النوم والأرق والسهاد. ما الحل؟

النوم والأرق والسهاد. ما الحل؟

النوم عملية فسيولوجية حيوية مهمة جدًا في حياة الإنسان، وعن طريق التمتع بالنوم الهادئ المريح والسعيد يستعيد الإنسان طاقته وقدرته ونشاطه الجسمي والعقلي والنفسي.

هناك كثير من الاضطرابات التي تصاحب عملية النوم، منها الأرق وضيق النفس والكوابيس والمشي أثناء النوم والكلام أثناء النوم وفزع النوم، أو قد يحدث العكس تمامًا كأن ينام الإنسان أزيد من اللازم. وهناك أمور كثيرة قد تؤدي إلى الانزعاج وعدم النوم من ذلك تناول المخدرات والخمور والكافيين أو الأدوية أو المنبهات، بل إن أدوية علاج الأرق هي نفسها قد تسبب للمريض مزيدًا من الأرق، فضلاً عن إمكان إدمانها.

والنوم حالة فسيولوجية لم يتم فهمها بعد فهماً واضحاً، تمتاز بالسكون النسبي وعدم الاستجابة الواعية للمنبهات بشكل كاف، والإنسان يحتاج إلى النوم بصورة طبيعية، وقد تكون وظيفة الحلم هي منع الرغبات اللاشعورية من إقلاق أو إيقاظ النائم، وقد يكون النوم حالة تشبه سكون الطفل على صدر أمه، وقد تكون كثرة النوم نكوصاً إلى المرحلة الفمية، أي عودة الإنسان إلى المرحلة الفمية، وهي مرحلة من مراحل النمو النفسي الجنسي، يجد الطفل فيها كل لذته من خلال فمه، فيضع فيه كل ما تقع عليه يداه.

وهناك نوعان من النوم هما النوم العادي، والنوم الذي تصاحبه الأحلام. وفي أثناء النوم الذي تصاحبه الأحلام يحرّك النائم جفون عينيه بسرعة، دون أن يفتح عينيه.

وفي هذا النمط من النوم، تكون موجات المخ الكهربائية بطيئة، والنوم الذي تصاحبه الأحلام يساعد الدماغ على تنظيم أحداث وتجارب اليوم السابق، تمامًا كما يفعل العقل الإلكتروني، فالمخ يعمل خلال النهار، وإذا كان ذلك صحيحًا ففكرة فرويد أننا نحلم لكي نحافظ على النوم، تنقلب ويكون الصحيح أننا ننام لنحلم ولكي يبرمج المخ نفسه وينظم المثيرات، التي استقبلها في حالة اليقظة.

والمسئول عن النوم مركز في المخ يوجد في المهاد أو المهيد بالمخ ينظم حالة النوم وحالة اليقظة.

اضطرابات النوم

ومن اضطرابات النوم حالة المشي أثناء النوم أو التجوال الليلي sleep-walking or somnambulism وهو عبارة عن استجابة انحلالية أو تفككية، وهي من أعراض مرض الهستيريا التفككية أو الانحلالية، وعن طريق المشي أثناء النوم، يخرج المريض الدفعات اللاشعورية المستهجنة اجتماعيًا أو غير المقبولة أخلاقيًا واجتماعيًا، يخرجها إلى حيز الفعل، وهو في حالة النوم. وحالة المشي أثناء النوم هذه يمكن علاجها عن طريق استخدام التنويم المغناطيسي، وهو، بدوره، حالة تشبه النوم تقل فيها رقابة الرقيب الداخلي.

ومن اضطرابات النوم كذلك حالة مرض النوم أو النوم أو التهاب المخ السباتي sleep sickness or encephalitis lethargica وهو عبارة عن التهاب حاد في المخ أو في عظامه، وتترك هذه الحالة آثاراً خطيرة في الشخصية، وقد تتطلب إيداع المريض المستشفى للعلاج.

النوم وأطواره

النوم sleep هو حالة دورية للإنسان والحيوانات العليا، وتمتاز حالة النوم بوجود تغيرات حيوية وحركية وبغياب النشاط الهادف والتفاعل الحسي مع البيئة. وفي حالة النوم يكف النشاط العقلي الشعوري. ويمكن تمييز نوعين من النوم هما:

أ - نوم تحدث فيه حركات سريعة لجفن العين أو ما يسمى بالنوم السريع.

