السودان.. عناق الشمال والجنوب

السودان.. عناق الشمال والجنوب

ترسم عيون العقل صورا تخيلية متعجلة للمكان الذي ستفد إليه في الزمن القريب، فإذا ما تطابقت الصورتان صورة العقل وصورة الواقع، ابتهجت النفس وفاضت فرحا، وفي أرض النيلين فاقت صورة الواقع جمالا صورة العقل المتخيل، فكان الفرح مضاعفا، وفجر الخرطوم يرى ورديا كل صباح متجدد.

مدينة هادئة مسالمة وسكانها رائقو المزاج متواضعون لأبعد الحدود، ونيل يفيض بالرحمة والطيبة والتصالح يسري في دماء العطشى يعجنهم بخصائصه الفوارة، فالطيبون هم من يشربون من ماء النيل. السلام في السودان أرواح ونوارس وفراش تنعم بحرية المضي والعودة وتنشق الهواء النظيف من رائحة البارود وجلجلة المدرعات. وحين يأتي ذكر الله ينفر الإيمان دافقا من القلوب المؤمنة فيفترش المصلون الأرض ليؤدوا الفرض جماعة وفي الآحاد تقرع أجراس الكنائس منبئة بأن الرب رحمة.

الحدث يفرض نفسه

تزامن وجودنا في الخرطوم مع اشتعال منافسات بطولة كأس الأمم الإفريقية في غانا والتي شارك فيها المنتخب السوداني لكرة القدم، كانت الكرة تلتهم أحاديث الناس تحليلا وتنبؤات، وليس بعد السلام والتحية إلا أخبار المنتخب والبطولة، وبعد ثلاث خسائر مني بها الفريق السوداني وبالنتيجة نفسها ثلاثة للاشيء خيم الحزن في الآفاق لعدة أيام، ما لبثت أن تبدلت بروح الأخوة والعروبة الخالصة إلى فرحة عارمة بفوز المنتخب العربي المصري بكأس البطولة، وخرجت الجماهير السودانية وأبناء الجالية المصرية في مسيرات حاشدة في شارع المطار زغردت فيها أبواق السيارات حتى ساعات الفجر الأولى.

دخلنا مع دخول فبراير والصيف استبق أيامه كضيف ثقيل حضر قبل موعده، والسماء زرقاء مرصعة بغيوم تهوى تأجيل غيثنا ولو بقطرات من رهام، الزحام يستشري ويبلغ مداه في ساعات الظهيرة وأعصاب الناس هادئة، وبعد الزوال تنكسر الحرارة متدحرجة كصخرة مقطوعة من رأس جبل.

تحت فيء الأشجار ألحظ جلسات كثيرة تتكون من امرأة حبشية تصنع القهوة وتبيعها لمجموعة من الرجال تحلقوا حولها وامرأة أخرى تبيع وجبات خفيفة وهذه التجارة لا تكلف الكثير، فقط عليها إحضار طاولة خشبية صغيرة وإناء لغسل الكئوس وكنكة لغلي الماء وكيس مليء بالقهوة.

الهواتف النقالة خلقت لنفسها بيئة من الزبائن وباعة في الهواء الطلق يبيعون بطاقات أرصدة الكلام، والسودان اليوم جزء من عائلة إفريقية مكونة من عشر دول يستطيع أفرادها التواصل بكلفة المكالمة المحلية بفضل تلك الرابطة الدولية.

أهل الجنوب موجودون في العاصمة التي صهرت جميع أبناء الوطن، فمنهم من طاب له العيش فيها بصورة دائمة ومنهم من يدرس أو يعمل ومنهم الباعة الذين يأتون بين الحين والآخر لبيع مصنوعاتهم ذات اللمسة الإفريقية المميزة بألوانها المزركشة، وتنتشر الكنائس في الخرطوم وباقي مدن السودان ولجميع المذاهب مثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الإنجيلية، وكنائس أرثوذكسية لليونان والأرمن والأثيوبيين والأرتريين.

في الخرطوم لمسة هندية لكثرة الدراجات ثلاثية العجلات أو الركشة، لقد جلبت من الهند قبل سنوات قليلة للتخفيف من مصاعب الأزمة المرورية ونجحت هذه الوسيلة إلى حد كبير.

