الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح ود. سليمان إبراهيم العسكري

الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح ود. سليمان إبراهيم العسكري

أؤمن بالتعددية الثقافية ولابد لنا كمسلمين من المحافظة على تراث الأديان الأخرى.

يمثل الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح حالة ثقافية فريدة, فهو يجمع بين العمل في السياسة والشغف بالثقافة في توازن دقيق, وفي خضم المسئوليات التي يقوم بها كواحد من أبناء الأسرة الحاكمة ومن الشخصيات الفاعلة في قمة العمل السياسي في الكويت, وبالرغم من المنصب الذي يضطلع بمسئولياته الآن كوزير للديوان الأميري, فإنه لم يستطع أن يتخلى عن اهتماماته الثقافية, فهو محب وعاشق ومتذوق لكل الآثار التي أبدعتها أنامل الفنانين في الحضارة العربية والإسلامية, ومنذ أن تلمس هذه الآثار وعاش وسطها على أرض الواقع أثناء زيارته مدينة القدس العتيقة قبل أن تقع في أيدي إسرائيل عندما كان طالبا في التعليم العام, وتلمس مواطن الجمال في شوارعها العتيقة, وهو عاشق لتلك الحضارة التي كانت القدس في يوم من الأيام قلبا من قلوبها النابضة, لقد فتنته تلك الحضارة فأخذ يجمع آثارها من كل مكان, حتى كون من هذه المجموعة واحدًا من أندر المتاحف في العالم, وهو لم يشأ أن تكون هذه المجموعة الغالية الثمن مجموعة شخصية له, ولكنه أسس من خلالها متحفا يشاركه الجميع في الاستمتاع بما فيه من جمال, ولم ينحصر نشاط هذا المتحف داخل حدود الكويت وإنما خرج منها ليطوف بمعظم المدن والعواصم العالمية, كما أن دوره لم يقتصر على العرض والمشاهدة فقط. ولكنه حوله إلى مؤسسة ثقافية متفاعلة, تقيم المواسم الثقافية التي يحاضر فيها المتخصصون العلميون في الآثار, وتصدر الكتب والموسوعات. ويكشف الحوار الذي تقدمه مجلة (العربي) في هذا العدد عن المزيد من جوانب هذه الشخصية الثرية, فمن أفكاره عن إحياء طريق الحرير, إلى رعايته للحركة الفنية في الكويت وصولا إلى اهتمامه بإحياء البنية الثقافية يحيث تصبح الكويت نموذجا للثقافة العربية, وقد حاوره حول كل هذه القضايا الدكتور سليمان العسكرى رئيس تحرير (العربي):

استقبلنا الشيخ ناصر صباح الأحمد بكلمة إطراء لـ (العربي) قائلا: مجلة (العربي) مطبوعة رائدة, ولها تاريخ عريق, مرتبط بأهمية الكويت لدى العرب. كلنا نعمل على الحفاظ عليها حتى تستمر في أدائها الجيد, وتتسع دائرة قرائها, أمام تحدي الوسائط الأخرى الأكثر جاذبية مثل المحطات الفضائية والسينما والكمبيوتر والإنترنت وكل وسائل الإغراء المنافسة للقراءة.

ولكي نعزز هذه الأرضية ونحفظ مكانتها لدى قرائها, لابد أن نتمكن من الحفاظ على مستوى تنافسي مع (الميديا) بعامة. وهنا علينا أن نقدم الحقيقة مغلفة بالتشويق والرومانسية, حتى لا ندفع القارئ إلى الملل.

وأتحدث عن (العربي) هنا لأن لدى مفهومي الذي يعزز أهمية التراث والفنون في التنمية وفي دفع مجتمعنا إلى فتح أفق ورؤية أبعد, لا تكون حبيسة في مجريات الأحداث اليومية المتسارعة.

كما أنني أوكد دائما على مسألة تأسيس الفرد وبدايته في البيت ثم علاقته في المجتمع بعد ذلك, ولنأخذ مثالاً هو الديمقراطية.

فالديمقراطية إذا لم تنجح في البيت أولاً, فلن تضمن نجاحها في المجتمع. والثقافة كذلك. فإذا لم تترسخ الثقافة داخل البيت فإنها لن تنمو خارج البيت. فالمجتمع والأسرة هما الأساس. والديمقراطية تحتاج إلى حاضنة ومناخ تنمو فيه, وإلى حاكم, وكل منهما له دوره. وعلى سبيل المثال لو أخذنا مثلاً مرحلة الرينيسانس (عصر النهضة) في أوربا نجد المديشي في فلورنسا بدأ يتحرك ويخفف من عصبية الكنيسة ضد الرؤية الانفتاحية التى جاء بها هذا العصر, لذا فقد أصبح حاكمًا وراعيًا للثقافة في الوقت نفسه. وكان بداية ومؤسساً لعصر التنوير الأوربي.

