أنا ولد.... أم.... أنا بنت؟! ...اضطرابات الهوية الجنسية عند الأطفال والمراهقين ماجد موريس

أنا ولد.... أم.... أنا بنت؟! ...اضطرابات الهوية الجنسية عند الأطفال والمراهقين

لا نستطيع بحال من الأحوال أن نهمل الدور الحيوي للجنس في حياة الإنسان، وليس غريبًا أن نتذكر نحن أنفسنا كم أقلقتنا مظاهر النمو الجنسي والنضج الجسماني عند عبورنا من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الصبا. ولهذا فمن غير المستحسن أن نغض أبصارنا عن علامات الاستفهام التي ترتسم على وجوه أطفالنا حيال الحياة الجنسية. لتناول تساؤلات الأطفال والمراهقين عن الجنس شرعت بعض الدول في تدريس مبادئ البيولوجيا الجنسية للطلبة بما يتناسب مع قدرتهم على الإدراك، وبما يتناسب مع المشاكل الملحة في كل مرحلة زمنية.

في هذا المقال سوف نتناول جانبًا على قدر كبير من الأهمية من المفيد أن يلم به كل أب وكل أم.

إن موضوع "الهوية الجنسية" "Gender Idemtity " يفرض نفسه وقد يثير حيرة الوالدين عندما يفاجآن بطفلهم الصغير ينكر جنسه الحقيقي ويصرح بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أنه ينتمي إلى الجنس الآخر.. أو على الأقل يتمنى ذلك.

عندما يتعامل الوالدان مع هذه الظاهرة تتملكهم الحيرة ويسيطر عليهم القلق ويكونان في احتياج لمن يزيل عنهم غموض الموقف.

يلزم لنا قبل أن نسهب في شرح هذه المشكلة أن نحدد معاني الألفاظ التي نستعملها كي لا يزيد الخلط المحتمل في معانيها من تشتيت انتباهنا.

فنحن عندما نتحدث عن "الهوية الجنسية ". نقصد إدراك الطفل الأساسي لنفسه كذكر أو كأنثى بما ينطوي عليه هذا الإدراك من انفعال عاطفي ملائم، حتى أننا إذا حاولنا ولو على سبيل الدعابة أن نسأل طفلًا عن جنسه.. "هل أنت ولد.. أم بنت؟"، عادة ما تكون الإجابة في الطفل الطبيعي فيها تأكيد للشخصية مصحوب بمسحة من الغضب، فيرد الطفل بتلقائية.. أنا ولد طبعًا، أو ترد الطفلة.. أنا بنت

أما عندما نتحدث عن "الدور الجنسي". gender role فإننا نقصد أن الطفل ينزع إلى مجموعة من السلوكيات التي تميز الرجل أو الأنثى. فمن الطبيعي أن تميل البنت إلى الألعاب اللطيفة الهادئة حتى في سنوات عمرها الأولى، كأن تهتم بتزيين العرائس أو تلهو بأدوات الطهي والحياكة.. في مقابل اهتمام الولد بالألعاب العنيفة التي تتطلب المجهود العضلي وبعض العنف.

يبقى لنا أن نشير إلى "الميل الجنسي" Sexual Orientation الذي لا يتضح إلا في مرحلة البلوغ والمراهقة.

والميل الجنسي هو تفضيل الصبي لهذا الجنس دون ذاك كهدف أو كمثير للعلاقات العاطفية. والأمر الطبيعي في هذه المرحلة بالنسبة للذكور أن يميلوا إلى الإناث كمثيرات لتجاربهم العاطفية، والعكس بالعكس حيث تميل الفتيات إلى الصبية. وهذا هو ما نطلق عليه "الجنسية الغيرية" Heterosexuality، أما إذا كان الصبي يميل إلى أقرانه من الصبية أو تميل الفتاة إلى الإناث الأخريات فهذا النمط من الميل الجنسي هو ما نطلق عليه "الجنسية المثلية ". Homosexuality. اجتهد العديد من العلماء والباحثين في دراسة كيفية نمو وتطور هذه المراحل، وأجمع معظمهم على أن "الهوية الجنسية " تتحدد فيما بين العامين الثاني والثالث من العمر فيترسخ في ذهن الطفل كونه ولدًا أم بنتًا، أما "الدور الجنسي" فهو ما يظهر في سلوك الطفل خلال مرحلة الدراسة الابتدائية 5-12 سنة، وثالثة هذه المراحل هي مرحلة "الميل الجنسي" وهي التي تتحدد في غضون سنوات البلوغ أي ما بين 11-15 سنة، وهذا التتابع الزمني يعني أن "الميل الجنسي" لا بد أن يسبقه تحديدٌ للدور الجنسي، وأن الدور الجنسي يتحدد بناءً على إدراك الهوية الجنسية. لأن المعرفة الإدراكية السليمة للطفل عن نوعه... هل هو ذكرٌ، أو أنثى؟ تعتبر بحد ذاتها القوة الدافعة التي تلهمه أن يسلك تبعًا لما يعلمه عن نفسه وكأن لسان حاله.. أو حالها يقول.. "أنا بنت.. ولهذا فأنا أريد أن أفعل كما تفعل البنات "... أو..."أنا ولد... وسوف أتصرف كما يتصرف الرجال".

