المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية

تراث

حرفنا التقليدية تندثر

منذ أن استوطن الإنسان الأحساء بالمملكة العربية السعودية منذ آلاف السنين وهو يعتمد على نفسه في تدبير شئونه الحياتية، تمكن من ابتكار أدواته التي يستخدمها في حياته اليومية كما كان أيضا هو من يقوم بالعمل بنفسه بيده دون أن يعتمد على أحد في العمل بدلا منه.

وقد اندثر عدد من هذه المهن، وبعضها في طريقه للاندثار. فمن المهن التي لم يعد لها ذكر اليوم ولانجدها الا في الجنادرية ومعارض التراث وأصبح عدد العاملين فيها من السعوديين يعدون على الأصابع مهنة النداف أو القطان التي اتخذها بعض الأسر التي امتهنت هذه المهنة اسما لها فهناك أسر باسم القطان في الأحساء لأنهم امتهنوا مهنة القطان، وهي أسر كريمة وكبيرة تعتز بهذا الاسم.

يقول قاسم عبدالوهاب بوحسن وهو من القلائل الذين مازالوا يمتهنون المهنة في منزله للتصوير فقط او الحضور للمناسبات التراثية لعرض هذه المهنة: «لم يعد هناك من يعمل فيها الا القلة، نحن نقوم من خلال الآلة القديمة بفرد القطن ونقوم بإدخاله وفرده في القماش ثم نقوم بضربه وخياطته ليكون فراشا أو طراحة للتدفئة كلحاف في الشتاء ونعمل المساند للمجالس التقليدية لأن هناك من لايزال يحتفظ بتلك المساند لأنها تراث الآباء والأجداد، غرف النوم أصبحت بديلا لمهنتنا فهي وثيره وجميله وجاهزه من مجاميعه».

وأصبحت مهنة خياط المشالح لبضع عشرات منتشرين هنا وهناك، وأصبحت اليد العاملة الوافدة الرخيصة تنافسهم، أما الخياطون الأصليون فقد تخلوا عن مهنتهم المتعبة التي لاتدر عليهم أموالا تكفيهم كما يقول إبراهيم الحمد وعلي وحبيب بوخضر وعلي القطان والسبب أن اليد الوافدة أرخص فيقبل عليها أصحاب محلات الخياطة حتى المرأة التي كانت تقوم بعمل جزء من المشلح لم يعد لها وجود.

كانت في المبرز والهفوف وفي عدد من القرى بيوت للحياكة وهناك أسر سميت بهذه المهنة انتهت الآن ولم تعد موجودة حاليا إلا في معارض التراث، يقول علي محمد المحسن وهو شاب تعلم المهنة من جده لأمه: لايوجد من يعمل إلا جدي وأنا، وهناك ربما شخصان في القرى، والسبب ان خياطي المشالح لم يعودوا يحتاجون إلى أقمشتنا التي نحيكها لأن المستورد ومصنع الأقمشة بالأحساء أصبحا يغنيانهم.

أسماء كثيرة ومشهورة من الخبازين الأحسائيين اختفوا ولم يعد لهم وجود، أصبح الخباز هو من الوافدين لأن البعض يقول لم تعد مهنة الخباز تدر علينا اموالا تكفي لسد متطلبات الحياة، والسؤال كيف لهذا الوافد ان يجمع من هذه المهنة آلافاً من الريالات ويحولها لبلاده؟

ومهنة الخرازة التي تقوم على الجلود لصنع النعال والأحذية والجوارب الجلدية اختفى السعوديون منها ولم يعد لهم وجود على الإطلاق إلا في مهرجانات التراث فقط وبالكاد تجد واحداً للمشاركة أصلاً.

أما المدّاد، وهو من يقوم بعمل المدة وهي الحصير الخاص بالمنازل والمساجد وتؤخذ أدواتها من نوع من النبات يسمى الأسل يؤخذ من المستنقعات. ومهنتا القفاص والخواص، كادت تلك المهن تندثر إلا من بعض الأشخاص من الجنسين ومواد تلك الصناعة تؤخذ من النخيل وسعف النخيل لصنع أسرة الأطفال وأسرة الكبار والمقاعد والأقفاص للرطب ولحفظ الألبان والسجم والحصير والقفة وغيرها.

مهنة النجارة كان لها شأن، وكان لها سوقها الخاص لصنع الأبواب والشبابيك وقد التصق الاسم بعائلات سميت باسم المهنة اختفت ولم يعد لها وجود، كان النجار يصنع المحالة وهي أداة سحب الماء من الآبار.

والتصق اسم الحداد باسم عائلات كبيرة وشريفة تعتز بمهنتها، اختفت هذه المهنة التي صنعت الصناديق والأبواب الحديدية وأدوات الطبخ والشرب وخزانات المياه والخزانات الحديدية والمناقل لعمل الجمر للنار وغيرها، اختفى أصحابها ولا يوجد من ممتهنيها إلا واحد أو اثنان.

كما اختفت مهن الحفار، والغراش الذي يصنع من الطين الأواني، والتنانير للخبز والمساخن التي يبرد فيها الماء قديما، والحبّال الذي يصنع الحبال من ليف النخيل، وكانت مهنة سادت ثم بادت، ولم يعد أصحابها موجودين إلا في معارض التراث فقط لعرض مهنهم التقليدية في المناسبات.

يقول المهندس عبدالله الشايب أحد المهتمين بالتراث ومن أوائل من أسسوا مركزا للتدريب أسماه مركز النخلة للتدريب على المهن القديمة: مركزنا ليس للربح بقدر ما هو للحفاظ على مهننا التقليدية من خلال تدريب الشباب والصغار على هذه المهن، ووجدنا التشجيع من الهيئة الوطنية للسياحة ومن جميع المسئولين.