عندما نطبق هذه الرؤية فسوف يساعدنا هذا على الخروج من محدودية المجتمع الكويتي الضيق, وفتح ثغرات في جدار العالم من حولنا, تساعدنا على أن نفهم الآخر بطريقة أفضل وبالتالي نحقق مزيدًا من النجاح, ونحصل على ثقة العالم ودعمه لنا.

ويحضرني الآن مثال على ما أريد توضيحه. فقد أقامت اليونسكو لقاء قدّم فيه الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي محاضرة. وكان من بين الحضور الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة. ودعيت للمشاركة فيه من قبل مدير عام اليونسكو وهو ياباني الجنسية, كما حضره كذلك الأغاخان, صاحب مؤسسة الآغاخان العالمية.

كل واحد من المشاركين عقّب وتحدث وناقش, وعندما تحدثت, قلت إن بلدًا مثل اليابان وهو مجتمع ذو تاريخ عسكري وقبلي عريق, وصاحب أكبر ثقافة بوذية, قد أصبح ضمن أهم الدول الاقتصادية في العالم? هل نستمر في مجالسنا نتكلم فقط عن صراع الحضارات أو تعاون الحضارات? لماذا لا نستفيد من التجارب الناجحة ونبدأ من حيث انتهوا?.

  • هل ترون في تجربة اليابان الديمقراطية عنصر نجاح?

- بالطبع, لأن خسارتها في الحرب العالمية الثانية أصبحت عنصر نجاحها, لقد تحولت إلى اتجاه آخر علمي واقتصادي. لقد حولت اليابان تراثها الحضاري إلى مكسب سياسي وتوظيف معاصر ينتفع منه, هذا هو الفرق. والأمثلة كثيرة موجودة لدينا.

  • كيف إذن نبني الديمقراطية في العالم العربي? فالعالم العربي وفق هذا التراث المهيمن الآن على الفكر وعلى التعليم وعلى السياسة وعلى الأحزاب يجعلنا ننظر نظرة حذر وخوف وشك تجاه العالم من حولنا?

- بداية الطريق هي الحرية, فهي هبة الله للإنسان وليست هبة الإنسان للإنسان, وشعور الإنسان بأنه حر ليس نتيجة لوجود قانون يحميه. فهذا وحده لا يكفي. ولكن المهم هو من يرعى القانون ويسهر على تطبيقه. فالحرية هي المبدأ الأساسي لنمو كل شيء ناجح في الحياة. قد تنمو الطحالب من حولها. ولكنها سوف تموت, لأن الحرية أقوى منها. فالطحالب لا تعيش إلا إذا وضعنا حول الحرية قيودا وحدودا, لأن هذا يعطي الفرصة للطحالب حتى تخنق الحرية.

في شوارع القدس العتيقة

  • تجربتك الطويلة هذه في الاهتمام بالتراث الإنساني, متى بدأت معك, متى دخلت إلى هذا البيت الحضاري وفتحت أمامك الآفاق فذهبت إلى أقصى بلاد الإسلام لدى المغول ووصلت الآن إلى أعماق التاريخ الإنساني الحضاري. ربما وصلت إلى اليونان وآلهتهم. متى بدأ هذا الاهتمام?

- منذ زمن بعيد, وقد بدأت جمعي للتراث الإسلامي عام 74 أو 75, ولكن الأهم من ذلك أنني بدأت أهتم وأتذوق, لقد توافرت لي فرصة مبكرة, وأنا أدرس في مرحلة التعليم العام في مدينة القدس. فقد تركت كنيسة بيت لحم والصخرة والمسجد الأقصى أثرها المبكر في نفسي, حين كنا نذهب إلى كنيسة القيامة ونذهب إلى المسجد الأقصى وقبة الصخرة, من دون توجيه من أحد. فأنا كنت أذهب يوم الأحد إلى كنيسة القيامة وأذهب إلى مسجد الصخرة, أصلي ركعتين في الصخرة وأصلي الجمعة في الأقصى. وفي كنيسة القيامة كنت أشاهد هذه الأيقونات وأستمع إلى الترانيم الروحية المؤثرة. وأتأمل هذا الجو الروحاني المذهل. وأثناء تجوالي في شوارع القدس العتيقة كنت أشاهد مزيجاً رائعاً من العمارة, فهناك جزء ينتمي إلى العمارة الرومانية وجزء آخر ينتمي إلى العمارة الإسلامية وثالث إلى ما قبل الفترة الرومانية, كذلك هناك قصور عجيبة, هذه كلها ثروات ثقافية كبيرة. من هنا تأثرت وأصبح عندي هاجس ترميم هذه الآثار والاعتناء بها. إنني أؤمن بالتعددية الثقافية, ولابد لنا كمسلمين أن نحافظ على تراث الأديان الأخرى في بلاد المسلمين. وحاليا أقوم بترميم ثلاثة بيوت تاريخية في الشام, يعود تاريخها إلى ستة آلاف سنة قبل الميلاد, في العصر ما قبل اليوناني, قرب المسجد الأموي. وفي حلب أقوم بترميم قصر من أشهر قصور المشرق, يسمونه قصر (جون بلاط) وهو جد عائلة جنبلاط الحالية. اعتمدته الدولة العثمانية أيام السلطان سليم في القرن الخامس عشر والياً على حلب والموصل, وطلب السلطان سليم ترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة, وأن يستخدموا في هذا الترميم الموزاييك ومواد عديدة, فقرر جنبلاط الجد هذا أن يستخدم المواد نفسها التي رمم بها المسجد الأقصى وقبة الصخرة في بناء قصره, ولذا فإن هذا القصر الذي أعمل على ترميمه يحوي السيراميك والموزاييك نفسه الموجود في المسجد الأقصى وقبة الصخرة. وفي فترة لاحقة حاول أن يستقل بالحكم في حلب والموصل عن السلطة العثمانية وفشل وهرب إلى جبل الدروز واستقر هناك.

