المفكرة الثقافية
ابن جلوي: الخليج منطقة أدب وثقافة وليس نفطًا وغازًا فقط تحت عنوان «الحركة الأدبية المعاصرة في الخليج العربي» افتتح محافظ الإحساء بالمملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن محمد بن جلوي فعاليات ملتقى جواثي الثقافي الثالث، الذي نظمه نادي الإحساء الأدبي، وتمحورت عناوين ذلك الملتقى حول ثلاثة محاور، هي: الحركة الشعرية المعاصرة في الخليج العربي والحركة السردية المعاصرة في الخليج العربي والحركة النقدية المعاصرة في الخليج العربي. وتنوعت جلسات ملتقى جواثي التي بلغت 11 جلسة أدبية ما بين الندوة والمحاضرة والأمسية الشعرية، شارك فيها ممثلون عن تسع دول عربية هي السعودية والكويت وسلطنة عمان وقطر ومصر والأردن وسورية وتونس. وفي حفل الافتتاح ألقى محافظ الإحساء الأمير بدر بن محمد بن جلوي كلمة أكد فيها على أن: منطقة الخليج ليست منطقة غاز أو نفط فقط، وإنما هي منطقة أدب وثقافة وحضارة عريقة، مضيفًا أن مشهد التحول الكبير في الشأن الأدبي والثقافي الذي تزامن مع نهضة دول مجلس التعاون الخليجي في مجالات التعليم والعمران والاقتصاد وغيرها من مناشط الحياة قد أسهم في تأصيل الكثير من القيم سواء ما يتصل منها بالهوية الثقافية أو الاجتماعية أو ما يتصل ببعض الأعراف والعادات والتقاليد، وختم كلمته شارحًا بأن رسالة الأدب هي توجيه وبناء الناس وقوة تدفع بهم إلى العلا والتعاون والإخاء بما يهذب النفوس ويروي ظمأ المتعطشين للكلمة الجميلة والمعنى الهادف. رئيس النادي الأدبي في الإحساء ظافر بن عبدالله الشهري أشار في كلمته إلى أن النادي الأدبي استشعر دوره في قراءة المشهد الأدبي المعاصر في خليجنا العربي، منفتحًا على عمقه الخليجي حيث القواسم المشتركة بين أبنائه، فضلاً عن التوافق الأدبي والثقافي للإنسان الخليجي. وألقى وزير التربية والتعليم السابق بدولة قطر الدكتور محمد عبدالرحيم كافود كلمة الضيوف، مشددًا على أهمية التواصل والتفاعل والاهتمام بقضايا مجتمعاتنا ومبينًا أن دول مجلس التعاون تملك كل مقومات الوحدة متمثلة في أهم عناصرها ومكوناتها وهي اللغة والدين. وشهد حفل الافتتاح تكريم مجموعة من الشخصيات من داخل وخارج المملكة العربية السعودية، من بينهم رئيس تحرير مجلة العربي د.سليمان إبراهيم العسكري من الكويت، والشيخ جمعة الماجد وسارة الجروان الكعبي من الإمارات، ود.محمد عبدالكريم كافود من قطر، والشاعر سعد بن عبدالرحمن البواردي من السعودية، ود. سعيدة خاطر الفارسي من سلطنة عُمان. الإحساء: إبراهيم المليفي سلّط معرض «وجوه» الذي أقامه مركز رؤى 32 للفنون في العاصمة الأردنية عمّان، واختتمت أعماله نهاية شهر فبراير 2012، الضوء على الوجه الإنساني، باعتباره موضوعًا للتأويل والاستبطان والبحث عن المعنى، والذي لم يخفت الاهتمام به على مر العصور والحقب الزمنية، حتى بعد اختراع الكاميرا والاعتقاد بحلول الصورة الفوتوغرافية محل الصورة المرسومة بريشة الفنان. والواقع أن معرض «وجوه» الذي جمع بين جنباته عشرات الأعمال التي جعلت من الوجه الإنساني موضوعًا لها، بمشاركة 25 فنانًا في العالم العربي وأوربا، ليس معرضًا للبورتريه أو رسم الهيئة لوجوه أشخاص بعينهم، وإنما هو معرض يتعامل مع الوجوه، باعتبارها أمورًا مبهمة، دون أن يكون لها أسماء معروفة أو أنها رُسمت بطلب منها، أو باتفاق بين الفنان وصاحب الصورة. وبكلمات أخرى فإن الوجوه في المعرض هي نتاج تفاعلات الفنان مع موضوعه أكثر مما هي «تمثيل» حرفي لوجه أشخاص بعينهم. ومن هنا، فإن المعرض يبرز بالدرجة