التلوت الهوائي والأبعاد البيئية والاقتصادية عبدالله رمضان الكندري
يعتبر التلوث ظاهرة بيئية من الظواهر التي أخذت قسطا كبيرا من اهتمام حكومات دول العالم منذ النصف الثاني من القرن العشرين.
ويختلف علماء البيئة والمناخ في تعريف دقيق ومحدد للمفهوم العلمي للتلوث البيئي، وأيا كان التعريف فإن المفهوم العلمي للتلوث البيئي مرتبط بالدرجة الأولى بالنظام الإيكولوجي (Ecosystem) حيث إن كفاءة هذا النظام تقل بدرجة كبيرة وتصاب بشلل تام عند حدوث تغير في الحركة التوافقية بين العناصر المختلفة، فالتغير الكمي أو النوعي الذي يمكن أن يطرأ على تركيب عناصر هذا النظام يؤدي إلى الخلل في هذا النظام، ومن هنا نجد أن التلوث البيئي يعمل على إضافة عنصر غير موجود في النظام البيئي، أو أنه يزيد أو يقلل وجود أحد عناصره بشكل يؤدي إلى عدم استطاعة النظام البيئي قبول هذا الأمر الذي يؤدي إلى إحداث خلل في هذا النظام.
درجات التلوث
نظرا لأهمية
التلوث وشموليته فإن من غير المعقول تعميم مفهوم التلوث على كل المناطق التي تتعرض
لشكل أو آخر من أشكال التلوث، ولكيلا نحمل الأمور أكثر من طاقتها، فيجب أن نميز
التلوث حسب درجاته المختلفة واضعين في الاعتبار تباين الآثار المختلفة على النظام
البيئي. وعليه يمكن تقسيم التلوث إلى ثلاث درجات متميزة هي:
1 -
التلوث المقبول: لا تكاد تخلو منطقة ما من مناطق الكرة الأرضية من هذه الدرجة من
التلوث، وهو درجة من درجات التلوث التي لا يتأثر بها توازن النظام الإيكولوجي ولا
يكون مصحوبا بأي أخطار أو مشاكل بيئية رئيسية.
2- التلوث الخطر: تعاني كثير من الدول الصناعية من التلوث الخطر والناتج بالدرجة الأولى من النشاط الصناعي وزيادة النشاط التعديني والاعتماد بشكل رئيسي على الفحم والبترول كمصدر للطاقة. وهذه المرحلة تعتبر مرحلة متقدمة من مراحل التلوث حيث إن كمية ونوعية الملوثات تتعدى الحد الإيكولوجي الحرج والذي يبدأ معه التأثير السلبي على العناصر البيئية الطبيعية والبشرية. ولعل حادثة الطبخان التي شهدتها مدينة لندن عام 1952 وراح ضحيتها حوالي 2000 شخص تمثل نموذجا جيدا لمرحلة التلوث الخطر.
3- التلوث المدمر: يمثل التلوث المدمر، لمرحلة التي ينهار فيها النظام الإيكولوجي ويصبح غير قادر على العطاء نظرا لاختلاف مستوى الاتزان بشكل جذري. ولعل حادثة تشرنوبل التي وقعت في المفاعلات النووية في الاتحاد السوفييتي خير مثال للتلوث المدمر، حيث إن النظام البيئي انهار كليا ويحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة اتزانه بواسطة تدخل العنصر البشري.
وتتباين أشكال التلوث البيئي فهناك التلوث الهوائي، والتلوث الأرضي والتلوث المائي.
يحدث التلوث الهوائي عندما توجد جزيئات أو جسيمات في الهواء وبكميات كبيرة عضوية أو غير عضوية بحيث لا تستطيع الدخول إلى النظام البيئي وتشكل ضررا على العناصر البيئية والتلوث الهوائي يعتبر أكثر أشكال التلوث البيئي انتشاراً نظرا لسهولة انتقاله وانتشاره من منطقة إلى أخرى وبفترة زمنية وجيزة نسبيا. ويؤثر هذا النوع من التلوث على الإنسان والحيوان والنبات تأثيراً مباشرا، ويخلف آثاراً بيئية وصحية واقتصادية واضحة متمثلة في التأثير على صحة الإنسان وانخفاض كفاءته الإنتاجية كما أن التأثير ينتقل إلى الحيوانات ويصيبها بالأمراض المختلفة ويقلل من قيمتها الاقتصادية، أما تأثيرها على النبات فهو واضح وجلي متمثل بالدرجة الأولى في انخفاض الإنتاجية الزراعية للمناطق التي تعاني من زيادة تركيز الملوثات الهوائية بالإضافة إلى ذلك هناك تأثيرات غير مباشرة متمثلة في التأثير على النظام المناخي العالمي حيث إن زيادة تركيز بعض الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون يؤدي إلى انحباس حراري يزيد من حرارة الكرة الأرضية وما يتبع ذلك من تغيرات طبيعية ومناخية قد تكون الا عواقب خطيرة على الكون.