ويمكن تكرار القول عن مهن الشاوي (مهنة رعي الاغنام والماعز)، والبطاط (تنظيف النخيل من السعف والخوص والشوك)، والطبال (صانع الطبول والدفوف)، والعكافة (مهنة تخص السيدات اللاتي يقمن بتزيين العرائس في ليالي الزفاف أو المناسبات الشعبية)، والدبّاغ (دباغة الجلود)، وغيرها العديد من المهن التي اختفت ولم يعد لها ذكر الآن.

عبدالله القنبر

معارض

الآثار الإسلامية في بروكسل

افتتح في العاصمة البلجيكية، بروكسل أخيراً المعرض الشامل للآثار الإسلامية ضمن نشاطات المتحف الوطني البلجيكي لهذا العام. ولعل إقامة هذا المعرض تأتي لتسليط الضوء على الاهتمام الذي أبدته الجهات المنظمة لكون المعرض يهدف الى التعريف بالتاريخ الإسلامي والمأثورات الإسلامية من فنون وطرز عمارة وغيرها. اشتمل المعرض على سبعة اقسام تنوعت مصادرها، فمنها ما جاء استعارة من متحف اللوفر الشهير في باريس أو المتحف البريطاني بينما القسم الأكبر كان من مقتنيات المتحف نفسه.

ضم المعرض اكثر من خمسمئة تحفة آثارية ثمينة، حيث غطت الأقسام السبعة للمعرض فترات متعددة من التاريخ الإسلامي ومنها فجر الحضارة الإسلامية والخلافتان الأموية والعباسية مرورا بحكم الفاطميين والمغول والقاجاريين والمماليك وصولا الى حضارة الأندلس.

هذه البانوراما الواسعة التي اشتمل عليها المعرض تمثلت في النفائس التي كانت تستخدم في تزيين المساجد الإسلامية من أبواب وفسيفساء ونقوش وزخارف وصولاً الى الخط العربي للقرآن الكريم.

هذا الجانب وفر لزوار المعرض إمكانية التعرف على واحد من أعرق الفنون الإسلامية واخصبها وهو الخط العربي ممتزجا بالزخرفة الإسلامية او تلك التي يستخدم فيها الخط وحدات زخرفية.

هذه الغزارة الجمالية في استخدام الحرف العربي مثلت أحد أهم ملامح هذا المعرض الشامل، حيث يظهر الخط والزخرفة مصاحبين للمخطوطات ولتزيين المساجد, كما ينتقل الى تلك الأعمال التزينية الأخرى التي مثلت أعمالاً فنية مستقلة, كما هي أعمال يحيى الواسطي التي تجمع مابين الفن التزييني والقصص الدالة التي جاءت مع مقامات الحريري ذائعة الصيت.

يضاف إلى هذا أن تلك الفنون الزخرفية الإسلامية العريقة قد ذهبت الى مفردات الحياة اليومية في إطار الاستعمال اليومي كما في أشغال السجاد اليدوي المعمول بالحرير، الذي يظهر ايضا جماليات الخط والزخرفة الإسلامية حيث شمل المعرض العديد من هذه الأعمال.

وإذا كانت الزخرفة الإسلامية قد امتدت الى مفردات الحياة ممتزجة بالخط العربي فإن المعرض قدم مثالاً مهماً على ذلك بعرض واجهة خشبية مزخرفة وملونة هي واجهة أحد المنازل من عصر حضارة الأندلس المزدهرة.

كما قدم المعرض نماذج من اسطنبول ومن فاس ومن أصفهان ومن الكوفة، وكلها حواضر إسلامية نحت فيها الفن الإسلامي عميقا وكان، ومازال، مؤثرا فيها.

على ان ما يلفت النظر مثلا في مجموعة من الآثار القادمة من مصر أيام المماليك والفاطميين المشربيات وفنون الحفر على الخشب والفسيفساء الإسلامية متقنة الصنع التي أرخت لعصر مزدهر بتلك الفنون الممتعة للنظر، كما اشتملت الحقبة المهمة من التاريخ المصري على قلنسوة للسلطان قلاوون بالغة الروعة وهي قلنسوة من النحاس منقوش عليها لفظ الجلالة بشكل متكرر وتزينها الزخرفة الإسلامية.

على ان الحضارة الإسلامية وقد وصلت شتى الأصقاع فقد صار واجبا أن يجري تقديم نماذج منها من مشارق الأرض ومغاربها، إذ تم عرض آثار من ايران كما الآثار القادمة من حواضر آسيا الوسطى وحتى الهند وباكستان.

هذا التنوع أتاح متعة حقيقية لتتبع تلك الحقب المزدهرة، التي انتجت كل هذا الإبداع، وقد بدا ذلك جليا من خلال مجموعة اللقى الآثارية للصحون والأطباق المصنوعة من الفخار بطريقة هندسية متقنة، وكذلك أعمال السيراميك التي قدم المعرض نماذج منها قادمة من سورية ومصر والعراق.

ولعل ما يلفت النظر في هذا المعرض هذه الكثافة التعبيرية للفنان الإسلامي وهو يقدم نفسه وتاريخه من خلال شتى ضروب الإبداع..