الأولى التباينات الأسلوبية والرؤى الخاصة للفنانين المشاركين للوجوه التي يطالعونها، وكأن الوجه البشري بات بمنزلة المادة الخام لتعامل الفنانين، وموضوعًا مجردًا عن الصفات الشخصية لأصحاب الصور الأصلية. فلا أحد يبحث عن الشبه مع أصل الصورة، وإنما يتركز الاهتمام على الكيفية التي تعامل فيها الفنان مع موضوعه. وبهذا المعنى فإن معرض «وجوه» وضع المتفرج في حالة حوار مع الفنانين المشاركين، متناولًا أحاسيسهم ورؤاهم وهم يرسمون هذه الوجوه، وطارحًا تساؤلات عن خلفياتهم ومرجعياتهم البيئية والثقافية، وداعيًا المتلقي للتأمل في أساليبهم وتقنياتهم أثناء تعاملهم مع موضوعة الوجوه، وكأن الموضوع هو ما خلف الصورة وليس الصورة ذاتها. وفي الوجوه التي قدمها 25 فنانًا وفنانة في المعرض، تكثفت خلفيات الفنان وبيئته وثقافته ومزاجه النفسي وامتزجت في عجينة واحدة مع أسلوبه الفني وتقنياته وخاماته، لتنتج عن ذلك قراءة مكثفة للنفس الإنسانية كما تبدو في وجوه تنتسب إلى جنس بشري واحد، لكنها تتقولب في هيئات لا حصر لها من الحالات والخصائص والأمزجة، وكأنما المعرض هو احتفالية أممية تحتفي بالاختلاف وتتباهى بالتعدد. إبداعات الفنانين الأوربيين تميزت أعمال إيريك فورموي النرويجي (مواليد 1953) بطابعها الأيقوني، حيث يرسم على قطع من الخشب القديم لوحات صغيرة لوجوه رجال ونساء بواقعية محدثة. أما هارتز الإسباني (1977) فإنه يقطع الوجوه التي يرسمها بخطوط رأسية سميكة تجعل أعماله على مسافة ما بين التشكيل والجرافيك وتحيل العادي إلى فني. في حين يعمد كونراد روسيت الإسباني الشاب (1985) إلى الرسم بأقلام الرصاص الملونة والأحبار لوجوه نساء في أوضاع عديدة، تكسر الحاجز ما بين صالات العرض ومجلات الموضة، أما غيم تيو الإسباني (1987) فهو يسرد صور أصدقائه التي يطالعها على موقع «فيسبوك» من خلال الشغل عليها بالرسم، بحيث لا يبقى من الأصل الفوتوغرافي إلا جزء صغير من الوجه مثل الأنف أو الفم. وتقدم مونيك فان ستين الهولندية (1976) أعمالًا ضخمة ومتوسطة وصغيرة لوجوه نساء جميلات بأسلوب أقرب إلى رشاقة العمل الصحفي أو الإعلاني من خلال خطوط مختزلة وألوان صريحة تقترب من فن الملصق وعوالم هوليوود. ويدمج ديدي ديامه الفرنسي (1980) وجوهه في إطار إعلاني تقطعه أشكال هندسية تجعل من أعماله أقرب ما تكون إلى الملصق. أما لانتامو الإيطالي (1978) فهو يرسم وجوهه بحساسية بالغة على صناديق صغيرة من الخشب، محملًا إياها شحنة كبيرة من العاطفة. وجوه الفنانين العرب المشاركات العربية بدورها حافلة بالتنوع، وتتضمن وجوه الفنان الأردني فؤاد ميمي (1949) بأسلوبه الواقعي الرصين. وهناك مقاطع من وجوه نسائية للسعودية تغريد البقشي (1975) بخطوطها المختزلة وألوانها الصريحة. ويقدم سيروان باران من كردستان العراق (1968) إنسان «الربيع العربي» في وضعه الانتقالي ما بين الماضي والمستقبل، حيث الوجه المزدوج الذي يميز أعماله ينطبق على الحالة العربية أكثر من أي وقت مضى. ويعمد السوري سهيل بدور (1957) إلى اختزال الوجوه في هيئتها العامة وحذف حتى أهم ملامح الوجه ليبقي على خيالات أو ظلال الوجه. ويقدم العراقي بلاسم محمد وجهًا غامض الملامح لامرأة حامل بخطوطه القوية وكأنما يتساءل عما يحمله المستقبل للمنطقة ولبلده العراق. ويسهم الأردني هاني الحوراني (1945) بعملين منفذين على صور فوتوغرافية بالأبيض والأسود لرجلين من بلاد الشام ويعودان إلى القرن التاسع عشر، حيث يعمل على إعادة إنتاج الصورتين من خلال إدخال الألوان على الأصل الأبيض والأسود مع الاحتفاظ بحساسية الصورة الأصلية. ويشارك الفنان السوري المخضرم خالد المز (1938) بعدة وجوه تعكس مهاراته وتمرسه بفن البورترية، وتنقل حالات إنسانية عدة بأسلوب رشيق. عمّان: حسام فتحي أبو جبارة يُطوّر كل شعب بحسب الظروف الاجتماعية والحياتية ثقافة حمائية تضمن له الديمومة والبقاء، وهي أسلوب تكيّف، ينعقد بين الفن من جهة وبين شروط الحياة من جهة أخرى. ما يسمّى الترويض المتبادل بين الفن والمجتمع. إذ يستوعب الفن حاجات الإنسان الروحية والمادية، ويساهم في تنمية ذوقه وإحساسه، تمامًا كما تفعل الآلة لكن بنتائج روحية وجمالية أكثر عمقًا، وكما يقال، أكثر رحمة من علاقة الإنسان بالآلة. نظام التكيّف هو ضد البلى والزوال، وعلى الرغم من أنه نظام تطوريّ بيولوجيّ، فهو أيضًا يضمن تهذيباً ومواءمة للذوق الإنساني. لا أحد يسير بإرادته إلى الاضمحلال والتلاشي. الفن هو أفضل أسلوب حمائي وجمالي عرفته البشرية. تتجلى الحماية في الفن واضحة في العمارة، التي هي ليست نمط عيش فقط، إنّما طريقة تفكير أمنية تتحالف مع الفن مستفيدة من الظروف المناخية كي تنتج طريقة معيشية خاصة مروّضة للطبيعة ذات صورة فنية رفيعة. من الممكن دراسة تطوّر التفكير الأمني لشعب ما، من خلال استبطان الفن المعماري، وكذلك معرفة علاقته بالبيئة سلبًا أو إيجابًا. تتأكد عندئذ ضرورة وجود الفن في حياة وتفكير المجتمعات، أي سوسيولوجية الفن. فعمارة الجنوب تختلف عن عمارة الشمال، وهكذا عن العمارة في المناطق الصحراوية. يبدو الاختلاف ذاك جليًا في معرض «أبواب قصبات الجنوب» في «باب الرواح» بمدينة الرباط، الذي يستعرض تفكير الإنسان جماليًا وأمنيًا في الجنوب في مدينة ورزازات المغربية وقصباتها. كلّ شيء في العمارة، له شكل دلاليّ ورمزيّ، وعليه، يستوعب الفن الإنسان كليًا ويحفظه من النسيان. يجتهد المعرض مستعرضًا الحاجة الثقافية في التعريف بمنجزات العمارة في الجنوب التي تعاني الإهمال والمحو الجائر من خلال سوء الصيانة، لا تستثمر الأصل ولا تراعي القواعد الفنية. والأنكى، هو تعريض تلك العمارة إلى الهدم والتلاشي على الرغم من وجود تُحف معمارية مسجلة في قائمة التراث العالمي، مثل «قصر آيت بنحدو». يشتمل المعرض على أبواب خشبية بنقوش بديعة وزخارف هندسية، إضافة إلى عرض أشكال متنوعة من المفاتيح الخشبية والمعدنية، وصور فوتوغرافية لبعض القصور والمخازن. «يأتي هذا المعرض بمناسبة فعاليات شهر التراث، لتدارك ضعف العناية والاهتمام من طرف الأوساط العلمية وعموم الجمهور الوطني والأجنبي بهذا التراث الوطني العريق.. تعاني هذه التحف المعمارية بفعل العوامل الطبيعية واللامبالاة من قبل السكان المحليين بالمناطق الجنوبية والصحراوية المغربية، والذين استقطبتهم الإمكانات المتوافرة في التجمعات العمرانية الحديثة، فاختاروا هجرة المباني التقليدية والنزوح إلى البنايات الإسمنتية المفتقرة إلى أية قيمة جمالية». الأبواب الخشبية تُحفٌ جمالية وضيافة اجتماعية: يتعايش الإنسان القروي مع البيئة بروح إيجابية، مستثمرًا ما تجود به ومتحاشيًا الوقوف ضدها ضمن سياسة الاحتواء المزدوج، فالبيئة تحتوي الإنسان وتطلعاته، وهو يحتويها مسايرًا شروطها المناخية. وتبدو هذه العلاقة المتبادلة الإيجابية عند الإنسان الريفي بخلاف المديني، الذي يميل في الغالب إلى تدمير الطبيعة والتحرش بنظامها المتوازن بيئيًا. تُصنع الأبواب في الجنوب من مادة الخشب الذي تجود به أشجار اللوز والأرز والصنوبر المنتشرة في تلك البقاع الجغرافية من جبال الأطلس إلى حدود الهضاب الجنوبية مرورًا بالأطلس