المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية

متحف

بريطانيا تشيد بيتا للساخرين من فنانيها!

لأن دعوتنا لزيارة العاصمة البريطانية كانت من أجل هدف محدد ألا وهو تدشين أول معرض لفن الكاريكاتير العربى تقيمه جريدة الجارديان العريقة بمشاركة المجلس الثقافى البريطاني وهيئة الإذاعة البريطانية وفنان كبير هو ستيف بيل، الاسم الأشهر في ساحة الكارتون أو فن الكاريكاتير البريطاني، الذي يرجع إليه الفضل في تمكين العرب من عرض منجزهم في هذا الفن عبر المعرض الذي حضرنا افتتاحه واستمر بمقر الجارديان حتى الثامن عشر من يوليو المنصرم، فقد كان من الطبيعي أن يضم برنامجنا المكثف جداً زيارة (متحف الكاريكاتير البريطاني Cartoon Museum) الذي يقع فى قلب لندن على مرمى حجر من صرح ثقافي شهير هو (المتحف البريطاني).

ومتحف الكاريكاتير هذا يفتح أبوابه للجمهور طوال الأسبوع عدا الاثنين؛ مجانا للطلاب والشباب ممن هم دون الـ 18 سنة، ومقابل أربعة جنيهات إسترلينية للكبار عند كل زيارة، وثلاثة جنيهات عند حضور المحاضرات.

وقد زرته بصحبة مجموعة من أنبه رسامي الكاريكاتير في العالم العربي:على فرزات (سورية)، وعبد الله صايل، ويزيد الحارثي (السعودية)، وجلال الرفاعي (الأردن)، فضلا عن الزملاء: عارف حجاوي، ابن البي بي سي الذي انتقل إلى شبكة الجزيرة مديراً للبرامج، وزافين فيوميجان، الكاتب ومذيع برامج التوك شو بتليفزيون المستقبل، وأيضا باتريك هوسون، منسق برنامج زيارتنا، ومرافقتي نانسي مفيد، مسئولة البرامج بالمجلس الثقافي البريطاني بالقاهرة.

ومتحف الكاريكاتير البريطاني- الذى فتح أبوابه للجمهور قبل عامين لأول مرة فى الثالث والعشرين من فبراير - لا يزيد على مبنى من طابقين، يستقبلك فور دخولك من بوابته الصغيرة مكتب استعلامات إلى اليمين، يقابله ركن لبيع الكتب والمجلات المتخصصة في الكاريكاتير، وكذا أكواب الهدايا، والبطاقات البريدية (الكارت بوستال) وغيرها من التذكارات التي تحمل شعار هذا المتحف الفريد.

وما إن تعبر القوس المفتوح فى الحائط المتاخم لمنطقة الاستقبال حتى تجد نفسك داخل هذا المعرض الكبير الذى يضم أعمالاً أصلية فى فن الكاريكاتير والرسوم الساخرة، وكذا الرسائل المرتبطة بهذا الفن والمخططات والرسوم الأولية وما يطلق عليها اسكتشات مشاهير الفنانين، وهي في مجموعها تغطى تاريخ هذا الفن وتطوره منذ القرن الثامن عشر وحتى هذا اليوم.

وقد أوضحت لنا مرشدة المتحف- التي تتمتع بقدر عالٍ جداً من الثقافة والإلمام بفن الكاريكاتير وتاريخه وأعلامه- أن هذا المتحف يضم أيضاً بعض الكتب النادرة والمراجع التي توثق أعمال مشاهير رسامي الكارتون والرسوم المتحركة على مر العصور بالإضافة إلى مجموعة مختارة من اللوحات الأصلية التي تعود إلى القرن الثامن عشر، وعندما استفسر منها عن العصر الذهبي لفن الكاريكاتير البريطاني تشير دليلتنا الشابة إلى ملصق يحمل هذه العبارة (احتفالية عيد ميلاد بينو وداندى)، وهو المعرض الذى انطلق فى اليوم الأخير من يوليو الماضي ويستمر حتى الثاني من هذا الشهر (نوفمبر) ليحتفي بمرور 70 عاماً على ميلاد عبقريتين أسهمتا فى إمتاع الأجيال من الناشئة فى بريطانيا، وتوضح كيف أن الخمسينيات من القرن الماضي يمكن أن تعد العصر الذهبي لهذا الفن فى بريطانيا العظمى على اعتبار أن أعمال فناني تلك الفترة أسهمت فى إثراء الوجدان الجمعي لهذا الشعب، بل وألهمت العديد من فناني الكاريكاتير والرسوم المتحركة فى الفترات التالية.

وقد شهد عقد الخمسينيات من القرن الماضي ابتكار مجموعة من الشخصيات الكارتونية الكلاسيكية التي لايزال بعض منها يعيش بيننا حتى اليوم مثل: Dennis the Menace,the Bash Street kids,Minnie the Minx,Roger the Dodger.

وتتزامن تلك الحقبة مع تحقيق أرقام قياسية لأعلى مبيعات الرسوم الكارتونية، ففي الأسبوع الذى بدأ بيوم 22 أبريل 1950 باع (بينو) 147972 نسخة، وظل محتفظا بنحو مليون ونصف المليون نسخة على امتداد ذلك العقد كمتوسط مبيعات.

