رمضان في الهند: عبادة واحتفالية

رمضان في الهند: عبادة واحتفالية

بالمقارنة إلى الشعوب العربية وتقاليدها، فإن صوم رمضان في الهند ليس مجرد فريضة دينية وليس أداء طقس إسلامي فقط، بل هو منذ القدم احتفالية شعبية على نطاق واسع يمتد إلى جميع طبقات الأمة الهندية من مختلف دياناتها. وله اهتمام عظيم في دوائر السياسيين وكبار أشخاص الحكومة المركزية والمحلية رغم أن النظام السائد في الهند هو العلمانية وهي تختلف تماما عن العلمانية التركية التى لا تسامح بالطقوس الدينية والحرية الاعتقادية، حتى حجاب المرأة المسلمة. فيحتفل بكل فخر وفخامة في عاصمة الهند تحت رياسة رئيس الوزراء أو رئيس الحزب الحاكم بإقامة حفلة إفطار في شهر رمضان المبارك. هذا قد تطور في جميع أنحاء الهند إلى أن يكون تقليدا شائعا بين الدوائر المتباينة من الشعب الهندي خاصة الذين يهتمون منهم بإقامة السلام والعلاقات الودية بين الطوائف الدينية في الشعب وبإخماد المشاعر العنصرية فيه. ويلاحظ هنا أن الدولة كلها ترحب بمجيء شهر رمضان بوقار واحترام صادق كما تنشر في الجرائد مقالات ودراسات قيمة عن القرآن الكريم، حيث هذا الشهر هو المهرجان السنوي لنزوله، وتجرى الجلسات والندوات للمباحثة حول عمق معاني الكتاب المقدس في الدوائر الأكاديميية المتعددة المنتشرة في هذه البلاد الواسعة والتي تمتد من آسام ومانيبور في حدود بنجلاديش في الشرق إلى كاشمير في الغرب وإلى كيرالا أوالبحر العربي في الجنوب.

استقبال الشهر

يبدأ المسلمون الإعدادات التشريفية بالتنوع في التقاليد في مختلف أنحاء الهند لاستقبال هذا الشهر المبارك في منتصف شهر شعبان. ولا يختلف في هذا الأمر المسلمون في شمال الهند وجنوبها، وهم جميعا يحتفلون بالليلة الخامسة عشرة من شعبان استقبالا لرمضان المقدس ويسمونها «ليلة براءة»، ويعتبرون كلهم من كيرالا إلى كاشمير أن الله سبحانه وتعالى يقدر في تلك الليلة لجميع الكائنات على سطح الأرض أرزاقهم للسنة الآتية رغم الاعتقاد طبقا للأحاديث الصحيحة بأن ليلة القدر تقع في شهر رمضان.

لا بدع أن في الهند تعتبر الفترة ما بين 15 شعبان إلى آخره فترة تنظيف وغسـل إعدادا للترحيب برمضان. فالنساء في البيوت ينظفن البيوت والأفنية حولها ويغسلن جميع المواد في البيت ومنها الطاولات والكراسي والمفروشات والستائر والنوافذ وما إليها من الأدوات والأثاث. هكذا ربات البيوت يجمعن كل المواد الغذائية لهذا الشهر الكامل كي يكن فارغات عن الأعمال المنزلية ومنغمسات في العبادات، أي تلاوة القرآن في النهار والصلاة في الليل والجلسات الخاصة للنساء لتعلم القرآن والأحاديث والدورات الدينية الأخرى التى تعقد في أوقات نهار رمضان حديثا. وقديما كان من العادات إلقاء الخطب الدينية باسم «الوعظ» في ليالي رمضان التى كانت تطيل الى الزلفة بعد منتصف الليل وتخرج النساء والبنات إلى ميادين الوعظ جمعاء.

في الحقيقة تعتبر «ليلة البراءة» أو ليلة نصف شعبان للتبرئة من العيوب والذنوب والتوبة إلى الله لأجل استقبال شهر رمضان أو لإعداد النفس للصوم والغسل أو التنظيف هو رمز لها، ولكن الناس يحتفلون هذه الليلة بأنواع الحلويات المحلية بتقديرهم أنها ليلة قدر الأرزاق!

