الشيخ الحنفي صاحب «معجم الألفاظ الكويتية»

الشيخ الحنفي صاحب «معجم الألفاظ الكويتية»

في يوم الأحد، الخامس من مارس العام 2006م، اخترمت يد المنون، العلامة الموسوعي الكبير الشيخ جلال الحنفي (بغداد 1914 - 2006 م)، مخلّفاً وراءه ثروة ثقافية غزيرة، تتوزع في شتّى ضروب المعرفة، لا سيما في التاريخ والتراث والمأثورات الشعبية والشعر والدين والنقد والموسيقى واللغات.

لا نبالغ إذا قلنا إنَّ الشيخ الحنفي قد انفرد بها خلال القرن العشرين ومطالع القرن الحالي، حتى أصبح ظاهرة مدهشة لكلّ من يتتبع أعماله ويقف على إسهاماته المتنوعة. لقد كان الشيخ الحنفي نسيج وحده، ومن فرط حبه للمعرفة أنه سافر إلى الصين في عقد السبعينيات؛ لطلب العلم هناك، وعاش فيها ردحاً من الزمن، ودرّس العربية في مدارسها، وكان يتقن الصينية بطلاقة، وحين عاد إلى العراق آثر عدم السفر والتجوال، بيد أنّ كلمة واحدة أجبرته على السفر إلى تونس ليجد جذرها هناك، فشدّ الرحال من أجلها، ووقف عليها لدى مشايخ الإقراء والتجويد، وكان فرحه عظيماً لأنّه وجد ضالته تلك، وكان شعاره «وجدتها.. وجدتها».

أما الكويت، فلها نصيب وافر من اهتمام هذا الرجل الموسوعي المثابر، حيث أفرد لها كتابه «معجم الألفاظ العامية الكويتية» الذي طبعه في بغداد عام 1964 م، وكان المعجم مغامرة لغوية بحق.

السفرة الأولى إلى الكويت

سافر الشيخ جلال الحنفي إلى دولة الكويت لاستقصاء الألفاظ العامية الكويتية، فطفق في الفترة الواقعة بين أوائل مايو، وأوائل يوليو من عام 1960 يدوّن ما استطاع أنْ يدوّنه من ألفاظ القوم، وخُطط البلد، وبعض ما يتصل بالأنساب والتقاليد، وما إلى ذلك من المباحث الشعبية، وساعده على أنْ يُلمَّ بهذا القسط غير اليسير من الألفاظ، علماً بأنّه كان قد مارس من عهدٍ بعيدٍ دراسة اللهجات العاميّة في بغداد، فأفادته هذه الممارسة فائدة ظاهرة عند تتبعه ألفاظ الكويتيين، وقد جمع المادة خلال شهرين اثنين لا ثالث لهما. وكان على الشيخ الحنفي في تلك الفترة أنْ يتجول كلّ يوم على قدميه، خلال الأيام القائظة في الكويت، من أول الصباح حتى الظهر، ثم يُعيد تجواله من بعد العصر حتى الثلث الأول من الليل، وكان خلال ذلك يسأل من يلقى من الناس عن أسماء ما تقع عليه عيناه من المسمّيات الكثيرة.

الخطط الكويتية

وفي ما يتصل بالموضوعات الخططية، فقد استعان الشيخ الحنفي ببعض الخرائط الحديثة، فضلاً عن زيارته بعضها موقعياً، وثبّتَ أسماءها بالحرف الذي تُلفظُ به محلياً. وكان موضوع المواقع هذه لم يجد من يبحث فيه بحثاً شاملاً آنذاك، وقد ازداد أهمية بعد أنْ بدأت المعاول تزيل الأعيان القديمة لتحلّ محلّها الشوارع الجديدة الواسعة، والبنايات المتطاولة الشامخة في الجوّ. ويأسف الشيخ الحنفي لعدم استطاعته زيارة قرى الكويت وباديتها، مع ما كان يحسّه من شديد الرغبة في ذلك، فلقد كان يطمع في الحصول على المزيد من الألفاظ والمعلومات الخططية، ولو تسنّى له ذلك، لوصف هاتيك المواقع وصفاً عن كثب، لا سيما أنّ في الكويت معالم لها شيء من القيم الخططية التي تستحقّ أنْ تجد من يُعنى بوصفها وتعريفها وتصويرها.

