المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية

الكويت

أشعار بروين اعتصامي في طبعة كويتية

صدر عن دار سعاد الصباح تعريب لديوان الشاعرة الإيرانية المعاصرة بروين اعتصامي، بترجمة حسين محفوظي موسوي وصاحب هذه السطور، بعنوان «ملاك الروح».

ولدت بروين اعتصامي في مدينة تبريز عام 1910، ولم تكد تفتح عينيها على الحياة حتى فقدت والدتها لتذوق مرارة اليتم منذ نعومة أظفارها حتى التحاقها بالرفيق الأعلى.

حاول والدها أن يعوض لها فقدان حنان الأم وبذل الجهد الجهيد في رعايتها وتعليمها في وقت لم تعتد فيه المرأة الذهاب إلى المدارس.

والدها يوسف خان اعتصام المُلك انتقل بها الى طهران في وقت مبكر وأدخلها المدرسة الأمريكية الخاصة حيث تعلمت الإنجليزية والعربية وأتقنت الفارسية وآدابها، وتعرفت على كبار الأدباء والشعراء.

ترعرعت بروين في بيت ثقافة وأدب، حيث ترأس والدها مكتبة مجلس الشورى الوطني لسنوات عدة وهي أضخم وأقدم مكتبة في إيران، وكان صحفيا وشاعرا مخضرما، الأمر الذي ساهم في صقل مواهبها وتنمية قابلياتها الإبداعية، مع تمسكها بتراثها ودينها.

نشرت بروين أولى قصائدها في مجلة بهار (الربيع) الأدبية حيث كان والدها يرأس تحرير هذه المجلة ويرفدها بآخر نتاجاته الأدبية التي يترجمها من العربية أو الفرنسية لعمالقة الفكر والأدب.

وقد امتاز شعر بروين بالبساطة واحتوائه على أفكار ومضامين اجتماعية وأخلاقية وانتقادية رفيعة، فضلا عن النصائح والحِكم التي تنم عن فكر عميق وبصيرة ثاقبة مما يجعلها تثير إعجاب القراء والمتلقين، فكانت بمنزلة الأم الحنون التي تخاطب أولادها بأبيات تنطلق من قلب الشاعر لتخترق قلب المستمع من دون استئذان، وتمتعت بقدرة فائقة على ابتداع المناظرات والمحاورات التي تدور غالبا بين الأشخاص أو بين الأشياء لتستخلص النتائج التي تطمح إليها.

حينما لمع اسم بروين في الأوساط الأدبية وعلى صفحات المجلات، حاول انصار الشاه استقطابها لدائرة البلاط والاستفادة من قصائدها لمآرب النظام الملكي إلا أن شاعرتنا الملتزمة أبت ان تخضع للظلم وتساير الظالم، لمَ لا وقد رضعت مناصرة المظلوم والدفاع عن القيم الأخلاقية.

لكل امرئ من اسمه نصيب، وبروين تعني بالفارسية كوكب الثريا حيث حلّقت كنجمة ساطعة في سماء الأدب الفارسي وكان الشعراء يظنون أن الاسم لرجل شاعر ويستبعدون أن يكون هذا الشعر المُفعم بالأحاسيس والحكايا الرزينة هو لامرأة شابة.

سمير أرشدي

القاهرة

مصر تجرِّم نسخ ممتلكاتها الأثرية

49 مادة يتضمنها قانون الآثار المصرية الجديد الذي يناقشه مجلس الشعب تمهيدا لإقراره، وبموجبه يمكن أن يوضع حد للسطو على الآثار في مصر وحالات التعدي عليها وتقليدها من خلال عمل مستنسخات منها، حيث تتضمن بنود هذا القانون تغليظ العقوبة على مرتكبي هذه الجرائم، كما ينص حظر نسخ الآثار المصرية نسخة طبق الأصل على الصعيدين المحلي والعالمي من منطلق حق مصر في الملكية الفكرية لآثارها.