دورة الهواء وعالمية التلوث
دورة الهواء في الغلاف الهوائي تنقسم إلى قسمين رئيسيين هما النظام الأفقي أو السطحي ويطلق عليه اصطلاح حركة الرياح، والنظام الرأسي ويطلق عليه اصطلاح الهواء الصاعد والهابط. وللنظامين الأفقي والرأسي تأثير بالغ الأهمية في عملية تشتيت أو تركيز الملوثات وفي نقلها من مكان إلى آخر. فكما هو موضح في الشكل (1) نجد أن الهواء يهبط في منطقتين أساسيتين هما منطقة الضغط المرتفع في العروض المدارية، ومنطقة القطبين، بينما الهواء يصعد في منطقتين أساسيتين هما منطقة الضغط المنخفض والضغط الدائم في العروض دون القطبية. وعليه فإن مناطق الضغط المرتفع حيث الهواء الهابط تعتبر مناطق تجمع للملوثات ويزداد فيها تركيز الملوثات بشكل واضح، بعكس مناطق الضغط المنخفض ذات الهواء الصاعد التي تعتبر مناطق طرد للملوثات وتمتاز بانخفاض مستويات تركيز الملوثات، علما بأنها مناطق نشأة الملوثات بالدرجة الأولى.
وكمثال على ذلك ما حدث في الاتحاد السوفييتي من انفجار المفاعل النووي (تشرنوبل) وانتشار الإشعاعات في الجو وانتقالها إلى مناطق بعيدة بفضل الرياح. كما أن الدراسات والأبحاث العلمية قد بينت أن بعض مناطق ولاية نيوجرسي قد ظهر فيها تركيز مرتفع لغاز الأوزون وبشكل خاص في منطقة Ancora على الرغم من أنها مدينة غير صناعية والكثافة السكانية فيها منخفضة، إلا أن الرياح قامت بنقل الملوثات من مناطق جنوب شرق ولاية فيلادلفيا إلى مناطق ولاية نيوجرسي.
مصادر التلوث الهوائي
تنقسم مصادر التلوث الهوائي إلى قسمين أساسيين هما:
1- العوامل الطبيعية: تندرج ضمن هذه العوامل تلك التي تتم بفعل الطبيعة أو مكونات البيئة مثل الغازات التي تنبعث من البراكين والغازات الطبيعية التي تتكون في الهواء وغاز الأوزون المنتج طبيعيا أو الغبار وغيرها من العوامل والمصادر الطبيعية، والتي لا دخل للإنسان بها.
2- العوامل البشرية: ويندرج ضمن هذه المجموعة الملوثات الصناعية وتلك الملوثات المرتبطة لدرجة الأولى بالنشاط البشري.
ولقد ازداد تأثير العوامل البشرية على البيئة بشكل عام والتلوث الهوائي بشكل خاص بعد الثورة الصناعية زيادة الأنشطة الاقتصادية المختلفة، وما تبعه من توسع في إنتاج واستغلال الوقود الحفري. ولاشك أن هذه الأنشطة تسبب إضافة مواد وغازات موجودة في النظام الإيكولوجي، وقد تزيد أو تنقص من بعض المواد والغازات الموجودة في هذا النظام الأمر الذي يؤدي إلى بلوغ الحد الإيكولوجي الحرج، والذي يؤدي إلى تدهور القدرة البيولوجية لعناصر النظام.
إن للتلوث الهوائي آثاره الخطيرة على صحة الإنسان وعلى الإنتاج الزراعي والحيواني بالإضافة إلى تأثيره على تآكل المعادن، كما أن تأثيرات التلوث الهوائي تكون واضحة وخطيرة على المناخ وطبقة الأوزون الواقية والحامية للنظم البيئية من التأثير السلبي للأشعة فوق لبنفسجية.
التلوث الهوائي والإنسان
لقد أخذ تأثير التلوث بالظهور والوضوح في المدن الصناعية بشكل خاص، وأخذ هذا الثلوث يسبب زيادة الأمراض لسكان المدن والمناطق القريبة من التجمعات الصناعية، كما بدأت معدلات الوفيات تزداد بسبب زيادة معدلات الأمراض المرتبطة بزيادة معدلات التلوث.
من مجموع 3119 بلدة ومدينة في الهند كانت 209 مدن فقط لديها مرافق جزئية لمعالجة مياه المجاري، و 8 مدن فقط لديها مرافق كاملة كهذه. وعلى نهر الكنج تقوم 114 مدينة، يقطن كلا منها 500 ألف أو أكثر، بإلقاء مياه المجاري غير المعالجة في النهر كل يوم كما تستخدم معامل الدي. دي. تي، والمدابغ، ومعامل الورق وعجينته، ومجتمعات البتروكيماويات والأسمدة، ومعامل المطاط، وطائفة من المعامل الأخرى النهر للتخلص من نفاياتها. ويختنق مصب هوغلي (بالقرب من كلكتا) بنفايات صناعية غير معالجة مما يربو على 150 معملا كبيرًا حول كلكتا. ويعاني 60% من سكان كلكتا من مرض ذات الرئة، والتهاب القصبات الهوائية وغيرها من أمراض الجهاز التنفسي المرتبطة بتلوث الهواء.
وتتركز الصناعات الصينية، التي يستخدم معظمها الفحم في أفران ومراجل عتيقة، حوله 20 مدينة مسببة مستوى عاليا من التلوث. وتزيد الوفيات بسرطان الرئة في المدن الصينية 4- 7 مرات على الوفيات في البلاد ككل، ويعود هذا الفارق بدرجة كبيرة إلى شدة تلوث الهواء.
وفي ماليزيا تزيد مستويات التلوث في وادي كلانغ، الذي يتسم بدرجة عالية من التحضير (فهو يضم العاصمة كوالا لامبور)، مرتين إلى ثلاث مرات على مستوياته في المدن الكبرى في الولايات المتحدة. وتعاني منظومة نهر كلانغ من التلوث الشديد بسبب تدفق النفايات الزراعية والصناعية والمجاري.
التلوث الهوائي والإنتاج الزراعي
كما أن لتلوث الهواء آثارا، سلبية خطيرة مباشرة أو غير مباشرة على الإنتاج الزراعي، ففي الوقت الذي يجب أن تسعى فيه دول العالم إلى زيادة معدلات الإنتاج الزراعي لتلبية الاحتياجات الأساسية والمتزايدة لسكان العالم نجد أن التلوث الهوائي يقوم بعملية معاكسة حيث إن زيادة تركيز أحد الغازات في الغلاف الهوائي يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية في كثير من دول العالم. وأصبح العالم في الوقت الحاضر يعاني من ظاهرة جديدة وهي لاجئ البيئة. ففي عام 1984- 1985 هرب حوالي عشرة ملايين إفريقي من ديارهم بسبب التدهور في. مكونات التربة الزراعية والمتمثلة في تحمض التربة وزحف الصحراء عليها. ولقد نزح حوالي سدس مجموع سكان هايتي (حوالي مليون شخص) بسبب تدهور البيئة، إذ تعاني هذه الجزيرة من تعرية في التربة هي أسوأ ما عرفه العالم، بحيث تحولت الأراضي الزراعية إلى صحراء قاحلة، وأخذ آلاف الهاربين الريفيين يغادرون ديارهم كل عام متوجهين إلى بورت أوبرنس وغيرها من جزر الكاريبي والولايات المتحدة الأمريكية. كما أن هناك دولا أخرى من بلدان أمريكا الوسطى تعاني من مشاكل بيئية متشابهة.
وهناك أدلة وتقارير علمية تشير إلى أن التربة في مناطق من أوربا أخذت تظهر عليها علامات الإصابة بالأمطار الحمضية في جميع الطبقات التي تتخللها جذور الأشجار، كما بدأت التربة في بعض مناطق اليابان تصاب بالحموضة نتيجة للتلوث الهوائي وبدأ الخطر يهدد الصين وجمهورية كوريا وبعض دول أمريكا اللاتينية: البرازيل، الإكوادور، وفنزو يلا وكولومبيا. وعندما تظهر الحموضة في التربة يجب على الإدارة الحكومية أن تحدد المناطق الحساسة من أجل تقييم الضرر الذي يلحق بالأحراج أو المناطق الزراعية، كما ينبغي رصد التلوث الصناعي ومحاولة معالجته بصورة فعالة وسريعة.
