ملف خاص: الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 2008

ملف خاص: الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 2008

جان ماري جوستاف لوكليزيو:
كم هو جميل أن تتوقف الحرب

جان ماري جوستاف لوكليزيو J.M.G. Le Clézio روائي فرنسي ولد عام 1940 من أب إنجليزي وأم فرنسية. بدأ يعرف في الأوساط الأدبية بعد نشر روايته الأولى عام 1963 بعنوان «المحضر». وفي عام 1965 صدرت له مجموعة من القصص القصيرة بعنوان «الحمَّى» ثم مجموعة أخرى في العام التالي بعنوان «الطوفان»، ثم «الأرض المقدسة» في عام 1967 يليها «النشوة الحسية» في العام نفسه ثم كتاب «الهرب» عام 1969 ثم «الحرب» عام 1970 ثم «العمالقة» عام 1973. بعد ذلك توالت العناوين على النحو التالي : نيدرياز 1973 Nydriase، رحلات في البر الآخر 1975، نبوءات شيلام بالام عام 1976، المجهول على سطح الأرض 1978، موندو وحكايات أخرى 1978، صحراء 1980، ثلاث مدن مقدسة 1980، الدائرة وحوادث أخرى 1982. ثم نشر قصصاً للأطفال منها «الذي لم يشاهد البحر في حياته مع جبل الله الحي» 1982، رحلة إلى بلاد الأشجار 1984. وفي العام التالي ظهر له كتاب «الباحث عن الذهب»، وفي العام نفسه كتاب «اليوم الذي عرف فيه بومون الألم»، وفي عام 1986 نشر لوكليزيو جزءاً من مذكراته. وفي عام 1989مجموعة قصصية بعنوان الربيع والفصول الأخرى. وفي عام 1992 صدرت له روايتان بعنوان «النجمة الهائمة» و«باوانا». وفي عام 1995 رواية «المحجر» ثم روايتان في عام 1997 «السمكة الذهبية» و«الحفلة الغنائية». وفي عام 1999 رواية «مصادفة». وفي عام 2000 مجموعة أخرى بعنوان «قلب يحترق وحكايات أخرى». وفي 2003 رواية «ثورات» ثم رواية «أورانيا» عام 2006. وأخيراً رواية بعنوان «قَرْصُ الجوع» عام 2008.

كما نشر لوكليزيو العديد من البحوث والدراسات، و نشر الكثير من المقالات في عدد من الصحف والدوريات الأدبية المعروفة مثل الجريدة الفرنسية الجديدة، ولوموندو، والمجلة الأدبية، وكانزين ليتّيرير.

وجدير بالذكر أن لوكليزيو قبل أن يفوز بجائزة نوبل كان قد حصل على خمس جوائز أخرى: جائزة بول موران عام 1980، ثم جائزة مجلة اقرأ عام 1994، ثم جائزة بوتيربو عام 1997، ثم جائزة إمارة موناكو في العام نفسه.

 

حينما أعلن الناقد «بيير بونسين» عن نيته في مقابلة «لوكليزيو» حذره زملاؤه ورؤساؤه في المجلة قائلين له: هل تريد أن تقابل لوكليزيو وتجري معه حديثاً ؟ أولاً هو لا يعيش في فرنسا، وإنما في أعماق أعمـاق الولايات المتحدة الأمريكية في مدينة «ألبوكيرك» Albuquerque في المكسيك الجديدة وألبوكيرك هذه بعيدة جداً، على بعد آلاف الكيلو مترات من باريس، حوالي اثنتي عشرة ساعة بالطائرة. ولكن الأمر لا يقتصر على هذا السبب الجغرافي أو البعد المكاني، فهناك ما هو أهم وأصعب. فقد قال له بعض الزملاء : «إن لوكليزيو في الواقع لا يقابل أحداً وخصوصاً الصحفيين. فهو لم يقابل منهم أحداً تقريباً، وحتى لو قدر لك أن تحظى بمقابلته، فمن المحتمل جداً أن تعود من المقابلة بخفي حنين، فقد لا يقول لك شيئاً..».

