للتاريخ.. من إصدارات الديوان الأميري لدولة الكويت قاسم عبده قاسم

للتاريخ.. من إصدارات الديوان الأميري لدولة الكويت

بمناسبة مرور خمسين عاما على تأسيس الأمم المتحدة أصدر الديوان الأميري كتابا، من ثلاثة أجزاء يتحدث عن مدى مساهمة الكويت في مسيرة الإنسان الحضارية، فالجزء الأول ويقع في مائتين وثلاث عشرة صفحة من الحجم العادي عنوانه "الكويت والديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والاجتماعية" أما الجزء الثاني يقع فيحمل عنوان "الكويت والوجه الحضاري"، أما الجزء الثالث الذي يعتبر أكبر أجزاء الكتاب فعنوانه "الكويت والعدوان العراقي".

ويحسن بنا أن نبدأ في عرض كل جزء من أجزاء هذا الكتاب على حدة. يفتتح الجزء الأول، الذي يتحدث عن الكويت والديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بكلمة لسمو الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت بمناسبة الاحتفال بالعيد الخمسين لتأسيس الأمم المتحدة. وقد ركز سمو الأمير على زيادة فاعلية منظمة الأمم المتحدة وقدرتها على تحقيق غاياتها وأهدافها، كما نوه بإنجازات الأمم المتحدة في شتى مجالات النشاط الإنساني على الرغم من أن قضايا الحرب والتسليح استحوذت على الجانب الأكبر من نشاط المنظمة.

ثم تحدث سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح عن مضمون كل من الأجزاء الثلاثة للكتاب الذي تقدمه دولة الكويت ضمن ما تقدمه من إسهامات في مناسبة العيد الخمسين للأمم المتحدة واقتراب نهاية القرن العشرين ليبدأ قرن جديد في عمر الإنسانية ورحلة الإنسان، التي لم تتم بعد عبر الزمان.

ولعل أهم ما جاء في كلمة سمو الأمير ما نصه: "إن بلدي الكويت ليس مجرد آبار نفط تفجرت في بيئة صحراوية.. وبلدي الكويت ليس شعبا هبطت عليه الثروة من السماء فأخذ يبددها في المتع ومظاهر الترف، فالحقيقة الماثلة في إنجازات نصف قرن تبين إلى أي مدى جاهد هذا الشعب بالعلم والصبر، والمحاولات التي لا تعرف اليأس، أن ينتقل بوطنه إلى المعاصرة بكل ما تعنيه وتتطلبه من علوم وقيم ومؤسسات..

كما أشار سمو أمير الكويت إلى مدى ما حققته الأمم المتحدة من إنجاز حين أجمعت شعوب الأرض على تحرير الكويت من عدوان نظام صدام حسين حاكم العراق "وقد كانت هذه الخطوة باعتراف جميع المحللين تدعيما وترسيخا وتأصيلا لفلسفة ونهج عمل ميثاق الأمم المتحدة في عهدها الجديد". ثم جاءت التهنئة والأمل في مستقبل أكثر بهجة وإشراقا للإنسانية ختاما لكلمة أمير الكويت.

ثم تأتي مقدمة الكتاب معبرة عن الهدف منه، فإن انتهاء الحرب الباردة بعث الأمل في أن تقوم منظمة الأمم المتحدة بدور أكثر إيجابية، كما ركزت المقدمة على بديهيات مهمة - على الرغم من إنكار بعض الحكومات لها - هذه البديهيات تقول بالارتباط العضوي بين الديمقراطية والتنمية والسلام. ثم تقرر المقدمة أن هذا "الكتاب الأول" من مجموعة الكتب الثلاثة التي أصدرتها الكويت بهذه المناسبة يلخص الحياة الكويتية في جوانبها الديمقراطية والتنموية واهتمامها بحقوق الإنسان.

