الفارابي يعزف بالكلمات منى سنجقدار

الفارابي يعزف بالكلمات

عمل أبو نصر الفارابي في حقول كثيرة كالفلسفة والمنطق والكيمياء والهندسة, ولكن شهرته تجلت بحق في الموسيقى.

الألحان ثلاثة أصناف: صنف يكسب النفس لذاذة وأنقًا مسموعًا, ويفيدها أيضا راحة من غير أن يكون له صنع في النفس أكثر من ذلك. وصنف يفيد النفس مع ذلك تخيلات ويوقع فيها تصورات أشياء ويحاكى أمورا يرسمها في النفس, وحالها في ذلك كالحال في التزاويق والتماثيل المحسوسة بالبصر.

وصنف يكون عن انفعالات, وعن أحوال للحيوان ملذة أو مؤذية, فإن الإنسان وسائر الحيوان المصوتة, لها بالطباع في كل حال من أحوالها اللذيذة أو المؤذية نغم تستعملها.

بتلك العبارات الفلسفية المهمة والمعبرة شرح الفارابي كيفية صناعة الموسيقى وصياغة ألحانها.

فمن هو الفارابي?

هو أبو نصر محمد بن ازلوغ بن طرخان الفارابي الحكيم الفيلسوف والموسيقار الكبير.

ألقاب أطلقت عليه من قبل المؤرخين والعلماء.

ولد في فاراب عام (259 /870) وتوفي في بغداد عام(339 /950)

يقول ابن أبي أصيبعة: (إن الفارابي كان رحمه الله فيلسوفا كاملا, وإماما فاضلا قد أتقن العلوم الحكمية وبرع في العلوم الرياضية, ذكي النفس قوي الذكاء). ويقول أيضا: (كان الفارابي في علم صناعة الموسيقى وعملها قد وصل إلى غايتها وإتقانها إتقانا لا مزيد عليه).

ووصفه ابن خلكان بأنه (أكبر فلاسفة المسلمين, ولم يكن فيهم من بلغ رتبته في فنونه). وقال عنه ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب: (الفارابي ذو المصنفات المشهورة في الحكمة والمنطق والموسيقى التي من ابتغى الهدى فيها أضله الله! كان مفرط الذكاء... ولم يكن في وقته مثله ولم يكن في هذا الفن أبصر من الفارابي).

وتصفه المستشرقة الألمانية الدكتورة زيغريد هونكه (...أما الفارابي الملقب بالمعلم الثاني بعد أرسطو فقد كان فيلسوفًا رياضيا فذا ذائع الصيت, بالإضافة إلى كونه موسيقيا بارعًا وقد عرفه علماء دمشق آنئذ بمناقشاته القيمة البارعة التي كان يخرج منها دائما منتصرًا). ووصفه كارا دي فو في دائرة المعارف الإسلامية بأنه: (أعظم فلاسفة الإسلام). وقال ماسينيون (إن الفارابي أفهم فلاسفة الإسلام وأذكرهم للعلوم القديمة وهو فيلسوف فيها لا غير..).

لمحات من حياته

لا نعرف الشيء الكثير عن أسرته وطفولته وشبابه, كما أن الفارابي نفسه لم يصرح أو يلمح عن قوميته. لكن ما اتفق عليه من الجميع أنه عربي الثقافة واللغة, إسلامي العقيدة والتفكير وهذا يكفي. نشأ في بلدته فاراب ثم خرج منها وانتقلت به الأسفار إلى أن وصل إلى بغداد, وارتحل إلى مدينة حران ثم قفل راجعا إلى بغداد.

في بغداد أتيحت له فرص الدراسة, فعكف على الفلسفة والطب والموسيقى والعلوم والرياضيات, وشاء أن يتعلم اللغة العربية ويتبسط في النحو والبلاغة من خلال الحلقات والمطارحات اللغوية التي كان يعقدها ابن السراج. درس الحكمة والمنطق على الحكيم أبي بشر متى بن يونس وعلى الحكيم يوحنا بن حيلان من مدينة حران. لما اشتهر وذاع صيته في بغداد استدعاه الأمير سيف الدولة إلى دمشق واجتمع به وأكرمه وقربه إليه.

وأجمعت الآراء العربية والغربية على أن الفارابي ذو شخصية مميزة. لقد كان شديد الذكاء قوي الحجة, حاد الذهن, فيلسوفا ورياضيا, شاعرا وموسيقيا بعيد الهمة متواضعا أبي النفس زاهدا في الدنيا.

