تركيا تغسل ذنوبها في مياه أربعة بحور!

استانبول ليست سوى قطرة على سواحل الجمهورية التركية المترامية الأطراف، الممتدة بحدودها مع الاتحاد السوفييتي وإيران والعراق وسوريا وبلغاريا واليونان. وهي تطل بوجهها الأبيض على أربعة بحور- البحر الأسود والبحر الأبيض وبحر مرمرة وبحر إيجه - لعلها تغسل في مياهها أقدامها لتتطهر من ذنوب عهود طويلة قاسية مارست تركيا خلالها ظلم الشعوب، واتهمت بالعمل على إضعاف الإسلام، وإلغاء لغة العروبة، كما قامت - حتى وهي لا تزال تحمل اسم آسيا الصغرى قبل ثلاثة آلاف عام - بإذلال الرجال وخطف النساء، وخلطت الحب بالحرب، فوقعت في براثن أقسى حصار عرفه التاريخ.

أطلال طروادة

          ها نحن نقف أخيرا على أطلال طروادة، نتأمل الطبقات التسع التي أكدت حفرياتها أن "إلياذة هوميروس" لم تكن مجرد خيال وأن حصار طروادة كان حقيقة واقعة.!

          قال لنا مرافقنا: "قبل أكثر من خمسين سنة، وعلى عمق حوالي ثلاثين مترا من هذا التل الذي تفصله عن بحر إيجه عند مدخل الدردنيل ثلاثة أميال، تم الكشف عن أطلال تسع مدن، كل واحدة فوق الأخرى، وانزاح الستار عن ظهور أطلال المدنيات التسع التي عاشت في نفس المكان بين عامي 3000 و 40 ق. م. كان أول هذه الأطلال بقايا قرية من العصر الحجري الحديث وسادسها هذه الأطلال التي ترونها أمامكم. إنها كما ترون بقايا مدينة مزدانة بالمباني الكبيرة مقامة من حجارة مسواة، يحيط بها سور يرتفع فوق الأرض ثلاثين قدما، لايزال منتصبا منه هذه البوابات الثلاث، حيث عثر بين الأنقاض على مزهريات وأوان وقطع من الفخار"!

          ورحنا نطل أمامنا في شغف. إنها مدينة طروادة، والتي تسمى الآن "حصار ليك" حيث عثر الأثريون على كنز بريام الملك، وهو مكون من ستة أساور وطاسين وتاجين وعصابتين للرأس وستين قرطا و 8700 قطعة أخرى كلها من الذهب. وحدد المؤرخون حصار طروادة بالفترة الواقعة بين عامي 1194 و 1184 قبل الميلاد.

أشهر حصان في التاريخ

          طروادة عاصمة "بريام" الخالدة، خدعها هذا الحصان الخشبي المستلقي على ساحة السهل الفاصل بين أسوارها المنيعة ومضيق الهلسبنت، والذي وضع الأتراك الحاليون مكانه الآن رمزا مماثلا له ولكنه أصغر حجما. لم يخطر ببال أبطال طروادة أن انسحاب الإسبارطيين لم يكن سوى خدعة، وأن السفن التي تحركت في زرقة البحر العميق ستستدير مع الظلمة لتلحق بمقاتليها المختبئين في باطن أشهر حصان عرفه التاريخ، ليفتحوا أبوابها للعدو الذي فرض عليها الحصار عشر سنوات، فأعجزته أسوارها، ليسقطها من بعد حصان من خشب!.

          لقد كان الذنب الأكبر هو ذنب باريس ولي عهدها، صانع المأساة، فقد اختطف هيلين زوجة منيلاوس ملك إسبرطة، فتنادى كل زعماء اليونان لغسل العار وفرض الحصار، ومع ذلك طال صمود طروادة حتى اضطر "أجاممنون" للتضحية بابنته "أفيجيينا" لكي تهب الريح وتسير السفن.

بورصة: أولى العواصم

          كنا قد ذهبنا إلى طروادة قادمين من استانبول برا في رحلة على طول شواطئ البحر الأسود عبر البوسفور وسواحل بحر مرمرة الجنوبية لنواصل مسيرة استطلاعية جديدة على السواحل التركية المطلة على بحر إيجه.

          على الطريق إلى شواطئ بحر إيجه - ومع إطلالة على سواحل ثاني البحور الأربعة.. بحر مرمرة - ننطلق إلى مدينة بورصة، أولى العواصم العثمانية في آسيا الصغرى، وذات الأصل التاريخي القديم.

