ملحق لغوي

ملحق لغوي

قرأت باهتمام بالغ الموضوع المهم على مدى العددين «592» و «593»، مارس وأبريل 2008 م للأستاذ الدكتور جابر عصفور بشأن الأزمات التي تواجهها اللغة العربية، وانطلاقًا من المسئولية الملقاة على عاتقنا جميعًا، أحببت أن أضيف إلى ما تفضل به الأستاذ الفاضل فأقول:

إن مواجهة هذه الأزمات مجتمعة تتطلب منا الآتي:

- التدريس باللغة العربية.

- العناية بلغة الكتب، والصحف، والمجلات، والنشرات.

- الابتعاد عن العامية في الكتابة، والسعي إلى تقريبها من العربية الفصيحة.

- أن يحرر باللغة العربية ما يأتي:

- الوثائق، والمذكرات، والمكاتبات، وغيرها من المحررات التي تقدم إلى الدوائر الرسمية وشبه الرسمية.

- السجلات والمحاضر، وغيرها من المحررات التي يكون لممثلي الحكومة والمؤسسات الاطلاع عليها، وتفتيشها.

- العقود والإيصالات، والمكاتبات المتبادلة بين المؤسسات، أو الجمعيات، أو الشركات العامة، أو بينها وبين الأفراد.

- اللافتات التي تضعها المؤسسات، والمنظمات، والجمعيات والمحلات التجارية أو الصناعية على واجهات محالها.

- كتابة البيانات التجارية المتعلقة بأي سلعة تم إنتاجها في الأقطار العربية باللغة العربية.

- تجنب استعمال المصطلحات الأجنبية إلا عند الضرورة، وأن تكون المجامع العلمية العربية هي المرجع الوحيد في وضع المصطلحات العلمية والفنية، وعلى الجميع الرجوع إليها بشأنها.

إن الحفاظ على سلامة اللغة العربية وتنميتها لتستوعب المستجدات واجب كل عربي ومسلم، ولا يكفي الاعتزاز بها فقط، بل لابد من عمل مثمر متواصل، ويتم ذلك بوسائل منها:

أولاً: نشر الوعي اللغوي بوسائل الإعلام المختلفة، وطبع الكتب والكراسات التي تبرز منزلة اللغة العربية وموقعها بين لغات العالم، وأثرها في وحدة العرب وجمع المؤمنين.

ثانيًا: إعادة النظر في مناهج تدريس اللغة العربية وتطبيق الطرائق الحديثة في تأليف الكتب وتدريسها.

ثالثًا: تعريب التعليم في جميع مراحله، لأن تلقي العلم باللغة الأم غير تلقيه بلغة أجنبية.

رابعًا: مشاركة المجامع العربية واتحادها مشاركة فعالة في العناية باللغة العربية، وتوحيد المصطلحات العلمية والألفاظ الحضارية.

خامسًا: عقد المؤتمرات القومية والقطرية للوقوف على مسيرة تدريس اللغة العربية، وتقديم المقترحات التي تحقق ازدهار العربية لتواكب العصر، وتستوعب المستجدات.

سادسًا: إصدار تشريعات تصون اللغة العربية كما فعل العراق حينما أصدر العام 1977 «قانون الحفاظ على سلامة اللغة العربية» الذي ألزم «الوزارات وما يتبعها من الدوائر الرسمية، وشبه الرسمية، والمؤسسات، والمصالح، والشركات العامة، وكذلك الجمعيات، والنقابات، والمنظمات الشعبية بالمحافظة على سلامة اللغة العربية، واعتمادها في وثائقها، ومعاملاتها، وكذلك بجعل اللغة العربية وافية بأغراضها القومية والحضارية».

وإضافة إلى ما سبق، فإن الخير، كل الخير في أن ينشئ العرب منظمة تعتني باللغة العربية وتنشرها، وهي اللغة التي نطقت بها ألسنة الملايين في مشارق الأرض ومغاربها، واستوعبت العلوم والآداب والفنون، لما فيها من ألفاظ كثيرة، وأساليب متنوعة، وقدرة على النماء، وإذا كان الله - سبحانه وتعالى - قد حفظها في كتابه العزيز: إن علينا جمعه وقرآنه ، فلا يعني التواكل، لأنها ستظل مهددة من أعداء الله والأمة، ففي كل عقد من الزمان تظهر بدعة، وأحدثها «العولمة» التي تنفذ ما يخططه لها القطب الواحد. ولا يكفي أن تكون في الوطن العربي مجامع علمية ولغوية واتحاد يجمعها، بل ينبغي أن تقوم «منظمة دولية للغة العربية» تضع الخطط الكفيلة بالحفاظ على لغة القرآن الكريم، وتنميتها، ونشرها في العالم، وأن يكون لها سلطان ونفوذ لتحقق أهدافها، وبغير هذا لن يكون لها دور فاعل، ولن يكتب لها النجاح في زمن كثرت فيه الاتجاهات، وتصارعت الآراء، وأصبح المؤمن بعقيدته وأمنه كالقابض على الجمر في عالم يمور بكل عجيب.

ويضاف إلى كل ما سبق اقتراح خاص بمجلة العربي الغراء، هو أن تقوم المجلة بإصدار ملحق لغوي على غرار الملحق العلمي، تكون مادة هذا الملحق كلمات من المعاجم العربية القديمة، وبيان تطور دلالة بعض الكلمات تاريخيًا، ويمكن أن تعرض كلمة واحدة كل عدد، وعرض الكلمات التي تجيزها المجامع اللغوية العربية بدائل عن الكلمات الأعجمية وبخاصة المصطلحات العلمية والفنية وأشياء أخرى تخص هذه اللغة الشريفة، هذه الأمور من الممكن أن تستخدم على نطاق واسع، لأن شهرة «العربي» معروفة للقاصي والداني، فبدلاً من حبس هذه الجهود داخل جدران المجامع اللغوية العربية، فإنها ستأخذ طريقها وتصبح على ألسنة أكبر عدد ممكن من متكلمي العربية، وهذا هو هدف هذه المجامع بالأصل.

إخوتي الأعزاء في مجلة العربي الغراء، أرجو أن تأخذوا هذا الاقتراح على محمل الجد وتدرسوه بعناية فائقة.

ختامًا، أتمنى لكم التوفيق والسداد في القول والعمل.

مهند مجيد برع العبيدي
مدرس بكلية الآداب - جامعة تكريت
قسم اللغة العربية / العراق