عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

أغسطس.. شهر السلام

أغسطس هو شهر الأزمات في عالمنا العربي، فبينما يستعد العالم للراحة والاسترخاء بعيدًا عن توترات عام كامل، ترتفع درجة الحرارة العربية لحد يثير الشقاق والمنازعات، وتتحول مشكلاتنا الدموية إلى مادة يتسلى بها العالم في إجازته. ولعل أخطر هذه الأزمات في تاريخنا العربي المعاصر هي تلك الحماقة التي ارتكبها نظام صدام حسين السابق عندما غزا الكويت في الثاني من أغسطس العام 1990، وعلى الرغم من مرور 18 عاما على هذه الكارثة، واسترداد الكويت كامل حريتها بعد سبعة أشهر من الاحتلال، فمازالت المنطقة العربية تدفع ثمن هذه الحماقة فادحًا. فالانقسامات والشقاقات والإهانات مازالت متواصلة منذ ذلك التاريخ، ومازال الجسد العربي عاريًا ومعرضًا لكل أنواع الطعنات. إننا نأمل أن يكون أغسطس هذا العام شهرًا هادئًا، وأن نشارك العالم في الاستمتاع بمباهج السلام ولو لشهر واحد. فبعد أيام تنطلق ألعاب الدورة الأولمبية في العاصمة الصينية بكين، وقد نُظِّمت هذه الألعاب أصلاً من أجل تدعيم السلام في مواجهة الحرب. ففي اليونان القديمة لم تكن الحرب تهدأ بين المدن والمقاطعات المختلفة، واهتدى تفكير حكماء اليونان - وهي أرض الفلسفة والحكمة - إلى أن يحولوا الصراعَ الضاري بين المتقاتلين في ميدان الحرب تنافسًا بين المتبارين في مضمار الرياضة. وكانت أسمى الجوائز، إكليلاً من ورق الغار وغصنًا من الزيتون. وأثمرت هذه المسابقات سلامًا ساد كل بلاد الإغريق، ومازال غصن الزيتون هو رمز السلام, والرسالة الإغريقية القديمة مفهومة وسارية حتى الآن.

وإذا كانت الاحتفالات الأولمبية تُنظم كل أربعة أعوام، فهناك احتفالية عربية تُنظم كل عام تحتفي بالثقافة والفكر والفن و.. عمرها الآن ثلاثون عامًا، تقام في بلدة صغيرة في المملكة المغربية الشقيقة هي أصيلة، وقد تحولت أصيلة، بفضل هذه الاحتفالية، مزارًا عالميًا يقصده كل عشاق الفنون الرفيعة كل عام، وأصبحت رمزًا للتنمية بواسطة الثقافة. وتقدم أصيلة تجربة نأمل أن نراها في العديد من مدننا العربية. ويسر «العربي» أن تقدم في هذا العدد تغطية موسعة لهاتين الاحتفاليتين العالمية والعربية.

يحفل هذا العدد أيضًا بالعديد من القضايا، ففي افتتاحيته يكتب رئيس التحرير عن الكتاب الذي أصدره الاقتصادي العالمي آلان جرينسبان الذي شغل منصب رئيس مجلس إدارة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سنوات طويلة، ويحكي فيه عن تجربته في هذا المنصب الحساس، ويعطينا دروسًا في كيفية مواجهة الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي تتعاقب علينا، مؤكدًا أنه لا يمكن إقامة اقتصاد متطور، من دون العمل على تطوير نظام التعليم. وتنشر «العربي» ملفًا عن الشاعر بشارة الخوري (الأخطل الصغير) في ذكراه الأربعين، وتحفل «العربي» إلى جانب ذلك بالعديد من المواد والقضايا والأفكار نرجو أن تهبط بردًا وسلامًا على قرائها، بعيدًا عن حرارة الجو وسخونة السياسة.

 

 

 

 

المحرر