وقد أوضح الفنان فاروق حسني، وزير الثقافة، أنه سيتم الاستفادة من عائدات حقوق الملكية الفكرية للآثار المصرية في ترميم هذه الآثار وحمايتها وإنشاء مزارات جديدة تتوافر فيها التقنيات الحديثة وسبل الحماية الواجبة. وبدوره يقول د.زاهي حواس، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن هذا القانون الجديد تنص بنوده على تسجيل الآثار وصيانتها وتنظيم طرق الكشف عنها، ويأتي باب العقوبات في تسع مواد تعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه لكل من قام بتهريب أثر خارج مصر أو اشترك في ذلك، وكذا تغلظ العقوبة على حالات سرقة الآثار أو إخفائها أو تهريبها بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه يمكن أن تتضاعف في حالة ما إذا كان مرتكب الجريمة من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار أو في بعثات التنقيب عنها أو حتى من المقاولين.

من جهة أخرى يذكر حواس أن بعثة الآثار المصرية فى شمال سيناء كشفت أخيرًا عن معالم أكبر مدينة أثرية مصرية محصنة من عصر الدولة الحديثة، وذلك أثناء أعمال التنقيب في مشروع الكشف عن قلاع طريق حورس الحربي القديم بين مصر وفلسطين, أي من القنطرة شرق وحتى رفح المصرية الذي بدأه المجلس الأعلى للآثار منذ عام 1986.

وقد عثرت البعثة داخل هذه المدينة على نقش للملك تحتمس الثاني (1516- 1504 ق.م) وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن أي قطعة أثرية تخص هذا الملك على طريق حورس الحربي مما يدل على أن الملك تحتمس الثاني كان قد شيد إحدى المنشآت الحربية على هذا الطريق. وأضاف أن البعثة عثرت أيضا على بقايا قلعة من الطوب اللبن، على مساحة 250 - 500 متر مربع، ترجع إلى عصر الملك رمسيس الثاني (1304- 1237 ق.م) وتضم أبراجا دفاعية يصل ارتفاعها إلى أربعة أمتار، وقد أشارت الدارسات الأولية بالموقع إلى أن هذه القلعة كانت مقرا لقيادة الجيش المصري منذ عهد الدولة الحديثة (1569-1081 ق.م) وحتى العصر البطلمي، كما أن المعالم الأثرية لهذه القلعة تؤكد ما جاء من نقوش على المعابد المصرية القديمة توضح شكل مدينة ثارو الواقعة عند بداية طريق حورس الحربي.

يضيف د.محمد عبد المقصود، رئيس الإدارة المركزية لآثار الوجه البحري، أنه تم الكشف أيضا عن أول معبد من عصر الدولة الحديثة يتم العثور عليه في شمال سيناء، وقد أوضحت الدراسات أن هذا المعبد بني على أطلال إحدى القلاع من عصر الأسرة الثامنة عشرة (1569- 1315 ق.م). كما تم العثور على مجموعة من النقوش الأثرية للملك رمسيس الثاني وعلى نقش مهم للملك سيتي الأول (1314- 1304 ق.م) كما ضم ملحقات لعدد من الآلهة نقشت أسماؤها على أكتاف من الحجر الجيري، هذا بالإضافة إلى عدد من المخازن المركزية مبنية على شكل صفوف استخدمها الجيش المصري.

مصطفى عبد الله

نينوى

ندوة حول العتبات النصية للشعر

استضاف اتحاد أدباء وكتاب نينوى جلسة ثقافية خصصت للدكتور جاسم محمد الأستاذ بكلية التربية بجامعة الموصل الذي ألقى محاضرة عن «العتبات النصية في قصيدة العمود».

وفي تعريفه للنص قال المحاضر إن النص «مدونة كلامية ذات وظائف متعددة»، وهذا تعريف يقترب من تعريف جوليا كرستيفا في كتابها علم النص إذ تقول: «نعرف النص بأنه جهاز نقل لساني يعيد توزيع نظام اللغة واضعًا الحدث التواصلي، نقصد المعلومات المباشرة، ضمن علاقة ملفوظات مختلفة سابقة أو متزامنة».

