المرأة على طوابع الأردن

المرأة على طوابع الأردن

مناسبات كثيرة ظهرت فيها المرأة على الطابع الأردني، في المناسبات الملكية، والمناسبات النسوية، والشخصيات النسائية، ومناسبات إضافية، حلت فيها المرأة / الفتاة عنصراً أساسياً في تشكيل هذه الطوابع.

حلّت المرأة في إول إطلالة لها في الطابع البريدي الأردني في مناسبة ملكية عزيزة على قلوب كل الأردنيين، فصدر طابعان لمناسبة زفاف الملك حسين والملكة دينا في 26 شعبان 1374هـ/19 أبريل 1955. ويعتبر هذا الإجراء البريدي إجراءً رائداً في البلاد العربية، ففي لونين مختلفين (الأزرق والبني المخملي) حمل الطابعان رسمة واحدة تمثل فيها المغفور له الملك حسين إلى الجهة اليمنى والملكة دينا إلى الجهة اليسرى، وظهر بينهما التاج الملكي رمز المملكة الهاشمية. خرج الطابعان في حلة شديدة الأناقة يمثلان خير تمثيل الملك الشاب الوسيم وعروسه. وبعد أكثر من نصف قرن، لايزال هذا الإصدار يترك إلى يومنا هذا، انطباعاً نوجزه بالجمالية العالية لكل مكوناته التشكيلية والمكللة بالوقار الشديد.

وتكريساً لهذا التقليد في الطوابعية الأردنية، صدرت مجموعة طوابع في تواريخ مختلفة: في 1969: «مناسبة زواج الأمير الحسن»، وفي 1977: «الملك حسين والملكة علياء»، وفي 1997: «الملك حسين والملكة نور» بمناسبة عيد الملك الـ62.

وتتويجاً لهذا التقليد العريق، صدرت في العام 1999 طوابع بمناسبة تتويج جلالة الملك عبدالله ابن الحسين والملكة رانيا العبد الله. وإن أعادتنا هذه المجموعة الرائعة إلى المناسبة التكريمية الأولى في عام 1955، فإنها امتازت عنها لجهة استثمارها التقنيات المتطورة التي طالت كلاً من التشكيل والتصميم الطوابعي. وعلى خلفية بيضاء ناصعة مكللة باللون الأحمر القرمزي، جلست الملكة إلى يمين الملك المنتصب في زيّه العسكري المحبّب، وبرزت الحروف / التخطيط المذهب في عنونة المناسبة، كما ظهر اسم المملكة كسمة مستجدة ستكرّس لاحقاً للمناسبات الملكية، وستشكّل علامة مميزة من علاماتها في الطوابعية الأردنية.

المناسبات النسوية

في أول عنوان ضمن المحور الثاني، نعرض لحلقة الدراسات الاجتماعية للجمعيات الخيرية في دورتها الرابعة التي كُرّمت في طابع صدر في العام 1964، وغني عن القول أن لتاريخ صدور هذا الطابع، منذ أكثر من أربعة عقود، دلالة واضحة لمواكبة الطابع البريدي الأردني للحراك الاجتماعي التنموي. وتمثل هذا الطابع في تشكيل جمع أماً وطفلها في تركيز واضح على الشق النسوي. ويمكن الجزم بأن هذا التكريم للجمعيات الخيرية وترشيده في حلقات دراسية، هو تكريم رائد في الطوابعية العربية. وعلى مشارف الألفية الثالثة (1977) كُرّم تجمع لجان المرأة، وهو تكريم مشكور تستشرف من خلاله العناية الرسمية بالمسيرة الطويلة والعمل الدءوب للجمعيات النسوية في الأردن . في بواكير سبعينيات القرن الماضي، وفي إشارة واضحة لوظيفة المرأة الأولى في الاجتماع العربي، حلّ «يوم الأم» (1972)، و«يوم العائلة» (1973) عنوانين في الطابع الأردني، في إصدارين من ثلاثة طوابع لكل منهما.