          مدينة بورصة التي نزورها الآن أنشئت عام 550 قبل الميلاد بمعرفة ملك بيثينا "بانوسياس" وعاشت عهود البيزنطيين والرومان والسلاجقة، لهذا فهي تزخر بالكثير من الآثار التاريخية، وبخاصة منذ عام 1326 م حين ضمت إلى الأراضي العثمانية في عهد "أورخان غازي"، ثم أصبحت عاصمة للدولة العثمانية. إن بقايا القلعة الكائنة في طوبخانة لا تزال قائمة منذ أقامها البيثينيون قبل حوالي ألفي عام. وعندما سيطر العثمانيون على المدينة بدأوا في توسيع بورصة خارج القلعة التي شهدنا على بعض جدرانها كتابات ونقوشا إلى جانب بعض بقايا وقواعد التماثيل. آثار هذه القلعة نقلت مع بقية الآثار التاريخية إلى متحف الآثار القديمة في داخل "كولنوبارك". في هذا المتحف شاهدنا معروضات التماثيل وكتابات ونقوشا وأواني من الفخار وقطع اللاهيت وتوابيت قبور عائدة إلى عصور روما والهيلينيين، كما شاهدنا مجموعات من العملات والنقود ترجع إلى البيزنطيين والرومان، والبنادقة والسلاجقة والمماليك والعثمانيين والأتراك. لأن بورصة كانت أول عاصمة للإمبراطورية العثمانية، فلا غرابة في أن تحوي أجمل النماذج من مساجد الفترة العثمانية المبكرة، التي يرجع تاريخ إنشاء المهم منها إلى القرنين 14 و 15 م. وأبرز الجوامع التي لا تزال صامدة متكاملة حتى الآن جامع أولو وجامع يشيل المسمى بالجامع الأخضر.

أناقة متميزة في الجوامع

          جامع أولو "الجامع العظيم" يقع في وسط المدينة، وهو مستطيل الشكل، يقسم إلى عشرين قسما مربعا مغطاة بعشرين قبة، وقد شيد عام 1395 م بأمر السلطان بايزيد بمساحة 56 × 68مترا. وللجامع منارتان، وفي قسمه الثاني يوجد ينبوع أو خزان يتجمع ماؤه في حوض ثم يستخدم في الوضوء. وكان هذا الينبوع في الأصل مسقفا بقبة مفتوحة، إلا أنه مسقوف في الوقت الحاضر بالزجاج، وحوله مقاعد للجلوس لمن يريدون تلاوة القرآن. أما محراب الجامع فيشبه مقصورة ذات أربعة جدران، وهو مزين بالنقوش الزخرفية الملونة، وفي واجهته يوجد عمودان، ومنبره مع جوانبه يشكل وحدة بنائية مثمنة الشكل، ذات واجهات مزينة برسوم أغصان ملفوفة وبارزة. وجدرانه وأعمدته مزينة بنماذج لخطوط تعود لفترات زمنية مختلفة، تؤهله لأن يكون متحفا للخطوط.

          أما الجامع الأخضر "يشيل" فيقع في الشارع المسمى باسمه. وكان السلطان جلبي محمد قد بناه حوالي عام 1415 م. وهو على طراز مدرسة سلجوقية لتعليم أصول الدين، ويتكون من قسمين مسقوفين بقباب ومفصول أحدهما عن الآخر بقنطرة، ومستوى أرضية أحدهما أعلى من مستوى أرضية الآخر. وأقسامه على جانبي مركزه شبيهة بالديوان ومسقوفة بقباب واطئة ومنفصلة عن بعضها البعض بقناطر وفي كل زاوية من زوايا الجامع غرفتان يشاع أنهما كانتا تستعملان لعقد اجتماعات مجلس الشورى والمحاكمات أيام السلاطين الأول.

          إلى جانب الجامع الأخضر في المدرسة الخضراء أقيم متحف للآثار الإسلامية التركية، كان قد شيد عام 1421 م كمدرسة، ثم تحول في عام 1972 م إلى متحف للآثار تعرض فيه الأثاثات المنزلية والمطبخية والملابس والأزياء العثمانية.

          المثير في معالم بورصة هو المقبرة والنصب التذكاري "لقرة قوز"، ويقع على طريق جكركة مقابل ضريح سليمان حلبي. هذا النصب أقيم مكان مقبرة الشيخ محمد كوشتري الإيراني الذي يعرف بأنه أول شخص قدم على خشبة المسرح لعبة "القراقوز"، ولهذا فقد وضعت على النصب صورة قراقوز في لوحة كرمز تذكاري.

جبل أولوداج والحمامات

          وننطلق إلى جبل أولوداج الذي أصبح رمزا لبورصة ويقع على بعد 36 كيلو مترا. هنا نلتقي بالحمامات ذات الشهرة العالمية، وبمركز التزحلق على الجليد فوق سفوح الجبل. وجدنا أنفسنا وسط حشود من السياح والراغبين في التزحلق وسباقات الجليد، والذين لا تخلو منهم المنطقة في أي فصل من فصول السنة، وهم يستمتعون كما استمتعنا بأحد أجمل مشاهد الدنيا عند الإطلالة عليه من نوافذ العربة المعلقة "التلفريك". خضرة الغابات ومجاري المنحدرات المائية والشلالات والجليد الذي يغطي السفوح والقمم، كلها مشاهد مثيرة رائعة تأخذ البصر، بينما التلفريك ينطلق بين المدينة والجبل. ونتذكر أن هذا الجبل بالذات قد عرف في العصور القديمة باسم جبل أولمبوس، مقر الآلهة!.

