عودة جمال الغيطاني

عودة

كيف؟

نافذة بيع البطاقات مغلقة..

لكن.. الساعة لم تبلغ بعد منتصف الليل، الثانية عشرة إلا ربع. كل من سأله صباح اليوم في محطة القيام أكد الموعد. بل إنه قرأ اللافتة المعلقة. دائما يحتاط فيركب القطار قبل الأخير أو الحافلة، لا ينتظر الموعد الأخير خشية المفاجآت، عطل مفاجئ، حادث ما، تلك عادته في موطنه، فكيف الحال وهوغريب هنا؟، وغدا صباحا يغادر البلد كله، لا بد من عودته إلى مكان إقامته المؤقتة حيث عقد المؤتمر في المدينة التاريخية،على بعد مائة كيلو متر تقريبا من العاصمة التي جاءها اليوم ليلتقي صاحبا قديما. جميع النوافذ مغلقة، فوق المقاعد الخشبية المستطيلة يجلس مسافرون من أعمار مختلفة لكن معظمهم شباب، يحملون أمتعتهم على ظهورهم أو يضعونها أمامهم، يبدو أنهم سينتظرون الليل كله، آخرون تشي ملامحهم بافتقادهم الوجهة، يخشى تلك الأماكن، المحطات حيث العبور طارئ، والموقع حجة للمتسكعين.

ماذا يفعل؟

أولا.. يجب أن يلتزم الحذر، دائما يتوقع الأذى في أسفاره، الغريب ضعيف دائما، مستهدف، خاصة إذا بلغ ديارا قصية كهذه، لسان أهلها مغاير. ليل موغل، واحتمالات خطر بادية عبر تلك الملامح، يتطلع إلى النوافذ المغلقة، أي معلومات مضللة تلقاها قبل أن يبدأ رحلته صباحا ؟

رجل يرتدي معطفاً خفيفاً، يبدو أنه لاحظ حيرته، وتطلعه إلى اللافتات، أشار إلى ورقة صفراء مربعة عليها حروف سوداء، قال إن بطاقات الحافلة الأخيرة لدى السائق. يومئ ممتنا، مباغتا بالفرج، كاد يفقد الدقائق المتبقية، يسرع، عندما نزل السلم المؤدي إلى الأرصفة حاول أن يستعيد ملامح الرجل صاحب المعطف، لم يستطع، لكنه تذكر لغته الإنجليزية الناصعة. عربات ضخمة مجهزة لقطع الليل والمسافات، يعرف الرصيف، جاء مرتين خلال إقامته القصيرة التي بدأت منذ أسبوع، غدا صباحا يتجه إلى المطار مباشرة، ربما لا يعود إلى تلك الأرض، لا يبلغها مرة أخرى، مأزق لو أنه لم يستدل على الحافلة، صاحب المعطف ظهر في الوقت المناسب، سيروي ذلك لصحبه فيما بعد. ها هو السائق، ممتلئ، متمهل، لو يعرف أي اطمئنان يبثه عنده؟ كلاهما يجهل الآخر. غير أن العلاقة الآن وثيقة، وثيقة جدا .. إن مرحا يبدأ عنده، يود لو تحدث إلى أي إنسان ما، يستبدل الرغبة بالتحديق في الوجوه، في المعالم البادية. يفتح السائق الخزائن الجانبية ليضع من يشاء حقائبه، يتقدم اثنان فقط. ركاب آخر الليل ليس لديهم أمتعة ثقيلة. كبيرة الحجم، يصعد السائق من الباب المجاور لمقعده، يضغط زرا، يفتح الباب الرئيسي..

من أين جاء هؤلاء؟

عندما وصل كان الرصيف شبه خال، أربعة أو خمسة فقط، منهما شاب وشابة متضامان، متعانقان، كأنهما لن ينفصلا أبدا، بعد أن استقر في المقعد المجاور للنافذة، رآهما، لن يركبا إذن، مكانه المفضل هنا، نهاية العربة، يمكنه رؤية الآخرين، ملاحظة الجالسين أمامه، يمتد طابور الركاب، لكن السائق يعمل بسرعة يقبض النقود، يرد الفكة، ضغطة زر تبرز بعدها البطاقة، مجرد قطعة صغيرة من ورق نحيف.

