بيتنا العربي: فيديو كليب للمستقبل

رئيس التحرير
د. سليمان إبراهيم العسكري

بعد نحو عقدين على ظهور الشرائط المصورة للأغاني، والتي عرفت باسم «الفيديو كليب»، لا يمكننا اليوم أن نرى الأجيال الجديدة لا تحتفظ بمئات، إن لم يكن بآلاف، هذه الدقائق المصورة لأيقونات غنائية من الشرق والغرب، على أجهزتهم السمعبصرية.

الأمر الذي أريد أن أقف عنده هنا، هو أن قليلاً من هذه المواد المصورة هو الذي يعنى بتوثيق المدن العربية. على العكس، أصبح أهل الغناء يتفاخرون بأنهم يصورون أغنياتهم في أوربا وآسيا، على الرغم من أن البيئة العربية كثيرًا ما تستهوي صنّاع السينما في العالم كله، فيتخذون من الصحراء والأنهار والمدن والقصور العربية مسرحًا لمشاهد من أفلامهم.

حين نطالع أحد الأفلام العربية القديمة، يبدأ كل منا بالحديث عن شارع هنا، ومدرسة هناك، وجامعة وجسر وحديقة قد اختفت أو تبدلت، وبقي الفيلم المصور وثيقة حية على ذلك المكان.

لماذا لا يقوم الفيديو كليب العربي بهذا الدور؟ سنرى أغنيات في الخليج العربي، بمرافئه وسفنه التقليدية ويخوته العصرية، سنشاهد في المدن المغربية عناق المحيط والبحر والجبل والصحراء، سنتأمل في مصر تاريخًا يتدفق كنهر النيل بين المعابد والسد العالي في الجنوب، والمعالم العصرية في الشمال، وفي لبنان سنحتفظ بذاكرة الجبل والضيعة، مثلما نسجل صورة الصخرة في الروشة، والأمر نفسه في البلدان التي تحيي هذا الفن، بل لعلي أطلب أن يكون هناك شرط لإجازة البث للأغنية أن تتضمن معلمًا تاريخيًا واحدًا على الأقل.

إذا كان «الفيديو كليب» قد غزا الهواتف الذكية، فلنجعل مدننا تغزو تلك المقاطع المصورة، ليرتبط عشاق الموسيقى بالأرض، ويضعوا الوطن بقلب البصر دائمًا. إنها مهمة صناع الموسيقى، أن يكونوا بين سدنة المحافظين على عمارتهم وآثارهم وتاريخهم، وتلك رسالة مهمة بقدر أهمية الحفاظ على التراث الموسيقي نفسه.

---------------------------------------

  • زينة: الكُحل العربي

سهير الشاذلي

يقال: تكحلت وتطيبت بالماء، كأن زينتها الليل، وكأن عطرها هو المطر.

الكحل له عند العرب حيز ومكانه كعنصر تراثي مهم قام بدور مهم في الحياة اليومية للأجداد والآباء ولايزال.

الكحل في اللغة: كل ما وضع في العين يستشفي به مما ليس بسائل.

الكُحْل أو الإِثْمِد حجر يطحن ليستخدم مسحوقه لتكحيل العيون، ويستخدم غالبًا كمادة للتجميل للنساء. وعادة الاكتحال منتشرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا وبعض من أجزاء أفريقيا مما دون الصحراء الكبرى جغرافيًا.

يعود تاريخ استخدام الكحل إلى العصر البرونزي أي حوالي العام 3500 قبل الميلاد. كما أن الكحل كان معروفًا لدى الفراعنة وكانوا يستخدمونه فتظهر عيونهم واسعة وجميلة. ولقد كان لاستخدام الكحل أسباب عديدة، فمنها حماية العين من أشعة الشمس القوية في المناطق الصحراوية والحارة حيث إنه كان منتشرًا لدى البدو. كما أن البعض كان يعتقد أن الكحل يحمي العين من بعض أمراض العين، وكان يوضع الكحل للأطفال حديثي الولادة والأطفال صغار السن، بغض النظر عن جنس الطفل، لتقوية العين أو لحمايتها من العين الشريرة أو الحسد كما يعتقدون. في الوقت المعاصر الكحل يستخدم غالبًا كمادة للتجميل للنساء لكن قد يكون هناك بعض الرجال ممن يضعون الكحل لكن بشكل غير شائع.

تعتبر العين رمزًا لجمال الأنثى من ناحية الشكل، كما أن بريق العين ولمعانها يزيدان من جمال الوجه كما يزين البدر السماء في الليل، لذا كان من الضروري العناية بالعين والمحافظة على بريقها ومعالجة الأسباب التي قد تسبب تشويه هذه النعمة التي حبانا الله تعالى إياها فالله جميل يحب الجمال.

وعلى مر الأزمان والعصور عُرفت المرأة الشرقية بين كل نساء العالم بأنها صاحبة العيون -الكحيلة- المتسعة والأهداب الطويلة شديدة السواد، وهي تزهو بذلك وتفتخر، فنجدها لا تدخر جهدًا في تكحيل عينيها وإطالة أهدابها، لذا تغنى الشعراء بتلك العيون الكواحل وسحرها، واعتبروها مصدرًا للإلهام، ورمزًا للجمال، وأسهبوا في وصفها، هذا السحر لا يكتمل من دون الكحل، فقد تستغني المرأة، خصوصا العربية، عن جميع أدوات التجميل إلاّ الكحل الأسود، الذي مازال صامدًا أمام أقلام الكحل المستوردة الملونة الزرقاء والخضراء.

والكحل مادة من المواد الخام التي يرجع تاريخها إلى العصر الحجري الحديث (5000- 4000ق م).

وقديمًا كان الكحل يدخل في معظم الوصفات الخاصة بالعيون في عهد الفراعنة، كما كان شائع الاستعمال عند العرب رجالاً ونساء.

الكحل العربي (الإثمد)

إذا ما قدر لنا أن نستقرئ شيئًا من التاريخ والمكون العلمي لهذه المادة فسيتبين لنا أن كتب التراث العربي تفرق بين عدة أنواع من هذه المادة فبعضها نسبها في الأساس إلى نوع من خامات النحاس التي تشتهر بلونها الأخضر، وأطلقوا عليها - الملخيت- وذكروا نوعًا آخر من خامات الرصاص اكتشف عقب ذلك ويتميز بقتامته ويسمى -الجالينا (الإثمد) - وهذا النوع الأخير هو الذي أصبحت له السيادة بعد ذلك لفترات زمنية طويلة، حيث صار مادة الكحل الرئيسية التي تستخدمها النساء بينما اختفى استخدام الملخيت.

والإثمد معدن حجري أجوده اللامع ذو التركيب الرقائقي بلون أبيض فضي والهش السريع التفتيت وداخله أملس ونقي.

التركيب الكيميائي للإثمد

الكحل هو المسحوق النقي لحجر الإثمد الطبيعي المكون من مركبات الأنتمون Sb Antimony، ثالث سلفور الانتموان ( الإثمد الأسمر) وخامس سلفور الانتموان - الاثمد الأحمر - فالإثمد من أشباه المعادن ورمزه sb، ويدعى بالأنتمون Antimony. ويوجد في الطبيعة بشكل حر ولكن الأغلب وجوده بحالة - سولفيد - أو- أكسيد - أو- أوكسي سولفيد.

وشكله بحالة - سولفيد- هو المصدر الرئيسي للمعدن، وهو معدن هشّ سريع التفتت، لامع ذو تركيب رقائقي بلون أبيض فضي عندما تكون نقيًا، وبلون سنجابي عندما تكون به شوائب من عناصر أخرى وعندما يُفرك بين الأصابع ينشر رائحة واضحة.

وهناك مركبات أخرى شائعة تستخدم لتكحيل العين غير كحل الإثمد، مثل الهباب الناتج عن حرق الفحم أو الزيت، وغيرها. ولكن الإثمد هو الوحيد الذي لم تثبت التجارب أي آثار جانبية له أو ضارة سواء على العين أو على الجسم.

ولقد عرف العرب الجاهليون الكحل منذ القدم فقاموا بتحضيره بطرق عديدة من سخام دخان ومسحوق احتراق مواد عديدة بمعزل عن الهواء، وقد يمزجون ذلك الكحل بمسحوق الإثمد فيسمى كحل الإثمد، والإثمد حجر يتخذ منه الكحل واسمه العلمي «الأنتموان» يستخرج من آسيا من جبال فارس وأفضله الأصبهاني.

أنواع الكحل

تعج الأسواق بأصناف عديدة من الأكحال كما نعلم، فهناك قلم الكحل الجاف، والماسكرا والكحل العربي (المسحوق).. وغيره.

وقد ظهر الكحل العربي في الجزيرة العربية منذ العصر الجاهلي وهو عبارة عن حجر يؤتى به من المملكة العربية السعودية, ويمر بعدة مراحل قبل أن تكحل به المرأة عيونهاوهو لا يصنع لدى خبراء متخصصين أو في معامل كيميائية معينة, بل إنه كان ومازال يصنع في المنازل وتتوارث طريقة صنعه البنات عن الأمهات والجدات.

وتنقسم أنواع الكحل إلى مجموعتين:

1- الأكحال الزيتية (الصناعية):

وهي مادة سوداء من السناج المتطاير من الفتائل المشتعلة، حيث يجمع ويدخل الزيت والشحم والدهن كمكون أساسي في صنعها.

ومن أكثر أشكال الكحل الصناعي شيوعًا الماسكرا.

2- الأكحال المعدنية (الطبيعية):

ومادتها أحجار طبيعية، تعامل معاملة خاصة من قبل أن تستعمل، وتستخرج من حجر الإثمد أو كحل مكة وهو أشهرها وأكثرها جودة.

ولمعرفة الكحل الطبيعي من المغشوش لابد من التحليل المعملي أو معرفة المصدر.

طريقة صناعة الكحل العربي

يوجد الكحل في الأساس على شكل حجر يطلق عليه - الإثمد - ويعالج بإحدى الطرق التالية:

1- طريقة قديمة: وفيها يوضع حجر الإثمد على الجمر حتى يتفجر ويتناثر منه الحصى الناعم ثم ينقع في خليط من الماء والقهوة العربية لمدة 40 يومًا، ثم يصحن في الهون حتى تتفكك حباته ويتحول إلى مسحوق، ثم ينخل في قماش ناعم وبعد ذلك يعبأ في المكاحل ويكون معدًا للاستعمال.

2- وهناك طريقة أخرى وهي أحدث من السابقة ولكنها لا تختلف عنها كثيرًا، فالكحل يمر خلالها بالمراحل نفسها إلا أنه ينقع في مزيج من الماء وورق الحناء بدلًا من الماء والقهوة.