وبالإضافة الى الفنون التزيينية التي توزعت في أرجاء المعرض فقد كان للزي نصيب أيضاً فضلا عن المفروشات من سجاد وغيره، اذ تم تقديم مجموعة من الأزياء التقليدية من مختلف الحقب في أحد أركان المعرض، هذا بالإضافة الى ما يرافق الرجل في تلك الحقب من اكسسوار ممثلا في الخنجر والسيف، إذ قدم المعرض نماذج متعددة من الخناجر ومنها ما يعود إلى حضارة اليمن وعرضت مصحوبة بصور لمواطنين يمنيين بزيهم التقليدي وفي أحزمتهم تم وضع الخناجر اليمنية التقليدية.

وإذا كنا قد تحدثنا عن مقتنيات المعرض من فنون تزيينية وأزياء وقطع من الأثاث، فإن علوم المسلمين القدامى كانت حاضرة هي الأخرى في هذا المعرض المهم، وذلك من خلال تقديم نماذج من الأسطرلاب الذي كان سائداً خلال قرون خلت للتعرف على الاتجاهات، وقد اشتمل المعرض على نماذج إبداعية متعددة وكلها مصنوعة بعناية وبدقة هندسية تبعث على الإعجاب.

كما سلط المعرض الضوء على جوانب من الحياة الاجتماعية للمرأة، اذ عرضت مجموعة من الحلي الذهبية وغير الذهبية مصنوعة بعناية فائقة تدل على مهارة الصانعين في تلك الفترة المتباعدة من التاريخ الإسلامي فضلاً عن أدوات الزينة من مرايا ومكاحل وغيرها.

ولعل التجوال في أرجاء هذا المعرض الاحتفالي متعة حقيقية لأنه يعود بنا إلى قرون خلت، فإن ما أضاف للمعرض جمالا هو استخدام الوسائل السمعية - البصرية (ملتميديا)، في عرض المزيد والمزيد من التفاصيل، إذ بمستطاع زائر المعرض أن يشارك ويتلقى المعلومات بلمسة من أصبعه على واجهة اكثر من شاشة توزعت في المكان، لتنفتح أمامه الآفاق إذ ينفتح أمامه باب يتيح له السفر عبر التاريخ ويتنقل بين البلدان في نوع من الزيارة التفاعلية للتاريخ.

د. طاهر علوان

تكريم

المكتبة الوطنية تكرم شاعر الطفولة العربية

تقديراً لإنجازاته وخدماته الجمة، ومساهماته الجليلة في خدمة الطفولة العربية، والشعر العربي بصفة عامة، وتبنيه لقيم الثورة الجزائرية ودفاعه عنها وعن مبادئها، كرمت المكتبة الوطنية الجزائرية الشاعر سليمان العيسى، وجاء هذا التكريم في إطار ما تجريه المكتبة من نشاطات مكثفة لاسيما بمناسبة الذكرى الستين لاغتصاب فلسطين العربية، كما أن التكريم أتى على هامش الصالون الدولي لكتاب الطفل والناشئة المنظم بمقر المكتبة بالحامة، وقد حضر هذا اللقاء لفيف من الأدباء والكتاب والشعراء والصحفيين والأساتذة من شتى الأقطار العربية، من الجزائر ومن مصر وسورية والعراق واليمن، عبر من خلاله الحضور عن تقديرهم وإعجابهم الشديد بأعمال وشخصية هذا الشاعر الخنذيذ، ففي كلمته الافتتاحية أشاد د.أمين الزاوي مدير المكتبة الوطنية بالشاعر سليمان العيسى، قائلاً: «إن هذا التكريم هو لرجل استطاع أن يجعل من العالم العربي وطناً واحداً، وأن يقدم شعراء اللغة العربية لأطفالنا بشكلٍ مبسطٍ، فقد أبدع بعطاءاته الفكرية والأدبية والشعرية لفائدة الطفل العربي، فهو يُعد من أكبر الشعراء العرب الذين ساهموا في إثراء المكتبات العربية في هذا الميدان»، وأضاف الدكتور الزاوي متحدثاً عن الجهود التي قام بها الشاعر من أجل الثورة التحريرية الجزائرية حيث قال إنه: «كان رسول الثورة الجزائرية في العالم العربي، واستطاع أن يزرع هذه الثورة في قلب الأمة العربية جمعاء، وتصدر قائمة آلاف الشعراء العرب الذين أبدعوا بأقلامهم وقصائدهم عن الثورة التحريرية الكبرى».

وبالرغم من أن الوضع الصحي للشاعر حال دون حضوره التكريم، إلا أنه وجه رسالةً للمكتبة الوطنية وللجزائر، قرأها نيابة عنه الأستاذ محمد أبو سرية، المكلف الشئون الثقافية بالسفارة السورية بالجزائر، عبر فيها الشاعر عن سعادته وتأثره بهذا التكريم واعتذر عن غيابه بسبب وضعه الصحي، كما أعرب من خلالها عن شكره للمكتبة الوطنية التي خصته بهذه الالتفاتة عرفاناً له بكل ما قدمهُ لفائدة الأطفال العرب، ومما قاله الشاعر في رسالته: «منذ أربعين سنة وأنا أكتب للأطفال دون انقطاع، لحثهم على حب الوطن، لقد كتبت أناشيد وقصصا شعرية ونثرية وألفت مسرحيات غنائية لهؤلاء البراعم الذين هم جيل المستقبل الواعد»، وتعرض الشاعر من خلالها إلى تجربته في الكتابة للطفل حيث أشار إلى أنه مازج بين الأسلوب السهل البسيط والقريب البعيد حتى يحقق المعادلة الشعرية الجميلة التي يعتمد من خلالها على الصورة الشعرية البديعة والفكرة الخيرة والوزن الموسيقي الرشيق، ودعا الشاعر إلى الاعتناء وإيلاء الأهمية الكبرى للطفولة العربية، ومنحها الحرية في التعبير عن هواجسها الطفولية، قائلاً: «دعوا الطفل يغني بل غنوا معه».