ينفصل الشاب عن صاحبته، آخر من يركب، يقطع الممر. لم يجلس، يلوح، تومىء برأسها، يداها أمام صدرها، عيناها تضويان بالبهجة والكفاية، مع بدء الحركة استدارت متمهلة متأودة، تودع بكينونتها، لغتها غير منطوقة، لكنها مرئية، ملحوظة، كل من يلمحها يدرك على الفور أنها ذات وجد. يضطجع صاحبها محملقا في السقف، مشعلا سيجارة هنا .. يمكن للركاب التدخين، على مهل ينظر إلى الجالسين بمحاذاته، شاب حليق الرأس، ملابسه جلدية، يفصلهما الممر، داخل حافلة كهذه يصعب توقع تحرش أو صدور أذى، يمكن حدوث ذلك بعد المغادرة، خاصة أن مبنى المحطة فسيح، متشعب الممرات، متعدد الصالات، والمطالع والمنازل، لا بد أن يجتاز مسافة قبل وصوله إلى موقف عربات الأجرة. تتوالى المباني، نوافذ مضيئة، مجهولون له سهارى. أشجار الطرق، لافتات مضاءة وأخرى معتمة، قد لا يقع بصره على تلك المشاهد مرة أخرى، ما يذكره المشاهد الأولى والأخيرة.

الشوارع تتغير ليلا، يمتد بعضها خاويا، العربات المنتظرة هامدة منكفئة، حدائق غامضة. تتباعد البيوت.. إنها الضواحي، بعد لحظات تبلغ الحافلة الطريق السريع المؤدى.

متى جاءا؟

أمامه مباشرة يتعانقان، بإمكانه رؤية جانبي وجهيهما من خلال الفراغ الفاصل بين المقعدين. عناق أصيل، متصل، بيدها زمام المبادرة ومنها الإقدام، يحيطها بيده. أخيرا.. تحرك البارد، تملس شعره بأصابعها، يدير وجهه مبتعدا بنظره، عندما بدأ يسافر إلى أوربا منذ عشرين عاما كان يتعجب ويخجل من مجرد النظر، مع تكرار الرحيل صار الأمر عاديا.. لا يعنيه عناقهما الحميم، ما يفكر فيه الآن.. متى جاءا. متى جلسا؟ يثق أن المقعدين كانا خاليين، بل إنه لم يجلس هنا إلا لفراغهما، أي لحظة حلا؟ المقاعد الشاغرة كثيرة. لماذا جاءا هنا، أمامي مباشرة؟ ربما سعيا ليرقبهما آخر، زيادة في متعة شاذة، حدثه صاحب له عن جلوسه وحيدا في حديقة فسيحة. ومجيء شاب وشابة. تمددهما فوق الحشائش الخضراء، بالضبط عند موطئ قدميه، دون تمهيد أو قبلات أو أي خطوة تمهيدية، لم يسمع إلا أنفاسهما قال صديقه إنه ارتبك، حار.. هل ينظر؟ هل يولي بصره مبتعد، اختار هذا الموضع من الخلاء الفسيح ليقيما عرضهما الحميم يولي وجهه إلى الزجاج، يرى ملامحهما منعكسة بوضوح، يبدو أن الأمر سيتجاوز القبلات، الشاب الأصلع يضع فوق ركبته جهازا للحاسب الآلي، يدون بعض ملاحظات في دفتر صغير، يبدو مستغرقا، لا بد أنه طالب جامعي، ربما في الدراسات العليا، ربما موظف في بنك أو شركة علاقات عامة.. لا، لا، إنه إلى هيئة الطالب أقرب، لماذا بدا عدوانيا عندما تطلع إليه أول مرة، لكنه الآن وديع، هادئ.. تستند إلى جدار الحافلة، يميل هو باتجاهها بعد أن سخنت أطرافه، نحيل الرقبة، تفلت منها آهة، برغم ضجيج المحرك، والاندفاع الليلي فإن الشهيق غطى.