والفارابي موسوعة علمية غزيرة, اتخذ من اللغة العربية لغة مؤلفاته بالرغم من أنه كان يتقن التركية والفارسية واليونانية وذلك لنشأته في منطقة تسودها هاتان اللغتان. وعرف السريانية لأنه كان قد درس في حران وقضى فيها ردحا من الزمن. وكان يتقن اليونانية وذلك لاطلاعه على كتب اليونان. ومن أهم مؤلفاته:

آراء أهل المدينة الفاضلة - إحصاء العلوم - الجمع بين رأيي الحكيمين أفلاطون وأرسطو, وجميعها تبحث في علم الفلسفة والمنطق واللغة.

كتب الفارابي أيضًا مؤلفا عن حركة الكرة السماوية, وجملة من كتب السيكولوجيا: (في النفس) و(في قوة النفس) و(المفرد والمتعدد) و(العقل والمفهوم), كما ذكرت المراجع أيضا كتاب (السياسات المدنية) وغيرها.

أما في حقل الموسيقى فله كتاب (الموسيقى الكبير), وملحق له تناول فيه تصحيح آراء الناظرين في هذا الفن ممن سبقوه. لكن هذا الملحق ضائع ولم يوجد له أثر. عن هذا الملحق وفي مقدمة كتابه (الموسيقى الكبير) يقول الفارابي: (والكتاب الثاني أثبتنا فيه ما تأدى إلينا من آراء المشهورين من الناظرين في هذه الصناعة وشرحنا ما غمض من أقاويلهم وفحصنا فيه عن رأى واحد واحد ممن عرفنا له رأيا أثبته في كتاب, وبينا مقدار ما بلغه كل واحد من أولئك في تحصيل ما في هذا العلم وأصلحنا الخلل على من وقع في رأيه منهم).

لقد اهتم الفارابي أيضا في فن الشعر فأتت أبياته الشعرية تحتوي على نغمة من الزهد والفلسفة الفيضية فعبرت بذلك عن أفكاره في الحياة والمجتمع.

إن بحثنا هذا يهدف الى تسليط الضوء على الفارابي الموسيقار إذ إنه يعتبر من أبرز العلماء العرب والمسلمين في هذا الحقل, ومن الذين لهم الفضل الأكبر في التعريف في صناعة الموسيقى وألحانها, وكل ما يدور في فلكها وما يختص بقوانينها وأصولها. ونعتمد في هذا البحث على (كتاب الموسيقى الكبير).

ويحتوي هذا الكتاب على جزأين: يحمل الجزء الأول عنوان (المدخل إلى صناعة الموسيقى), ويبحث في تعريف معنى اللحن وأصل الموسيقى, واختلاف هيئاتها العملية والنظرية في الإنسان, وتعديد أصناف الألحان, وغاياتها ونشأة الآلات الموسيقية ومبادئ المعرفة في صناعة الموسيقى ومناسبات النغم واتفاقاتها, وعدد النغم المتجانسة في أصول الألحان, وطبقات الأصوات الطبيعية وغير ذلك من فنون تقسيم الألحان وأبعادها.

أما الجزء الثاني فيحمل عنوان (في صناعة الموسيقى نفسها), ويتناول أصول الصناعة في حدوث النغم, والأصوات, وأسباب الحد والثقل فيها, وتعريف الأبعاد الصوتية, ونسبها, ومقادير أعدادها... ووصف آلة موسيقية شبيهة بالقانون, والبحث كذلك في الآلات الموسيقية المشهورة عند العرب مثل العود والطنبور, والمزامير والرباب والمعازف وغيرها...

إن علم الموسيقى عند الفارابي هو جزء من علم التعاليم, ويقول عنه إنه العلم الذي تعرف به صناعة الألحان, وهو قسمان: الموسيقى النظرية والموسيقى العملية. أما الآلات الموسيقية فمنها الطبيعية ومنها الصناعية, فالطبيعية مثل الحنجرة, واللهاة وما فيها من الأنف. والصناعية مثل المزامير والعيدان وغيرها.

بالنسبة للموسيقى النظرية فإن الغوص فيها يتطلب أخصائيين في هذا الفن فلا مجال للتعرض لها, فإننا نكتفي بعرض الآلات الصناعية التي تحدث عنها الفارابي.