ومن جانبه نوه الأستاذ نمير الغانم، سفير الجمهورية السورية بالجزائر بإنجازات الشاعر، فرصد من خلال كلمته أعمال الشاعر التي تخطت جميع الحدود الإقليمية، ومما قاله إن الشاعر سليمان العيسى: «تمكن من تجاوز حدود القطر ليصبح شاعر كل العرب»، واعتبر هذا التكريم: «فرصةً لإبراز ما قدمه هذا الشاعر لفائدة أطفال كل الأمة العربية، وخاصة أن الشاعر لطالما كان يؤكد في كل مرةٍ أن حلم الوحدة العربية لن يتحقق إلا من خلال حماية الأطفال وتربيتهم على مبادئ حب الوطن والكفاح من أجل تحرير كل الأراضي العربية المسلوبة والعيش في كرامة وسلام».

أما د. جمال العتابي من العراق، فقد تركزت مداخلته على العلاقة التي جمعت الشاعر بالعراق من خلال شخصه وإبداعاته التي احتفي فيها أيما احتفاء بأرض العراق التي أحبها الشاعر، فقد درس بها وتخرج منها، فأشار إلى أن العراق كان في مقدمة الدول التي قدمت الشاعر سليمان العيسى للقارئ العربي، واغتنم الدكتور العتابي الفرصة ليوجه الدعوة إلى الدول العربية للمساهمة في إعادة ترميم دار الثقافة للأطفال ببغداد التي تحتوي على جزء كبير من أعمال الشاعر، وقد تعرضت هذه الدار للنهب والتخريب والدمار جراء الغزو الأمريكي للعراق، كما شدد على ضرورة إنقاذ الموروث الثقافي والأدبي العراقي الذي يتعرض للنهب والحرق والتشتيت.

واستحضر د.إسماعيل عبد الفتاح من مصر النشاطات والرحلات التي كان يقوم بها الشاعر سليمان العيسى، لافتاً الانتباه إلى أن الشاعر «كان دائم الترحال وكان حريصاً على الحضور والمشاركة في مختلف الفعاليات الثقافية سواء في مصر وفي شتى أصقاع العالم العربي»، وقال السفير اليمني بالجزائر إن: «هذه الالتفاتة من جهاز ثقافي كالمكتبة الوطنية الجزائرية هي لفتةٌ جاءت في مكانها ومحلها، فالشاعر سليمان العيسى جذوره ضاربةٌ في كل مكان وفي مختلف الأقطار العربية». وفي ختام هذا الاحتفاء أجمع الحضور على الدور الريادي لهذا الشاعر الفذ، وشددوا على ضرورة الاهتمام بأعمال وإبداعات المُحتفى به، وأعلن

د. أمين الزاوي أن المكتبة الوطنية وبالتنسيق مع وزارة الثقافة قد قررت إعادة طبع ديوان الشاعر الذي كتبه عن الثورة الجزائرية، وكذا ترجمة أعماله إلى اللغة الفرنسية كاعتراف لما قدمه من أعمالٍ وجهودٍ جبارة لخدمة أجيال الطفولة العربية.

وبقي أن نقول إن الشاعر سليمان العيسى قد أمتع أجيالاً بشعره ومسرحياته المتميزة سواء في مجال أدب الأطفال، أو الكبار، وقد ولد شاعرنا سنة 1921م بقرية النعيرية (أنطاكية - لواء إسكندرون) حيث تلقى تعليمه الأول في قريته وفي مدينتي حماة ودمشق، ثم سافر إلى العراق لمواصلة دراسته وتخرج من دار المعلمين العليا ببغداد، وقد عمل أستاذاً ومدرساً في العديد من المدارس في مختلف المدن السورية، كما شغل منصب موجه أول للغة العربية في وزارة التربية السورية، وهو واحدٌ من عمالقة الشعر العربي المعاصر فقد جايل كبار شعراء العروبة في العصر الحديث، أمثال:نزار قباني، ومحمد الماغوط، والجواهري، وبلند الحيدري، وغيرهم، وشاعرنا غزير الإنتاج فمؤلفاته تربو على أربعين مؤلفاً في شتى الأجناس الأدبية.

ذكرى

محمد الشبوكي: الشاعر الزاهد للثورة الجزائرية

مرت ثلاث سنوات على رحيل الشاعر محمد الشبوكي، الذي يصفه العديد من دارسيه بشاعر الثورة التحريرية الزاهد، ويصنفه نقاد في المرتبة الثانية بعد شاعر الثورة الكبير مفدي زكريا، وبمناسبة حلول هذه الذكرى شهدت جُملة من المنابر الثقافية في الجزائر إقامة مجموعة من الندوات والملتقيات تخليداً له.

من بين هذه الندوات التي انعقدت تلك الندوة الأدبية التي شهدتها الجمعية الثقافية الجاحظية التي يترأسها ويشرف عليها الأديب والروائي الكبير الطاهر وطار، اشترك فيها لفيفٌ من الكتاب والأدباء والصحفيين، وبحضور نجل الشاعر د.سعدان الشبوكي.