          الحمامات الباردة فوق جبل أولوداج ليست الوحيدة في بورصة، فقد زرنا غربي المدينة حمامات أخرى اسمها "جكركة " للمياه الحارة. وهي حمامات استشفاء عالمية متميزة، من بينها حمامات كوكورتلو ذات المياه الكبريتية، وحمامات يني قابلوجه وقرة مصطفى باشا، وقابلوجة جليك بالاس التي يقال إن مياهها الطبيعية الحارة تشفي الكثير من أمراض الروماتيزم. وتلجأ الفنادق السياحية إلى الاستفادة من هذه المياه الشافية في حماماتها الداخلية لنفس الأغراض.

آخر طريق الحرير

          بورصة لها شهرتها أيضا كواحدة من أهم المناطق التركية لصناعات المناشف والصناعات الآلية والمنسوجات، غير أن أبرز كل ذلك هو أهميتها في تربية دودة القز وإنتاج الحرير، بنوعيه الطبيعي والصناعي.

          إن صناعة الحرير عبر السنين تسبغ على بورصة صفة رائعة، خاصة أنها كانت تقع في نهاية طريق الحرير الذي كان يمتد من الصين لقرون طويلة، ولا تخلو منطقة أو مزرعة في مختلف أنحاء بورصة وما يحيط بها من مغازل يدوية وآلية لغزل الحرير ومراكز تجميع وبيع شرانق دودة القز، ولتجارة الشرانق ساحات وأسواق خاصة تؤمها النساء والرجال حيث لا يكتفى بالمصانع الآلية المتخصصة، بل تسهم فيها المصانع اليدوية المنتشرة في أغلب البيوت تعمل فيها الفتيات الصغيرات والكبيرات في عملية إنتاج وتسويق مثيرة، سواء في نسج الأقمشة أو صناعة المفروشات والمناشف والملابس الداخلية والخارجية الحريرية.

          إنتاج الحرير في مرحلته الأولى كان يعتمد اعتمادا كليا على النساء. في أحد المصانع اليدوية بالمدينة شاهدنا الفتيات يجلسن أمام الة الغزل يغزلن الشرانق ويخلصن خيوط الحرير من المادة الصمغية العالقة بها بوساطة الماء الساخن العكر. كانت أصابعهن تتحرك بخفة وسرعة لتجمع الخيوط من ست شرانق، وعدد الشرانق المستعملة يعتمد على مدى سك وكثافة الخيوط المنتجة، ولكنه عادة ما يتراوح بين 5 و 8 خيوط تكفي الحاجة.

          في أحد البيوت شاهدنا فتاة عمرها لا يتعدى العاشرة بصحبة عشرين فتاة أخرى، يقبعن بجانب خيوط الحرير، ويقمن بغزلها ولفها حول سيقانهن في غرفة شديدة الظلمة، ذات أرضية موحلة، وتسحب كل من الفتيات الخيوط من خمس شرانق بوساطة ساقها اليسرى، تجمعها معا أو تبرمها أو تجدلها معا لتصنع منها خيوطا متينة..

          في بيت آخر شاهدنا الأسرة بكاملها تشترك في صناعة الحرير. فتى صغير يقبع أمام نول ينسج سجادة حريرية، ووالده بجانبه يهمس بترنيمة عذبة وهو يرسم نموذجا فعليا لتصميم ما، أما الزوجة فكانت تجلس تنقي الحرير، والجدة تحوكه. وطفل في ركن آخر يجدل الخيول، وآخر يعاون والده على النول، لينتجوا معا ثوبا فاخر الصنع.

في مصنع الحرير

          في أكبر مصانع الحرير في بورصة رحنا نتجول بين أقسام المصنع وأنواله الآلية ونحن ننصت إلى مراقب الوردية وهو يقول:

          "فراشة القز هي ملكة الأنسجة بلا منازع حيث تبدع حريرا آية في الروعة والجمل. والواقع أن طبقة البروتين التي تغطي الحرير هي التي تعطيه لمعان اللؤلؤ الذي يجعل منه مادة غاية في النضارة.