ينقسم الكتاب الأول إلى أجزاء ثلاثة بالإضافة إلى "المرفقات" أي ملاحق الكتاب، الجزء الأول عن الكويت والديمقراطية: يبدأ هذا الجزء باقتباس مهم من أقوال المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح نصه: "إن الدستور الذي أصدرناه ليس أكثر من تنظيم حقوقي لعادات معمول بها في الكويت، فقد كان الحكم دائما في هذا البلد شورى بين أهله". هذه الكلمات البسيطة تلخص حقيقة تاريخية ثابتة منذ تم اختيار صباح الأول حاكما في النصف الأول من القرن الثامن عشر.

يستعرض الكتاب التطورات التاريخية منذ تأسيس أول مجلس للشورى سنة 1921، ثم مجلس البلدية 1930 ، ومجلس المعارف سنة 1936 بالانتخاب. ثم جرى انتخاب أول مجلس تشريعي 1938 يرافقه أول دستور (بسيط) للبلاد.

وبعد استقلال الكويت 1961 ، صدر دستور الكويت ليتم العمل به في 29 يناير 1963م. وقد نصت المادة السادسة على أن "نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا".

ويوضح الكتاب أن الديمقراطية صارت الخيار الأوحد لجميع شعوب الأرض.

وفي مناسبات عديدة أكد سمو الشيخ جابر الأحمد أمير الكويت أصالة الديمقراطية الكويتية وعمق جذورها.

الجزء الثاني عنوانه "الكويت وحقوق الإنسان": يبدأ هذا القسم بإثبات ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ثم مؤتمر فيينا العالمي لحقوق الإنسان في يونيو 1993 م الذي أكد مجددا حقوق الإنسان.

يقرر الكتاب أن الكويت لم تتخلف عن الركب، بل سايرته في كثير من أهدافه وخطواته ومراحله، ويستشهد بالتقرير الصادر عن الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان بالكويت.

كذلك يوضح الكتاب أن بعض مواد الدستور الكويتي كفلت احترام حقوق الإنسان، كما أن مجلس الأمة الكويتي شكل لجنة دائمة تضم سبعة أعضاء مهمتها الدفاع عن حقوق الإنسان، وقد أورد الكتاب نظامها الأساسي ومنجزاتها كما أثبت بيانا بعدد الهيئات الشعبية العاملة في الكويت، وهي هيئات كثيرة قياسا إلى عدد السكان القليل في الكويت.

الجزء الثالث عنوانه: الكويت والتنمية الاقتصادية والاجتماعية: هذا الجزء يتسم بالوثائقية إلى حد كبير، يبدأ بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة بعنوان "بناء السلام والتنمية" الصادر سنة 1994 م مشيرا إلى الأبعاد الخمسة للتنمية (السلام، الاقتصاد، حماية البيئة، والظروف الاجتماعية السوية، والديموقراطية). وهو ما يترجم رؤية الأمم المتحدة لقضية التنمية.

ويشير الكتاب إلى أنه على الرغم من منجزات الأمم المتحدة، فإن مشكلة الفقر لا تزال تمسك بخناق عدد كبير من سكان الأرض.

ثم يتطرق إلى مساهمة الكويت في حل الكثير من مشكلات التنمية في العالم الثالث، وهو ما عبرت عنه كلمات أمير الكويت في مارس 1995 م أمام المؤتمر العالمي للتنمية في كوبنهاجن، كما جسدته كلمات سموه قبل ذلك أمام المؤتمر التاسع لحركة عدم الانحياز في بلجراد سنة 1989، وكلمته بعد تحرير الكويت أمام الدورة السادسة والأربعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 1991، ثم قمة الأرض بالبرازيل في 1992 .. وغيرها وقد لقي موقف الكويت في هذه القضية ترحيب وتقدير سائر المنظمات العالمية والدول الكبرى.

ينتقل الكتاب بعد ذلك إلى حديث وثائقي شامل عن الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، وقد أنشئ هذا الصندوق في أواخر 1961 ليشمل الدول العربية ثم الدول النامية وبلغ رأسماله سنة 1974 ألف مليون دينار كويتي. في حين وصل في سنة 1981 لمواجهة الحاجة المتزايدة للتنمية في الدول النامية إلى رأس مال قدره ألفا مليون د.ك. ويعرض الكتاب لمبادئ عمل الصندوق، ويرصد إنجازاته.

بعد ذلك يعرض الكتاب لقضية "الأمم المتحدة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية" (ص67 - ص71)، فيحدثنا عن "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" الذي أنشأته الأمم المتحدة في 1965م.

ثم ينتقل إلى مدى مساهمة دولة الكويت في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومدى مشاركة الكويت في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، واللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة.

ثم يأخذنا الكتاب إلى داخل الكويت، حيث نشهد مدى التزام الكويت بمبدأ التخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويقسم الكتاب الموضوع زمنيا إلى فترتين:

1 - مرحلة بناء الدولة العصرية من 1946 حتى الاستقلال سنة 1961 م.

2 - المرحلة الثانية عقب صدور الدستور الكويتي سنة 1962، حيث تم الأخذ بمبدأ التخطيط العلمي.

وقد أنشئ مجلس التخطيط في أغسطس سنة 1962 باعتباره هيئة مستقلة، ثم أعيد تشكيله في ديسمبر سنة 1970 م.

وقد شهدت مرحلة بناء الدولة العصرية صدور عدد من التشريعات والمراسيم الأميرية لتنظيم العمل في هذا المجال، كما تمت دراسة مشروعات البنية الأساسية للبلاد.

أما المرحلة الثانية فقد شهدت بناء دولة الرعاية الاجتماعية والخدمات اعتمادا على التخطيط العلمي الذي آتى ثماره.

يورد الكتاب بعد ذلك تقريرا وافيا عن الخطة الإنمائية الخمسية في الكويت 90/1991 - 94/1995 ويلخص أهدافها في أحد عشر هدفا. كما يقدم لنا تخطيطا تفصيليا يوضح محاور الإستراتيجية الإنمائية التي جعلت هدفها المركزي بناء الإنسان الكويتي.

أما مرفقات الكتاب، أو ملاحقه، فهي كثيرة ومفيدة، تبدأ بنص الدستور الكويتي ثم قائمة بالاتفاقيات الدولية حول حقوق الإنسان والتي صدقت عليها دولة الكويت، يعقبها بيانات أساسية حول الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية ثم القانون والنظام الأساسي للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية (ص159 - ص175). يليه كشف بالقروض التي عقدها الصندوق فيما بين 26 فبراير 1991 م حتى 20 أبريل 1995م (ص179 - ص183)، ثم كشف آخر بالمنح التي قدمها الصندوق في نفس الفترة (ص187 - ص191)، ويقدم بعد ذلك بيانا إحصائيا وبيانيا بموجز نشاط الصندوق.

ويختتم الكتاب بالحديث عن دور احتياطي الأجيال القادمة خلال فترة الغزو العراقي وبعده، سواء من حيث تاريخ تأسيسه 28/11/1976 أو هدفه، ويكشف عن الدور المهم الذي لعبه هذا الاحتياطي خلال فترة الغزو نظرا لأنه رصيد الكويت في الخارج الذي مكنها من الصمود لمحنة الغزو والاحتلال. هذا الكتاب الأول من الكتب الثلاثة التي تحمل عنوانا موحيا (للتاريخ) يحمل بالفعل مادة غزيرة ومهمة ووثائقية تصلح أساسا لأية دراسات تاريخية حول الكويت ودورها العالمي في الحاضر والمستقبل. وفي ظني أن الكتاب يعتبر مصدرا محترما للوثائق التاريخية التي تهم هذا الجزء من العالم وأجزاء أخرى قاصية ودانية.

الوجه الحضاري للكويت

الكتاب الثاني من مجموعة (التاريخ) يحمل عنوان "الكويت والوجه الحضاري" ويتكون من مقدمة وستة أجزاء، تعقبها المرفقات (ملاحق الكتاب) ثم قائمة المصادر.