كان الشاعر ينشر قصائده المجلجلة في جريد: «البصائر» الصادرة عن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كما استحضر الشيخ شيبان يوم رحيل الشاعر وأجواء جنازته، حيث شُيع الشاعر بمسقط رأسه بالشريعة بولاية تبسة إذ امتلأت الأرض بأفواج المعزين من داخل الوطن وخارجه والكل يتحدث عن هذا الرجل البار الذي منحهُ الخالق ملاحة في الخلقِ والخُلُقِ، فهو ذلك العالم والشاعر والسياسي والإداري قضى حياته التي بلغت تسعاً وثمانين سنة في خدمة شعبه وأمته. أما نجل الشاعر د.سعدان، وهو يشغل منصب مدير المركز الجامعي بولاية المدية، فقد أثنى على وزارة الثقافة التي بذلت جهوداً محمودة في سبيل نشر وطباعة الأعمال الشعرية الكاملة لوالده التي صدرت تحت عنوان «دوّب القلب». ومن جهته استعرض الدكتور عثمان سعدي، رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية، الذي تتلمذ على يد الشاعر، أهم ملامح تجربة الشاعر في زواياها المتعددة الشعرية، والنضالية، والسياسية، والإنسانية، ، ومما قاله الدكتور سعدي في مداخلته المطولة: «إن الشيخ محمد الشبوكي - رحمه الله - من القليلين الذين كرسوا حياتهم للدفاع عن اللغة العربية والدين الإسلامي، وقد كنت تلميذه في الأربعينيات بمدرسة تهذيب البنين والبنات، واتسم شعره بالنضال السياسي»، كما تطرق الدكتور سعدي إلى تجربة الشيخ الشبوكي في مجال المسرح من خلال مسرحية: «بين الليل والنهار»، التي اشترك في كتابتها مع الأستاذ الأديب إبراهيم مزهودي، هذه المسرحية التي تضمنت نفحاتٍ وأبعاداً سياسية وعبرت تعبيراً دقيقاً عن الواقع الجزائري وتحولاته. وكيف أن الشاعر كان ذا ذوقٍ فني رفيعِ وأصيل إذ كان متجاوباً مع أداء الفنانة فيروز، وقد أبدع الشاعر قصيدة من روائعه في مدح هذه الفنانة صاحبة الصوت الساحر موسومةٌ بـ: «أين الفيروز»، وكان الشاعر عاشقاً ومُحباً وُمعجباً أيما إعجابٍ بشاعر تونس الكبير أبي القاسم الشابي، إذ زار قبره في مدينة توزر، وكتب فيه قصيدة عصماء تحت عنوان «وقفة على ضريح أبي القاسم الشابي»، كما تضمن ديوان الشاعر عدداً من القصائد الغزلية كقصيدة «لا تلمني»، والتي مطلعها:

لا تلمني إذا سمعت أنيني
ورأيت الدمع ملأ جفوني

وتجدر الإشارة إلى أن الشاعر من مواليد سنة 1915م بمنطقة ثليجان التابعة لدائرة الشريعة بولاية تبسة، حيث تتلمذ في البداية على يد والده وحفظ القرآن الكريم، وفي أوائل الثلاثينيات انتقل إلى الجنوب التونسي لتلقي الدروس والمبادئ الأولية في العلوم الشرعية، وبعد ذلك عاد إلى وطنه ودرس على يد الشيخ العلامة العربي التبسي، وهو أحد رفقاء درب رائد النهضة الجزائرية الإمام عبد الحميد بن باديس.

محمد سيف الإسلام بوفلاقة

تلفزيون

قناة إخبارية أوربية باللغة العربية

انضمت قناة جديدة ناطقة بالعربية إلى باقة القنوات الأجنبية الناطقة بالعربية، وذلك مع إطلاق قناة أوروينوز لغتها الثامنة (العربية) متزامنة مع اجتماع القمة للاتحاد من أجل المتوسط في العاصمة الفرنسية باريس.

فيليب كايلا الذي يرأس أورونيوز منذ العام الفين وثلاثة يقدم مشروعه بابتسامة لا تخلو من الاعتزاز ويقول : «أورونيوز يتابعها أكثر من مائتي مليون مشاهد حول العالم وهي تبث عبر خمسة وثلاثين قمرا اصطناعيا».

وعند سؤاله عما ستقدمه المحطة من جديد في ظل المنافسة الحادة، يقول : ما يميز أورونيوز عن باقي المحطات أنها لا تتكلم باسم أي حكومة او أي نظام، فمعظم القنوات الناطقة بالعربية تمولها حكومات وهي تحاول شرح سياستها عبر هذه المحطات، أما نحن فسيدنا الوحيد هو المعلومة والخبر الصحيح، الخالي من كل حشو وزيادة ومن هنا كان شعارنا الجديد: «النقي».

«فنحن ليس لدينا أي رسالة نوجهها الى المشاهد الذي هو باعتبارنا أذكى وأوعى من أن يوجه، لكونه يمتلك ما يكفي من الوعي لتكوين رأي خاص به وتفسير المعلومة التي يحصل عليها. نحن ننقل اليه خبراً وليس رسالة».

«وتعمل أورونيوز برأسمال مختلط من القطاع الخاص وحصلت على تمويل من المفوضية الأوربية للغة العربية لمدة خمس سنوات. بعد هذه الفترة يتعين علينا إيجاد شراكات، أما انطلاق اللغة العربية مع انعقاد مؤتمر القمة من اجل المتوسط فإنه مصادفة سعيدة، وسنكون القناة الوحيدة التي تغطي مختلف أنحاء العالم العربي. ومنافسونا هويتهم عربية أو ناطقون باسم حكومة إما نحن فننقل وجهة نظر عالمية». «وليس لدينا أجندة مسبقة ومؤشرنا سيكون هو نفسه في كل مكان. المواضيع التي نطرحها تلاقي اهتمام المشاهد العربي وصحفيونا سيعطون نفسا جديداً داخل قاعة التحرير».

