الشاعرة الهندية كمالا ثريا والبحث عن الله
الشاعرة الهندية كمالا ثريا والبحث عن الله
هذه قصة شاعرة هداها قلبها وموهبتها إلى الطريق إلى الله. كنت منذ عام 1992 قد بدأت بترجمة قصائد من الشعر العربي المعاصر لشعراء من مختلف البلدان ونشرها في ركن أسبوعي في إحدى الصحف الناطقة بالإنجليزية في الإمارات، مما لفت انتباه قرّاء تلك الصحيفة من مختلف الجنسيات المتعددة في الإمارات، ومن ضمنهم هنود من كيرالا الناطقة بلغة الماليالم الذين اتصلوا بي وأجروا معي لقاءات صحفية نشرت في صحف كيرالا المختلفة، والتي تطبع بعضها أكثر من مليون نسخة. ثم في عام 1996 قررت جمعية دبي كيرالي كالا كندرام تكريمي في حفل أقيم بدبي وتم في الحفل نفسه تكريم الشاعرة والقاصّة الهندية الشهيرة كمالا داس والشاعر الهندي يوسف علي الذي أغنى الأفلام الهندية بكلمات الأغاني، وكانت الجمعية قد استضافت الشاعرة والشاعر فجاءا معًا لحفل التكريم. وتم التعارف بيننا وتبادل الكتب، وأهدتني كمالا ديوانها بالإنجليزية «الروح وحدها تعرف كيف تغني»، كما أهديتها ديواني بالإنجليزية «ظلال الحب»، وقد تكرّمت بترجمة إحدى قصائدي وقرأتها في الحفل، كما ترجمت بعض قصائدها فيما بعد إلى العربية، ونشرتها في مجلات عربية ثقافية مختلفة منها مجلة العربي، كانت كمالا داس يومها ترتدي عباءة سوداء «شادور»، فسألت بعض الزملاء عن دينها، فأكدوا لي أنها هندوسية، ولكن بعد ذلك بنحو ثلاثة أعوام في ديسمبر 1999 اعتنقت الإسلام، فثارت ضجة كبرى في وطنها، إذ إنها كانت تعد أشهر شاعرة وكاتبة قصة قصيرة في الهند، وتعرضت لتهديدات بالقتل، وفي الوقت نفسه، فإن ارتداءها للخمار أدى إلى انتشار ظاهرة لبس الخمار والحجاب في كيرالا، وازدهرت دكاكين عدة لبيع ذلك النوع من الملبوسات. وقد غيّرت اسمها إلى «ثريا» عند إسلامها. كانت ثريا قد اعتادت أن تكتب الشعر بالإنجليزية، والقصة القصيرة بالماليالم. وفي عام 1984 كانت قد رشحت لجائزة نوبل للآداب في قائمة قصيرة ضمت أيضًا «نادين جورديمر» من جنوب إفريقيا التي منحت بالفعل جائزة نوبل عام 1991، وضمت القائمة «دوريس ليسنج» البريطانية الجنسية والإيرانية المولد التي منحت جائزة نوبل العام الماضي، كما كانت على تلك القائمة القصيرة «مارجريتا يورسينار» البلجيكية التي كانت أول امرأة تدخل الأكاديمية الفرنسية وكان ذلك عام 1987. وفي أحد اللقاءات الإعلامية سئلت ثريا عن كيف ومتى فكرت في اعتناق الإسلام؟ هذه الشاعرة التي ولدت عام 1934 في ملبار بكيرالا في عائلة هندوسية ميسورة الحال وتزوجت وهي في الخامسة عشرة، قالت لصحيفة «التايمز أوف إنديا» Times of India إنها لا تذكر بالضبط ولكن قبل حوالي 27 سنة من اعتناقها الإسلام, يومها حدثت زوجها في الأمر ونصحها بالتريّث وقراءة الكثير من الكتب عن الإسلام. فكرت مرة أخرى في اعتناق الإسلام عام 1984 ولكنها انتظرت ريثما يتزوج ويستقر كل أولادها. سألتها الصحيفة عن أول احتكاك حقيقي لها بالإسلام، فقالت: «كان ذلك عندما تطوعت لتعليم الأطفال العميان في إحدى الجمعيات، فأرسل لي طفلان مسلمان، وكانت المواد الإسلامية من ضمن ما كان علي تعليمهما». وبدأ اهتمامها بالشعر تحت تأثير جدها نالابات مسيون، وكان كاتبًا بارزًا كما كانت أمها «بالماني أمّا»، شاعرة معروفة في لغة الماليالم، وقد توفيت منذ سنوات قليلة. واليوم صارت ثريا تتحرك على كرسي متحرك وتقيم مع أحد أبنائها الذين مازالوا على الهندوسية في مدينة بونا في غرب الهند. كتاب قصتي كانت كتبها قد ترجمت إلى عدة لغات، وقد ترجم كتابها «قصتي» إلى خمس عشرة لغة. وبعد اعتناقها الإسلام سجلت ثريا رحلتها إلى الإيمان في ديوان بالماليالم بعنوان «يا الله»، وقد ترجم كليم أحمد أحد أصدقائي من الأدباء الهنود المقطوعات الأولى من الديوان إلى الإنجليزية فترجمت الثلاث الأولى إلى العربية». أما القصيدة الأولى فبعنوان «يا الله» وقد ترجمتها شعرًا تفعيليًا ببعض التصرف وفيها تقول مخاطبة الموت: تمحو حدود الأرض والأبعاد ونحن نعلم أن الله سبحانه وتعالى الذي لاتسعه السماوات والأرض يسعه قلب عبده المؤمن، فهل قرأت ثريا هذا فيما قرأته، أم توصلت إليه من خلال تأملاتها. أما القصيدة الثانية، فبعنوان «يا محمد»، وقد ترجمتها أيضًا شعرًا تفعيليًا. والقصيدة الثالثة بعنوان «امرأة ضائعة»، وتتحدث فيها ثريا عن رحلتها نحو الإيمان وقد ترجمتها نثرًا. وفيما يلي ترجمة القصائد الثلاث: يا الله *** تمحو حدود الأرض والأبعاد.. يا محمد *** نسمع عن ضياء وجهك المبين *** يا سيدي يا أيها الرسول *** أتيت فجأة كالمطر الهطّال امرأة ضائعة *** لقد أُغمي عليك عند الباب *** لن يجرؤ أحد أن يرميك بالحجارة بعد الآن
|