ب - النوم البطيء أو ذلك النوم الذي لا تحدث فيه حركات سريعة لجفن العين.

وللنوم مستويات أو أطوار مختلفة. وفي حالة النوم يقل التوتر العضلي ويقل التنفس، وتقل ضربات القلب وعملية الإيض أو التمثيل الغذائي، وفي النوم البطيء، تكون موجات المخ الكهربائية منخفضة أو قليلة الذبذبات، ويصعب على الإنسان تذكر الأحلام التي يراها في مرحلة النوم البطيء، أي النوم بطيء حركات جفن العين بعد الاستيقاظ. وفي أثناء النوم البطيء قد تحدث حالة المشي أثناء النوم أو التجوال الليلي، وكذلك قد يحدث الكلام أثناء النوم، وكذلك قد تحدث الكوابيس عند الأطفال، ولكنهم لا يتذكرونها. ويقال إن هناك نحو 75 - 90% من الأفراد يحلمون أحلاماً مخيفة في أثناء النوم السريع.

ويمر الإنسان في حالة النوم بأطوار متعاقبة من:

النوم السريع × النوم البطيء

وذلك كل 60 - 90 دقيقة، وتتكرر هذه الدورات من 4 - 5 مرات في النوم الطبيعي ليلاً.

وفي الأشخاص الأسوياء يستغرق النوم السريع 20% من كل فترة النوم وقرب الصباح تصبح أطوار النوم السريع أطول، وأطوار النوم البطيء أقصر. وبعد الحرمان من النوم يستعيد النائم أولاً النوم البطيء ثم النوم السريع.

الأرق.. أو السهاد

حالة انعدام النوم، حيث لا يحتاج المرء إلى مغالبة النعاس، بل يبقى ساهراً طيلة الساعات التي يفترض أن ينام فيها الآخرون أي ساعات الليل. وتوصف هذه الحالة بالأرق إذا كانت مزمنة، حيث يعجز صاحبها عن النوم، فيقضي ليله كله أو بعضه مؤرقًا، وذلك إذا استمرت هذه الحالة على امتداد فترة من الزمن، وبذلك لا يدخل ضمن اضطراب الأرق الحالة أو الأحوال الطارئة التي يعجز فيها المرء عن الاستغراق في النوم.

والأرق insomnia or asomnia قد يكون استجابة أو حالة وقتية لإثارة أو اضطراب انفعالي كالقلق، وقد يكون الأرق حالة دائمة غير نمط نوم الفرد، ويرتبط الأرق الوقتي بالحالة الفيزيقية، كالشعور بالتعب أو الإرهاق الشديد أو تغيير مكان النوم أو موعده أو تغيير نوعية الأكل المعتاد أو كميته، أو تناول بعض العقاقير أو الأدوية التي تؤدي إلى الأرق خاصة المنبهات. ويؤدي القلق والخوف والشعور بالذنب والاكتئاب إلى الأرق، وقد يكون الأرق عرضاً بسيطاً، وقد يرتبط بحالات مرضية شديدة كالاكتئاب أو الهوس أي الولع الشديد بشيء ما أو بسلوك ما، وترتبط شدة الأرق بشدة الاضطراب الانفعالي وبخصائص الشخصية.

حالة الأرق من الشكاوى المتكررة في السن المتقدمة أو لدى كبار السن، فوفقًا لأحد الإحصاءات الأمريكية، وجد أن هناك 25% من مجموعة في سن 65 - 79 عامًا قرروا المعاناة من الأرق مقارنة بـ14% فقط في مجموعة بلغت من العمر 18 - 34 عامًا، وكان هناك 20 % يعانون، ولكن بدرجات خفيفة من الأرق.

من معظم حالات الأرق الشائعة بين كبار السن اليقظة في أثناء الليل واليقظة في الصباح مبكرًا، ووجود صعوبة في الدخول في النوم، ويصاحب ذلك شعور الشخص كبير السن بالتعب في النهار.