          وليس الحرير إلا لعاب الفراشة الذي يتجمد عند ملامسة الهواء له، ويخرج من فم اليرقة بمعدل ست بوصات في الدقيقة، وقد ينتج منه خيط واحد طوله ألف قدم. وتلفه الفراشة المرة بعد المرة حول جسمها لتصنع منه مخبأ لها يسمى الشرنقة وهي بداخلها، ثم تهدأ اليرقة المتعبة كي تتحول إلى عذراء، وحينئذ تجمع الشرانق كما ترون هنا وتغمس في الماء الساخن لتموت الحشرات داخلها. ثم تفك الخيوط الطويلة باليد".

          ويدور سؤال: ولكن كم عدد الشرانق التي يحتاج إليها الأمر للحصول على رطل من الحرير على سبيل المثال؟

          يجيب مرافقنا: " قد يحتاج ذلك إلى 25 ألف شرنقة. ولعلك لا تدرك أنه لعمل رباط عنق واحد قد نستهلك 110 من الشرانق، بينما تقوم 360 شرنقة بإنتاج ما يصنع قميصا من الحرير، أما العباءة الحريرية فهي إنتاج ثلاثة آلاف شرنقة تستهلك 135 ألف رطل من أوراق أشجار التوت ".

الفراشة تحتاج إلى التدليل!

          المثير حقا أن هناك في مصانع الحرير تقاليد تتبع جوا من التدليل والرفاهية، ولتربية فراشة القز أساليب منها: أن الشرانق توضع على فراش ناعم جاف، ويتزايد إنتاجها حين تتاح لها أنغام الموسيقى الهادئة، وصياح الديك، محسوسات ينشط عليها تكاثر الفراشات، ومن ثم يزيد إنتاجها من الحرير. ويجب أن تتوافر للفراشة الأم نظافتها فلا تشم رائحة كريهة، كما يجب أن تمنع من أكل البقول أو حتى لمسها. ولفراش الحرير كما يقولون قدسية يلتزمها النساء والرجال. والنساء اللاتي يربين فراش القز لا يدخن أو يضعن المساحيق على وجوههن، ولا يأكلن الثوم، بل يجب أن ينتعلن في أرجلهن أحذية نظيفة، وتمنع بعض المصانع دخول الضيوف بأحذيتهم فهم يخلعونها عند أبواب المصنع. والتعليمات للرجال في المصانع عادة هي ألا يدنوا أو يعاشروا نساءهم اللاتي ينقين أو ينسجن الحرير، أما الرجال الذين يبقون في مزارع دودة القز فهم لا يقصون شعورهم أو يحلقون لحاهم، كما يتبعون نظاما غذائيا خاصا. وتحضر زوجات هؤلاء المزارعين طعام العشاء إلا أنهن يفترقن عن أزواجهن بقية الليل.

          لقد شاهدنا في مدينة بورصة ومصانعها مركزا رائعا متقدما لصناعات الحرير والمناشف والثياب والملابس.. وهي الآن لا تكتفي بإنتاج الحرير الطبيعي، فقد لعبت الآلة دورها أيضا في إنتاج الحرير الصناعي، برغم أن سحر الحرير الصناعي وبهجته يتضاءلان بجانب الحرير الطبيعي بمزاياه المتفوقة في جميع المجالات. وقد ازداد الإنتاج كثيرا بعد أن دخل الكمبيوتر إلى الأنوال ليضاعف كمية الحرير المنتجة. كما يمكن للمصمم بوساطة الكمبيوتر عمل أكثر من مائتي تصميم كل منها مختلف عن الآخر في وقت واحد.

          ويتباعد هدير أنوال صناعة الحرير، ونحن نواصل التجوال في شوارع بورصة، حتى نغادرها.

أزمير: ملعب الأولمب

          ومن بورصة - وعبر حصارليك - نتجه إلى سواحل بحر إيجه ونبدأ بمدينة أزمير الميناء الرئيسي للصادرات والواردات التركية على بحر إيجه.

          المدينة قديمة تم تأسيسها عام 300 ق. م. وأشهر ما تشتهر به أزمير هو معرضها الدولي الذي بدأت إقامته منذ عام 1934 م حيث يقام كل عام. كما تشتهر المدينة بالذات بفواكه التين القابل للتجفيف والمسمى التين الأزميرلي، وكذلك بالعنب البناتي عديم البذور.

          أبرز معالم أزمير حمام ديانا أرتميس ويقع في مواجهة ملعب الأولمب. وقد شيد الحمام باسم إلهة الصيد والقمر ديانا، وهو حمام روماني. وتروي الميثولوجيا أن ديانا قد استحمت في هذا الحمام.

          ينسب إلى الإلهة ديانا أيضا معبدديانا في أفسس على مسافة 77 كم من أزمير وهو إحدى عجائب الدنيا السبع، ويقوم المعبدعلى تل عليه قلعة ذات خمسة عشر برجا، والأساطير الإغريقية والرومانية تتحدث دائما عن أفسس.