وينتظرون حلول شهر رمضان بكل سرور ويخرجون في آخر شهر شعبان لرؤية هلال رمضان، بعضهم يجتمعون في شاطئ البحر العربي في غربهم، وبعضهم يصعدون إلى قمة الجبل لمشاهدة الهلال، وإذا شاهدوه فيسرعون متهللين إلى القاضي المسئول الشرعي في المقاطعة، فهذا القاضي يسأل هؤلاء المشاهدين عن رؤية الهلال، فاذا رضي بأجوبتهم فيثبت رؤية الهلال رسميا ويعلن حلول شهر رمضان، ويوصل هذا الخبر إلى القضاة في المقاطعات المجاورة وإلى رئيس القضاة في المنطقة أو الولاية، فيحكم هذا نهائيا ويثبت الخبر حقا، فيذاع بعد ذلك هذا الخبر رسميا من خلال الراديو والتلفزيون. ويتم كل هذا قبل منتصف الليل في كثير الأحيان. ولكن تشكلت قبل بضع سنين لجنة خاصة من علماء الدين السلفيين باسم «لجنة الهلال»، وهم يعتمدون على علم الفلك الحديث والحساب الرياضي المطابق لهذا العلم أكثر من الاعتماد على مجرد رؤية الهلال بالعيون، ولكنهم يأخذون برؤية الهلال مع الاعتماد على علم الفلك والحساب لكي يؤكدوا إمكانية رؤية الهلال. هناك فريق آخر من العلماء وهم يعتمدون على علم الفلك فقط ويعدون التقويم الهجري سابقا للعالم كله. فهذا الاختلاف يؤدي إلى المشاجرة بين الناس في بعض الأحيان.

يتغير نظام الوجبات عند المسلمين في شهر رمضان تماما، فتلغى الوجبات النهارية كلها ولا يطبخ شيء في البيوت ولا يفتح أي مطعم أو فندق في أوقات النهار في أماكن المسلمين، ونادرا مايفتح بعض غير المسلمين مطاعم مؤقتة مختفية وراء الستر، وذلك في القرى وفي المناطق التي يقطنها المسلمون، أما في المدن فالأمر كالعادي. وعادة ما يكتفى الأطفال الصغار الذين لا يصومون بما بقي من الطعام في الليلة السابقة، حيث لا يطبخ شيئ في البيوت صباحا ولا ظهرا إلا في الحالات الضرورية كأن يطبخ للمرضى مثلاً.

ولكن تصير ليالى رمضان محافل الأطعمة المتنوعة المتلذذة. يفطر معظم المسلمين كطقس ديني بالتمر ثم بعد ذلك يتناولون مختلف أنواع الفواكه وبعض الحلويات والمشويات أمثال «ساموسا» و«كاتليت» مع عصيدة شعير المملوءة بالعنب الجاف وبندق كاشيو، وينصرفون تلو ذلك لصلاة المغرب. ثم بعد الصلاة الوجبة الرئيسية وهي تحتوى «باتري» أي خبز رقيق جدا مدور مصنوع من طحين أرز (خاص عند المسلمين في مليبار أي شمال كيرالا) و«بوراتا» من طحين قمح، مع لحم دجاج أو بقرة ومرقة وخضراوات نيئة. ويتناولون بعد صلاة العشاء والتراويح ثريد الأرز المخلوط بطحين كركم وكمون حلو.

ويتسحر بعض الناس بعد منتصف الليل بالغذاء الثقيل والآخرون يتسحرون خفيفا قبل الفجر، ولا ينامون بعد ذلك، ويخرجون إلى المساجد لصلاة الصبح.

يتعاطف كثير من غير المسلمين - الهندوس والنصارى ويتعاونون مع المسلمين في تنسيق وترتيب الأعمال ونظام الحكومة ودوام العمل في المكاتب والدكاكين والمصانع حسب مقتضيات الصوم في رمضان، ويصوم بعضهم أحيانا كما يصوم المسلمون، ومنهم من يصوم كل الشهر ويعترفون بمنافع الصوم الصحية والبدنية.

سهرات إفطار

حفلات الإفطار من تقاليد المسلمين في جميع الهند. ومن عادات المسلمين في مليبار اعتبار فترة الأيام العشرة الأولى من رمضان معينة للشباب والصغار، وفيها تجرى السهرات أو حفلات إفطار للعرس الجدد والعرائس الجديدات والأطفال الصغار. هذه السهرات الإفطارية تشبه مهرجانا كبيرا في كل بيت حيث يدعى إليها الأقرباء الصغار، ولا يجوز لأيّ طفل أن يشترك فيها إلا وهو صائم فيصوم إجباريا فهو تمرين له. أما العشرة الثانية فهي للكبار والوالدين أو الأبوين رجالا ونساء، فيدعى إليها الأقرباء بالمصاهرة أكثر منهم بالدم. وأما فترة العشرة الأخيرة فهي للمسنين والجدود والجدات وتعقد السهرات في البيوت احتراما لسنهم. هكذا تعقد حفلات إفطارية اجتماعية في مختلف طبقات المجتمع وفي المعاهد وفي الجاليات المتنوعة، ويعقدها بعض الأحزاب السياسية أيضا، وعادة يدعى إلى هذه الحفلات غير المسلمين والمسلمون الصائمون وغير الصائمين على السواء.

