عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

ما يخصنا بالأساس

عزيزي القارئ

العالم الذي نعيش فيه على مشارف قرن جديد، يتجه فعلاً إلى واقع القرية الكونية الواحدة الصغيرة، عبر إنجازات ثورة الاتصالات وتوظيف التقنيات الفضائية في هذه الثورة، بما يعني مزيداً من انفتاح أجزاء العالم المختلفة بعضها على البعض الآخر. وثورة الاتصالات هذه تتآخى، أو تتبنى، ثورة مرافقة لها هي ثورة المعلومات.

وهذا يعني في مجمله، ليس فقط الاقتصاد العابر للقارات، وإنما أيضا التثاقف العابر للحدود، بمعنى انتقال ثقافات حديثة وتقليدية من مكان إلى آخر بين أربعة أرجاء المعمورة، ومن خلال تطبيق شرط الملاءمة ستمتزج ثقافات بغيرها، وتقاليد وعادات بأخرى. لكن هذا الامتزاج لن يكون مطلقاً بالطبع، كما أن استثمار هذه الحالة من التواصل لأغراض أنانية تهدف إلى تنميط العالم على شاكلة "الأخ الأكبر"، ستجد ولو بعض المقاومة الثقافية والاجتماعية للاحتفاظ بخصائص عريقة لشعوب بعينها. هذه الاختيارات الخاصة لن تتحقق إلا بإرادة قادرة على السير في دروب خاصة. والعرب من واقع الاختلاف النسبي لأسباب دينية وبيئية وأخرى مرتبطة بالموروث معنى ومبنى، سيكون عليهم تبني اجتهادات خاصة لن يتبناها غيرهم، وحماية كنوز خاصة لن يلتفت إليها غيرهم.

هذا الإطار النظري يحيط الآن، بأمثلة واقعية واضحة، ومنها موضوع استطلاع هذا العدد عن "كنوز القاهرة". فهذه الثروة القومية الإسلامية العربية المؤلفة من كنوز مدينة عربية إسلامية كاملة، بعمارتها وما يكتنف هذه العمارة من ألق صناعات تقليدية وعبق تاريخ تتكلم به الأبنية والأماكن، هذه الثروة لن تجد من يلتفت إليها لاستنقاذها من هول الزمان والزحام! إلا نحن العرب والمسلمين، وواقع الحال ينطق بذلك ومنذ زمن ملحوظ.

الشيء نفسه، وإن على مستوى معيشي أدنى، في مأكلنا ومشربنا، لابد من اجتهادات خاصة لحماية كنوز خاصة في بيئتنا العربية ومثالها في مواد هذا العدد "لبن الناقة" الذي التفتت إلى فرادته مراكز بحثية أوربية ولم نحول نحن هذه الفرادة إلى نفع شائع رغم أن مادة هذا النفع بين أيدينا وفيرة، لا حليب النوق وحده، بل كل عطايا سفن صحارينا العربية الفريدة هذه.

طعومنا الخاصة نحن أولى بالعناية بها، سواء كانت زراعة في الصحراء كما يرصدها التحقيق المحلي في هذا العدد "هواة اللون الأخضر"، أو ثقافة كما في موضوع "في التراث العربي.. مسك وعنبر ولؤلؤ"، أو حتى بقايا ظل عربي في البعيد كما في استطلاع "إريتريا".

وإلى لقاء متجدد.

 

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات