عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

بارقة أمل

من دون ضجة، وبالهدوء المعهود من دول الخليج العربي، قررت دوله الأعضاء في مجلس التعاون قيام السوق الخليجية المشتركة، وهذه السوق هي المقدمة الطبيعية لأي حلم بالوحدة على كل المستويات، فالاقتصاد أصبح كلمة السر وراء أي عمل مشترك بين الأفراد والشعوب على حد سواء، وقد كان مفتاح الوحدة بين الدول الأوربية التي طالما تناقضت وتصارعت وتحاربت بعضها بعضا على مدى عقود طويلة، بل وجرت العالم كله إلى حروبها وأطماعها الداخلية، ولكن هذه الدول بالرغم من اختلاف لغاتها وأعراقها الإثنية، قد وجدت أن مصلحتها تقتضي نبذ العداوات القديمة والتطلع إلى مستقبل يعتمد على المصلحة المشتركة، من أجل ذلك ذابت الحدود بينها وتوحدت عملاتها وتقاربت لغاتها، وكان مولد السوق الأوربية المشتركة التي تتعاظم قوتها كل يوم، وغدت عملتها من أقوى العملات.

هذه الوحدة التي تحققت بالرغم من صعوبتها بين الدول الغربية، ظلت مستعصية علينا كشعوب عربية، فبالرغم من عنصر العرق الواحد واللغة الواحدة والدين الغالب فإننا عجزنا عن أن نجعل مصلحتنا واحدة، وبالرغم من إدراكنا أننا دول عزل ونحن فرادى، وأننا قادرون ومؤثرون ونحن جماعة، فإن هذا الجمع لم يتحقق أبدا، وظل صوت الخلافات عاليا وطنانا، وصوت التقارب والتعاون خافتا وضعيفا، ولكن وسط هذه السلبيات التي تحيط بعالمنا العربي هاهي مبادرة إيجابية تلوح في الأفق، بداية حلم، إشراقة أمل في أن تتحقق هذه السوق الخليجية وتنمو وتزدهر لتكون نواة لسوق عربية مشتركة. إن مجلة العربي تحيي قيام هذه السوق، وتبارك أي نوع من أنواع العمل العربي المشترك، مادام يسعى إلى خير المواطن العربي، وتقدم بهذه المناسبة موضوعا مهما عن قيام هذه السوق في صلب هذا العدد.

وتثير «العربي» كعادتها العديد من القضايا الفكرية والثقافية، ففي افتتاحيته لهذا العدد يكتب رئيس التحرير عن الديموقراطية والفخ اللاإنساني، إذْ في وسط هذه الأزمات المتلاحقة التي يعيشها عالمنا المعاصر بسبب استعلاء دول الشمال على الجنوب المستضعف والتي كان آخرها زيادة أسعار الغذاء، يتساءل رئيس التحرير هل يمكن أن تقدم الديموقراطية بوجهها الإنساني خلاصا من هذا الفخ الذي يهدد العالم بأسره؟

وترحل «العربي» إلى منطقة مهمة من وطننا العربي هي رأس مسندم التي يمر منها معظم إمدادات النفط التي تمد العالم بالطاقة، ولكنها هذه المرة تسعى إلى البحث عن جذور إحدى القبائل العربية النادرة وهي قبيلة «الشحوح» التي يقطن أفرادها في هذا الجزء. وتلقي المجلة الضوء على العديد من الأنشطة التي حفلت بها مدينة الكويت في الأشهر الماضية، فقد شهدت أكبر تجمع إسلامي اقتصادي، قدمت الكويت من خلاله دعوة لإنشاء صندوق اقتصادي، يهدف إلى رفع التنمية في العالم الإسلامي، كما احتضنت الكويت أكبر تجمع للمخترعين الصغار من كل أنحاء العالم. وتحفل المجلة غير ذلك بباقة كبيرة من المقالات للعديد من الأسماء العربية المهمة فكريا وثقافيا، بحيث تقدم لقارئها وجبة متكاملة عما يشغل الذهن العربي في هذه الأيام.

 

 

 

المحرر