الصغير. امتدادٌ «يُكوّن مورثًا يرمز إلى المجال الأمازيغي». تنقسم الأبواب إلى قسمين: أولًا: الأبواب الرئيسة «إمي»، التي تعني الفم في اللغة الأمازيغية، و«إمي تدارت»، تحيل إلى فضاء المنزل. اللافت أن الآثار الجغرافية؛ من طلعات، ومداخل لها أسماء الجسد. إذ تطلق أسماء: القلب الضلع والورك على التلال وطلعات الجبال الرملية في الصحراء المغربية. جلّ الأسماء الأمازيغية لها دلالات ورموز. يشير الفم دلاليًا إلى الرأس، وهو بمنزلة المدخل في العمارة. كما أنه رديف اللسان، بمعنى الحكاية أو السرد، الذي يجمع الناس في حلقة اجتماعية، تمامًا كالجامع. وثمة تأويل آخر في التسمية الأمازيغية، يقصد البعد الثقافي والنفسي: الفم مرادف لمدخل البيت ويعني مركز القوة أو الضعف، تكمن شخصية المرء في لسانه كما تقول العرب «المرء مخبوء تحت لسانه». توجد على أغلبية الأبواب المطارق، وهي على شكل حلقات حديدية منقوشة بأشكال هندسية يستعملها الضيوف كجرس تنبيه. كانت المطارق خشبية في القدم، ثم تطورت إلى حديدية، وفي أبواب مدينة فاس الفخمة، ثمة نوعان من المطارق لهما دلالات أمنية واجتماعية تحدّدان هوية الضيف من خلال نوعية الصوت الذي تصدرانه. فالمطرقة في الأعلى تصدر صوتًا معينًا نتيجة نوعية المعدن المصنوعة منه، يشي بهيئة الضيف، أهو فارس أم راجل؟ لأن الخيّال لا يستطيع أن يترجل ويدق على المطرقة في الأسفل. ولما كان الضيف فارسًا أو خيّالًا فهو إذن لغريب، وهكذا يبجّل الضيف، من دون أن يكلف نفسه عناء الترجّل. وهذه ضيافة كريمة للغرباء واحتفاء بقدومهم، علاوة عن كونها إشارة أمنية، حيث يستطيع أهل المنزل في وقت الحروب والمنازعات معرفة هوية الطارق من صوت الباب، هل هو من الشرطة أو الجند، راكبًا أم مترجلًا؟ يجوب معرض «أبواب قصبات الجنوب»، مدن المغرب؛ تطوان، طنجة، فاس، الجديدة، العيون ومراكش. رحلة في مسيرة التاريخ تشهد على تكريم الإنسان المغربي ذي الذوق الرفيع، وثيق الصلة بهذه التحف الرائعة، واحتفاء بالصناع التقليديين، الذين تزخر بهم مدن المغرب، وهم المعين للصناعة التراثية ويمتازون بالتعدّدية والاختلاف حتى في ذات المهنة التي يزاولونها، بحسب مكانة مدنهم على صفحة التاريخ، وعلى موقعها من الصحراء أو البحر، فالمزخرف التقليدي في فاس هو غيره من حيث الحرفة والمادة، في مراكش أو العيون أو الصويرة، ما يضفي على المغرب الثراء الثقافي المُميز. لا تنفصل الأبواب عن نوعية وحجم المسامير المستعملة في تثبيت الألواح الخشبية، بعضها في غاية الدقة والروعة، وتتعرض للأسف أسوة بغيرها من التحف إلى السرقة والتلف كما «جامع القرويين» في مدينة فاس. ثانيًا: الأبواب الداخلية، التي يطلق عليها محليًا «تيفلوتوتكورت» أو «تووت»، وتصنع من ألواح خشبية متراصة عموديًا ملتحمة ببعضها البعض بلوحين داعمين أفقيًا بواسطة مسامير كبيرة ذات رأس محدود. غالبًا ما تكون الأبواب الرئيسية للمنازل كبيرة فخمة بمنزلة بوابات، بمستوى واحد أو مستويين، منقوشة ومزخرفة، بينما تكون الأبواب الداخلية ذات أبعاد مختلفة، يغلب فيها العلو على العرض وهي مزخرفة وقابلة للصيانة. أمّا الأبواب الخارجية للمخازن، فغالبًا ما تكون متقشفة زخرفيًا ومختلفة عن أبواب المخازن الداخلية ذات النقوش الجميلة. نماذج من الأبواب الجنوبية: 1- باب من الطراز التقليدي القروي، بداية القرن العشرين، في منطقة ورزازات، يتكون من أربعة ألواح، تزينه من أعلى مربعات منقوشة ومصبوغة، ومن أسفل مجموعة من المعينات التي تنتظم في شكل شبكة. 2- باب من الطراز القروي، بداية القرن