مؤسسة البابطين والاحتفاء بالأخطل الصغير

مؤسسة البابطين والاحتفاء بالأخطل الصغير

نشرت «العربي» في عددها (597) - أغسطس 2008 ملفاً عن الأخطل الصغير شارك فيه بعض الكتّاب العرب، ومن أجل توسيع الفائدة للقارئ العربي ننشر تعقيباً وصلنا من الأستاذ عبدالعزيز السريع أمين عام مؤسسة البابطين للإبداع الشعري، وهي المؤسسة التي تعتز بها مجلة العربي وبدورها في إثراء الثقافة العربية بشكل عام:

يسر مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري أن تهديكم أطيب تحياتها، وتود التنويه والإشادة باهتمام المجلة الدائم بالشعر باعتباره ديوان العرب، ولقد اطلعنا على ملف العدد (597) عن الأخطل الصغير، حيث كتب الشاعر رفيق المعلوف مقالة بعنوان «إمارة الشعر بعد شوقي» بينما كتب الأستاذ جهاد فاضل مقالة بعنوان «موسيقى الكلمة» وللحقيقة فإن الكاتبين الكريمين تطرقا إلى العديد من جوانب سيرة الأخطل الصغير، وحفل تأميره في 4 يونيو 1961، والحفل الآخر الذي أقيم في الجامعة الأمريكية في بيروت في 5 نوفمبر 1961، وكذلك الحفل الذي أقيم في مبنى اليونسكو في بيروت لتأبينه بتاريخ 28 ديسمبر 1969. لكنهما لم يتطرقا لا من قريب ولا من بعيد للدورة الكبيرة التي أقامتها مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري في بيروت على مدى أربعة أيام من 14 إلى 17 أكتوبر 1998 تحت عنوان «دورة الأخطل الصغير» وقد دعي لحضور حفل افتتاح الدورة في قصر الأونسكو بالعاصمة اللبنانية ما يزيد على (500) ضيف من خارج لبنان فضلاً عن أعداد كبيرة من المدعوين من داخل لبنان. وقد كان الحفل برعاية المغفور له الرئيس رفيق الحريري بحضور جمع غفير من رجالات الثقافة والإعلام والفكر والأدب والشعر، وزراء الثقافة العرب.

وفي تلك المناسبة أصدرت المؤسسة المطبوعات التالية:

1- الأخطل الصغير، سيرته وأدبه (239) صفحة.

2- الأخطل الصغير، الديوان الكامل (551) صفحة.

3- الأخطل الصغير، الأعمال النثرية (559) صفحة.

4- الأخطل الصغير، الرسائل (295) صفحة.

5- الأخطل الصغير في عيون معاصريه ومصادر دراسته (536) صفحة.

وكلها من إعداد وتأليف الدكتورة سهام أبو جودة الحاصلة على درجة الدكتوراه عن بحوثها ودراساتها حول الأخطل الصغير.

6- الأخطل الصغير في صور (203) صفحات، إعداد وتعليق عبدالعزيز السريع وعبدالعزيز جمعة.

7- كتاب «مجموعة أبحاث الندوة المصاحبة» (479) صفحة.

8- كما أصدرت المؤسسة أشرطة صوتية لحفلي التأمير والتأبين.

وعقدت المؤسسة ندوة أدبية مصاحبة للدورة في (4) جلسات تضمنت (8) أبحاث ومحاضرة. فضلاً عن إقامة أربع أمسيات شعرية إضافة إلى أمسية غنائية تضمنت مجموعة من قصائد الأخطل الصغير المغناة.

عبد العزيز السريع
الأمين العام لمؤسسة
جائزة عبدالعزيز البابطين للإبداع الشعري

  • حبل النجاة

من خلال مقال حديث الشهر الذي يكتبه رئيس تحرير مجلة العربي الدكتور سليمان العسكري تحت عنوان «الديمقراطية والفخ اللإنساني» العدد: 596 يوليو 2008 والذي استهله بقوله: «بينما لايزال موضوع القيم ـ الذي طرحته مؤسسة اليونسكو على نخبة من مفكري العالم على مشارف القرن الواحد والعشرين ـ

لايزال يتفاعل، مستمرّاً في البحث عن إجابة عن التساؤل الكبير: القيم إلى أين؟..».

أمام هذا السؤال، نجد أنفسنا أمام إشكالية واضحة مفادها، أن العلاقة بين مجموعة القيم المثالية التي يرفعها الغرب أو عالم الشمال، وتلك القيم الشيئية المادية التي يمارسها فعلاً على أرض الواقع وعلى المكشوف، دونما التحرج والعار الذي قد يلحقه بسبب هذا التناقض الصارخ لقيمه العريقة والتي ناضل عليها قرونا وقروناً، فضلا عن التراث الثر الذي أنتجه مفكروه وفلاسفته حول موضوعات العقل والأخلاق والحرية والمساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها كثير.. وبين المفاهيم التي يوظفها حاليا كتلك التي تتعلق بالإنتاج والاستهلاك والتصنيع والبنوك والرساميل الضخمة.. وعلى العموم فإن عالم الإنسان يعرف تحولات خطيرة في منظومة القيم حيث سيمكنه تفكيره وتأمله ومقارنته من إيجاد ثقافة بديلة تتميز بالخصوصية والانتقائية استثنائية.