أصحاب الكهف وبيت العذراء

          معبد ديانا أرتميس يقع على اليمين من الطريق المؤدي إلى قوش آداسي، حيث توجد غرفة يسميها العامة "حفرة الإنكليز". ومن هناك يرتفع معبد ديانا التي كان لها دور فعال في أفسس منذ العصور الأولى في الحياة الاجتماعية والدينية ويقال إن أول من أسس المعبدكانوا من أهل الأمازون.

          في أفسس توجد مغارات يسمونها مغارات أصحاب الكهف. وهم يقولون إن هذا المكان هو الذي هرب إليه الشباب السبعة من ظلم عبدة الأوثان حيث بقوا داخل المغارات مائتي عام. وكان نومهم في عهد الإمبراطور ديكوس عام 250 وكانت يقظتهم في عهد الإمبراطور تيوديسيوس الثاني. وهم يؤكدون أنهم كانوا سبعة مع كلبهم، وما أكثر ما تدعي بعض البلاد أنها تضم كهف أصحاب الكهف.

          وعلى مسافة سبعة كيلو مترات أيضا من أفسس يوجد "بيت مريم العذراء" وهو من آثار البيزنطيين العائدة إلى القرن الرابع الميلادي. وهم يقولون إنه بعد صعود عيسى عليه السلام جاءت مريم العذراء مع سانت جون إلى أفسس وعاشت أيامها الأخيرة في ذلك المكان، وهي منطقة تشتهر بجمالها ومياهها المقدسة. وتوجد حول المكان نفسه أماكن للرهبنة الكاثوليكية. وقد أعلن البابا عن قدسيتها، وأعلنها مكان حج حيث يأتي الحجاج المسيحيون في شهر أغسطس من كل عام.

الأكروبول والملعب الأولمبي

          ونواصل خلال جولتنا في منطقة بحر إيجه تذكر حكايات وأساطير الإغريق.

          فعلى قمة تل صغير يقع الأكروبول في يمين الطريق المؤدي إلى "الملعب". هذا الملعب الأولمبي أنشئ بين عامي 54 و 68 بعد الميلاد في زمن الإمبراطور نيرون. يبلغ طوله 229 مترا وعرضه 30 مترا، في هذا الملعب كانت تجري السباقات الرياضية المختلفة وسباق العربات والخيول، وفي أركانه الشرقية توجد منطقة دائرية الشكل لألعاب الجلد والأماكن المخصصة للحيوانات التي كانت تستخدم في المصارعة.

          و "بركامة" لها شهرتها العالمية في عالم الفكر والفنون في العهود القديمة. وقد أسست على سفح الأكروبول، واستمرت أهميتها حتى الآن وتعتبر من الآثار الهيلنستية الهامة، في منطقة بركامة تقوم معابد وقصور وأسواق، ويقال إن جالينوس الذي يذكر اسمه في تاريخ الطب عاش في هذا المكان، وعندما احترقت مكتبة الإسكندرية بقيت مكتبة بركامة قائمة تحمل نفس الشهرة. وقد اكتشف فيها الورق المسمى البركامون، كما توجد بها إحدى الكنائس السبع التي أقامها القديس جون.

          وتأخذ بركامة شهرتها حاليا من المركز الصحي "اسجولا بيوم " وقد كتب على باب المركز عبارة تقول "باسم الآلهة يمنع دخول الموت". يحدثنا المشرف على المركز فيقول إنه هنا شفي كثير من الحكام والأشخاص العاديين، والذين نذروا النذور، ومن أهم عناصر الشفاء هنا التلقين والأحلام وحمامات المياه المعدنية والحمامات الشمسية والأدوية المصنوعة من أعشاب شافية. وقد كانت المسارح وأماكن اللهو تعتبر من الوسائط الشافية، وفي معبد تلاسفوروس ذي الطابقين يوجد في الطابق السفلي مكان يشفى فيه المريض بطريقة خاصة، حيث يجري علاج أمراض المعدة من خلال شرب ماء النبع.

متحف السلالات البشرية

          وننتقل إلى مانيسا الإيجية..

          إنها مدينة غنية بآثارها التاريخية وجمال طبيعتها. ونلتقي في مانيسا بمتحف الآثار التاريخية والإنثوجرافية، أي علم السلالات البشرية. في هذا المتحف تعرض هياكل أحجار المقابر القديمة والأواني والمزهريات والملابس، وفي محلة درة بالقرب من الوادي نجد مقبرة " يدي قيزلر " أي مقبرة الفتيات السبع. ويقال إنه كان يوجد فيها التوابيت الحجرية السبعة للفتيات العذارى اللاتي انتحرن دفاعا عن شرفهن وجاء ذكرهن في الأساطير القديمة.. ومن هنا اتخذت عادة وضع قطعة من جهاز العروس أو الفتاة العذراء الشابة المتوفاة في هذه المقابر.