توتي تنتظر خطابها

قد نكون أنا وزميلي المصور آخر من شهد الأيام الأخيرة لقصة وفاء لأرض وعناد للزمن، لقد اعتدنا سماع حكايات المناطق التي تعيش حياة الفطرة والبعد عن حياة المدينة، ولكن هذه المرة سنروي حكاية مدينة طينية تسبح بين ثلاث مدن عامرة بالحركة هي الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان ولا تزال تعيش حياة الفطرة، و«العربي» زارتها قبل ارتباطها بالخرطوم بجسر يوشك على الانتهاء لتنتهي معها أعجوبة لم تذكرها كتب الأخبار، إنها جزيرة توتي النيلية.

جميلة تتراءي لك من بعيد، الوصول إليها محفوف بالمخاطر على الرغم من قرب المسافة لأن الانتقال منها واليها يتم عبر مراكب عتيقة أدمنت الذهاب والعودة من الصباح وحتى المساء حاملة البشر وحاجياتهم الصغيرة.

أدركنا توتي سريعا في رحلة نيلية استغرقت بضع دقائق كانت بإنتظارنا الصحفية ميرفت مخلوف وهي من سكان توتي بدور الدليل السياحي، على الضفة الأخرى شيد سوق للخضار والفواكه اختار أصحابه الوقت والمكان الصحيحين للبيع، خاصة للقادمين من الضفة المقابلة والمتجهين لمنازلهم. تخلو توتي من الطرق المعبدة، والسيارات والركشة والدراجات الهوائية هي وسيلة النقل المتاحة في الجزيرة، وعادة يوقف من يمتلك سيارة من أهل توتي سيارته في المواقف المجاورة لميناء المراكب الصغيرة.

الركشة قطعت بنا الطرق الرملية داخل توتي ندلف فيها من زقاق إلى زقاق بين البيوت الطينية ننكأ تراب الأرض خلفنا محدثين عاصفة من الغبار المتلاشي والدوي المتقطع من عادم تلك الدراجة النارية. توقفنا عند المزارع والحقول الخضراء وألقينا النظر بعيدا إلى مدن الخرطوم الثلاث.

تبلغ مساحة الجزيرة 990 فدانا ويقطنها حوالي عشرين ألف نسمة جميعهم من قبيلة واحدة يرجع أصلها من قبيلة الخزرج وقد لجأوا إليها في القرن الثالث عشر ميلادي اتقاء لشر الحيوانات المفترسة التي كانت تعيش في المناطق المحيطة بالجزيرة، ويحكى أن اسم توتي جاء من وصف «تؤتي أؤكلها» الذي ورد في القرآن الكريم في سورة إبراهيم، وذلك لكثرة مزارعها وتنوع ثمراتها.

وقد حاول الإنجليز إبان فترة الاستعمار إجلاء سكان توتي وفشلوا، كما لقيت محاولات السلطات السودانية المصير نفسه إلا أن سنن التغيير فرضت نفسها، وهاهي الجسور تمد أذرعها حاملة معها المستقبل الذي ظل ينتظر دوره على ضفاف مدن الخرطوم الثلاث.

الجنوب في الشمال

على الرغم من بساطتها ورقة حالها إن الرسالة الجادة التي تحملها جسدت جانبا من هوية السودان الإفريقية، كما أن مشاهدة عرض حي لفرقة جنوبية في العاصمة المركزية الواقعة شمال الوطن، دليل دامغ على أن الوحدة اكتملت بالتنوع وأن رسالة الفن أكثر إقناعا من الخطابات السياسية.

يعتبر مركز كوتو الثقافي مؤسسة ثقافية غير ربحية تسعى لتطوير الثقافات السودانية في الأعم والجنوب في الأخص في مجال الفنون الأدائية والثقافية والتربية المدنية عبر المكتبة والحوار والأعمال الفكرية. وجاءت فكرة تكوين وتأسيس المركز من ثلاثة أصدقاء هم السماني لوال أرو وديريك أويا الفريد وستيفن أفير أوشلا. وتم ذلك في فبراير 1994 باتحاد المهن التمثيلية بأم درمان، وحينذاك بلغت العضوية 45 عضوا وعضوة.