الكل يدرك اليوم أننا نعيش تحولات كبرى في النواحي الاجتماعية والثقافية والاقتصادية نتيجة الثورة العلمية والتكنولوجية التي تفجرت في الربع الأخير من القرن العشرين ومستهل القرن الواحد والعشرين، وما سيأتي أدهى وأمر. ولا أعتقد أن طروحات اليونسكو سوف تجد لها آذانا صاغية في الرفق بالانسحاقات التي يعيشها إنسان ما وراء جنوب خط الاستواء ولا هي معنية بالحريات والديمقراطية. يقول المؤرخ سيّار الجميل: «إن الإنسان ـ وكما كتب أغلب الباحثين ـ يدخل أزمة أخلاقية كونية جديدة لم يعرفها في السابق أبداً، إنه يدخل عالما معقدا جدا من العلاقات الإنتاجية والاستهلاكية معاً .. إنه يقف على حدود صراع بشري عولمي بين الشمال والجنوب.. إنه يعيش ظواهر خطيرة، وكبيرة، ويواجه كل قساوتها وتداعياتها».

إن مقولة فولتير إن: «اللاإنسانية أسوأ الرذائل». اللاإنسانية في الحقيقة هي التوحش. نعم لقد بدأ عصر التوحش الذي رافق عصر التكنولوجيا وهذا أمر في غاية الاستغراب والقلق مما يشهده عالم ما بعد الفجوة الرقمية. إن ما اقترفه عتاة القومية الصربية في الإنسان ـ بغض النظر عن جنسه وأرضه، أصله وفصله، عرقه ولون أدمته، أو دينه وطائفته.. ألخ، لايمكن أن يعامل بهذه القسوة التي تنم عن الحقد والكراهية البغيضة التي قطعت ومزقت أوربا عصوراً وهي الآن تسعى - عبثا - للملمة ما فعلته سوءة القومية والعنصرية والتميز عن الآخر. بالله كيف نفهم وهل يعقل أن يجتمع في شخص سفاح سربيرينيتشا (رادوفان كاراديتش) هذا التركيب العجيب في أن يكون قائد سياسي وطبيب نفساني وشاعر رومانسي، ومفكر ومنظر وكاريزماتي بلقاني على غرار جوك كاراديتش، والأمير الصربي الشاعر بيتروفتش نجيفوكس... أن يجتمع فيه مجرم سلم ومجرب حرب معاً.. يكره الإنسان، ويكره الشعب.. ويكره حياة الآخرين دونما أي سبب لذلك اللهمّ إلاّ ساديته التي يتلذذ بها ونزوته الزائدة عن اللزوم، في القتل والتنكيل والإبادة، والمقابر الجماعية.. فهل يوجد توحش في الحيوانات من ذوات المخالب والناب والظلف من تفعل ذلك، فضلا عن رجل يدعي أنه من المثقفين! أنا لا اعتقد أن ذلك موجود.

وعندما نقرأ للفيلسوف الأمريكي المعاصر جون رولس، الذي لا يدعو إلى إلغاء الفوارق الطبقية بين البشر، لأن ذلك أمر مثالي، إنما يدعو إلى تقليصها بالقدر الذي يحافظ فيها على كرامة بل استمرارية البشر. فالعدالة في نظره لا تعني أن كل الناس يمكن جعلهم أغنياء بالجملة، إنما الأصل عنده هو إيجاد الحد الأدنى من الطعام والشراب والملبس والمسكن والدواء والعلاج والتعليم.. الخ. وهو بهذا التصور يعارض بشكل مفصلي العولمة الجديدة التي يسميها حالة جائرة جدّاً من الرأسمالية المتوحشة. والخطر في ذلك أنها اجتاحت كل المجتمعات البشرية والهوة تزداد اتساعاً يوماً بعد يوم بين الأغنياء والفقراء.

وأخيراً فإن حبل النجاة من هذا البأس الجاثم على الشعوب المسحوقة هو المطلوب من الغرب عموماً وأمريكا خصوصا بالاعتذار عما اقترفته في حق الشعوب عامة والأمة العربية والإسلامية خصوصا التي سحقتها، وأن تكف عن غيها وشرورها وأن تترك شعوب العالم لتقرر سياساتها بما تمليه مصالح شعوبها لا كما تريد هي. وان تتوقف عن دعم الأوليغاركيات السياسية، والديكتاتوريات العسكرية، والصهيونيات العنصرية، والمضاربات المالية، والتلويح باستخدام القوة، وأن تبادر إلى إصلاح النظام العالمي الذي أفسدته بسياساتها الرّعناء، وأن تعمل ضمن مبادئ حقوق الإنسان التي أقرتها الشرائع والقوانين والمواثيق.