التلوث الهوائي والمناخ
بدأت المخاطر البيئية تظهر بشكل شامل وعالمي وذلك بسبب تزايد مستويات تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى في الجو الأمر الذي يترتب عليه عواقب مناخية خطيرة من أهمها التسخين الشامل للأرض، وما سوف يصاحب ذلك من تغير مناخي قد يصيب الأنظمة الزراعية السائدة في كثير من المناطق الزراعية في العالم بالشلل، فقد يؤدي هذا التسخين إلى ارتفاع مستويات سطح البحر خلال القرن القادم، مما يؤدي إلى غمر المناطق الساحلية والتي قد تكون مناطق ذات كثافة زراعية أو صناعية أو بشرية، كما وقد لفت علماء البيئة والمناخ انتباه العالم في الآونة الأخيرة إلى احتمال حدوث ما يسمى بالشتاء النووي. وتعتمد فكرة الشتاء النووي على فرضية أساسية وهي أن الإشعاعات النووية التي تنطلق إلى الغلاف الهوائي يمكن أن تمتص كمية كبيرة من الإشعاع الشمسي وتبقى تلك الإشعاعات متناثرة ومتطايرة لفترة من الوقت مما يؤدي إلى عدم استطاعة أشعة الشمس الوصول إلى الأرض الأمر الذي يترتب عليه انخفاض درجة حرارة الأرض لفترة زمنية طويلة ولمساحات شاسعة. وهذا بلاشك سوف يؤثر على الأنظمة البيئية المختلفة.
الآثار الاقتصادية والمادية للتلوث الهوائي
ولا تتوقف الأضرار الناجمة عن تلوث الهواء عند حد معين أو تكاليف معينة بل تتعدى كل الحواجز بحيث يصبح احتساب تكاليف السيطرة على أضرار التلوث الهوائي صعبة للغاية وباهظة التكاليف. فعلى سبيل المثال نجد أنا تكاليف الأضرار للموارد المائية والأسماك، والناجمة عن التلوث الهوائي، وحدها تقدر في حدود ثلاثة مليارات دولار سنويا في الولايات المتحدة الأمريكية، في حين أن الأضرار التي تصيب المحاصيل والأحراج والصحة تزيد على 10 مليارات دولار سنويا، أضف إلى ذلك ارتفاع تكاليف معالجة الهواء فالتقديرات تشير إلى أن تخفيض المتبقي من انبعاث ثاني أكسيد الكبريت من المصادر القائمة في شرق الولايات المتحدة سوف يكلف خمسة مليارات دولار سنويا، وإذا ما أخذت أكاسيد النيتروجين في الحسبان فإن التكاليف الإضافية قد تصل إلى ستة مليارات دولار سنويا. كما يقدر الفرر الذي يصيب المعادن نتيجة التآكل بسبعة مليارات دولار سنويا في سبع عشرة ولاية في الولايات المتحدة.
إن تقديرات التكاليف السنوية لضمان انخفاض بنسبة 55 إلى 65% من المتبقي من كميات الكبريت المنبعثة من بلدان المجموعة الاقتصادية الأوربية خلال الفترة الواقعة بين 1980 و 2000، تتراوح من 4,6 مليارات دولار إلى 6,7 مليارات دولار (دولار 1982) سنويا. وإن تكلفة إجراءات الرقابة على المراجل الثابتة لتخفيض مستويات النيتروجين بنسبة 10% فقط سنويا بحلول عام 2000 تتراوح ما بين 100 ألف و 400 ألف دولار (دولار 1982). ويمكن تحويل هذه الأرقام إلى زيادة بنسبة حوالي 6% مرة واحدة في سعر الطاقة الكهربائية للمستهلك.