«نحن نعتقد أن المقاربة المثيرة للخبر تشوه قدرة المشاهد على الحكم. ونحن نؤمن بذكاء المشاهد، ومهمة القناة تتلخص بنقل المادة الإخبارية بسرعة مع التحقق من صحتها، خبر صحيح وسريع ومقتضب.

هذه هي السياسة التي نتبعها منذ خمسة عشر عاما وهي نقل خبر صحيح من دون زيادة أو حشو ويساعدنا على ذلك الغياب الكلي للوجوه وحلقات الحوار وهذا المفهوم أثبت نجاحه، والدليل على ذلك موقعنا فنحن نأتي في قائمة القنوات الإخبارية مع مساهمينا ليس هناك مساهم بحصص متساوية ونعمل على خمسة وثلاثين قمرا اصطناعيا».

وتعتمد أورونيوز على خبرة صحفيين ناطقين بثلاث أو اربع لغات من حول العالم يعملون في قاعة تحرير مشتركة. وكون رئيسها تولى إدارة شركة الكاتيل للاتصالات، فإن خبرته التقنية بمحيط الاتصالات تلعب لمصلحة المحطة. وتنوي المحطة إطلاق لغتين أخريين إلى جانب العربية في المستقبل القريب لتصل بذلك الى عشر لغات.

ويشير فيليب كايلا الى ان الدول العربية كانت لها مساهمة في رأس المال وقد أعادت تونسن والمغرب، والجزائر إحياء مساهماتها «ونحاول اقامة شراكة مع دول الخليج العربي».

مسرح

صقر قريش في حمص

في كل عام تعيش حمص ألقها الجبلي المعتاد في مهرجان ثقافي فني اجتماعي ضخم تتنقل فعالياته بين طرقات وادي النضارة لتصل قمتها في قلعة الحصن التي تعد من أجمل قلاع العالم. يحمل هذا المهرجان ألقه لكونه يمثل تلاحم الناس في شتى أصقاع الأرض، فأبناء المنطقة يلتقون بمغتربيهم في أستراليا وأمريكا وأوربا، وأبناء دول الخليج يجدون في متعة العروض الفنية والثقافية ميزة مضافة لجمال الطبيعة وبرودة الجو التي تنقذهم من لظى حر بلدانهم في الصيف، كما تجتمع في هذا المهرجان أمم الأرض من الزائرين الأجانب الذين يأتون خصيصاً ليشاهدوا قلعة الفرسان Crac des Chevaliers حيث عاش بعض من أجدادهم فيها زمن الحروب الصليبية فبهرتهم روعة الانفتاح والتسامح الذي عرفه أهلوها ليقود جيوشهم عبد مملوك اسمه بيبرس، أظهر براعة الأبطال فأصبح سلطاناً يعتز به كل العرب، كما حنوا رؤوسهم لصاحب المجد الأكبر صلاح الدين الذي حمل من الإنسانية بقلبه مقدار ماحمل من القوة بسيفه فاحترمه أعداؤه بقدر محبة مواليه له، واستحق أن يخلد في تاريخ هذا الشعب العظيم.

لكن اللافت للانتباه أن يطير هذا العام صقر من صقور العرب الأشاوس لينقل رحلته الأندلسية الشهيرة التي أقامت مجد بلاد الشام في الأندلس، ليجعل من حضارة العرب أوابد خالدة في قلب أوربا التي تتهم اليوم شعوب هذه الأمة أحياناً بالجهل والتخلف وتلصق بأبنائها تهمة الإرهاب الذي لم يجد يوماً بيئة يعيش فيها في بلاد العرب.

صقر قريش الذي هاله أفول نجم أجداده الأمويين من بلاد العرب والإسلام وتحول الخلافة الى دولة أبناء عمومته العباسيين الذين سكروا من نشوة الملك فبدأت الشعوب المجاورة في تقويض مملكتهم التي لا تغرب عنها الشمس، فطار إلى بقايا ممالك أجداده ليلم أشلاء أمة كادت أن تضيع ويعيد مجداً كاد أن ينقضي.

في واحدة من أجمل المسرحيات الاستعراضية الراقصة تألقت فرقة «إنانا» من جديد في عرضها «صقر قريش» الذي افتتحت به حمص مهرجان القلعة والوادي لهذا العام، فوضع المخرج المبدع جهاد مفلح كل إمكاناته الفنية المتاحة للاستفادة من روعة المكان التاريخي لإظهار شكل مختلف لهذا العمل المميز الذي يعرضه في دمشق ليكون له لون وطعم آخر في حمص.

عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الذي ولد عام 113هـ وهاله استبسال عبد الرحمن الغافقي الذي أخفق في نشر رسالة الإسلام السمحة في أوربا الغارقة في الظلام وعاصر سقوط دولة بني أمية، وشاهد الأعلام السوداء وهي قادمة من خراسان تكتسح أمامها جيوش بني أمية، استطاع إزاء هذا السقوط الأموي الفرار من قبضة العباسيين، ليصل إلى بلاد المغرب حيث ظل متخفيًا ست سنوات يتابع ما يحدث في الأندلس، محاولاً إعادة مجد بلاد الشام في أقاصي المغرب العربي وتخوم أوربا، مظهراً مجد الحضارة العربية التي أخفقت سيوفها في اكتساح الغرب فتكون لأقلامها وعلومها وفنونها وثقافتها وقع السيف.