وفي حديثه عن التناص أوضح الدكتور جاسم أن «التناص مصطلح حديث نسبيًا يجسد فكرة ليست بالجديدة مفادها أن كل نص ما هو إلا إعادة تنظيم وتحويل لنصوص موجودة سلفا»ً، وهكذا أصبح من الثابت نظريًا أن المعطى اللغوي لا يتولد عن فراغ مهما تعاظمت قابلية المبدع على التجديد «فاللغة تفرض عليه شاء أم أبى مكتسباتها والمحتوى الثقافي لذاكرتها»، كما يقول الطاهر لبيب في كتابه سوسيولوجيا الغزل العربي، ومن هنا صار ينظر إلى أي نص بمقتضى النظرية التناصية، على أنه ناتج تأليف بين مستلهمات بتقنيات معينة بحيث إن المنتج الأدبي لا تنبع قيمته من جدّته، وهي محدودة نسبيًا، بل من قدرته على استلهام وتوظيف ما سبقه من نصوص وخطابات توظيفاً خفياً وإضافة جديدة عليه، ليكون هذا الجديد مكمن استلهام وإضافة إلى غيره، وهكذا تتوالد النصوص مؤشرة جدلية التأثير والتأثر.

وكشف جاسم عن أن ماهية العتبات النصية أو النص المحيط لا يمكن فهمهما إلا في ضوء فهم ماهية النص الموازي لارتباطهما معًا بعلاقة الجزء بالكل. وفي حديثه عن المصطلح اللاتيني (paratexte) أضاف الدكتور جاسم: إن هذا (المصطلح الذي أطلقه جيرار جينيت على ما بات يشكل اليوم ركنًا مهمًا من أركان الشعرية الحديثة بحسب تصوره، ويريد به كل ما يمت بصلة إلى النص المدروس بعلاقة خفية بعيدة مع نصوص أخرى زائدًا ما يمت إليه بعلاقة مباشرة قريبة كالعنوان والهوامش والتذييلات وكلمات الناشر وما إلى ذلك من بيانات النشر التي باتت تشكّل في الوقت الحاضر نظامًا إشاريًا ومعرفيًا لا يقل أهمية عن المتن، بل إنه يلعب دورًا مهمًا في توجيه نوعية القراءة، وخلص الباحث الدكتور جاسم من كل ما سبق إلى أنه يمكن القول «إن العتبات النصية ليست سوى جزء من نظام معرفي عام يطلق عليه النص الموازي وقد تداخل هذا المصطلح مع مصطلح النص المحيط ليعنيا مجموعة نصوص يتعلق وجودها ودلالتها بوجود نص رئيسي تعمل تلك بوصفها بُنى افتقارية تستمد فاعليتها بالاتكاء على ذلك النص ومؤثرة في الوقت نفسه في توجيه دلالته كالعناوين بأنواعها والإهداءات ولوحات الأغلفة والمقدمات. إن الناظر في طبيعة المصطلحين، العتبات النصية والنص المحيط، يجد أن الأول قد استفاد من تشبيه جينيت لمفردات النص المحيط بالعتبة، مركزًا على جانبها الوظيفي وإمكانها العلائقي مع النص الرئيسي أيًا كان موقعها كأن تكون عتبة قبلية كالعنوان أو عتبة بعدية كالهوامش أو عتبة داخلية كالرسوم المصاحبة، في حين أن المصطلح الثاني يركز على موقع تلك العتبات من ذلك النص وهو موقع يؤثر في تلقي العمل من جهة ويميزه عن غيره من النصوص الموازية من جهة أخرى كالنصوص الفوقية، كتب تتحدث عن الكتاب من بعيد، مقالة نقدية تتناول الكتاب بحيث لا تتفق مع صدوره زمانيًا ومكانيًا، لقد شكلت المتعاليات النصية الخمس، التي هي مجموع العلاقات التي يمكن أن يربط إحداها مفردات النص المحيط بالنص الرئيسي ركيزة تتأسس عليها شعرية النص بوصفه كتاباً، بما لهذا الوصف من تأثير في عملية التلقي. وهذا يعني أن هذه الشعرية لدى جينيت يتعاضد في تشكيلها طرفان، النص بوصفه كتابًا أو مدونًا أي أنها شعرية مقروءة لاشعرية شفاهية».