ولعل أهمية هذا المعرض تكمن فى أنه يتيح لرواده فرصة للتعرف على تطور الشخصيات الكارتونية في تلك البلاد على امتداد ثمانية عقود. ويكشف كيف تطور فن الجرافيك بشكل ملحوظ لكي تتلاءم الشخصيات والرسوم مع تطور الذائقة الجمالية عند المتلقي بفعل التطور المتسارع في حياتنا العصرية، وكذا يوضح كيف أن الأطفال لايزالون يعشقون المشاهد التي قد تتسم بالشيطنة والعنف التي تتجدد أسبوعياً فى سلاسل (بينو وداندي). وفي جولتنا داخل المتحف تلفتني لوحة تنتقد التعذيب فى معتقل «جوانتانامو» وأخرى تجسد ويلات الحروب وكوارثها.

وما إن نصعد درجات السلم لنصل إلى الطابق العلوي من المتحف حتى نلمح المساحة المخصصة لورشة المبدعين ومدرسة رسامي الكاريكاتير الشباب التي فتنت مرافقينا من كبار فناني الكاريكاتير فى العالم العربي، فإذا بهم يسارعون إلى اسكتشات الهواة وأقلامهم ليسجلوا انطباعاتهم داخل هذا المتحف الفريد.كما يتيح المتحف لرواده فرص تعلم رسم الكاريكاتير والتحريك (الرسوم المتحركة) سواء للأطفال أو البالغين، ولا ينسى الأسرة فينظم لأفرادها حفلات يغلب عليها طابع المرح والدعابة.

ونخرج من الورشة لندخل مكتبة الاطلاع على الكتب والمراجع المتخصصة في (comics) أو الرسوم الساخرة، وهى بالطبع غير المكتبة الموجودة بالطابق الأرضي التي تحمل اسم (The Heneage Library) وقوامها ثلاثة آلاف كتاب تعد أهم ما صدر في العالم في مجال هذا الفن، ولا يسمح بزيارتها إلا للراغبين في البحث ولكن وفق موعد مسبق.

ويسهم هذا المتحف مع هيئات ثقافية بريطانية أخرى فى منح عدة جوائز تهدف إلى تقدير عطاء فناني الكاريكاتير الكبار مثل (جائزة إنجاز العمر)، أو تتغيا تشجيع المواهب الشابة مثل جائزة (The Cartoon Art Trust Awards) لمن هم تحت 18 سنة أو دون الثلاثين من العمر، هذا فضلاً عن (جائزة بونت) التي تخصص للرسامين الذين ينجحون فى سبر أغوار الشخصية البريطانية.

ومما يجدر بالذكر أن الفنان الذى تحمل هذه الجائزة اسمه عاش في القرن الماضي ما بين عامي 1908 و 1940، ورغم أنه لم يعمر أكثر من اثنتين وثلاثين سنة إلا أنه خلف وراءه صرحاً من الرسوم التي تجسد خصوصية الحياة فى بريطانيا فى الثلاثينيات من ذلك القرن.

ويحرص أوليفر بريستون، رئيس مجلس الإدارة، على أن يوضح أن الكارتون ميوزيم قد أصبح بالفعل بيت الرسامين ممن يمتلكون القدرة على التعبير بلغة أقوى من الكلمة المكتوبة، وأنه قد حان الوقت لكي توثق بريطانيا تراثها المتناثر فى هذا الفن الذى يمتلك القدرة على الوصول إلى البشر بغض النظر عن لغاتهم وأجناسهم.

مصطفى عبد الله

متحف

بيت نجيب محفوظ ومزاره

أسير منذ ما يقارب الأربعين عاماً على هذا الطريق، وما من مرة واحدة كنت هناك إلا ونظرت - بحسد - للزرع الكثيف الأخضر الذي يحيط بشباك كبير في شقة «نجيب محفوظ» بالدور الأرضي في شارع النيل - أصبح أسمه الآن شارع «نجيب محفوظ».. كانت حديقة زرع مركز تنبت في الربيع زهوراً فاتنة الألوان لتصبح حديقة ورد مركز على حد تعبير «محفوظ» في واحدة من قصصه.. ظل السياج الأخضر المنسق أخضر ومنسقاً على مدى عام بعد رحيل كاتبنا الكبير وكانت الحراسة المخصصة له منذ محاولة قتله عام 1994 لا تزال تعسكر في ظل هذا الزرع الجميل.

فجأة اختفت الحراسة وتزامن اختفاؤها مع اصفرار الأوراق الخضراء التي أخذت تتساقط حتى في الربيع الماضي، شعرت بحزن غامرحين رأيت هذا المشهد وكأن قطعة من نفسي قد جرى انتزاعها إذا لم أتوقف أبداً عن النظر إلى شرفته كلما مررت.

لم يعد أحد يعرف فربما كانت زوجته السيدة «نعمة الله» قد أصابها وهن الشيخوخة فكفت عن الاعتناء بالزرع، ولكن أين ابنتاه؟.. ليس على رصيف الأزهار من يجيب.. وهو اسم رواية للجزائري «مالك حداد» أستعيره بما فيه من ألم تعبيرا عن غصة أشعر بها كلما مررت بالشارع الذي اعتاد «محفوظ» أن يسير فيه على النيل في الصباح الباكر من كل يوم ولم يتوقف إلا بعد الطعنة الغادرة في رقبته التي كادت تودي بحياته لأن متطرفاً مهووساً دينياً سمع من بعض من يسمون أنفسهم بالدعاة أن «نجيب محفوظ» كتب رواية كافرة تدعي «أولاد حارتنا» فقرر أن يقتله وذلك دون أن يقرأ ذلك المعتدي الجبان، ولم ينج كاتبنا من موت محقق إلا لأن بيته لا يبعد إلا خطوات عن مستشفى الشرطة، كأنما مات محفوظ مع موت الزرع بالنسبة لي رغم أنه يعيش في وجداننا جميعاً حياة أغنى وأكبر من أحياء كثيرين يدبون على الأرض.

