ملف العدد.. العربي قبل نصف قرن: زيارة للقدس وجامعة القرويين

ملف العدد.. العربي قبل نصف قرن: زيارة للقدس وجامعة القرويين

«غادرنا إنجلترا على ظهر سفينة متجهة إلى الشرق» - كتب الرحالة البريطاني «إليوت داربرتن»، يصف فيها رحلة طويلة في بلاد المشرق عام 1843- «فمررنا بمضيق جبل طارق، وشاهدنا سواحل غرناطة حيث ذكرنا أن العرب خرجوا من هذه البلاد الجميلة قبل ثلاثمائة وستين عاماً، بعد أن قضوا عصوراً طوالاً يثقفون أوربا ويعلمونها حكمة الشرق ومروءات الصحراء. وخلال عهدهم كانت بساتين هذه البلاد تبتسم بالزهور، والأودية تموج بالمزروعات، حتى الصخور كانت مغطاة بالدوالي، فضلاً عن بنائهم للحمراء، ولكن لم تلبث أن هبّت في إسبانيا ريح تعصب أعمى قضى على هذه المدينة الزاهرة. وحل الخراب والبؤس بعد رحيل المسلمين، حتى أن الرحالة اليوم لا يجد ما يلفت النظر فيها سوى بقايا رسوم الحضارة العربية».

وصل الرحالة إلى الإسكندرية بعد ثمانية عشر يوماً من مغادرته لإنجلترا فلاحظ أن المدينة تنقسم قسمين منفصلين، الأول للأوربيين والثاني للشرقيين، وفي الميناء سفن تجارية من جميع أقطار المعمورة.

وعن نهر النيل، يقول الرحالة في كتابه الذي قدمته مجلة العربي في عددها السادس، «إن مصر هبة النيل كما قال هيرودوتس.. ويشتد الطلب في اسطنبول على هذه المياه فتُحمّل السفن بها لاستعمال نساء الحريم السلطاني».

وتجول الرحالة في سوق العبيد، حيث استقبله أحد الباعة، ثم سار أمامه صامتاً كي يفحص البضاعة! «شاهدت حوالي ثلاثين فتاة هناك، وعرضهن البائع كما يعرض التاجر قطيعاً من الدواب، فحص أسنانهن وخلع ملابسهن وطلب إليهن أن يمشين، وقد قال لي إن ثمن أجملهن وأكثرهن نضارة يتراوح بين 25 و 30 جنيهاً».

ويرسم الرحالة صورة كئيبة للفلاح المصري: «إذا مرض فلا طب ولا دواء. إذا جاع فليسرق من نبات الحقل الذي زرعه وحرّمه الباشا عليه. وإذا طُلب للخدمة العسكرية، فإنه يبقى في الجيش مادام قادراً على ذلك. وبعد أن يعجز يقذف به في وجه العالم كي يستعطي ويموت».

ويقول الرحالة إن عدد السكان في مصر لا يزيد على مليون وتسعمائة ألف نسمة، منهم حوالي مائة وخمسين ألفاً من الأقباط.

ويورد قصة غريبة أو أسطورة عن بناء الأهرام فيقول:

«زرت الأهرام.. ويقال عن سبب بناء أحدها إن أميرة فرعونية ذات جمال رائع يثير الإعجاب، قال لها أبوها ذات يوم إن جمالها سيذوي يوماً ما، ولن يخلف أي أثر، ولهذا أقسمت أن تبني هرماً تخلد به ذكرى جمالها كما يخلد الملوك من قومها ذكراهم بالفتوحات العسكرية. وضحى آلاف من الشبان بثرواتهم في سبيل ابتسامة من الأميرة، وأخذ الهرم يرتفع يوماً بعد يوم، وذوى جمال الأميرة، وفقد المعجبون بها كل شيء، ولكن ذلك الأثر بقي صامداً على مر العصور».

