مدرسة بهزاد في الرسوم الإيرانية وصراعه مع التقاليد الصينية

مدرسة بهزاد في الرسوم الإيرانية وصراعه مع التقاليد الصينية

ابتدأت فكرة تصوير المخطوطات من التجليات القرآنية وهجرتها إلى هامش السور والآيات الكريمة. هذه السطور عن إحدى أهم المدارس في تصوير المخطوطات.

1 - التأثير الصيني:

يمثّل وصول الاختراع الصيني لـ«الورق» إلى العالم الإسلامي «بما فيه إيران» منعطفًا أساسيًا في انتشار صناعة الكتاب والمكتبات ودور الحكمة والعلم وازدهار محترفات النسخ والتخطيط والتدوين والتصوير والتذهيب والتجليد حتى أصبح «حي الوراقين» يمثل العصب الرئيسي في خطط التنطيم الحضري.

اخترع الورق في وسط الصين في محيط القرن الثاني الميلادي من لحاء ورق التوت، ثم انتشر مع العملة الورقية «الكاغد» في القرن الرابع، ووصل سمرقند عام 700 ميلادية.

يذكر المؤرخ عبدالملك الثعالبي أن صناعة الورق في سمرقند وصلت المسلمين إثر معركة «تاليس» عام 751م، أسر خلالها القائد زياد بن صالح الصنّاع الصينيين. وقد ورد في بعض المصادر الصينية نص تاريخي يشير إلى وجود فنانين صينيين في تلك الفترة في الكوفة، وأنهم علموا الصناع المسلمين النقش والتصوير، إضافة إلى نسج الحرائر وغيرها. ومهما يكن من أمر، فلا يستبعد وجود فنانين صينيين في محترفات سمرقند أو تبريز أو بغداد خاصة الذين دخلوا منهم الإسلام.

ورد في بعض الوثائق التاريخية أن الملك الساماني «بداية القرن العاشر» عندما طلب من الشاعر الفارسي رودكي ترجمة «كليلة ودمنة» استدعى مصورين صينيين.

تنجلي الأمور أكثر في إيران العصر المغولي بعدما خلفته بداية هذه الفترة «القرن الثالث عشر» من تدمير لمحترفات المدن. أصبحت تبريز المقر الصيفي، وبغداد الشتائي.

وكانت الأسرتان اللتان احتلتا إيران تسلمتا مقاليد الحكم في الصين أيضًا، سعى أحفاد جنكيزخان وهولاكو للاتصال مع أبناء عمومتهم التتر البوذيين فيها.

اتخذ تيمورلنك سمرقند عاصمة لحكمه، جمع فيها فنانين من الحواضر التي أخضعها، لكن النماذج الباقية نادرة، يقال إن بعضها كانت جدارية، تصوّر ماني وتصاوير صينية، نطل عليها من تصاوير لاحقة مثل رسوم مخطوطة «بهرام جور وصور الأميرات السبعة» (عام 1410م شيراز)

حاول أن يخضع الصين بعد خراسان وإيران والأتراك، ولكن الأمر تغير عندما سقط حكم أسرة «يوان» المغولية في الصين وتسلم أسرة «مينغ» الوطنية ابتداء من 1368م. كان التيموريون حذرين في البداية، ثم عقدوا الصلات الدبلوماسية والتجارية معهم، كان هذا موقف ابنه شاه رخ ثم حفيده بيسنقر، أرسل خلال حكمه المصوّر غياث الدين النقاش في بعثة إلى الصين من عام 1420 وحتى 1424م عاد بعدها بذخيرة من الملاحظات والرسوم وبعض المصورين، يؤكد ذلك أن منمنمات هذه الفترة متأثرة بطراز «مينغ».

لعل أبرزها قصائد خواجوكرماني التي تمثل إحدى تصاويرها غرام الأمير الفارسي هماي وابنة إمبراطور الصين هومايون. (عام6931). تحمل هذه الملحمة رمزًا لعلاقة الصين بإيران في هذه الفترة، التي ترصّعت بعدد من تصاوير المناظر من دون أشخاص وبلون واحد. وغلب على تصاوير هذه المرحلة هيئة السحنات الصينية. تغير الأمر مع حكم السلطان حسين بيقرا (1468 - 1506م) ووزيره مير علي شير، بحيث أخذت التقاليد الوطنية في التصوير تنهض، وتندحر التأثيرات الصينية مع ظهور اسم بهزاد في هيراة.