يصور العمل بعرضه البانورامي المذهل وبألوانه وحركاته ذكاء وحنكة عبد الرحمن الداخل الذي استطاع مراسلة أنصار بني أمية في الأندلس، وتذكيرهم بحقه في تلك البلدان التي كانت تتبع بني أمية باسطاً لهم الآمال إن نجح في إعادة ملكه، وبعد عبوره إلى الأندلس في ربيع الثاني عام 138هـ ظل ستة أشهر تتدفق الناس عليه كي تبايعه فخاض مواجهة حاسمة مع يوسف بن عبد الرحمن الفهري والي الأندلس من قبل العباسيين في عيد الأضحى عام 138هـ في موقعة «المصارة» بالقرب من قرطبة، وكان النصر فيها حليف عبد الرحمن الداخل وأنصاره، وكان انتصار عبدالرحمن الداخل كبيرًا، وجد فيه بعض التعويض عما عاناه طوال سنوات الشقاء فشعر بنشوة النصر وبادر الى تدعيم وتوطيد هذه الدولة الجديدة والمحافظة عليها.

اختتمت فرقة إنانا عرضها الذي كتبه ياسر أيوبي بوضع المشاهد في قمة مجد تلك الإمبراطورية المحدثة التي استمرت مستقرةً فترة طويلة، لكن هذا الترف والمجد تبدد مع الأسف مع تبدد أسباب القوة والاستمرار التي ساعدت على قيام المملكة وقوتها فبدأ نجمها بالزوال شيئاً فشيئاً لانشغال ملوكها بالحروب الداخلية مع الخارجين عليهم.

د. دارم طباع

مخطوطات

إعادة الحياة لمائة كتاب نادر من مخطوطات الكويت

أعادت مكتبة الإسكندرية إلى الحياة نحو مائة كتاب نادر من مقتنيات دار الآثار الإسلامية بدولة الكويت، بعد أن أخضعتها للترميم في مركز المخطوطات على امتداد ستة شهور تم خلالها: التبخير والمعالجة الكيميائية، الترميم للأوراق بعد فكّها وإدخالها إلى ماكينات الترميم الآلي بالمعمل، إعادة تجليد الكتب بالخامات نفسها التي صنعت منها الأغلفة الأصلية. وقد تمت هذه الخطوات كلها داخل وحدات معمل الترميم، وانتهت على أفضل وجه ممكن، وفقًا للمعايير الدولية للترميم. وها هي مجموعة الكتب، ومعها مصوراتها الدالة على حالتها قبل الترميم، تشير إلى نجاح هذه الخطوة المهمة، المؤكدة للدور الذي أصبحت مكتبة الإسكندرية تقوم به بعد خمسة أعوام فقط من افتتاحها، فهذه المكتبة الفريدة في منطقتنا لا تعنى بالتراث ونوادر المقتنيات في الإسكندرية وحدها، ولا في مصر تحديدًا، بل تحثّ خطاها على القيام بدورها الإقليمي - العربي، كمؤسسة ثقافية رائدة، متنوعة الأهداف والإنجازات.

ونظرًا لأهمية هذا المشروع، ومن منطلق القيمة الأثرية والتاريخية لهذه الكتب النادرة التي لا تقل من ناحية القيمة بحال من الأحوال عن بعض المخطوطات، فقد أقامت مكتبة الإسكندرية احتفالية رسمية رفع فيها علم مصر إلى جانب علم الكويت.

وقام الدكتور يوسف زيدان، مدير مركز المخطوطات، بتسليم هذه الكتب في حالتها الجديدة إلى مندوب الشيخة حصة الصباح، المشرفة العامة على دار الآثار الإسلامية.

وقد أعرب عبدالرحمن العجمي، مدير إدارة البرامج الإعلامية التقنية والعلاقات العامة، عن سعادته الغامرة بزيارة مكتبة الإسكندرية، واطلاعه مع زميلته أمل الهزاع، مسئولة مكتبة الدار، على مراكزها العلمية، في حين أشاد زيدان بالجهد الكبير الذي بذله المرممون طيلة الأشهر الماضية، والحماس الذي كان يحدوهم لإنجاز هذه الخطوة، حتى أن كثيرًا منهم كانوا يباشرون أعمالهم بعد انتهاء أوقات العمل الرسمية، وفي أيام الإجازات الأسبوعية، حرصًا منهم على الالتزام بأعلى معايير الجودة المطلوبة للترميم، في الزمن المحدد للانتهاء من هذه الأعمال وفقًا للاتفاق المبرم بين المركز والدار.