يعيش «محفوظ» لا في رواياته وقصصه فقط، التي تحول معظمها إلى أفلام أصبح بعضها علامات فارقة في تاريخ السينما المصرية وتطورها، وإنما أيضا في ثلاثة أجيال من المبدعين تتلمذوا على مفردات عالمه وتقنياته في الكتابة، وتأثر بعضهم بنموذجه الأخلاقي والسلوكي الرفيع، بينما تأثر آخرون بدأبه وانضباطه وثقافته الواسعة وتطلعه الدائم إلى التجديد الذي فاجأ الأجيال التالية له.

حين زرت مدينة «فايمر» في ألمانيا قبل سنوات صحبتني مرافقتي إلى بيت الشاعر «جوته» الذي تحول على صغره إلى متحف بديع.. فشاهدت السرير الذي نام عليه وقضى آخر أيام عمره فيه، والساعة في غرفة النوم وقد توقفت عقاربها عند لحظة وفاته، والأقلام التي كان يكتب بها، ومكتبته والمكتب والكرسي الذي كان يجلس عليه وآخر ورقة كتبها بخط يده وعصاه التي كان يتوكأ عليها في شيخوخته والجرامفون الذي كان يسمع منه الموسيقى.. ثم حديقته التي أجرى فيها دراساته كعالم نباتات، وزرع فيها أنواعا أحبها وعرف خصائصها.

حينها شعرت بالأسف لأن الفيلا التي عاشت فيها «أم كلثوم» آخر أيامها وفيها أشياؤها وأنفاسها حولها ورثتها إلى فندق في جزيرة الزمالك في منطقة ساحرة على النيل، وذرا للرماد في العيون - كما يقال - أطلقوا عليه اسم فندق «ام كلثوم» بينما كان بوسع الحكومة أن تنزع ملكية «الفيلا» للنفع العام وتدفع ما يطلبه الورثة من أموال.. وتحولها إلى متحف ومزار أسوة بما تفعله الحكومات بتراثها الثقافي وبيوت أعلامها.

وأطلق من على هذا المنبر دعوة لتحويل بيت «نجيب محفوظ» إلى متحف بعد رحيل زوجته - أطال الله في عمرها - بدءا برعاية الزرع في انتظار ربيع آخر تزهر فيه الورود.. لتعرف الأجيال الجديدة أن كاتبنا الكبير قدم إبداعه الثري في هذا المنزل الصغير الذي اختاره على النيل، وتتأمل في المكان الذي كتب فيه أعماله التي كتبها في غرفة الطعام، وتنظر في مكتبته وأفلامه وكتبه لعلها تتعلم من سيرته الفذة. ويتحول البيت الصغير مزاراً.

فريدة النقاش

بورتريه

عبدالفتاح كليطو: جاحظ مشتغل بتكملة الغناء المقطوع في فجوات السرد العربي

يجب أن يكون ذلك الرجل قد فرَّ من بغداد بعدما فسدت الأمور في دواوين الخليفة ونهبت وشوهت الترجمات. فرَّ بمحبرته وما حفظه من كتب، فرَّ بوحدته، وعمل لدى الأندلسيين متكتماً على دينين ولغتين وآلاف الأسرار.

في بغداد لا عارك السياسة ولا السياسة عركته. لا لاطف والياً ولا كتب في ديوان، بل يترك أوراقه للدواوين بلغة أخرى ولا يطرق أي باب سوى أبواب معرفته وقصده. ظل أمام نافورة سرده في باحة منزله يزرع في السرد ما لا يزرع ويسد الفجوات في «لسان آدم» متأملاً «بابل» و«برجه»، وناثراً أوراقه ما بين الشام وبغداد واليمن ولا تهمه حجج الملوك، يمشي في تأويله إلى آخر حدود، الغناء كحاد فرَّ من قبيلته كي يرتب لدى الأندلسيين ما سمعه من كل شوارد الغناء متخذاً السرد سبيلا. زائر لجنَّات السرد دون أن يسلخ من أي عبارة أو حادثة عطرها الخاص بزمنها. أمين إلى حد القسوة على زمنيه الكتابة ودقة قولها دون تحايل من يريد أن يسود الأوراق بكتابة تعين على الرزق، سد كل أبواب الرزق أمام الكتابة، وفتح كل أبواب التأمل والإنصات لزمن كان هناك للكتابة بعيداً، زمن يعيشه - هو - ويتأمله. هو يصنع غناءً خالصاً في فجوات السرد العربي، يصنع دلعاً خاصاً به، ولعاً خاصاً به، شدواً خاصاً به، غناء شجيا وشحيح النبرات ورقراقا،، وإيقاعا خفيضا لغناء ما هناك. رجل جالس يعزف لنفسه ويسمع لنفسه ويغني لنفسه وسط رمال صحراء السرد العربي المتاخمة لكل الأرومات والبلدان من عجم وبدو رحل وتركمان وشركس وشوام وزنج وحضارات غائرة تطل برؤوسها تارة في انتصار ثم تختفي ثم تعود دون أن تفقد الغناء وإثراء طاقة السرد واتساع المتاهة. كليطو هو المتأمل الطيب لتلك المتاهة، وكأنه الراهب الذي كلف نفسه بذلك دون أن تمد له الكنيسة يد العون ودون أن تستنكر عليه بحثه لأنه رمى دماء الكراهية والقتال والأيديولوجيات من زمن خلف ظهره في بغداد. رجل جالس وسط رمال صحراء السرد يخلط دم الجاحظ بدموع ابن المقفع بلسان آدم ببرج بابل دون أن يتعثر اللسان أو تتناسل الأكاذيب في حبره. رجل نظف أدواته وربطها بعنقه تماماً وربط العنق في روح غناء السرد وتنوعه وغناه السامع دون أن يتوه في المتاهة ودون أن تغلبه الأسرار، فقدم سراً آخر أشد دفئاً من السر الأول في صورة نقد، ولكنه نقد أسياد الكتابة لا عبيدها. نقد الحداة العظماء الأصفياء للحن الكتابة الخبيث والساحر. ينصت «لألف ليلة وليلة» وكأنها تحكي إليه من كاتبها، من فمه، من تعثرات فمه هو، لا من الكتب، وينصت لألفاظ أول الخلق ولتمائم الكتابة وأحجيتها وتطوحاتها والغائب منها في البحر، والمقطوع من اتصال بإذن وقلب عازف وناسك يعرف مرامي السرد. يدخل الغابة شهراً ويعود بصيد قليل. فك أسد، ذيل نعامة، عظام ظهر لبؤة، ريش صقر، رماد عنادل جفت، وخاتم ملك. يتأمل الأصوات التي خرجت مع أذنه من الغابة ويتأمل غناء الحادي في خراسان أو اليمن أو بر الشام، يقارن ما بين المتشابهات في لون الطيور، ويدرس طيبة كل الطيور المتشابهة في كل القارات ويسمع غناء الألسنة، وفي النهاية يُطهّر ما صاده للسماء ويبدأ في الغناء/ الكتابة/ النقد، وكأنه ينقد ما لا يُنقد، وكأنه يصيد ما لا يصاد، وكأنه يبث الغناء في طيور محنطة فتنطق بالكلام. كلام لا كببغاوات. ولكنه متاهة جميلة لطائر عذب فر من الأندلس، متاهة جميلة لرجل دخل الغابة كلها وانتقى هذين الطائرين فقط دون ملايين الطيور، فماذا كان قد رأى فيهما دون كل تلك الملايين التي تغرد في كتب العرب والعجم قديمها وحديثها. لا نعرف سوى أن ذلك الرجل يحب ما يأسره من غناء، يحب رحلته في السرد وكأنه صيَّاد يمشي في الغابة بفخ يعرف طائره من صوت غنائه وفي الليل يعود وحيداً لبيته في الأندلس بلا طيور.