الكويت.. نموذج ثقافي

  • في مرحلة الاحتلال العراقي للكويت, قمت بالإتصال بالدكتور محمد السيد سعيد - وهو حالياً نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام وأستاذ علوم سياسية بالجامعة -وطلبت منه أن يكتب لنا كتاباً في سلسلة عالم المعرفة - عندما قررنا إعادة إصدارها في القاهرة بعنوان (مستقبل النظام العربي بعد أزمة الخليج) قال فيه: إن الكويت بلد صغير, وخدم الثقافة العربية فترة طويلة. فلماذا لا يتفق العرب على أن يعاملوا الكويت كدولة محايدة لا ُيعتدى عليها ولا تدخل في مشاكل المنطقة. وشبهها بسويسرا, لكن في الجانب الثقافي, وطالب بأن تكون منطقة محايدة ثقافياً, تخدم الثقافة العربية, ويتفق الجميع على حمايتها كبلد منتج للثقافة. هذا التصور مطروح لدى كثير من المثقفين العرب, ممن وجدوا أن الكويت قدمت وأنتجت ودعمت الثقافة العربية بشكل مهم ومدروس وبعيد عن التكسب الإعلامي أو السياسي في هذا الموضوع. وأنا أسأل: هل الكويت قادرة ومؤهلة لأن تستمر في أداء هذا الدور وتحمي نفسها بهذا الدور?

- نعم الكويت لديها إمكانية كبرى. لكنها مع الأسف ينقصها الكثير من البنية التحتية للثقافة, حتى الآن ليس لديها متحف شامل. ولا مسرح ذو مستوى; لدينا بعض المسارح نوعاً ما, ولكن ليست كلها بالمستوى المطلوب. بالطبع يوجد نشاط شعبي مهم في مجال المسرح, ولكن تفرض عليه ضوابط مزعجة. لكن لا يوجد لدينا مثلاً ما نقدمه للأطفال, كشواهد على ما ننقله لهم عن تاريخهم وحضارتهم. فالمتحف جزء مهم, وكذلك المكتبة الوطنية التي تحتاج إلى إعادة ترتيب حتى تطلع على الثقافة وتحفظ تراثنا الوطني

  • من أين نبدأ لتدارك هذا الموضوع? ونعمل من أجل وضع مخطط طويل المدى لبنية تحتية للثقافة? وهل من المطروح في إطار تصورنا لبناء الكويت اقتصاديا وسياسياً وتفعيل دورها في المنطقة أن يكون في الخطة أيضا وضع بنية تحتية للثقافة والعلم, فأنا لا أفصل بين الثقافة والعلم?

- هذا جزء لا يتجزأ من مشروع الدولة التخطيطي والمفروض أن يكون ضمن مشروع السنوات الخمس والعشرين القادمة, لأنك لا يمكن أن تفكر في أن تنمو فقط معتمداً على جهدك العملي واحتياطي الدولة من البترول. فهذا لا يكفي, فالكويت كانت (ناجحة) قبل البترول لسببين: الأول الجهد الإنساني الذاتي, والثاني ثقافة المجتمع التي تولدت من خلال اتصاله بالمجتمعات الأخرى وكسبه من تجاربهم. ولابد من الاستفادة في خطتنا المقبلة من تلك التجربة, لحسن الحظ, فهذا الموضوع مطروح, لكن حتى الآن لم نشاهد بروز مبادرات من مجموعة ظهرت وشخصت واقترحت وطبقت وأثبتت نجاحها بالتطبيق. إذ لابد من وجود مجموعات دولية لديها سجل حافل بالنجاحات السابقة لتساعدنا في خططنا المقبلة. ولا نريد أناساً يجربون.