ثم يردف «بيير بونسين» قائلاً: صحيح، أنا أعرف «لوكليزيو» من قراءتي عنه، فهو كتوم، صموت، يعيش في شبه عزلة أشبه بآدم بطل روايته الأولى «المحضر» يهيم على وجهه حاملاً همومه على ظهره يتنقل على وجه البسيطة أشبه بهوجان Hogan الذي يصوره في قصة «الهرب»، مرعوباً مفزعاً أمام قسوة المجتمعات العصرية. يذكرنا بـ «بياترتس ب» في قصة «الحرب»، يرفض الحديث أشبه بشخصية «بوجو» الأخرس في رواية العمالقة الذي يمسك عن الكلام مع الناس لأنهم لا يجيدون إلا إصدار الأوامر. كان «بيير بونسين» يعرف كل ذلك عن «لوكليزيو» من خلال قراءاته لقصصه. كان يعرف أنه واحد من الكتاب المعاصرين، النادرين، ولعله الوحيد من بينهم، الذي صور الحياة العصرية بقوة تجاوزت حدود الواقع المعيش إلى مشارف الأوهام والرؤى الخيالية. ومع ذلك فلم يتردد بيير بونسين في إرسال خطاب إلى «لوكليزيو» يطلب منه مقابلته لإجراء حديث صحفي، راجياً أن يصل الخطاب في الوقت المناسب، آملاً أن يكون «لوكليزيو» في حياته الخاصة غير ما صوره الزملاء والأصدقاء. وطال الانتظار وأخيراً جاء الرد بالإيجاب، ولكنه لا يخلو من اللبس والغموض. فهو يقول: «يسعدني أن أراك» هكذا فقط دون أن يشير إلى موضوع الحديث الصحفي. المهم، بعد رحلة طويلة شاقة وصل «بيير بونسين» إلى مدينة «ألبوكيرك» حيث يقيم الروائي لوكليزيو. وكان الناقد الصحفي يحمل في حقيبته بعض قصص لوكليزيو التي صدرت أخيراً، راجياً أن يوفق في مهمته، خاصة وهو يعرف أن «لوكليزيو» من الكتاب النادرين الذين يقدسون العزلة وينأون عن الظهور ويمقتون الشهرة. إنه يريد بحق أن يصبح إنساناً مجهولاً بل ونكرة على وجه الأرض. كما يتجنب أن تؤخذ له الصور الفوتوغرافية. وفعلاً، فلقد رفض ذلك وطلب من بيير بونسين إن كان لابد، أن يرسمه رسماً. ولما كان الناقد لا يستطيع ذلك، فقد وافق لوكليزيو في النهاية على أن يأخذ له صورة فوتوغرافية، ولكن على بعد ثلاثين متراً على الأقل. وقد زاد الأمر صعوبة أن السماء كانت تمطر في ذلك اليوم. كذلك فقد كان «لوكليزيو» في اليوم الأول من المقابلة متحفظاً جداً متوتر الأعصاب، بالإضافة إلى صفة أخرى لم يكن يعرفها عنه وهي لحظات الصمت التي يستغرق فيها من آن لآخر، وقد عبر عنها الناقد في حديثه معه بوضع النقاط الثلاث الشهيرة. والأمل هو أن تصبح هذه المقابلة الصحفية بما حفها من صعوبات حافزاً للقارئ والمستمع على قراءة أعمال هذا الكاتب الذي يعد من أعمق كتاب العصر وأكثرهم صدقاً وأصالة.

عزلة أديب

استهل «بيير بونسين» حديثه مع الروائي «لوكليزيو» على النحو التالي :

  • من المعروف أنك لا تتحدث في مقابلات صحفية. ليس فقط لأنك لا تعيش في فرنسا، ولكن وبخاصة، لأنه يبدو أن لديك حساسية معينة من المقابلات الصحفية. فلماذا ؟ هل تعتقد أن الكاتب بعد أن ينتهي من تأليف الكتاب، لا ينبغي أن يتناوله بالشرح أو التعليق؟

- كلا، ليس هذا هو السبب. هناك أشخاص يجيدون التعبير عما يريدون في المقابلات الصحفية، أما أنا فأعتقد أنني لا أجيد هذا الفن. هذا كل ما في الأمر. أجد بعض الصعوبة في التعبير الشفوي، وقبل عدة سنوات كان الوضع أسوأ. وقد اجتهدت في أن أحاول الحديث ولكنني صادفت صعوبة شديدة.

  • عملك في التدريس، ألا يساعدك؟

- التدريس لا أجد فيه شيئاً من الضيق أو الحرج، فهو عملية صناعية أو مسرحية. فأنت تتحدث في موضوع تحبه أو تعرفه حق المعرفة، إلى مجموعة من الأشخاص الذين حضروا لهذا الغرض. تتحدث في الأدب إلى جمهور جـاء من أجل الأدب، وليس من أجلك أنت. في حين أنك في المقابلة الصحفية، لا يمكنك أن تختفي وراء حاجز الأدب اللهم إلا قليلاً جداً..

  • وأنت، هل تحب كتابة الرسائل؟

- نعم. في بعض الأحيان، بل إنني أجد ذلك مسلياً ومثيراً للخيال، أن تراسل قوماً لا تعرفهم ولن تراهم في يوم من الأيام.

  • حينما تكتب كتاباً، هل تكتبه كما تكتب رسالة؟

- الحقيقة أنني قبل أن أكتب رسائل لقرائي المجهولين، لم أكن أكتب رسائل لأحد، ولكن حينما كنت طفلاً صغيراً، كنت أكتب قصصاً ثم أرسلها إلى بعض الأشخاص بدلاً من أن أكتب لهم رسائل. وأعتقد أن القصص التي أقوم حالياً بتأليفها تتبع هذا المنهج، فلعلها جاءت نتيجة للمراسلات الخيالية التي كنت أحررها في طفولتي.