3- وتوجد طريقة ثالثة وفيها يوضع حجر الإثمد في خليط يطلق عليه «النجعة» مكون من ماء ورد وزعفران أو ماء ورد وماء لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر حتى يلين الحجر، ثم ينتشل من هذا الخليط، ويدق حتى يصبح ناعمًا كالبودرة، ثم ينخل كي يتخلص من الشوائب ويكرر ذلك أكثر من مرة حتى يصبح صالحًا للاستعمال.

ألوان الكحل

قد يتصور البعض أن اسم الكحل لا يطلق إلا على اللون الأسود فقط، ولكنه يطلق كذلك على مواد أخرى ذات اللون البنفسجي والقرمزي والأبيض والأصفر كما توصف الألوان الداكنة دائما بأنها كحيلة اللون أما الكحل الحديث والذي نستعمله الآن فهو مستخلص من أسود الدخان الذي يسمى «السناج» الذي يستخلص من احتراق قشر اللون أو نبات العصفر الذي يزرع بكثرة في الهند.

المكحلة والمرود

يسمي العرب الوعاء الذي فيه الكحل مكحلة لأن ما كان على وزن مفْعَلٍ ومِفْعلةٍ مما يعمل به.. وهو مكسور الميم، مثل: مِخْرَزٍ. ومبضع. ومسلة. ومزرعة ومخلاةٍ. إلا كلمات جاءت نوادر بضم الميم منها مُكحلة التي أجمع أئمة اللغة والمعاجم على أنها الصواب. وتجمع المُكحلة على مكاحل. وهناك الْمِكْحَلُ والمِكْحَالُ: المِرْوَدُ الميل من الزجاج - أو - المعدن يُكْتَحَلُ به.

أي أن المكحلة هي الوعاء الذي تحفظ فيه مادة الكحل وتكحل العين باستخدام - الْمِكْحَلُ أو المِكْحَالُ - مرود صغير من الخشب أو العاج أو الفضة وأحيانا من الزجاج وهذا المرود دقيق الأطراف يبل أولاً بالماء ماء الورد ثم يغمس في مسحوق الكحل، ثم يمرر بين الجفنين وليس شرطًا أن يكون المرود مصنوعًا من مادة الكحل نفسها أو العكس فقد تكون المكحلة مثلاً مصنوعة من العاج في الوقت الذي ينغمس فيها مرود من الخشب، وأحيانا ما تكون المكحلة قد تم صنعها من البلور الصخري، بينما مرودها من الزجاج وقد ينتهي المرود أحيانا بعد سطح الغطاء بشكل طائر أو حيوان أو نبات.

وقد أبدع الصانع العربي المسلم ومازال في ابتكار أشكال عديدة من القنينات الصغيرة المكاحل التي يبدو عليها الدقة والثراء في الصنعة ذاتها وفي تنوع الأسلوب المستخدم. وقد اكتسبت المكاحل أهمية كبرى في العصر الإسلامي من حيث الإضافات الجمالية والفنية التي أدخلت عليها كطابع مميز لهذا العصر والمتمثلة في الزخارف العديدة والعبارات المكتوبة المتنوعة، ويزخر المتحف الإسلامي في جميع البلدان الإسلامية بنماذج وفيرة، منها ما تم تصنيعه من الزجاج أو البللور الصخري أو السن أو العظم، أيضا منها ما هو مصنوع من الخشب أو الفضة أو النحاس.

أول من اكتحل بالإثمد

قيل إن أول من اكتحل من العرب امرأة يقال لها اليمامة- زرقاء اليمامة - حيث كانت نساء العرب يحرصن على العناية بالعين والحواجب والتفنن في كيفية تدقيقها وترقيقها وزيادة مساحتها باعتبار أن ذلك من شروط الجمال الرئيسية تستخدم في ذلك مادة الكحل. وكانت نساء العرب تستخدم الكحل بجانب التجميل للوقاية من عين السوء على حد زعمهم بالإضافة إلى استخدامه لأمور نافعة مثل تحسين حدة الإبصار فقد كان هناك اعتقاد شائع قوي بأن الكحل يساعد على الشفاء من أمراض العيون ويدخل ذلك ضمن مجال الطب الشعبي، وقد أبدع الصانع العربي القديم في صناعة القنينات المكحلة والمرود إلا أنها بقيت بسيطة وبدائية حتى جاء العصر الإسلامي.

الكحل والمكحلة والمرود في العصر الإسلامي

بصفة رئيسية فإن استخدام الكحل أمر مستحب وفقًا للإرشادات والتعاليم السلوكية المعروفة في الدين الإسلامي الحنيف.

وقد قيل: إن نوحًا عليه السلام وقومه كانت قد أظلمت عليهم أعينهم في السفينة من دوام النظر إلى الماء فأمروا بالاكتحال يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي خرجوا فيه من السفينة وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اكتحل بالإثمد لم ترمد عينه أبدًا .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من خير أكحالكم الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر .

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالإثمد فإنه منبت للشعر مذهب للقذى مصفاة للبصر .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتحلوا بالإثمد فإنه يجلو البصر ويجف الدمع وينبت الشعر . وعنه أيضا: عليك بالكحل فإنه ينبت الشعر ويشد العين .

وعن ابن النعمان الأنصاري قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: اكتحلوا بالإثمد المروح فإنه يجلو البصر وينبت الشعر .

ويستحب الاكتحال للرجل والمرأة، والصغير والكبير، ومما يؤثر أن له تأثيرًا حسنًا في صحة الإنسان. وفي الروايات: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يفارقه في أسفاره وغيرها (المكحلة، مضافا إلى المشط والعطر والسواك وما شابه).

---------------------------------------

  • تربية: عقلك الباطن يعمل مثل الكمبيوتر

منى خير

لكل إنسان عقلان العقل الواعي والعقل الباطن، العقل الواعي يستخدم المنطق والاستنتاج ليصل إلى النتائج التى تساعده على اتخاذ القرارات.

العقل الباطن لا يفكر ولا يتصرف ولكن هدفه الأساسي تحقيق الأهداف التي تلقاها من العقل الواعي، لذلك لا يعمل العقل الباطن ما لم نحدد له الهدف أو المشكلة التي يعمل على حلها، وإذا حددنا له هدفًا معينًا مثل الحصول على منزل أو شراء سيارة جديدة.

ويعتبر العقل الباطن الصوت الصامت الذي يتحدث إليك عندما تكون في أمس الحاجة إلى المساعدة, ويكتشف علم النفس التطبيقي وعلم الأحياء أن العقل الباطن يشبه الكمبيوتر، لأن العقل الواعي يوجه وظائف وتصرفات العقل الباطن، وداخل كل إنسان قوة هائلة تعمل أفضل من أكثر أجهزة الكمبيوتر، ولكن ليست هناك مقارنة بين عقل الإنسان وجهاز الكمبيوتر.

كيفية استخدام العقل الباطن لتحقيق الأهداف

بمجرد أن تصدر عن العقل الباطن استجابة ناجحة صحية فإن هذا يعني عن طريق العقل الواعي تخزين هذه الاستجابة ومن ثم يتم تذكر هذه الاستجابة عندما تدعو الحاجة إلى استخدامها في المستقبل، والعقل الباطن غير قادر على إصدار أحكام أخلاقية ولا يستطيع أن يفرق بين الصواب والخطأ أو الخير والشر، ومن المهم برمجة العقل الباطن بأفكار إيجابية تؤدي إلى النجاح وليس بأفكار سلبية مصيرها الفشل.

كيف يمكن لعقلك الباطن حل المشكلات؟

عندما لا تتمكن من اتخاذ قرار أو حل مشكلة معينة يمكنك أن تحولها إلى العقل الباطن حتى يمكن أن يقدم لك الحلول، ويمكنك أيضا التخلص من العادات السيئة مثل التدخين وتناول المشروبات الكحولية، أو التخلص من الوزن الزائد، وأيضًا يمكننا عن طريق العقل الباطن من تحسين علاقاتنا الشخصية مع الآخرين.

التواصل مع العقل الباطن

يمكن التواصل مع العقل الباطن عن طريق تغذيته بالمعلومات وأيضا بإعطائه بعض الوقت لكي يستوعب ما قمت بتخزينه داخله حتى يقوم بإخراج الحلول لكل المشكلات التي قمت بتخزينها، فالمشكلات التي لا يستطيع عقلك الواعي حلها، يلهمك عقلك الباطن وبطرق مبتكرة لحلها، ويكون ذلك عبر الشعور بالثقة والاسترخاء وتعزيز علاقاتك الاجتماعية.

استخدام العقل الباطن الخيال لتحقيق النجاح

جميع الاختراعات، من العجلة وصولاً إلى نظام التحكم المتطور لمكوك الفضاء، على شكل أفكار تقبع في أعماق العقل الباطن. ومن الفوائد التي نحصل عليها من استخدامنا الخيال واكتشاف طرق جديدة أفضل للأداء المطلوب، توفير الوقت والجهد والمال لإيجاد طرق جديدة لتنفيذها، زيادة هامش الربح للمشاريع الخاصة وكسب المال، يمكن الحصول على التقدم لمنصب أرقى في العمل، اكتشاف حلول مفيدة وجديدة للمشكلات الشخصية. وهنا يمكن عدم التفرقة بين التجربتين الحقيقية والخيالية لكي يستجيب العقل الباطن تلقائيًا للمعلومات التي برمجها له العقل الواعي، وعلى الإنسان أن يطلب ليحصل على ما يريد، ويسعى ليجد ما يريد، وإذا تمكن الإنسان من الإيمان بأن كل شيء يمكن تحقيقه فإنه سيحقق ما يريد.

التصور العقلي لبرمجة العقل الباطن

المواقف الحزينة مثل وفاة أحد الإخوة أو الأقارب وإعادة المشهد وتجسيده في العقل والشعور بالحزن المؤثر الذي ينزع الدموع من العيون، هذا ما يحدث عند مشاهدة موقف محزن في فيلم درامي مؤثر، لذا عندما تحدد لعقلك الباطن ما تريده فإن طاقته الإبداعية ستجعله يؤدي مهامه على نحو أفضل مما يمكن لعقلك الواعي أداؤه باستخدام الإرادة القوية. لذا بدلاً من أن تحاول تحقيق أهدافك مستخدمًا العزيمة حول كل الأمور إلى عقلك الباطن، ثم استرخ وتوقف عن القلق والخوف واترك للقوة الإبداعية لعقلك الباطن الفرصة للعمل.

عادة ما يخفق عقلك الواعي في استرجاع ما يريد مما خزن في العقل الباطن وذلك نتيجة أن يكون الحدث محرجًا أو مؤلمًا لعقلك الواعي، أو أن يكون الحدث غير مهم، عندما تتلاحق الأحداث في وقت قصير، ويمكن تحسين ذاكرة العقل الباطن عن طريق: 1 - التركيز على الحدث، 2 - ترابط الأحداث، 3 - دقة الملاحظة.