العشرين، يتكون من أربعة ألواح خشبية، تدعمها جازعتان مثبتتان من الجهة الخلفية. نلاحظ استعمال تقنية التثقيب التي تطغى على ثلثي الواجهة الأمامية للباب. تشكل الزخارف مربعات تغطيها أشكال متعرجة وأخرى نباتية. يتوسط مساحة الباب معينان محوريان محاطان برسوم تتخذ شكل أعين ويتمركز بداخلهما زهرة بأربع نوريات. هنا يستفيد الصانع التقليدي من الطبيعة، مستعملًا موجوداتها التي تتمثل في الأزهار، والجدير ذكره أن مدينة ورزازات التي يعود إليها الباب، تشتهر بمهرجان الزهور السنوي، محتفيًا بأول زهرة دمشقية نبتت هناك. اللافت كما هو معروف في الفن الأمازيغي، هو تنوع وسيادة الأشكال في تاريخ هذا الفن العريق. ترمز العين في الباب إلى الإنسان من زاويتين، الأولى في الصورة البصرية المتجسدة في شكل العين، والثانية من صفة معرفية على اعتبار العين تبصر وتميز الأشياء. لا يمكننا التغافل مطلقًا عن كثرة وجود الأشكال في الفن الأمازيغي من دون النظر جديًا إلى ارتباطها بالرموز والإشارات، معزّزة علاقة الإنسان بالطبيعة، فيلاحظ تطعيم الحُلي والسيوف بالحجر الجبليّ الملوّن والخرز، بجانب أشكال حيوانات تلك المنطقة. إنّه شغف الإنسان تراثيًا بالتعبيرات الدلالية ضد الحسد والشر. كما تبوح تلك الأبواب بأسلوب فنيّ متكامل، إذ تولي اهتمامًا فريدًا بالأقفال والمفاتيح، التي تطورت هي الأخرى من مادة الخشب إلى الحديد، كما تنوعت أشكالها، وهي بذاتها لوحة فنية تعبر عن وظيفة الفن جماليًا واجتماعيًا، فلا تبتعد عن كونها شيفرة أمنية ذات رموز ودلالات، وهنا تكمن عظمة الفن، من باب الجمال والوظيفة، الأمر الذي يبرهن عن ضرورة وجود الفن في حياة الإنسان. المغرب: علي البزّاز مرت سنة على رحيل الأديب، والناقد الدكتور عبد الله ركيبي، أحد رواد النهضة الأدبية بالجزائر، وأحد كبار المثقفين الجزائريين الذين عرفتهم الجزائر في العصر الحديث، ويعتبر من المفكرين الأفذاذ الذين قدموا خدمات جليلة للأدب والفكر الجزائري والعربي، فهو واحد من أعلام الثقافة الجزائرية المعاصرة، ورمز من رموزها المناضلين، الذين نافحوا بالقلم ضد الاستعمار الفرنسي، وأسسوا للدراسات الأدبية والفكرية بالجزائر. وُلد عبدالله ركيبي سنة: 1928م، ببلدة: «جمورة» التي تقع بضواحي مدينة بسكرة. زاول تعليمه الابتدائي ببلدته، وفي سنة 1947م، انتقل إلى تونس، وانتسب إلى جامع الزيتونة، وتحصل منه على شهادة التحصيل سنة 1954م، وبعد عودته التحق بالثورة الجزائرية، وكان من أوائل المثقفين الجزائريين الذين زجت بهم السلطات الاستعمارية في غياهب السجون، حيث ظل أحد عشر شهرًا بمعتقل: «آفلو»، ثم أرغم على الإقامة الجبرية بمدينة بسكرة، إلى أن فر منها إلى جبال الأوراس، هاجر بعدها إلى تونس، وعمل موظفًا بالمدرسة الصادقية الثانوية بتونس، ومنها انتقل إلى القاهرة، ليدرس بكلية الآداب بجامعة القاهرة، وقد نشر بالقاهرة مجموعة قصصية تحت عنوان: «نفوس ثائرة»، وكتب تقديمها الناقد المصري الدكتور شكري محمد عياد، وقد بدأ ركيبي حياته الأدبية كاتبًا مسرحيًا، حيث نشر في تونس سنة 1956م مسرحية بعنوان: «مصرع الطغاة» وقد نال الإجازة سنة 1964م، وترأس لجنة الطلبة الجزائريين بالقاهرة، وفي سنة 1965م، انتخب ببغداد رئيسًا لنادي الفكر العربي، وكان أحد أبرز المؤسسين لاتحاد الكتاب الجزائريين، وهو أول أمين عام مساعد لرئيسه الروائي الراحل مالك حداد إبان تأسيسه سنة 1974م، كما كانت له إسهامات كبيرة في سبيل تطوير الإعلام الجزائري، وتنشيط الحركة الأدبية، وأشرف على حصة بعنوان «أقلام على الطريق»، قدم فيها العديد من الأدباء الشباب، الذين أضحوا اليوم قامات أدبية سامقة، كما كان من أبرز المدافعين عن اللغة العربية، وألف عدة كتب ناقش فيها قضايا التعريب بالجزائر، من بينها كتابه «عروبة الفكر والثقافة أولًا» الذي أثار الكثير من النقاشات الفكرية حول مصير اللغة العربية بالجزائر، ومن أهم مؤلفاته: «دراسات في الشعر الجزائري الحديث»، و «قضايا عربية في النثر الجزائري المعاصر»، و«الشعر الديني الجزائري»، و«الجزائر في عيون الرحالة الإنجليز»، و«تطور النثر الجزائري الحديث»، و«القصة القصيرة الجزائرية»، و«الأوراس في الشعر العربي»، و«فلسطين في النثر الجزائري الحديث»، و«الفرنكفونية مشرقًا ومغربًا»، و«ذكريات من الثورة الجزائرية». الجزائر: محمد سيف الإسلام بوفلاقة احتفت الأوساط الثقافية العمانية بصدور كتاب في سيرة علم كبير من أعلامها التاريخيين وعلمائها المهمين، وذلك بنشر كتاب «الشيبة أبو بشير محمد بن عبدالله السالمي» لمؤلفه الدكتور محسن بن حمود الكندي، مدير مركز الدراسات العمانية بجامعة السلطان قابوس، حيث انعقدت عدة لقاءات احتفائية في النادي الثقافي بمسقط، وفي ولاية بدية موطن هذا المؤرخ والأديب والسياسي العماني، فقد نظم النادي الثقافي في مسقط ندوة ناقشت الكتاب شارك فيها عدد من الباحثين العمانيين والعرب، كما نظم نادي بدية لقاء موسعًا تحدث فيه مؤلف الكتاب الدكتور محسن الكندي الذي تطرق إلى أهمية شخصية الشيخ محمد السالمي «الشيبة» ودوره المحوري في الأحداث السياسية والاجتماعية منذ عشرينيات القرن الماضي وفي خمسينياته وستينياته على وجه الخصوص، كما تطرق إلى جهوده العلمية ومؤلفاته، وعلاقاته الواسعة بمعاصريه من العلماء والزعماء والأئمة والشيوخ، داخل السلطنة وخارجها، واتصاله بالخط الفكري لوالده الشيخ نور الدين السالمي، ومناطق التقائه معه في المسار الفكري والسياسي، ومدى اتفاقه معه في نهجه الإصلاحي الاجتماعي، ونقاط اختلافه وإضافاته التي قدمها سواء في تأليفه لكتاب «نهضة الأعيان»، أو في انفتاحه على آفاق الثقافة العربية واتصاله بأعلامها المرموقين، وتواصله مع المستشرقين الباحثين في التأريخ والثقافة العمانية. كما ركز المؤلف في قراءته للكتاب على نتائج الدراسة وخلاصاتها. وفي اللقاءين قد تداول الباحثون والحضور نقاشًا موسعًا حول محتويات الكتاب ومحاور شخصية الشيبة السياسية والعلمية والإنسانية، كما استعرض الحوار علاقاته الاجتماعية والعلمية بعدد من الشخصيات المعاصرة له كالإمام سالم بن راشد الخروصي والإمام محمد بن عبدالله الخليلي والشيخ إبراهيم بن سعيد العبري والشيخ أبي الوليد سعود بن حميد والشيخ عبدالله بن علي الخليلي والشيخ سالم بن حمد الحارثي وغيرهم من الأعلام والشخصيات، واستعرض بعض مواقفه السياسية والفكرية من الأحداث والشخصيات المعاصرة له، ومدى اتفاقه واختلافه معها والأدوار والمهام التي قام بها داخل عمان وخارجها. كما ركز الحوار على ارتباط الشيبة محمد بن عبدالله السالمي بولاية بدية، وتأثير وجوده بها على جهده العلمي والأدبي، وعلى أدواره الاجتماعية والوطنية، وجوانب من البعد الإنساني الأبوي لشخصية «الشيبة»، وعلاقاته المتجذرة بمشايخها وعلمائها وأعيانها كالشيخ القاضي راشد بن حمد الحجري والشيخ القاضي سعود بن عامر المالكي والشيخ علي بن ناصر الغسيني والشيخ حمدان بن سالم الحجري وغيرهم من أقرانه ومعاصريه، وكذلك ما قام به من جهود اجتماعية وعلمية كتأسيسه لمكتبة السالمي في الثمانينيات وغيرها من المشروعات، كما تناول النقاش إلى الأهمية النوعية