وفي العاشر من يوليو عام 1960، عاد الشيخ جلال الحنفي من دولة الكويت إلى العراق، حيث أنهمك في تنسيق ما تجمّع لديه من المعلومات، ثم شرع في تدوينها على النمط القاموسي المشكول الألفاظ. وكان ممّا اقتضاه البحث أنْ يجري بعض المقارنات بين الألفاظ الكويتية والبغدادية، حتى يظهر الكتاب المطبوع خالياً من الأخطاء.

بدا للشيخ جلال الحنفي بعد تبييض المعجم في بغداد، أنْ يعود به إلى الكويت، كي ينقّحه ويصحّح ألفاظه، مستأنساً ببعض أصدقائه الكويتيين الذين آزروه أثناء عملية الجمع، على اعتبار أنّ «أهل مكة أدرى بشعابها»، فشد الرحال إلى الكويت ثانيةً من اجل تلك الغاية، فلبث فيها أحد عشر يوماً، خلال المدة من 25 أبريل حتى السادس من مايو، من عام 1961م، تسنّى له الاجتماع في دار صديقه العطار السيد خالد علي السدّاني، بعددٍ من كهول القوم، وقد انتفع من معلوماتهم كثيراً، وكان في طليعتهم الحاج سليمان الصكر الرشودي، الذي أرشده إلى بعض المواقع الخططية في البلد، وكثيراً ما كان يتجوّل معه في الكويت، وهو من الواقفين على شيء من أمور التاريخ المحلّي، ومن رواة الشعر النبطي، وقد انسجم مع الشيخ الحنفي، إذْ «وافق شنٌّ طبقه».

معجم الألفاظ الكويتية

لقد كان محصول الشيخ الحنفي من جولته في الكويت ذخيرة ممتازة من الألفاظ، جمعها في كتاب يقع بحدود (424) صفحة من القطع الكبير، بعنوان «معجم الألفاظ الكويتية - في الخطط واللهجات والبيئة»، وقد طبع بمطبعة أسعد ببغداد، في العام 1383 هـ - 1964م، نختار للقارئ هذه الإضمامة:

1- من حرف الألف «ابن دويسان»: وهو

عبدالله بن دويسان، من غواصي اللؤلؤ، ينسب إليه فريج «ابن دويسان»، وهو فريج يقع عنده مسجد الساير الشرقي.

2 - من حرف الباء «البارة»: وهي جزء من أربعين جزءًا من القرش، وكانت هذه العملة متداولة في الكويت قديماً.

3 - من حرف التاء «التنبول»: من أصناف اللؤلؤ، تكون اللؤلؤة مخروطية الشكل فيها طول، وكان من أردأ أنواعه، فلما اتخذت منه الأقراط أصبح مرغوباً.

4 - من حرف الثاء «الثِرَيّا»: ثوب ثريا، وهو ثوب نسائي يلبس في الحفلات والأعراس، وتكون في صدره مجموعة من البُلك الذهبية تشبه الليرات، ويبلغ عددها الثمانين، تضم إلى بعضها على شكل مثلّث، ومن هنا إطلاق لفظ الثريا علىالثوب.

5 - من حرف الجيم «جالبوت»: سفينة شراعية تستعمل لتجارة اللؤلؤ، ويقال لها «طوّاش طيّارة»، وقد خرّجها بعضهم من «دالي بوت»، اسم سفينة هولندية وخرجت أيضاً من «Jolly Boat» في الإنجليزية، أي زورق نزهة. وقد وردت اللفظة في رحلة ابن جبير عام 1183م، قال: «ركبنا الجلبة للعبور إلى جدّة». ولعـل أصلها من «Clipper» لضربٍ من السفن الشراعية.

6 - من حرف الجيم الأعجمية، «الجَيْ»: وهو الذي قيل فيه «آخر الدواء الكي»، وقد كانت مشهورة بتعاطيه في الكويت امرأة كويتية اسمها «هيلة» وأخرى أسمها «بنت أبو حليبان» تعالجان الأمراض به.

