الوجه المتغير للحرب جون كروسلاند عرض: علي سيد أحمد

الوجه المتغير للحرب

من واترلو إلى الحربين العالميتين والنصيحة التي تسدى في الوقت المناسب كيف تدار صراعات المستقبل, جون كروسلاند أثار الحماس وأخضع تفسير الحروب عبر العصور.

إن مقولة الرئيس الأمريكي الثامن والعشرين (1856-1924), عن اليوتوبية السياسية, (يجب أن يسود العالم الأمان حتى تنتشر الديمقراطية), ينبري كتاب واحد كنذير للحكومات متوقعًا نهاية اللعبة, ويُرسّخ الحقيقة لطبيعة التهديد العسكري (وكيفية استطاعة مجابهته) قبل أن تبدأ الحروب ويتطاير شررها وشرورها.

الجنرال السير روبرت سميث, وهو مؤهل على نحو متفرد أن يعطينا أمثال هذه النصائح, كما كانت قيادة فرقة المدرعات تحت إمرته في حرب الخليج الأولى (1980-1988), وكانت له الكلمة في قوة الحماية في البوسنة التي تبنتها هيئة الأمم المتحدة, قبل أن يقود حملة الفرقة التي تمثل الناتو في كوسوفو. شهد المذابح وحملات التطهيرالعرقي التي تركت قواته - مشرفًا على فصل المقاتلين والمسعفين الذين كانوا عُزلا - تتساءل وقد اكتساها اليأس, (ماهي الاستراتيجية التي يُستلزم ضمنا أن نعمل من أجلها?).

في كتابه (صلاحية القوة) يستخلص روبرت سميث الدروس التي يمكن تعلمها من تجاربه, ومن اهتمامه حول السعي وراء الاستراتيجيات التي تبدو غير ملائمة, تعطينا صورة تحديثية ومعاصرة في الوقت المناسب حول (الفن الكلاسيكي للحرب للقائد الألماني الشهير كارل فون كلاوزفيتس) (وهو جنرال ومُنظّر عسكري بروسي دعا إلى الحرب الكلية أو الشاملة), وقد استحق هذا الكتاب العسكري أن يكون كتاب العام (2005), حذر سميث من أن (قواتنا في وضع يائس يتعذّر منه الفرار في عصر (الحرب الصناعية), التي دشّنها نابليون, والآن مهدت الطريق إلى ما يمكن أن نطلق عليه (الحرب الشعبية), حيث (الإرهاب) و(المقاتل من أجل الحرية), أصبحا شاكي السلاح, وهؤلاء يقومون بمحاولات متكررة بإحكام إلى النهاية للوصول إلى مبتغاهم, ونحن نخسر معركة قلوبنا وعقولنا في الشرق الأوسط), وقد اقترح (بدلا عن نشر العديد من المدرعات والمدفعية, فلزامًا علينا تجنيد اللغويين والأنثروبولوجيين (علماء علم الإنسان), كضباط استخبارات), وحتى الاقتراح التالي لكلاوزفيتس: إن القائد العسكري يجب أن يكون عضوًا في مجلس الوزراء, شهدت الحرب العالمية الأولى (1914-1918), جيلا من شباب أوربا يدفعون ثمن عدم الاستعداد للحرب لنضال وصل إلى الذروة في حقبة الحرب الصناعية.

نزلت بريطانيا إلى ميدان القتال بقضها وقضيضها وبجيش جرار لم ير مثيل له, لكن, طبقًا لرأي سميث, كانت حملاتها العسكرية لا طائل تحتها ولا جدوى منها, وغير حاسمة.

لأسباب تكنية متقدمة, فإن حرب الخنادق كانت مماثلة لمشكلة الحصار لإحدى القلاع إبّان العصور الوسطى, وكانت تستغرق من الأعوام ثلاثة لاكتساب تمرس لتطوير الجيش وإيجاد ثُغرة داخل الحدود الألمانية. وقد قام الرجل بتلك المهمة, وقد نال شهرة عريضة في أعقابها, ويستطيع القارئ الآن التأكد من هذا بقراءة الطبعة المسهبة لكتاب دوجلاس هيج: مذكرات وخطابات الحرب 1914 - 1918 تحرير جاري شيفلد.