الثقافة والتنافسية

  • أنت على علاقة ممتدة بالنشاط الثقافي والحضاري العالمي, وقد تعاملت مباشرة مع مؤسسات عالمية في أوربا وفي أمريكا كما أصبحت لك علاقات متينة مع قطاعات واسعة فنية وثقافية في هذه المجتمعات. فما هي الحصيلة التي خرجت بها?

- أنا أول عضو في مجلس أمناء أكبر متحف في العالم (متحف المتروبوليتان في أمريكا) يأتي من منطقة الشرق الأوسط, وانا أراقب عن كثب جهودهم في تطوير الثقافة, الثقافة يجب أن تكون جزءا من التنافسية, فلكي تطلب عملا ما, لتستطيع أن تبرز مؤهلاتك الثقافية وخبرتك, لابد أن تكون مؤهلاً أصلاً بها. وحتى هذه لاتكفي, فلابد أن يكتشفوا قدراتك التي كونتها من مخزونك الثقافي في الحديث والتفكير والفهم, ومدى استيعابك لما تحصلت عليه وانعكس على فهمك وسلوكك وتحضرك وإلى أي مدى أنت مواطن قادر على المساهمة في البناء, سواء في المؤسسة التي تنتمي إليها, أو ما تقدمه على مستوى الوطن وخدمة المواطن, دون أن تصبح عنصراً معوقاً للعمل والتطوير. لذا أرى أن الدولة عندنا لم تنتبه حتى الآن لخطورة ثقافة التدليل للمواطن, ولم تصل إلى مرحلة (الفطام). المشاكل تتراكم والناس تتحدث عن المشاكل, صحيح, ولكن الحلول يجب ألاتتجزأ. فمثلاً يقولون: تعليمنا سيئ, فيصبح وزير التعليم فقط هو المسئول. طيب, هل مشكلة التعليم منفصلة عن بقية القطاعات في المجتمع والدولة? وما مسئولية الأطراف الأخرى في الدولة, وما المرجعية التي نرجع لها في الإصلاح: هل مرجعيتنا فيما وصل إليه الآخر? أم مرجعيتنا دينية وتراثية فقط? بحكم أن المجتمع الكويتي متدين ومحافظ, أم تقوم على أساس خطة وقراءة واضحة للحاضر وتصور المستقبل. أين نريد أن نكون سنة 2025 ? أين موقعنا من المجتمعات المتقدمة, وليس المجتمعات المماثلة لحالتنا الآنية? نريد أن نقارن أنفسنا بالسويديين, الذين حتى الآن لم يصرفوا شيئاً من أموال نفطهم, حيث كله محفوظ في استثمارات للمستقبل, واحتياطي الأجيال. هم الآن أغنى دولة, ويحصلون على أعلى رواتب وهم أكثر وطنية.

  • نعود لموضوعنا. وهو دور الكويت الثقافي في العالم العربي, كيف يمكن أن تقوم به?

- يهمني أكثر كما قلت من قبل الدور الذي تقوم به مجلة (العربي) في العالم العربي, فهي محطة نجحنا فيها وهذا نجاح ذاتي لها, لأنها مهتمة بالخارج العربي, ولم تطلها المعوقات التي طالت كثيرًا من مؤسساتنا الناجحة مع الأسف. وهذا يسجل لصالح (العربي), فهي تؤدي دورها بنجاح بعيداً عن التدخلات.

الكويت والآثار والفنون

  • ما مساهماتك واهتماماتك في تعزيز ومساندة الحركة الثقافية في الكويت, وخاصة الجانب الذي يهمك أكثر, وهو الفنون والآثار بشكل خاص?

- الفنون والجماليات والحفريات والآثار الكويتية تأخذ جزءًا لا بأس به من اهتمامي ومساهمتي, كما ساهمت في دعم ميزانية المجلس الوطني للثقافة, للعناية بالتراث والحفريات وترميم الآثار.

  • منذ سنوات أعلنت عن اهتمامك وحماسك ودعوتك لإحياء طريق الحرير القديم بأدوات العصر الحديث, فأين وصل المشروع? ولماذا تخليت عنه?

- أنا لم أتخل عنه, ومازلت مقتنعًا بأهميته للكويت وللدول التي يمر بها وتستفيد منه, وسيكون عامل سلام وصداقة وتعاون اقتصادي وثقافي بين تلك الدول والشعوب, وأظن أن المشروع بدأ يتحقق جزء منه, وهو موافقة دول مجلس التعاون على إنشاء خط سكك حديد تربطها بعضها بعضًا, وهذا سيمتد مستقبلاً إلى العراق ويرتبط بتركيا وبلاد الشام ويرتبط عندها بأوربا!