وزار الرحالة بيروت، «بيروت الجميلة التي أفضّلها على جميع مدن العالم، بيروت التي يندر ألا يقنع أي إنسان بالعيش فيها طيلة عمره».

وفي الأردن رأى في عيد الفصح تجمهر الألوف من الحجاج لزيارة نهر الأردن: «وحالما يصل الحجاج إلى النهر، تراهم يسرعون إلى النزول في مياهه بشغف يؤدي بهم أحياناً إلى الغرق».

بيت لحم المهيبة

ومن المدن التي زارها بيت لحم، «وهي مدينة ذات مظهر مهيب، محاطة بالأسوار، وتشرف على واد خصيب. سرت في شوارع صخرية وعرة وأعجبت بالنظافة والهدوء السائدين فيها.

وكنت سمعت الكثير عن جمال النساء في بيت لحم، ولكني لم أشاهد فيها جمالاً غير عادي».

وعن إهمال الأراضي الزراعية لاحظ أن وادي الأردن كثير الخصب، «ولكنه مهمل في الوقت الحاضر، ولو أن هذا الوادي الفسيح وجد قوماً ذوي عزيمة ونشاط، وتوافرت فيه وسائل الري لأصبح من أكثر مناطق العالم إنتاجاً».

ونعود من هذه الرحلة إلى حديث د. أحمد زكي، رئيس التحرير، إلى «شباب العرب»، عن الحياة الحديثة وتحدياتها، وضرورة الخروج من شرنقة الماضي: «زمانكم، يا شباب العرب، قد يكون أعسر من زماننا. أنتم معشر الشباب صباح أمتكم ونحن الأشياخ مساؤها». وقال ينصحهم بما لايزال الإصلاحيون والمجددون العصريون ينصحونهم به: «أنتم، يا شباب العرب، لا يمكنكم أن تعيشوا بمعزل عن هذا العالم الجديد والمدينة العارمة. ولو أنكم شئتم تعزّلاً ما استطعتم. إن هذه المدينة كالماء يعطي الحياة أو هو يُغْرق. إنها كالبحر الذي فاض وأخذ يتسلل فيضه إلى كل بقعة مجهولة معزولة من سطح هذه الأرض، لن ينجو منه من أهلها إلا ذو سَفين. فالذي لا يكون له سفين يذهب إلى القاع. فأين سفينكم؟ إن بيوتنا اليوم مكدسة بالأثاث القديم. وأكثر هذا أثاث مهدم محطم، والكثير منه لا يأتلف وهذا الزمان. فيجب أن تسخو أنفسنا عن كثير من هذا القديم، وبالقديم أعني كل ما يمنع القافلة أن تسير، أو هو يعوقها فلا تسير حثيثاً».

ولكن كيف كان العرب وكيف أصبحوا؟ الكاتب المعروف عبداللطيف شرارة كتب في مجلة الآداب البيروتية أن المراقبين والرحالة يصوّرون العرب بأنهم ضعفاء على الصعيد الدولي، وأنهم يصخبون ويتظاهرون ثم لا يلبثون أن يهدأوا.. «ولكن نكبة فلسطين كانت سبباً في زلزال فكري بعيد الغور، اهتزت معه جميع الأسس القديمة، التي كانت تقوم عليها المجتمعات العربية منذ قرون وقرون».

تضمن العدد وصفاً مؤثراً لموت «سقراط»، حيث اتهمه الحكام في اليونان القديمة بإفساد عقول الشباب، وإثارة الفتنة في أثينا، وحُكم عليه بشرب السم. واجتمع حوله تلاميذه وأتباعه، ومهّدوا له سبيل الهرب، فما هرب. وشرب بينهم السم طوعاً، وبكوه حياً فنهرهم، وقد نشرت «العربي» المشهد الفذ كما وصفه تلميذه أفلاطون.

قال سقراط: «ما هذا العويل الغريب، لقد صرفت النساء حتى لا يسيئوا بمثل هذا. إني سمعت أن الرجل إذا مات وجب أن يموت في هدوء. فاسكتوا، وتذرعوا بالصبر».