  • هل تجد غضاضة في أن نطلق عليك صفة الكاتب؟

- أنا لا أعرف بالضبط معنى الكاتب.

  • هل ترى أنها مهنة كغيرها من المهن؟

- لم لا؟ الكاتب صانع ألفاظ، هو يصوغ الكلمات. ولعل ما يبعث على الضيق أكثر أن تدعوني «رجل أدب» فرجل الأدب، يبدو أنه يتخذ من الأدب مهنة، يحترف الأدب، ويعرف أسراره ويجيد طرائقه. وهذا يبعث على الضيق إلى حد ما..أما أن تدعوني «كاتباً» فهذا لا يضايقني إذا قارنا الكاتب بالكتبة العموميين قديماً. الذين كانوا يكتبون، ليس فقط ما يملى عليهم، وإنما حسب الطلب. كان الناس في الماضي يقصدون الكاتب العمومي لمساعدتهم، يأتيه أحدهم فيقول له مثلاً : «لقد مات عمي وأريد أن أرسل رسالة، فماذا أقول فيها»؟ فيقوم الكاتب العمومي بتدبيج خطاب عزاء أنا أعتقد أن هذا هو الكاتب : الذي يكتب بدلاً من الناس.

  • هل تفضل فعلاً أن تكون كاتباً عمومياً يقصده الناس لمثل هذه الأغراض؟

- مثلا : اكتب لي رواية حول هذا الموضوع أو ذاك ؟ الواقع أنها تكون مهنة صعبة إلى حد ما ولكن ليس إلى حد الإزعاج أشبه بالراوي الذي لديه قائمة بالقصص الجاهزة التي يستعملها حسب الظروف والمناسبات.

  • منذ صغرك كنت تريد أن تصبح كاتباً؟

- نعم، كنت منذ صغري أحب كتابة الروايات أو القصص القصيرة. ولكن أعتقد أن ذلك كان يرجع إلى المتعة التي كنت أشعر بها أثناء الكتابة، المتعة التي كنت أشعر بها وأنا أمسك بالريشة في يدي وأسمع صريرها فوق الورقة، لأنني كنت أكتب بريشة..

  • لقد أصبحت مشهوراً في سن الثالثة والعشرين؟

- نعم، لقد حصلت على جائزة وأنا في الثالثة والعشرين من عمري.

الخجل وصعوبة الاندماج

  • هذه الجائزة، جائزة «رينودو»، ألم تسبب لك إزعاجاً فجعلتك أكثر نفوراً من الناس؟

- بالعكس، كنت قبل ذلك خجولاً، خجولاً جداً، نفوراً جداً، ولكن بسبب هذه الجائزة تمكنت من التخلص جزئياً من هذا العيب، لأنه عيب على أي حال. كنت أعاني كثيراً الخجل، إلى درجة رهيبة، غير أن الجو في باريس أكسبني شيئاً من الحصانة كنت مصاباً بأحد أمراض الأطفال أو المراهقين اسمه صعوبة الاندماج في المجتمع، ولكـن بفضل الجائزة الأدبية التي قدمتني للمجتمع وجعلتني أختلط بالناس، تمكنت من الشفاء إلى حد ما.

  • ولكنك الآن تتكلم في يسر وسهولة؟

- هذا أيضاً يرجع إلى ذلك التاريخ، لأنني قبل الحصول على هذه الجائزة كنت عاجزاً عن صياغة جملة شفوياً، لا أتمكن من تكملة الجملة، كنت أتوقف في منتصفها. الكتابة نعم، أما الحديث فلا، وبخاصة أمام الجمهور.

  • هذا صحيح. بل يظهر أن أحبالك الصوتية أمام الجمهور تصاب بانسداد بمعنى الكلمة.

- هذا ما يحدث الآن أيضاً حينما أواجه جمهوراً غفيراً. فأنا مثلاً لا ألقي محاضرات، وقد لا أستطيع إلقاءها مطلقاً، ولكن التدريس لبضع عشرات من الطلاب، هذا ممكن : لأنني أعرفهم شيئاً فشيئاً. أما قبل ذلك فلم أكن أستطيع حتى أن أتحدث مع شخص واحد لأن الشخص الواحد هو بالنسبة لي جمهور ولم يكن ذلك ممكناً.

(حالياً، لوكليزيو يعمل أستاذاً للأدب الفرنسي بجامعة المكسيك حيث يقوم بالتدريس لحوالي عشرة من الطلاب).