عبد الحكيم حيدر

موسيقى

الشيخ خميس الترنان علامة الموسيقى التونسية

البداية كانت هناك من الأندلس وقصة الهجرة كرهاً وطوعاً إلى الضفة المقابلة للبحر الأبيض المتوسط حيث استقرت إحدى العائلات الأندليسة المشبعة بالحلم والمأساة والفن ببندقية إفريقيا مدينة بنزرت في أواخر القرن السابع عشر الميلادي وعُرفت بين الناس بعائلة «الترنان» لعشق أفرادها الترانم والموسيقى. وجاءت سنة 1894 ورزق الشيخ النسّاج والمنشد الصوفي علي الترنان «بحومة الرابع الجديد» بابن ذكر أسماه على بركة الله «خميس» فألحقه باكراً بالكتّاب، فحفظ ما تيسر من القرآن. ثم بالمدرسة الابتدائية فأبدى الفتى فيها شغفاً بعالم الأنغام ولم يلق تشجيعاً من مديرها آن ذاك الأديب عبدالرحمان فيفة الذي رآه يعزف على آلة نفخ أصطلح على تسميتها «الفحل» خوفاً على مستقبل الفتى لتدني الأخلاق الفاضح لأغلب العاملين في الميدان الموسيقي في ذلك الوقت وسيطرة اليهود عليه.

وأخذ الفتى خميس نهج أبيه الشيخ علي وعمه الشيخ محمد في مجال الإنشاد الصوفي بطرقه كالسلامية «والعيساوية».. إلى غاية سنة 1917 عند استدعائه للخدمة الإلزامية بمرسيليا الفرنسية وكانت الأيالة التونسية تخضع لاستعمارها منذ سنة 1881. ورحل الشاب خميس الترنان إلى العاصمة تونس وشاءت الأقدار أن أحيا سهرة لصهر محمد الناصر باي الذي تدخل له عند صهره فأعفاه من الخدمة الإلزامية بعد أن أبهر بموهبته.

واستقر خميس الترنان بالعاصمة تونس وراح يحيي حفلاته بمقهى قرب «سيدي البشير» ثم مقهى «المرابط» وعرف باسم «البغدادي» لنبوغه في هذا النمط الغنائي وحذقه العزف على العود الشرقي وكان يؤدي أعمال المشايخ يوسف المنيلاوي وسالم الكبير ومحمد عبدالرحيم والمسلوب أستاذ عبده الحمولي المصري وغيرهم مع فرقته التي كونها ونظم ضابط ايقاع «الرّق» أحمد الدويلي (القروي) أهم تلاميذ الشيخ محمد بلحسن.

سنة 1928 سافر الرنان رفقة الفنان محمد عبدالعزيز العقربي إلى «برلين» وقد زارها بالمناسبة مرتين في رحلة عمل فقام بتسجيل أعمال فنية مغاربية من أغاني تونسية وطرابلسية ووصلة جزائرية «حرمت بيك نعاسي» وأدوار مثل «إذا جيش الأحباب» سنة 1930 كان لقاؤه بالشيخ علي الدرويش الذي دعاه البارون، ديرلانجي لإعداد الموسوعة التي دونها المنوبي السنوسي فتعلم منه الترنان الترقيم الموسيقي.