برمجة عقلك الباطن

1 - الثقة بالنفس وبالقدرات الكامنة فيك والتركيز على مواطن قدرتك وليس ضعفك.

2 - لا تدع الخوف من الفشل يتسرب إلى عقلك وفكر دائمًا في النجاح.

3 - الإيمان والرغبة في تحقيق النجاح هما الطريق للوصول إلى النجاح.

4 - حدد لنفسك خطة وامنح نفسك مهلة لتحقيق هدفك.

إن الدراسات أثبتت أن 95 من كل 100 شخص أخفقوا في تحقيق الأهداف المهمة في حياتهم، لأنهم استمروا في فشلهم لعدم استغلال إمكاناتهم وطاقتهم.

كيف توقف توجهات الفشل؟

لا تدع غيرك يُملي عليك أفكارًا سلبية لتطبيقها عليك، ولا تدع لنفسك هدفًا يفوق حدود قدراتك، لا تقارن نفسك بالآخرين، ولا تكتفي بالتفكير فقط في النجاح ولكن اعمل بجد لتحقيق هذا النجاح.

---------------------------------------

  • تربية: الآباء ورعاية الأطفال من خلال البيانات وتطبيقات الهواتف المحمولة

طارق راشد

منذ اليوم الأول الذي خرج فيه ابنهما إلى الحياة، بدأت مونيكا روجيتي وزوجها في التخطيط بقلق بالغ لحياته، باستخدام الآلاف من وحدات البت من البيانات التي أدخلوها إلى تطبيق الهاتف الذكي, المسمى Baby Connect.

وقد أطلقا على البيانات اسم «الطفل آي/كيو»، في إشارة إلى التعبير المستخدم في الحوسبة الإدخال/ الإخراج. ومن خلال رضعات الطفل (المدخلات)، والحفاضات (المخرجات)، ودورات النوم، وغيرها من الأشياء المسجلة بدقة، أنتج الطفل 300 نقطة من البيانات كل شهر.

قد يبدو هذا بمنزلة الكثير من المعلومات لشخص صغير جدا في السن، لكن هذه المواد القيِّمة النموذجية قد صُممت للتطبيقات بهدف تسجيل كل طرفة عين وتجشؤ وشهيق يحدثه الجنين، على أمل رسم تطوره بمرور الزمن، ومن بين التطبيقات المنافسة لتطبيق Baby Connect تطبيقات أخرى مثل Total Baby وbaby Log وibabylog وevoz وibabylog وevoz، إلى جانب التطبيق الجديد Bedtime App من Johnson s Baby، كما أن هناك برامج معتمدة على الإنترنت مثل Trixie Tracker (على غرار أب مغامر يقوم بدور ربة المنزل ويحمل اسم ابنته).

ومنذ أن طُرح تطبيق Baby Connect في الأسواق عام 2009، سجلت روجيتي وحوالي 100 ألف غيرها من المستخدمين الآخرين ما يقارب 47 مليون «حدث»، بما في ذلك 10 ملايين تغير في الحفاضات (مع شرح بتفصيل دقيق لا يصح ذكره).

يوفر هذا الجيل الأول من التطبيقات الخاصة ببيانات الأطفال الرضَّع للوالدين البارعين في أمور التكنولوجيا بديلًا عن كتابة التغير في الحفاضات أو سجلات التغذية بخط اليد، وبالإضافة إلى ذلك يعد التطبيق ابتكارًا رائعًا في رسم بيانات الأطفال وتحليلها، وهذه العملية تجعل عملية الأبوة أكثر قابليةً للقياس وقائمةً على العلم والمعرفة.

وتستعد الإصدارات المقبلة من تطبيقات بيانات الطفل لإحداث تغيير أكثر دراماتيكية، مما يسمح للآباء بمقارنة أطفالهم بغيرهم من الأطفال بقدر كبير من التفصيل، فبدلًا من النظرات الجانبية الخاطفة في الملعب واستدعاءات طبيب الأطفال، يتسنى للأمهات والآباء بما لديهم من وسيلة جديدة ودقيقة الإجابة على السؤال القديم: هل طفلي طبيعي؟ وهناك أمر لايزال في حاجة إلى معالجة، وهو: هل هذا الكنز من المعلومات الجديدة سوف يقلِّل من مخاوف الأبوة المبكرة أم سيجعل الوالدين أكثر راحةً من خلال السماح بالمقارنات العصبية المستمرة؟

لقد كان من المحتمل أن يقلّل الجيل الأول من تطبيقات البيانات من قلق الوالدين، وذلك من خلال المساعدة على فهم مرحلة الطفولة المبكرة؛ حيث يمكن لأحد الوالدين أن يجد السلوى في رسم بياني يوضح أنماط النوم الناشئة عن عدم الاستقرار في النوم الذي ساد الأسابيع الأولى من ولادة الجنين، فالفرق في مخطط التفريق في تطبيق Trixie Tracker بين نوم طفل يبلغ من العمر شهرًا واحدًا، ونوم طفل يبلغ من العمر ستة أشهر -عن طريق عمل رسم بياني لأوقات البدء في دورة النوم مقارنة بمدة النوم- واضح تمام الوضوح؛ فالصورة الأولى عبارة عن فوضى من النقاط مع فرق بسيط بين النهار والليل، وفي الصورة الثانية، بعد ستة أشهر، يبدأ تجميع النقاط في نمط مطمئن، مع وجود علاقة بين النوم في الليل والفترات الأطول من النوم.

وجاءت المكافأة على جهود روجيتي في إدخال البيانات عندما بدأ ابنها في الاستيقاظ بشكل عشوائي أثناء الليل. فهل كان هذا مقدمةً لدقيق الشوفان، أم كان ذلك بسبب ما يسمى بقيلولة المذنب؟

لم تكن روجيتي متأكدةً، حتى عزلت «متغير دقيق الشوفان»، كما وصفته، من خلال مراجعة رسوم التغذية البيانية ومخططات النوم المجمعة، وفي نهاية المطاف لم تكن راضيةً عن مجموعة البيانات الخاصة بابنها، فالذي تريده حقا هو أن تكون قادرةً على مقارنة ابنها بغيره من الأطفال، وأن تكون قادرةً على تشغيل خوارزمية كمبيوتر مماثلة لتلك التي تشغلها كعالم بيانات في لينكدين، حيث يمكنها التحقق من 150 مليون قاعدة بيانات خاصة بالأشخاص, للإجابة على أسئلة مثل: ما الأسماء الأولى التي ترتبط بحياة مهنية ناجحة؟

ليس هناك وقتٌ ليضيع في الانتظار، لذا تعاونت Evoz مع مصنِّع أجهزة الأطفال الرضَّع Belkin من أجل إنتاج جهاز رصد للرضيع، والذي من المقرَّر أن يُطرح في الأسواق في خريف هذا العام، ومن خلال جمع البيانات المسجلة وإرسالها (بخصوص كل شيء من النوم إلى البكاء) إلى evoz عبر شبكة واي فاي منزلية، سيرفع جهاز الرصد عن الآباء عناءَ العمل الروتيني في تسجيل البيانات يدويًّا، والأهم من ذلك أنه بمجرد أن تصبح قاعدة البيانات كبيرةً بما يكفي، سوف تتيح للآباء مقارنة أطفالهم بغيرهم من الأطفال الرضَّع من العمر والجنس أنفسهما.

وعلى الجانب الآخر يضع صنَّاع التطبيقات الأخرى، بما في ذلك Baby Connect وjohnson s Baby في حساباتهم إجراء تحديثات مماثلة في وقت لاحق من هذا العام.

تصورت روجيتي أن الاستعانة بمجموعة كبيرة من مصادر خارجية ستوفر نظامًا للإنذار المبكر لمساعدة الآباء في تحديد ما هو مألوف وما هو خارج عن المألوف: «إنه في الشريحة المئوية 50، إنه طبيعي جدًّا». أو «يقع هذا في الشريحة المئوية 9.99، قد يكون هذا غير طبيعي». وقد يكون هذا وسيلة، فتقول: هذا أمر واقع، «لتصحيح مسار طفلك بعيدًا عن المشكلات».

---------------------------------------

  • تربية: خمس نصائح لتطوير النمو اللغوي لطفلك

أميرة مصطفى

لعل اللحظات التي ينطق فيها الطفل كلماته ونداءاته المبكرة على أمه وأبيه هي من أسعد الذكريات في حياة الوالدين. وعندما يحرز الطفل تقدمًا في نموه اللغوي، لا يعني هذا شعور الوالدين بالسعادة فحسب، بل يعني أيضًا أن طفلهم أصبح قادرًا على التواصل الاجتماعي بشكل يمكنه من التعبير عن احتياجاته ومشاعره بوضوح.

يتوقف النمو اللغوي للطفل على عوامل عدة, منها العوامل الفسيولوجية مثل جنس الطفل.

فعلى سبيل المثال، فإن البنات يتفوقن تفوقًا بسيطًا على الذكور في المحصول اللغوي وفي صحة بناء الجمل، وفي القدرة على التعبير عن المعاني. وللعوامل البيئية المحيطة بالطفل دور مهم في نموه اللغوي، فزيادة الوقت الذي يقضيه الوالدان مع أولادهما، ومشاركتهم اللعب أو قص الحكايات أو الغناء معهم - مثلاً - يؤدي إلى إثراء قدراتهم على التعبير. كما أن وجود وسائط متنوعة لنقل الرسائل اللغوية مثل الراديو والتلفزيون يثري من محصولهم اللغوي. إن وعي الوالدين بدور العوامل البيئية في الارتقاء بالمحصلة اللغوية سيجعلهم يتابعون التطور اللغوي للطفل، وبالتالي يقدمون له الدعم الاجتماعي الذي يحتاج إليه، مما يدفعه بدوره إلى إتقان الكلام، وإدراك أن الصور البسيطة من الاتصال مثل الصراخ والإيماءات ليست مقبولة اجتماعيًا، وأن عليه أن يستخدم الكلمات في استجابته لأسئلة الآخرين أو تعليماتهم.

من ناحية أخرى، فإن متابعة الوالدين لنمو طفلهم اللغوي يجعلهم يتوقفون عند أول ظهور لاضطرابات الكلام التي تلعب العوامل البيئية دورًا في نشأتها، بل وتطورها للأسوأ. فالتهتهة واللجلجة وإبدال الحروف وكل صور الحبسة التي تظهر عند الطفل في مراحل نموه قد تظل كما هي بمرور الوقت، ما لم تُبذل جهود علاجية مبكرة لتصحيحها.