  • لننتقل إلى موضوعك الأثير وهو الآثار, فهذا الموضوع أهتم به كثيراً في خطط النشر في (العربي). وهناك كنز هائل من الآثار متعددة المراحل والعصور, في العالم العربي, خصوصاً بمصر وسورية وبلاد الشام عموماً والعراق والجزيرة العربية والخليج العربي, يحوي كنوزًا من الحضارات الإنسانية المتعاقبة التي مرت بنا. لكن مع الأسف; نرى أننا لم نعطها ما تستحقه من الاهتمام?

- هناك بعض الاهتمام ولكن ربما غير كاف في هذه المرحلة ولكنه موجود ويجب أن نعترف بمجهودات الآخرين. على سبيل المثال: الكويت وتاريخ الكويت, الحديث والقديم. التاريخ الحديث وضح, بدأ مع تأسيس الإمارة, ولكن ماذا عن مرحلة ما قبل تأسيس الإمارة, إنه تاريخ ممتد إلى سومر وأكاد. يوجد الآن بحث جدي في المناطق التي قد تكون بها آثار مهمة في الكويت. وهناك مناطق مسجلة ومعروفة وتكلموا عنها: جزيرة فيلكا وجبال الزور ومعبد العبيدي, وعندنا كنائس: كنيسة بالشويخ من القرن الخامس الميلادي, وكنيسة في فيلكا. كما توجد في فيلكا آثار ترجع إلى سومر وأكاد ودلمون, والعصر الهلينستي ومناطق واسعة.

لكن ما الفائدة إذا كشفت عن آثارك ولم تضعها في متناول الدارسين من أبناء وطنك, وكذلك الآخر, لكي تصبح أداة للتواصل معهم? أصبح الاتصال بين الحضارات محورًا مهمًا في التاريخ الحديث, حتى نقرب أنفسنا من الآخرين, وبخاصة في ظل هذه العولمة. ففي العولمة أنا لا أتفق مع من يقول إنها فقط فسح المجال وتسهيل التجارة الدولية. أنا أعتقد أن العولمة قد بدأت من اتصال الناس عبر التجارة, وتعرف بعضهم على البعض الآخر بواسطتها. وعلى سبيل المثال نأخذ طريق الحرير التاريخي, والذي جمع كل الأجناس المختلفة من البشر بعضها بعضًا. فالآثار والمتاحف في عالمنا العربي مع الأسف متخلفة ويقل الاهتمام بها, هناك طموحات كبيرة لكن الأداء متواضع وأقل بكثير من الطموح.

  • أين تكمن المشكلة ? هل هي في قلة المال, أم في قصور الوعي?

- في الاثنين, قلة المال في المناطق التي لديها وعي, وقلة اهتمام ووعي في المناطق التي لديها المال. وأريد أن أوضح فقط أو استثني بلدين من بلداننا في مجلس التعاون مهتمين بالبحث الآثاري, هما إمارة الشارقة, وبالذات الشيخ الدكتور سلطان القاسمي, والشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر. هاتان هما الأبرز ولديهما اهتمام جدي وعمل في البحث عن الآثار والاهتمام بها على مستوى عالٍ.

ترميم الآثار

  • ولكن هناك تجارب أخرى مهمة في الحفاظ على الآثار, مشروع ترميم القاهرة الفاطمية الإسلامية, يبدو أن هناك لأول مرة عملاً جديًا في ترميم آثارها وإخراجها للنور من جديد?

- نعم. إنهم يقومون بعمل ممتاز, وأخص حديقة الأزهر التي أصبحت محاطة بالآثار الإسلامية في مصر. وهذا مهم جداً. مؤسسة الأغاخان هي جزء من الدعم لهذا الترميم وأذكر قول الأمير كريم خان في لقائنا في باريس إنه يرغب في التعاون معنا في دار الآثار الإسلامية وكان يعني التعاون في ترميم القاهرة الفاطمية. وهذه المؤسسة مهتمة كثيرًا بترميم الآثار الفاطمية في مصر وفي سورية. وتهتم كثيرًا برعاية العمارة القديمة والحديثة في العالم كله على حد سواء.

  • إلى أي مدى نستطيع أن نوظف آثارنا الحضارية الواسعة هذه, لكي نقدم صورة حقيقية عن شعوبنا وعن تاريخنا في مواجهة التشويه الذي يعم الغرب. بمعنى أن هناك حركة نشطة في الغرب تعمل الآن على تشويه تاريخنا وبذكاء. بحيث تصورنا نحن المسلمين كإرهابيين وديننا الإسلامي كدين إرهاب, وأننا لا نستطيع أن نتعامل مع العالم بشكل حضاري وإنساني. هل ترى أن آثارنا أداة مفيدة لنوظفها في مواجهة هذه التشويه?