  • هل تعرف، أو بمعنى أصح هل تستطيع أن تتصور جمهورك، أقصد قراءك؟

- مطلقاً. ثم إنني لا أعتقد أن أي كاتب يمكنه ذلك، اللهم إلا إذا ذهب إلى المكتبة ووقع على كتبه، ولكنني لا أحب ذلك، ولا أقوم به لأنه يبدو لي أن الناس يأتون لمشاهدة الكاتب بدافع الفضول وليس لشراء الكتب. إنني لا أهتم بعلاقتي بالقراء إلا ما يتم منها عن طريق البريد، وحينما يكون الخطاب غفلاً من الاسم ومن الصورة. إن العلاقات الإنسانية تزعجني حينما يكون فيها صور أو وجوه.

  • كتبت مرة أنك تتوجس خيفة من رؤية وجه جديد؟

(سأظل طويلاً أتذكر وجه لوكليزيو في تلك اللحظة، كأنني أعدت إليه ذكرى ألم دفين لم يتمكن أو لم يشأ أن يبرأ منه).

- هذا صحيح. ليس خوفاً، ولكن كيف أعبر لك ؟ أنا لست معتاداً رؤية أشخاص مختلفين ولست معتاداً نسيانهم، هذا شيء يؤذيني حتى جسدياً. أشعر كأن عيني مليئتان بالأشياء، بالوجوه، أشعر برأسي مزدحماً بالوجوه.

  • حينما تنظر إلى الآخرين أو حينما ينظر الآخرون إليك؟

- حينما أنظر إلى الآخرين، وليس من اليسير أن أشرح لك ذلك: إذا كان قد سبق لك تربية الدجاج، فأنت تدرك ما يحدث حينما تدخل في قفص الدجاج دجاجة غريبة، الدجاج الآخر يرفضها. لماذا ؟ ليس لأنه يخشى أن تأكل من طعامه، وإنما لأن هناك رأساً جديداً، هذا كل ما في الأمر. أنا شخصياً أشعر أنني إلى حد ما مثل الدجاجة التي ترفض الآخرين وتخشى من وصول دجاج آخر. هناك نوع من الناس وظيفتهم هي مقابلة الناس، موظف العلاقات العامة مثلاً، يرى الناس ويقابل الناس ثم ينساهم، ولكن هب أنه لا ينسى هذه الوجوه، شيء يبعث على الجنون!

الكتابة مع الحركة

  • ولكن، لكي تكتب، ألا تحتاج إلى نوع من التآلف مع مدينة معينة، مع بيت معين، مع حجرة؟

- كلا، بل أعتقد أنني أكتب أفضل وأنا في مكان متحرك كالقطار مثلاً. أفضل ذلك على الكتابة داخل حجرة حيث أشعر بالاختناق بعد قليل، أنا أحتاج دائماً إلى هواء، أحتاج إلى الخروج. أضف إلى ذلك أنني أشعر أن الكتابة بالنسبة لكثير من الناس هي نوع من التقدم في الفضاء، نوع من التنقل في الفضاء وحينما كنت صغيراً كنت لا أستطيع أن أتصور رواية دون أن تكون رواية مغامرات. كتاب نجوب فيه الفضاء ونكشف فيه أشياء، نسير فيه قدماً ولا ندري ماذا سيحدث بعد قليل.

(أحد مؤلفات «لوكليزيو» بعنوان «كتاب الهرب»، له عنوان آخر هو «رواية مغامرات». أما عن طريقته في الكتابة، فهو يكرر دائماً أنه يكتب بطريقة الدفع أو الاندفاع، دون خطة مسبقة).

  • كتابك بعنوان «مجهول على وجه الأرض»، والآخر بعنوان «موندو»، بالنسبة لهذين الكتابين، ألم تستغرق في كتابتهما زمناً أطول من الكتب السابقة؟

- بالنسبة لكتاب «موندو» الحقيقة أنني كتبتُه وأعدت كتابته ثلاث مرات. أما «مجهول على وجه الأرض» فقد شرعت في كتابته عام 1973 ولكنني كنت دائماً أتركه ثم أعود إليه في رحلاتي. فهو في الحقيقة يعد رحلة أو نوعاً من مذكرات مسافر موزعة على سنوات عديدة. ثم إنني كنت قد بدأت التفكير فيه قبل ذلك بزمن طويل، والحقيقة أن كثيراً مما أكتبه الآن سبق لي أن فكرت فيه قبل خمسة عشر أو ستة عشر عاماً، ولكنني في ذلك العصر لم يكن عندي وقت للكتابة، فقد كنت أعمل رسوماً متحركة وأقوم بتحضير بعض الدراسات.

  • أسلوبك في هذين الكتابين يبدو لي أنه يختلف عن أسلوبك في كتبك الأخرى.

- حقاً ؟ لست أعرف كيف يبدو ذلك للقارئ. ولكن الذي أعرفه جيداً هو أنني بلغت نقطة يجب أن أتوقف عندها لكي أمحو بعض الأشياء. أشبه بإنسان سار طويلاً قبل أن يصل إلى نقطة معينة، ثم راح يمحو آثار أقدامه. لقد شعرت بالرغبة في أن أمحو آثار أقدامي.