وهناك، بالطبع تغيرات فسيولوجية تحدث مصاحبة للتقدم في هذه السن. كبار السن ينامون ساعات أقل أو ساعات متساوية من ساعات نوم صغار السن، ولكن يحدث فيه نوع من الاضطراب أو القلق أو اليقظة، كذلك فإن كبار السن يجدون صعوبة أكبر في العودة ثانية للنوم. كبار السن ينامون ساعات أقل من مجموعة الساعات التي يقضونها في الفراش في الليل. وقد يعوض كبير السن هذا النقص وينام في النهار.

كذلك فإن كبير السن يمضي وقتاً أقل في ذلك النوم المعروف باسم النوم المصاحب بالحركات السريعة لجفن العين. ولا ينام خوفاً من النوم العميق الذي يحدث في المرحلة الرابعة لغير كبير السن.

وفي ما يتعلق بالفرق بين الجنسين في اضطرابات النوم لدى كبار السن، فلقد تبين أن الرجال يعانون منها أكثر من النساء. وهذا الفرق موجود أيضاً لدى صغار السن من الجنسين، ولكن بدرجة أقل.

ويلزم معالجة اضطرابات النوم لدى كبار السن بكل جدية، ذلك لأن الأرق وجد أنه مرتبط بارتفاع حالات الوفاة بين كبار السن.

أعراض الأرق

الأرق قد يصاحب كثيراً من الاضطرابات النفسية، أو الآلام الجسمية والعقلية. فقد يصاب به الفرد لأسباب وقتية مثل انشغال البال بكثير من المشكلات التي يعاني منها الفرد أو جراء المعاناة من الصراعات والتوترات والإخفاقات ومن ضغوط الحياة. وقد يكون الأرق مؤقتًا ينتهي بوصول الفرد إلى حل مشكلاته، وقد يصاحب الأرق بعض الأحوال الجسمية كالإحساس بالتعب والإرهاق أو الجوع والعطش، أو قد ينجم من تغيير مكان النوم أو مواعيده. وقد يكون الأرق في بداية النوم، حيث يجد الفرد صعوبة في الدخول إلى النوم.

وقد يكون الأرق في منتصف الليل بعد أن يكون المريض قد استغرق في النوم، ثم يستيقظ، ولكنه يجد صعوبة في العودة للنوم ثانية، وقد يحدث ذلك لمرضى السكر أو مرضى الاضطرابات البولية الذين يعانون من البول المتكرر في أثناء الليل.

وقد يصاب الفرد بالأرق من جراء تعوّده على تعاطي بعض الخمور أو المخدرات أو الأدوية المنومة أو المهدئة، حيث يعتمد عليها في الدخول إلى النوم، ولذلك يجد صعوبة في النوم من دون تعاطي هذه العقاقير أو تلك المخدرات، ويطلق على حالة الأرق هذه أيضًا مصطلح عدم النوم.

تزداد معدلات الإصابة بالأرق وضيق التنفس بين كبار السن، وقد يصاحب التقدم في العمر بعض التغيرات في فسيولوجيا النوم. ولكن مشكلات النوم أيضًا تصاحب اضطرابات أخرى مثل العته dementia والقلق والاكتئاب.

وقد تلعب عوامل نفسية واجتماعية دورًا في هذه الاضطرابات، مثل الشعور بالوحدة أو العزلة، والاضطرابات الخاصة بالنوم التي يعاني منها مَن يفقد شريكة أو شريك الحياة. الشعور بالقلق بسبب فقدان النوم والشعور بأن كبير السن لا حول له ولا قوة، وانعدام الشعور بالأمل حول انعدام القدرة على السيطرة على النوم. مثل هذه الظروف تضاعف من مشكلة الأرق لدى كبار السن.

ويلجأ الأطباء في علاج حالات الأرق إلى العقاقير المهدئة أو المنومة أو المسكنة، ولكن هناك مشكلات تنجم من الاستخدام الطويل لهذه الأدوية، من ذلك نمو حالة «الاعتمادية» على العقار، وهي شكل من أشكال «الإدمان». وكذلك التعرض لأعراض «الانسحاب» أي انسحاب العقار من متناول يد المريض، أو عندما يتوقف عن العلاج بالعقاقير التي قد تسبب الإدمان. ولذلك يلزم عدم الاستعمال طويل الأمد لهذه العقاقير أو عدم استعمالها إطلاقًا.

ولقد دلت الأبحاث في هذا الصدد على أن كبار السن أكثر قبولاً للعلاج النفسي من قبولهم للعلاج بالعقاقير، وعلى وجه الخصوص تطبيق منهج العلاج السلوكي. والحقيقة أن العلاج السلوكي وجد أنه يفيد المرضى كبار السن وصغار السن أيضًا.

وهناك محاولات لعلاج حالات توقف التنفس sleep apnea وتكشف الدراسات التي أجريت في هذا الصدد أن هناك نسبة تتراوح ما بين 52-24% بين كبار السن يعانون من 5 مرات أو أكثر من حالات انقطاع النفس في كل ساعة من ساعات النوم. ولقد تبين وجود علاقة بين انقطاع النفس في أثناء النوم والعته، وزيادة معدلات الوفيات بين كبار السن morality.

كذلك لقد تبين أن من بين أعراض مرض الزهايمر صعوبات النوم والشعور بعدم الراحة في المساء، ويجد المريض صعوبة في الاستغراق في النوم أو البقاء نائمًا.

فالأرق حالة مرضية مستقلة وقد يكون الأرق جزءًا من أعراض مرض آخر مثل الزهايمر أو العته العقلي أو القلق أو الاكتئاب.

اضطراب فقدان التنفس

وهو عبارة عن اضطراب في التنفس، حيث يتوقف تنفس المريض باستمرار لمدة ثوان، وقد تصل هذه النوبة إلى دقيقتين. مثل هذا الضيق في التنفس يعوق نوم النائم الطبيعي. وقد يؤدي إلى الشعور بالتعب والإرهاق، وبعض آلام العضلات وارتفاع في ضغط الدم عبر فترة من الزمن، ويرجع هذا إلى قلة وصول الهواء من جراء حدوث استرخاء في وظائف التنفس. وقد لا يشعر المريض بهذه الحالة إلا إذا صاحبها «شخير»، ومن ثم يلاحظها رفيق الحياة النائم معه snoring، وقد يشعر المرافق للمريض بالخوف من حدوث الأزمة. هذه الحالة تزداد بالتقدم في العمر. ولتشخيص هذه الحالة يلزم أن يقضي المريض ليله في المعمل لإمكان قياسه وتشخيص حالته، حيث يمكن قياس مجموعة من الظواهر أثناء النوم من ذلك:

- حركات جفن العين أثناء النوم.
- التنفس.
- التوتر أو الشد العضلي.

أسباب الأرق

الأرق يطلق على عدم القدرة على النوم بصورة مزمنة وليس وقتية chronic inability to sleep normally كما يظهر ذلك في إيجاد المريض صعوبة في الاستغراق في النوم أو في صورة يقظة متكررة بالليل أو في صورة الاستيقاظ المبكر صباحًا مع وجود صعوبة في استئناف النوم مرة أخرى. وفي معظم حالات الأرق يكون السبب:

- إما القلق.
- وإما الألم.
وبالطبع قد يرجع إلى الاثنين معًا.

والنظرة الحديثة الآن للأرق، أنه ليس اضطرابًا واحدًا، ولكنه عبارة عن مجموعة معقدة من الاضطرابات المترابطة، الأمر الذي يجعل من الأفضل استخدام اصطلاح اضطرابات الاستغراق في النوم أو الاستمرار فيه disorders of initiating and maintaining sleep .(DIMS)

ومن مظاهر الأرق تأخر الابتداء في النوم أو اضطراب النوم/اليقظة delayed sleep-onset.

أسباب اضطرابات النوم

والآن يمكن التمييز بين نوعين من اضطرابات النوم هي:

أ- اضطرابات النوم عضوية النشأة أو عضوية الأسباب، أي التي ترجع إلى أسباب أو عوامل عضوية organic sleep disorders، وترجع إلى أسباب عصبية أو فسيولوجية.