2 - الاستعارات الكرافيكية:

نعثر على بعض المفردات الزخرفية هنا بين ثنايا أقمشة التصاوير. التنين والفينيق واللقلق والوحوش الخرافية مثل وحيد القرن والبراق والمجنحات وأبو الهول، ثم هيئات الجن والسحرة والممسوسين والمسوخ السحرية على غرار رسوم مخطوطات «آجوج وماجوج» في بلاد الواق الواق، أو «زال» يحمله السيمورغ، قد تكون أيضًا بتأثير مباشر من عرائس «خيال الظل» التهكمية «التي ذكرها عمر الخيام».

ثم أنواع الطيور «خاصة البط» والغزلان والأرانب والجذوع المعمرة وأنواع السرو والبامبو «غير الموجود أصلاً في إيران» ثم الصخور الإسفنجية، ثم الغيوم التنّينية، والأهلة اللوتسية والأمواج الحلزونية وألسنة اللهب البوذية وغيرها.

نعثر في تصاوير شيراز في الفترة المغولية على ملابس وأسلحة وأزياء صينية، وتبدو ملامح شيرين في تصاوير هيراة صينية أكثر منها أرمنية.

3 - التعارض الفلسفي (الروحي):

يبدو التعارض الروحي بين الطرفين أعمق غورًا من هذه التأثيرات السياحية. حيث يهاجر كل مرة الكاهن «الشامان هو نفسه المصوّر والشاعر» روحيًا إلى الفلك الأعلى من سلسلة الجبال والوهاد والهضاب سالكًا مسالك المجاهدات الصخرية والنباتيّة والمائية. «يحمل على ظهره مرآته الخاصة»، ثم يعوم روحيًا في رطوبة الكون وأبخرته السديمية وسحبه وغيومه، تتشخّص عناصر الطبيعة، فتنقلب الصخور إلى عظام بشرية والجذوع إلى عضلات، والسواقي والشلالات إلى عروق وشرايين، والرياح والسحب إلى شهيق وزفير. يصوّر الفراغ على أساس أنه «رئة قدسية»، يسعى ألا يخنقه بالتفاصيل والعناصر، بحيث تنتبذ كلها زاوية قصّية في هامش رحابة الوجود الكوني المطوق للإنسان بصفته جزءًا من كل، ومن تمفصل الخلاء، وهو الأصل بالامتلاء وهو الاستثناء. يداهم رئة الفراغ بقصيدة شعرية مستلهمة من المشهد. يعيد رسمه «بعد تخزينه في الذاكرة» بفرشاة شبقة للألوان المائية، فرشاة عاصفة حدسية صدفوية، يقتنص سلوكها المتسارع ما امتصته الذاكرة في ساعات أو أيام غالبًا ماتنتظم هذه الآلية في متتاليات من اللوحات للموقع الجغرافي نفسه. تتحول إلى «رولو» «لفافة» على امتداد عشرات الأمتار عموديًا أو أفقيًا على الحرير، ثم تمهر بأختام حمراء صريحة تمثل اسم المحترف أو السلطة الحاكمة. تطوى «الروليهات» ولا تفتح إلا ضمن طقوسها ومناسباتها الخاصة.

لو قارنّا الغناء الضوئي الرحب في «الرولو» الصيني، ومفهوم «النور» لدى «بهزاد» لأمسكنا بالتعارض الجوهري بين الفلسفتين. إنه التعارض بين مفهوم التشبيه والمقاربة مع المنظر الطبيعي» والتنزيه «الشطح بالعالم باتجاه الحلم والتجلّي القلبي». لهذا تبدو التصاوير المغولية المبكرة المتأثرة بالمعنى الصيني ومثالها رسوم مخطوطة «جامع التواريخ» أشد وصفيّة واقعيّة من رسوم «مدرسة بهزاد» الأقرب إلى «التعبيرية اللونية». خاصة في تكوينات المعارك: حيث تتشرّد بؤر اللون، وتتشظى المساحات الصباغية لدرجة تطغى فيها تجريدات الألوان وحواراتها على دلالات الأشكال. تتصل تجربة الغناء النوراني هذه بالفلسفة الإشراقية التي جادت بها تجليات شهاب الدين يحيى السهروردي (1155 - 1191م). تحضرني في هذا المقام الصورة الرمزية التي ساقها جلال الدين الرومي في إحدى رباعيات «مثنويته» هي الفراشة التي تسعى جهدها أن تتعقّب لهيب الشمعة حتى تتحد مع سعيرها الناري. لعلها الحدود البرزخية بين الفناء والبقاء. تخضع الصناعات الذوقية الإسلامية عمومًا لهذه الصبوة النورانية بما فيها المواد العاكسة للنور مثل السيراميك والمرايا والبحيرات وأنواع الزجاجيات، لدرجة تبدو فيه المدينة وكأنها مشكاة قزحية من الألوان الوامضة، أو المرايا المتعاكسة.