وفي حضور مجموعة من الصحفيين وممثلي وكالات الأنباء العالمية أعلن الدكتور يوسف زيدان: «هذه الكتب النادرة التي نحتفل بتقديم مجموعتها المقتناة إلى دار الآثار الإسلامية، هي أوعية معلومات لا تقل أهمية عن المخطوطات. بل إن بعض الكتب النادرة، يعود زمن صدورها إلى ما قبل كتابة بعض المخطوطات بمئات السنين، ويكفي أن نلقي نظرة سريعة على نماذج من هذه المجموعة المرمّمة، لنعرف الأهمية البالغة لهذه الكتب النادرة التي منها: «ملحمة الحروب اليونانية الثانية» لسيليوس إتاليكوس، وقد نشر هذا الكتاب النادر، الذي يعد أقدم كتب المجموعة صدورًا، سنة 1512 بباريس. ويضم قصيدة «سيليوس إتاليكوس» الملحمية عن الحروب البونية الثانية التي جرت بين القائد القرطاجني هانيبال (هاني بعل) وروما، بالإضافة إلى شروح كتبها بترو مارسو على القصيدة، ودراسة عن حياة الشاعر كتبها بيترو ريتشيو.. وسيليوس إتاليكوس شاعر وسياسي روماني ولد سنة 25 ميلادية وتوفي سنة 101. وكان يعمل مستشارًا للإمبراطور نيرون. وتعد ملحمة «الحروب البونية الثانية» أهم أعماله قاطبة، ومنها أيضًا «معجم وفهرس لأعلام الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد» الذي جمعه روبرت إتيين كملحق لطبعته المشهورة من الكتاب المقدس، والمعروفة باسم الطبعة الكومبلوتنسية متعددة اللغات، نشره إتيين عام 1528 في ستة مجلدات، ويعد هذا الفهرس المجلد السادس منها. وبعد تنقيحه وإثرائه بكثير من الإضافات والشروح، قام إتيين بنشر هذا الفهرس بشكل منفصل عام 1537 بباريس، وتضم هذه المجموعة أيضًا كتاب «تاريخ الحبشة» الذي وضعه المستشرق الألماني الكبير هيوب لودولف (1624 - 1704).. الاسم الأكبر في الدراسات الحبشية إبان القرن السابع عشر. ومن المعروف عنه أنه كان يجيد ما يقرب من 25 لغة قديمة وحديثة، ويعد كتابه «تاريخ الحبشة» أشهر أعماله وأهمها. وتضم هذه الطبعة نص الكتاب كاملاً بالشروح والإضافات التي ألحقها لودولف بمتن الكتاب بعد ذلك. إذ تضم الكتاب (الأصل) الذي نشر عام 1681، ثم الشروح التي نشرت عام 1691 ثم الملاحق التي نشرت ما بين عامي 1963

و 1694. والكتاب يعد حتى الآن أحد أهم المراجع في الدراسات الحبشية من زاوية الدراسات التاريخية، اللغوية، الدينية، والاجتماعية، وربما يلفتنا في مجموعة مقتنيات دار الآثار الإسلامية التي رممتها مكتبة الإسكندرية هذا الكتاب المهم «وصف إفريقيا» للحسن بن محمد الوزن الزياتي.. غرناطي المولد، وكان سفيرًا لسلطان المغرب بفاس، ووقع في الأسر إبان أحد أسفاره فارسل إلى البابا ليون العاشر الذي حمله على اعتناق المسيحية، وتدريس اللغة العربية بروما، وأصبح اسمه يوحنا ليون أو ليون الإفريقي، ويعد كتاب «وصف إفريقيا» أشهر كتبه، وقد كتبه أولاً باللغة الإيطالية ثم ترجم إلى اللغات: اللاتينية، والفرنسية، والإنجليزية، وهذه هي الترجمة اللاتينية التي طبعت بمطابع دار إلزفير بليدن في هولندا عام 1632.

مصطفى عبدالله

حدث في شهر أكتوبر

  • 1 أكتوبر 1949: تأسيس جمهورية الصين الشعبية من قبل ماو تسي تونغ.
  • 6 أكتوبر 1973: حرب أكتوبر بين مصر وسورية ودولة الاحتلال الإسرائيلي لتحرير سيناء والجولان.
  • 7 أكتوبر 1918: سقوط مدينة بيروت التي كانت تحت سيطرة العثمانيين في أيدي الحلفاء، أثناء الحرب العالمية الأولى.
  • 7 أكتوبر 1971: انضمام سلطنة عمان إلى عضوية الأمم المتحدة.
  • 9 أكتوبر 1934: وفاة الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي.
  • 11 أكتوبر 1896: وفاة الكاتب والصحفي عبدالله النديم.
  • 12 أكتوبر 1492: اكتشاف كريستوفر كولومبوس لأمريكا.
  • 13 أكتوبر 1988: فوز الأديب المصري الراحل نجيب محفوظ بجائزة نوبل.
  • 14 أكتوبر 1932: وفاة أمير الشعراء أحمد شوقي آخر عمالقة الشعر العربي.
  • 19 أكتوبر 1941: وفاة الأديبة الفلسطينية مي زيادة.
  • 21 أكتوبر 1833: مولد ألفريد نوبل.
  • 22 أكتوبر 1906: وفاة الرسام الفرنسي سيزان عن 67 عامًا.
  • 24 أكتوبر: 1898: صدور العدد الأول من مجلة «المصور» المصرية.
  • 25 أكتوبر 1881: مولد الرسام الإسباني بابلو بيكاسو.
  • 27 أكتوبر 1913: منحت حكومة الكويت إنجلترا امتياز استخراج البترول من أراضيها.
  • 28 أكتوبر 1973: وفاة الأديب المصري طه حسين (عميد الأدب العربي) عن 84 عامًا.
  • 29 أكتوبر 1923: مصطفى كمال أتاتورك (1881 - 1938) يصدر قرارًا بإلغاء الخلافة العثمانية في تركيا وإعلان النظام الجمهوري العلماني على الطراز الغربي.
  • 31 أكتوبر 1956: طائرات بريطانيا وفرنسا تغير على المطارات والمدن المصرية لإرغامها على فتح قناة السويس، ومصر تقطع علاقتها الديبلوماسية معها وتلغي اتفاقية الجلاء الموقعة عام 1954




المدَّاد صانع الحصير





ملصق المعرض





 





 





 





د. يوسف زيدان يستقبل الوفد الكويتي في مركز المخطوطات





أحمد شوقي