كيف نتعرف على طفل اضطربت هويته الجنسية؟

مكننا الإشارة إلى مجموعتين من الأعراض.. أولاهما هي ما يختص بالخلل في إدراك الهوية الجنسية، والأخرى هي ما يختص برفض الطفل لجنسه الحقيقي.

أولًا: بالنسبة للخلل في معرفة الهوية الجنسية يمكن للوالدين أو للمختصين النفسيين أن يتعرفوا على وجوده، إذا ما ظهرت على الطفل أو الطفلة بعض أو كل الأعراض الآتية:

* الإلحاح المتكرر من جانب الطفل على رغبته في التحول إلى... أو أنه فعلًا ينتمي إلى الجنس المغاير، كأن يصر الولد على أنه بنت أو أنه يرغب في أن يكون بنتًا، والعكس بالعكس بالنسبة للبنات.

* الميل إلى الأزياء المميزة للجنس الآخر، فتعمد البنات إلى الملابس الرجالية والأولاد إلى الملابس النسائية.

* ظهور نفس الاتجاهات السابقة في مجال الخيال واللهو بمعنى أن يسترسل الطفل في أحلام يقظة تهيئ له أنه من الجنس الآخر، أو يفصح عن هذا خلال الألعاب التي يمارسها فيلعب الولد الألعاب الهادئة الناعمة، وتلهو البنت بعنف وبكثير من الحركة، ويترتب على هذا أن يصمم الطفل على قضاء أوقات فراغه مع الجنس الآخر.

وهذه الظاهرة قد تكون محيرةٌ إلى حد ما إذا ما بلغ الطفل مرحلة البلوغ Puberty.. ففي حالة الولد الذي تضطرب هويته الجنسية ويعتقد أنه ينتمي إلى جنس البنات سوف نجده يميل إلى اصطحاب الأولاد ومرافقتهم، وسيجد فيهم حوافز عاطفية مشبعة.. وهو في هذه الحالة لا يعد من المصابين بالميل الجنسي المثلي، حيث أنه لا يعتبر نفسه من ذات الجنس، ولكنه يعتبر نفسه بنتًا وسط مجموعة من الأولاد.

ثانيًا: تختص المجموعة الثانية من الأعراض بما يفعله الطفل أو ينوي فعله للتخلص من علامات جنسه الحقيقية..

وهذه الأعراض تبدو في الصور الآتية:

* بالنسبة للأولاد.. يصر الولد على أن جزءًا ذكوريا من جسمه غير مرغوب فيه وقد يرغب في التخلص منه ويتبع هذا تخلصه من كل السلوكيات الذكرية الأخرى.

* بالنسبة للبنات.. ترفض البنت أن تتبول وهي في الوضع جالسةٌ كما تفعل باقي البنات، وقد تفصح عن عدم رغبتها في أن ينمو لها ثديان أو تكره أن تبدأ دورة الحيض الشهرية Menestrual Cycle. وقد يصحب هذه الحالة الرغبة في أن ينمو لها عضوٌ تناسلي بارزٌ.

وعندما يتجاوز الطفل أو الطفلة مرحلة البلوغ ويصبحان في عداد المراهقين تأخذ الحالة المرضية صورة الرغبة في التخلص من كل العلاقات الجنسية الثانوية مثل خشونة الصوت في الصبي ونعومته في الفتاة... وغير ذلك الكثير.

ولكي نتجنب التعميم الذي قد يذهب بعيدًا بذهن القارئ غير المتخصص وقد يسبب له قدرًا من القلق والريبة، لا بد، أن نؤكد أن أي مظهر من المظاهر السابقة إذا حدث بصورة عابرة مؤقتة ودون إصرار أو تكرار، وإذا كان متغيرًا وغير نمطي، فهو لا يشير إلى أن الطفل يعاني من خلل في تحديد هويته الجنسية لأن أهم ملامح وجود هذا الخلل هي الاستمرارية والتكرار.

