البحث عن آفاق أرحب.. كتاب يكشف الطاقات الإبداعية في الكويت

البحث عن آفاق أرحب.. كتاب يكشف الطاقات الإبداعية في الكويت

تمتعت بقراءة كتاب العربي رقم 71 «البحث عن آفاق أرحب: مختارات من القصة الكويتية المعاصرة» والذي أعده وقدم له الأديب والناقد الكويتي المتميز د. مرسل فالح العجمي، وقد صدر الكتاب في 15 يناير من العام 2008 إلا أنه لم تسنح لي الفرصة لقراءته سوى في الإجازة الصيفية، وقد سعدت بقراءة الكتاب المذكور الذي يحتوي على 47 قصة قصيرة لكتّاب كويتيين، وقد نشرت القصص المذكورة لأولئك الكتّاب والكاتبات خلال الفترة من عام 1929 وحتى الزمن الحاضر وغطت القصص القصيرة المذكورة فترات زمنية مهمة في التاريخ المعاصر للكويت، حيث كانت هناك قصص جرت كتابتها في الزمن السابق لعصر النفط وخلال عقدي الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، كما كانت هنك قصص كتبت في سنوات البعثات الدراسية الأولى في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، وخصوصاً من الطلبة الذين ابتعثوا إلى مصر للدراسة الثانوية ثم الجامعية.

ومما لا شك فيه أن قصصاً في الكتاب تتميز على أخرى، وبذلك تتضح كفاءة الكتّاب ونوعيتهم وقدراتهم. وعودة لأدب المرأة فقد برزت كاتبات خلال هذا الكتاب بما يؤكد المكانة الثقافية الجيدة التي بلغتها المرأة الكويتية، كذلك تطرقت القصص إلى مواضيع مهمة في الحياة الكويتية خلال مختلف المراحل التاريخية المعاصرة التي مرت بها الكويت، خصوصاً مع المتغيرات في أوضاعها الاقتصادية والسياسية. وقد تمكن د.مرسل العجمي من انتقاء القصص الجيدة من أعمال الكتّاب الذين وردت أسماؤهم في الكتاب وهي، ربما، من أفضل الأعمال في القصص القصيرة لهم أو كاتب آخر أوكاتبة أخرى في الكويت. بيد أن أبرز الأعمال التي رصدتها في المجموعة المشار إليها هي: «ذاتان وحب» للكاتب وليد الرجيب، و«قطتان» لعبدالعزيز السريع، و«آهة مرشوشة بالدم» لليلى العثمان. أما العمل الذي جذبني بصورة حاسمة فهو قصة «قرنفل» للكاتبة بزة الباطني، وهذا العمل تميّز بالحبكة لممتازة والسرد المنسق والتصوير المذهل للوقائع. وغني عن البيان أن «قرنفل» تؤكد قدرة الكاتبة بزة الباطني، وهي قدرات لم أتعرف عليها بشكل واضح قبل قراءة تلك القصة القصيرة، ومهما يكن من أمر فإن الكتاب المذكور يجب أن يطلع عليه ويقرأه كل مهتم بشئون القصة والرواية في الكويت ليكتشف الإبداعات الأدبية التي تتوافر في بلدنا.

أزمة الروائي والكاتب

عندما يكتب المرء قصة قصيرة أو رواية طويلة فإنه يواجه مشكلة تفسير الأحداث أو علاقته بالأحداث التي تطرح خلال القصة أو الرواية، ويعتبر كثير من القرّاء أن الأحداث تتعلق بالكاتب بدرجة أساسية، أو أنه عايش تلك الأحداث بشكل أو بآخر، ويفترض أن تكون القصة والرواية أعمالاً إبداعية تشكلها القدرة الخلاقة للكاتب في تصور أحداث أو شخصيات عمالقة مثل أرنست هيمنغواي أو ديستوفيسكي أو ماكسيم غوركي أو تولستوي أو مارك توين أوفيكتور هيجو من الكتّاب العالميين الذين وهبهم القدر لهذا العالم، أو كتّاب عرب مهمين مثل نجيب محفوظ أو يوسف إدريس أو عبدالرحمن منيف وغيرهم من مبدعين. هل يمكن اعتبار أعمالهم، أو أغلبها، تتمحور حول تجارتهم الشخصية أوالخاصة؟ هناك تقليل من كفاءة الكاتب إذا ارتبطت أعماله بتجارته الشخصية فقط، إذ يجب أن يتمكن الكاتب من التصور والتخيل للأحداث حتى يصبح مبدعاً وقادراً على استمرار العطاء الفني. بطبيعة الحال فإن الكاتب يتأثر بالبيئة الاجتماعية ونشأته السياسية والثقافية، وتجاربه الخاصة التي قد تجعل من شخصياته قريبة جداً من الشخصيات التي عاشرها على مدى الحياة، ولكي يتمتع القارئ بأي عمل روائي أو أدبي آخر فإن عليه أن ينسى معرفته بالكاتب ويحاول أن يستفيد من مدلولات العمل بدلاً من التفتيش في المسائل الخاصة والعلاقات التي يرتبط بها كاتب العمل.

عامر ذياب التميمي
كاتب من الكويت