وليد مال الله

طرابلس

تجارب نسوية في الشعر الليبي

وجدت المرأة الليبية نفسها على خارطة الشعر في بلدها، فقد قالت قصيدة الشعر الشعبى وقصيدة النثر، وقصيدة التفعيلة، كما قالت القصيدة الموزونة المقفاة، وبالرغم من وجودها في هذه الأنواع الأربعة فإنها أخفت نفسها حينا من الدهر، فلبست قناعا أختفت به عن عيون الناس حتى تمكنت أخيرا من الظهور، والكشف عن ذاتها، ومواجهة المجتمع والجمهور، فها هي الشاعرة حواء القمودي تنشر إبداعها الشعري في مجلات مختلفة باسم دلال المغربي، والشاعرة زينب محمد سالم الجرمي تنشر إبداعها في وسائل الإعلام التونسية باسم أرياف العذاب، والقائمة تطول بنا لو رحنا نتتبع عملية التخفي التي مارستها المرأة الليبية في إبداعها الأدبي، إلا أن هذا الأمر قد انتهي، وعادت كل شاعرة تنسب إبداعها إلى نفسها، معلنة ذاتها، بل محققة ذاتها، مفاخرة بإبداعها، بعد أن كانت تتنصل منه.

عرفت المرأة الليبية قصيدة النثر، فالشاعرة نعيمة عبدالله الزني المولودة في درنة في العام الرابع والسبعين من القرن الماضي، تنشر إبداعها الأدبي في كثير من الصحف: كالشلال والإفريقي، والفجر الجديد وغيرها، وتشارك في تحرير صحيفتي الشلال والإفريقي، كما تقوم بنشر ديوانها «أراك تهطل في القلب»، تقول فيه: لصوتك../ أوطان تعرف../ كيف تستضيف خطاي الشاردة / وكيف تكمل الأمنيات / فوق شفاهي/ وكيف تلملم جنوني../ وأنت تبعثر على سفوح العمر / أتعس الأحلام.

أما الشاعرة حواء القمودي، التي عادت إلى نفسها، أو عادت إليها نفسها، بعد أن ظلت فترة تتخفى تحت قناع يدعى دلال المغربي، فلها ديوان بعنوان «أتركض في حقول الريح» كما لها قصائد أخرى متعددة، نجتزئ منها: بودي أن أبكي على صدرك/ قذفت بي أمي على فراش رمل/ من أنا.. كيف حلمت بي/ كيف جمعت عناصري/ من أنا.. دمعة... لعنة / استسلم لسكين حادة شرسة / أين أنا كنت هناك روح هائمة / كيف نفخ في الطين صار سجين الروح سجين أشواقها للسماء /دمع على وشك انهيال / بودي أن أبكي على صدرك.

والشاعرة سميرة البوزيدي تكتب ديوانها «أخلاط الوحشة» فتكتب فيه تحت عنوان «احتمالات اللهب» فتقول: أهجس بالنار / يدانيني صهيل براكين /تشبه صفاتي /الصمت الذي عذبته /برطانة الروح /صار راية قديمة /لا تهم أحدا.

إن الإحساس بالغربة الذي عبرت عنه قصائد الشاعرات قد أوجد حالة من الحزن الدفين والعميق، كامن في نفس كل واحدة منهن، وأن هذا الحزن قد انعكس بصورة واضحة في القصائد الثلاث، ولعلني لا أجافي الحقيقة إذا قلت إن جل ما قرأته من قصائد - لكل الشاعرات الليبيات - لا لهؤلاء الثلاثة فقط - يحمل هذا الإحساس الدفين والعميق بالحزن، لدرجة جعلتني أتصور أن الإحساس بالحزن أساس في قصيدة النثر عند شاعرات ليبيا.