يكشف «هنري كوربان» (المختص بالصوفية الشيعية في إيران) الوشاح الفلسفي المضمر تحت إشراقية سهروردي والذي تتراوح بين النار المزدكية والنورانية العرفانية. تستعيد هذه الفلسفة السابقة على التوحيد صورة التوازن الصراعي المطلق بين النور أو النار «رمز الخير»، والظلام «رمز الشر». خاصة وأن داعيتها في القرن الثالث للميلاد «ماني» كان مصورًا بارعًا، يستخدم الصور لنشر دعوته. ليس بالصدفة أن مؤرخي التصوير في إيران يسمّون بهزاد بـ«ماني جديد».

جعل بهزاد من سلّم ألوانه نورًا من التجلّي والغبطة المستديمة دون أدنى اعتبار لـ«المزدكية» «لأنها بالنسبة لأمثاله نوع من الزندقة». ولا يمكن أن ندرك عمق صوفيته اللونية إلا إذا راجعنا المناخ الروحي لعصره وبيئته، فالتمفصل يبدو عضويًا بين الاتجاهات الصوفيّة والأبعاد الباطنية في التصوير.

تعانق أغلب الملاحم الشعرية التي عالجها المصورون صورًا قرآنية، على غرار «يوسف وزليخة»، «إبراهيم والنار»، «أهل الكهف». ثم قصص الأنبياء والمتصوّفة من المعراج وإلى حلقات الذكر والأولياء والنسّاك والدراويش والمنشدين. بل إن بعض المؤلفات المصورة اختصت بهذه السيرة على شاكلة: «مجالس العشاق» لمجد الدين البغدادي «منجزة عام 1522م»، و«سبحة الأبرار» لنورالدين جامي «منجزة عام 1562م». أو «منطق الطير» لفريد الدين العطار «عرفانية السيمورغ»، أو «مثنوية» جلال الدين الرومي، ثم «روضة الصفاء» (1601 شيراز) أو «كتاب الوجد» حالناقه (1519 شيراز)، أو «كتاب النور» (1475 شيراز) و«مطلع الأنوار» (1500 - 1505 تبريز).

تسيطر هذه الروح على بناء الملاحم الشعرية نفسها على مثال «خماسية نظامي»، تتكشف «إشراقية» في فصلين منها مخزن الأسرار وليلى والمجنون.

خلّف المصوّرون العديد من الرسوم التي ترصد أحوال ومواجيد الدراويش: على مثال تصاوير بهزاد: «فقهاء في مسجد» من بستان سعدي. و«درويش من بغداد» (قد يكون ترميزًا للحلاج). وهناك لوحة لقاسم علي: «جماعة من المتصوفة يتناقشون في حديقة» (منجزة عام 1485م). فضلاً عن معاني الحب المطلق لـ «ليلى والمجنون» ترميزًا إلى «العشق الإلهي». يعتمر النبي في رسوم «المعراج» بالعمامة الصفوية ذات الوتد الأحمر ومحجب الوجه. يثقل كاهل براقه أنواع الطنافس والسجاجيد المحلية.

4 - المنظور البصيري، ومقام «السماعي» في نوطة ألوان بهزاد:

اكتشف المصورون الإيرانيون صيغة من «التعبيرية اللونية» قلبت مفاهيم الفن المعاصر في أوربا القرن العشرين. تعتمد هذه الصيغة على التحول من الغبطة الروحية إلى الغبطة الموسيقية في اللون. بلغت ذروتها مع الصوفية الصفوية بنموذجها بهزاد. تتراكم في هذه التقاليد الثقافية الصوفية والرمزية العرفانية في سلم الألوان. وقد نقلت الباحثة المتصوفة إيفا ميروفيتش في مؤلفها الشهير عن سيرة جلال الدين الرومي سلمًا سباعيًا من المحطات الذوقية. تتبدل فيه معاني الألوان بتغيير أحرف الجر كما يلي:

1 - السفر إلى الحق: نور أزرق.
2 - السفر من الحق: نور أصفر.
3 - السفر على الحق: نور أحمر.
4 - السفر مع الحق: نور أبيض.
5 - السفر في الحق: نور أخضر.
6 - السفر عن الحق: نور أسود.
7 - السفر بالحق: نور بلا لون.