  • - هذان الكتابان هما بالنسبة لك انفصال معين أو نوع من القطيعة؟

- هناك اختلاف، ولكن لا أعتقد أنه يبلغ حد القطيعة. في جميع الكتب التي ألفتها حتى رواية «الحرب» ورواية «العمالقة» كنت أشعر بأنني ينبغي أن أقوم بوصف عالم المدينة، العالم الآلي، وعدوانية اللغة البشرية، وتسلط الأشكال. كان ذلك بمثابة ضرورة لكي أتخلص من كل ذلك، أما الآن فإنني أشعر بأنني قد تحررت من كل هذا إلى حد ما، ولكن ذلك لأنني قمت بوصفه. من أجل ذلك لا أشعر أن الأمر يبلغ حد القطيعة.

  • ومع ذلك، أعتقد أن هذين الكتابين يعكسان تحرراً من كل ما كان يمثل ضغط الحرب والمدينة وقهرها.

- هذا صحيح شأن الكثيرين، حينما يقضي الإنسان جزءاً من حياته يعاني قهر المدينة وضغطها يأتي عليه وقت يشعر فيه بالملل والسأم والرغبة في رؤية شيء آخر.

  • هل شعرت فعلاً بالملل والسأم من المدينة؟

- آه طبعاً! في البداية يكون الإنسان مفتوناً بالحياة العصرية لأنها تكون مثيرة. ولكن بعد فترة معينة يشعر بالتعب.

  • ومع ذلك، فقد كنت مفتوناً بالحياة العصرية. فهل تعتبر ذلك أمراً خطيراً. هل تشعر بالغثيان من الحياة العصرية؟

- أكثر من غثيان، إنه شعور بالخطر، بخطر داهم وشيك، انطباع بأنك لن تلبث أن تفقد عقلك.

  • في كتابك «الحرب» تقول: «كم أتمنى أن تتوقف الحرب ولو ساعة واحدة استريح خلالها. كم هو جميل أن تتوقف «الحرب»، حينئذ يمكن أن تذهب إلى شاطئ البحر مثلاً، وتجلس على الأرض وتتطلع إلى البحر. لن تكون هناك حاجة لكي نتحرك ونردد ألفاظ المأساة، سنكون خارج إطار العرض».. والآن، هل الحرب، بمعنى العدوان، توقفت حقاً؟

- منذ البداية، حتى وأنا أكتب رواية «الحرب»، كنت أدرك أنه ليس هناك العدوان وحسب، ولكنني لكي أعرف ذلك، كان لابد أن أكتبه، وما إن كتبته حتى تزايدت الحاجة إلى الحديث عن شيء آخر كما حدث في «مجهول على وجه الأرض». ذلك لأن وراء هذه الحركة، وراء هـذا الجنون، وهذا الضجيج، كان يوجد شيء آخر ينبغي ألا يخفى علينا.

ألم يعد في المدينة ما يجذبك إليها، الكهرباء مثلاً، والسيارات؟

- بلى، مازالت هناك أشياء تجذبني في الحياة العصرية. مثل السيارات الأمريكية القديمة، كالسيارة الكاديلاك التي تراها هناك.

(ومن النافذة أشار لوكليزيو إلى سيارة كاديلاك قديمة مفككة تغطيها الأتربة، في منتصف الفناء).

أو الصور الفوتوغرافية التي تلتقطها الأقمار الصناعية للأرض، أو الهاتف أيضاً. كثير من منتجات التكنولوجيا يعجبني. إن السيارات الكاديلاك المهجورة كهذه التي هناك تروقني لأنها تندمج شيئاً فشيئاً في المنظر الطبيعي. إنها تجتذب ديدان الأرض، ويهيأ لك أن الأشجار لن تلبث أن تنمو فوقها. والحقيقة هناك إمكانية دمج العالم الحديث في عالم الطبيعة.

الخوف والهلع

  • هل تجد في الخوف ما يستهويك ويفتنك؟

- هذا صحيح. إن العالم الآلي الخلاب، يخيل إلىّ أنه لم يقدم لنا في مقابل ما يحققه لنا من الرفاهية والراحة، إلا شيئاً واحداً، ألا وهو الأمراض النفسية والعقلية. فبدلاً من الأمان والطمأنينة، لا يقدم سوى الخوف والهلع.

(ثم غاب لوكليزيو في صمت طويل، أطول فترة صمت تخللت محادثتنا. بالضبط في اللحظة التي تحدث فيها عن الأمراض النفسية والعقلية التي تخلفها حياة المدينة ولم أستطع أن أمنع نفسي من هذا التساؤل، طبعاً دون أن أشعره بذلك : ترى ألم يحدث له هو شخصياً أن اقترب من حدود هذا الجنون الذي تتردى فيه بعض شخوصه ؟ ومن ثم كان هربه المستمر وهذا المنفى الدائم الذي يعيش فيه..).