وكما كان للمرأة الليبية إبداعها في قصيدة التفعيلة، كان لها إبداعها في قصيدة النثر فالشاعرة ثريا الفقي المولودة في منتصف القرن الماضي، التي عملت مذيعة في الإذاعة الليبية، ومقدمة برامج فيها تقدم لنا إبداعها في إطار قصيدة الشعر الحر حيث تقول في قصيدة لها بعنوان «لا سيدي»:

لم لا نعود.. وقلتها ببساطة كبرى / ونسيت أنك تعشق الأخرى / أولست تذكر سيدي /ما خلفت في نفسي الذكرى؟.

د. أحمد عثمان أحمد

مسقط

نص جديد للشاعر طالب المعمري

يزاوج الأديب طالب المعمري بين الكتابة الشعرية والكتابة النثرية، وهو في كلا الصنفين الأدبيين يجيد تكثيف العبارة وشحنها بالرموز الدلالية؛ حتى تغدو اللقطة ذاتها تفصيلا معتما للقضايا الجوهرية التي تعتمر الذات برمتها، وتصبح الكتابة ملكوتا من الكلام لا يقبل النهاية. وللكثافة غاياتها وأسرارها العميقة التي لن تتكشف إلا بتطويع مرموز اللغة العطشى وتفكيك شفراتها عبر ولوج منطق الكتابة والغوص في سرائرها وغياباتها.

وهذا الاختيار في الكتابة الذي انتهجه طالب، له ما يبرره في زمن موت الأجناسية، زمن اختار لنفسه التعدد والانفتاح، زمن الحيرة الذي لم يعد الإنسان قادرا على ترويضه أو مسايرة نمط خطوه. فالكتابة المكثفة تأتي تعبيرا عن رؤية، وليست اختيارا من باب العبث، فالقاص يستدعي هذا النمط ليختزل عالمه الفار باستمرار، عالمه المستعصي على القبض، عالمه الذي يتستر خلف ظلال العبارة ويتخفى في المفردة والسياق وبياضات الورق، فالجملة جمل متعددة تتساكن وتتزاوج وتتخصب، ولا تمنح ذاتها لمتلق كسول من الوهلة الأولى. والعبارة تستبطن نصوصا وتفاصيل لا يخطئها الحدس، حيث تتضام الأحداث والمواقف والحوارات الساخنة في أفق معتم لا يفصح عن ذاته بيسر، بل يريد هكذا أن يمتحن قارئه، ويضعه في صورة متخيل شعري مغرق في الرمزية.