وكانت سنة 1932 حيث شارك في فعاليات مؤتمر الموسيقى العربية بالقاهرة ضمن وفد ترأسه المؤرخ حسن حسني عبدالوهاب فاستثمر المناسبة وسجل عددا من النوبات المألوف والاستخبارات والأغاني الحضرية والبدوية و«العُدُويتات» وأغاني الأفراح وأنماطا شتى من الموسيقى التونسية وقد ضمت الفرقة كلا من محمد غانم بالدبا، الشيخ بن عارفة علي الدّق، خميس العاتي بالنغرذان (آلة إيقاعية وتسمى محليا بالنغرات) ومحمد العقداني و«دودغان».

فور التحاقه بالراشدية سنة 1934 سعى الترنان إلى تخليص المألوف من الشوائب العالقة به من الاسفاف والمجون ومحاولات جرّه إلى طريقة الإنشاد الطرقي. وقدمه في صيغة فنية واجتماعية راقية. واجتمع الشيخ مع الدكتور صالح المهدي - زرياب تونس - سنة 1940 حين تعيينه بالمعهد الرشيدي على مراجعة ثلاثة عشرة نوبة مألوف في تقويم شامل للألفاظ والموسيقى والإيقاع. كما عمد الشيخ والدكتور إلى تعليم الموسيقى بالمعهد الرشيدي والمعهد القومي للموسيقى مع ثلة من الأساتذة أبرزهم الفذا محمد التريكي والإيطالي نيكولا بونورا. وكان الترنان أبرز من تعلم وعلم وعزف آلة موسيقية كالعود الشرقي، والعود التونسي (ويسمى محلياً عُودْ عَربي) والقانون و...

لم تمنع الشيخ الترنان مشاغله العديدة في الاصلاج الشامل الذي قام به في الراشدية وعمله في فرقة الإذاعة حين أشرف على تمارين المجموعة الصوتية التي ضمت أجمل الأصوات التونسية، لم تمنعه من الحب والزواج وكانت له قصة من ألف ليلة وليلة أثبت فيها شيخنا وفاء نادرا حين مرضت زوجته بعد سنتين فقط من زواجهما ولازمت الفراش إلى تاريخ وفاتها سنة 1950 ولم يتزوج بعدها أبداً.

الشيخ الترنان كان جادا في عمله بل مجددا قدم للناس عصارة وجدانه بأسلوب جد متميز بفضل ثراء تجربته وتفتحه على أنماط موسيقية عدة من الطابع الشعبي إلى الأغاني الخفيفة إلى القصيد إلى المألوف والموشح وأبدع في مزج الإيقاعات والنغمات والطبوع التونسية والمقامات الشرقية بكثير من الحرفية والتميز. عالج المالوف وأضاف لنوباته من ألحانه وكلمات طاهر القصار «نوبة الخضراء» يتغنى فيها بسحر الخضراء تونس ووشح صدرها بعذب التوشيح مثل: بالهوى قلبي تعلق ومن رنة العيدان.. وأزهر بستانها بقصيد بازهرة وقدم الربيع وأبدع في هجر الحبيب وقف بالمنازل وأنوح فتسخر من أدمعي.. وغنى لها وتغنى بصوت «صْليحة» و«نعمة» و«عائشة».. بأروع الأغاني مثلا: تونس يا بلاد الأنس - ليعتني بشهد الهوى يا دوحة» - غزالي نفر - حزت البهاء والسرّ - مُحال كلمة آه - غني يا عصفور - أم الحسن غنات - شرع الحب.. ولا مشاغله المجال لذكر أحلى الأغاني وسحر نغماته ودقة أشعار الهادي العبيدي والطاهر القصار وأحمد خير الدين ومحمد سعيد الخلص، عثمان الغربي، محمد المرزوقي مصطفى آغا، الشيخ العربي الكبادي، بالحسن بالشاذلي جلال الدين الفقاش، مصطفى خريف الهادي ذهب ولكم أن تعذروني إن نسيت ذكر أي مبدع».

الشيخ الترنان لم يجن من دنياه مالا ولا بنين فأغدق إحساس الأبوة على تلاميذه فلم يبخل عليهم بشيء ولم يحتفظ لنفسه بشيء وكان من أبرزهم «مشموم الموسيقى التونسية» الطاهر غرسة الذي اورث بدوره خلاصة موسيقانا إلى خلفه الصالح الفنان زياد غرسة.

بشير جبالية

محاضرة

جذور الصراع واحتمالات السلام

بدعوة من جماعة «كنديون من أجل السلام والعدالة في الشرق الاوسط» ألقى الدكتور نورمان فينكلستين، أستاذ العلوم السياسية والكاتب والمفكر اليهودي الشهير، في قاعة معهد انتاريو للدراسات التربوية بمدينة تورنتو في كندا محاضرة متميزة بعنوان «فلسطين وإسرائيل: جذور الصراع واحتمالات السلام». وكان اسم المحاضر وشهرته داعيا كافيا لكثافة الحضور وتنوعه. في تناوله للماضي، يبحث المحاضر قضايا الحدود والاستيطان والقدس. وعن الحدود أورد نصوصا من القانون الدولي تعتبر احتلال أراضي الغير بالقوة عملا غير شرعي وكل ما ترتبه عليه دولة الاحتلال انما هو عمل باطل. ثم أورد نصوصا من قرارات مجلس الأمن التي تؤكد على عدم شرعية احتلال دولة الاحتلال للأراضي الفلسطينية. وكشاهد على اقرار دولة الاحتلال ذاتها بأن الأراضي التي تحتلها تعود للفلسطينيين فانها تسمي الأراضي المحتلة بالأراضي الفلسطينية المحتلة كما انها لم تجز أي تسمية أخرى. اما عن الاستيطان فقد ذكر ان الفقرة 49 من اتفاقية جنيف تقول «يمنع على القوة المحتلة أن تنقل سكانها إلى الأراضي التي احتلتها»، وقرارات مجلس الأمن تعتبر الاستيطان في الأراضي المحتلة يشكل خرقا فاضحا للقانون الدولي. أما عن القدس الشرقية فإذ تعتبر دولة الاحتلال الإسرائيلي القدسَ كلها عاصمتها الابدية، فإن المحكمة الدولية اعتبرت، مرارا، القدس الشرقية اراضي فلسطينية. وتطرق إلى جملة الإدانات التي تلاحق دولة الاحتلال الإسرائيلي بسبب بنائها للجدار العنصري العازل وتأكيد محكمة العدل الدولية (باستثناء المندوب الامريكي) على عدم قانونية الجدار.

واستعرض الدكتور فينكلستين آراء عدد من المفكرين والكتاب اليهود حول أعمال الإبادة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني عام 1948 وقال إن قطاعا واسعا من المثقفين اليهود مثل بني موريس يقر بان الفلسطينيين تعرضوا إلى حملة تصفية عرقية عام 1948 وقال ايضا ان الخلاف هو هل كانت حملة التطهير العرقي نتيجة لأعمال الحرب أم عن سبق إصرار. ان شلومو بن عامي في كتابه «ندوب الحرب وجروح السلام» يذهب أبعد من موريس إذ يصر على ان تهجير الفلسطينيين على أيدي الإسرائيليين تم عن سبق تصميم وتعمد تطبيقا لفلسفة التهجير (الترانسفير) الصهيونية.

في الجزء الثاني من محاضرته، تحدث الدكتور فينكلستين عن «الحاضر» فاستعرض وجهة نظر وثائق حقوق الانسان. وفي بدء حديثه، ذكر أن قوانين حقوق الانسان هي فرع جديد بين القوانين الدولية، وان فيها الكثير من المناطق الرمادية (غير البينة تماما). وفي بحثه عن وجهة نظر منظمات حقوق الإنسان لم يجد، كما قال، بين آلاف الصفحات التي صدرت عن هذه المنظمات إلا اختلافا واحدا وفي نقطة واحدة بين منظمتين طوال خمسة عشر عاما. كانت كل تلك المنظمات، وقد ألزمت نفسها بحيادية صارمة، قد أدانت دولة الاحتلال الإسرائيلي. ثم عرج على الاتفاضة وهي من سمات الحاضر فتذاكر نسبة القتلى المدنيين من الجانبين نتيجة الانتفاضة بين سنتي 2000 و 2008 فقال انها 3 إلى 4 فلسطينيين لكل إسرائيلي واحد، وهذا لايشمل قتل الفلسطينيين عند نقاط التفتيش وموتهم في المستشفيات نتيجة نقص الطاقة والحصار الإسرائيلي. وتساءل ساخرا عن الفرق بين القتل الفلسطيني «المتعمد» للإسرائيليين المدنيين والقتل الإسرائيلي «غير المتعمد» للفلسطينيين المدنيين! واورد نصوصا وشواهد على ان الاسرائيليين كانوا متعمدين قتل الفلسطينيين المدنيين وبضمنهم الاطفال ايضا. وقال ان عدد الاطفال الفلسطينيين القتلى بيد الاسرائيليين ناف على مجموع الاسرائيليين القتلى جميعا، بل إن اكثر من عشرين طفلا فلسطينيا قتلوا برصاصة موجهة إلى الرأس. ان دولة الاحتلال الإسرائيلي تقتل عشوائيا محتجة بعدم قدرتها على التمييز. ثم، بعد امثلة اوردها على الجالسين في القاعة، قال ان القتل العشوائي لا يختلف عن القتل العمد بل هو قتل عمد. وعن الخلط الذي تمارسه دولة الاحتلال الإسرائيلي وبدعم امريكي، يورد نصا مهما عن هنري سيجمان (الرئيس التنفيذي السابق للكونجرس اليهودي الأمريكي) يبين فيه ان صواريخ القسام الفلسطينية هي نتيجة وليست سببا. فالذي بدأ الارهاب هم الاسرائيليون وانقل، للضرورة، النص كما يلي: «تصريح اولمرت الذي أدلى به قبيل انهيار الوضع في غزة وقال فيه ان على سكان غزة ألا يتوقعوا حياة طبيعية بينما الصواريخ تطلق من غزة على إسرائيل، كان معقولا تماما لو أن سكان غزة سمح لهم ان يعيشوا حياة «طبيعية» قبيل الشد الاقصى للانشوطة والذي طبق أخيراً حول غزة أو لو كان لسكان غزة من المدنيين يد في اطلاق الصواريخ».

إن اولمرت يعلم انه ليس أي من الحالين صحيحا. لقد طبق الحصار على غزة? يقول الدكتور فينكلستين? لأن الحكومة الإسرائيلية والادارة الامريكية تريد تخريب نتائج الانتخابات الحرة التي فازت فيها حماس عام 2006. في البدء اعتقدوا أن بإمكانهم تنفيذ هذا الهدف بتزويد قوات الامن التابعة لفتح بالسلاح وتشجيعهم على خلق فوضى بطريقة تسيء إلى شعبية حماس. وحين أطاحت حماس بقوات امن فتح قامت إسرائيل بإغلاق الحدود حول غزة أملا بأن يتولى السكان الاطاحة بحماس: ان صواريخ القسام كانت نتيجة ولم تكن سببا كما تُظهر الامرَ المناوراتُ المضللة دولة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة. ثم يصل إلى نتيجة مفادها ان الفرق بين إرهاب حماس وإرهاب دولة الاحتلال الإسرائيلي يقع في شأنين وحسب، الأول هو أن إرهاب دولة الاحتلال الإسرائيلي اكثر قتلا بمعدل ثلاث إلى أربع مرات والثاني هو أن احدا لم يطلب من دولة الاحتلال الإسرائيلي - فضلا عن توقيع مقاطعة عليها - لتوقف ارهابها. الادانة دائما توجه للفلسطينيين!