لقد سمعنا ذلك دائماً، وهذا شيء لا يخفى على أحد. فالدعاية الرهيبة والمصالح التي تحرك التجارة العالمية هي وراء نشر هذا الخوف وهي التي تسعى إلى إشاعة عدم الاستقرار وبث هذا الخلل في نفوس الناس، وذلك حتى يجتهد الناس في الإنتاج ويجتهدوا في الشراء أكثر فأكثر. هذا نوع من السقوط الطويل، ويبدو أن الجميع راضون بهذه الآلية التي آلت إليها الحياة الاجتماعية.

  • ألم تخضع في بعض كتبك السابقة لهذه الغواية أو هذا الإغراء؟

- ربما.. إنني أشعر أنني كنت مفتوناً بطرفي النقيض. ربما لأنني كنت أعيش في مدينة «نيس» حيث المدينة وصخبها وضجيجها من ناحية، ومن ناحية أخرى البحر أي غياب الجنس البشري وانتشار الطبيعة البكر. لقد كنت دائماً موزعاً بين هذين القطبين أو هذين النقيضين، ولكن لم ألبث أن رحت في دوامة الحياة المدنية ولم أعد أرى البحر أو أستمتع بجماله. فكما تعرف، يوجد في مدينة «نيس» أناس لم يشاهدوا البحر في حياتهم، مع أنهم في تنقلاتهم يركبون حافلات تسير بحذاء البحر دون أن ينظروا إليه.

  • لذلك فإن الأشخاص في «موندو» يتوجهون شطر البحر وأنواره دائماً وأبداً ولا يلتفتون إلى المدينة. هل يمكن أن نقول إن البطل في هذه القصص هو طفل ينظر إلى البحر من أعلى قمة جبل في يوم مشمس لا تخلو سماؤه من بعض السحب القليلة البطيئة؟

- أنا متفق معك على هذا الإيجاز الشديد، ولكنني أضيف إليه أن هذا الطفل هو أنا شخصياً.

  • الحقيقة أنك لا تدعو إلى أسلوب معين في الحياة، ولكن في كتبك السابقة نشعر أنك تحض على التحرر وعبارة «تحرر» أو «تحرّروا» تتردد في صيغ مختلفة.

- هذا صحيح. ولكنني أعتقد الآن أن من الأفضل أن يكون الإنسان حراً فعلاً من أن يقول للآخرين : «تحرروا»!

لست معدماً

  • هل تعد نفسك من الفقراء؟

- أعتقد أنني خارج إطار هذا التعريف، صحيح أنني لا أملك شيئاً تقريباً ولكنني لستُ معدماً. أعتقد أنني بين - بين. أنتمي إلى الطبقة التي تتوسط هاتين الطبقتين. وعلى ذلك، فأنا حينما أتحدث عن الفقراء أو الرحالة أو الأطفال فذلك لأنني مفتون بهذه المخلوقات وكأنها نماذج وأنماط بشرية لرقة الحال وخفة الحركة. والفقراء يفتنونني لأن الأشخاص الذين ينقصهم شيء في الحياة، يبدو لي إنهم مجبولون على العطاء، أما الأغنياء فهم لا يعطون ولعلهم أيضاً قد فقدوا القدرة على الاستقبال.

  • عالمك الروائي يتكون في جوهره من الأطفال والنساء وشبان تحركهم عقليات أطفال. ولكن لا يوجد رجال في عالمك الروائي، فلماذا؟

- هذا وصف رائع الحقيقة أن ما نطلق عليه في ثقافاتنا الغربية صفة «الإنسان البالغ» لا يجذبني ولا يهمني على الإطلاق. لأنه شخص لا يمكن أن نحدد له تعريفاً إلا من خلال ما يملك، أو من خلال ما يدير. إذن أنا أتجاهل هذا النوع عامداً متعمداً. كذلك فأنا لا أنجذب إلى الثقافات الناضجة أو الحضارات الحديثة التي يعتبر المجتمع الصناعي صورة لها.

  • في «مجهول على وجه الأرض»، تعبر عن إعجابك بـ «الشعوب الفقيرة» لأنها كما تقول «تنظر» ولا «تثور». ألا ترى في ذلك بعض الغموض؟

- قد أكون مخطئاً في هذا الاعتقاد وحينئذ أرجو أن يكون هناك من المؤرخين أو علماء الاقتصاد من يقوم بتصحيح هذا الخطأ. ولكنني قلت ذلك اعتقاداً مني بأن الانتفاضات الثورية ليست من طبيعة الشعوب الفقيرة. لا أعتقد أن الشعوب المعدومة يمكن أن تكون مصدر ثورة منظمة، بل إن مثل هذه الثورة تكون من شأن الحضارات الغنية. إن الشعوب الفقيرة يكون عطاؤها دائماً على مستوى تفصيلات الحياة اليومية والعملية.