7 - من حرف الحاء «حر حريشة عالكور»: لعبة للصبيان قوامها التراشق بالرومال والكور، أن تُخطَّ بالأصبع على الأرض خطةٌ كالدائرة يقف داخلها أحد اللاعبين من الصبيان.

8 - من حرف الخاء «الخَرجان»: لفظة أطلقت على ما كان قد وقع من مطر وبَرَدٍ شديد في الكويت سنة 1289 هـ. ولعلّ اللفظة من «Hurricane» في الإنجليزية للإعصار والريح الزعزع. وقد تكون مشتقة من الهرج والمرج. ولما كانت هذه الزعازع قد وقعت في شهر رجب من تلك السنة، فقد أطلقوا عليها أيضاً «الرجبّية».

9 - من حرف الدال «الدانة»: اللؤلؤة الكبيرة، والدانة أيضاً بمعنى الحبّة، وهي من الفارسية.

10 - من حرف الذال «الذبيبينة»: لعبة للصبيان غالباً ما يلعبونها في الأعياد، وهي أن يضع كلّ منهم بيزة معلّمة على الأرض، فإذا سقطت الذباب على بيزته التقطها وكان من الغالبين.

11 - من حرف الراء «الرمّاي»: حيوان بحري أسود اللون ذو شوك، وهو فوق حجم الشيتة (والشيتة: حيوان بحري أسود اللون، يدبّ على قاع البحر وله أشواك على جسمه). قال فيه الشيخ عبدالعزيز الرشيد «1: 59» من تاريخه: «له شوك غليظ، ومن الغريب انه إذا أصاب أحداً بشوكهِ فحكّ الموضع بشعر رأسه سكن الألم».

12 - من حرف الزاي «الزجلة»: من المقاطعات القفراء في الكويت، غير أنها إذا هطلت عليها الأمطار أمرعت وصلحت للمراعي.

13 - من حرف السين «السُرَة»: اسم جبل صغير في الجنوب الغربي من الكويت. وفي هذه الجهة يقع قصر «مشرف» الذي بناه الشيخ. مبارك الصباح، وقد تهدّم فبنى محله ابنه الشيخ عبدالله المبارك قصراً غيره.

14 - من حرف الشين «الشِعيب»: المنخفض والمنحنى والوادي، يكوّن مجرىً لمياه الأمطار، وهو الشِعْبْ. وكان إلى عهدٍ قريبٍ وادياً يقع جنوب الكويت، وعلى أرجائه أقيمت منطقة القادسية المأهولة بالسكان حالياً. واللفظ معروف لدى بدو العراق بمعنى الوادي الصغير، يجمعونها على شِعبان.

15 - من حرف الصاد «الصُبّاح»: لقب الأسرة الحاكمة في الكويت، وهي تنتسب إلى أول حاكم حكم هذه الديار وهو الشيخ صباح بن عبدالله، وكان شيخاً للكويت سنة 1756 م.

16 - من حرف الضاد «الضِريبة»: الداهية من الناس، وترد أيضاً على وجه التشكيّ من لجاجة بعض الصبيان. والضَربة ما يُجبيه جُباة الحكومة من الضرائب.

17 - من حرف الطاء «الطلايب»: المشكلات والمآزق. وفي مثل لهم «بو متيح مدوّر الطلايب»، يضرب لمن يتشوّق إلى ابتغاء الفتن.

18 - من حرف الظاء «الظلوف»: جبلان أو تلاّن متصلان. في الفصيح: الظَلَف الأرض الغليظة الحجر، والظَلْف والظِلف: المكان المرتفع.

19 - من حرف العين «العتيبي»: لقب أسرة كويتية أصلها من تميم، وكان أول من هاجر من أفرادها إلى الكويت محمد سليمان العتيبي (من تجار الكويت، ومن رجال قصر السيف) سنة 1331 هـ، ونسبته إلى عتيبة، علقت بجدّه من أيام الطفولة على ما قال في رسالة خطية كتبها إليّ. (أي للشيخ الحنفي).