يبدأ الجزء الأول بالحديث عن "المرأة الكويتية والتعليم"، فيورد محاور ثلاثة تبناها المؤتمر الرابع للمرأة بإشراف الأمم المتحدة (بكين سبتمبر 1995 ) ثم يوضح اهتمامات قادة الكويت بالمرأة الكويتية باعتبارها أحد المؤشرات المهمة على الوضع الحضاري للكويت. وتناول بداية البعد التعليمي مبينا أن مسيرة المرأة والرجل كانت متوازنة في مجال التعليم بكل جوانبه من خلال الإحصاءات والنسب المئوية، ومن خلال البعثات الدراسية التي أوفدت فيها بنات الكويت إلى مختلف دول العالم.

وتمثلت الثمرة في أن صارت المرأة الكويتية شريكا نشطا، واحتلت أعلى المناصب القيادية والأكاديمية في الدولة.

بعد ذلك ينتقل الكتاب إلى الحديث عن المرأة الكويتية في مجال العمل وكيف ارتفعت نسبة النساء في سن العمل من 1.4% عام 1957 م إلى 25.2% عام 1993.

ومن ناحية أخرى، كان الدستور الكويتي في المادة رقم (41) والمادة رقم (29) والتشريعات والنظم الكويتية من أهم حوافز عمل المرأة، كما كفل الدستور رعاية الأمومة والطفولة (مادة 9).

كذلك تضمنت خطة التنمية (76/1977 - 80/1981) التركيز على دور المرأة في التنمية، وهو ما أكده أيضا مشروع الخطة الإنمائية للسنوات (95/1996 - 99/2000 م).

ثم يرصد الكتاب جهود المرأة الكويتية التطوعية لخدمة المجتمع في جميع المجالات الاجتماعية والثقافية.

الجزء الثاني يتحدث عن "الكويت ورعاية الأمومة والطفولة والشيخوخة"، عن طريق المنشآت والمؤسسات التي أقامتها الدولة من خلال وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، مثل: دار الطفولة، ودار ضيافة الفتيان، ودار ضيافة الفتيات. كما قامت مراكز تنمية المجتمع بجهود تحويل العناصر المستهلكة وغير المنتجة إلى طاقات إنتاجية.

ويتميز هذا الجزء من الكتاب بالرصد التوثيقي لجهود الكويت في رعاية الشباب من خلال الهيئة العامة للشباب والرياضة.

أما رعاية المسنين فقد حدد الدستور (مادة 11) الإطار القانوني لها. وقامت وزارة الشئون الاجتماعية برعاية المسنين من خلال أساليب ثلاثة:

1 - الإيواء الكامل. 2 - الرعاية النهارية. 3 - الرعاية المنزلية.

ولم ينس الكتاب دور المقاهي الشعبية التي تشرف عليها وزارة الشئون الاجتماعية والعمل.

أما الجزء الثالث فيحدثنا عن الرعاية الاجتماعية والصحية لسكان الكويت، ذلك أن دور رعاية المعاقين ودور ضعاف العقول ومراكز التأهيل المهني توفر الرعاية والمساعدة لهذه النوعية من المواطنين، وهناك أيضا قانون رعاية الأحداث الجانحين بالشكل الذي يضمن إعادة ضمهم إلى المجتمع بعد تقويم سلوكهم ليصيروا قوة فاعلة في بنيانه.

أما الرعاية الصحية فيشهد عليها ارتفاع متوسط العمر للكويتي من 63 سنة عام 1970 إلى 74 سنة عام 1992 للرجال، و77 سنة للنساء، كما زاد معدل الإنفاق إلى أكثر من ثلاثة أضعاف على الخدمات الصحية في عشرين سنة (1970 - 1990)، فضلا عن التدريب الأساسي والتدريب التخصصي الذي يهدف إلى رفع مستوى الأطباء الكويتيين.

الجزء الرابع يتناول الرعاية السكانية وهو جزء توثيقي بحت، يرصد لنا بالأرقام والنسب المئوية كيف كانت رعاية الدولة شاملة للمواطن الكويتي في هذا المجال.

ويتشابه الجزء الخامس، الذي يتحدث عن التأمينات الاجتماعية والمساعدات العامة، مع الجزء الرابع في بنيانه التوثيقي الشامل، إذ إنه يعرفنا بجميع القوانين والنظم والمؤسسات العاملة في هذا الميدان ومدى ما أنجزته لصالح المواطن الكويتي.