في القسم الثالث من الجزء الثاني من محاضرته، تحدث الدكتور نورمان فينكلستين عن توقعات المستقبل وكيف يمكن حل مشكلة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. قال ان قرارات الامم المتحدة والجمعية العامة فيها ظلت تلقى المعارضة من دولة الاحتلال الاسرائيلي وأمريكا وأحيانا من بعض حلفائهما. وأورد نصوصا لكوينسي رايت (المتخصص المعروف - سابقا - في العلوم السياسية) من كتابه «مشكلة الشرق الاوسط» كما اورد نصا من كتاب «فلسطين: السلام لا العزل العنصري» للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر. وتؤكد تلك النصوص أن السلام ممكن في الشرق الاوسط إذا رضيت دولة الاحتلال الإسرائيلي به. وفي نص الرئيس كارتر يقول «السلام سيأتي لإسرائيل وللشرق الاوسط فقط إذا رغبت إسرائيل بالالتزام بالقانون الدولي بقبول حدودها القانونية».

في مجمل رؤيته لحل الصراع، قال إن تشكيل دولتين متجاورتين تعيشان بسلام هو الحل الذي يريده المجتمع الدولي وهو نفسه الذي تناور إسرائيل لكي لا يحدث. ان إسرائيل تحمّـل الشعب الفلسطيني، بل العرب، المسئولية عن جرائم النازية التي لا صلة لهم بها. وقد جرى اطلاق تسمية هتلر على مفتي فلسطين وعلى عبد الناصرثم اتسعت تسمية هتلر في إسرائيل لتشمل حماس وحزب الله. ثم اضاف ساخرا: «لا أدري أيهما أكثر باعثا على الضحك، هل الادعاء بأن كل زعيم عربي يهدد إسرائيل، حسب دعواهم، هو هتلر أم ادعاؤهم أن الهولوكوست كان فريدا لا مثيل له فيكون هتلر لا مثيل له!!.

رضا الصخني

مسرح

المسرح الصومالي.. الحروب والحداثة

شهد الفن الصومالي تغيرات وتطورات زمانية ومكانية كغيره من الفنون الأخرى، وحيث نتحدث عن الفن الصومالي فنحن نلقي الضوء على المسرح الصومالي وأطواره التاريخية وما طرأ عليه خلال فترة الحروب من 1991.

وقد بدأ المسرح كفن قائم حديث وكشكل درامي بدأ في الأربعينيات من القرن الماضي، حيث تم تجديد وتطوير الفن التقليدى وتحويله إلى تمثيل ومسرحيات, ودخلت المسرحية إلى الصومال عن طريق المناهج العربية والمدرسين العائدين من الدول العربية، ويروي الفنان والمؤلف الكبير «سحر ديد» أن المسرحية بدأت في الصومال في الأربعينيات, وبدأها المدرسون في المدارس، ومن المسرحيات الأوليات التي طبقها المدرسون على التلاميذ منها «مالي أرى، القرد الأعمى» وهما من المسرحيات المأخوذة من المناهج العربية، ثم بدأت فرق مسرحية مثل فرقة «أحذية البيضاء، وإخوان هرجيسا» وما ساعد نشأتها أيضا افتتاح إذاعة هرجيسا عام 1943 م والدخول إلى الحضر والتلاؤم مع حياة المدنية، ولعب الاستعمار دورا في ترسيخ الفن وتجديده لأغراضه الذاتية، حيث كان الشعب بدويا متماسكا بدينه وتقاليده ولم تجرفه ثقافة الاستعمار وهذا ما أنقذ الصومال من مكره الثقافي.

وشاركت المرأة الصومالية مع الرجل كل ملاحمه الشعرية والأدبية، وكان لها دور بارز في إبراز فنها، والمرأة الشاعرة أو الأديبة كانت لها قيمة عند المجتمع الصومالي وكان الشعر والنثر سلاحها ضد الرجل، ولكن بعد ظهور المسرح لم تجد المرأة موضعها في مشاركة المسرحيات والفن التمثيلى حيث كانت مشاركة الفتيات في المسرحيات والغناء عارا وعيبا على جبين الفتاة وعائلتها بل قبيلتها، فكان بعض الفنانين يأخذون دور المرأة في المسرحيات ويتقمصون المرأة في الصوت والشكل. ومن الفنانين الذين أخذو هذا الدور الفنان الراحل عمر طولي ومحمد هري ومحمد جامع جوف, وهكذا كان الفن متطورا وظهرت الأغاني الصومالية مع الموسيقى السداسية، ويعتبر عبدالله قرش أول فنان أدخل العود في الصومال ويلقب بـ «أبو الموسيقى الصومالية» وجاء بعده الموسيقار الكبير «أحمد إسماعيل حديدى» والموسيقار «داود علي مصحف» وتعتبر الفنانة «جدود عرو» أول فنانة صومالية تجرأت بالوقوف على المسرح وأخذت دور المرأة في المسرحيات وكسرت حائط الخجل، حتى دخل بعدها أخريات منهن الفنانة القديرة، زينب حاج علي وملكة الصوت أم كلثوم القرن الإفريقي الراحلة حليمة خليف مجول وعاشة عبدوه وهبه نور وغيرهن.