  • مثلاً؟

- كل ما تكشفه الشعوب الغنية اليوم عند الشعوب الفقيرة: اليوجا، أساليب التنفس (الزفير والشهيق) الحرية في تربية الأطفال، ألوان معينة من الموسيقى، ألوان معينة من الفلكلور، أنواع من الغذاء، أنماط معينة من الملابس... لقد أنفقنا قروناً طويلة لإزالة العلاقة بين السلطة والثقافة، ولكن هـذه العلاقة لا تزال قائمة في الحضارات الغنية. والملاحظ اليوم هو أن إشارات كثيرة تدل على أن الثقافات الطبيعية أو البدائية، أي الثقافات الفقيرة، هي التي تفرض نفسها وتثبت تفوقها وهي لا تفرض نفسها بقوة الثورة أو بالرغبة في أن تحل محل غيرها، وإنما عن طريق الانتظار والاقتناع...

  • ورد في مجهول على وجه الأرض أنك تحب من بين الأشجار النخيل بنوع خاص.

- ذلك لأن النخيل مثل السحاب، ليس «جاداً»، بمعنى أنه لا يثبت على حال. ولقد جاء حديثٌ كثير في ذكر الأشجار، معظمه يتحدث عنها في صورة درامية، كما جاء في أشجار القرو مثلاً. أما النخيل فباستثناء كتاب «ألف ليلة وليلة» لم يهتم أحد كثيراً بالنخيل مع أنه ساحر جذاب.. كذلك فأنا أحب الأشجار التي تنمو في المناطق الجافة أو في الصحراء، كالزيتون والطلح والكافور، خاصة وأنها تنمو حيث لا نتوقع وجودها.

  • من بين الفواكه جميعاً، أعتقد أنك تفضل البرتقال؟

- آه، طبعاً، هذا صحيح! أحب البرتقال لسطحه الأملس المصقول. ولأشكاله وألوانه... كذلك أعشق الطريقة التي يأكلون بها البرتقال في المكسيك حيث البرتقال يكون عادة أخضر اللون، وهم يقشرونه بنزع الطبقة الخضراء الخارجية فقط تاركين الطبقة القطنية السفلي، ثم يقسمون البرتقالة نصفين ويقضمونها قضماً كأنهم يحتسون مشروباً في وعاء... ولكن في الواقع أنا سعيد لأنني أتحدث عن هذه الأشياء... ولأننا لا نتحدث عن الأدب.

  • ماذا تريد أن تقول بالضبط؟

- أنا سعيد لأنك كما يبدو لي تجد أن الأدب لا يختلف عما كنا نتحدث عنه قبل قليل... جميل ألا يكون هناك الأدب في ناحية والناحية الأخرى السياسة والاجتماع والبرتقال. إنني أشعر بضيق شديد حينما يعتقد أحدهم أن المتعة التي نجنيها من وراء كتاب تختلف عن المتعة التي نحصّلها من أكل برتقالة أو مشاهدة نخلة أو التنزه على شاطئ البحر.

  • أعتقد أنك تحب الكتب العلمية كثيراً؟

- نعم، كُتب تبسيط العلوم بنوع خاص، حينما كنت طفلاً صغيراً كنت أقرأ كثيراً هذا النوع من الكتب.

  • مادمنا في معرض الحديث عن العلوم، لماذا إذن في «مجهول على وجه الأرض» لا تكف عن مهاجمة «الذكاء»؟ هل أنت تؤمن بالتعارض الكلاسيكي بين الذكاء وبين البديهة؟

- كلا، أنا لا أعارض بينهما. كل ما هناك أنني أعتقد أن ما جرى العرف على أن نعده ذكاء ليس في واقع الأمر سوى شيء سطحي سخيف تافه إلى أبعد الحدود، هذه عادة لفظية كنت تحدثني عن الصعوبة التي أصادفها في التعبير والكلام. لقد ظللت زمناً طويلاً من حياتي أكن إعجاباً شديداً بالأشخاص الذين يجيدون التعبير، ولقد حاولت من شدة إعجابي بهم أن أقلدهم فاكتشفت أن الأمر لا يعدو أن يكون طرقاً معينة في الحديث وألفاظاً وعبارات يحفظونها عن ظهر قلب.

هناك أكثر من لغة

  • في «مجهول على وجه الأرض»، أنت لا تهاجم الذكاء فقط، بل تهاجم أيضاً نوعاً معيناً من اللغة؟

- هناك اللغة التي نستعملها في محاولة لإعادة صياغة الأشياء، إعادة خلقها، اللغة التي تتميز بجانبها الموسيقي. ثم هناك لغة الذكاء، اللغة النفعية. وهي أن تصوغ في كلمات وعبارات ما يشعر به الآخرون بهدف الكسب في مجال العلاقات العامة، إنها لغة العلاقات العامة، لغة الشعارات. لغة السياسة، وعلم الاجتماع، وكل ما يدور حول الإنسان، ويبدو أنه لخدمة الإنسان ولكنه في الحقيقة يستخدم الإنسان.

