: إن على المرأة الحامل المدخنة أن تدرك أنها تقوم وعن قصد بإيذاء جنينها ولايوجد لها مايبرر هذا الأذى. وأتمنى أن تساهم هذه المقالة بحث العديد من المدخنين رجالاً ونساءً للابتعاد عن هذه العادة التي لا يوجد لها إلا السلبيات والأضرار.

 


ظافرعزيز اسمندر