يقول الفارابي: (ولنتفقد من الآلات المشهورة عندنا أكثرها إعطاء للنغم فنقول: (إن التي وجدناها نحن بهذه الصفة من الآلات المشهورة في مملكة العرب هي الآلة التي تسمى (الشاه رود) وهذه إنما استنبطت في زماننا نحن ولم تكن تعرف فيما خلا من الزمان, وأول من استخرجها واستنبطها رجل من أهل صفد سمرقند يعرف بخليص إبن أحوص, استخرجها أول ما استخرجها ببلاد الماه أي الجبل وذلك في سنة 1228 من سني الإسكندر وسنة 306 من سني العرب.

فاذا أخذنا أثقل نغمة في هذه الآلة وقسناها إلى أحدّ نغمة فيها وجدنا الأحد صياح صياح صياح أثقل نغمة فيها, وهو قوة الأثقل الرابعة وفيما بينهما ثلاث قوى, وهذا أبعد ما اعطتنا هذه الآلة).

وفي المقالة الأولى من الفن الثاني يحدثنا الفارابي عن كيفية استخراج النغم من الآلات المشهورة فيقول:(إن الآلات المشهورة منها ما يحدث فيها النغم بأن تحرك أوتارها فتهتز ومنها ما يحدث بها النغم بتسريب الهواء في تجويفاتها شيئا فشيئا مثل المزامير وما جانسها.

ومنها ما يحدث فيها النغم بأن يجر على أوتارها أوتار أخر, أو ما يقوم مقام الأوتار

والتي تهتز أوتارها, منها ما يفرد لكل نغمة منها على حيالها وتر مفرد لها, مثل المعازف والجنك وما جانسها

ومنها ما يكتفي فيه بوتر واحد أو أوتار عدة, يقسم كل واحد منها أقساما وتسمع من كل قسم منها غير النغمة التي تسمع من القسم الآخر.

وكذلك التي يجر على أوتارها أوتار أخر, منها ما قد يفرد لكل نغمة منها وتر ومنها ما يكتفي فيه بقسمة وتر واحد أو أوتار عدة). أما أهم الآلات التي وصفها الفارابي في كتابه وحدد نغماتها وأبعادها فهي:

1 - آلة العود

يقول الفارابي: (ونبتدئ من هذه بتلخيص أمر العود إذ كان أشهر الآلات. وهذه الآلة من الآلات التي تحدث فيها النغم بقسمة الأوتار الموضوعة فيها, وتشد على المكان المستدق منها دساتين تحت الأوتار تحدد أقسامها التي تسمع منها النغم, فتقوم لها تلك مقام حوامل الأوتار, وتجعل موازية لقاعدة (المشط) وهي التي فيها أطراف الأوتار متباينة الأماكن, وفيها تشد الأوتار, ثم تمد منها وتجمع أطرافها في مكان واحد, حتى يصير وضع أوتارها شبيه شكل أضلاع مثلثات تبتدئ من قاعدة واحدة, وتنتهي ارتفاعاتها إلى نقطة واحدة).

هذا الوصف ينطبق تماما على آلة العود المستعملة حاليا في البلدان العربية, ما عدا فارقًا بسيطًا وهو أن آلة العود المستعملة حاليا لا يشد عليها دساتين.

2 - آلة الطنبور

يقول الفارابي: (ونتبع ما قلناه في العود أن نقول في الآلات التي تجانسه. وأقرب ما يجانسه من الآلات هي الآلة التي تعرف بالطنبور, إذ كانت هذه أيضا تستخرج منها النغم بقسمة الأوتار التي تستعمل فيها. وهذه الآلة هي أيضا قريبة من الشهرة عند الجمهور من العود واعتيادهم وإلفهم لها يقرب اعتيادهم للعود وإلفهم له.

وشأن هذه الآلة في أكثر الأمور, أن يستعمل فيها من الأوتار وتران فقط, وربما استعمل فيها ثلاثة أوتار, غير أنه لما كان الأشهر فيها استعمال وترين اقتصرنا أولا على ذكرها بوترين.والذي يعرف بهذا الاسم بالبلدة التي كتبنا فيها كتابنا هذا, صنفان من الآلة, صنف منها يعرف بالطنبور الخراساني, ويستعمل في بلاد خراسان... وصنف آخر يعرفه أهل العراق بالطنبور البغدادي, ويستعمل ببلاد العراق وفيما قاربها. وكل واحد من هذين الصنفين يخالف الآخر في خلقته وفي عظمه.ويستعمل في أسفل كل واحد منها قائمة يسميها أهل العراق (الذبيبة) يشد فيها الوتران معا ثم يمدان جميعا إلى وجه الآلة, ويسلكان هناك على حاملة واحدة منصوبة على الوجه, قريبا من نهايته التي تلي الزبيبة, وفي الحاملة تحزيزان يفرقان بين الوترين, ويسلك الوتران بعد ذلك إلى الطرف المستدق من الآلة وينتهيان إلى ملويين).