إن نجاح الوالدين في جعل المنزل بيئة تعليمية سليمة وممتعة هو العامل الحاسم في نمو قدرات أطفالهم اللغوية. ولا تتطلب تنمية القدرات اللغوية مجرد التدرب على استخدام الكلمات فحسب، بل تعتمد أيضًا على الربط بين استعمال هذه الكلمات من ناحية ومختلف الوظائف الذهنية من ناحية أخرى. وسوف أقدم فيما يلي خمسة أنشطة لتنمية القدرة اللغوية للطفل تعتمد على التكامل بين الوظائف الذهنية:

1 - إعادة صياغة كلام الطفل باستخدام المفردات نفسها التي قالها. فعلى سبيل المثال، عندما نسأل الطفل: ماذا يحدث للطعام في المبرد؟ ويرد الطفل بأن الطعام يصبح باردًا، يمكننا الرد عليه: هذا صحيح، يصبح الطعام باردًا في الثلاجة. إن تكرار العبارات يساعد الطفل على النمو الفكري، إذ إنه يسمع الكلام مجددًا فيرسخ في عقله وبتنويعات مختلفة.

2 - شجعوا أطفالكم على النظر إليكم دون إجبار عندما تتحدثون معهم، حيث يساعد هذا على شعورهم بالراحة، ومن ثم يسهل التفاعل اللغوي، ليس معكم فحسب، بل مع الآخرين في حياتهم الاجتماعية.

3 - اسألوا طفلكم عن تجاربه اليومية، فقد يتحول أي سؤال إلى حوار ممتع بين أحد الوالدين أو كليهما مع الطفل. قد تسأل الأم طفلها مثلا: هل تريد تناول البطاطس أم البيض؟ فإذا رد الطفل: أريد البطاطس. تسأل الأم مثلا: هل تحب البطاطس أكثر من البيض؟ فإذا أجاب بنعم، يمكن تقديم سؤال آخر عن سبب حب البطاطس أكثر من البيض.. وهلم جرا. إن هذه الأحاديث القصيرة، تعزز نمو الأقسام اللغوية في الدماغ، كما أنها تصبح أحاديث أطول مع الوقت.

4 - تشجيع الأطفال على استخدام الكلمات منذ الصغر. إن تلبية الوالدين لاحتياجات أولادهم عندما يكتفون بالإشارة إليها دون استخدام الكلمات، لا يحفز الأطفال على استخدام الكلمات في المواقف التالية، طالما أن ما يحتاجون إليه سوف يحصلون عليه بسهولة ودون مجهود. فالطفل الذي يشير إلى فمه أو إلى المطبخ تعبيرًا عن حاجته إلى الطعام، سوف يكون من الأفضل ألا تحضر له الأم طعامه مباشرة. بل إن حوارًا صغيرًا يتناسب مع عمر الطفل قد يكون مفيدًا ومثيرًا للطفل نفسه، إذ يمكن أن تقول له الأم حين يشير إلى الثلاجة: هل أنت جائع؟ فإذا أجاب بنعم، يمكن أن تقول له: إذن أنت تحتاج إلى الطعام، ثم تُمسك بيده وتقول له: هيا نذهب إلى المطبخ، ونحضر الطعام، علينا أولا أن نحضر الطبق، هيا أمسك الطبق من فضلك، ثم نضع فيه الأرز ونحضر ملعقتك الخاصة. وهكذا من الممكن أن يتحول كل موقف صغير إلى حوار يدور بين الأم وطفلها بهدف تنمية حصيلته اللغوية.

5 - استخدام أوراق لاصقة أو قطع من الكرتون لكتابة أسماء الأشياء على ما يوجد في أرجاء المنزل كالطاولة والكرسي والباب والنافذة والألعاب. ومن الممتع أن تصبح عملية وضع الأسماء على الأغراض لعبة يشترك فيها الأبناء. من الممكن أن تخبروه شفهيًا بالأسماء، بينما يقوم الطفل بلصقها في الأماكن المناسبة وعند إنجازه المهمة قوموا بتهنئته، وتصحيحه عند الحاجة، ثم اطلبوا منه جمع الأوراق وخلطها ثم معاودة اللعب. كلما تحسنت مهارات الطفل اللغوية يصبح بإمكانكم إضافة أوراق لأشياء جديدة.

---------------------------------------

  • طب: سيكولوجية للمرأة العاملة

د. حسن ود تليب

لقد أسهم علم النفس لاسيما الإكلينيكي إسهامًا واسعًا في فهم وحلّ الكثير من الأزمات والتوترات النفسية التي تقف في طريق الفرد وتؤرق حياته؛ فالمعطيات الجديدة لعلم النفس الحديث اعتمدت على تكامل تحليل جنس النسوة في إطار البحوث النفسية، وقد برزت الحاجة إلى التحليل النسوي في علم النفس أواخر الستينيات؛ وذلك عندما بدأ أولئك الذين أسهموا في الحركة النسوية يعانون من التمييز الاجتماعي لدور الجنس (النوع) في تطوير سلوكيات المرأة والرجل، تلك السلوكيات التي كانت فطرية الطابع وذات أساس بيولوجي.

وقد رفع أولئك الذين دعوا إلى المساواة بين قدرات المرأة والرجل العديد من الدراسات السيكولوجية والبحوث التجريبية والتي من خلالها ظهر ذلك الفرع الجديد من فروع علم النفس، وهو: علم النفس النسوي (Feminise Psychology)، الذي أظهر أن في مقدوره أن يقدم خدمات جليلة في مضمار رفع الظلم عن النساء... وقد أكدت نتائج الكثير من البحوث والدراسات التي أجريت، أن التمييز القائم على أساس الجنس تترتب عليه ردود أفعال مرضية (باثيولوجية) لدى النساء وهذه الأفعال تأخذ شكل اضطرابات نفسية وعقلية.

لقد كان للتغيرات الأيديولوجية والتكنولوجية التي غطت العالم من أقصاه إلى أقصاه، الدور الكبير في تغيير نمط تفكير النساء في العالم أجمع، الأمر الذي حدا بالنساء إلى النزول إلى ساحات العمل بجانب الرجل، حيث نجد أن الدافع الاقتصادي يحتل المركز الأول والرئيس لخروج المرأة العاملة، إذ إن الشباب قد أحجموا عن الزواج خشية من مجابهة متطلباته ولضيق ذات اليد لدى الكثيرين منهم، وكان عمل المرأة هو الحل لهذه المشكلة. وقد أكدت بعض الدراسات أن المرأة قد خرجت للعمل بدافع اقتصادي: ففي استفتاء أجرته على 3800 امرأة ثبت أن 75 في المائة من هذا العدد يعمل من أجل مساعدة الأسرة. كذلك تبين من دراسة (هير) عام 1958م أن نساء الطبقة الدنيا يعملن من أجل الحصول على المادة.

أما الدافع الثاني فقد كان لدعاة تحرير المرأة والمنادين بمساواتها وتعليمها أيضًا لكي تخرج المرأة للعمل.

كذلك من الملاحظ أن الثورة الصناعية قد ساعدت في تخفيف ثقل العمل، حيث أصبح لا يتطلب الجهد البدني العنيف الذي كان يقتضي وجود الرجل دائمًا، وبجانب ذلك صاحب هذه التقنية الصناعية ندرة في وجود الرجال الذين أهلكت الحروب الكثيرين منهم، الأمر الذي جعل أصحاب المصانع يلجأون إلى عمالة النساء والتعويل عليها في أغلب الأحيان، لاسيما أنها تتميز بقلة التكلفة والسبب في ذلك يعود إلى أن الأيدي العاملة من النساء رخيصة الثمن.

يضاف إلى هذه الأسباب ظهور بعض الوعي الدولي عندما أصدرت الأمم المتحدة قانون حقوق الإنسان الذي أزال الفوارق بين الذكور والإناث وأتاح الفرصة كاملة أمام تعليم النساء والالتحاق بالعمل، وعلى إثر ذلك اتخذت كثير من المنظمات والهيئات النقابية والعمالية العديد من الإجراءات القانونية للحصول للمرأة على أجر متساوٍ مع الرجل في الأعمال المتشابهة.

هذه الأسباب مجتمعة وغيرها من الأسباب هي التي دفعت بالنساء إلى العمل.

ولكن الحقيقة الكامنة في أعماق النساء وفي دواخلهن تشير إلى أنهن قد تجاوزن تلك الأسباب الاقتصادية والمادية إلى مرافئ أرحب من ذلك المفهوم الضيق الذي ينحصر في الكسب المادي، إذ أصبحن يبحثن عن الذات وتحقيق الطموح والمنافسة انطلاقًا من عوامل نفسية بحتة تدفعهن للوصول إلى المناصب العليا، الأمر الذي يلعب دورًا في تحقيق أهدافهن مما يساعدهن على الاستقرار النفسي ويرفع من معنوياتهن على الدوام. إذن فالنساء لم يعدن ماديات التفكير وإنما صرن ينظرن إلى الجانب المشرق من العمل لما فيه من الإيجابيات.

لقد وفر العمل للفرد مكانة اجتماعية، وهي التي تفسر لنا سلوك العاملات في مصنع كان يحيل عاملاته للتقاعد المعاشي في سن الخامسة والخمسين من عمر العاملة مع معاش سخي، فقد لوحظ أن كثيرًا من أولئك العاملات يقفن على أبواب المصنع كل مساء في انتظار صديقاتهن من العاملات عند الخروج من المصنع، كما كن يشاركن في كل المناسبات الاجتماعية التي تجري في المصنع أو تحدث لزميلاتهن السابقات، وأيضًا عندما تسنح الفرصة لأداء عمل إضافي لبعض الوقت فهن دائمًا على استعداد للانخراط فيه عن طيب خاطر دون النظر للعائد المادي.

ولا يعني لجوء بعض النساء إلى العمل الإضافي أنهن في حاجة للمال إذ لم ينحصر عمل النساء في العمل الرسمي الذي يعود عليهن بالكسب المادي، وإنما لجأن إلى العمل الطوعي. مما يؤكد أن الدافع للعمل ليس المال وإنما تجنب الوقوع فريسة للشعور بالتعطل المهني والوظيفي الذي يشعر الذات بالحرمان من كل عمل كانت تقوم به، وكان يشعرها بالقوة والقدرة على الإنتاج.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد من الشعور والإحساس القاتل بل يتعداه إلى ظهور الكثير من أعراض الاضطرابات النفسية والعصبية أيضًا، بعد انفصال الفرد عن مجتمعه العملي الذي كان يشكل له الأمان والاستقرار النفسي والمادي.