ب- اضطرابات النوم غير العضوية وترجع لأسباب نفسية psychogenic.

وقد تحدث الاضطرابات في كمية النوم أو في نوعيته أو في أوقات النوم. واضطرابات النوم غير العضوية قد ترجع لأسباب انفعالية.

اضطرابات فزع أو هلع النوم

يمتاز هذا الاضطراب بيقظة النائم من جراء حالة من القلق الشديد، ويعاني المريض في هذه الحالة من تصبب العرق ومن سرعة التنفس، وسرعة النبض، وبعد حالة التهيج هذه يشعر المريض بحالة غامضة من الفزع، وبها صور ذهنية تشبه تلك الصور الذهنية التي يعاني منها النائم في الأحلام dream-like-images، ويعجز المريض عن تذكر هذه الأحداث في الصباح. ويبدأ هذا الاضطراب في الغالب في مرحلة الطفولة.

وهناك تغيرات كثيرة تحدث مصاحبة للتقدم في السن تسبب الأرق بالإضافة إلى عدد من الأمراض، وتناول بعض الأدوية التي تسبب الأرق لدى كبار السن، وتعاطي الكافيين، وهناك المعاناة من الضغوط والقلق والاكتئاب، وقلة النشاط والحركة لدى كبار السن. ولعل هذا من أكبر الأسباب المؤدية للأرق، وكذلك وجود عادات نوم سلبية لدى كبار السن، كل هذه العوامل قد تسهم في الإصابة بالأرق لدى كبار السن.

من ذلك أن المزاج الكئيب يرتبط باضطرابات النوم لدى كبار السن، وخاصة عادة الاستيقاظ مبكرًا. ولقد لوحظ أن معدلات الأرق تفوق معدلات الاكتئاب لدى كبار السن. ولكن - بالطبع - لاترجع جميع حالات اضطرابات النوم في الشيخوخة geriatric sleep problems ترجع كلها للاكتئاب، بمعنى أن الاكتئاب هو فقط أحد الأسباب.

الآلام، وخاصة آلام المفاصل من الأسباب الرئيسة للأرق، وكذلك فإن اضطرابات النوم لها ارتباط بمرض الزهايمر أو حالات العته dementia. ومن الأشياء التي تزيد من مشكلة الأرق، كثرة التفكير فيها، وحصر عدد الساعات التي ينامها الفرد، وتلك التي ظل فيها مستيقظًا، وكذلك يجب الانتباه إلى أن بعض أدوية علاج الأرق قد تساعد في مضاعفة المعاناة من الأرق.

طرق علاج اضطرابات النوم

لقد لوحظ أن الأغلبية من كبار السن يتناولون أدوية لعلاج الأرق. ووجد أن هناك 06% ممن يستخدمون هذه المعالجات ممن تجاوزوا سن الخمسين عامًا. ولكن من المؤسف أن معظم أدوية اضطرابات النوم سرعان ما تفقد فاعليتها، بل إنها قد تجعل النوم خفيفًا ومتقطعًا.

الاعتماد على العقاقير المسببة للنوم من العادات السلبية، والاعتماد على الدواء يصبح إدمانًا، ويؤدي إلى الأرق وليس إلى العلاج. هذه الأدوية قد تسبب بعضًا من المتاعب في عملية التنفس، مما يؤدي إلى زيادة معدلات ضيق النفس أو انقطاع النفس.

المهدئات ليست علاجاً ناجحاً للأرق للمرضى في جميع الأعمار، وبالذات بالنسبة للمرضى كبار السن. وذلك بسبب الآثار الجانبية للمهدئات، ومن ذلك صعوبة تعلم معلومات جديدة، وصعوبات في عملية التفكير بوضوح في اليوم التالي للتعاطي.

ومع ذلك، فإن بيوت الإيواء تصفها للمرضى، بل إن بعضها يقدمها في كل ليلة للمرضى حتى الذين لا يعانون من الأرق.

وهناك هرمون الميلاتونين melatonin pineal gland الذي تفرزه الغدة الصنوبرية، وينظم النوم، وهذا الهرمون يقل إفرازه بالتقدم في السن. ولذلك يعطى لعلاج الأرق لدى كبار السن، ويحقق قدرًا من النجاح.