أما عن بعض الحالات الأخرى التي قد تتشابه مع الحالة السابقة ويجب أن نلفت إليها الانتباه لكيلا نقع في خطأ تشخيصي فيمكن ذكر أهمها على النحو التالي:

* الأولاد الذين يغشاهم إحساس بعدم الكفاءة الجنسية الذكرية في مرحلة المراهقة حتى ينظروا إلى أنفسهم نظرة سلبية في كل الأوجه، أو البنات اللاتي يمكن اعتبارهن كثيرات الحركة مائلات إلى العنف نسبيا دون وجود علامات أخرى. وهن ممن يوصفون ضمن فئة "البنت المسترجلة - Tom boy"

* الأولاد أو البنات ذوو التكوين الجنسي التشريحي الخنثوي -HERMAPHRODITES. في حالة الولد يكون القضيب صغيرًا مع جود انشقاق بين الخصيتين وفي حالة البنات قد ينمو لهن عضوٌ بارزٌ مع ضيق فتحة المهبل.. أو يكون الخلل كاملًا وحقيقيا فيحمل الولد في تجويفه البطني مبيضين، وتنمو للبنت خصيتان بالإضافة إلى أعضائها الأنثوية.

* مرض الرغبة في إثارة الشهوة الجنسية عن طريق ارتداء ملابس الجنس الآخر TRANSVESTIE FETISHISM.

حجم المشكلة

يعتبر الحرج الذي يكتنف هذه المشكلة من أهم مسببات عدم وجود دراسات إحصائية بيئية وافية عن حجمها الطبيعي. وقد لوحظ أن معظم الأهالي يحاولون إخفاء المشكلة أو تجاهلها خشيةً أن يؤثر الافصاح عنها على سمعة الأسرة، ولكن بصورة عامة يمكن القول إن الصورة الكاملة لهذا الخلل نادرة في مجملها فقد وجد أن معدل المعاناة منها يتراوح بين 1 لكل 24.000 - 37.000 في الأولاد، ويهبط المعدل في البنات ليصل إلى 1 لكل 103.000 - 150.000 (MEYER _ BAHLBURG 1985).أما بالنسبة للرغبات أو الهفوات المؤقتة فهي أكثر من ذلك بكثير حيث وجد أنه بين الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين 4-5 سنوات، يعيش 15.5% منهم بصورة أو بأخرى من الاضطراب بطريقة عابرة وفي النبات يصل المعدل إلى 4.2 - 8.3 %. وهناك اتجاهان إحصائيان عامان ينبغي الإشارة إليهما:

لما كان التركيب التناسلي الذكري أكثر تعقيدًا من مثيله الأنثوي كان الذكور في كل الأعمار أكثر تعرضًا من الإناث لمعاناة الخلل في هويتهم الجنسية.

يقل اكتشاف هذه الحالات ويتضاءل معدلها كلما تقدم السن ولا يعلم أحدٌ على وجه التحديد هل هي تختفي حقيقة أم أنها تتحول من صورة واضحة إلى سلوك كامن.

مما يكمل الإلمام بحجم المشكلة أن نشير إلى أن هؤلاء الأطفال بصفة عامة قد يميلون لاتباع ممارسات جنسية مثلية ويمكن تفسير هذا على أساس أن السلوك بالطريقة التي سبق وصفها قد يعرض الطفل والمراهق للانتقاد أو السخرية من جانب العائلة أو الأصدقاء مما يؤدي إلى نوبات واضحة من القلق والاكتئاب وقد يتدهور مستوى التحصيل الدراسي وقد يؤدي الموقف الرافض من قبل المجتمع إلى عزلة الطفل أو الصبي وانطوائه وتقلص علاقاته الاجتماعية مع الأصدقاء حتى تلتقطه أحضان بعض الجماعات أو الشلل المنحرفة مما يسفر عن الممارسات والخبرات الجنسية غير المقبولة.

ما أسباب اضطراب الهوية الجنسية ؟

يمكننا أن نميز مجموعةً من العوامل تتضافر بنسب متفاوتة وتؤدي في النهاية إلى ظهور هذا الاضطراب، وتقسم الأسباب إلى عوامل بيولوجية وأخرى نفسية..

أولًا: العوامل البيولوجية :

* يعتبر العامل الجيني الوراثي من أهم المؤثرات وقد ثبت هذا من دراسات القوائم وإن كان غير واضح تمامًا في دراسات الأبوين.