أما الثقافة والإعلام التي تناولها الجزء السادس والأخير من هذا الكتاب، فقد شهدت قدرا كبيرا من النمو والتقدم، فقد بذلت الكويت جهدا ضخما وملموسا في مجال دعم البحث العلمي والمعرفة من خلال معهد الكويت للأبحاث العلمية الذي أنشئ في فبراير 1981 ليواصل نشاطه في ستة برامج رئيسية تشمل الموارد الغذائية والبيولوجية، والبترول والكيماويات والاقتصاد التقني، وبرنامج موارد المياه.

أما مؤسسة الكويت للتقدم العلمي التي أنشئت سنة 1976 بمرسوم أميري فدورها مشهور غير منكور في شتى أرجاء العالم لأنها لم تقصر نشاطها على الكويت، بل امتد نشاطها عربيا ودوليا.

وهناك أيضا المجلس الوطني للثقافة والفنون و الآداب، الذي يقوم بدور هائل في المجال الثقافي وخلال إحدى وعشرين سنة أنجز الكثير في هذا المجال، مثل معرض الكتاب الذي يقام سنويا منذ سنة 1975، ومثل إصدارات مائتي كتاب حتى الآن، ومجلة الثقافة العالمية، وعالم الفكر والمسرح العالمي.

ويهتم المجلس بثقافة الطفل، ويقيم مهرجانا سنويا لكتب ولعب الأطفال كما يهتم برعاية الحركة التشكيلية ونشر أمهات التراث العربي، فضلا عن الأسابيع الثقافية، وإنشاء مكتبة التراث الموسيقي، إلى جانب دوره البارز في دعم المبدعين الكويتيين.

أما الإعلام فدوره الحضاري واضح في توثيق الاتصال بين الكويت والعالم الخارجي، سواء من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، أم من خلال المكاتب الإعلامية في الخارج.

وتضم مرفقات الكتاب إحصاءات ونصوصا ووثائق تتعلق بالتعليم والتنمية، ورعاية الطفولة والأمومة والمساعدات العامة، والسياسة الإعلامية والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

ولهذا السبب يبدو القسم الأكبر من الكتاب الذي يضم المرفقات أكثر ثقلا من القسم الأول منه.

الكويت والعدوان العراقي.

ثالث كتب المجموعة يحمل عنوان "الكويت والعدوان العراقي"، وهو أكبر الكتب الثلاثة حجما ويضم بين ثناياه الكثير من الوثائق والصور ويتألف الكتاب من مقدمة وأربعة أجزاء، ثم ملاحق الكتاب أو (المرفقات) ويحمل الكتاب مرارة التجربة الكويتية التي نتجت عن الغزو العراقي وممارسته اللا معقولة واللا مقبولة.

يبدأ الكتاب باقتباس من كلمة لسمو الأمير جابر الأحمد الجابر الصباح أمام مجلس الأمة الكويتي ( 20 أكتوبر 1992 ) تركز على مرارة الذكريات السوداء التي خلفها الغزو في ذاكرة الكويتيين.

الجزء الأول بعنوان "المأساة" يوحي بأنه يحمل سردا تاريخيا لما جرى، ولكن السرد التاريخي المتوقع لا يغطي إلا جانبا جزئيا في صفحات ثلاث ليبدأ بعد ذلك في تسجيل كرونولوجي للوثائق والخطابات الرسمية.

من صفحة 22 يحدثنا الكتاب عن المؤتمر الشعبي الكويتي بالسعودية من 12 إلى 15 أكتوبر 1990 م متضمنا نصوص كلمات أمير الكويت، ورئيس الوزراء والسيد عبدالعزيز حمد الصقر نيابة عن المشاركين، ثم البيان الختامي للمؤتمر وتوصياته. وقد أظهرت هذه الوثائق جميعها رفض الكويت، أميرا وحكومة وشعبا للعدوان والاحتلال والتصميم على مقاومته بكل الوسائل والسبل حتى يتم التحرير.

يحدثنا الكتاب بعد ذلك عن رعاية وإعاشة المواطنين الكويتيين بالخارج أثناء الاحتلال، وقد ذيل هذا الجزء بجدول يوضح أعداد الكويتيين ومناطق وجودهم التي شملت جميع أنحاء العالم تقريبا.