ولا يعني هذا أن العمل لا يتسبب في بعض الضيق أو النفور، غير أن هذا التبرم يرجع في الغالب إلى عدم التوافق المهني ليس إلا، بل يمكن القول إن مثل هذه المواقف ترجع في الأساس إلى حياة الفرد في فترة ما قبل العمل، ولا يمثل العمل هنا إلا القشة التي قصمت ظهر البعير. وهي من الأزمات التي يسهل علاجها في مجال علم النفس.

التوتر النفسي لدى النساء العاملات

إذا كان الرجال يعانون من ضغط العمل والتوتر الناجم عن إيقاع الحياة السريع والمنافسة الشريفة وغير الشريفة؛ فإن العديد من النساء يعانين من مثل هذا الشعور مرات ومرات، إن كن ممن يعملن خارج المنزل؛ وذلك لأن النساء في كثير من الأحيان - إن لم يكن في معظمها - مطالبات بالتوفيق بين مسئولياتهن في العمل والمنزل معًا، وكأن هناك شرطًا ضمنيًا وغير معلن يسمح لهن بالخروج للعمل خارج المنزل، والشرط هو أن تتحمل تبعات العمل وأن تكون أهلًا للتحدي الملقى على عاتقها، وهذا هو ما تقوم به الكثير من النساء العاملات اللائي يأخذن الأمر على محمل تحقيق الذات، الأمر الذي يتسبب لهن في خلق نوع من التوتر والتأزم النفسي الناجم عن ضغوط العمل، وقد ينعكس كل ذلك سلبًا على الصحة الجسدية والنفسية معًا.

وقد أثبتت عدة أبحاث أن التوتر والقلق يتسببان في تهيئة المناخ الملائم للصداع وارتفاع ضغط الدم، مما قد يؤدي إلى إضعاف جهاز المناعة ويجعلهن عرضة للأمراض العضوية والنفسية كالاكتئاب مثلًا.

وفي كثير من الأوقات نجد أن النساء العاملات يعانين من التوتر وعدم الاستقرار النفسي وهو ما يؤدي إلى سوء التوافق، وقد يعود هذا التوتر إلى عوامل تختلف من مجموعة إلى أخرى، منها أن النساء قد يلجأن إلى مهن:

1 - لا تتوافق وميولهن النفسية أو رغباتهن.

2 - لا تتفق مع تكوينهن البيولوجي من حيث التكوين الجسدي.

3 - تؤدي بهن إلى الحرمان من أداء وظيفة الأمومة، وهي أمر حيوي وجوهري لدى كل أنثى.

مثل هذه الأسباب وغيرها هي التي تبرز الصراع النفسي الحاد بين مغريات الحياة خارج المنزل وحنينها وشوقها إلى تلبية حاجتها الغريزية كزوجة وأم، الأمر الذي ينعكس سلبًا على حياة النساء العاملات ويتسبب لهن في خلق نوع من عدم الاتزان الانفعالي، فقد أجريت دراسات وبحوث نفسية على العديد من العاملات في الولايات المتحدة، مما دلل على أن النساء العاملات أبعد ما يكن عن الاتزان الانفعالي مقارنة بالرجال العاملين؛ إذ إن الصراع بين البيت والعمل يشكل تأزمًا نفسيًا لدى النساء العاملات، في حين أن الرجل لا يعاني من مثل هذا النوع من الصراعات النفسية وهو صراع له الأثر العميق في نفس المرأة مما ينعكس سلبًا على تكوين شخصية المرأة في أغلب الأحيان. وفي حين لا يشكل الزواج أي عائق لدى الرجل، بل ربما شكل له حافزًا يساعده على التقدم، نجد أن الزواج لدى المرأة العاملة يمثل عقبة كأداء أمام طموحاتها وأحلامها أو على الأقل يقلل من تلك الطموحات والأحلام حيث يصعب الجمع والتوفيق بين تلك الآمال والغرائز والحاجات الطبيعية لكل أنثى، وعند هذا ينشأ الصراع والتأزم النفسي.

لقد انعكس العمل على شخصية المرأة العاملة سلبًا وإيجابًا فهي لا تستطيع أن تعود إلى المنزل وفي الوقت ذاته يصعب عليها التوفيق بين الأمرين، وهذا هو السبب الرئيس في شيوع التوتر وعدم الاستقرار النفسي، أي هو نوع من عدم الاتزان الانفعالي يسود بين النساء العاملات أكثر مما يسود بين أشقائهن من الذكور، وقد كان لهذا الأثر البين على الأسرة وتكوينها من حيث العدد والأساليب التربوية، والعلاقة بين الزوجين... إلخ. إذ تبين من بعض البحوث والدراسات التي أجريت بين أسر النساء العاملات أن أزواج العاملات يقومون بنسبة أعلى من الأعمال المنزلية، مقارنة بأزواج النساء غير العاملات. أما بالنسبة لأبناء النساء العاملات فقد أوضحت الدراسة أنهم يساعدون كثيرًا في الواجبات المنزلية. كذلك أظهرت الدراسة أن النساء العاملات يحددن حجم الأسرة على حسب خطة موضوعة مسبقًا.

---------------------------------------

  • ديكور: 7 أفكار لديكور المناسبات السعيدة

إقبال محمد فريد

تمر علينا مناسبات سعيدة نهتم بالاحتفال بها، عيدا الفطر والأضحى، أعياد الميلاد، والمناسبات التي توثق لمرور السنوات على الزواج، فضلاً عن الاحتفالات بالترقية في العمل، والعودة من السفر، والشفاء من المرض. ربما يكون من الأنسب التخطيط لترتيب ديكور الحفلة التي يتم الإعداد لها، حتى لا تحول تنظيم البيت إلى فوضى، ولكي لا تترك آثارًا مدمرة على البيت ومقتنياته.

أولاً: الفكرة

يبدأ التخطيط للحفل باختيار فكرة، أو ثيمة، فالطفل الذي يحب شخصية معينة يمكن أن يسعده أن تتصدر صورة كبيرة لتلك الشخصية، أو أن يرتدي أحد المحتفلين دمية كبيرة الحجم، وأن تكون المناديل الورقية، والأطباق البلاستيكية، والقبعات المزينة، تحمل صورة تلك الشخصية، والأمر نفسه ينطبق على ثيمة العائد من السفر، أو الاحتفال بمرور اليوبيل الفضي على الزواج، حيث يمكن تكبير إحدى الصور لتكون مصدر الاهتمام، وتصلح كخلفية للصور الجماعية.

ثانياً: البالونات

بالرغم من أنها زخرفة تقليدية، إلا أن البالونات هي الوسيلة الأكثر لتزيين الحفلات. يمكن اختيار لونين يمثلان الصوت والصدى كالأزرق والأبيض أو الوردي والأبيض أو الأحمر والأبيض. بعض البالونات تطبع أو تكون جاهزة بعبارة معينة. كثرة البالونات يمكن أن تسبب إرباكا في الحركة، لذلك إما أن تكون معلقة وإما أن تحتل الأركان.

ثالثاً: اللافتات

بعد سنوات طويلة من احتفال ما، تصبح الذاكرة غير قادرة على استدعاء المناسبة، هنا يبرز دور اللافتة التي تمثل نوعا من «الكتابة على الصورة» خاصة بعد أن أصبح تصفح الصور رقميًا. تحمل اللافتة رسالة وتاريخًا، ويمكن أن تكون على الجدار أو بمدخل الباب، أو أن تكون مثل إطار بالمكتبة.

رابعاً: الكعكة

كعكة عيد الميلاد ستحمل عبارة مختصرة، وحجمها سيكون إشارة إلى حجم المشاركين في الاحتفال. يجب أن يكون هناك مكان للكعكة قبل التصوير وبعده، وخاصة بعد إطفاء شموع عيد الميلاد، ليتم نقلها إلى المكان الذي تقطع فيه وتوزع مع باقي المأكولات والمشروبات. وجود زجاجات صغيرة من المياه الباردة فكرة جيدة جدا، ولا سيما خلال الطقس الحار.

خامساً: الدعوات

لا يهتم الكثيرون بالدعوات المطبوعة المرسلة لحضور الحفلات والمناسبات، وربما يكتفون برسالة مختصرة عبر الهاتف، أو مكالمة، أو نشرة خاصة، أو دعوة جماعية عبر لوح الإعلانات، خاصة بالمكاتب ومقار العمل، لكن تلك الدعوات المطبوعة، حتى بأعداد قليلة على طابعة البيت، يمكن أن تكون جزءًا من الديكور، وإشارة موثقة للتاريخ، ويتم تكبير الدعوة الأساسية لتكون في زاوية من المكان.

سادسًا: صندوق الهدايا

تخصص طاولة مناسبة عليها مفرش مبهج، أو يوضع صندوق كبير، مزخرف، في حال توقع مجيء الحضور بالهدايا. ويحرص صاحب الحفل على معرفة صاحب كل هدية، وهي غالبا ما تكون مزودة بالأسماء، ويأخذها من يده ليضعها في مكان يحرص على ألا تقع أو تنكسر. بعض العادات الغربية تفرض فتح الهدايا في أعياد الكريسماس على سبيل المثال، ولكن يمكن أن يكون ذلك غير مرغوب لدى البعض حتى لا تتم المقارنة.

سابعًا: أماكن الجلوس

أهم ما في الحفلات الجماعية هو توفير أماكن جلوس كافية، تأكد من كتابة اسم كل ضيف مدعو، حتى تعرف كم عدد الكراسي، وكمية الطعام ويمكن تقسيم أماكن المقاعد إلى مجموعات: بالشرفة، بالمكتبة، قرب الباب، بالقاعة الرئيسية، مع إتاحة مساحة كافية أمام الجدار الذي يحمل اللافتة، أو توضع أمامه الكعكة من أجل الصور التذكارية، وكل عام وأنتم بخير.

---------------------------------------

  • مكتبة: «من الصومال مع حبي» نعيمة بي روبرت.. وقصصها الأخرى

سناء محمود

امرأة جنوب إفريقية من عائلة متعددة الأعراق نشأت في زيمبابوي، قبل أن تهاجر إلى بريطانيا، للدراسة. في عامها الجامعي الثاني، تحولت إلى الإسلام، وتزوجت في السنة التالية. بعد التخرج، انتقلت إلى جنوب لندن عام 2000 لتبدأ التدريس في بريكستون، ثم بدأت التدريس بالبيت، بعد ولادة ابنها، وشيئًا فشيئًا أحست أنها لا تجد الوقت الكافي لتربيته، فبدأت حياة أخرى، حيث بدأت كتابة القصص والقصائد للأطفال، وإرسال تلك الكتابات للناشرين واختارتها عدة دور نشر متعددة الثقافات قبل أن تلتقي وكيل أعمالها الأمريكي وولدت فكرة كتابها الأول عن الإسلام.

إنها الكاتبة نعيمة بي روبرت.