إن الحديث عن كثافة النص القصصي لا يتم بمعزل عن المؤشرات القرائية العامة التي تتيحها العتبات المصاحبة؛ ابتداء بالعنوان الذي يحمل بين طياته مقولتين دلاليتين متباعدتين، فالأولى تحيل على فضاء معروف بسرابيته وفظاعة طقوسه «القفار»، والثانية ترمز إلى التعيين الجنسي المتمثل في «السرد»، وإذا كانت المقولة الدلالية الثانية تفيدنا في معرفة التعاقد الذي يعلنه الكاتب بخصوص طبيعة مكتوبه إذا ما ربطناها بالتعيين الجنسي «قصص»، فالمقولة الأولى لا تقل أهمية عنها، لأنها تعد مؤشرا أوليا لبناء افتراضات المعنى النصي. وبين المقولتين يمتد البياض المشفوع بنقط الحذف التي تدل، في ما تدل عليه، على دلالات معروفة لا داعي لذكرها لدى المتلقي أو دلالات يخاف من ذكرها لأنها من باب التابوهات، وفي كلتا الحالتين لا بد لملء هذا الفراغ من الاستعانة بالتأويل، إذ ما علاقة السرد بالقفار في النص أو خارجه؟ وهل هناك بالمقابل، على الأقل لدى الشاعر، مماثل دلالي من قبيل القفار شعرا، القفار مسرحا، القفار تشكيلا، على سبيل التمثيل. والسؤال نفسه يجد مشروعيته في التعلق بصورة الغلاف القاتمة الدلالات، والتي تنخرط، هي الأخرى، في هذه الأجواء المكثفة المحيلة على معان مغرقة في الغموض، غير أنها تفرض، كمؤشر، ذاتها في إمكان بناء افتراضات، واقتراح سياقات تأويلية ممكنة. إن الصورة التشكيلية المثبتة على ظهر الغلاف تجسد امتداد الرؤى القاتمة لصحراء الوقت المليئة بالأشباح والأوهام والخوف. ففي الوقت الذي يخيم فيه جحيم من الظلام اللجي الدامس على كون اللوحة، كانت هناك ظلال أشباح حائرة تحدق في الفراغ الهائل وترقب أقمارا مطفأة بلا أفق، تلك هي القفار بعينها، وتلك هي هاوية المتاهة السردية التي تؤشر عليها القراءة البؤرية للعتبات المصاحبة، وما البياض الذي يقسم فضاء اللوحة/ النص سوى مفارقة تبعد ما بين الأشباح والبدور المقبورة في قفار ليل قاس ومخيف. ترى أي ليل يجتاح النص؟ وأي سحنة سوداء هذه التي تكرع بهاء عتباته الأولية ؟!

وبتوغلنا قليلا في ثنايا النص الكبير «مادام المنجز وإن تعددت نصوصه فهو في الأخير نص واحد كبير»، نستطيع أن نلملم بعض الضوء الكاشف لمسارب الدلالة النصية العويصة، التي من دون شك تعضد اللبوسات الشعورية التي تبرزها الدوال المصاحبة والمؤشرات النصية الخارجية «شيئا فشيئا يتحول الممشى نفقا. ستستدرجك إضاءته. ستستدرجك إضاءته». إنها لعبة السرد التي تستدرج قارئها صوب متاهتها.

إبراهيم الحجري

حدث في أغسطس

  • - في (5) أغسطس سنه (1962)م انتحار الممثله الامريكيه الشقراء الشهيره مارلين مونرو.
  • - في (8) أغسطس سنة (1956)م دشنت اليابان أكبر ناقله نفط في العالم البالغة حمولتها (84730) طنا وهي بطول (234) مترا،
  • - في (9) أغسطس سنة(1974)م استقال الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إثر فضيحة ووترجيت المعروفة.
  • - (9) أغسطس من سنة
  • ( 1789) م فتح الجنود الفرنسيون أثناء الحملة الفرنسية على مصر بعض البيوت المغلقة لأمراء المماليك واستولوا على ما فيها، وبعد ذلك تركوها لطائفة «الجعيدية»، وبدأ بعدها توافد الفرنسيين على القاهرة وسكنوا بيوتها.
  • - في (16) أغسطس سنة (1977)م انهار ملك الروك اند رول المغني الفيس بريسلي في داره في ممفيس، ونقل فورا إلى المستشفي ولكنه لم يستجب للعلاج ويعتقد أن المغني البالغ من العمر (42) سنه قد انتحر وتقدر ثروته بمليار دولار.
  • - في (18) أغسطس سنة (1984)م مُنعت جنوب إفريقيا من الاشتراك في دورة الالعاب الأولمبية بسبب سياساتها العنصرية.
  • - في (20) أغسطس سنة(1988)م وقف إطلاق النار في الحرب الإيرانية - العراقية.
  • - في (13) أغسطس سنة (1927)م ذكرى ميلاد الزعيم الكوبي فيدل كاسترو.
  • - في (15) أغسطس سنة (1945)م استسلمت اليابان إلى الحلفاء بلا قيد ولا شرط، إثر ضرب هيروشيما وناجازاكي بالقنبله الذرية.