وسمعنا هذا فخجلنا، وكفكفنا الدموع، وأخذ يمشي هو روحةً وجيئة، حتى أخذت رجلاه، كما قال، تعجزان. ثم رقد على ظهره وفقاً للتوجيهات. وجاء الذي سقاه السم، من حين لحين، يمتحن يديه ورجليه. وبعد فترة مس قدمه بقوة، وسأله إن كان أحس، فقال لا. ومسهما هو بنفسه وقال: «إذا وصل السم إلى القلب، فقد بلغنا الخاتمة».

كان استطلاع «العربي» عن القدس من أبرز استطلاعات المجلة: «المدينة التي يرفرف عليه ظل الأنبياء»، المسلمون فيها يحتفلون بأعياد المسيحيين كما يحتفل المسيحيون بأعياد المسلمين، ما من موضع فيها إلا تجد به أثراً لنبي صلى فيه، أو ملك سكنه وأقام عليه ملكه!».

وتحت عنوان «أسرة مسلمة تتوارث حفظ مفاتيح كنيسة القيامة». كتبت «العربي»: «ولعل من أروع مظاهر هذه الأخوّة أن مفاتيح كنيسة القيامة مودعة عند أسرة مسلمة هي أسرة «نسيبة» التي تتولى حراسة الكنيسة وحفظ مفاتيحها من عهد عمر بن الخطاب حتى الآن، ثم تسلمها إلى رجال الدين المسيحيين في احتفال تقليدي عند المواسم والأعياد».

ووضعت «العربي» أسماء القدس منذ ثلاثة آلاف عام في مربع خاص، فكانت: «يبوس - أورو سالم - أروسليم - يروساليم - هيروسليما - هيروساليما - سوليموس - سوليما - إيليا كابيتولينا - بيت المقدس - البيت المقدس - الأرض المقدسة - القرية - القدس».

أقدم جامعة إسلامية

وتساءل استطلاع ثان لـ «العربي»، «جامعة القرويين: هل هي أقدم جامعة إسلامية في الدولة العربية؟». ويقول الكاتب إن بعض اللاجئين الأندلسيين المستقرين في القيروان قد هاجروا إلى فاس المغربية من تونس منذ بداية القرن الثالث الهجري، كان في عدادهم محمد بن عبدالله القهري القيرواني، الذي توفى بعد وصوله، تاركاً ثروة طائلة لكريمتيه فاطمة ومريم، اللتين تطوعتا لبناء مسجد في هذه المنطقة عام 542هـ، وهو المسجد الدي عرف فيما بعد باسم «جامعة القرويين».

وقد ظلت «القرويين» معهد دراسة وعلم منذ اليوم الذي أنهيت فيه أعمال البناء، إذ إنها شيدت في مدينة وُضع حجرها الأساسي على نية أن «تكون مدينة فقه». وهي في هذا.. يقول المقال، تختلف عن الجامع الأزهر بمصر، فالأزهر «لم ينشأ في الأصل ليكون جامعة أو معهداً للدرس، بل مسجداً رسمياً للدولة الفاطمية في حاضرتها الجديدة ومنبراً لدعوتها الدينية».

وخصصت «العربي» استطلاعاً مطولاً في 16 صفحة عن تربية الدجاج ومَرْبى الدجاج في الكويت! ويقول كاتب الاستطلاع، الذي وقع المقال باسم «ابن زهرة»، إن البيض صنفان، مخصب وعقيم. «أما الأول فينتج بعد أن يمس الديك الدجاجة، فإذا حيل بين الديوك والدجاجات في ختام فصل الأنسال، ظلت الدجاجات تبيض بيضاً عقيمًا لا يفرخ. فهذا ثبت أنه أكثر مقاومة للفساد من ذلك الدي تلقح».