قبل نحو خمس سنوات قررت نعيمة بي روبرت الانتقال إلى مصر، وهو الوقت نفسه التي بدأت تجربة التخطيط لإصدار مجلة (Sisters) في المملكة المتحدة، تعود إلى هناك، وتلتقي مجموعة من الصوماليين، يكونون نواة لكتابها «من الصومال مع حبي».

تكتب نعيمة بي روبرت عن القضايا التي تهم الأطفال والشباب، فهؤلاء هم من تتوجه إليهم، وكان كتابها «كما حكت أخواتي»، بمنزلة سيرة ذاتية لحياتها في زيمبابوي. وشعار مجلة «شقيقات» كوني جميلة، جريئة، مشرقة، ولكن تحجبي حين تنطلقين للشارع!

تقول نعيمة بي روبرت إن الأطفال في الغرب مدفوعون للقراءة، وهم يقرأون «هاري بوتر»، وروايات مصاصي الدماء، والأعمال الرومانسية، لكن المراهقين من الفتيات والفتيان المسلمين لا يجدون شيئًا مناسبًا. إن قضايا تكوين الذات التي تبدأ بين سن الثالثة عشرة والسادسة عشرة تحتم وجود ما يرشد هذه الانفعالات الحسية، وهو ما لا يكون متاحًا في الغرب حيث تغذي الكتب المتوافرة رغبات هؤلاء بطريقة غير صحية. تقول نعيمة بي روبرت: «نحن بحاجة إلى توخي الحذر من الرسائل التي يجري تصويرها للفتيات الصغيرات».

تهتم الكاتبة بالقضايا اليومية للأطفال المسلمين، مثل علاج الهوة بين الأجيال، والخلافات الثقافية بين الأم والطفل، والتفكير بين الآباء والأبناء والفصل بين الجنسين، والثقافة غير الإسلامية. وهي ترى أن المرأة التقليدية تكتفي بدور الرعاية، ولكن على الأم اليوم الاتصال بحياة أطفالها، في المدرسة، ومع الأصدقاء، وعلى الإنترنت، ليكون ذلك جزءًا من دور الأم.

تبدأ كتابها «قمر رمضان» بقصيدة عن شهر رمضان المبارك، «شهر الصيام، الذي لا يبدأ دفعة واحدة، بل يهل مع الهمس والصلاة والدعاء». ويقدم الكتاب صورة لاحتفال المسلمين في جميع أنحاء العالم بقدوم رمضان وبعده الفرح بعيد الفطر، في صورة غنائية وملهمة تجسد الإعجاب والفرح بهذا الحدث السنوي الكبير، من وجهة نظر الطفل، فالكتاب موجه للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وثماني سنوات، ومزين برسوم مستوحاة من الفن الفارسي، ويتسلسل مثل قصة ميلاد الهلال الجديد، وتحوله بدرا، ثم تضاؤله لتبدأ بشرى العيد مع أول نظرة للقمر الجديد.

---------------------------------------

  • مجتمع: ظاهرة العنوسة في مصر والعالم العربي

فاطمة حامد الحصي

فى مصر والعالم العربي: جرب أن تتلفت حولك، تنظر إلى نساء أسرتك الصغيرة، أو عائلتك الكبيرة، واسمح لي أن أطلب منك أن تعد الفتيات اللاتي لم يتزوجن بعد، بالرغم من وصولهن إلى سن الثلاثين.

والآن: هل أدركت أن مشكلة العنوسة مشكلة حقيقية وأن هذه المشكلة مشكلة عامة؟ تدركها كل فتاة عربية في الجزائر، في تونس، في سورية، في السعودية؟ هل أدركت الآن أن هذه المشكلة ليست مشكلة أختك فقط (ذات الملامح غير المبهرة) أو بنت عمك أو خالتك التي لم (تتلحلح) كما يقولون - في مصر - في عملها أو كليتها حتى تستطيع كسب ثقه رجل ما لكي يتقدم إليها ويطلب يدها ويتزوجها؟! هلا أدركت الآن أن هذه المشكله ليست مشكلة فردية بل مشكلة مجتمعية عامة لا يد لأختك أو خالتك أو بنت عمك أو بنت خالك فيها.

آه... كم ظلمنا بناتنا بهذه الاتهامات، وكم قسونا عليهن باتهامات هن منها براء... وإليكم الأسباب:

  • في مصر أظهرت دراسة الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن عدد من وصلوا إلى سن الخامسة والثلاثين دون زواج بلغ تسعة ملايين شخص، منهم ما يزيد على ثلاثة ملايين امرأة وستة ملايين رجل.
  • أما في السعودية فقد أظهرت إحصائية وزارة التخطيط أن عدد النساء اللاتي بلغن الثلاثين دون زواج وصل إلى مليون و90 ألفًا.
  • الإحصائيات الرسمية الجزائرية تؤكد أن نسبة النساء العازبات بلغت 51 في المائة من إجمالي عدد النساء، من بينهن أربعة ملايين فتاة لم يتزوجن رغم تجاوزهن الرابعة والثلاثين عاماً.
  • كما أن هناك 50 في المائة من الشباب السوري عازبين، و60 في المائة من الفتيات السوريات عازبات، والنسبة الكلية في الأردن نحو 55 في المائة ممن بلغوا سن الزواج.

نسبة العازبين بلغت 20 في المائة في كلٍّ من السودان والصومال، وفي العراق 85 في المائة ممن بلغن سن الزواج وتجاوز عمرهن الخامسة والثلاثين بسبب العيش في ظلال الاحتلال.

  • نسبة العازبات في البحرين أكثر من 20 في المائة، وفي الكويت 30 في المائة، وأن 35 في المائة من الفتيات في كل من الكويت وقطر والبحرين والإمارات بلغن مرحلة العنوسة أو (اليأس من الزواج)، وانخفضت هذه النسبة في اليمن، بينما بلغت 20 في المائة في كل من السودان والصومال، وبلغت10 في المائة في كل من سلطنة عمان والمملكة المغربية، وكانت في أدنى مستوياتها في فلسطين حيث لم تتجاوز فتاة واحدة من بين كل مائة فتاة.

وتعود هذه الظاهرة وتفشيها في العالم العربي ومصر على وجه الخصوص إلى أسباب معقدة ومتعددة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

  • الانبهار الثقافي بالغرب ونشر ثقافة رفض الزواج المبكر واعتبارها أضحوكة أو وصمة عار في جبين المجتمعات العربية على الرغم من أن الغرب الذي صّدر لنا هذه الأفكار يبيح العلاقات الجنسية المفتوحة، فإذا ما رفعنا سن الزواج في العالم العربي ورفضنا فكرة الزواج المبكر فإننا أجرمنا في حق أبنائنا وشبابنا بالدعاية لمثل هذه الأفكار حيث لا يمكننا إباحة العلاقات الجنسية قبل الزواج نتيجة التزامنا بمبادئ وقيم الدين الإسلامي وحدوده المعروفة لكل من انتسب إليه.
  • التحقير الإعلامي لفكرة الزواج بصفة عامة سواء كان ذلك في الأفلام العربية أو المسلسلات المختلفة أو حتى في الإعلام الغربي.
  • كما أن الإعلام يلعب دورًا مختلفًا في أحلام الفتيات بالحب الرومانسي أو بالفارس التي غالبًا لا تتيحه ظروف الانغلاق بالمجتمعات العربية...فكيف لفتاة لا تتعامل بشكل مباشر مع الرجال - اللهم إلا في أضيق الحدود - أن تقع في حب شخص واختياره كزوج؟!
  • يجب ألا نغفل أيضًا اتجاه الأسر في الوطن العربي إلى المغالاة بشكل كبير في الاشتراطات لقبول زواج ابنتهم من شخص ما، والذي غالبًا ما يبررونه بأنهم أنفقوا كل ما يملكون على الفتاة وليس من السهل التنازل عن الشروط الأساسية المطلوبة لزوج يصلح لهذه الفتاة.
  • الغلو في أمور كثيرة يعد أمورًا فرعية مثل الشبكة، ومكان حفل الزفاف وعدد المدعوين.. إلخ.
  • حرص الأسرة العربية على تعليم بناتها والوصول بهن إلى الدرجات العلمية التي قد تصل في بعض الأحيان إلى الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، ما يجعل من الصعب على الأسرة بل والفتاة ذاتها القبول بمن هو دون مستواها العلمي على الرغم من إمكانية أن يكون لدى هذه الفتاة ميل عاطفي نحو هذا الشخص، وهذا شيء نلمحه في مصر بشكل شبه دائم.
  • ارتفاع أسعار الشقق والبيوت في الوطن العربي مما يجعل الشاب المقبل على الزواج يفكر أكثر من مرة في الدخول في هذه الدوامة من التكاليف التي لا تتناسب مع شباب في مقتبل العمر.
  • اهتمام نسبة كبيرة من الأمهات بأن يكون المتقدم للزواج من بناتهن ثريًا وذلك حتى تضمن لهن الراحة والرفاهية التي تحلم بها لهن.

- يجني الأبناء أخطاء مجتمعهم سواء المتمثلة في غلو الحياة المعيشية من مأكل ومشرب وتعليم وملبس... إلخ، أو ارتفاع أسعار المنازل وإيجار الشقة التي قد تكون صغيرة في المساحة، وشديدة البساطة في الموقع وأشد فقرًا في الأثاث، وبالرغم من ذلك فهي صعبة المنال، ويُحرمون من تكوين عش الزوجية الذى لطالما حلموا به وهم صغار.

فهل سنستسلم ثقافيًا وماديًا أمام مثل هذه المشكلة التي تتآكل معها المجتمعات العربية وتؤدي بشبابنا إلى الدمار النفسي والمعنوي وتؤدي به أيضًا إلى الاستسلام للواقع المرير والبطالة؟

في رأيي, أجد أن تكوين الأسرة يدفع الشاب إلى العمل بدافعية أكبر وإلى الطموح بشكل واسع من أجل الانتقال بأبنائه إلى طبقة أعلى في المجتمع، فالأسرة هي الدافع الأول للشاب لكي يتدرج وظيفيًا وعلميًا وثقافيًا.

وفي الحقيقة أن هناك عدة دعوات إلى محاربة ظاهرة العنوسة في العالم العربي فنجد العديد من الشباب والشابات قد أطلقوا حملة على الفيسبوك تحت شعار «جوزونا» تهدف إلى القضاء على العادات التي تعقد الزواج.

كما أسس بعض الشباب رابطة اجتماعية تابعة للحملة اسمها «رابطة كارهي النيش»، والنيش: قطعة أثاث تحمل العديد من المقتنيات الباهظة الثمن، وغير الضرورية.