ما إن علم الدكتور ديريك مدير مركز كوتو الثقافي بوجود بعثة «العربي» في الخرطوم حتى بادر بالإعداد لتقديم عرض خاص لفرقة الفنون الشعبية كي يتمكن من تعريفنا بطبيعة عمل المركز قولا وعملا، فهو كما يؤكد يعرف مجلة العربي حق المعرفة ويتابعها باستمرار.

وتأتي كلمة كوتو من لغة التبوسا وهي مجموعة تقطن ولاية شرق الاستوائية جنوب السودان، وقد جاء أجدادهم الأولون مع مجموعات أخرى يسمون الأتيكر وتعني الذين ينحدرون من أب واحد. وقد اصطحب التبوسا معهم حجرا مقدسا لميثاق يسمى كوتو ووضعوا ذلك الحجر شرق نهر لويورو، وهم يعتقدون أن ذلك الحجر المقدس يوحد شعب الأتيكير فيما بينهم وبين الله، وانه أيضا يحميهم ومواشيهم من الشر.

ويهدف مركز كوتو الثقافي إلى تقوية الهوية الجنوبية من خلال استنطاق ثقافاتها فنيا (مسرح، موسيقى، غناء، رقص، مسرح عرائس) كمساهمة في بناء الهوية القومية الوطنية، جمع وتصنيف الحكايات الشعبية وبعض التراث الشفاهي لاستخدامها في مجال الدراما وبعض الأعمال الأدبية، إعطاء الفرص للموهوبين والموهوبات من الشباب لسبر أغوار وترقية إمكاناتهم الفنية والمسرحية والعلمية وتشجيع روح الكتابة الإبداعية والمسرحية أملا أن تجد طريقها إلى العرض والنشر.

واستطاع مركز كوتو خلال السنوات الممتدة من 1994 إلى 2007 تقديم أكثر من 1500 عرض في مختلف ولايات ومناطق السودان، المشاركة في مهرجان قرطاج المسرحي بتونس في أكتوبر 1997، إنتاج ألبومين (غنائي ومرئي) ضما أغاني ورقصات تقليدية من جنوب السودان وجبال النوبة.

الصينيون يكتشفون السودان

مذ كنت في مطار الدوحة المكتظ بألوان البشر وأنا الحظ حركة منتظمة لمجموعات صينية لا تبتعد عن البوابة المؤدية لرحلة الخرطوم، وحين طلب منا الدخول للطائرة دخلوا معنا حتى خلت نفسي متوجها بالخطأ إلى بكين.

بدأت مسيرة العلاقات السياسية بين الصين والسودان في 1959م ومنذ سبعينيات القرن الماضي انطلقت العلاقات الاقتصادية بقوة بين البلدين لأن كليهما لديه الكثير مما يقدمه للآخر، واختارت الصين بذكاء الدخول إلى قلوب السودانيين قبل جني الأرباح من خلال تنفيذ المشاريع الحيوية ذات الفوائد الاجتماعية مثل بناء الطرق والجسور والمنشآت الصحية وتقديم العديد من القروض والهبات والمنح الدراسية.

لقد وجد العملاق الصيني في السودان كنزا يوازي طموحاته في التحول إلى قوة اقتصادية عالمية، خاصة أنه يمتلك احتياطيا يفوق 180 مليار برميل تنتظر من يستخرجها ليصبح السودان واحدا من أهم الدول المصدرة للنفط، ويا ترى من القوة الاقتصادية الصاعدة اليوم والتي تحتاج إلى الطاقة لتحريك مصانعها؟ إنها الصين من دون شك.

المفردات الصينية وجدت طريقها إلى الخرطوم فأغلب الفنادق تستعمل اللغة الصينية على اللوحات الإرشادية والعديد من المحلات تحمل يافطاتها كلمات صينية، وتنتشر إعلانات تعليم اللغة الصينية الهدف منها ليس الذهاب إلى الصين، ولكن من أجل التعامل مع أصحاب المشاريع والشركات الصينية، لأن الصينيين لا يعرفون لغات أخرى غير لغتهم والأفضلية في التوظيف ليست لحملة الشهادات العادية أو الخبرات العملية، ولكن لمن يجيد التحدث فقط ببعض الكلمات الصينية، وليس قراءتها أو كتابتها.

