قصص على الهواء

أَناشيدُ رومانسيّةٌ.. سيرة فهد العسكر

شعر

  • الارتداد

تلظّى الرَّكبُ قيظاً، والهوى الحَيرانْ
يُبعثرُ خَطْوَ حاديهِ
ببحرٍ من رمالِ الشَّمْسِ.. تلهثُ فوقَهُ الرِّيحُ،
فما يُرضيهِ نَبْعُ الماءِ
أَوْرقَ من مَساريهِ
عجيفُ الصَّخْرِ، وازْدانتْ غُصونُ البانْ.
فيَصْرخُ راكبٌ:
« يا أَنتَ.. ياقرصانْ
شفاهُ أَحبَّتي صَدأٌ تسلَّقَ فوقَ ناديها،
وذاكَ النَّبْعُ، ذاكَ النَّبْعُ..
.. قفْ نَمْسَحْ حفافيها».
كأَنَّ جهنَّمٌ ماقالَ
جَرَّدَ سوطَهُ الحادي
وقارَعَ ظَهْرَ مَنْ للحقِّ لَعْلَعَ صوتُهُ الصّادي،
فَأَدْماهُ:
«أَيا خزيٌ، أَما يكفيكَ قَطرٌ من سَواقينا؟
سَنُلْقي للكلابِ الغُبْرِ لَحْمَكَ
أَنتَ مَنْ نَخْشاه».

  • الوحدة

لهاثُ الرِّيحِ، واللّيلُ الذي في حُضْنِهِ ناما
غَدُ الصَّحْراءْ
يُرافقُ خَطوَهُ الرَّمليَّ:
« آه.. آهِ يابيداءْ
بقَفرِكِ مَنْ يُسلّيني؟
ومَنْ ذا حينَ توقدُ ليلَها النَّجْماتُ
بالصَّهْباءِ يُغريني؟
ويفعمُ كأسيَ النَّشْوانَ عطرَ ضفيرةٍ سوداءْ؟».
ويُطْرقُ..
..عَلَّ مَنْ في الرَّكْبِ
رَقَّ لقلبِهِ الصَّديانْ..
..لعلَّ فؤادَ والدةٍ،
لعلَّ الصَّحْبَ والإِخوانْ.
سُدىً..
.. مالاحَ غيرُ اللّيلِ
يَلمعُ، ثمَّ يَنْطفئُ.

  • صانعُ النّور

بلادي نامَ في عينيكِ ليلُ شتائِكِ المخدارْ
وعاثتْ في الجدارِ زوابعُ الأمطارْ
فأَينَ سيَرقصُ الدّيكُ؟
وأَينَ سيَمْرحُ الأَطفالُ
إنْ طلّوا بلا فجْرِ
على عَتَماتِ دَربِكِ؟
مَنْ تُرى يَدري
بشوقِ صغارِنا للشَّمْسِ
إِنْ لمْ تعلمي أَنتِ؟
بلادي من دُجى عينيكِ
أَنضَحُ، دونَكِ، الفَجْرا
ودونَ عيونِ أَحبابي
أَمُدُّ أَضالعي جِسْرا،
وإِنْ لازلتُ في أَبعاديَ الجرداءْ
فإِنّي لاتُغيّرُني، على مَنْ نامَ في أَحداقيَ، الصَّحْراءْ.

  • الموت

تَوَسَّدَ صخرةً عجْفاءْ،
وضاجعها.. لعلَّ الماءْ
يُولدُ من ثناياها.
فلا عيناهُ ذاتُ رؤىً،
ولا ليلاهُ عيناها
تبرُّ نداءَهُ المبحوحَ
.. تُرشِدُهُ لنبْعِ الماءْ.
ويبقى، دونما عينينِ، يرشفُ لفحةَ الرَّمضاءْ..
..«وأَنتِ كذاكَ يا أُمّي
مع اللّوامِ في ذمّي؟
ويا أَوّاهُ يا وطني.
.. أُحسُّ بأَرضِكَ الموتا
على شفتينِ، أَيْبَسَ قيظُها الصَّوتا،
ويا ليلايَ، يا دُنيايَ.. حُمَّ الموتُ
يا أَملي،
وتاقتْ جبهةُ المحمومِ، تنهشُ وحشةَ القُبَلِ،
فمُرّيها
على حُرَقِ الجبينِ، وذوّبي فيها
مصابَكِ في تنائينا.
أيا.. ليـ.. لا..
.. فتصدأُ جبهةُ الصَّحْراءْ
بما فعلتْهُ أَيدينا.

 

 

شاكر العاشور