3 - آلة الرباب

يقول الفارابي: (ولنقل الآن في الرباب, وهذه الآلة هي أيضا من الآلات التي تستخرج نغمها بقسمة الأوتار التي تستعمل فيها, فربما استعمل فيها وتر واحد, وربما استعمل اثنان متساويا الغلظ, وربما استعمل وتران متفاضلا الغلظ, ويجعل أزيدهما غلظا حاله في هذه الآلة كحال المثلث في العود, وحال الأنقص غلظا في هذه الآلة كحال المثنى في العود. وفي أسفلها قائمة على خلقة زبيبة الطنبور, ثم حال أوتارها على التوازي قريب مما وصفناه في الطنبور الخرساني.

وقد جرت عادة مستعمليها على الأكثر بأن يستخرجوا نغمها في أماكن من أوتارها معلومة عندهم بالنغم التي اعتادوا سماعها منها, من غير أن يحدوا تلك الأماكن بدساتين, لكن, يتحرون عند استعمالهم لها أن يضعوا أصابعهم من أوتارها على الأمكنة التي تخرج منها النغم المعتادة عندهم)

إن آلة الرباب التي جاء وصفها عند الفارابي هي الآلة الوترية التي عرفت قديما بالرباب وأشهرها الرباب المصري وهي التي يسميها الأوربيون (كمانجة عجوز), وهذه ذات صندوق نصف بيضاوي الشكل مغطى بغشاء رقيق من الجلد لتكون نغمها أكثر مجانسة للأصوات البشرية, ويشد عليها وتران في أغلب الأمر.

وقد تطورت آلة الرباب تدريجيا ودخلت إلى أوربا عن طريق بلاد الأندلس, حيث تطورت صناعتها إلى الآلة المعروفة الآن باسم (الكمان) في القرن السابع عشر.

4 - المزامير

يقول الفارابي (لنقل الآن في المزامير وما جانسها... إن هذه الآلآت تحدث فيها النغم بمصاكة الهواء السالك من المنافذ المعمولة فيها لمقعرات تلك المنافذ, وهذه المنافذ, إما التجويفات التي فيها, وإما متخلصات الهواء من تجويفاتها إلى خارج.

وحدة النغم وثقلها تحدثان في هذه الآلات إما بقرب الهواء السالك من القوة التي دفعته فنفذته في التجويف, أو في بعده عنها من قبل, إن الهواء السالك متى كان قريبا من الدافع له كانت حركته أسرع ومصادمته أشد, فتصير أجزاؤه أشد اجتماعا, فيكون الصوت الكائن عنه أحد, وكلما بعد عن المحرك له كانت حركته أبطأ ومزاحمته أضعف, فتكون النغمة الكائنة عنه أثقل).

في تلك التفصيلات الدقيقة يتابع الفارابي شروحاته للنغم الصادر من ثقوب المزمار, وفقا لضيق الثقب أو وسعه, وكذلك وفقا لسرعة الهواء وتصادمه. معلومات في نهاية الدقة تنم عن عقلية فذة عميقة ومتأصلة في العلوم الموسيقية, نظرية كانت أم عملية, إضافة إلى دراية واسعة في أسس وقوانين علم الطبيعية التي ترتكز عليها مفاهيم التصادم والسرعة ومقاييس مخارج الهواء.

كما يعكف الفارابي وبالدقة والتقنية أنفسهما المعتمدتين من قبله على تحديد مناسبات نغم المزامير, تبعا لاختلاف أطوالها وتجويفها ومعاطفها وغلظ قطرها, وغير ذلك من المتغيرات من مزمار إلى مزمار آخر.

ولا ينسى الفارابي تحديد أنواع المزامير المتداولة فيشرح تفصيلات المزامير المنفردة والمزامير المزدوجة المركبة بصورة عامة ثم يتطرق إلى تحديد مواصفات الناي والسرناى. فيقول في السرناي: (وأما الآلة التي تعرف بالسرناي, فإنها أيضا صنف من المزامير غير أنها أحد تمديدا من سائر أصنافها, وقد جرت عادة مستعمليها أن يجعلوا على محدبها ثمانية معاطف).