التلوث الهوائي وطبقة الأوزون
إن تأثير التلوث الهوائي لم يتوقف عند هذا الحد بل تعداه ليصل إلى طبقات الجو العليا حتى وصل إلى طبقة الأوزون. وينتشر الأوزون في الغلاف الجوي بشكل عام ولكنه يتركز بصفة خاصة في نطاق يتراوح بين (10- 50) كيلومترا من سطح الأرض وهي جزء من طبقة من أكبر طبقات الغلاف الجوي وتعرف باسم الاستراتوسفير. ويكون تلوث الأوزون في هذه الحالة شديدا ويلحق ضررا بليغا بصحة الإنسان والنبات وعناصر البيئة الأخرى، أما إذا كان الأوزون في طبقات الجو العليا (الطبقات التي تتجاوز حدود 50 كيلو مترا) فإن الأوزون يكون عنصرا ثمينا للغاية حيث إنه يعمل على امتصاص وترشيح الإشعاعات فوق البنفسجية.
وإذا حدث نقص بطبقة الأوزون بمعدل 2% فإن الأشعة فوق البنفسجية التي قد تصل إلى الارض سوف تزداد بمعدل 4%. وهذه النسبة من شأنها زيادة معدلات الإصابة بالأمراض الخبيثة بمعدل 6%.. وعلى الرغم من أهمية طبقة الأوزون إلا أنها لم تسلم من عبث وتدمير الإنسان حيث اكتشف العلماء ثقبا في هذه الطبقة في منطقة القطب الجنوبي. ويتأثر الأوزون الموجود في الغلاف الغازي بشكل خاص بالتغيرات التي قد تطرأ على مستويات تركيز بعض أنواع الغازات أو الملوثات الصناعية وبشكل خاص تركيزات مادة الكلوروفلورو ثاني أكسيد الكربون والميثان. ولعل من أهم الغازات الصناعية التي تؤثر على الأوزون المسئولة عن الفجوة الكبيرة الموجودة في طبقة الأوزون في منطقة الغلاف الجوي المحيط بمنطقة التجمد الجنوبي هو كربونات الكلوروفلور (ك. ك. ف) وهي مركبات ذات درجة ثبات عالية. كما أن هناك عوامل مناخية قد يكون لها تأثير على هذه الفجوة أو الثغرة كالرياح القطبية والإشعاعات الشمسية والتفاعلات الكيميائية الناتجة عن ظروف مناخية غير طبيعية في مناطق القطب الجنوبي.
ولقد اشتد النقاش والجدل العلمي حول موضوع الفجوة الكبيرة في طبقة الأوزون عام 1985، عندما أعلن عدد من علماء البيئة والمناخ الإنجليز أن الفجوة والثغرة في طبقة الأوزون قد اتسعت بشكل ملحوظ وأصبحت مساحتها تضاهي مساحة الولايات المتحدة الأمريكية مع ميل إلى الازدياد عاما بعد آخر وفي ربيع عام 1985 انخفضت مستويات الأوزون داخل هذه الفجوة عما كانت عليه في منتصف السبعينيات وبنسبة تقدر بحوالي 41 %..
محاولة للعلاج
ولقد اتجهت كثير من الدول الأوربية والولايات المتحدة إلى فرض قيود على إنتاج كربونات الكلوروفلور، مما حدا بكثير من منتجي هذه المادة إلى التوجه لإيجاد بديل صناعي لها، لا يكون له تأثير سلبي على البيئة. وفعلا استطاعت بعض الشركات إيجاد بدائل أخرى تنتج في الوقت الحاضر على أسس اقتصادية جيدة؟ وذات تأثير أقل بكثير على البيئة.
وهناك إجراء آخر اتخذ في مجال دراسة فجوة طبقة الأوزون، فقد ذهب فريق علمي يتكون من 20 عالما عام 1986 وذلك لإجراء تجارب عن طريق إطلاق بالونات هوائية مزودة بأجهزة قياس كمية ونوعية الملوثات في الغلاف الجوي وتسجيل هذه البيانات في محاولة لمعرفة المصادر والأسباب الأساسية التي تؤثر على طبقة الأوزون، وبالتالي وضع وتطوير أساليب معالجة حديثة توقف هذا النزف البيئي الخطير.
وتذكر تقارير العلماء البريطانيين وأن الفجوة الموجودة في طبقة الأوزون. لها تأثير كبير وواضح على بعض المناطق المأهولة بالسكان والأكثر قربا من القطب الجنوبي مثل استراليا ونيوزلاندة وأقصى جنوب القارة الإفريقية بالإضافة إلى النصف الجنوبي من أمريكا الجنوبية.