* تلعب نسبة الهرمونات الستيرويد STEROID HORMONES في دم الأم الحامل دورًا مهما. وجد أن تعرض الحامل إلى ضغوط نفسية وبيئية شديدة وخاصة فيما بين الشهرين الرابع والسادس من الحمل قد يسبب هذا النوع من الخلل الهرموني.

* تبدل التوازن الهرموني في جسم الطفل بين مجموعتي الهرمونات الذكرية ANDROGENS، والهرمونات الأنثوية DESTROGENS PROGESTERONE.

* مدى تناقض الشكل العام للطفل وقوامه الجسمي مع جنسه، فما أكثر ما يتعرض لهذا الخلل الطفل جميل الوجه، حسن الملامح والطفلة ذكرية البنيان خشنة الملامح.

ثانيًا: العوامل النفسية:

* عندما ينمو الأطفال في غياب أحد الوالدين بسبب الوفاة أو الانفصال أو السفر أو العمل. يتوحد الطفل أو الطفلة مع الطرف الغائب ويتقمص شخصيته لكي يعوض غيابه. فالبنت في غياب أبيها قد تكون أكثر ذكورة، والولد في غياب أمه قد يميل إلى الأنوثة. وهذه الصورة ليست إلا تعبيرًا عن الدفاع اللاشعوري للطفل ضد حالة من حالات قلق الانفصال/ SEPARATION AUXIETY.

* اتضح أن نسبة تعرض أمهات هذه الفئة من الأطفال لاضطرابات من نموهن وحياتهن الجنسية، تزيد على أمهات الأطفال الأسوياء. فمعظم الأمهات اللائي أنجبن أطفالًا ويميلون إلى السلوك الأنثوي كن ممن يرفض مفهوم الأنوثة في حياتهن الخاصة وهذا ما أثبته الدراسة المستفيضة التي تناولت تاريخهن الشخصي.

* الاستجابات غير الحكيمة من قبل الوالدين لإرهاصات ومقدمات هذه الحالة سلوكيا،غالبًا ما تؤدي إلى تثبيتها أو تدعيمها ، سواء كانت الاستجابة تتسم باللامبالاة أو بالمكافأة والإطراء أو بالعقاب الشديد.

ما هي طرق النجاة؟

يجب أن تتضافر جهود الفريق المعالج مع جهود الوالدين ورغبتهما الصادقة مع مساعدة الابن أو الابنة، على أن نأخذ في الاعتبار أن كل حالة بحد ذاتها تتطلب تفكيرًا متأنيًا وتخطيطًا يتناسب مع ظروفها الخاصة.

وفيما يلي إيجاز لأهم الخطوط العريضة في علاج هذه الحالات:

العلاج الطبي : يشترك فيه أخصائي الطب النفسي مع أخصائي الغدد الصماء، فإذا ثبت بعد اجراء الفحوص المعملية اللازمة أن هناك خللًا واضحًا في التوازنات الهرمونية داخل جسم، الطفل فإنه يجب الاجتهاد في البحث عن سبب هذا الخلل سواء بالزيادة أو بالنقصان ومن ثم تصحيحه بوصف المستحضرات الطبية المساندة، إما لتعويض النقص أو لتثبيط الزيادة.

العلاج السلوكي: يرتكز هذا الأسلوب على محاولة تشجيع السلوك الشخصي للطفل بما يتطابق مع جنسه فتتم مكافأته كلما أتى سلوكًا مرغوبًا فيه، وعلى المعالج السلوكي أن يقوم بتقسيم المشكلة إلى جزئيات محددة حتى يمكن أن يكون كل سلوك سلبي هدفًا بحد ذاته لمرحلة معينة من مراحل العلاج.

فيمكن على سبيل المثال أن يجعل من نوع الملبس هدفًا علاجيا مرحليا، ومتى تم النجاح في تصحيح أخطائه يتم الانتقال إلى جزئية أخرى من التلازمة المرضية. وقد أسفرت بعض الدراسات عن نسبة من النجاح تصل إلى 20% باتباع هذا الأسلوب.

العلاج النفسي :هذا النوع من العلاج تكون له الأولوية في الحالات التي تكون فيها التوازنات داخل الأسرة ذاتها مختلة، خاصة بين الوالدين.