20 - من حرف الغين «الغَطو»: في الألغاز والأحاجي، واحدتها «غطاية» وتسمى في بغداد «حَزُّورة»، ولعلّ أصل اللفظة من التغطية، بمعنى التعمية. وفي الأدب الشعبي الكويتي الشيء الكثير من هذه الأحاجي والألغاز.

21 - من حرف الفاء «الفجري»: ضربٌ من غناء البّحارة.

22 - من حرف القاف، «القمّازة»: المرأة تختص بمعالجة اللوزتين في الأطفال، وتلفظ كذلك بالغين «غمّازة»، ولعلها من القَمْز في الفصيح، وهو الأخذ بأطراف الأصابع.

23 - من حرف الكاف «الكمال»: المزولة، وهي آلة تستعمل في الهندسة الفلكية، يقيسون بها مدى سير السفينة من الزوال إلى الزوال، ولعلّها من الهندية بمعنى القوس، وهو من أجزائها، أو بمعنى قوس الفلك.

24 - من حرف الكاف الأعجمية «الكنطار»: ضرب من التمر الكويتي مما ينبت في الجهرة.

25 - من حرف اللام «اللّنج»: الزورق البخاري، من الإنجليزية «Launch».

26 - من حرف الميم «المباركية»: المدرسة المباركية بنيت سنة 1329 هـ وفتحت للتدريس أول المحرّم 1330 هـ، وقد سميت باسم الشيخ مبارك الصباح. تقع جوار مسجد السوق، وكان قسم منها قبل بنائها لسليمان العنزي.

27 - من حرف النون «الناية»: عملة نقدية وهي جزء من مائة جزء من الربّيّة الهندية التي كانت نقداً رسمياً للكويت قبل استعمال الدنانير الكويتية. ويقال لها: «ناية بيزة».

28 - من حرف الهاء «الهادي»: في عبارة تقليدية يقولها النوخذة حَضّاً للبحّارة على بدء العمل في الغوص، يرد قوله: «الهادي الله».

29 - من حرف الواو «الوقواق»: طير أبيض ومنه ان يكون مُشكّلاً من ألوان متعددة، له لهجة يقول «واق واق»، وهو من الطيور أكيلة اللحم.

30 - من حرف الياء «اليامال»: الموال يستعمل في الغناء البحري.

مصادر الحنفي

كان من بعض مصادر الشيخ جلال الحنفي عند تسجيله لمعجم الألفاظ الكويتية، لفيف من الأدباء، تعرّف عليهم خلال تردّده على مكتبة المعارف في الكويت العاصمة، حيث يسّروا له معرفة كثير من الألفاظ والأمثال والعوائد الشعبية، منهم السيد احمد ياسين، ناظر مدرسة ابن رشد، وأبو عليّ سهيل الزنكي أمين المكتبة آنذاك، فضلاً عن العّطار السيد خالد علي السدّاني، الذي كان في سوق الماء القديم، وقد أفاد الشيخ الحنفي كثيراً منه في تعريف المفردات العطارية وخواصها الطبيّة على مذهب العامّة في طبّهم التقليدي المتوارث.

كما أسدى له الحائك السيد عبدالعزيز السالم معونة حين انتقل به إلى محلات الحياكة اليدوية التي يملكها في الرميثية، فهيأ له أن يدون جمهرة من الألفاظ. وحصل من الحاج صالح إسماعيل العبدالله الرشاد على مجموعة من المعلومات المتعلقة بالغوص ومصطلحاته وشئون البحر والسفن والمحار واللؤلؤ ونحو ذلك. كما لبث الشيخ الحنفي يتجوّل أياماً متتابعة في المتحف الوطني الكويتي، ويدون ما رأى تدوينه من أسماء المعروضات فيه مستعيناً على تصحيحها بمن يحسن تلفّظها من المعمّرين الكويتيين، إذْ إنّ جمهرةً منها كانت قد كتبت بألفاظ ولهجات غير محلية، من حيث كان يشرف على ذلك مستخدمون من مصر وفلسطين وجهات أخرى.

