تفاحة في الخريف

تفاحة في الخريف

شعر

تعرَّتْ شجرةُ التفاحِ في حقلي
وكانتْ تستحي في ما مضى
من أن تُعيرَ ثيابها
أو تخلعَ الفستانَ عن عنابها الملهوفِ
ماذا جرى..
تقفينَ كالأصنامِ
لا ريحُ الشمال يبيتُ فيكِ متيمًا
لا تعبرُ الأطيارُ في الجسم النحيفِ
لا ظلَّ عنك يُوقِّعُ المعنى
على التربِ الأليفِ
لا زهرَ يهدي النحلَ من سلساله الموصوفِ
تعرَّتْ شجرةُ التفاح في حقلي
تُذكرني بعمري الآفلِ المقطوفِ
صلعاءُ قامتها، وساقاها
عصوانِ لا ماءُ الحياة عليهما
أبدًا ولا في ساعديها لونُ مهيوفِ
تذكرني بنفسي عندما
يقعُ الضعيفُ على الضعيفِ
ويذوبُ ترياقُ الفتوةِ
تحت مطرقةِ الحتوفِ
يا شجرة التفاح لا تتأوهي
سيعود ريعان الشباب إلى قوامكْ
وتمشطين الشَّعرَ فوق النهرِ
أو تستقبلينَ الطيرَ والقُطافَ
والناسَ الحيارى المتعبين يوشوشون عطور زادكْ
في كل عامٍ دورتان من الحضور إلى الغياب
من الغياب إلى الحضور حضور أشيائكْ
لا موتَ للأشجار بل هي هدنةٌ شفافةٌ
ما بين ضدينِ
ويولدُ منهما فصلُ الندى والعطر والألحان
تولد خضرة العينِ
لا تحزني.. لك كل عام بذلةٌ أخرى وميلادٌ جديدْ
وأنا تُجمِّعني المتاعبُ والأسى
نحو النهاياتِ التي لا بد منها
عندما يأتي الوعيدْ
لكنْ.. حذارِ حذارِ
إنْ قطعتكِ سكينُ الرعاةِ
وشقَّكِ الحطابُ من أصل الوريدْ
لذهبتِ مائدة المواقدِ
تومضين وتخمدينَ وتصبحين
غبار عاصفةٍ
على جبلِ الجليدْ.

 

 

حسن جعفر نور الدين