          وعلى قطعة صخرية تقع جنوب شرقي المدينة نجد " نايوبه " المرأة الباكية. هنا يحكون عن حادثة أسطورية حين كانت " نايوبه " ابنة الملك تنتالوس أما لأربعة عشر طفلا. وكانت تتباهى بأطفالها مما أثار غيرة الإلهة أرتميس عليها، فعمدت إلى إثارة بقية إلهات الأولمب. وقامت الإلهات بتحريض أخيها أبوللو الذي قتل أبناء أخته. وظلت نايوبه تبكي تسعة أيام حزنا على أطفالها، وقام الملك تنتالوس بالتوسل إلى كبير الآلهة زيوس للعفو والاعتذار. فحول زيوس المياه إلى أحجار مائعة ما تزال تحكي حتى الآن قصة المرأة الباكية.

الجنة والجحيم على البحر الأبيض

          ومن سواحل بحر إيجه ننتقل إلى سواحل البحر الأبيض رابع البحور التي تغسل فيها تركيا أقدامها وتتطهر من آثامها... وما من شك في أن منطقة البحر الأبيض الممتدة على طول ساحل المتوسط غنية - بالشواطئ الرائعة التي تجتذب عددا كبيرا من السياح طوال شهور الصيف والشتاء الذين يجدون فيها المتعة والاستجمام. هذه الشواطئ يفوق أحدها الآخر من حيث الشمس الممتعة والطبيعة الرائعة. والطقس في الصيف حار وفي الشتاء دافئ بينما في الربيع والخريف يكون الطقس ممطرا.. وأبرز مدن سواحل البحر الأبيض أنطاليا وبودروم وأسبارطة ومرسين وأنطاكية.

          ونبدأ جولتنا بأنطاليا التي أسست في القرن الثاني قبل الميلاد في عهد الملك أنطالوس الثاني ملك بيركامة لتكون ميناء له. وفي عام 1392 ألحقت ضمن الدولة العثمانية.

          أول ما نزوره المتحف الذي تأسس عام 1923 م. إنه عامر بالآثار التأريخية التي تعود لعصور ما قبل التاريخ وحتى التاريخ المعاصر. وعلى التل الذي يشرف على المدينة نجد قلعة الانيا، وبرجها الأحمر يقع في ملتقى السور الشمالي والسور الشرقي ويرتفع بمسافة 33 مترا، ونجد على أبواب القلعة كتابات ونقوشا تعود إلى العصور المختلفة.. وفي داخل القلعة جامع وضريح وكنيسة وحمام. في داخلها أيضت نشاهد المنارة الحلزونية. هذه المنارة بنيت في عهد السلطان السلجوقي علاء الدين كيكوباد الأول وهي مزخرفة بحلزون ذي ثماني لفات. ويعتبر من أقدم آثار أنطاليا.

سوق العبيد

          وبالقرب من قلعة بلقيس نلتقي بمدينة اسبيذوس. وقد أسست كمدينة وميناء نهري في القرن الخامس قبل الميلاد. وأصبح معبدها مركزا للقساوسة في العصر المسيحي. وبالمدينة نزور الكنيسة والسوق ونصب عين ماء وكمرات مياه ومسرحا وحمامين وملعبا وقبورا. أما المسرح فقد حفظ على أحسن شكل وهو يستوعب خمسة عشر ألف شخص وتقام فيه احتفالات أنطاليا التي تجرى كل عام.

          في غرب أنطاليا على مسافة 78 كم تقع مدينة "سيده". كانت هذه المدينة سوقا لبيع العبيد في العصر الروماني. ومسرحها يعتبر أكبر المسارح في كل الساحل المتوسط. ونجد في مركز المدينة خرائب وبقايا الجدران من العصر البيزنطي وكنيسة وقبورا وسوق الأجورا والحمام الشعبي. والمنطقة تعتبر منطقة مهمة من ناحية السياحة الداخلية وهي عامرة بالفنادق الفاخرة والموتيلات والكازينوهات "والمطاعم والمقاهي والمحلات السياحية. وموسم الصيف بها يمتد لشهور عديدة يتمتع فيها السياح بصيد الأسماك وممارسة الرياضات المائية المتطورة..

          والسياح الذين يأتون إلى سيده لا بد أن يزوروا "تيرمصوص " في جنوب جبل كولوك في الشمال الشرقي من أنطاليا بمسافة 22 كم. وهي من المدن التاريخية التي لا تزال معالمها قائمة ومحفوظة بشكل جيد. وندور بين أسوارها ومعابدها ومنازلها ومسرحها، حيث نشاهد الأوديون والصهاريج والقبور الحجرية. في هذه المنطقة توجد استراحة فرنسية بالقرب من ناحية كمر وهي ملتقى السياح القادمين للمتعة في هذه المنطقة من ساحل البحر الأبيض.

