مساحة ود

مساحة ود

كستناء مشوية.. وقرود بشرية!

حتى لو أن له سحنة مسخة!!، فالقرد لايكون إلا غزالاً ناعمًا ورشيقًا في عين أمه، وعين أبيه، تمامًا، كالبلوط لدينا، فهو سيبقى أجمل وأطيب فاكهة شتائية في عيوننا ومذاقنا ونفوسنا، طبعًا بعد نار جمرات حطب الزيتون الرائعة!!

وحتى لو زعموا، بأن البلوط يقسّي الرءوس، ويجعلها غليظة، قليلة الذكاء، وأنه يرسخ العناد وجماد الرأي، فسيظل البلوط كستناءنا اللذيذة نحن الفقراء!، فهل هناك أجمل من صوت انفجار حبات البلوط، المدفونات في جوف الجمرات الملتهبات في كانون النار، بينما تتراقص النفوس طربًا مع وقت المطر؟!

وعلى ذكر انفجار البلوط، وموته نضجًا واحتراقًا واستواءً، في أتون النار، هل فكرت يومًا، أيها الصديق، في طريقة طريفة لطيفة تجبر فيها القرد، على أن يذبح نفسه من الوريد إلى الوريد؟!

القرد كائن مقلد، كما تعلمون، يقلد حركات الإنسان الذي أمامه كاملة وبحذافيرها، ويحاكيها ويضارعها، ويتشبه بها، فإذا رفع الإنسان يده، فالقرد سيرفع يده مثله تمامًا، وإذا صفعت الجدار بيدك، فالقرد سيصفعه أيضًا: إذن ما عليك إلا أن تمسك بيدك سكينًا حادة، وتحاول أن تمررها على عنقك ذهابًا وإيابًا، من جهتها غير الحادة، ثم ارم السكين إلى القرد، الذي يراقبك باهتمام، فهو سيتناولها، ويمررها بحق وحقيق على عنقه، ليكون قتيلاً غير مرحوم، وضحية غبية، للتقليد الأعمى: بستاهل!

أرجو ألا يأخذكم الحزن كثيرًا على القرد، فهو ممتلئ بالخبث، ومدجج بالانتهازية أيضًا، فيُحكى أن قردًا أليفًا رأى سيده يرصُّ حبات الكستناء، على صفيحة فوق النار ليشويها، وعندما غاب السيد، لبعض شئونه، فكر القرد بالسطو على الكستناء، فالأغنياء ليسوا وحدهم من يحبون الكستناء، القرود أيضًا!

القرد لم يستطع أن يتناول حبات الكستناء من الصفيحة الحامية، فنادى على القطة الصغيرة، وقبض على يدها، واتخذها أداة وسحب بها حبات الكستناء، فيما القطة تموء ألمًا ووجعًا، والقرد مستمر في عملية السطو!!

بعدما بردت الكستناء، تناولها القرد، وملأ بطنه بتلذذ وشهية، والقطة مازالت تموء، ليأتي رب المنزل، ويقذفها ركلاً إلى الشارع، معتقدًا أنها أكلت حبات كستنائه: فيدها محروقة، وهذا أكبر دليل على سطوها، ولصوصيتها، وخفة يدها!

أيها الأصدقاء، ربما سنختلف قليلاً على أن للقطة أسماء عديدة، فهي البسة في مصر، و(البسينة) في الشام ولبنان، وهي البزونة في العراق. وربما سنختلف على مسميات الكستناء، هل هي (أبو فروة) كما يسميها المصريون؟؟! أم هي (شاهبلوط) كما يدعوها الفارسيون؟!، أم هي (الكستنة) باللاتينية، أو(القسطل) باليونانية، ربما سنختلف على كل ذلك، ولكننا سنتفق كثيرًا، على أن القرود البشرية هي الأخطر!!

فكثر هم أولئك الذين يتخدون أيادي الناس الضعيفة البريئة أدوات لينالوا مآربهم، ويسطوا على لقمة غيرهم، ويملأوا بطونهم، التي هي كالمقبرة لا تمتلئ، وإنهم يفعلون ذلك بكل وقاحة وإصرار، ما دامت التهمة ستوجه إلى أياد غير أياديهم! وهؤلاء ينطبق عليهم المثل القائل: «طول الكستناء بيد البسة»!.

أيها الأصدقاء، عليّ أن أنبهكم وأحذركم، أن هؤلاء القردة البشرية، لا تنفع معهم حيلة السكين، والذبح من الوريد،فهم أذكى من ذلك، ولكن إن رميتم إليهم بالسكين، فحتمًا ستنالكم منهم طعنة نجلاء غادرة، لعنهم الله، وسلامتكم!

 

 

 

 

رمزي الغزوي