يحضرني في هذا السياق تصوير آغا ميراك لبهرام غور مع الأميرات السبعة اللواتي تزوجهن. يزور كل يوم واحدة منهن تحت قبة مغايرة الألوان كما يلي: الأسود، الأصفر، الأخضر، الأحمر، الصندلي، الأبيض، الأزرق الفيروزي.

نصل هنا إلى مخالفة جوهرية تشير إلى اعتماد مدرسة بهزاد بشكل مطلق على السطوح الملونة ذات البعدين دون أدنى تدرّج للظل والنور، ودون اهتمام بالتعبير عن الكتلة، وهو مايسمح بتوزيع «أوركسترا» الألوان الباردة والحارة والمحايدة بطريقة التنويط الموسيقي، وفق مقام لحني أفقي، كما هو في «السماعي» الشطحي. أي التحول من رفيف الصباغة إلى ذبذباتها الصوتية. يزداد هذا التناقض حدة عندما نتذكر أن ألوان المنمنمات ذات مادة كتيمة (مثل الفواش) على الورق، بعكس التصوير الصيني الذي ينجز بالألوان المائية على الحرير، كما أن هناك فرقًا كبيرًا بين تواتر صفحات المخطوطة وطريقة فرد «الرولو» الصيني، وهو ما يسمح للمدرسة البهزادية أن تطوّر علاقة ساحة الصفحة الداخلية بالهوامش، وذلك حفاظًا على إيقاع النص المنسوخ مع التصاوير المتوازية معه. نصل هنا إلى واحدة من الأسرار الصناعية المرتبطة بأحابيل هجرة الرسم من الفراغ المهندس إلى الفراغ المطلق. بحيث يبدو الزمان والمكان بحالة إطلاق، دون تمايز جغرافي أو حضري ودون تمييز بين الفصول أو حالات الليل والنهار.

يعكس المنظر الصيني رحابة جغرافيته الطبيعية، بعكس الفردوس الإيراني الذي يمثّل جنانًا طوباوية بسبب قساوة الواقع الجغرافي.

حتى ندرك البعد الصوفي في المنظور البهزادي، علينا أن نراجع، ليس بصريات ابن الهيثم، وإنما أبي حامد الغزالي في كتابه «مشكاة الأنوار»، يشرح فيه على لسان القطب المصوّر إلى تلميذه أو مريده معنى المنظور القلبي أو البصيري الذي يصحّح الأوهام السبعة، التي تتعثّر بها حاسة البصر، ومنها أنها ترى العناصر البعيدة أصغر من القريبة، ولا ترى ما هو مخفي منها. يؤكد إذن على عين البصيرة القدرة أكثر من العين المبصرة على كشف الحقائق الباطنة في الوجود. كما يهدينا شرح السهروردي للإنشاد، أو «السماعي» الصوفي إلى توحّد الحواس «السمع والبصر» في ساحة القلب باعتباره مركز التجلي والتبيان الشطحي, هو وماطبقه بهزاد في اعتماده على التنويط الموسيقي اللوني باعتبار أن اللون صائت، وأن لكل لون صوته الخاص «أزيزه وصداه الروحي».

يبتدئ بهزاد بعد انتهاء الرسم التخطيطي بتوزيع الألوان النورانية المحايدة أو الصامتة بحيث تغمر مساحات شاسعة من التكوين على غرارمشتقات الرمادي والأصفر أو الذهبي أو الأهرة الباردة.. إلخ. ثم ينتزع البؤر البيضاء من محيطها، مثل تحديد مواقع العمامات الصفوية مع أوتادها الحمراء. يبدأ بحثه الجدّي عن المقام اللوني المسيطر ابتداء مما تقترحه بصورة حدسية هذه المبادرات الصباغية يبحث بطريقة لا تقبل التعديل المكملات اللونية لأحمر العمامة مثلاً وفق نوعه، يتزامن اللون الجديد المقابل «الأزرق» مع الأول، ثم يصل إلى مكملات صوتية أخرى دون أن يشوش سلم الإدراك البصري - الصوتي. تتعقّد بالتدريج الحوارات اللونية بحيث تبدو بؤرها الإشعاعية متباعدة، ترصّع الفراغ المحايد مثل الجواهر وقطع الزجاج المعشق، بحيث تغلب دومًا لديه القيم التجريدية على دلالات العناصر بما فيها الأشخاص، فاختيار لون القميص أو الرداء مرتبط ليس بواقعيته وانتسابه إلى الشخص الذي يرتديه، وإنما إلى المجموعات اللونية التي تجاوره بعكس منمنمات العهد المغولي التي كانت تستعيد آلية تصميم عرائس «خيال الظل» في رسم الحدود الحاسمة للشخص.

