وكأنها كانت سماءً لي

وكأنها كانت سماءً لي
        

شعر

وكأنها كانتْ حين اعْتصَمْتُ بِنورِها
كلَّ النِّساءْ
وكأنها أخَذَتْ حين اخْتَفَتْ معها
زماني..
لم تَدَعْ إلا الغبارَ
وهذه الصحراءْ
عامٌ مضى .. عامانِ بل عِشْرونَ
صرتُ كما تَرون كهلاً
جليلاً مثل شارات المرورِ
أُعِدُّ للأولادِ قائمةً
بآلاف النّصائحِ
ثم أعْدو خلفهم في الحُلمِ
أحيانًا بوجهٍ لا يُناسِبُني
لكي أسْتقْبلَ الماضي يُنَفِّض ريشَهُ
ويقومُ كالعَنْقاءْ
وكأنها كانت سماءً لي
تَتَوهَّجُ الأقْمارُ في أثوابها
وتَرُشّني بالماءْ

***

لا أعرف أين تَدُور الآنْ
لا أعرف ماذا فعل الموجُ بها
أتَذَكّرُ
كانت تَهْوى الأخْضَرَ ثَوبًا
والذّهَبيَّ حذاءً
والورديَّ طلاءً للحيطانْ
أتذكّرُ كانت تَرْسُم قَصْرًا
وعصافيرَ
وبحرًا يغفو مثل الطفلِ
وأشْرِعَةً بَيْضاءَ
وسُفُنًا تَخْطو
ثم تقول السفرُ دمٌ
وتُحَيِّي شمسًا تحْبو فوق الجِسْرِ
وريحًا مثل ثعالبَ تعدو
في الميدانْ

***

سَلِّموا لي عليها
وقولوا
تركناه في الرُّكْنِ يَهْذي وحيدًا
كمِذْياع مقهى
وقولوا
يُكلِّم ناسَ الهواء كثيرًا
ويرسم بالشِّعْر شَعرًا قصيرًا
وعَيْنَيْنِ كذّابَتَيْنِ
وصوتًا
وَوَجْها
سَلِّموا سَلِّموا
وقولوا
كلِصٍّ قديرٍ يُخَبِّئها
رُبّما في الخلايا
ويَخْدَعُ
مَنْ يَضْرِبُ الرملَ أو
يسْأل البحرَ عنها
وقولوا
سَمِعناه أيضًا يُغَنى
بصوتٍ قديمٍ
ويَمْشي بلا صاحِبٍ
مثل نَهرٍ
لكي يَسْتظِلَّ بعيدًا بها

 

محمد سليمان