وهناك بعض الأشخاص الذين كانوا يعتقدون أن تعاطي قدر من الكحول قبل النوم يساعد على الاسترخاء، ومن ثم النوم، ولكن تبين أن هذا الوهم غير صحيح، بل إنه يسبب الشعور بالتعب، وضعف القدرة على التفكير في اليوم التالي للشرب، إلى جانب خطورة تكوين عادة «التحمل أو الاحتمال» لتعاطي كميات متزايدة باستمرار في كل ليلة tolerance حيث يضطر المتعاطي إلى تناول المزيد لإحداث التأثير نفسه الذي يرغب فيه.

ومن الخطورة بمكان أن يخلط كبير السن الكحول مع بعض العقاقير المهدئة أو المنومة sedatived or tranquilizers مثل هذا الخليط قد يؤدي إلى الوفاة.

بعض معالجات ضيق النفس sleep apnea تتضمن أن يرتدي المريض قناعًا في الأنف anasal mask يتصل بجهاز يساعد على انسياب الهواء في الزور. هذه المعالجة تبين أنها مفيدة في العلاج من المعاناة من ضيق النفس، كذلك فإنها تقلل من معدلات الشخير العالي loud snoring مما يساعد في تحسين العلاقة بين المريض وزوجته.

في بعض الحالات قد يتم التدخل الجراحي لتوسيع الممرات الهوائية airways في خلف الزور.

وفي جميع الأحوال، فإن معرفة ظروف النوم في حالة التقدم في السن والتغيرات التي تصاحبه في هذه السن كجزء طبيعي من التقدم في السن، مثل هذه المعرفة تقلل من نسبة القلق لدى كبار السن.

كذلك فإن المعالج قد يهوّن أو يخفف من حالة عدم النوم بين الحين والحين، لأن ذلك لن يؤدي إلى أي خطورة، وقد يخفف من حالة الشعور بالخوف من قلة النوم، وقلة القلق حول النوم تساعد على النوم. ومن الأمور المفيدة علاج حالات القلق والاكتئاب، لأن مثل هذه المعالجات تساعد في حصول النوم الطبيعي.

وهناك حالات يتم تدريبها على الاسترخاء لمساعدتها في الاستغراق في النوم، ولمساعدتها في تكوين عادات جيدة في ما يتعلق بالنوم. من ذلك التعود على الاستيقاظ في ساعات محددة في كل يوم، وتحاشي ممارسة بعض الأنشطة قبيل النوم، والتي تتعارض مع الرغبة في الاستغراق في النوم، وعدم الذهاب إلى الفراش، إلا عند ساعة النوم نفسها، وعندما يشعر الإنسان بالرغبة في النوم، وإذا عجز الإنسان عن النوم، يترك غرفة النوم، ويذهب إلى غرفة أخرى.

التدريب المنتظم يساعد في ذلك.

هذه الأساليب تفيد في علاج الأرق لدى جميع الأعمار. كان الأطباء في الماضي يعتقدون أن العلاج بالعقاقير هو أكثر المعالجات فاعلية لمشكلات أو اضطرابات النوم في المرضى كبار السن. ولكن الدراسات الحديثة أوضحت أن العلاج بغير العقاقير أكثر فائدة لهؤلاء المرضى، من ذلك استفادة كبار السن من العلاج السلوكي المعرفي أو العلاج السلوكي العقلاني، بل إن هذه المعالجات أفضل من العلاج بالعقاقير.

من المعالجات التي اتضح فائدتها تعليم كبار السن المعلومات الخاصة بحالة النوم وظروفها لدى كبار السن، والتعليم حول الصحة النومية أو صحة النوم sleep hygiene، وتصويب الأفكار والتوقعات الخاطئة حول النوم، وممارسة العادات الجيدة في النوم، والتدريب على الاسترخاء، ولقد تبين أن العلاج السلوكي أكثر فائدة، وأن آثاره تظل باقية لفترة أطول من الزمن مقارنة بالعلاج بالعقاقير.

 

 

عبدالرحمن محمد العيسوي