وتوزع الفواكه والمواد الغذائية للإفطار مجانا في جميع المساجد تقريبا في كل مساء من شهر رمضان، وذلك من التبرعات والصدقات من المسلمين، ويرتب هذا بكل نشاطة حيث لا يفتقر أحد في المجتمع لقوته أثناء هذا الشهر المقدس.

في ذكرى شهداء بدر

ومن تقاليد المسلمين احتفال ذكرى شهداء غزوة بدر حيث هي واقعة عظيمة في تاريخ الإسلام وقعت في 17 رمضان، فهذا الاحتفال هو نوع اجتماعي غريب لحفلة الإفطار، يشترك فيها كل أسرة مسلمة تقيم حول المسجد بتقديم بعض الخبز الرقيق الخاص لرمضان«باتري» إلى المسجد، فيرد منه أو يوزع منه لحم جاموس أو بقرة مع مرقه الذي طبخ خصيصا في المسجد لهذا الغرض. هذا احتفال عظيم جماعي يعقد في كل رمضان كل سنة رغم أن السلفيين يعتبرونه بدعة في الدين فليس بمباح في رأيهم. ولكن معظم المسلمين يتمتعون بمثل هذه العادات الاجتماعية التى ابتدعها الأجداد سابقا لإرضاء عواطف الناس الجماعية ورغباتهم للتجمع والتبادل، فيمكن ان يلاحظ في ذلك اليوم مساء طوابير طويلة في الشوارع من النساء والرجال والولدان في انتظار أن يشتركوا في هذه الحفلة الاجتماعية.

ليلة القدر وخيط التوبة

.... ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها.... يعتقد المسلمون جمعيهم في العالم كله أن هذه الليلة تقع في أواخر شهر رمضان، ويتوقعون هذه الليلة طبقًا لبعض الأحاديث النبوية في إحدى الليالي الفرادي في العشرة الأخيرة في رمضان. ويؤمنون بأن الذي أحيا هذه الليلة بالصلاة وتلاوة القرآن والتوبة إلى الله فإنه الله يغفر جميع ذنوبه وخطاياه. ولكن عامة الناس لم يكونوا يعرفون حتى قبل بضع سنين ما هذه التوبة وكيف يمكن تأدية هذه التوبة العجيبة التى بها يغفر الله ذنوب المذنبين، ولمساعدتهم كان يأتي في ذلك الزمان قبل حوالى عشرين سنة علماء الدين لتعليم الناس التوبة أو طريقة التوبة، فيتقدم القاضي عادة إمام المسجد الجامع إلى بيت مركزي كبير يجتمع فيه المقيمون في هذا المكان حول المسجد، ويكون الإمام جالسا داخل صالة البيت وأمامه الرجال والولدان، والنساء جالسات وراء الستار. ويقدم الى المجلس «تشيرني» أو» كالتابم» الخبز الخاص الحلو مع قطع لب النارجيل (جوز الهند) ويأكله الجميع. ثم يتلو القاضي سورة الفاتحة وبعض الآيات من القرآن الكريم، ويبدأ القاضي بعد ذلك يدعو الله عز وجل بكل إخلاص الدعاء الطويل، ويذكر أثناء هذا النداء إلى رب الناس كل ما يرتكب الإنسان عادة من الخطايا والذنوب. ولم يكن استخدام ميكروفون شائعا في ذلك الزمان، فلذا لم تكن النساء اللاتي يجلسن وراء الستار يسمعن هذا الدعاء والبكاء، ولم يكن الرجال الجالسون بعيدا من القاضي أيضا يسمعون هذا الصوت ولكنهم ينشجون مع الآخرين لأنهم يرون القاضي ومن معهم يتنهدون ويبكون من ندمهم. ولا يصل هذا الى جانب النساء، وكيف يمكن توصيله إليهن؟ فالجهاز المستعمل لتوصيله إليهن كان الأحدث! خيط طويل!، هذا الخيط العجيب يوصل كل صوت ونشيج وتنهد من القاضي الى جميع الأفراد من الرجال والنساء الذين اجتمعوا في هذه الدار إذا أمسك الخيط بيده أو يدها! أليس هذا هو أحدث جهاز! جهاز ملموس يوصل العواطف إلى النفوس مباشرا ! ولكن قد انتهت هذه العادة أخيرًا حيث تقدمت الأمة في الثقافة والتكنولوجيا، ولا يندمون حاليا على ما يرتكبون!

توزيع الزكاة

وفي اليوم التالي لايصوم الأطفال حيث إنهم يفرحون بشيئين مهمين، أحدهما: فرح من «كالتابم» الخبز الخاص الحلو الذي أعد لليلة التوبة الماضية، فيأكل ما يبقى منه الأطفال صباحا، وثانيهما: انهم يخرجون من البيوت بعد ذلك لنيل الزكاة! فيصلون إلى كل باب يوزع فيه الزكاة. هذا منظر يؤلم كل من يهتم بأمور الإسلام في هذا العصر ويجعله يتفكر ويسأل نفسه: أهذا هو النظام الإسلامي للتوزيع؟ وهو يلاحظ في جميع الشوارع في مناطق المسلمين مواكب الفقراء يتمشون طول النهار ومعظمهم من النساء والولدان ويجتمعون عند أبواب الأغنياء الذين يلقون اليهم النقود! هذا المنظر يتكرر في جميع أرجاء آسيا في السابع والعشرين من شهر رمضان. أليس هذا المنظر مخجلا لكبار مسئولي العالم الإسلامي؟! ولكنه فرصة سعيدة للفقراء لكي يجمعوا ما يحتاجون اليه للاحتفال به العيد بعد يومين! ويبدو أنه لا يوجد لدى رؤساء الدول الإسلامية وأمرائهم وعلمائهم بديل ولا حل!

عيد الفطر

عيد الفطر هو أعظم مهرجان للمسلمين في الهند، ففي العيد في الحقيقة «يهرج» جميع أفراد الأمة في البلاد، الفقراء منهم والأغنياء، والرجال والنساء، والبنات والبنون، ولو لم يكن بعضهم من الصائمين. ويبدأون الاستعدادات المتنوعة لاحتفال للاحتفال بهذا العيد قبله بأيام. لايوجد أحد في هذا اليوم يفتقر للطعام ولا للباس حيث توزع زكاة الفطر في الليلة التي تسبق يوم العيد. يجمع الشباب مواد زكاة الفطر من كل أسرة وينتظرون لحلول هلال شوال، وإذا ثبتت رؤية الهلال ينصرفون مجموعات حاملين مواد زكاة الفطر ويوصلونها الى بيوت الفقراء والمحتاجين. هذا نظام جديد بدأت تطبيقه المنظمات الإصلاحية الدينية أخيرًا بدلا من توزيعها فرادى من كل باب، والفقراء يقفون في الطابور صباح يوم العيد. وقد أصبح هذا التوزيع الجماعي لزكاة الفطر مقبولا عند أغلب الناس في كيرالا تقريبا، وفي شمال الهند لم يتغير النظام كثيرا.

وفي ليلة العيد تلوّن البنات والولدان الصغار الكفين والأصابع بالحناء. ومبكرا في الصبح يرتدون الملابس الجديدة البارعة، ويجتمعون لصلاة العيد في الميادين، فبعضهم يؤدون الصلاة في المساجد، وأما النساء فيشتركن في صلاة العيد في الميادين في كثير الأحيان. تبادل المودة والأخوة بين الأقرباء والأصدقاء بطريق المعانقة - وإن لم يكن تبادل القبلة شائعًا في الهند - فورا بعد الصلاة، من أهم مظاهر وتقاليد المسلمين في الهند إلا في كيرالا، ولا يتواجد هذا التقليد بين أهل كيرالا الا قليلا، وهم يكتفون بالمصافحة في مكان المعانقة. وكثير منهم لا يعودون إلى بيوتهم بعد الانصراف من المساجد أو الميادين ولكنهم يسيرون زمرا لزيارة الأصدقاء والأقرباء، وبعضهم يحاولون إقامة المصاهرة وتأكيد علاقاتهم الصهرية ويتغدون غداء العيد من عدة بيوت مع الأقرباء والأصدقاء. هكذا يكون احتفال عيد الفطر أحسن مثيل وأعظم مظهر للعدالة الإجتماعية والأخوة في المجتمع الهندي الذي يتسم حتى في العصر الراهن بوجود التفرقة الشديدة بين الطبقات الدينية الهندوسية.

ويلاحظ هنا - مع الأسف - أن العلماء والأمراء لم ينجحوا حتى اليوم في إيجاد حل للاختلاف بينهم في شأن تعيين يوم العيد وتوحيد احتفاله وهم دائما يتلاومون في هذه القضية فيكون حلول العيد في مختلف أرجاء الهند في أربعة أيام. وأحيانا في قرية واحدة فريق يصوم حينما يحتفل فريق آخر العيد ويفطرون!

أما في حيدرآباد ودلهي وكشمير فيرحب المسلمون بحلول شهر رمضان بابتهاج عظيم، ولكنهم عادة لا يتشاجرون فيما بينهم في شأن رؤية الهلال أو تعيين أول يوم الشهر القمري، ذلك لأنهم يعتقدون أن التاريخ الأول للشهر القمري يكون في يومين أو ثلاثة مخالفا للشهر الشمسي! ولكن القرآن يقول: والقمر قدرناه منازل ، فأين القدر؟! إنه أمر مخجل للعالم الإسلامي!

لا بدع أنهم يبدأون برامجهم للترحيب بشهر القرآن في الليلة المباركة في نصف شعبان، وهذا البدء طبعا يكون بارعا بعشاء الحلويات والأذكار الخاصة، ثم ينظفون البيوت والمساجد ويدهنون المساجد خاصة بالألوان ويزينونها بزخرفات غالية خلال خمسة عشر يوما بعد نصف شعبان. هذه العادات تقريبا تشابه ما وجدناه في جنوب الهند ما عدا بعض التقاليد التى تتعلق بالسلطنة المسلمة التى كانت تحكم حيدرآباد ودلهي قبل الحكومة البريطانية في الهند. ومن بقايا هذه التقاليد ما هو موجود حتى اليوم في حيدرآباد، حيث يتجول فريق من المغنين في الليل خلال الحارات بين البيوت لإيقاظ الناس لتناول السحور، وهم يتغنون بفضائل هذا الشهر المبارك أو في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم. ومنها إجراء المسابقة بين هذه الفرق للمغنين من مختلف أرجاء المدينة في يوم العيد وتوزع الجوائز للفائزين. يسمى هذا الفريق من المطربين المحليين «القافلة». وفي بعض أنحاء ولايتي بيحار وبانغال توجد هذه العادة أيضاً.

السحور في حيدرآباد يكون وجبة ثقيلة تحتوى «بيرياني» ولحم خروف وأمثالها. أما في بيحار وبقية شمال الهند فهي خفيفة جدا تحتوي الحليب وشرائح خبز الرقيق و«سيواى» وأمثالها. هناك نوعان خاصان لرمضان مشهوران في حيدرآباد، وهما «حليم» و«حريس». أما حليم فهو يوجد أحيانا في رمضان في دلهي أيضا.

وفي ولايات الهند الشرقية أمثال مانيبور وميجاليا وآسام أيضا يحتفل بحلول رمضان وعيد الفطر بابتهاج واهتمام بالغ حتى أن بعض الناس الذين لا يقيمون الصلوات الخمس بالمواظبة يصومون أيضا، وهم يفطرون بالتمر. ويجتمع الرجال جميعهم تقريبا لصلاة التراويح في المساجد، فيصلون 20 ركعة لصلاة التراويح كما هي العادة عند معظم المسلمين في جميع أرجاء الهند. أما أهل الحديث وهم قلة في الشمال والسلفيون في كيرالا فيصلون 8 ركعات للتراويح. وبعد التراويح يتناول أهل آسام ومانيبور غذاءهم الرئيسي، وهو الأرز مع السمك والخضراوات. البنغاليون مشهورون بأكلهم السمك. إجراء حفلة الإفطار الجماعية نادر في آسام ومانيبور ما عدا الافطارات السياسية التى تعقد في العاصمة «جوهاتي» في طريق دلهي. ولكن توجد عند الشعب المسلم فيها عادة مختلفة وهي إرسال «الإفطاري» الى بيوت الأقارب بالمصاهرة.

أما ما يؤسفنا جدا في هذه المنطقة التى يعيش فيها البنغاليون، أعظم طائفة عرقية بعد العرب في العالم، فهو ان العيدين - عيد الفطر وعيد الأضحى - هما عندهم يومان للتكفف!.

 

 

أحمد إبرهيم رحمة الله 




قد لا يتسع المسجد للمصلين فتمتد بسط الصلاة للشارع





سهرات رمضانية.. تجمع كل الأجيال





إفطار جماعي





فرحة ما بعد رمضان





القافلة.. تنشد في مدح الرسول الكريم (ص)