  • جاء على لسانك أن الإنسان باستعماله اللغة فقد حرم نفسه الصمت أو طرد نفسه من نعمة السكون.

- إن ما يضايقني هو استعمال الألفاظ لتحل محل الأشياء، هذا هو ما يضايقني، إحداث الضجيج. أن يصيح الإنسان أمام منظر جميل معبراً عن إعجابه فيقول « آه» أو «أوه»! الإنسان أينما ذهب يريد أن يحدث ضوضاء، ضجيجاً، أن يترك علامة، يترك أثراً. ويبدو لي أن اللغة البشرية ممهورة إلى أبعد الحدود بهذه الرغبة، رغبة الإنسان في أن يترك أثراً للخلَف أو رسالة شيء غريب، فما دمت أكتب كتباً فأنا أترك أثراً. ولكن هذا لا يمنع من أن تكون اللغة البشرية خروجاً على سنة السكون الشامل الذي يغلف العالم أجمع. إنك حينما تطّلع على عالم الحشرات وبخاصة حينما تنزل إلى أعماق البحار تندهش للصمت الشامل، فهناك لا وجود للاتصال السمعي...

  • قد تكون هناك موجات فوق الصوتية.

- آه ! نعم، فعلاً ولكنني أتحدث بوصفي إنساناً. إنني أندهش من السكون الذي يطبق على عالم الحيوانات. إننا بالنسبة للحيوانات، نحدث ضوضاء وضجيجاً شديدين، في حين أنك لا تكاد تحس بالحيوانات وهي تقبل عليك.

  • في بحث لك حول عالم الهنود تقول: «إن أكبر اختراع للهنود، هو السكون. إنهم مولعون به».

- هناك هنود يعيشون في الغابات أو المناطق الخالية في وفاق تام مع الطبيعة. لا تسمع لهم صوتاً، كأنهم لا يدوسون الأرض التي يمشون عليها، وهذا درس آخر من الدروس التي تقدمها لنا الشعوب الفقيرة.

  • بمناسبة الدروس، في هذا البحث نفسه حول الهنود، تقول: «إن معرفة عالم الهنود لم تعد من الكماليات، بل هي شيء ضروري، لكل من يريد أن يفهم كل ما يجرى في العالم المعاصر». كيف تتم في نظرك هذه المعرفة؟
  • بالمصادفة. أو حينما تتاح لك فرصة دراسة هذا العالم. ليس من الضروري أن تذهب إلى هناك.

- أنت تعلمت لغتين من لغات الهنود، لماذا توصف هذه اللغات بأنها لغات «سحرية»؟

- هذا شيء يصعب شرحه. ولكنني يمكنني أن أقول إن اللغة الهندية هي لغة سحرية بسبب استعمالها لألفاظ اتصالية، عن طريق النفخ أو النفث أو الغناء، كما يحدث في الأغنية إلى حد ما.

  • لقد حدثتني عن السكون، وعن الشفافية مع الطبيعة في عالم الهنود... الخ. هل تتصور فعلاً أنك تستطيع أن تعيش «مجهولاً» على سطح الأرض؟

- أعتقد أنني بذلت كل جهدي لكي أكون كذلك, غير أن الذي أتمناه في الواقع هو أن أعود من جديد طفلاً مجهولاً.

  • ولكنك لا تستطيع أن تتخلص من شهرتك.

- ربما, ولكنني حاولت بكل إخلاص ألا أتأثر لاعتبارات المجد الذي هو في نظري قضية زائفة خاسرة. إن الكتابة تعني الإنتاج, ولا ينبغي أن تثير الكتابة من القضايا ما يكون أهم ولا أخطر من مجرد إنتاج أقفاص من الطماطم أو البطاطس. إن تمجيد الرومان والإغريق للكاتب ووضع أكاليل الغار على جباه الكتاب كل ذلك لا أهتم له ولا أتأثر به... من أجل ذلك أنا أحارب الشهرة. صحيح أن الكتابة ليست بالضبط مثل إنتاج الطماطم ولكنها أشبه بالإنتاج الحِرَفي لا أكثر.

مثل الآخرين الذين ينتجون أصواتاً، فأنت تنتج ألفاظاً.

- بالضبط. هي فكرة صوفية إلى حد ما. كم أود أن أعود إلى عقيدة «أورفيه» الذي كان يفتن بأغانيه الآلهة والبشر. كم أود أن نعود من جديد إلى استئناس الحيوانات بالموسيقى، وأن يتعلم الإنسان كيف يؤلف الموسيقى من أجل الحيوانات. كم أود أن يحدث ذلك.

 


ترجمة وإعداد: د. حمادة إبراهيم 





 





رجال الإعلام والصحافة وهم يحيطون بلوكليزيو بعد فوزه بجائزة نوبل





صورة لمجموعة كتب للوكليزيو