عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

التجني على الإسلام

منذ سنوات قليلة عرضت دور السينما الأوربية فيلم (الإغواء الأخير للمسيح), عرض فيه صانعوه مشاهد متخيلة عن علاقة جنسية بين السيد المسيح ومريم المجدلية, وقد هبت أوربا كلها معترضة على هذه المشاهد, فاحتشدت المظاهرات وأحرقت دور العرض, وتواصلت الصرخات حتى توقف عرض هذا الفيلم المهين للأنبياء, فلماذا لم يتحدثوا لحظتها عن حرية الرأي والتعبير? ولماذا لم يفطن أحد من عقلائهم إلى أنه من غير المسموح لهم إهانة أي نبي سواء كان يهوديا أو مسيحيا أو مسلما?! إن الغرب يبدو وكأنه قد فوجئ بغضبة العالم الإسلامي بعد نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم تحت تساؤل ساخر: لماذا يحيط المسلمون نبيهم بمثل هذه القداسة, وكأن من المفروض أن نشاركهم في توجيه الإهانة إليه حتى يرضوا عنا! لقد أثبتت هذه التجربة ـ مثل العديد من التجارب الأخرى ـ أننا والغرب نتحدث بلغتين مختلفتين وهناك هوة واسعة بينا وبينهم في مفهومنا للقيم والأخلاق, وكل ما فعلته وسائل الإعلام الغربية أنها لم تر في هذه الغضبة الأخيرة إلا تأكيدا على المفهوم السلبي الذي تطرحه عن الإسلام. إنه (اختطاف الإسلام) على حد التعبير الذي أورده رئيس التحرير في مقاله الافتتاحي, وهو يرى أن الإسلام قد تم اختطافه مرتين: مرة تحت اسم التعصب الذي قام به غلاة المسلمين. ومرة أخرى بسبب التغطية الإعلامية الظالمة التي تقوم بها أجهزة الغرب. والقضية جديرة بمواصلة النقاش.

وتقدم (العربي) أيضا على بقية صفحاتها وجبة فكرية ثرية ومتنوعة, فهي تجري حوارا عميقا ومنفتحا مع شخصية كويتية فريدة امتزجت في داخلها هموم الحكم بالولع بالثقافة, وفي هذا الحوار يثير الشيخ ناصر صباح الأحمد عدة قضايا مهمة من أجل بعث الحياة في أوصال الثقافة العربية, خاصة أن له تجربة عربية رائدة في جمع التراث الإسلامي المنهوب من أسواق العالم, وبالرغم مما تحمله من جهد وتكلفة مالية, فلم يشأ أن تكون هذه المجموعة النادرة خاصة به وحده وآثر أن يشاركه الآخرون في التمتع بجمالياتها, ووضعها داخل متحف متخصص يؤمه الجميع.

ولا تبتعد (العربي) عن الآثار في استطلاعها لهذا الشهر, وهي تفتح به ملفا ثقافيا مهما حول الآثار العربية, تلك الثروة المهدرة التي لم نتعلم بعد كيف نحافظ عليها, وبداية الجولة كانت بين آثار الجزائر وهو البلد العربي الذي ربما لا يعلم الجميع أنه يحتوي على نسبة كبيرة من هذه الآثار, تجعله أشبه بمتحف مفتوح, وسوف تتبع هذا الاستطلاع برحلات أخرى إلى كل البلاد العربية, ذات الثقل التاريخي. كما تزور (العربي) من خلال عيون كتابها العديد من المدن العربية الأخرى, دمشق مدينة المسك والعنبر, ومنطقة عسير التي تحولت جدران بعض البيوت فيها إلى لوحات فنية, وتلقي الضوء على منطقة البحر الميت والمشروع الإسرائيلي الذي يستغل مياهه. ويحفل العدد بقضايا أخرى عديدة نترك لك ـ عزيزي القارئ ـ مهمة اكتشافها.

 

المحرر