عابد حميان - الجزائر

  • إشعاع بوابة الشمس..... يُوقظ العم سام

قرأت في مجلة العربي العدد (591) حديث الشهر للدكتور سليمان العسكري، حول الطموح المشروع لبلدان المنطقة العربية في التطلع نحو الشرق، ولـ «اليابان» بصورة خاصة، وقد تبنت «العربي» هذا المشروع الإصلاحي الجديد في واقع الثقافة العربية من موقع مسئولية القائمين عليها تجاه قضايانا المعاصرة.

فلم تكن «العربي» وليدة المخاض الثقافي الكويتي فقط، بل كانت نتاجا فكريا لم شعث متفرق الأدبيات العربية في فترة اعتبرت (صبح الأعشى) في التاريخ الأدبي الحديث، ولا أغالي إن تخندقت في مذهب القائلين بحتمية تأثر السياسة والاجتماع بالتوجهات الفكرية والثقافية، خاصة إذا تعلق الأمر بنمط جديد كالذي يدعو إليه الدكتور العسكري في كتاباته في هذا العدد أو الذي قبله .

ومن هنا كانت الوقفة مع بعض الملاحظات التي آمل أن تجد صداها في خضم هذا الزخم الإعلامي المسموع والمرئي, وعلى الرغم من عدم إضماري الموافقة على ماتبناه الدكتور العسكري فإني أشدد على أمور يكون معها (التعاون أو الشراكة) العربية اليابانية أجدى وأنفع لنا قبل الآخر، فمجتمعنا العربي مازال فقيرا من الناحية التوعوية فكراً وثقافة وسلوكاً حضارياً واعتدالاً غير مخل.... منهجا ورؤية.

نحن بحاجة إلى إعادة النظر في معظم الرؤى والمفاهيم التي سادت بفعل الهيمنة الغربية على منظومتنا المعرفية والثقافية، إذا أردنا لتوجهاتنا نحو الشرق أن ترتقي إلى مستوى (الشراكة الكاملة) حسب تعبير الدكتور العسكري.

من جهة أخرى يتسم اليابانيون بأن شعورهم الواعي والخلاق تجاه أمتهم وانتمائهم يفوق مانختزنه نحن العرب لأمتنا وبلداننا، وعند ذاك لايمكن أن نكون شركاء أكفاء لليابانيين، وحسبنا أن نكون (متعاونين) لوجه الحاجة الذي نحن وحضارتنا بصدده.

لابد لنا اليوم من دراسة وجهتنا الجديدة، كي لاتصبح مجرد محاولة للإفلات من قبضة العم (سام) وكذلك كي لاتصبح مجرد هروب من واقع مرير ومستديم، أفضى بنا إلى اليأس من النمط السائد والمقيت. ولابد أن تندرج هذه المحاولات في مضمار التحديث الثقافي العربي، وليس انتكاسا على حضارات يراها البعض تتقاطع مع العقيدة العربية ذات السمة الدينية.

والمهم الا تكون الخطوات في سبيل هذا المشروع مقتصرة على القرار السياسي أو بإذن منه، لان ذلك يؤدي إلى نتيجة مشابهة حتما إلى ما آلت إليه الأمور بيننا وبين الغرب إن الثقافة العربية اليوم تملك المؤهلات والقدرة، في التأثير على الآخر خاصة ان دول الشرق الأقصى ليست غريبة تماما عن الثقافة العربية.

ولكن يبقى السؤال المحير، هل يمكن لبلاد العم سام أن تتنازل عن نموذج العلاقة بينها وبين العرب اليوم، لمصلحة كوريا الجنوبية مثلا أو حتى اليابان، على الرغم من علمهم المسبق بتململ العرب من نموذجهم الثقافي المسخ، وهل تسمح راعية النظام الدولي الجديد بعودة المشاركة في الثروة (النفطية), خاصة أن السيدة يوريكو كويكي حددت أهدافها العملية بصورة مباشرة عندما أشارت إلى أن (الثروة النفطية التي تحتاج إليها اليابان) موجودة عند العرب، آمل أن تجري الرياح هذه المرة بما لا تشتهي سفن العم (سام).

حسين جويد الكندي - العراق





 





الرئيس الشهيد رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان والشاعر عبدالعزيز البابطين في مقدمة الحضور في حفل افتتاح دورة الأخطل الصغير - مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري - بيروت - قصر الأونسكو - أكتوبر 1998