قلق ما يدركه، يرغب في التواري، نفي حواسه، تحييد ذاته، لا يثيره ما يجري، برغم تيقظ الرغبة عند رؤيته ذلك في الأفلام، أما أن يقع على مسمع ومرأى منه، فلم يعرف مثل ذلك، من الأفضل تلك المسافة بين المخيلة والموضوع، أم أنه ضعف الرغبة وانحسارها بعد تجاوزه الخامسة والخمسين؟

لا يدري

غثيان غامض ينتابه، لو توافرت جرعة ماء. تعبر الحافلة قنطرة، تتوهج اللافتات على جانبي الطريق بضوء المركبات. سرعان ما تذوب في العتمة بعد تجاوزها، الليل غميق، أضواء بعيدة عن الأفق.

تميل الحافلة إلى طريق جانبي، يؤدى إلى مدينة صغيرة، يعرف هذه الأماكن، أكبر من قرية وأصغر من مدينة، في الليل تتوقف العربة عند جميع المحطات حتى وإن بدت خالية.. نظام! بيوت من طابق واحد. متشابهة، يتقدم كل منها مساحة مزروعة بالزهور، مؤطرة بسور منخفض من حديد، ستائر مسدلة، أضواء خافتة، كلب ينبح، لا أسمعه، أدى حركته الدالة. بنك، متجر كبير للأثاث، رصيف عريض، مظلة زجاجية. مجموعة أطفال، صغار، ما بين الثامنة والعاشرة، ربما أصغر، ربما أكبر، أمامهم سيدة شابة، وديعة الملامح، يمشون بترتيب، رحلة مدرسية، تتطلع أمامها، لا تلتفت إليهم ولا تبدي ملاحظات، تثق من انضباطهم إذن يرى كل منهم كأنه يقف. بمواجهتهم مباشرة، ضوء مصاحب لهم، ساطع، ألق منير يخصهم، لحظة نهارية منبثة عن الليل الغميق المكتمل حلوله منذ ساعات !

يفتح السائق الباب. لا يتطلع أي منهم إلى العربة، يبدو بمعزل عما يحيطهم. يرتفع نشيد جماعي. تتحرك شفاهم منشدة غير أنه صادر من الجهة الأخرى، لافتة صغيرة لا يمكن رؤية حاملها. لا يلتفت أي من ركاب الحافلة إلى ما يجرى، الشاب منهمك في العمل على الحاسب الآلي، أما ما يجرى فوق المقعدين أمامه فوصل إلى مرحلة انفلات الأصوات، شهقات المتعة، تبدو كآهات الألم أو صرخات الخوف. يقع التشابه للخروج عن السياق، مرة أخرى يحيد بنظره تحرجا. تتراجع البنايات الصغيرة، يختفي الأطفال، يتكامل بناء عربي الطراز، قام هنا؟ نقوش مئذنية أندلسية، أعمدة نحيلة وأقواس رشيقة، ضوء صادر عن المدخل يصعب تحديد مصدره. المدن الصغيرة الخالية، الوافدة من أنحاء الليل. شوارعها ممرات إلى الذاكرة، يريد اللحظات النائية. يتضاعف الإحساس بالناي السحيق، لو وقع عطل، لو امتنع السائق عن الرحلة إلى النهاية، يحاول طرد الخاطر، إيقاف تلك الهواجم، يلتصق أكثر بالمقعد، يتطلع بود إلى الشاب المنهمك في العمل على الحاسب الآلي، يمت إليه، ينتمي كل منهما إلى الآخر، ركاب الفرصة الأخيرة، إنه منهم، برغم أنه غريب عنهم، جاهل بلسانهم، عابر في موطنهم هذا، غير مقيم، يفيض منه ود تجاه الركاب جميعا، يلوم نفسه للمشاعر الحذرة التي سيطرت عليه في البداية، ضيقة بمن أقدما على ممارسة الحب أمامه..