وفيه يتم التمحيص الدقيق لدور الأسرة ولنوعية العلاقة بين إفرادها ويتم رصد الفترات التي كان فيها أحد الأبوين أو كلاهما غائبًا عن الأسرة، وبالتالي يعطي المعالج قدرًا كبيرًا من الاهتمام بما كان يعنيه هذا الغياب بالنسبة للأطفال، وقد يتطرق هذا الأسلوب العلاجي للأحداث المهمة في حياة الطفل في مراحل طفولته المبكرة - ما قبل الدراسة - وهي السنوات التي تشمل مراحل نموه النفسي - الجنسي - بحسب فرويد -. المرحلة الفمية، الشرجية ثم صراعي "أوديب وإلكترا".. حتى يبلغ مرحلة الكمون التي تتواكب مع سن الدراسة الأولية.

عن طريق استطلاع كل هذه العناصر يمكن للمعالج أن يساعد الأسرة ككل والطفل بشكل خاص على إعادة صياغة ما قد يكون قد سبق وإن صيغ بطريقة خاطئة.

دور الأبوين

ويعتبر دورهما مربط الفرس وحجر الزاوية في التعامل مع الحالة مهما كان نوع العلاج مع الحالة مهما كان نوع العلاج المنتج.

وفيما يلي بعض الخطوط العامة والمرشدة لكل من يتولى رعاية أحد الأطفال المعاقين بخلل في هويتهم الجنسية..

* أولًا... على الوالدين أن يتخلصا من القلق، لأن خوفهما وقلقهما ينتقل حتمًا إلى الطفل سواء بطريقة شعورية أو غير شعورية وإذا حدث هذا فلا مناص من أن حالة الطفل سوف تزداد تعقيدًا.

* ثانيًا.. يجب التخلص من عقدة الذنب لدى الأبوين، بحيث ألا يعتقدان أنهما كانا السبب في ظهور هذه الحالة غير الطبيعية لدى فلذة كبدهما، لأن الذنب يتبعه بالضرورة لوم النفس، ولوم النفس ربما يعوق الوالدين عن الإيجابية والتعاون المتوقع منهما.

* ثالثًا.. من الواجب على الوالدين الابتعاد تمامًا عن أساليب الإيذاء الجسدية. إن هذا الطفل مريض وليس مجرمًا. والمريض لا يحتاج إلى عقاب بل إلى علاج، وقد ثبت أن العقاب بالضرب أو الإيذاء الجسدي - كالكي مثلًا - هو من أشد الأخطار على صحة الطفل وقد يدفع الطفل إلى عنف مضاد أو إلى تأكيد وإصرار على سلوكه المختل كنوع من رد الفعل العدواني والمعاند لرغبات الوالدين.

* رابعًا.. إلى الوالدين أن يتابعا بلطف وهدوء مظاهر سلوك الأبناء حتى لا يهملا أي تصرف غير طبيعي، وحتى لا يتناولاه بنوع من السخرية والتدليل.. لا ينبغي على الإطلاق أن تشجع الأم ولدها مهما بلغ جمال منظره، على أن يرتدي ملابس مغايرة لجنسه، ولا ينبغي على الأبوين أيضًا مهما بلغت درجة حبهما لابنتهما أن يمتدحاها كلما أجادت الألعاب العنيفة أو النارية أو العضلية، بل يجب عليهما باستمرار أن يلفتا انتباه الطفل ويحبباه فيما يناسبه، وأن يزينا له المستقبل المناسب لهويته الجنسية. أي أن يتعاملا مع خياله كما يتعاملان مع واقعه.. كأن يلهب الأب حماس ابنه ليكون في مستقبل حياته مهندسًا أو ضابطًا أو مدرسًا، وأن تزين الأم لابنتها كم ستكون ناجحةٌ إذا ما أصبحت طبيبةٌ أو ممرضة أو مرشدة اجتماعية..الخ.. هذا مع الاهتمام بمكافأة الطفل كلما تقدم في الاتجاه المتفق مع مستقبله السوي.

* خامسًا.. من الحكمة النابعة من حقيقة الحياة ومن تعاليم الأديان السماوية ألا يكون هناك تمييزٌ لأي من الجنسين على الجنس الآخر. فلا ينبغي تفضيل أحدهما على الآخر لأن كلا منهما له طابعه وسماته المحببة التي تزداد ملاحة كلما نمت في اتجاهها الصحيح.

في النهاية أؤكد أن أساليب علاج طفل اختلت عنده الهوية الجنسية، متاحة ومدروسة وما على كل المعنيين إلا أن يتعاونوا لكي يمكن عبور هذه المرحلة الحرجة وحتى تنفتح أمام الطفل كل إشراقات المستقبل بلذة الرجولة إن كان ولدًا، وبلذة الأنوثة إن كانت بنتًا.

 

ماجد موريس

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




أنا ولد... أم... بنت!؟