سلامة البشرية في سلامة البيئة

التلوث الجوي.. له منافع

كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن التلوث، عن أضراره وأخطاره ووجوب مكافحته حتى ساد الانطباع لدى العلماء بأن التلوث شر كله، وشاع الاعتقاد بين الناس جميعا أن سلامة البشرية كلها تشترط القضاء على التلوث وإنقاذ البيئة من براثنه.

وفجأة اكتشف العلماء خلاف ذلك، اكتشفوا أن التلوث ليس شرا كله، وأنه ذو نفع كبير، وأن نفعه هذا يضاهي ضرره على أقل تقدير.

على أن هذا الاكتشاف ليست من نسج خيال أحد كتاب الخيال العلمي، وليس استنتاجا توصل إليه أحد العلماء على نحو مسئول أو غير مسئول، بل إنه اكتشاف علمي بالمعنى الدقيق، تمخضت عنه دراسات وأبحاث علمية دقيقة وافية قام بها علماء باحثون من سبع جامعات ومن دوائر حكومية أو وكالات.

ويركز هذا الاكتشاف على الملوثات التي تتسبب بالتلوث الجوي وتتسبب أيضا في الأمطار الحمضية، ناهيك عن أثرها الكبير في رفع حرارة الجو والإسهام في ظاهرة البيت الزجاجي أو الحرارة الحبيسة التي لا تقل خطورة عن الأمطار الحمضية.

ولكن الملوثات الجوية هذه قوامها إيروزولات السلفات، ذرات صغيرة تولد الأمطار الحمضية فتؤدي إلى التسمم، تسمم الإنسان والحيوان على نحو غير مباشر، ويتنفسها كل مخلوق حي فتلحق الأذى به وبرئتيه على نحو مباشر، وتأتي هذه الملوثات أصلا في صهر المعادن واحتراق الفحم الحجري والبترول وما إلى ذلك من مصادر الطاقة الأحفورية.

غير أن علماء الجامعات السبع اكتشفوا أن من شأن إيروزولات السلفات هذه أن تعكس ضوء الشمس بحيث يرتد هذا الضوء إلى الفضاء ثانية، ويؤدي ذلك إلى انخفاض في حرارة جو الأرض، فالتدفئة التي يسببها غاز ثاني أكسيد الكربون وسائر الغازات التي تولد ما يعرف بظاهرة البيت الزجاجي التي لا سبيل إلى الشك في حقيقة وجودها، يقابلها التبريد الذي تحدثه ذرات الإيروزولات السالفة الذكر.

تلك هي الحقائق المهمة التي تضمنها التقرير الذي أصدره العلماء الباحثون في مطلع السنة الحالية، وثمة حقيقة مهمة أخرى تضمنها ذلك التقرير، وتبعث على كثير من الرضى والاطمئنان. تلك هي التعادل النسبي بين تبريد الإيروزولات وبين تدفئة غاز ثاني أكسيد الكربون. فالارتفاع في درجة حرارة الجو الذي يحدثه هذا الغاز لم ولن يتفاقم أمره بل تعرض ومازال يتعرض إلى ما يحد منه، وذلك تبعا للتبريد الذي تحدثه الإيروزولات والذي يضاهيه على وجه التقريب.

أضف إلى ذلك أن ذرات الإيروزولات التي ذكرنا من شأنها أن تبعثر الأشعة فوق البنفسجية قبل وصولها إلى سطح الأرض. لا عجب إذن أن كان مقدار ما تسرب من هذه الأشعة عبر الثقب الذي اكتشفوه في طبقة الأوزون فوق القطب الشمالي أقل بكثير مما يسمح به تآكل الأوزون في ذلك الثقب وقد بلغت نسبته 5%. والفضل في ذلك يعود لذرات السلفات الواقية التي تعمل وكأنها مظلات صغيرة مصنوعة من رصاص.

حقا قد يأتي وقت تكثر فيه الإجابات (الماء الأزرق أو الأبيض) وذلك تبعا لفائض الأشعة فوق البنفسجية التى تتسرب إلينا عبر ثقوب الأوزون، ولكن ذلك لم يحدث بعد. ومن يدري فقد لا يحدث أبدا. وهكذا يمكن القول إن الوقت للقيام بأعمال صيانة المدن الشاملة وحماية المجتمعات الإنسانية على نطاق واسع. هذا الوقت لم يحن بعد.

ترى ما الذي يمكن أن يفعله مؤتمر قمة الأرض الذي أقيم أخيرا في ريودي جانيرو الذي استقطب 166 دولة من دول العالم. وهل يعقل ألا يكون المؤتمرون قد أولوا الحقائق العلمية المثيرة التي أشرنا إليها في هذا المقال ما تستحقه من عناية واهتمام.

مصفاة للماء..ومصاصة في آن معا

من المعروف أن الماء بحاجة إلى تكرير أو تصفية ليصبح صالحا للشرب، فهو يحتوي على شوائب وملوثات كثيرة، ولعل الملوثات الكيماوية الضارة بصحة الإنسان لا تقل عن 151 ملوثا حسب آخر التقديرات العلمية ، فإن كانت المصافي الكفيلة بتصفية الماء من أكثر هذه الملوثات موضع ترحيب كبير في المدن والقرى على حد سواء، فما بالك بالمصافي التي تضمن تصفية الماء من كل ملوثاته وشوائبه دون استثناء.

هذا بالضبط هو ما تفعله المصفاة التي ابتكروها أخيرا في الولايات المتحدة في مدينة بورتلاند أوريجون، وذلك خلافا لما يتوقعه المرء من هذه المصفاة، فهي لا تعدو كونها أنبوبا رفيعا بل قل مصاصة بطول 21 سنتيمترا تشبه مصاصة القش أو البلاستيك التي يستعملها الناس عادة في شرب عصير الفاكهة، ولكن مصاصة الساني- سترو - SANI STRAW تختلف كثيرا عن المصاصات العادية ، فهي تكرر الماء وهو في طريقة إلى فمك، فتسحب منه شتى شوائبه وملوثاته حتى يبلغ نقاؤه نسبة 98% لدى وصوله إلى شفتيك وهي تقوم بمهمتها هذه على ثلاث مراحل دون أن تشعرك بفاعليتها في أي من هذه المراحل.

حذار الحمامات الشمسية

يتزايد الذعر من تلف الأوزون ومن المخاطر التي تترتب على تسرب المزيد من أشعة الشمس فوق البنفسجية ومن الإصابة بسرطان الجلد بسببها حتى مضت الشركات الصناعية تتنافس في السنوات الأخيرة من أجل ابتكار الوسائل الكفيلة بالوقاية من تلك المخاطر .. ولعل أهمّ ما ظهر من تلك الوسائل في الأسواق حتي الآن تلك الرقع الصغيرة القابلة للصق على الجسم أو المنشفة أو حيث يشاء مستحمو الأشعة الشمسية.

ومن شأن هذه الرقع ذات اللون الأصفر أن يتغير لونها وتصبح حمراء حالما تتجاوز أشعة الشمس الحدَّ الفاصل بين النّفع والضرر.. فتصبح مؤذية وينبغي تجّنبها أو الابتعاد عنها لدى تغيّر لونها.. من أصفر إلى أحمر.. وما على مستحمي الشمس عند ذلك إلاّ أن يرتدوا ثيابهم ويعودوا إلى بيوتهم... وإلاّ تعرضوا للإصابة بسرطان الجلد وبغيرة من الأمراض..