وثمة سؤال مازال يثير الجدل عما إذا كان (السفاح) هيج حقق أهدافه بأقل القليل من المصابين, وقد أشار كُتّاب الافتتاحيات إلى أن الجيش الجديد قد هوجم بعنف في معركة السوم Somme - 1916 التي أسفرت عن مقتل مليون جندي في طرفي القتال في الحرب العالمية الأولى, حتى تم الحسم والضغط حول دفاع الـ Verdanالفرنسي, وحتى يعطي قيادة الحروب مدفعية ثقيلة بطيئة التركيب وقلة خبرة القوات حقق أفضل نتيجة ممكنة في تلك الظروف.

تعليقات هيج الفظة حول عادات الشرب لـ Asquith, السلوك الغريب لديفيد لويد جورج (1916 - 1922), وليس أقل, شكّل التحالف الفرنسي تخفيفا إلى حد ما لأن الحاجة ماسة إليه, وسط خضم المعارك في الجبهة الغربية.

وقد علّق Cyril José البالغ من العمر خمسة عشر ربيعًا في أحد خطاباته لوالدته والتي حتمًا طالتها يد الرقيب. (ماذا في فخ هذا الرجل العجوز دوجلاس? - يجعلني أستلقي على ظهري ضحكًا عندما قرأت رسالته الرابعة بالأمس - أنا هاجمت! الآلاف من المراهقين الذين انضووا تحت لواء الخدمة وهم دون العمر القانوني في فورة الوطنية الأولى عندما اندلعت شرارة الحرب الأولى 1914, ربما يشاركونني المشاعر - ثمانية عشر ألفًا من عشرين ألفًا قضوا نحبهم في اليوم الأول لمعركة الـ Somme , واثنا عشر وربما أكثر جُرحوا من ضمنهم Cyril) ,وهذا حتى الآن يعد فصلا غير معروف في الحرب العالمية الأولى. جمع كلاوزفيتس الطرائق الجديدة التي اتبعها نابليون في الحرب وصنّفها - تحرك القوات التنظيمية والمرونة العملياتية التي تعتمد على مناورات مجموعات من الرجال تعاضدها, والمدافع الثقيلة لتحقيق التركيز السريع على القوات لتوجيه ضربة حاسمة.

ولسوء الحظ, فإن أندرو روبرت كان أكثر وضوحًا في تقريره الموجز حول واترلو بقوله: في بضع سنوات, أخفق إمبراطور النظام (إشارة إلى قوانين نابليون العسكرية) في لحظة حاسمة, وهي لحظة النهاية لنابليون في 18 يونيو 1815 وهزيمته بعد مائة يوم من عودته من منفاه بجزيرة إلبا, وتوقيع معاهدة فيينا, عندما سمح لاتجاهه المتعرج ومستشاريه غير الأكفّاء بأن يضيعوا عليه فرصة الاستفادة بالمزايا لتقدمه الديناميكي, بالإضافة إلى أن الأمطار المدارية وتحالفات ولنيجتون البروسي الهوية قضت على البقية الباقية.

وقد ذكرنا سميث بالحرب العالمية الثانية, وهناك تقرير يحظى بدرجة الامتياز دبجه يراع Alessandro Barbero, في كتابه المعنون (المعركة) الذي استقى كل معلوماته لهذا الصدام المتعدد القوميات.

الحرب العالمية الثانية, كما ذكّرنا بها سميث, أعادت إلى أذهاننا التحالف الرائع للحقبة النابليونية, وكان هذا عنصرًا أساسيًا في نصر 1945 (إشارة إلى انتصار الحلفاء - بريطانيا, فرنسا, أمريكا, الاتحاد السوفييتي - في الحرب العالمية الثانية). وهؤلاء هم ورثة الرجال الذين صدوا (الجيش العرمرم) في عام 1812, الجيش الأحمر, (حينما غزا نابليون روسيا وهزم جيوشها في موقعة Borodino, لكنه اضطر للانسحاب من موسكو تحت وطأة الشتاء القاسي البرودة). أخفق نابليون كلية في فهم طبيعة قوة البحر, وما حدث في الطرف الأغر, حينما هزم الأسطول البريطاني الأسطولين الفرنسي والإسباني عام 1805 في الـTrafaigar والقائد البحري الإنجليزي نلسون يصاب بجروح قاتلة, وأصبح بطلاً قوميًا وحظي بإعجاب الكثيرين لدرجة الهوس, وتعلمنا من نابليون أن هذا الدرس ليس له من نهاية.

 

جون كروسلاند 





صورة زيتية للقائد نلسون





الجنرال السير روبرت سميث في البوسنة





القتال في معركة واترلو