الجزائر

تكريم المفكر عبدالله شريط

عرفانا بالدور البارز والكبير الذي لعبه فيلسوف الجزائر الأكبر، وتقديرا لمكانته العلمية والنضالية والفكرية، وإسهاماته المتعددة والمتميزة، كرم المجلس الأعلى للغة العربية بالجزائر العاصمة، واحدا من أبرز فرسان الفكر والأدب والفلسفة في الجزائر والوطن العربي، وتزامن هذا التكريم مع افتتاح المجلس لمنبر فكري جديد أسماه: «شخصية ومسار»، وجاء الاحتفاء في ندوة حافلة حضرها عدد كبير من الشخصيات الوطنية والسياسية والفكرية،أمثال: الأستاذ عبد الحميد مهري المناضل والأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، ومحمد شريف عباس وزير المجاهدين، ود.أبو عمران الشيخ رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، وغيرهم من كبار المثقفين الجزائريين والعرب.

ترأس الندوة الأستاذ الصادق بخوش، المستشار برئاسة الجمهورية، حيث أشاد في كلمته الافتتاحية بالجهود النضالية والفكرية التي طبعت مسيرة د.شريط، وأدلى بشهادته عنه واصفا إياه: «بأستاذه الكبير، وبأنه شخصية مركبة، ومتعدد التخصصات في الأدب والأخلاق والسياسة والفلسفة والصحافة»، ومشيرا إلى أنه: «شخص متعدد المشارب ومكافح في سبيل التحصيل العلمي وتحرير البلاد»، كما نوه بالفضائل الجمة التي قدمها د.شريط خدمة للثقافة والوطن مبرزا أن د.شريط: «لوحده يملأ الدنيا بنشاطه أينما كان، وتكريمه هو أدنى ما يقدم له».

وتطرق د.محمد العربي ولد خليفة، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، في حديثه إلى الجانب الحضاري والإنساني في شخصية د.شريط، مشيرا إلى أنه: «على الرغم من اختلاف د. شريط في رؤاه مع الآخر، بيد أنه يفرض على المستمع والقارئ احتراما كبيرا لشخصه وفكره»، مضيفا: «إن د.شريط شغل النخبة الوطنية بقضايا مازالت تثير جدلا كقضية اللغة العربية والأصالة والحداثة وصيرورة المجتمع الجزائري، والاستلاب، وهو ما يجعله رجلا ينتمي إلى فئة من رجال التنوير»، ومن جهته استعرض وزير المجاهدين محمد شريف عباس، أهم القضايا الفكرية والمعرفية التي خاض فيها د.شريط، مؤكدا أنه: «رجل متعدد الأبعاد، متنوع الثقافات، متبحرٌ في العلوم، جمع بين مشارب المعرفة وحداثة الفكر»، وبأنه: «شخص اختار مساره ونضاله الفكري والمعرفي منذ شبابه...».

وألقيت في هذا اللقاء التكريمي الذي ضم حشدا كبيرا من الوجوه الثقافية في الجزائر، - كالدكتور أمين الزاوي مدير المكتبة الوطنية، ود.إنعام بيوض مديرة المعهد العالي العربي للترجمة - العديد من الكلمات والشهادات أشادت بالجهود الجبارة التي قام بها د.شريط، وثمنت الدروب والأفاق العلمية والمعرفية التي فتحها وأضاءها هذا المفكر الكبير، كما دعا الحضور إلى وجوب الاستظلال بظل هذا الفيلسوف، وضرورة استكمال المسيرة التي بدأها الرجل والأخذ بها وبما فيها من مواقف لتحقيق التواصل بين الأجيال،لأن الحضارة نسيجُها التواصل والتفاعل بين الأفكار والأجيال المتعاقبة.

وفي ختام اللقاء أجمع الحضور على أن فيلسوف الجزائر، رجلٌ منقطع النظير، ومفكر من طراز الفاتحين في عالم الفكر والمعرفة والثقافة والترجمة، فبفضله أصبح للجزائر مجلدات كثيرة تحمل مقالات تتحدث عن نضالها ضد الاستعمار الفرنسي.