وجاء في المقال أن في الحظيرة ديكاً واحداً لكل عشر دجاجات! «ورأينا في الديوك عظمة السلطان التي قل أن تجدها في إنسان. رأينا الديك يسير بين الدجاجات في اختيال الآمر الناهي، وهي تفسح له الطريق، رأس بالعرف مرفوع، وصدر مفتوح، وقدم بطيئة ثابتة كأنما تَشْبُر

ما تخطو من خطى. ويوزع الديك من مائه على الدجاجات في سرعة البرق، فلا تكاد تنظر أنت حتى يكون قد انتهى. فتحسب أنه موظف كل همه أداء واجبه، فلا لذة فيه ولا ابتغاء».

وعن الدجاجة في رقادها أنها ترقد على البيض فتغطيه كله. ومن عجيب أمر الدجاجة أنها تدير البيض حتى يدفأ كل جانب فيه.

والدجاجة «تجلس على بيضها، وإذا لم تجده، فعلى بيض غيرهها من الدجاج. وقد يدس صاحبها، وقد استقرت بليل، من تحتها بيضاً كائناً ما كان فتجلس عليه. وقد رأينا دجاجة في مَرْبَى الكويت تجلس على بيض بط».

ومن مواضيع «العربي» في عددها السادس مقال عن الاقتصاد الكويتي قبل النفط وبخاصة صناعة السفن الخشبية، بعنوان «الكويت تسعى لاستعادة مجدها البحري القديم». وقد نشر المقال المصوّر بمناسبة بناء أولى ناقلات البترول الكويتية باليابان، وتوقع افتتاح ميناء الكويت الجديد بالشويخ، بعد أن كان حدوث المد والجزر في مياه الكويت الساحلية بصورة بارزة تمنع المراكب من الوصول إلى الساحل إلا في بعض الأوقات، مما جعل الكويت في أشد الحاجة إلى ميناء عصري فيه مياه عميقة».

وقبل أن نرى ما جاء في هذا المقال عن صناعة السفن في الكويت، أنقل للقارئ بعض ما جاء حول تطور استخدام السفن البخارية وتراجع السفن الشراعية، من كتاب «موجز تاريخ جنوب شرق آسيا»، تأليف بريان هاريسون (الألف كتاب - القاهرة).

يقول المؤلف: «إلى سنة 1870 كانت معظم السلع التجارية وأغلب المسافرين بين أوربا وآسيا لايزالون يسافرون على سفن شراعية حول رأس الرجاء الصالح. ولم يكن البخار قد حلّ بأي حال محل الشراع في الخطوط البحرية الطويلة. وكانت محطات تموين الفحم لاتزال مشكلة، وكان الفحم يأخذ حيزاً كبيراً على سطح الباخرة، وكان يعتقد بأن بضائع معينة سريعة العطب كالشاي قد يتلفها دخان الفحم. وعلاوة على هذا، بينما كان البخار يكلف أكثر من الشراع، فإنه بالضرورة لم يكن أسرع، ولو أنه - بكل تأكيد - كان أكثر انتظاماً قبل 1870، ولكن أثر فتح قناة السويس بعد سنة 1870 أخذ يزيد من فائدة البخار، ويشجع التحسينات الفنية في المراكب البخارية، ويقلل من قيمة وأهمية السفينة الشراعية. وأصبح من المستطاع وقتئذ حمل شحنات من البضائع الثقيلة بين أوربا وآسيا عن طريق الشرق الأوسط في شحنة واحدة، وأيضاً في سرعة أكثر من السرعة عن طريق رأس الرجاء الصالح.. وبعد سنة 1870 كان هناك أيضاً زيادة في عدد البواخر المستخدمة في التجارة بين المواني بآسيا الجنوبية الشرقية خلال السنوات 1880 - 1890، أبطل استعمال المراكب الشراعية نهائياً عندما تحول أصحاب السفن من الصينيين والعرب وكذلك الأوربيين إلى المراكب البخارية». ص276 - 277.