أما الألفاظ المستعملة في جزيرة «فيلكا»، فقد تعرّف الشيخ الحنفي على فريق منها حين ذهب هو وصديقه الشيخ عبدالمجيد عبدالله البصروي إلى الملا معروف الملا عبد القادر، إمام الجامع الكبير آنذاك، حيث لبث في ضيافته من ضحى التاسع من يونيو 1960م إلى ظهيرة الحادي والعشرين منه.

وكذلك كان من مصادر الشيخ الحنفي ما تهّيأ له الاطلاع عليه خلال فترات طويلة، من عشرات المدونات والكتب والمعاجم، أهمها:

1 - تاريخ الكويت: تأليف الشيخ عبد العزيز الرشيد، طبع المطبعة العصرية ببغداد عام 1926م.

2 - صفحات من تاريخ الكويت: تأليف الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، طبع عام 1946م.

3 - دليل المختار في علم البحار: تأليف عيسى بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن قطامي، أتمّ تأليفه عام 1334 هـ وطبع في مطبعة دار السلام ببغداد عام1342 هـ.

4 - من تاريخ الكويت: تأليف الأستاذ سيف بن مرزوق الشملان، طبع عام 1959م.

5 - أيام الكويت: للشيخ أحمد الشرباصي الشربيني، طبع عام 1946م.

6 - مختصر تاريخ الكويت: تأليف راشد

عبدالله الفرحان، طبع عام 1960م.

7 - محاضرات عن المجتمع العربي بالكويت، للأستاذ عبد العزيز حسين، طبع عام 1960م.

8 - الكويت الحديثة: تأليف إسكندر معروف، طبع عام 1952م.

9 - كويت وكويتيون: بقلم راسم رشدي، طبع ببيروت عام 1955م.

10 - الكويت كانت منزلي: تأليف زهرة ديكسون فريث.

11 - التُحفة النبهانية في الجزيرة العربية: للشيخ محمد النبهاني.

12 - جزيرة العرب في القرن العشرين: لحافظ وهبة، طبع عام 1935م.

الخاتمة

لقد كانت العامية الكويتية، كما ذكر العلامة الراحل الشيخ جلال الحنفي، كسائر اللهجات العامية في البلاد العربية، تستورد مفرداتها من لغات شتّى، فإنّ فريقاً غير قليل من الألفاظ الكويتية، يردّ إلى الهندية والإنجليزية والتركية والفارسية، بما فيها اللهجات المتفرّعة منها كاللارستانية والخنجية والبستكية والكراشية ونحوها، وربما إلى البرتغالية والهولندية. على أنّ البداوة هي الأصل الأول الذي تعتمد عليه هذه الألفاظ.

ولا شكّ أنّ اللهجات المحلية، في كلّ مكان مهددة بالانقراض والزوال، لكنّ الذين يفقهون هذه المفردات إنّما هم شيوخ القوم والمسنّون فيهم، أمّا الشباب فلا يعرفون إلا القليل منها، ولا يكاد النشء الجديد يفهمون للألفاظ القديمة معنى.

إنّ التطوّر الذي عرض لنظام الحياة في الكويت، ضرب بوناً شاسعاً بين الجيل الجديد والجيل القديم، فقد دبّت آفة النسيان إلى غير قليل من الألعاب والأساطير والألغاز والأمثال والأعلام والأزياء والمآكل والصناعات.

وإذا كان لمعجم الألفاظ الكويتية الذي ألفه الشيخ الحنفي إثارة من الأهمية، فإنّها أنصبّت على هذه الناحية.

إنّ هذه الألفاظ توشك ماكينة العولمة الزاحفة أن تقضي عليها تحت سنابك المصطلحات الكثيرة الوافدة عبر وسائل الإعلام والاتصال. ولذلك تنبه الكويتيون إلى هذا الخطر، وهرعوا إلى التوثيق والتسجيل قبل فوات الأوان. وحسب الشيخ الحنفي أنّه تجرّأ واقتحم هذا الحقل الشعبي الكويتي، وقد بقي يعتزّ به حتى يوم رحيله إلى دار البقاء.

 

 

عبدالجبار السامرائي