وقد دعا الباحث السعودي د. عبدالرحمن الصايغ إلى تبني مشروع وطني للتصدي لهذه الظاهرة باعتبار أنها أزمة، ليس على المستوى المحلي وحده، بل على مستوى العالم العربي والإسلامي. وقد أكد الباحث الاجتماعي في دراسته «الزواج من أجل الحياة» على أن القضاء على العنوسة يحتاج إلى حلول إجرائية واضحة، منتقدًا الدراسات التي تقتصر على نصائح عامة.

وترتكز فكرته على أن تقوم كل دولة عربية إسلامية تعاني من هذه المشكلة بتأسيس لجنة وطنية ترتبط بها لجان محلية في كل مدينة ومحافظة ومنطقة ريفية، تكون بمنزلة أذرع للجنة الوطنية التي تُفعل تنفيذ هذا المشروع، وأن يكون أعضاء تلك اللجان من القيادات الاجتماعية في مجتمعاتهم رجالاً ونساءً، ممن لهم تأثير وكلمة مسموعة في مجتمعهم المحلي، وممن عرفوا بالصلاح وحب الخير للمجتمع.

ويهدف المشروع إلى تحريك الآلاف من الرجال والنساء للتطوع من أجل الإسهام في حل أزمة العنوسة، من خلال أهداف واضحة وجداول أعمال ومهام محددة ومخطط لها وحاصلة على الموافقة الرسمية.

ولعلي أرى أن ندعو إلى مؤتمر لمناقشة ظاهرة العنوسة من كل جوانبها، على أن يشارك في هذا المؤتمر كل الباحثين الاجتماعيين والتربويين وعلماء النفس وعلماء الدين.. إلخ، وذلك لمناقشة هذه الظاهرة والوصول إلى أسبابها الخفية وطرق علاجها في المجتمعات العربية بصفة عامة وكل مجتمع بشكل خاص، على أن تتاح المشاركة للمجتمعات التي توصلت إلى حلول جذرية في علاج هذه الظاهرة.

---------------------------------------

  • مساحة ود: كلُّنا مُقصّرون!

حنان بيروتي

اليوم وأنا أرتّب مكتبتي عثرتُ بين صفحات أحد الكتب على بطاقة زرقاء اللون يدوية الصّنع، لهثَ قلبي وأنا أقلّبها، صنعتَها يداك الصغيرتان ذات عيد أمٍ قريبٍ بعيد، رسمت على أحد وجهيها قلوبًا ملونةً وعلى الجهة المقابلة «ماما أحبكي» كتبتَها بخطٍ متعرِّج وبخطأ إملائي، لكنّها بالنّسبة لي أجمل من لوحة الموناليزا فنًا وإتقانًا، ياه... تذكّرني وتحملني على أجنحة الصّور التي باتت بعيدة، أم صغيرة حولي أطفالي، تأتيني البطاقات فأضعها هنا وأضيّعها هناك، لم أدرِِ كم هي ثمينة إلا بعد مرور السّنوات وتغيُّر دفة العمر، أجدني أعثرُ على بعضها ويتعثّر قلبي بها كمن يتلقّى هبة لا تُقدّر بثمن.

يا حبة القلب «زيد» لكم أسعدتْني كلماتُك ورسوماتُك اليوم، سعادة لم أعرف قيمتها إلا بعد ما يزيد عن العقد من الزمان! لكم فجرّت في نفسي ينابيع البهجة، آه يا بعضًا من روحي، أحضن البطاقة وأطويها بحرص وألثمها بقلبي.

أمهاتٌ كثرٌ تبلل دموعُهن الوسائد وتجفُّ أرواحهن وتذوي في قلوبهن البهجة فيما الابن الذي صار شابًا يمضي ساعات فراغه الطويلة يضحك على «الشات» مع أصحابه ولا يرفع عينيه عن شاشة الحاسوب إلا لينظرَ للسّاعة استعدادًا للخروج، فالولدُ الذي أصبح شابًا تأخذه فورة الشباب ودوامة الحياة ينسى أن يرطّب قلبَ أمه ويُشعرها بحبه، لا يخطر بباله أن يوجّه كلمةً طيبةً أو لفتة لأمه أو قبلة سريعة على الجبين دون أن يتربّص خلفها مطلب أو تحريض بالتّدخل الحنون مع الأب، ينسى أنّه جار القلب ولا يتذكّر كيف حبا ومشى وتجشأ بين يديها، وكيف ظلّت طبعات أصابعه الصغيرة الملوثة بالشوكولاتة ذات طفولة عالقةً بجدار الروح... كلام كثير لا يتسع له الورق وتفيض به النفس، يتعامل مع أمه كأنها تحصيل حاصل ومصدر لتلبية الحاجات والمتطلبات، لا يدري أنّها قلبٌ كبيرٌ يحبه ويشتاق لكلمة حلوة منه، ينظر إليها ولا يراها، يلوِّح لها مزهوًا بشبوبيته معلنًا بعنجهية وبصوتٍ غادرَ نعومةَ الطفولة إلى خشونة الرّجال «ما تظلي تتصلي فيّ... أنا بطّلت صغير».

يذكّر أمه بأنه لم يعد صغيرًا؟! وهي أدرى الناس به، وهو النبتةُ التي روّتها بماء الروح ساعةً بساعة ويومًا بيوم، تطوي لحظات غيابه آملة ألا يتأخرَ في العودة وألا يغلقَ هاتفَه وقلبَه في وجه أمه!

توجيهاتٌ ونصائحُ ودروسٌ وحملةُ توعية يحتاجها بإلحاح جيل الشباب، يحتاجون إلى من يقدمها لهم ويبثّها في عروق وعيهم ويحييها في ضمائرهم ويزرعها في نفوسهم لكن ليس بشكلٍ مباشرٍ فجّ جامد ينفّر المتلقّي ولا يصل إليه ولا يلامس القلبَ، ويصبّ في الروح، ويسعى لأن يحيي مفاهيم إنسانية نحتاجها جميعًا وبتنا نفتقر إليها بشكل ملحوظ ومؤسف، منها: برّ الوالدين والنأيّ عن الأنانية وتفرد الإحساس والتّفكير والاندفاع للحياة بنظرة ذاتية خالصة.

كلّنا مقصّرون، آباء ومربّون ورجال دين وأصحاب قرار ومناهج دراسيّة وسياسات إعلامية، نلمسُ الجرحَ ولا نتلمَس المشكلة الحقيقية في المنظومة القيمية لجيل العولمة، ونكتفي غالبا باللّوم والتّحسُّر واللعنات، متى نبدأ فعليًا بمدّ يد المساعدة، مساعدتهم ومساعدتنا؟! متى نبدأ العمل؟!.

---------------------------------------

  • تغذية: عيش وملح

نجوى الزهار

ما يميز الطعام ليس المكونات فقط، إنما الروح التي يصدر عنها، والنظام الفكري الذي ينتمي إليه فيكون طعاما شافيًا، وتجربة نامية متجددة.

أراد شخص ما أن يغير أسلوب وطريقة حياته، فلقد سمع الكثير عن طريق الروحانية وعن تلك المشاعر الإيجابية التي تغمر من يختار هذا الطريق. سمع عن الرضا الداخلي، عن القناعة، وعن.. وعن.

فتوجه إلى ذلك الزاهد الروحاني.. لكي يطرق باب الزاهد في الساعة الثانية عشرة ظهرًا. يقابله الزاهد بابتسامة الترحيب والود، ثم يقول: إنني يا صديقي بصدد تحضير طعام الغداء. هل لك بمساعدتي؟ ها هي الخضراوات في الحقل. ما رأيك بمساعدتي في عملية التقطيف. ولكن دقات قلب السائل تتسارع وحديثه الداخلي يتخذ أشكالاً مختلفة. متى سوف أبدأ بأخذ درسي الأول؟ إحضار الخضراوات من الحقل ثم عملية التقطيع.... ثم طبخ الأرز؟ كل هذا سوف يأخذ زمنًا، وأنا بغاية الشوق والانفعال للدرس الأول، ولكنه اختار وضع اللوم على نفسه، فهو الذي جاء في وقت الغداء...في الساعة الثانية عشرة ظهرا.

أمسك بالخضراوات وبدأ بعملية الغسل ثم التقطيع.. اختلس بعض النظرات للزاهد الذي بدا له في غاية الانسجام... ثم أخذ نفسًا طويلاً فالغداء جاهز.

وبينما هما يتناولان الغداء، نظر الزاهد في عينيه طويلا ثم بادر بالسؤال: ما سبب مجيئك يا صديقي؟

أريد أن أتعلم السير في طريق الروحانية.

الزاهد: ولكنك تعلمت.

ارتسمت الحيرة على وجهه، لم يستطع شرح ارتباكه ولكن الزاهد شعر بكل ذلك فأجابه متمهلا: أليس إحضار الخضراوات من الحقل عملاً حقيقيًا؟ وكذلك تقطيع البصل والخضراوات.. هو عمل حقيقي. والآن أنت وأنا.. نتناول غداءنا.. إن للطعام يا صديقي بحد ذاته قيمة حقيقية، فالشكر للأرض التي أنتجت الغذاء .. هو عمل روحاني.. يا صديقي

لا تعتقد أبدًا أن طريق الروحانية هو في مكان، وحياتنا وما نقوم به في مكان آخر. ليس العيش على قمم الجبال والانعزال في الغابات هو فقط طريق الروحانية. كل مشاعر، كل تصرف، كل كلمة إن مارسناها بمودة وتقدير، هي أساس الروحانية.

يا صديقي لا تهرب من تلك التفصيلات الجميلة التي تغلف حياتنا اليومية، ثم أمسك بقطعتين من الخبز.. قطعة للسائل وقطعة له. ودعاه إلى تذوقها على مهل.... ثم الشعور بالمذاق الحقيقي للخبز، يا صديقي كل حركة في حياتنا لها المقدرة الكافية لتكون عملاً يدويا وعملاً عقليًا، وأيضًا طريقًا للروحانية في آن واحد.

هكذا كانت محاولاتي - وما زالت - في الكتابة عن «الطعام الشافي»، أن تكون كلماتي. ببساطة صحن من الأرز، مُزدان بطبقة من اللوز. تلك المحاولات كانت تخفي وراءها عجز اللغة في إيصال ما نود إيصاله.

في كلامنا العادي نستعير من الطبيعة، ليكون لكلامنا دقة الطبيعة، عفوية الطبيعة، فنقول عن شخص ما إنه «طبيعي». ذاك في محاولة منا لإعطائه أقصى ما نستطيع من مديح، أي أنه متماثل مع الطبيعة، فالطبيعة تتكلم بأكثر من لغة، وأكثر من معنى. ربما يكون القول ليس مقدمة «كتاب الطبخ».