          المولعون بالتاريخ القديم يجدون أمنيتهم في باراديس - أي الجنة - بأسبارطة. فهي تعتبر مركزا قديما للاستيطان في عصر ما قبل التاريخ. وقد اكتشفت فيها الآلات البدائية في الحفريات التي اتسعت على مساحة تمتد بأبعاد 80 و 100 متر. أما مرسين - وتسمى إيجل أيضا، أي الملاك - فهي إحدى قرى القرن التاسع عشر، وتم تأسيسها بمعرفة عشيرة مرسين القادمة من تركستان.

مغارات الجنة والجحيم

          أبرز ما في "مرسين" مغارات الجنة والجحيم. وهما حفرتان في شمال كريكوس ولدتا نتيجة الانهيار والتآكل خلال انسياب المياه. حفرة الجنة عمقها 90 مترا وتسمى حديقة الجنة، وتغطيها الأشجار، وتمر منها المياه، وبها بقايا كنيسة قديمة. أما حفرة الجحيم فعميقة جدا لا يعرف غورها وهي على شكل هاوية ويقال إنها كانت في القديم مكانا يلقى فيه المخطئون.

          وهناك أيضا مغارة " أنا مور " ومياهها عذبة ومرة في آن معا. وهي تنبع من داخل المغارة، ويقولون إنها مفيدة لأمراض ضيق التنفس. والمدينة حولها تحيطها الأشجار وخاصة الموز والبرتقال.. وبها أماكن لإقامة المخيمات.

          أما مدينة أضنه فيمتد تاريخها إلى العصر الحجري، وكانت من قبل عاصمة دولة رمضان أوغلو حوالي عام 1358 م وحتى عام 1517 م. هذه المدينة وضواحيها مليئة بالقلاع. فيها قلعة أضنه الواقعة في غرب الجسر الحجري الواقع على نهر سيحان والذي بني في القرن الثاني الميلادي في عهد الإمبراطور هادريبان الروماني بطول 319 مترا وارتفاع ثلاثة عشر مترا. وهناك قلعة أنازاربا، وقد بنيت في القرن التاسع قبل الميلاد في عهد الأشوريين. وبها أسوار وكمرات المياه وكنيسة حجرية ومسرح وأضرحة. ومثلها قلعة دوملو التي يبلغ محيطها 80 مترا وذات ثمانية أبراج. وكذلك قلعة طوبراق التي تعود إلى عهد الحيثيين، ولها 14 برجا وباب واحد يطل على الغرب، وتضم مستودعا للأسلحة وبقايا مخازن وصهاريج، أما قلعة يلانلي فهي من آثار البيزنطيين، ومحيطها يبلغ 700 متر، ولها ثمانية أبراج، وبابها الوحيد يطل على الشرق.

أهل الكهف.. مرة أخرى

          ونختتم جولتنا على ساحل البحر الأبيض بمدينة أنطاكية التي يدور حولها خلاف حدودي بين تركيا وسوريا. هذه المدينة أسست في القرن الرابع قبل الميلاد في عهد الملك أنتيموخس الأول. وقد احتلت مكانة عاصمة دولة سيليفكوس الآسيوية قبل الميلاد. وفيما بين عامي 1919 و 1938 م بقيت تحت الاحتلال الفرنسي ثم ألحقت عام 1939 م إلى تركيا كمدينة تركية.

          ومن معالم أنطاكية جسر روما الذي يقع فوق نهر العاصي. وقد بني الجسر في عهد الإمبراطور دقليانوس الروماني في نهاية القرن الثالث الميلادي، وتوجد صورة نسر روما على إحدى القواعد الثلاث للجسر.

          وتقع قلعة أنطاكية في الجنوب على مسافة سبعة كيلو مترات. وهي ذات 360 برجا، وكل برج من هذه الأبراج ذو خمسة طوابق. أما قلعة كورشاد فقد بنيت في القرن الثالث عشر بمعرفة الصليبيين، ولها برجان لا يزالان سليمين.. وأما قلعة باياس التي بناها الصليبيون في القرن الحادي عشر فقد أعاد بناءها رئيس الوزراء العثماني صوقوطلي باشا، وقد استعملت كسجن ويبلغ محيطها 800 متر، ولها ثمانية أبراج. وغير بعيد منها أقام صوقوطلي باشا مكانا لمبيت الحجاج وما تزال أحجاره منذ عام 1574 م قائمة جديرة بالمشاهدة من حيث جمالها ونقوشها.