محمد سيف الإسلام بوفلاقة

وداعًا خشبة وعباس والفحام والمسيري

فقد الوطن العربي، الشهر الماضي، أربعة من أبرز وجوه الثقافة العربية في مصر وسورية! الناقد سامي خشبة، والمؤرخ الدكتور رءوف عباس اللذين رحلا في يومين متتاليين، ولحق بهما الدكتور شاكر الفحام رئيس مجمع اللغة العربية في دمشق. ثم الدكتور عبد الوهاب المسيري.

وكان أول الراحلين عنا سامي خشبة (مواليد عام 1939)، الكاتب الصحفي، ونائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام القاهرية، ورئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة، وهو في قمة عطائه وإنتاجه الفكري، بعد أزمة قلبية.

أثرى سامي خشبة الساحة النقدية والفكرية بعدد من الأعمال منها: "شخصيات من أدب المقاومة"، "المسرح في مفترق الطرق"، و"تحديث مصر". إضافة إلى موسوعتين بالغتي الأهمية هما موسوعة "مفكرون من هذا العصر"، ثم موسوعة "مصطلحات فكرية"، كما رأس البيت الفني للمسرح على مدى سنوات.

أما الثاني فهو المؤرخ د. رءوف عباس (من مواليد عام 1939 أيضاً) الذي يعد أحد أبرز وجوه الجيل الثالث من مدرسة التاريخ في الجامعة المصرية. وقدم عباس على مدى أربعين عاماً من العمل البحثي والفكري كتباً بارزة منها: "الحركة العمالية في مصر" و "النظام الاجتماعي في مصر في ظل الملكيات الكبيرة" و "مذكرات محمد فريد" و "جماعة النهضة القومية" و "أربعون عامًا على ثورة يوليو.. دراسة تاريخية" و "حرب السويس بعد أربعين عامًا" وغيرها. وتولى العديد من المناصب قبل أن يُختار رئيسًا لمجلس إدارة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية منذ العام 1999 وحتى وفاته.

ثم لحق بهما، في دمشق، الدكتور شاكر الفحام (توفى عن 89 عاما) وهو أحد الباحثين الموسوعيين الذين بذلوا حياتهم كلها في خدمة اللغة العربية وآدابها. ومُنح جائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي في العام 1989.

يذكر أن الدكتور الفحام عمل رئيسا لجامعة دمشق من 1968 إلى 1970 ثم وزيرا للتعليم العالي حتى العام 1973 وكان في الفترة ذاتها عضوًا في مجلس الشعب ثم عاد وزيرا للتربية من 1973 إلى 1978 ثم وزيرا للتعليم العالي 1980 ثم رئيسا لمجمع اللغة العربية من 1993 وحتى وفاته.

كما توفى الشهر الماضي الكتور عبد الوهاب المسيري، المفكر العربي صاحب موسوعة " اليهود واليهودية والصهيونية"، بالإضافة إلى عدد من المؤلفات في موضوع الطرح العربي الإسرائيلي، وكان حصل على الدكتوراه عام 1969 من الولايات المتحدة وعمل في عدد من الجامعات المصرية والعربية والدولية.

إن رئيس تحرير مجلة "العربي"، وأسرة التحرير والعاملين بها يتقدمون لأسر الراحلين الأعزاء وجميع أحبائهم بأحر التعازي والمواساة، داعين المولى عز وجل أن يتغمدهم جميعًا بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته. إنا لله وإنا إليه راجعون .

 

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




بروين اعتصامي وديوانها «ملاك الروح»





ملاك الروح





أحد مكتشفات طريق حورس





مشهد من حضور الأمسية





مارلين مونرو





د. عبد الله شريط





سامي خشبة





د. رءوف عباس





د. شاكر الفحام





د. عبدالوهاب المسيري