بعد ذلك يأتي حديث الكتاب عن "الجهود الرسمية وردود الفعل الشعبية إزاء العدوان العراقي"، متضمنا كلمة لسمو الأمير، وإنشاء أول محطة للإذاعة الكويتية، وبيانا بالوفود الشعبية ولجان التضامن الإقليمية والدولية ثم المؤتمر العالمي للتضامن مع شعب وعمال الكويت.. وغير ذلك من الجهود التي قامت بها المنظمات الدولية لمساندة الكويت وشعبها في مواجهة العدوان والاحتلال.

الجزء الثاني من عبارة عن ثبت وثائقي متكامل يضم جميع القرارات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي بشأن العدوان والاحتلال العراقي للكويت.

أما الجزء الثالث وعنوانه "الممارسات اللا إنسانية للعدوان العراقي"، فهو عبارة عن رصد تاريخي مدعم بالوثائق والصور لما ارتكب جنود الاحتلال العراقي من خطايا وجرائم إنسانية إبان فترة الاحتلال. فقد رصد الكتاب الأضرار التي لحقت بالبنية الثقافية والعلمية والتربوية لدولة الكويت، فضلا عن نهب جميع فروع المؤسسات الدولية والعربية بالكويت وجميع دور الصحف، كما سرقت مجموعة الفن الإسلامي.

كذلك ارتكبت قوات الاحتلال الكثير من الانتهاكات لحقوق الإنسان من قتل وخطف واعتقال وتعذيب وحشي. ولعل مشكلة الأسرى الكويتيين - التي لم تحل حتى الآن - تجسد هذه الحقيقة البالغة المرارة. كما رصد الكتاب في هذا الجزء جميع ما تعرض له الأطفال والشباب عموما من أضرار نفسية وجسمانية من جراء الغزو والاحتلال.

بعد ذلك أوضح الكتاب الأضرار التي لحقت بالبنية الأساسية لدولة الكويت لاسيما ما حدث بسبب تدمير حقول النفط وتدمير الآبار وما نتج عن ذلك من آثار سلبية على الإنسان وعلى البيئة.

الجزء الرابع يحدثنا عن ترسيم الحدود، والكويت ما بعد النصر متضمنا خريطة تفصيلية بالحدود التي أقرها مجلس الأمن بتاريخ 19 مارس 1993 م.

أما الوثائق التي تضمنها هذا الجزء فهي تمثل زادا لا غنى عنه للباحثين في المستقبل.

هذا عرض للخطوط العريضة للثلاثية التي تحمل عنوان "للتاريخ" والعنوان يحمل دلالة حقيقية، فالثلاثية للتاريخ فعلا، إذ إنها تحمل قدرا هائلا من المادة الوثائقية التي تمثل مصدرا مهما للمؤرخين والباحثين. وأستطيع أن أقرر دونما خوف أو تردد أن القيمة الحقيقية لهذا الكتاب تكمن فيما يحتويه من الوثائق والنصوص الأصلية.

وعلى الرغم من افتقار الكتاب للسرد التاريخي للأحداث فإنه نجح إلى حد كبير في أن يرسم صورة بالوثائق للوجه الحضاري لدولة الكويت، كما استطاع أن يرصد ملامح الدور العربي والعالمي لهذه الدولة الصغيرة مساحة وسكانا، والذي يضارع دور الكثير من الدول الأكبر حجما وسكانا، بل وبعض الدول الكبرى. ولا شك في أن ما نخرج به من قراءة هذه الثلاثية المهمة يجسد حقيقة ثابتة مؤداها أن الدور الكويتي في شئون العالم هو الذي جمع قلوب الناس حول الكويت في محنة الغزو والاحتلال، بحيث تمكن العالم أجمع من إنقاذ الشعب الكويتي ودولته من براثن الغزو الصدامي المتوحش.

 

قاسم عبده قاسم

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




للتاريخ من إصدارات الديوان الأميري لدولة الكويت





الوجه الحضاري للكويت