- أعتقد أن الغرب المعاصر ممكن التفاهم معه. فهو يفهمنا ويفهم تاريخنا ربما أكثر من فهمنا نحن له. ويحترم تاريخنا أكثر حقيقة مما يحترم واقعنا الحالي. فبالتالي هذا التشوش ارتبط بالصراعات العثمانية الأوربية وحركة الاستعمار ساهمت في زيادة هذ التشوش, ليس المفروض أن ننكر دور الغرب في كشف هويتنا التاريخية, التي نحن تحت ظرف ما, ما كانت لنا أبداً الأسبقية فيها. فشمبليون الفرنسي اكتشف حجر رشيد وقرأه. بينما الإنجليز احتفظوا به. الغرب يرمم المومياوات ويعالجها بأحدث وسائل التكنولوجيا المعاصرة التي لا نمتلكها ولا تنسَ مخطوطاتنا التي جمعها الغرب وحققها ونشرها, وعلمنا كيف نواصل التحقيق فيها.

تجربة دار الآثار

  • ماذا عن مجموعة دار الآثار الإسلامية, وأسألك عن مصادرك في جمعها? وهل تستعين بخبراء في جمعها ثم ترميمها?

- دار الآثار الإسلامية لديها مجموعة من الخبراء, عندنا خبير مميز بالعالم اسمه (مانويل كين) وهو أمريكي موجود في الكويت وهو مرجعية لي في مناقشة ما تحتاج إليه المجموعة, وفي مجال الترميم, هناك مجموعة فنيين تابعين للدار يشتغلون به في مخازن المجموعة في الكويت, وكذلك نستعين باليونسكو وعدد من خبراء الترميم, يحضرون إلى الكويت في فترات على مراحل. لكن المرممين الموجودين في الكويت يعملون بصفة مستمرة وعلى نفقة الدار.

  • هل أصبح لدى دار الآثار الإسلامية الآن جهاز فني راق للترميم?

- نعم لكنه لا يكفي. ولذلك أنا كنت أتكلم مع مدير الجامعة الأمريكية الجديدة في الكويت, في إمكان إنشاء كلية للفنون الجميلة ضمن الكليات التابعة للجامعة, على أن يكون بها متحف وبرامج تعليمية, لتخريج أمناء متاحف, وتعليمهم أن يصبحوا أمناء متاحف ومساعدي أمناء ومرممين, مع تدريس اللغات القديمة مع الفلسفات المختلفة الشرقية والفنون الحديثة لهذا الموضوع.

  • هي خطوة مهمة. فمن الممكن أن تصبح هذه الكلية مركزاً لاستقطاب الدارسين حتى من الدول المحيطة بنا.

- وكذلك سيكون المتحف الثاني فيها, لأن عندي مجموعتين مهمتين: المجموعة الإسلامية الحالية ستكون موقوفة لمتحف الكويت الوطني بشكل دائم أي سيصبح متحف الكويت الوطني هو منزلها الدائم; والمجموعة الثانية هي آثار ما قبل الإسلام. وهذه مهمة ولا تقل أهمية عن المجموعة الإسلامية وهي التي ستعرض في متحف كلية الفنون بالجامعة المزمع إنشاؤها. وأعتقد أن هذه المجموعة الموجودة الآن هي من أهم المجموعات التي تخص الشرق القديم, وخاصة للمعابد والملوك, يعني نذورات للمعابد والملوك القديمة, يعني من الألف الثالث قبل الميلاد وجزء منها يصل إلى الألف الخامس قبل الميلاد, إلى الدولة الساسانية مثلا أو الإمبراطورية الرومانية.

  • قامت دار الآثار الإسلامية بمجهود متميز في عرض مختارات من مجموعاتها في العالم. فماذا حققت هذه الجولات المتعددة?

- حققت علاقات مهمة بين هذه المتاحف والمؤسسات ومتحف الكويت الوطني, يعني الآن عندما يصبح متحف الكويت الوطني جاهزاً, فإن كل هذه المتاحف المهمة في الدنيا وطدت علاقات متينة مع الكويت, مما يجعلها تعرض مجموعة من مقتنياتها عندنا, أو يعطونا قطعًا نادرة لكي نعطي فرصة للمواطنين أن يروا آثار الدنيا, التي لم تتوافر لهم الفرصة ليروها من قبل إلا في متاحف منتشرة وبعيدة في العالم. بالنسبة لي فهذا من حق المواطنين هنا, أن يحصلوا على فرصة مهمة كهذه كي يطلعوا على آثار البشرية.