مركز صناعة السفن

ويشير مقال مجلة العربي إلى أن «مدينة الكويت كانت أهم مركز لصنع السفن بالخليج في العصور الأخيرة، ولما زارها «نيبور»، السائح الدنمركي في أواسط القرن الثامن عشر (سنة 1767) وجد فيها 800 سفينة، ويحتمل أن يكون أهل الكويت قد نقلوا صناعة السفن عن أهل البحرين لما نزح فريق منهم من البحرين إلى الكويت، ولاتزال صناعة السفن بين «البحارنة».. وفي أوائل القرن العشرين كانت معامل الكويت تصنع من 20 إلى 25 مركباً في السنة، وكان فيها 300 رجل يعملون في صناعة السفن.. وقد انتعشت الحركة التجارية بالكويت أيام الحربين العالمية الأولى والثانية بفضل سفنها الكثيرة التي صارت تنقل المواد الغذائية من الهند بعد أن خفت حركة السفن البخارية يومئذ. ويقدر عدد المراكب الكبيرة لأهل الكويت بنحو 300 مركب في الحرب العالمية الثانية».

ويضيف درويش المقدادي كاتب المقال، أنه «مما يدلنا على كثرة المراكب بالكويت ومهارة أهلها في ركوب البحار ومقدرتهم على القتال في مراكبهم، أن شيوخهم تعهدوا للدولة العثمانية سنة 1845 بحماية ميناء البصرة. كذلك عهد إليهم سنة 1863 حماية مداخل شط العرب. وحملت سفنهم المقاتلين الذين اشتركوا في الحملة التي أُنْفذت سنة 1869 إلى الإحساء. وهناك رواية تنص على أنهم ساعدوا أهل البحرين على طرد الفرس من تلك الجزر».

عالج المفكر المعروف ساطع الحصري في هذا العدد بعض الشكوك والأسئلة المثارة حول القومية العربية. وسنعرض بعض ما تحدث فيه بعد دردشة قصيرة وبعض الطرائف.

فمن المقتطفات التي نشرتها «العربي»

ما يلي: «بعض الناس لا يكونون على صواب أبداً إلا عندما يعترفون بخطئهم»!

ومن الأسئلة في باب المعلومات العامة: ماذا نفهم من كلمة معجم.

من الهند بعد أن خفت حركة السفن البخارية يومئذ. ويقدر عدد المراكب الكبيرة لأهل الكويت بنحو 300 مركب في الحرب العالمية الثانية».

ويضيف درويش المقدادي كاتب المقال، أنه «مما يدلنا على كثرة المراكب بالكويت ومهارة أهلها في ركوب البحار ومقدرتهم على القتال في مراكبهم، أن شيوخهم تعهدوا للدولة العثمانية سنة 1854 بحماية ميناء البصرة. كذلك عهد إليهم سنة 1863 حماية مداخل شط العرب. وحملت سفنهم المقاتلين الذين اشتركوا في الحملة التي أُنْفذت سنة 1869 إلى الإحساء. وهناك رواية تنص على أنهم ساعدوا أهل البحرين على طرد الفرس من تلك الجزر».

عالج المفكر المعروف ساطع الحصري في هذا العدد بعض الشكوك والأسئلة المثارة حول القومية العربية. وسنعرض بعض ما تحدث فيه بعد دردشة قصيرة وبعض الطرائف.

فمن المقتطفات التي نشرتها «العربي» ما يلي: «بعض الناس لا يكونون على صواب أبداً إلا عندما يعترفون بخطئهم»!

ومن الأسئلة في باب المعلومات العامة: ماذا نفهم من كلمة معجم.

ومن كلمة قاموس. وما الفرق بينهما؟

ومن الطرائف، قالت الممثلة المعروفة سارة برنار: «لكي تنجح يجب أن تستقبل الناس وتحضر الحفلات.. لكن لكي تستقبل الناس وتذهب إلى الحفلات يجب أن تكون ناجحاً!!».

أبدى المفكر القومي المعروف ساطع الحصري استغرابه الشديد من تفرق العرب وتساءل: «اتحدنا في عصر الجمال والبغال، فكيف نتفرق في عصر الذرة والصواريخ؟».

ثم قال: «عرفت طائفة من ضعاف الإيمان بالقومية العربية، يقولون على الدوام: إن الوحدة العربية وهم وخيال. فلنكن واقعيين، فلا نسير وراء الخيال.. وأما أنا، فأقول لهؤلاء: إن كثيراً من الأمور التي كانت من الخيالات في الماضي، أصبحت من الأمور الواقعية في الحالة الحاضرة. ولاشك في أن كثيراً من خيالات اليوم ستصبح بدورها من الحقائق الراهنة في الغد القريب أو البعيد».

الوحدة الضائعة

ولما كانت الوحدة المصرية السورية قائمة آنذاك، عام 1959، في عامها الثاني، كتب الحصري يقول: «ومما يجب ألا يغرب عن بال أحد منا أن فكرة الوحدة العربية قد اجتازت طور «الخيال الممعن»، و«الأمنية البعيدة المنال»، ودخلت في طور «التنفيذ» والتحقيق. فإننا الآن لسنا في «بداية الطريق المؤدي إليها»، بل دخلنا فيه فعلاً، وقطعنا فيه شوطاً كبيراً، بعد اقتحام الكثير من العوائق والعقبات.. وإن كان ما بقي أمامنا الآن، لايزال طويلاً شاقاً».

نحن - بالطبع - نعرف مقدار صدمة المفكر القومي البارز ساطع الحصري بعملية الانفصال بين مصر وسورية، عام 1961 وتأثير ذلك على فكره.

قرأت في موسوعة أعلام العرب، المعدة تحت إشراف د. حميد الجميلي، أن ساطع الحصري (1880 - 1969)، «يحمل الجنسية السورية لأن والديه من حلب، وكانت عثمانية عندما كانت معظم الأقطار العربية ولايات عثمانية، وصار يحمل الجنسية الحجازية في عهد الشريف حسين بن علي، ثم أصبح عراقياً في عهد الملك فيصل الأول، وأسقطت عنه الجنسية العراقية بعد فشل ثورة 1941, وبعد سنوات عدة، وبناء على طلب جماعة من النواب الوطنيين أعيدت إليه الجنسية المذكورة - وقد - كرمه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بمنحه جائزة الدولة للعلوم الاجتماعية عام 1965، وذلك عن كتابه «الإقليمية: جذورها وبذورها».

ونعود في الختام إلى القاموس والمعجم!

وتشرح الإجابة في نفس العدد معنى المصطلحين:

«قمس في الماء بمعنى غاص فيه. والقمّاس الغواص.. والقاموس البحر أو هو معظمه وأبعده غوراً. ووضع الفيروز بادي كتاباً يشرح ألفاظ اللغة سماه قاموساً لأنه بعيد الغور.

وقد أُطلق من بعده على كل كتاب شبيه به.

أما المعجم فمثله تماماً. وهو بفتح الجيم، وهو من أَعْجَمَ الكلامَ أي أزال عجمته وإبهامه».

ولا برءَ منْ ميٍّ وقدْ حيلَ دونها
فما أنتَ فيما بينِ هاتينِ صانعُ
أمستوجبٌ أجرَ الصَّبورِ فكاظمٌ
عَلَى الْوَجْدِ أَمْ مُبْدِي الضَّمِيرِ فَجَازعُ

ذو الرمة

 

 

خليل علي حيدر 




 





من تقاليد جامعة القرويين تنصيب سلطان للطلبة في احتفال يستمر طيلة نصف شهر - العربي 1959





سور القدس القديم المدينة التي تقدس كل الاديان السماوية - العربي 1959





القدس القديمة داخل اسوارها قبل الاجتياح الاسرائيلي عندما زارتها - العربي في عام 1959