أين هما؟

المقعد خال، يقوم متطلعا إلى أرضية الحافلة..

لا أحد. في المقاعد الأمامية ركاب، متى صعدوا؟، بعضهم متقاربون، حرارة الأنفاس لم تبرد بعد، أصداء المتعة سارية، لكن.. كيف ومتى؟

ميدان صغير مبلط بالحجر، يتوسطه تمثال لرجل يرتدي معطفا طويلا، تمتد ذراعه اليمنى في إشارة حاسمة، محرضة، لم يتبين إذا ما كانت الأصابع مفرودة في إيماءة فاشية، أو مضمومة رمزا للتضام البروليتاري، يلمح عجوزا قريبا من القاعدة. يتوكأ على عصا، يميل إلى باقة من الزهور يسوي أطرافها، هل وضعها أحد قبله؟ أم أنه أتى بها منذ لحظات، يرتدي سترة عسكرية زرقاء، صدره مثقل بالأنواط والأوسمة، بنطلون بجامة منزلية خفيف القماش، مهترئ، حذاء ضخم، يفتح السائق الباب، يغلقه محدثا ضجة. لا يلتفت الرجل، يلزم وضع الانحناء.

تنطلق الحافلة، تستدير بحدة، تتوقف أمام بيت من طابقين، يفتح الباب، يخرج اثنان يحملان جسدا موثقا، ملفوفا بالحبال، مثقلا بثلاثة أحجار مستطيلة، يتقدمون بخطى واثقة، بطيئة، ماذا سيفعلون؟

هل يضعون حملهم داخل السيارة؟

هل يتجاوزونها إلى الجبهة الأخرى؟

ماله مجبر الليلة على رؤية كل ما يمكن دفعه إلى مأزق ما. حتى لا يعير النظر دافعا للهجوم أو للعقاب يغمض عينيه، يظهر اللامبالاة، تماما مثل الركاب الآخرين. كل منهم مستقر داخل حالته، كأنهم منقطعون عما حولهم، لا يعنيهم شيء، يعرفون مسبقا ما سيرونه أو يطلعون عليه.

ضحكات..

حيوية، شباب.. حضور جمعي.

ستة.. لا.. سبعة، أربعة.. ثلاث، إحداهن ترتدي ثوبا يشبه رداء مصارعي الثيران، سامقة، مرتوية الملامح، منفردة، حركت عنده ذلك الحنين الذي يفتقده منذ زمن، عندما كان عبوره للنواصي موحيا، أوسماع صوت الحبيب مما يشعل الحماس ويؤجج الشجى، وينبت قطر الندى على حواف الدوح..

أي أسباب تبدأ مع حضور أنثى جميلة، مرغوبة.

لم يسأل. متى صعدوا؟ من أين.. كيف ظهروا في الممرين المقاعد! متى قطعوا التذاكر؟

حضور مبهج، رائق، واضح أن السامقة بمفردها، ربما ودعت صاحب لها، كل اثنين يتبادلان العناق، قبلات سريعة، خاطفة، صريحة. يجتهد في تخيل ساعاتهم المنقضية، كيف كانت؟ وتلك المقبلة؟

تمتمات، ضحكات، لمسات، عناق مفاجئ سرعان ما ينتهي، أوضاع غير مألوفة في الأماكن المحدودة، المتنقلة، مد السيقان إلى الأمام، انحسار قميص، مساحة من الظهر الفتي، الداعي، يتطلع نحوهم مبتسما، لكن.. في غير إفصاح تام. حتى لا يستشير أحد الشبان الثلاثة.. إنه مجرد عابر، غريب، غدا في مثل هذه الساعة سيكون بمنأى، لن يراهم أبدا حتى وإن التقى بأحدهم.. لن يعرفه، إنهم مشاهد محكوم عليها بالمحو عنده ومن بعده.