مراجع مهمة

  • بالنسبة للمطبوعات. فقد أنتجت الدار حقيقة كمية مهمة جداً من المطبوعات, سواء على مستوى الاختيار أو الطباعة أو المادة التي عرضت فيها, لكن يبدو أن انتشارها محدود. فهل يرجع ذلك لأنها مطبوعات غالية الثمن أم لأن أجهزة التوزيع محدودة لديكم?

- دعني أوضح لك: لدينا عدد من الكتب المتخصصة بالآثار الإسلامية. وهي مكتوبة بعناية فائقة انتجت من متخصصين بالمادة. مثلا عندنا كتاب عن الزجاج في العالم الإسلامي, كتبه واحد من أشهر المتخصصين الإيطاليين. اسمه (ستيفانو كاربوني), وهو أمين عام في متحف المتروبوليتان, وأصبح مرجعاً يرجع إليه في كل المزادات في العالم عن الزجاج الإسلامي, ويعتمد على المعلومات الواردة فيه لتقييم القطع المبيعة. وبذلك أصبح لها مرجعية. كذلك كتاب الدار عن (الخزف في العالم الإسلامي) مرجعية لها. كما أن لدينا كتبًا تخص المعارض الدائرة, وتعتبر أقل من الكتاب التخصصي, وأكبر قليلاً من الكتالوج. وواحد منها مثلا الذي أعده السيد (مانويل كين), حقق رقما تاريخيا في البيع. فقد بيع منه أكثر من عشرين ألف نسخة وهذا الرقم لم يصل إليه أي كتاب آخر من الكتب التي تتحدث عن الفنون والآثار في العالم. والمعرض الذي سيكون خاتمة لمعارضنا في أوربا في شهر يوليو القادم سيفتتحه الرئيس الفرنسي شيراك وزوجته في اللوفر واسمه. (كنوز الدنيا), وهو يخص Mogul jeweled art وقد عرض أولأً في المتحف البريطاني في لندن, ثم عرض في 5 متاحف في أمريكا وبعدها في مدريد في قصر الملك خوان كارلوس وافتتحه الملك الإسباني نفسه, وبعدها في برلين, والخاتمة ستكون في اللوفر بباريس.

  • كم يستغرق وقت المعرض في متحف اللوفر?

- 12 أسبوعًا, وسوف يحضر الافتتاح الشيخ الدكتور سلطان القاسمي أمير الشارقة.

  • منذ أسابيع قليلة مضت ذهب فريق من (العربي) لكوجرات في الهند لعمل استطلاع مصور, فرجع الفريق بانطباع محزن كثيراً لما وجده من إهمال للآثار الإسلامية. فهناك إهمال غير عادي للآثار الإسلامية, فالمعابد الهندوسية موجودة بكثرة, ومعتنى بها جداً, أما المساجد فهي مهملة ومهدمة ولا أحد يعتني بها.!

- تتحدث عن حماية الآثار الإسلامية في الهند? فماذا عن حمايتها في بلادنا العربية والاسلامية? انظر ماذا يحدث لآثارنا الإسلامية من طمر وتخريب وهدم في منطقتنا ذاتها. فكيف نلوم غير المسلمين على إهمالهم لآثارنا, ولا نلوم أنفسنا أولاً, على إهمالنا لآثارنا وتاريخنا?

  • ما هي إمكانية تنظيم حملة إعلامية عالمية مستمرة لتحريض العالم على الحفاظ على التراث الإنساني بشكل عام والإسلامي بشكل خاص?

- هذه مسألة مهمة مهمة مهمة! وأعتقد أنها لا تقل أهمية عن الأكسجين الذي نتنفسه, لأنك تستنشق الأكسجين وتنسى تاريخك فتصير إنسانًا غير طبيعي ومشوها. لكن مع الأسف مازلنا في الشرق الأوسط لا نعطي هذا الموضوع الأولوية, بل حتى الأهمية.

هل من دور للجامعة العربية?

  • عندما تأسست الجامعة العربية, أختير طه حسين مديرا للدائرة الثقافية. فكان أهم مشروع قام به هو الاهتمام بالمخطوطات والتراث وأنشأ معهد المخطوطات العربية. ثم بدأ مشروع ترجمة أعمال شكسبير للغة العربية, وكذلك ترجمة التراث اليوناني إلى اللغة العربية, لكنه لم يستمر طويلاً, فقد دخل الوزارة كوزير للمعارف. كان طه حسين يطمح أن تلعب الجامعة العربية دورًا ثقافيًا واسعًا في العالم العربي. فهل ترى أنت أن الجامعة العربية تستطيع أن تلعب دوراً ثقافياً عربياً بحيث تجمع العالم العربي من هذه الناحية? وتبعدهم عن التمزق الذي يمرون به الآن?