5 - المعازف

يقول الفارابي: (قوة الحس في تمييز نغم الأوتار المطلقة) ثم يتابع ويقول: (وينبغي أن نصير الآن إلى ذكر الآلات التي تستعمل فيها الآوتار مطلقة, وهي التي يجعل فيها لكل نغمة على حيالها وتر مفرد, مثل المعازف والصنوج وما جانسها).

ثم يعطي الفارابي وصفا مسهبا دقيقا وعلميا لأوتار المعازف وكيفية تسويتها, دون أن يذكر آلة موسيقية معينة. أما التحليل الذي كتبه فهو ينطبق على آلة القانون الحالية (الشكل رقم 8) وكذلك نسبيا على آلة السنطور وآلة الهارب, من حيث شد الأوتار وتسويتها والعزف عليها.

من جهة أخرى لم يكتف الفارابي, كغيره من العلماء العرب بالنظريات, كما كان الحال عند اليونان, بل عمد إلى إقران النظرية بالبرهان العملي لذلك وصف آلة قديمة تستعمل لتجربة النغم والأجناس والجماعات, حيث قال: (لما كانت الغاية من كل صناعة نظرية هي أن يحصل لنا منها الحق وكان الحق هو الاعتقاد المطابق للموجود, لزم في هذا العلم الذي نحن بسبيله إذا كان نظريا, أن يكون ما ينكشف فيه بالأقاويل مطابقا للموجود). ثم يصف الآلة ويشرح كيفية استعمالها.

أثر الفارابي في المفكرين العرب والغربيين في الموسيقيلقد أثر الفارابي على علماء الأندلس في الموسيقى.أما أكثر العلماء الأندلسيين الذين أفادوا من الفارابي في موضوع دراسة الموسيقى هو (ابن باجة) أبو بكر بن يحي بن الصائغ المتوفي سنة 522 هجرية (1128 م) عاش في زمن (المرابطين) واشتهر أمره كما ذكر صاحب (الفكر الأندلسي) بالفلسفة والموسيقى وقول الشعر.

وللفارابي أيضا أثره الواضح على أوربا في الموسيقى فقد اقتبس كنديسالفوس من الفارابي فصلا عن الموسيقى في كتابه تقسيم الفلسفة وتأثر جيروم دي مورفيه- القرن الثالث عشر - بكتابه في الموسيقى بالفارابي, وكتب في أحد فصوله عن تقسيم الفارابي للموسيقى. وكتب ريموند لول - القرن الرابع عشر - بالموسيقى متأثرا بالفارابي. كما استعار تعريف الفارابي للموسيقى يوحنا أكيديوس وكان أحد مصادره في هذا الفن. واعتمد كذلك روجر بيكون أعظم العلماء الأوربيين على الفارابي ويظهر ذلك في الكتاب الثالث (opus tritium) الخاص بالموسيقى من كتابه (الكتاب الأكبر) (Opus majus).

تلك صورة سريعة من حياة الفارابي الموسيقار بأجمل ما لهذه الكلمة من معان, رجل جمع بين ميزتين: الإخلاص للفلسفة, والإيمان بالدين, وبهاتين الميزتين حاول أن يوفق بين لغة العقل ولغة القلب.أحب الموسيقى فدخلها من أوسع الأبواب.آمن بجميع العلوم دون استثناء فبحث في الطب والهندسة والرياضيات, وترك كتبا ومقالات عالج فيها موضوع الخلاء والزمان والمكان.

وحيث إنه لا يسعنا التوسع أكثر من ذلك نظرا لضيق المكان, نترك للقارئ حب الاستطلاع واكتشاف ذخائر هذا العالم الجليل.

هوايَ, وإنْ تناءتْ عنكَ دارِي, كمثلِ هوايَ في حالِ الجوارِ
مقيمٌ, لا تغيرُهُ عوادٍ, تباعدُ بينَ أحيانِ المزارِ
رَأيتُكَ قُلتَ: إنّ الوَصْلَ بَدْرٌ; متى خلَتِ البدورُ من السِّرارِ?


(ابن زيدون)

 

منى سنجقدار

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




 





آلة القانون من آلات النحت الشرقي الحالي





آلة موسيقية قديمة تسمى (الصنج) أو (الجنك) أو (السنطير) مع تطورها آصبحت الهارب