كانت «السنة الدولية للمرأة» (1975) - في رأيي المتواضع - الانطلاقة الأبرز والأوسع كعنوان نسوي في الطوابعية العربية. وقد أصدرت كل من المملكة الأردنية الهاشمية ومصر والعراق وسورية والبحرين وسلطنة عُمان والكويت واليمن وموريتانيا وتونس والسودان طوابع للمناسبة، وإن اتسم تشكيل بعض هذه الإصدارات بالرمزية الشديدة، واقتصر على اللوغو الذي اعتمد رسمياً للمناسبة، لكن البعض الآخر من هذه الإصدارات اتسم بتشكيل غني ومتفاعل. وقد تميزت الطوابع الأردنية الثلاثة التي صدرت للمناسبة بأنها حملت عناوين فرعية لأدوار ثلاثة تلعبها المرأة وهي الأسرة - الأمومة، والتربية - التحصيل العلمي، والعلوم - التحصيل المهني.

وتماشياً مع هذه المناسبة، صدرت مجموعة من خمسة طوابع تحمل عنوان «الأزياء التقليدية (1975). وإن بدا هذا العنوان تقديماً للتراث الشعبي، لكنه دون أدنى شك قدم للمرأة مسرحاً رحباً ومستحباً، فحضرت حضوراً قوياً وأحادياً في الطوابعية الأردنية. ولاشك أن موضوع الهوية والخصوصية كمكونات سياسية اجتماعية تتقاطع هنا مع المرأة ورمزيتها وحراكها وفعالياتها.

الشخصيات النسائية

وفي محطة رائدة إضافية، يسجل للطوابعية الأردنية أنها الوحيدة بين مثيلاتها العربية التي كرّمت نساء عربيات لهن حضور وإجماع بارز في الوعي العربي الجماعي لمحطات مجيدة في التاريخ والحضارة الإسلامية، فصدرت ثلاثة طوابع (1981) تحمل عنوانًا رئيسياً: «نساء عربيات في التاريخ». كما حمل كل طابع منها عنواناً فرعياً ورسماً مختلفين وهي تباعاً: «بطولة خولة بنت الأزور»، و«تصوف رابعة العدوية»، و«أدب الخنساء». فمَن هن النساء المكرّمات؟

تمثل خولة بنت الأزور الأسدي رمزاً نسوياً للبطولة وهي بحسب السير شاعرة كانت من أشجع النساء في عصرها وتشبه خالد بن الوليد في حملاتها، وهي أخت ضرار، توفيت أواخر عهد عثمان بن عفان (رضي الله عنه) 35 هـ. وهي القائلة:

نحن بنات تبع وحمير
وضربنا في القوم ليس ينكر
لأننا في الحرب نار تستعر
اليوم تسقون العذاب الأكبر

قال النابغة الذبياني: «الخنساء أشعر الجنّ والإنس». وهي تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد السلمية. كانت شاعرة رثاء في عصر الجاهلية. عاشت أيضاً في عصر الإسلام، وأسلمت بعد ذلك، ومع قدوم عصر الإسلام، حرضت أبناءها الأربعة وهم عمرة وعمرو ومعاوية ويزيد على الجهاد، وقد استشهدوا جميعاً في معركة القادسية. وتعد الخنساء من أشهر شعراء الجاهلية، وقد قامت بنظم الشعر خصوصاً بعد رحيل أخويها. وطغى على شعرها الحزن والأسى والفخر والمدح.

وتمثل رابعة العدوية نموذجاً متقدماً للتصوف. وهي بنت إسماعيل العدوي. (ولدت حوالي 100 هـ). ذاقت مرارة اليتم الكامل، وخطفت وبيعت لأحد التجار القساة من آل عتيك البصرية، ولقيت رابعة ربها وهي في الثمانين من عمرها. وقد ظلت طوال أيام وليالي حياتها مشغولة بالله وحده، متعبدة في رحابه، طامحة إلى حبه.

مناسبات إضافية

  • فلسطين والنكبة:

وفي العام 1969، أنجز الأردن إصدارًا عنوانه «حياة اللاجئين والنكبة»، مؤلفاً من ثلاثين طابعاً بريدياً في إخراج وتصاوير رائعين وتلوين لافت وأخاذ. حلّت الشخوص في 18 طابعاً من طوابع الإصدار، وكان للمرأة أو المرأة والطفل/أطفال، نصيب في عشرة منها. أما الرجل أو الرجل والطفل/أطفال. فكان في اثنين، والعائلة في ثلاثة، والأطفال في ثلاثة. ففلسطين أصبحت منذ العام 1948 موضوعاً حاضراً في الطوابعية العربية، وأصدرت لها كل الدول العربية مذ ذاك إصدارات عدة بعناوين منها: «النكبة وحقوق اللاجئين» وغير ذلك. واللافت أن فلسطين رمز إليها بثلاث أيقونات كانت المرأة إحداها. فحضرت «المرأة» كصرخة استغاثة وتجييش للنخوة. وفي الإطار عينه، يمكن أن يدرج الإصدار المعنون «يوم الطفولة» (1970 - أربعة طوابع) والذي كُرّس للأطفال اللاجئين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الإصدار المعنون «مذبحة صبرا وشاتيلا» (1983 - خمسة طوابع) والذي تمثل بالضحايا من النساء والأطفال.

  • المنظومة الدولية

تفاعلاً مع المنظومة الدولية والأمم المتحدة ومنظماتها. يمكن أن نورد هنا الطوابع التكريمية والتي حضرت فيها المرأة / الفتاة من خلال التشكيل الطوابعي كمكون أساسي «جندري» يتفرع عمّا له صلة بالإنسانية.

فهناك الإصدارات المعنونة: «إعلان حقوق الإنسان» (1958 و 1988)، «السنة الدولية للتربية» (1972)، «اليونيسيف» (1972 و 1985)، «يوم المرور العالمي» (1977)، «يوم الممرضة العالمي» (1980)، «السنة الدولية للأسرة» (1944) و«المفوضية الإنسانية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين» (2000).

  • مناسبات عامة

تندرج في هذا الإطار أيضا مناسبات حلّت فيها المرأة/ الملكة بشكل بارز في التشكيل الطوابعي الأردني. فبرزت صورة الملكة نور على طابع تذكاري لمهرجان جرش (1977). وفي صورة جامعة مع جلالة الملك برزت صورة الملكة رانيا في طابع صدر بمناسبة المشاركة في معرض هانوفر العالمي (2000) . وفي المجمل، فقد حضرت المرأة في التشكيل الطوابعي في حيز واسع يتعلق بالأسرة والمجتمع ومناسبات أخرى متفرقة، وعلى سبيل المثال لا الحصر: شجرة الزيتون (2001).

***

وختاماً، تقتضي منا هذه القراءة أن نتوجه بالشكر لإدارات البريد المتعاقبة في المملكة الأردنية الهاشمية على هذه المبادرات. وأغتنم هذه المناسبة لأحيي المرأة الأردنية، وأخص بالذكر المرأة العاملة في المملكة التي تستحق - برأيي - تكريماً أكبر في إصدرات مقبلة. وأتمنى على كل إدارات البريد العربية أن تخصص إصدارات مميزة تعكس طبيعة الحراك النسوي في مختلف المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي بات للمرأة فيها دور متعاظم بفعل المكانة التي رسختها واستحقتها بجدارة عبر سنوات من المعاناة والنضال من أجل إثبات الذات والتأكيد على إنسانيتها المرهفة والمبدعة على حد سواء. إن الكيفيات المعتمدة لإنتاج الطابع، ومكوناته ومناسباته، هي وليدة التفاعل الحاصل بين قوى المجتمع الحية ومرجعيات السلطة التي تتبدل وتتأثر بمفاعيل التطور الاجتماعي والسياسي. هذا التداخل الوظيفي والمعرفي والثقافي ألقى بظلاله على التشكيل الفني للطابع الأردني، أسوة بكل الطوابع العربية والعالمية، وعلى التيمة الطوابعية في درجة متأخرة، فأتت الطوابع - التي أبرزنا هنا نماذج لها - على شاكلة هذا الانفتاح الثقافي ومتماثلة به. فهنيئاً للمملكة بنهضتها الطوابعية، وعسانا نفي مستقبلاً سائر دولنا العربية الشقيقة حقها الطوابعي.

 


هدى طالب سراج 





طابع يؤرخ للمشاركة الأردنية بمعرض هانوفر الدولي





تتويج جلالة الملك عبدالله الثاني والملكة رانيا العبدالله 1999 - الزفاف الملكي للملك حسين والملكة رانيا على طابع بريد 1955





شجرة الزيتون - حياة اللاجئين والنكبة 1969 - السنة الدولية للمرأة 1975 - تجمع لجان المرأة الاردنية 1997