ولكن ماذا؟ ماذا لو تشاورنا تحت أغصان شجرة اللوز التي تغفو البراهين على أغصانها؟ تلك زهرة اللوز التي نورت، فاستعجلت البراعم للالتفاف حول ذاتها، لتثمر لوزًا، طفلًا ذا رداء أخضر ناعم، فيبدأ الاستمتاع به أخضر.

بائعو العربات نسمي أصواتهم، كأني بهم قد انتظروا تحت أغصان شجرة اللوز لحظة بلحظة. لتفرح حناجرهم «أخضر أخضر يا لوز»، «ناعم ناعم يا لوز»، «نَورتْ الدنيا يا لوز». لتمتد حقول الابتسامات ما بين شجرة اللوز وبينهم، ثم تستجيب قشرة ثمرة اللوز الخارجية لأشعة الشمس التي تركت فصل الربيع، وبدأت مشوار فصل الصيف. فتتماسك وتتصلب تلك القشرة الخارجية، في محاولة منها لإبقاء اللوزة الداخلية من طراوة وليونة. هذا اللوز هو المحصلة، أما البداية فإنها بداية المشوار الكوني.

من يجرؤ على تجاهل وحدته؟ لم تكن الطبيعة بمثل هذا الكرم، وهذا السخاء، لو كانت الحاجة للوز هي محض «بيولوجية»، فكل شيء مغطى بهذا الأثير الكوني. قوة الحياة: الشمس مع الماء مع التراب مع الهواء، النظر مع اللمس مع الشم مع المذاق مع السمع، هي إضاءات متتابعة تتجلى في لوزة آه يا لوزة.

أما أنا، فالذي أريده حقًا هو المشاركة، ليكون كما يُقال في ثقافتنا العربية «عيش وملح». ذاك تعبير دال على علاقة لها كل الركائز التي لا تهتز. أريد من الأيدي الجميلة التي تمتد لتُمارس وصفات الأطعمة أن تشعر بي وبيدي معها، ولسوف أشعر بذلك حقًا إن أرادت ذلك.

وماذا عن الاستئذان من تلك الزهور والنباتات التي سوف نتشارك معها أن تسمح لي بأن أتكلم لغتها، وأقول إنها أيضًا تُريد «العيش والملح»؟ ثم إنها تدعونا جميعًا للاقتراب الحقيقي منها.. ليتجلى لنا البريق النافذ التي يشرح لنا مدى هذا الذكاء والإحساس الذي تعيشه مملكة النبات.

فنرى الالتفافات ما بين النبات الصغير والكبير تعبيرًا عن الحب والمشاركة... مد الجذر.. لأقصى ما تستطيع بحثًا عن الماء تعبيرًا عن الصبر والمتابعة... الاستجابة المطلقة في النمو تعبيرًا عن الشكر لليد الحنونة التي زرعت، إلى أن تزهو أمامنا شجرة من المشمش استطاع جذعها أن يتخذ مكانه اللائق من الشمس، فكان له تلك الجاذبية والسحر. وكان لحبات المشمش لون شمسي زاهي فرح بلونه البرتقالي.

ثم هذا نبات عباد الشمس يمارس دورانه ما بين الشرق والغرب إلى أن ينحني إجلالًا وعشقًا للغروب. ذاك سحر، وتلك جاذبية. وهذا احترام متبادل ما بين عناصر الطبيعة. وتلك استجابات مليئة بالحياة، عليها أن تتجلى في أرواحنا لتزهو بها أيضًا أطباقنا. تلك الأطباق هي جسر ما بيننا وبين الطبيعة، ذاك جسر له صفة الدوائر.

وأما عن الماء، ذاك الساحر الأزلي الذي يشكل 70 في المائة من أجسامنا و3 / 4 الكرة الأرضية. ذاك الماء هو حليب الأرض الذي لديه المقدرة على التقاط العواطف الإيجابية التي تذوب في كأس من عصير الليمون مع أوراق النعنع الخضراء. تلك العواطف الذائبة مع الماء، ستكون شرابًا شافيًا هو ماء الحب. إنه يا أصدقائي الإيقاع المتوازن، إيقاع الماء... ماء الحب. تلك القوة الدافعة، والرابط المشترك لكل عناصر الطبيعة.

لن أعتمد على المقادير الدقيقة، والأوزان المحكمة إنما على العين الجميلة التي سوف تزيد من هذا شيئًا وتنقص من هذا. وعلى اليد المباركة الطيبة التي ربما ترتئي التغيير في طريقة الإعداد، أي أن الوضع باختصار، وكما يُقال في لغتنا العربية «على البركة».

---------------------------------------

  • عمارة: فصل في حكاية مدينة عمارة الحرب

زينة الشيخ

صحيح أنني آت من بلد توجد فيه أفضل نماذج العمارة العسكرية في العالم، كقلعة الحصن وقلعة حلب، والتي كانت معاقل دافعت عن حكم معين في فترة معينة وأصبحت اليوم شواهد على تاريخ سورية، لكن العمارة التي أقصدها هنا ليست تلك التي أنشئت من أجل الحرب، إنما تلك التي صنعتها الحرب نفسها.

أولى صور عمارة الحرب التي حفرت في ذاكرتي تعود لأكثر من عشرين عامًا خلال حرب الخليج. كنت بالكاد أبلغ من العمر وقتها أحد عشر عامًا، إلا أنني ما زلت أذكر جيدًا الصور التي كنت أراها في المجلات وفي التلفاز لأماكن في الكويت عرفتها جيدًا، لكنها لم تعد مثلما كانت.

ولم أكن لأفهم ...

وعندما زرت لبنان للمرة الأولى عام 1996، أصبت بالذهول لرؤية المباني المثقبة بالرصاص، كشواهد صامتة على حرب أهلية كانت كابوسًا دام خمسة عشر عاما. وتساءلت: كيف يمكن لكل ذلك أن يحدث؟ فالخصم لم يكن عدوًا بالمعنى الحقيقي للكلمة، إنما كان أخًا.

وحتى وقتئذ، لم أستطع فهم ما حدث...

وكانت الحرب العالمية الثانية حدثًا آخر شكل بالنسبة لي محورًا لأسئلة كثيرة، ربما لأنني أقيم في أحد البلدان التي عانت الأمرين من تلك الحرب. لقد كانت مدينة شتوتغارت -حيث أقيم- كغيرها من المدن الألمانية الأخرى، ضحية لحرب وضعت نهاية لحياة الملايين. ولكن، وللمرة الأولى عندما زرت تلة بيركنكوبف Bierkenkopf، أدركت وقتها أن دمار الحرب يمكن أن يكتب فصلاً ليس في تاريخ المدينة فحسب، إنما في تضاريسها أيضًا.

تقع تلة بيركنكوبف في الجنوب الغربي من مدينة شتوتغارت، وهي تلة اصطناعية تم إنشاؤها من أنقاض وحطام المباني التي هدمت بعد القصف الذي تعرضت له المدينة خلال الحرب العالمية الثانية. وعلمت لاحقًا بأنه توجد تلة اصطناعية مماثلة -واحدة على الأقل- في العديد من المدن في ألمانيا. يبلغ ارتفاع هذه التلة حوالي 511 مترًا، وتتكون من 15 مليون متر مكعب تقريبًا من الأنقاض. وهي محاطة بهدوء اللون الأخضر الذي يسكنها وبالصمت الثقيل الذي سكن المقابر. هنا ترقد بسلام أنقاض مدينة، وهنا يكون المرء وحيدًا مع ذاته ومع خالقه. بدا لي طريق الصعود إلى أعلى التلة مثل طريق للحجاج، أو مثل الزيقورات الرافدية. وتساءلت، كيف استطاعوا إقامة تلة كهذه؛ أبدافع من اليأس، أم بحثًا عن الأمل؟

وتقع عيناي فجأة على لوحة نقشت عليها السطور التالية:

«أقيمت هذه التلة الاصطناعية بعد الحرب العالمية الثانية، من أنقاض مدينة شتوتغارت، كي لا ينسى الأحياء الضحايا».

في إحدى أجمل أغانيه يقول شارل أزنافور Charles Aznavour: «لقد سقطوا دون أن يعرفوا السبب؛ رجالاً ونساء وأطفالاً لم يرغبوا سوى بالعيش». وبالرغم من أنه كان يقصد بهذه الأغنية أطفال أرمينيا، إلا أن عذابات الحرب والموت هي ذاتها في أي مكان. فالجميع يرغب في العيش، ولكن يصعب تحقيق ذلك بالنسبة للكثيرين. وحتى لو سقط شخص واحد أو مائة أو مليون، تبقى الحرب بكل أشكالها فنًا في صناعة الأرامل والأيتام ومبتوري الأعضاء والأرواح، وبالنسبة لكثيرين فإنها مهنة ومصدر عيش.

رأيت برلين في الصور القديمة مدينة محطمة، حتى كان بإمكاني أن أشم رائحة الموت والبرد والجوع تفوح من تلك الصور، وأن أسمع لوهلة أصوات القصف والصراخ والخوف. لقد مزقت هذه على يد أربع قوى وجدار، وتمثل صورة أخرى لما يمكن للحرب أن تفعله. قد تكون الحرب الباردة حربا دون أسلحة، لكنها حرب تشيد الجدران وتمزق المدن، وكذلك حياة الناس وأحلامهم. فالحرب تكتب دائمًا فصلاً في تاريخهم، إنما بأسلوبها الخاص. فالحرب ترسم دومًا لوحات أحادية اللون والتدرج: رمادية بلون الدخان، وسوداء بلون العدم. وقد يكون من السهل يومًا ما إسقاط الجدران التي تمزق المدن، ولكن هل يمكن تحطيم الجدران التي شيدت في أذهان وقلوب الناس بسهولة؟

لطالما حاولت جاهدة أن أفهم معادلة دول المحور والحلفاء، ونظريات الشمال والجنوب، وفكرة اليسار واليمين، ولكن ما استطعت الوصول إليه يتلخص في سؤالين أطرحهما على نفسي دوما بمنطق ساذج لطفل صغير:

هل كان كل ذلك يستحق العناء، التورط وتوريط الغير في فعل لا أقسى ولا أسوأ؟

هل كان من الصعب فعلاً تفادي كل ذلك الدمار الذي مس المدن والأرواح؟

فالموت والرعب والعذاب، كلها كلمات تشرح ومن دون أي سبيل للشك كيف أن الحرب هي فعل ليس الرابح فيه سوى خاسر آخر.

ولكن هل يمكن أن ننسى حقًا آلام تلك الصراعات؟ أم أننا ندعي النسيان لنستمر في العيش؟

فالحرب كأي عمل جراحي، حتى لو نجا الإنسان وتعافى فيما بعد، فإنه ستبقى هناك ندبة تذكره دائما بألم في الجسد أو الروح.