تكاثرت المسرحيات والتمثيل الروائي بعد الاستقلال وظهر مؤلفون أجلاء من أمثال الشاعر القدير محمد إبراهيم هدراوي أمير الشعر الصومالى, والمؤلف محمد علي كاري نجم المسرح الصومالي والملقب بـ «أبو الغرام» لكثرة مسرحياته وأغنياته الغرامية وخاصة الغرام الوجداني، والشاعر المؤلف محمد تكالي عثمان، والشاعر المؤلف العريق مصباح المسرح الصومالي حسين فارح، ومعلم الفن الصومالي الأستاذ يوسف حاج آدم. والمؤلف الشاعر أبو دراما البنادرية معو دينلي والشاعر الوطني قاسم هيلولي, وكان للصومال مسرحان كبيران وهما مسرح مقدشيو، وهو المسرح الوطني, ومسرح هرجيسا، وكانت المسرحيات معظمها من الحياة الاجتماعية في الصومال, ونصوص المسرحيات كانت شعرية أو رباعيات إضافة إلى أغاني مناسبة لموضوع المسرحية، فكثرة المسرحيات والأغاني والمطربين لا تعد ولا تحصى, والفن الصومالي لعب دورا في الكفاح الوطني حيث كان الخطاب الوحيد للشعب أو الإعلام الوحيد الذي استخدموه لإرشاد ووعي المجتمع وكفاحه ضد الاستعمار.

ومن محاور المسرحية الصومالية:

  • محاور وطنية حيث تم عرض مئات المسرحيات الوطنية الولاء الوطني وهذه المسرحيات لها أغاني وطنية تقوم بها الفرقة الوطنية (وابرى).
  • محاور اجتماعية وهي تدور حول المجتمع وحاجاته ومتطلباته وتحولاته الاجتماعية وظواهره الاجتماعية ومن هذه المسرحيات مسرحية «علم وعادة» ومسرحية «البنات متى ستتزوجن» و«الندى لم يكن مطرا» «الدنيا والآخرة» «نمر نساء» وغيرها.
  • محاور الحب والغرام وتأخذ مثال الحب والغرام الذي دار بين فتى اسمه «علمي بوطرى» وفتاة اسمها «هدن»، حيث كان حب علمي وهدن من أشهر وأعمق حب غرامي قدمته الصومال وهو حقيقي، فكان علمي خبازا في مدينة بربرة وهدن كانت تشتري الخبز من المخبز فدخل قلبها ولكنها لم تساعده في حبه لها حتى انتهت أشعاره وقصائده ودموعه ومات.

عبدالرحمن الزيلعي

حدث في شهر نوفمبر

  • 1 نوفمبر

1927 - مجلس النقد الفلسطيني يصدر الجنيه الفلسطيني الذي بقي متداولا في فلسطين والاردن حتى 1950.

1954 - انطلقت الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، وهي الثورة التي استمرت قرابة ثماني سنوات حتى تكللت بالانتصار والحصول على الاستقلال عام 1962.

1980 - المركبة الامريكية فواياجر 1 تبث صورا من زحل.

1935 - مولد المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد

  • 2 نوفمبر

2004 - وفاة الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة.

  • 5 نوفمبر

1956 - العدوان الثلاثي على مصر: القوات الفرنسية والبريطانية تحتل مدينتي بور سعيد وبور فؤاد

  • 7 نوفمبر

1867 - ماري كوري الحاصلة على جائزتي نوبل في الفيزياء والكيمياء.

  • 8 نوفمبر

1953 - وفاة الملك عبد العزيز بن سعود مؤسس المملكة العربية السعودية.

  • 12 نوفمبر

1956 - جيش الاحتلال الصهيوني يهاجم مخيما للاجئين في رفح بقطاع غزة، ويقتل 111 مدنيا فلسطينيا.

  • 14 نوفمبر

1922 - بدء إرسال الإذاعة البريطانية «ب. ب. س».

1889 - مولد طه حسين، أديب وناقد مصري.

1899 - مولد الزعيم الهندي جواهر لال نهرو.

  • 18 نوفمبر

1926 - الكاتب الإيرلندي جورج برنارد شو يرفض تسلم مبلغ جائزة نوبل للآداب التي منحت له.

  • 24 نوفمبر

1965 - تولي الشيخ صباح السالم الصباح حكم الكويت خلفاً لأخيه المرحوم عبدالله السالم الصباح.

1964 - وفاة الشاعر العراقي بدر شاكر السياب عن 44 عاما.

  • 25 نوفمبر

1492 - وقعت معاهدة تسليم غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس للملكين الكاثوليكيين فرديناند الخامس وإيزابيلا بعد صمود المدينة للحصار عدة أشهر.

1867 - مولد الاقتصادي طلعت حرب مؤسس بنك مصر.

1977 - وفاة الممثل والمخرج السينمائي الامريكي شارلي شابلن (ولد في 1889).

  • 26 نوفمبر

1966 - تم افتتاح جامعة الكويت.





رسمان لمصطفى حسين وعلي فرزات في متحف الكاريكاتير





رسمان لمصطفى حسين وعلي فرزات في متحف الكاريكاتير





نجيب محفوظ يجلس حيث اعتاد ان يكتب ابداعاته





الشيخ وعوده والطرب الأصيل





د. نورمان فينكلستين





نورمان: تشكيل دولتين هو الحل