مزارع شبعا... حقائق ووثائق

مزارع شبعا... حقائق ووثائق

تأليف: منيف الخطيب

تعد مزارع شبعا التي وضعت في دائرة الضوء جزءاً مهماً من جبل الشيخ, فهي بذلك منطقة استراتيجية سياحية غنية بالمياه, ونظراً لأهميتها, فإن إسرائيل لاتزال تراوغ للاحتفاظ بها.

(مزارع شبعا) إلى دائرة الضوء في الآونة الأخيرة إثر العمليات العسكرية التي نفذتها المقاومة الإسلامية فيها لإشعار العالم بأن إسرائيل لم تنسحب انسحاباً كاملاً من الأراضي اللبنانية بدليل أنها لاتزال تحتفظ بهذه المزارع التي تعاملت معها الدولة اللبنانية منذ إنشاء (لبنان الكبير) عام 1920 على أنها جزء لا يتجزأ من قضاء مرجعيون/حاصبيا التابع لمحافظة لبنان الجنوبي. ولاتزال قضية مزارع شبعا تؤلف نقطة التوتر الأساسي على حدود لبنان وسوريا مع إسرائيل, وقد تشكل, بنظر المراقبين, الشرارة التي يمكن أن تندلع منها حرب مواجهة جديدة في سلسلة الحروب العربية مع العدو الإسرائيلي.

الإسرائيليون لهم وجهة نظر معروفة حول (هوية) هذه المزارع.

فهم يقولون إنهم عندما استولوا عليها في حرب 1967 كانت تضم مخافر ومراكز عسكرية سورية لا لبنانية, ولذلك فإن التفاوض حول مستقبلها, ينبغي أن يتم مستقبلاً مع السوريين تنفيذاً للقرار رقم 338 لا مع اللبنانيين. ومادامت المفاوضات مع السوريين حول مصير الجولان لم تبدأ بعد, فإن البحث في مصير مزارع شبعا, مؤجل إلى إشعار آخر.

اللبنانيون, وفي طليعتهم المقاومون والباحثون, غير مقتنعين بوجهة النظر الإسرائيلية هذه, ولديهم ألف دليل على أن (مزارع شبعا) تحمل الهوية اللبنانية نفسها التي تحملها أي منطقة لبنانية أخرى.

فالإسرائيليون يراوغون إذن, ولا يريدون الإذعان للحقائق التاريخية والجغرافية والعملية التي تثبت بما لا يقبل الشك تبعية هذه (المزارع) ذات الأهمية المائية والاستراتيجية والسياحية فائقة الحد, للدولة اللبنانية لا لسواها.

لبنانية... تاريخياً ووثائقياً

كتاب جديد صدر حديثاً في بيروت يثبت بالوثائق والمستندات لبنانية هذه المزارع وتعامل مختلف الوزارات اللبنانية معها, منذ تأسيس لبنان الكبير إلى اليوم, أي في عهدي الانتداب والاستقلال, على أنها مزارع تابعة لمدينة شبعا التابعة بدورها لقضاء مرجعيون/حاصبيا.

مؤلف هذا الكتاب عالم جغرافي مثّل مدينة شبعا أكثر من عشرين سنة في البرلمان اللبناني, هو منيف الخطيب, ابن عائلة (شبعاوية) عريقة. ولأنه معني عناية مباشرة بمصير هذه المزارع التي تشكّل مع شبعا وحدة جغرافية, فقد قدم للقارئ عدداً وافراً جداً من الوثائق والمستندات والخرائط التي تثبت بما لا يقبل اللبس لبنانية هذه المزارع.

يبدأ الباحث بالتعريف بهذه المزارع التي تقع على منحدرات وسفوح الجهة الغربية لجبل الشيخ, وتتناثر على التلال وفي حنايا الأودية, أو تتربّع على المبسطات السهلية. فيقول بداية إنها ليست ملكاً لفرد أو عائلة. (ذلك أن لكل مزرعة مالكين متعددين, ولكنهم جميعاً لبنانيون.

ولدى هؤلاء المالكين صكوك تثبت ملكيتهم. وكل مزرعة من هذه المزارع عبارة عن قرية صغيرة لها طابعها ومساكنها وأحراجها ومراعيها.

وهي متقاربة من بعضها أحياناً أو متباعدة, لكن مشاعاتها متصلة ولا فاصل بينها. وليس هناك مالك أو مقيم في هذه المزارع من خارج شبعا. فهي شبعاوية الملكية وشبعاوية الانتماء. وإذا كانت شبعا هي المصيف لأبناء البلدة, والمشتى للقسم الآخر, فالمزارع على عكس ذلك, فهي المشتى لغالبية أبناء البلدة يقيمون فيها صيفاً وشتاء).

شبعا ومزارعها, يضيف الباحث, تشكّل وحدة جغرافية متماسكة تقع في قلب جبل الشيخ, وتحتل القسم الأكبر منه المتمثل بالسفوح الجنوبية الغربية لهذا الجبل. وامتداد شبعا مع ممتلكاتها ومزارعها امتداد كبير جداً إذا قيس بامتداد سواها من القرى والبلدات المجاورة. إنها تشغل مساحات كبيرة تشمل المدارج والتلال والأودية والسفوح والهضاب وبعض المساحات السهلية. وتشكل شبه مستطيل يتراوح عرضاً بين 7 و 15 كيلومترا إلى مايزيد على 25 كيلومترا طولاً.

دلائل وبراهين

أعطى موقع شبعا ومزارعها في قلب جبل الشيخ مزايا خاصة لأهل شبعا إذ شكّلوا صلة وصل بين بلدات كثيرة تحيط بهم. إلا أن موقع بلدتهم كان, من ناحية ثانية, مصدر متاعب ومحن وقلق دائم.

قبل إنشاء (دولة لبنان الكبير) عام 1920, كانت شبعا جزءاً من بلاد الشام تربطها صلات وثيقة بقرى ومدن وقعت بعد معاهدة سايكس - بيكو في سوريا وفلسطين ولبنان. ولكنها ابتداء من هذا التاريخ باتت جزءاً من التراب اللبناني وتابعة لسلطة واحدة هي السلطة اللبنانية. فالقوى الأمنية التي تمارس واجباتها فيها هي قوى أمنية لبنانية من جيش ودرك وخفراء جمارك. وموظفو الدولة الآخرون هم موظفو وزارات الزراعة والمالية والداخلية والعدل.

كانت المحاكم اللبنانية هي المحاكم الوحيدة التي تفصل بكل القضايا التي تخص مزارع شبعا. وكان خبراء هذه المحاكم هم الذين ينتقلون إليها لإجراء الكشوفات وتقديم التقارير إلى المراجع القضائية. وهناك مئات بل آلاف الأحكام الصادرة عن المحاكم اللبنانية في البداية والاستئناف والتمييز تتعلق بمزارع شبعا. في الخمسينيات من القرن الماضي, حصلت جريمة في إحدى هذه المزارع, فكان القاضي الذي حقق فيها ثم انتقل إليها هو مستنطق الجنوب الذي كان مقرّه صيدا. (ص 33 وما يليها).

وكانت وزارة المالية هي التي تفرض الضرائب على ماعز هذه المزارع. كان موظفو هذه الوزارة يجوبونها من أجل إجراء مسح شامل لأراضيها ويقدرون مساحاتها تمهيداً لتقدير قيمة الضرائب عليها. وكان موظفو الجمارك يقومون بأعمال الدورية فيها للمراقبة.

وكان كل مَن يريد أن يبني بيتاً أو بئراً لجمع المياه أو زريبة للمواشي عليه أن يحصل على ترخيص قانوني من البلدية أو من القائمقام قبل وجود بلدية في شبعا.

وكان موظفو الزراعة, ولاسيما مأمورو الأحراج المكلفون بمراقبة الرعاة وحماية الثروة الحرجية, يجوبون مزارع شبعا بشكل دائم نظراً لانتشار الأحراج وكثرة الرعاة والحطّابين لمنع هؤلاء من الاعتداء على الأحراج, وتنظيم محاضر ضبطها في حال المخالفة.

واستناداً إلى ذلك, يقول الباحث إن أراضي مزارع شبعا, وهي مراح الملّول, وبرختا, والمشهد, ورمثا, والربعة, وبيت البراق, وكفر دور, وحرف الغبرة, وبسطرا, وزبدين, وقفوة, والقرن وخلّة غزالة, وفشكول, ومزرعة المغر, هي أراض كانت خاضعة للقوانين اللبنانية ولضرائب وزارة المالية اللبنانية. أصحابها يحملون الهوية اللبنانية, وكل ذلك يؤكد أن مزارع شبعا لبنانية أرضاً وشجراً وبشراً, وآن أصحابها جميعاً لبنانيون يحملون الهوية اللبنانية, ولا يوجد أي ملاّك من خارج شبعا في أي بقعة من المزارع ومحيطها.

(ورغم ذلك, تدّعي إسرائيل أن مزارع شبعا ليست لبنانية, فما المطلوب لإقناعها? إنها - بالطبع - لن تقتنع إلا بما يخدم مصالحها, ولو كان زوراً وبهتاناً, أو بإجبارها على الخروج منها بالرغم عنها.

على كل ذلك, يقدم الباحث وثائق صادرة عن الوزارات اللبنانية المختلفة: من صكوك ملكية إلى وثائق ومستندات يعود تاريخها عشرات السنين إلى الوراء. وكلها تفيد بأن مزارع شبعا, مثل شبعا, لبنانية مئة بالمئة.

قضية شائكة

ولكن الباحث لا ينكر أن قضية حدود (مزارع شبعا) قضية شائكة, ذلك أن هذه المزارع تقع في منطقة استراتيجية مهمة تعرّضت للتغيير مرات عدة, فضلاً عن كونها ساحة صراع. كما أنها منطقة مهملة كسواها من مناطق الأطراف في ظل دولة ركزت اهتمامها على العاصمة والجبل.

كما أنها في الوقت نفسه, قبلة أنظار الغاصبين الذين يريدون الاستيلاء عليها بأي ثمن. وإسرائيل لا تعترف بمنطق الحدود والقانون, ولا بحرمة الحدود والسيادة.

ويضيف المؤلف أنه في العهد الاستقلالي شكّلت لجنة مشتركة لبنانية - سورية قامت بزيارة ميدانية جرى خلالها تثبيت الحدود في تلك المنطقة بشكل نهائي, فأصبح واضحاً أن خط الحدود السورية - اللبنانية يمرّ برءوس القمم, ولكن كان هناك خلاف على موقعين:

- الأول, والخلاف عليه بسيط, يتعلق برعي المواشي في الأحراج, والمراعي في رأس قاطع برختا نزولاً حتى جبل الصيري.

- والثاني, وهو الأهم, لأنه يتعلق بأكبر المزارع, وهي مزرعة مغر شبعا, وقد بقي موضع أخذ وردّ فترة طويلة من الزمن إلى أن حُسم بشكل نهائي ورسمي باعتبار مزرعة المغر سورية. (قرار اللجنة اللبنانية السورية المشتركة).

ومنذ ذلك الوقت, تأكد أن مزارع شبعا جميعها لبنانية باستثناء مزرعة المغر المعروفة (بمغر الشباعنة) أو (مغر شبعا) التي أصبحت سورية مع قسم من أملاك هذه المرزعة, والقسم الآخر من أملاكها في فلسطين في محيط نبع اللدان وسهل الحولة). وهكذا تكون مزرعة المغر فلسطينية - سورية أرضاً وحقولاً, ومنازلها سورية, أما أصحابها فشبعاويون لبنانيون).

الموقع... شاهد آخر

ويلخص المؤلف واقع حدود مزارع شبعا بما يلي:

أولاً: مزارع شبعا وبلدة شبعا نفسها بدولة لبنان الكبير اعتباراً من عام 1920 تنفيذاً لقرارات 299 و 318 و 320.

ثانياً: جرى سنة 1943ترسيم الحدود اللبنانية - السورية في منطقة جبل الشيخ ووضعت العلامات الحدودية على رءوس القمم في جبل الشيخ تنفيذاً للمادة الثانية من القرار 318. وقد أبلغ هذا الترسيم إلى عصبة الأمم المتحدة في حينه.

على أن هذا ليس كل شيء عن مزارع شبعا. فهذه المزارع بسبب موقعها الاستراتيجي, وغناها وغنى محيطها بالمياه, وبالنظر لما تختزنه من إمكانات سياحية, تشكّل إغراء لا يقاوم بالنسبة للإسرائيليين, وبصورة خاصة في غياب مَن يردعها.

يقول منيف الخطيب: إن واضعي المخططات الصهيونية أدركوا باكراً أهمية جبل الشيخ الاستراتيجية والاقتصادية وما يمكن الإفادة منه في خدمة المشاريع والبرامج الصهيونية على كل صعيد, فجبل الشيخ, ومنه مزارع شبعا, يختزن كميات ضخمة من المياه تلبي حاجاتهم. كما يشكّل موقعاً عسكرياً مهماً, ويشكّل خطاً هجومياً ودفاعياً في آن, فضلاً عن كونه منطقة صالحة للسياحة والاشتاء والاصطياف.

وتحتل بلدة شبعا ومزارعها جزءاً مهماً من جبل الشيخ الذي يتربع على مساحة واسعة تمتد من بانياس وسهل الحولة في الجنوب الغربي إلى وادي القرن ومجاز وادي الحرير وفي الشمال الشرقي, وهو يشكّل بذلك القسم الأكبر والأهم والأعلى من سلسلة جبال لبنان الشرقية المعروفة (بأنتي ليبان) ANTI LIBAN أو أنثي ليبانوس. يحيط به من الجنوب والشرق هضبة الجولان ومنطقة وادي العجم وإقليم البلان في سوريا. ومن الشمال سهل البقاع ووادي التيم في لبنان. ومن الغرب أطراف سهل مرجعيون في لبنان وسـهل الحولة في فلسطين وفيه العديد من القمم أعلاها قمة جبل الشيخ المعروفة بقصـر عنترة أو قصر شبيب وتعلو 2814 متراً عن سطح البحر ويبلغ امتدادها حوالي 60 كيلومترا.

يأتي جبل الشيخ في المخططات الإسرائيلية بعد القدس مباشرة, فهو بداية يعوم على بحيرة لا تنضب من المياه نظراً لأن الثلوج تغطي قممه أكثر أشهر السنة.

مرتفعات استراتيجية

أما من الناحية الاستراتيجية - كما يضيف المؤلف - فلا حاجة لإطالة الشرح حول أهمية قممه العالية التي استثمرتها إسرائيل عسكرياً أعظم استثمار. ففي إحدى أعالي قممه, وهي قمة ملحاثا, وتقع إلى الجنوب الشرقي من بلدة شبعا, وضعت إسرائيل مرصداً يمكن اعتباره أهم مركز رصد أرضي في منطقة الشرق الأوسط, إذ لا يتفوق عليه من حيث إمكان الرؤية وجمع المعلومات, إلا طائرات التجسس أو الأقمار الاصطناعية.

يتجاوز ارتفاع قمة ملحاثا عن سطح البحر ألفي متر. وهي من تلال جبل الشيخ المشرفة على ما حولها في كل من سوريا ولبنان والأردن والبحر المتوسط. وقد تم احتلال هذه القمة والتلال والمواقع القريبة منها بعد صدور القرار 338 لعام 1973, وخلافا لمنطوق هذا القرار الذي ينصّ على وجوب وقف اطلاق النار, وبقاء جميع القوى العسكرية في مواقعها.

ولكن إسرائيل استغلت توقف جميع العمليات العسكرية, وهدوء الجبهات لتنفيذ عملية عسكرية سريعة, ولكن مخططة ومدروسة. فقد نقلت ليلاً مجموعات عسكرية ضخمة عبر أحد ممرات شبعا, ويُدعى ممر النقار الشحل, لتحتل قبل بزوغ الفجر, قمة ملحاثا ومحيطها وبعض القمم. وعلى قمة ملحاثا هذه, أقامت إسرائيل مرصد جبل الشيخ الذي زوّدته بأحدث الأجهزة الإلكترونية المتطورة, ثم زاد اهتمامها به بعد انسحابها من جبل لبنان وتفكيك مرصد الباروك.

يشكّل هذا المرصد موقعاً متقدماً جداً عن خط وقف إطلاق النار, إنه بمنزلة لسان مستطيل يمتد كيلومترات عدة على شريط من قمم جبل الشيخ المطلة على شبعا والتي تشكّل منطقة بالغة الأهمية استراتيجياً ومائياً وسياحياً.

القدس أولاً - بالطبع - في المقدسات الإسرائيلية, ولكن يليها ثانياً في حسابات النُخب الحاكمة في إسرائيل: جبل الشيخ وحرمون ومزارع شبعا التي تقع في إطار هذه المنطقة والتي يتحدث عنها الإسرائيليون حيناً على أنها من أراضي التوراة, وعلى أنها حيناً آخر من غير أراضي التوراة, ولكن كمنطقة بالغة الأهمية والحيوية بالنسبة إليهم, ولو أنها في النهاية خاضعة للمفاوضات مع كل من لبنان وسوريا.

مزاعم وأطماع

ولعلنا نذكر جميعاً أن إسرائيل قبل احتلالها للجولان في حرب 1967, كانت تنظر بخوف وهلع إلى هذه المنطقة العالية التي تطل على أراضيها الواطئة في الحولة والجولان. فهل ستنسحب منها بسهولة وقد مضى على احتلالها لها ما يقرب من ثلث قرن والتي لا تُقدّر فوائدها المائية والاستراتيجية والسياحية بثمن?

ثم إن علينا - بنظر المؤلف - أن نتذكر أن العين الإسرائيلية الساهرة على إقامة مملكة صهيون الحديثة, تنبّهت إلى أهمية منطقة جبل الشيخ قبل مؤتمر (بال) الشهير الذي عُقد في سويسرا عام 1897 بـ 36 عاماً. ففي عام 1861, وبتكليف من المنظمة الصهيونية العالمية, قدمت إلى فلسطين ومحيطها بعثة يهودية كان هدفها (دراسة أوضاع المياه). وقد جالت هذه البعثة في فلسطين ولبنان وسوريا, ومن الأمكنة التي زارتها جبل الشيخ ومحيطه ومنطقة جديدة مرجعيون في أعلى الجنوب اللبناني. وقد أوصت هذه البعثة بوضع ينابيع جبل الشيخ (ومنها الوزاني والحاصباني والبانياسي) ضمن المخطط الصهيوني لإقامة دولة إسرائيل لأسباب مائية واستراتيجية بالدرجة الأولى.

أمر آخر ينبغي الإشارة إليه, هو ما يمكن تسميته بـ(الاستراتيجية التاريخية), وفق العقيدة الصهيونية, تقوم هذه الاستراتيجية على مفهوم مفاده أن دولة إسرائيل لا تؤخذ إلا من الشمال, أي من وادي التيم وسهل البقاع وهضاب حرمون, كما حصل في قديم الزمان على يد نبوخذ نصر الملك البابلي الذي كان عدوّا لليهود, بسبب ألاعيبهم ودسائسهم. استولى نبوخذ نصر على إسرائيل القديمة عن طريق هذه المنطقة وأحرق مدنها وهدم أسوار أورشليم, وقد اضطر من بقي من اليهود حيّاً إلى اللجوء إلى مصر.

يؤيد كل ذلك ما يورده مثقفون وباحثون إسرائيليون في زماننا الراهن, فالباحث الإسرائيلي موشيه برافر يعتبر (أن الحدود الجديدة لإسرائيل يجب أن تصل إلى منطقة تعلو 2224 متراً من جبل الشيخ, حيث تلامس الحدود اللبنانية) التي كانت - في رأيه - حدود سوريا مع لبنان.

وفي تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية الإسرائيلي (جافي) يؤكد الدكتور شاوول كوهفي أن احتياجات إسرائيل للمياه هي من الضخامة بحيث أنه يتوجب السيطرة الكاملة على قطاع قمة جبل الشيخ. وفي فقرة أخرى يذكر التقرير أن التعديلات الإقليمية التي من شأنها أن تساعد إسرائيل مستقبلاً, تقضي بأن تبسط إسرائيل سيادتها على منابع المياه, وكتف جبل الشيخ.

وإذا كان الانسحاب الإسرائيلي من سيناء لم يكن تاماً عندما تمسكت إسرائيل بطابا قبل أن تستعيدها مصر لاحقاً, فإن الانسحاب الإسرائيلي من لبنان لم يكن تاماً, إذ يوجد في لبنان الآن أكثر من (طابا) واحدة, وهي على التحديد: مزارع شبعا, شريط القمم في ذرى جبل الشيخ, أراضي بلدة كفر شوبا, النخيلة, محيط منبع الوزاني, موقع العبّاد.

كتاب يأتي في وقته, غني بالوثائق والمعلومات على السواء.

 

روز يوسف شاهين

 
 




مزارع شبعا تبدو خلف الحدود التي رسمتها الامم المتحدة









غلاف الكتاب





قذائف المقاومة اللبنانية وهي تنفجر في منطقة مزارع شبعا