لدارسة تاريخ الشخصيات وسيرهم الذاتية من حيث تجاوزها للتأريخ لشخص إلى التأريخ لمرحلة أو جيل خاصة عند دراسة شخصية مؤثرة ومتشعبة الاهتمامات وواسعة العلاقات كالشيبة، حيث تمثل دراسة هذه الشخصيات توثيقًا للذاكرة الوطنية وأعلامها الذين يمثلون صناعًا للأحداث التاريخية أو شهودًا عليها، كما تطرق الحوار إلى الصعوبات التي واجهها الباحث أثناء تأليفه للكتاب ورحلة البحث الشاقة والمضنية التي استمرت أكثر من أربع سنوات. مسقط: محمد بن سعيد الحجري في مناسبة اليوم العربي للأدب المقارن وحوار الثقافات شهدت جامعة القاهرة أخيرًا مؤتمرًا حول «صورة مصر في الأدب العالمي» أسهم في عقده مركز جامعة القاهرة للغات والترجمة مع الجمعية المصرية للأدب المقارن، وحلت عليه «الجمعية التونسية للأدب المقارن» ضيف الشرف، ممثلة في عدد من أبرز الأكاديميين التونسيين ومنهم الدكتور عمر مقداد الجمني، الذي جاء بورقة حول صورة مصر في كتابات الفرنسي المعاصر ميشال تورنيه، الذي ربطته بمصر علاقات شخصية وفنية متنوعة، انعكست بقوة على صفحة أعماله الإبداعية والذاتية، والدكتور مجدي فارح الذي عرض للصور الكولونيالية لمصر في أدب الرحلات الغربية، بدءًا من ترجمة الفرنسي أنطوان جالان لـ«ألف ليلة وليلة» التي صدرت بين عامي 1704 و1717، فأعادت الاهتمام بالشرق بعد أن فتر عقب الحروب الصليبية. أما الدكتور توفيق بن عامر الأستاذ بجامعة تونس فقد حاول قراءة مستقبل الربيع العربي وما يعقد عليه من رهانات ويقابله من تحديات، معددًا ما تحقق من هذه الرهانات حتى الآن، وما هو في طور الإنجاز. والدكتورة نادية رياحي التي عرضت لصورة مصر في الأدب النسائي العالمي، متخذة من كتاب «ذكريات فتاة من الشعب، امرأة سان سيمونية في مصر 1834-1836» لسوزان فوالكان أنموذجًا، مشيرة إلى أن الكتابات الأدبية للمستشرقات والرحالة النساء تميزت بطابع خاص لامس عن كثب طبيعة الحياة في مصر، وغاص في أغوار ثقافتها، مقوضا الطابع الغرائبي والصور النمطية التي صبغت كتابات المستشرقين والرحالة على اختلاف غاياتهم. وإذا ما انتقلنا إلى المغربي إدريس أعبيزة القادم من جامعة محمد الخامس في أكدال نرى أنه رصد «صورة مصر في الكتابات اليهودية» بدءًا من المفكر سعديا كئون الفيومي، الذي ولد في مصر خلال القرون الوسطى، ومع ذلك لاتزال إسرائيل تعمل ببعض أحكامه وفتاواه إلى يومنا هذا، وصولًا إلى أربعينيات القرن الماضي حيث ظهرت بعض الكتابات اليهودية التي تناولت مصر من جميع جوانبها. وفي هذا الاتجاه نتوقف أمام عدة بحوث مهمة، في مقدمتها بحث الدكتور زين العابدين أبو خضرة الذي تناول فيه صورة مصر في الأدب العبري الحديث والمعاصر، وبحث الدكتور أحمد كامل راوى الذي أشار فيه إلى موقف إسرائيل من ثورة 25 يناير، مؤكدًا أنها رصدت أحداث الثورة المصرية بشكل دقيق لتبلور رؤية مستقبلية تحدد على أساسها علاقتها بمصر. وتحت عنوان «ثورة الأقنعة» جاء بحث الدكتور أشرف حسني، وفيه توصل إلى أن ثورة 25 يناير غيرت في أذهاننا الفكرة الثابتة التي تقوم عليها لعبة العسكر والحرامية، بهدف إسقاط الأقنعة عن أطرافها المتصارعة لإظهار هويتهم الحقيقية. وتناولت الدكتورة أماني يوسف منيع مصر في كتاب «رحلات بنيامين التطيلي» ذلك اليهودي الأندلسي الذي تميز عن أقرانه اليهود بتوخيه الدقة في تسجيل تفاصيل حياتهم في البلاد التي طاّف بها. وفي «صورة مصر عند هيرودوتوس وعالم كاليماخوس» عرض الدكتور علاء صابر لرواية الشاعر كاليماخوس عن تأسيس مدينة قوريني (Cyrene) وفيها يتعامل مع المؤرخ هيرودوتوس على