- أنا أرى أن الجامعة العربية مقصرة في كل أوجه الأنشطة المنوطة بها, لا أعتقد أنها أدت الواجب المفترض منها والمستحق أن تقدمه. هذا من جانب, لكن التجمعات الإقليمية والتحالفات الإقليمية كلها لن تكون قادرة على العمل في عصرنا الحالي بمنأى عن الجسم الأساسي, وأقصد به منظمة الأمم المتحدة وميثاقها وقوانينها. إنها المؤسسة الأقوى والأكمل من جامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي. فهذه مؤسسات يمكن أن تساعد وتفعِّل العمل المشترك بين أعضائها, ولكن علينا أن نلتحم بمنظمة الأمم المتحدة.

  • هل تلاشى دور المنظمات الإقليمية الآن?

- لا! لكن المنظمات الإقليمية نوعان: منظمات تابعة للأساس, وهي الأمم المتحدة, أو منظمات إقليمية من قبيل: منظمات حقوق الإنسان داخل الدولة التي تنشئها, أو مثل ما هو عندنا (مجلس الأمة). وهذه المنظمات الأخيرة كلها لها دور إقليمي محدود.

  • وماذا عن الأنشطة الثقافية وحماية الثقافات الوطنية ونشرها?

- فيما يتعلق بالجانب الثقافي, أرى أن الأقدر على نشره وحمايته هو المجتمع المدني وليس الحكومات. وأقصد بذلك جمعيات النفع العام المعنية بالثقافة, فبقدر وعيها وبقدر اهتمامها ووضوح رؤيتها, وكذلك معرفة مكانها في المجتمع تستطيع أن تخدم الثقافة. فمن يتقدم للدعم هو من يمتلك إحساساً أقرب ودافعاً أفضل لأن يدعم ويحفز العمل الثقافي. لا شك في ذلك!

الثقافة.. عنصر للتقارب

  • ألا ترى أن الثقافة قد تكون عنصر تجميع بين الناس. دعنا نستبعد دور الحكومات. ونركز على دور الثقافة بين الناس. أقصد أنه كلما تطورت العلاقة الثقافية بين التشكيليين وبين المسرحيين والآثاريين والشعراء والمبدعين, فإن ذلك سيؤدي إلى تفاهم أكثر وتقارب أكبر بين أفراد المجتمع والمجتمعات الأخرى, وتتكون مع الوقت مصالح مشتركة?

- طبعاً.. عندما يستطيع إنسان أن يفهم الآخر فإن هذا بحد ذاته أمرا يجلب الكثير من المصالح والفوائد,لأنني أتفاهم مع عقلية واضحة لي. فمن الممكن أن يتفاهم الناس بشكل أفضل عندما يكونون على المستوى نفسه ثقافياً. فعندما يكون مستواهم واحدا, يصبح ذلك ممكناً, لكن غير ممكن تكون فيه حالات نادرة وضيقة. لكن هذا الجو العام في العالم الذي أصبح قرية, من خلال (الميديا) الإعلامية المذهلة, حيث لم يعد اتصالك محدودا في نطاقك, فهنا سيكون اتصالك أكثر مع الغير المهيأ والمؤهل لهذا الاتصال والتفاعل. وبالتالي مهم كي تستطيع أن تتواصل معه أن يكون لديك وعي بمفهوم الانفتاح. لابد أن تملك البنية الثقافية التي تؤهلك لذلك. وعندنا إحصائيات مرعبة بالنسبة لمستوى الثقافة في العالم العربي, فهناك تخلف وقصور واضحان.

  • ماذا تقرأ الآن?

- أقرأ عن الآلهة القديمة, ما قبل اليونانية, الآلهة الأنثوية, المجتمع ما قبل الذكوري.

  • والسينما, كيف تراها?

- وقتي ضيق ومشغولياتي كثيرة, والسينما تحتاج إلى وقت, لذا أنا بعيد عن السينما في الوقت الراهن, ولكن هذا لا ينفي أن الفن بشكل عام يستحوذ على قدر كبير من تكويني ووجداني.





الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح ود. سليمان إبراهيم العسكري





المعرض الذي أقامته دار الآثار الإسلامية في العاصمة الألمانية برلين واستقطب العديد من الزوار





حتى تنجح الكويت.. لابد من الجهد الإنساني أولاً





أغلفة بعض الكتب التي اصدرتها دار الآثار الإسلامية وخاصة عن الزجاج والخزف في العالم الاسلامي





أغلفة بعض الكتب التي اصدرتها دار الآثار الإسلامية وخاصة عن الزجاج والخزف في العالم الاسلامي





كنوز العالم.. معرض طائر لدار الآثار الإسلامية يطوف حول العالم





إحدى الندوات العالمية التي تشارك فيها الشيخة حصة صباح السالم المشرف العام على دار الآثار الإسلامية





مقتنيات الدار تصدرت صورها الصحف العالمية