تتوقف الحافلة أمام مظلة، ينتظم الشباب، تتوسطهم السامقة، تثير عنده قدرة على المتابعة، حاضرة وغائبة، لوشاء فليقدم، ربما يتبدل مصيره، لا يحيد بقدر الإنسان إلا امرأة يرى انصرافهم، يتشبث بغيابهم، يتحدثون لحظات فوق الرصيف، ينصرف كل اثنين إلى جهة مغايرة، أما هي فباقية.

إغلاق الباب

أين الركاب؟

الشاب وحاسبه الآلي؟

هو.. والسائق لا غير..

هل يراه؟.

بالتأكيد، المرايا تحيطه، تعلوه، تكشف أنحاء العربة، الأركان والفراغات، من الأفضل الاقتراب منه، الدنو، لو أنه في مصر لاتصل الحديث، وسرت حميمة، لكن التعليمات هنا صارمة، ممنوع الحديث، حتى لو بادر السائق بمخالفة، فأين اللغة؟

يصل إلى المقعد التالي للسائق مباشرة، لم يطرأ أي تغيير على وضعه، ممسك بعجلة القيادة، متطلع إلى الطريق الممتد باستمرار عبر الليل، تخترقه الإشارات الفوسفورية وتحف به أضواء المدن الصغيرة الخارجية عن المسار.

لم تسبق الحافلة أي مركبة ولم تتجاوزها أخرى. كأنها بمفردها على الطريق، : لكن الطريق المقابل حافل بالحركة، مزدحم، أضواء تقترب، تتوهج، سرعان ما تبتعد.. عند الأفق تتناثر نقاط الضوء على ارتفاعات مختلفة. إنها المدينة العتيقة، هكذا تبدو أول مرة. يقع الفندق في شارع جانبي يلي البوابة الرئيسية. ظهور الأضواء لا يعني قرب الوصول، رآها عند عودته أول أمس، ظن المسافة المتبقية لن تستغرق إلا بضع دقائق، لكن.. احتاج الأمر إلى أكثر من نصف ساعة. بدت ممتدة كانها لن تصل إلى نهاية، لا يمضي الطريق مباشرة، المسار الليلي يلزم الحافلة أيضا بدخول المدن الصغيرة، يقتضي ذلك الخروج، عبور قناطر إلى الطرق الأضيق، الأبطأ، تقتضي الحذر، خاصة عند المنحنيات. الحافلة طويلة، مفصلية، يتوسطها قرص معدني يدور حول محور، تصدر عنها أصوات مغايرة، يتوقف السائق عند محطات خالية تماما، يفتح الباب، يبقيه مفتوحا، يتطلع قبل إغلاقه. إنه مرهق، تواق، غير أنه أضمر إعجابا بدقة السائق والتزامه، ربما يظهر راكب في اللحظة الأخيرة، غير أنه يزداد حيرة.

يضغط السائق زر الماكينة الصغيرة، يبرز طرف البطاقة، تخرج مكتملة، يمدها إلى من لا يراه، من لا يمكنه إدراكه، فعلا.. لا يرى أحدا، لا يلمح نقودا مدت مقابل التذكرة التي ذابت في العتمة، التفت.. المقاعد؟

متأكد أنه انتقل إلى مقدمة الحافلة، فارق الصف الأخير إلى الصف التالي لمقعد السائق، ما من صفوف، مكانه الأول والأخير، يزداد التصاقا بالمقعد، بالمسند، تغيب ملامح النوافذ، الخطوط المؤطرة للباب، من صعد. من نزل؟

إلى أين؟

تبدوالأضواء المعلقة مرة أخرى، لكنها أبعد، لا يمكنه تحديد المسافة، لا بد من الحديث إليه، لا بد من سؤاله..

أين راح؟

أين ذهب؟

يتطلع إلى يده، لا يلمحها، يتحسسها، كأنها تمت إلى آخر، ما يقع عليه بصره يختفي. يغمض عينيه، يفتحهما..

 

جمال الغيطاني

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات