رمضان في كوريا

رمضان في كوريا

يحتفل المسلمون في كوريا كبقية مسلمي العالم بمجئ شهر رمضان المعظم فعلي الرغم من قلة عدد المسلمين في كوريا الجنوبية مقارنة ببعض الدول الغربية التي هاجر إليها العرب والمسلمون قبل خمسين عاماً، فإنهم استطاعوا أن يجدوا لأنفسهم مكانا داخل المجتمع الكوري من خلال الأنشطة المختلفة التي يقومون بها ويحضرها عدد من السفراء العرب و المسلمين و شخصيات كورية حيث تقرّ القوانين الكورية بأحقيّة أداء المسلمين لكل مناسكهم وشعائرهم بحرية، بل إن الحكومة الكورية تقدم دعما كبيرا لاتحاد المسلمين الكوريين، وهو هيئة إسلامية تضم عشرات الجمعيات الإسلامية.

وللمسلمين في كوريا الجنوبية مساجد في كل المحافظات، بدءا من العاصمة سيئول، مرورا بمسجد الفاتح في مدينة بوسان، وكوانجو وجونجووانيانج

وسودونج وماشون دونج وهي من المدن الكبيرة الآهلة بالسكان. ويعلن اتحاد المسلمين كل عام عن بداية الشهر الكريم وفقا لما تعلنه ماليزيا بالتنسيق مع السفير الماليزي في سيئول، وتبادر بتوزيع مواقيت الإمساك والإفطار، وتعلن عن فتح المساجد لأداء صلاة التراويح، أو الأداء الجماعي للأدعية والأذكار وإقامة الامسيات الاسلامية للتعريف بتعاليم الاسلام ونشرها بصورة صحيحة والإجابة عن جميع الاستفسارات, بالإضافة إلى توزيع الكتب المترجمة إلى اللغة الكورية على الكوريين. وتجدر الإشارة إلى أن اتحاد المسلمين الكوريين يقوم بالتنسيق مع سفراء الدول العربية والاسلامية بإقامة مشروع إفطار الصائم بصفة يومية يحضره كل من يصلي المغرب في المسجد المركزي في سيئول ويتم الاعتماد في إعداد الطعام على مجزر الحلال الموجود في اتحاد المسلمين حيث يقوم بعملية الذبح وفق تعاليم الشريعة الاسلامية. أما بعض وسائل الإعلام الكورية فتشير إلى بداية شهر رمضان عند المسلمين، (وخصوصا قناة اررنج ووكالة يونهاب للأخبار).

وتتفنن المحلات العربية والفارسية والتركية وغيرها في بيع ما تعود عليه المسلمون في بلادهم من مواد غذائية وحلويات وكل ما له صلة بالعادات والتقاليد في شهر رمضان.

ناشئة بلا هوية

وإذا كان الكهول وكبار السن من المسلمين على دراية تامة بخصوصية شهر رمضان، فإن المشكلة تكمن في الأجيال العربية والإسلامية، التي ولدت في كوريا والتي انفصلت بشكل كامل عن المناخ والنسيج الثقافي الإسلامي، واندمجت كليًا في المجتمع الكوري، حتى أنها فقدت اللغة والعادات والتقاليد، وهذه الفئة من الناس لا تعرف من شهر رمضان غير أنه إمساك اضطراري عن الطعام.ومن المألوف رؤية أشخاص يحملون أسماء محمد وخالد وعلي وعمر ينتشرون في أنحاء كوريا، وهؤلاء هم أبناء الجيل الثاني من المهاجرين، غير أنهم لا يلتزمون بالتعاليم الإسلامية ولا يقومون بأداء الفرائض.

ومن أسباب ذلك افتقاد الشخص لذلك الجو الروحي النوراني الرمضاني الصافي، وتلك الصور البديعة التي لا تحس بروعتها إلا حين تفتقدها. كأصوات الآذان الشجية التى تترى من كل فج وصوب عميق لحظة حلول موعد الإفطار، أصوات التراتيل القرآنية التي تنبعث من الاتجاهات الأربع، ومن جميع أجهزة الراديو والتلفزيون في الدقائق القليلة التي تسبق موعد الإفطار. ذلك الخشوع والسكون الذي يخيم على الشوارع لحظة الإفطار حتى لتكاد تسمع دبيب خطوات الصائمين الذين يسرعون الخطى في مختلف الاتجاهات لإدراك موعد الإفطار.

مكبرات الصوت ممنوعة ليلا ونهارا

وعلى المسلم أن يراعي النظم السائدة في كوريا؛ فلا يجوز له إطلاقا إزعاج الجيران بمكبرات الصوت نهارًا وليلاً من خلال الأذان أو صلاة التراويح أو رفع صوت التلفزيون؛ فقد يلجأ الجار إلى استدعاء الشرطة..

وإذا كان العرب والمسلمون قد تعودّوا في بلادهم على الإفطار الجماعي والدعوات والتزاور بين العائلات، فإن هذا الأمر يكاد يكون معدومًا بين العائلات المسلمة في كوريا؛ حيث تتداخل اعتبارات عدة لتعيد صياغة عادات المسلم. وحتى الرافض للتغيير، فإن المجتمع الكوري يملك كل القدرات لتغيير الأفراد والمجموعات المسلمة بالتدريج وعلى دفعات، ليجد المسلم نفسه قد تطبع بطباع المجتمع الجديد دون أن يشعر.

وإذا كان بعض المسلمين حريصين في شهر رمضان على تأصيل قيم هذا الشهر في نفوس أولادهم ليكونوا على صلة بقيمهم ودينهم فإن آخرين أسقطوا رمضان وهويتهم من ذاكرتهم.

وفي صلاة العيد، وبعد إنهاء شهر الصوم يفد كثير من المسلمين في كوريا من مختلف الدول.. مصر.. باكستان.. سورية.. لبنان.. دول المغرب العربي وتونس والمغرب والجزائر وليبيا.. ومن الدول الآسيوية. حيث يكتمل المسجد عن آخره بالرجال.. كما يمتلئ الجزء الخاص بالسيدات في مظهر مبهج يدل على تمسك المسلمين بدينهم وأداء شعائرهم أينما كانوا وأينما حلَّوا. إمام المسجدعادة سعودي هو الشيخ عبد المجيد الغيث الذي يلقي خطبتين، الأولى قبل الصلاة باللغة الإنجليزية، والثانية بعد الصلاة باللغة العربية، وفيهما يذكَّر المسلمين بضرورة التمسك بالسلوك السوي والآداب، التي سلكوها في رمضان. وأن يستمروا عليها بعد العيد.. فرمضان أعطى المسلمين دفعة روحية كبيرة يجب أن تستمر معهم بعد العيد وعلي مدار الأيام والشهور.. ويحبَّب إليهم صوم ستة أيام في شوال امتثالا لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: من صام شهر رمضان وأتبعه بصوم ست من شوال فكأنما صام الدهر كله.

ولا توجد مظاهر أخرى لعيد الفطر أو عيد الأضحى في كوريا ولا يشعر بهما سوى المسلمين الذين يأخذون إجازة خاصة من أعمالهم يقتطعونها من إجازتهم السنوية ليقضوا هذا اليوم مع أسرهم.

 

يوسف عبد الفتاح

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




المصلون الكوريون يحتشدون في مسجد سيئول المركزي





المصلون الكوريون يحتشدون في مسجد سيئول المركزي