يتفوّق بهزاد في تقنيته اللونية المتوهجة على شتى مصوري العهود التيمورية والصفوية: ألوان تخزّن حرائق الشمس ورطوبة الفردوس. تمامًا مثل الإحساس الصائت بإطفاء قطعة الجمر في حوض من الثلج.

يصرّح أحد كبار معلمي التصوير الصيني: «في البدء كان الخط» بالنسبة إلى بهزاد «في البدء كان اللون». كان المعلمون من أمثاله لا يكتشفون مراحل تطور ألوان منمنماتهم إلا على مريديهم المقرّبين، من هنا ندرك أهمية النماذج الباقية النادرة غير المكتملة «على غرار التصوير المنشور في Les jardins du desir». (ص 74 تبريز . عام 1535 - قياس 20.8 × 11.5سم). والتي تثبت أن توزيع اللون كان يتم بطريقة تجريدية بمعزل عن دلالات المواضيع، وأن بعضها كان يختم واللوحة مقلوبة. هو ما يفسّر لماذا أصبحت هذه التصاوير ترسم على حدة وتلصق في أماكنها من المخطوطة بعد أن كانت تنفذ مباشرة في مواقعها. هي بعض إنجازات بهزاد الذي كان يمهر لوحاته بعبارة «عمل العبدبهزاد». فقد جعل القرار النهائي في إخراج تصاوير الكتاب في يد المصورين إثر مرحلة مديدة من سيطرة الخطاطين.

وبهزاد مولود في هراة عام 1450م وتوفي في تبريز عام 1536، انتشر تلامذته بين العديد من المحترفات، ووصل بعضهم بلاط أكبر في الهند المغولية مثل شيخ زاده. يمثل تصويره ذروة الاستقلال الوطني في الثقافة التصويرية الإيرانية. عاشر العديد من السلاطين بسبب طول عمره، وقد ظل في هراة برعاية حسين ببقرا ووزيره مير علي شير حتى انتقل إلى تبريز بدعوة من الشاه إسماعيل الصفوي عام 1510م ثم أصبح عام 1522م مسئولاً عن المكتبة الملكية، لذلك يعتبر البرزخ المتوسط بين العهد التيموري والصفوي.

تثبت تجربة بهزاد أن الاختلاف الجذري بين فلسفة التصوير البوذي الصيني والفلسفة الروحية للتصوير الإيراني أعمق بكثير من سطحية نقاط التشابه التي يؤكدها المستشرقون.

فالتنين تحول من رمز الخير إلى رمز للشر يصارعه خسرو أو بهرام غور أو اسكندر أو السيمورغ، أو الأسد «رمز الإمام علي بن أبي طالب»، والرسوم التي تعرض أنواع هذه الصراعات تعبّر بصيغة رمزية لاواعية عن التنافس العميق بين قارتي التصوير: الصين وإيران.

----------------------------------------

يُمزق الدهرُ حتمًا كل سابغةٍ
إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ
وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ
كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدانُ
أين الملوكُ ذَوو التيجانِ من يمنٍ
وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ؟
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ
وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ؟
وأين ما حازه قارونُ من ذهبٍ
وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ؟

أبو البقاءالرندي

 

 

أسعد عرابي 




سلطان محمد - موت زهاق - 1530 - عودة العناصر الصينية: الغيوم التنينية





سلطان محمد - زال في عش السيمورغ (العنقاء). نقيض بهزاد في الحفاظ على التأثير الصيني





بهزاد - «الخليفة المأمون في حمام تركي». هيرات 1494م - المتحف البريطاني - لندن





بهزاد - «بناء قصر الخورنق». هيرات 1494م - هيرات - المتحف البريطاني - لندن





سلطان محمد: خوسرو وشيرين





ميرزا علي - سلمان وأبسال في جزيرة سماوية - 1560م





مظفر علي - مشهد صيد أحصنة - تبريز - 1530 - 35م. مدرسة بهزاد في التخلي عن التقاليد الصينية