أنه مصدر يتفق معه، ولكن في مكان آخر من أعماله الشعرية نجد كاليماخوس يعيد النظر في المؤرخ ذاته، بل ويعترض عليه فيما يخص تمييزه الجوهري لمصر وتقديمه لها. بينما حرصت الدكتورة ماجدة النويعمي في بحثها على إبراز صورة مصر في أشعار تيبولوس، مشيرة إلى أنها كانت في بؤرة اهتمام الشعراء الرومان الأوغسطيين، بعد انضمامها إلى الإمبراطورية الرومانية في الفترة التي تلت موقعة أكتيوم في 31 ق. م، وذلك لأسباب سياسية واقتصادية. وتصدى الدكتور محمد خليل رشدي لرواية «أيام الإسكندرية» لذيميتريس ستيفاناكيس، وفيها حاول رسم ملامح المجتمع المصري بوجه عام، والسكندري بوجه خاص، في الفترة التي تغطي النصف الأول من القرن العشرين وتنتهي بثورة 1952، وقد ركز المؤلف على تحديد ملامح الطبقة الأرستقراطية اليونانية في الإسكندرية، ليبرز علاقتها بباقى اليونانيين، سواء من كانوا من نفس هذه الطبقة، أو ممن جاوروا المصريين البسطاء في الأحياء الشعبية. أما الدكتورة إيمان حامد عبدالقادر فقد أسهمت بقراءة في صفحات النبلاء والأطباء والرحالة الذين زاروا مصر وكتبوا عنها باللغة اليونانية القديمة. وتختص الدكتورة منى سرايا الملكة كليوباترا ببحثها الذي تعقد فيه مقارنة بين «كليوباترا الحتمية» (1998) للإسباني أورتانس ديفور، و«لا تقل إن ذلك كان حلمًا» (1986) للفرنسية تيرينثى مويكس، وفي هذا السياق تعرض الدراسة لهوية مصر كما يراها الآخر الأوربي. فيما أوضحت الدكتورة رشا عرابي المفارقة اللغوية والتصوف في سياق ثقافي عربي ألماني، متخذة من أدب الحلاج وإيكهارت أنموذجًا، متبنية الفرض القائل إن إنجاح التواصل بين الثقافات يتحقق من خلال إظهار وحدة العقل البشري وتجسيد المشاعر الإنسانية وليس بالحوار المباشر. أما الناقد الدكتور ماهر شفيق فريد فاختار التوقف أمام الأديبين الإنجليزيين: إ.م فورست (1879- 1970) ولورنس دريل (1912- 1990)، اللذين عاشا في الإسكندرية لفترة، ويشتركان في انجذابهما إليها، وانشغالهما بها في كتاباتهما. ومن خلال تخصصها كتبت الدكتورة مكارم الغمري ورقتها عن حوار الثقافات بين مصر ورسيا كما يتجلى في «أغاني سكندرية» المجموعة الشعرية التي ظهرت في روسيا عام 1906 وكتبها ولحنها الشاعر ألكسندر كوزمين. أما الدكتورة جيهان أمين فقد ذهبت إلى أمريكا اللاتينية لترسم صورة مصر في عيون مبدعيها، مؤكدة أن هناك صورتين مختلفتين في هذا الشأن: فإذا كانت مصر موضوعًا مستقلًا بذاته فسوف يتم التركيز على البعدين الزماني والمكاني لمصر الفرعونية وأساطيرها التي تبهر العالم، أما إذا كان الحديث عن الحضارة الإسلامية فإن ملامح مصر ستختفي في تلك الكتابات، لتعطي الصدارة لمفهوم أوسع لما يسمى بـ«الشرق»، الذي قد يكون مركزه المغرب العربي أو حتى الأندلس أو بلاد فارس. وقرأ الدكتور حسانين فهمي عبر ورقته صورة مصر في الأدب الصيني الحديث، محللًا أعمال الشعراء: قوو مو روو (1892-1978)، شيو جه موا (1897-1931)، بينغ شين (1900-1999)، والكاتب يانغ شوا (1913-1968). ومع باولو كويلو وبهاء طاهر خاضت الدكتورة يمنى رجب رحلة البحث عن الكنز، فقد زار كويلو مصر عدة مرات، تأملها فيها من زوايا مختلفة، فكتب عنها في عدة روايات، أهمها «السيميائي» 1988، التي تدور أحداثها حول رحلة شاب إسباني إلى مصر لاكتشاف كنز مخبوء في الرمال، وقبل ظهور هذه الرواية أصدر الروائي المصري بهاء طاهر مجموعته القصصية «أنا الملك جئت» 1985، وتدور حول الموضوع نفسه. وتعقد الدراسة مقارنة بين هذين العملين بهدف اكتشاف الصلة بينهما. القاهرة: مصطفى عبدالله