في ذكرى النكبة

في ذكرى النكبة

حمل ملف العدد «594» مايو 2008 م ،من مجلة العربي رؤى حول فلسطين المحتلة، وطالعت مقال الأستاذ الدكتور سلمان أبو ستة تحت عنوان «أطول حرب ضد شعب»، وإسرائيل احتفلت في مايو 2008 بالذكرى الستين لقيامها.

ومما لاشك فيه أن البعد العربي طوال 60 عامًا، فاقد الرؤية باتجاه حل مشكلة فلسطين المحتلة، ولا يرى العنصرية الصهيونية.

والفكر الصهيوني يقيم آمالاً عريضة نحو مستقبل إسرائيل الكبرى وبدعم أمريكي، لأن اليهود لهم من النفوذ الاقتصادي والسياسي داخل الولايات المتحدة الأمريكية الكثير والعرب بامتلاكهم نحو 700 مليار دولار في دورة رأس المال الغربي يفتقدون ورقة ضغط لمصلحة القضايا العربية ومنها فلسطين.

وإسرائيل حتى مع القدس العربية، تتحرك لربط اقتصادها وسياساتها ضد الأمة العربية في ظل تهويد القدس العربية، وبعض النظم العربية تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وهناك اعتراف عربي بإسرائيل كدولة لها شرعيتها داخل الأمة العربية.

وكأن السياسات العربية الحاكمة تجهل احتلال أرض فلسطين، وأن إسرائيل دولة معتدية، وأخذت الأرض الفلسطينية بالخداع، وبعصابات شيترن، والهاجاناة.. إلخ، لإزعاج الشعب الفلسطيني في الداخل.

في الوقت نفسه، نرى الأنظمة العربية في حالة تنازع وتشتت وتفرق وضعف، وتلك الأنظمة تركت حل القضية للغرب تارة، والاتحاد السوفييتي قبل انهياره تارة أخرى، بالرغم من قرارات الشرعية الدولية 242 و 338 و 425.

وما بين الغرب والاتحاد السوفييتي قبل انهياره دور في زرع إسرائيل داخل المنطقة العربية.

واليهود ومنذ بدء الرسالة الإسلامية، لم يحفظوا عهدًا، ولم يقيموا عدلاً، ولم يرعوا ذمة، ومع احتلالهم فلسطين ارتكبوا أفظع الجرائم تجاه الشعب الفلسطيني.

والعرب أصبحوا أمام طائفة دينية عنصرية، تتحرك بمختارات ومقتبسات من التوراة المحرفة، وصنعها أحبار اليهود، وعنصرية إسرائيل قائمة على التحالفات مع القوى الغربية، وهدف الصهيونية تمزيق أوصال الأمة العربية.

لذلك نجد مسارات السلام، ومنذ مسار مدريد 1991 خاصة، تتحرك بالزيف، وطمس لغة الحقائق والابتعاد عن السلام العادل.

قال تعالى: أوكلما عاهدوا عهدًا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون .

وأمة العرب مازالت تجهل منذ وعد بلفور 1917 بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، استمرار الهجرات اليهودية لأرض فلسطين، لإحداث تغير في طبيعة النمو الديمجرافي فيها.

وجاء قرار تقسيم فلسطين في نوفمبر 1947 إلى دولتين عربية ويهودية، مما أثر في مدينة القدس.

وقرار تقسيم القدس خطير مع تولي الأمم المتحدة الإدارة، وتعيين مجلس وصاية، ليقوم بأعمال السلطة الإدارية نيابة عن الأمم المتحدة.

بالرغم من أن قرار التقسيم أعطى الدولة اليهودية نحو 25 في المئة من إجمالي مساحة فلسطين الجغرافية، والقدس لم تكن من نصيب الدولة اليهوية، ولم يتم توفير شريط أرض يصل بين الدولة اليهودية والقدس.

وكان الوضع الديمجرافي والجغرافي وقتئذ في مصلحة العرب بنسبة 70 في المئة ورفض العرب مشروع التقسيم.

وجاءت حرب 1948، وتم إعلان دولة إسرائيل في مايو 1948، ونجحت في احتلال القدس العربية، وكانت البلدان الغربية تعامل القدس الغربية بين عامي 1949 و 1967 كجزء من دولة إسرائيل.

وجاءت حرب 1967 وأقدمت إسرائيل على ضم القدس الشرقية، واعتبرتها القدس الموحدة وعاصمة لدولة إسرائيل.

وإسرائيل ذاتها تمثل واقعًا استعماريًا، والصهيونية العالمية أخذت على عاتقها تنفيذ البرنامج الصهيوني، وتهجير اليهود من الغرب والشرق وإفريقيا إلى أرض فلسطين في ظل دعم مادي وسياسي من الغرب، ومن دون ذلك الدعم لأمكن عزل إسرائيل عن كل المحافل الدولية، وقبل ولادة الحركة الصهيونية بنحو قرن تقريبًا، دعا نابليون اليهود وهو على أبواب عكا للاستيطان في فلسطين لخدمة مصالح فرنسا.

كما سعت بريطانيا لاحتلال فلسطين من أجل الشريان الحيوي للمصالح الدولية في البحر الأبيض.

لذلك دخلت فلسطين في فكر الاستعمار والصهيونية العالمية، واستخدمت الصهيونية نظرة اللاسامية العربية استخدامًا سياسيًا وأيديولوجيًا لتعبئة الرأي العام العالمي لمصلحة الفكر الصهيوني، ونجح نفس الفكر بتغطية سياسية نحو إبراز المشروع الصهيوني بإنشاء دولة إسرائيل في ظل استراتيجيات الهيمنة العالمية، ومازال الشعب الفلسطيني يواجه المخطط الصهيوني التوسعي منذ العام 1948.

وأصبح الشعب الفلسطيني يواجه مخطط الاستيطان، لأن الصهيونية مهما وقعت من اتفاقيات ومعاهدات فإنها تتحرك بسياسات الاستيطان.

كما أن الفكر الصهيوني يزعم أن أرض فلسطين توراتية، لذلك يسعى إلى تحقيق نقاط منها:

1 - هدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة.

2 - إعادة بناء الهيكل مكان المسجد الأقصى.

3 - خوض معركة الهرمجدون وانتصار معسكر الخير على معسكر الشر.

4 - استقبال المسيح.

والفكر الصهيوني يتصور أن معسكر الخير يتشكّل من إسرائيل والغرب، وينشد إقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.

والصهاينة لا حرمة لديهم لدماء، أو احترام حياة، والقتل بأيديهم ألعوبة أو تسلية.

قال تعالى: لُعنَ الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون .

كما أن الصهاينة كعادتهم لهم مطامع وأحقاد، ويسيرون بخطى حثيثة بفكر حكماء صهيون وذات الفكر تجنب استخدام كلمة دولة منذ مؤتمر بازل عام 1898، لكن منذ العام 1967 بدأ الإرهاب الصهيوني ذروته كي يحقق أهدافه، وتم تأسيس جهاز الموساد الإسرائيلي مع تربية الإنسان الصهيوني تربية دينية، بلغة توضح أن فلسطين بلدهم، ولذلك انتشرت الحركات الإرهابية الصهيونية لتعمل على قتل وتشريد الشعب الفلسطيني ومنها: حركات: موليدت، هتحيا النهضة، كاخ، كاهانا، تنظيمات المستوطنين، بالإضافة إلى خمس عشر منظمة إرهابية صهيونية تعمل في السر، أشهرها: حركة أمناء جيل البيت.

مع احتلال فلسطين، مازالت الأمة العربية أمام تحد يهودي، وإسرائيل تستغل اليهودية كدين، واليهود كأصحاب ديانة وتسخرهم لتنفيذ مخططاتها.

وأصبح الشعب الفلسطيني يعاني من الإرهاب الصهيوني قتلاً وتشريدًا ودمارًا، فأين الأمة من نصرة الشعب الفلسطيني؟

قال تعالى: ونريد أن نمن على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمةً ونجعلهم الوارثين .

يحيى السيد النجار
كاتب وباحث إسلامي دمياط - مصر