          الغريب في أنطاكية وعند قاهرمان مراش أنهم يشيرون أيضا إلى مغارة على مسافة ستة كيلو مترات من أفشين - وهي غير أفسس - ويقولون لنا: إنها المغارة التي اختبأ فيها أصحاب الكهف السبعة الهاربون من ظلم الكفار في روما.. وهم يؤكدون ذلك لوجود جامع فوق المغارة عبارة عن كنيسة فوق الكهف تماما كما جاء في القرآن الكريم: (وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا) صدق الله العظيم. سورة الكهف آية رقم 21

عودة الوعي

          وتنتهي الجولة الاستطلاعية على سواحل البحور الأربعة، ونتصور أن مياهها التي تغسل فيها تركيا أقدامها وتزيل ما تلطخ من ثيابها، قد استطاعت بالفعل أن تطهرها من ذنوب الماضي.. وآخر ما فعلته تلك المحاولات الأخيرة لتعديل ما شابها من العلمانية التي ألغت اللغة العربية والمظاهر الإسلامية بأمر وقانون، وهي التي لم يكن تاجر منذ تطبيقها يجرؤ على كتابة لافتة محله بحروف عربية، ولا كانت المساجد تستخدم إلا كمتاحف للسياح والزائرين عدا نفرا قليلا من الشيوخ والعجائز الذين يحافظون على إسلامهم وتعاليم دينهم.. بالرغم من اهتمام الدولة بالمحافظة على الأمانات المقدسة للرسول (ص) وصحابته في قصر (طوب قابي) المطل على بحر مرمره.

          ونتذكر ما قاله لنا الدكتور أكمل الدين أوغلو مدير مركز التاريخ والثقافة الإسلامية عندما التقينا به في مكتبه:

          "إن الاتجاه الإسلامي في تركيا الآن يزداد قوة، وهي قوة تعني الرجوع إلى الجذور، وتعني وضوح كثير من المفاهيم التي اختلطت في ذهن الفرد التركي، بل والمجتمع كله حول التحديث والعلمانية وعلاقة الفرد بالمجتمع وموقع الإسلام في داخله، وكذا علاقة الدولة بالدين. وليس مصادفة رؤية عشرات الآلاف من الشباب وهم يؤمون المساجد في إيمان قوي، كما أنه ليس مصادفة أن تعود برامج التعليم للغة العربية والدين الإسلامي في كثير من المدارس.. فذلك يندرج في خطة الدولة للبعث العام للإسلام في تركيا".

          وكل ذلك في الحقيقة خطوات على الطريق الصحيح تؤكد أن تركيا تعمل جاهدة على غسل أقدامها وتطهير ثيابها - في مياه بحورها الأربعة من "الأسود " إلى " الأبيض "- من آثار الذنوب والاتهامات التي كانت تثوب مسيرتها خلال الماضي البعيد والقريب.







هكذا تطل مدن تركيا على بحورها لتتطهر من ممارسات عهود طويلة قاسية




أحد شوارع تركيا يضج بأهلها ونظرات الأمل تملأ المكان




نظرات فتيات تركيا تطل إلى الأمام أملا في الرضوان




يمتد أطول جسر معلق ليربط بين أوربا وآسيا عبر مضيق البسفور




على مياه بحر مرمره تنطلق الزوارق في ريح رخية




يقوم تمثال خشبي كبير رمزا لحصان طرواده على مشارف حصار ليك




الدب يرقص على سفح جبل أولوداج متكئا على عصاه راقصا على دقات الدف




خريطة توضح تركيا ومقاطعاتها السبع وبحورها الأربعة




بقايا آثار الرومان والبيزنطيين شاهد على تاريخ طويل في بورصة




رسم قراقوز أول من قدم على خشبة المسرح هذه الشخصية المثيرة التي عرفها الناس في الشرق والغرب




برج الساعة يتوسط الميدان الرئيسي في أزمير




التلفريك وإطلاله على أجمل مشاهد الدنيا على سفوح جبل أولوداج




صحن الجامع الأخضر يشيل بنافورته الرخامية والآيات القرآنية مخطوطة في مقصورة السلطان




داخل مزرعة دودة القز ملكة الأنسجة بلا منازع حيث تبدع أروع حرير طبيعي




شرانق دود القز تتداولها الأيدي في سوق البيع والشراء قبل أن ترسل إلى المصانع




في المصانع تغمس الشرانق في الماء الساخن ثم تفلت الخيوط الطويلة بالأيدي لتدخل بين آلات النسيج لتخرج منها أروع أنواع الأقمشة الحريرية




نعومة الحرير على صفحات الوجوه وبين الأنامل الرقيقة والبسمات على الشفاه




في بورصة مراكز لصناعة الحرير والمناشف والثياب والملابس




صناعة السجاد المبدع




الرقصات الفولكورية في الساحات والمنتزهات بالملابس الحريرية التي تبدعها أنامل الفتيات




عازف الماندولين يصاحب الرقصات الفولكلورية الشعبية




مقاهي هي الأرصفة .. نلتقي بها في كل مدينة من مدن السواحل على طول البحور الأربعة التركية