مروي.. من رأى ليس كمن سمع

على بعد 400 كيلو متر من العاصمة الخرطوم، وفي المنطقة التي يسير فيها النيل عكس جريانه الطبيعي، يقع مشروع بناء سد مروي الذي يعد واحدا من أكبر الإنجازات التي حققها السودان في العصر الحديث فهو اكبر مشروع كهروهيدروليكي في إفريقيا كلها وثاني سد على النيل بعد سد أسوان، وستبلغ قدرة مشروع سد مروي وحده على توليد الكهرباء مليون وربع المليون كيلوواط.

وينتظر أن يحقق سد مروي مجموعة من الأهداف التنموية كتوليد الطاقة الكهربائية وتوفير مياه الشرب ودرء الفيضانات وري المحاصيل الزراعية وخلق آلاف فرص العمل الجديدة.

تنطلق رحلة سد مروي منذ الصباح المبكر جدا، حيث استيقظنا في الخامسة وتوجهنا إلى مطار الخرطوم الدولي، وهناك تجمعنا مع مجموعة من طلبة إحدى الجامعات العلمية لنستقل جميعا طائرة فوكر صغيرة ذات محركات مروحية لمدة ساعة، حلقت بنا كطائر العنقاء الخرافي حملنا على ظهره ونحن ممسكون بريشه الكبير. وبعد ساعة من الطيران فوق الصحاري الممتدة والحقول الخضراء وعروق النيل المتشعبة نزلنا على مدرج ترابي قصير لتبدأ رحلتنا إلى سد مروي.

بلغت تكلفة مشروع بناء سد مروي حوالي ملياري دولار متضمنة مشاريع إعادة توطين المناطق المتأثرة ببناء ذلك السد، وكذلك تكلفة التنمية المصاحبة للمشروع مثل بناء الجسور والطرق السريعة والمستشفيات وتنشيط السياحة والمشاريع الزراعية، والى جانب الدولة المستفيدة ساهمت كل من الصين والصندوق العربي للتنمية والكويت والسعودية وقطر وعمان والإمارات بتمويل ذلك المشروع الضخم.

ومن المتوقع أن تتكون خلف السد بحيرة تمتد 170 إلى 176 كيلو مترا طولا وبعرض 9 إلى 10 كيلو مترات، وسوف تتأثر بفعل هذه البحيرة ثلاث مناطق رئيسة هي العيداب والمناصير وأمري، وقد تم بالفعل البدء بمشروع إعادة التوطين، فالعيداب تم نقلها الى الملتقى والمناصير في ولاية نهر النيل المكابرات والكحيلة شرق، وأخيرا أمري في وادي المقدم ووادي الذيبيان. ويجري العمل في تنفيذ مجموعة من الكباري تقع على طول الطريق القاري الذي يربط ميناء بورتسودان ووادي حلفا، كما يربط شرق السودان بشماله.

وكمثال على مشروع إعادة التوطين زرنا مدينة أمري الجديدة واطلعنا على مساكنها الحديثة ومدارسها ومستوى المعيشة والميادين الرياضية، بعدها توجهنا إلى مطار مروي الدولي الذي جهز بأحدث التجهيزات للاسترشاد الملاحي وخدمات المطار ومحطة حقن الوقود التي تصل سعته 250 ألف جالون، ويستوعب مدرج المطار أي حركة طيران سواء إيرباص أو بوينج.

وقبل سد مروي كانت تلك المنطقة مجرد أرض صحراوية قاحلة واليوم أصبحت في حال مختلفة بعد أن تحولت إلى منطقة جذب لسكان المدن الخانقة نظرا لما تقدمه المشاريع الإسكانية الجديدة والخدمات المتكاملة من حياة كريمة ومستقبل أفضل لأبنائهم.

وقد جادت قريحة الأديب البروفيسور محمد عثمان صالح مدير جامعة أم درمان الإسلامية فأنشد شعرا في سد مروي نذكر منه:

سدا تشوق له النفوس ولم يزل أحدوثة منذ الزمان الأول
سدا دعائمه العميقة أحكمت حتى غدت أعجوبة المتأمل


المستقبل محجوز للأقوياء

إن السلام الصعب الذي تحقق في السودان بين شماله وجنوبه جلب حتى الآن الكثير من الخير والاستقرار على أبناء شعبه، بعد سنوات من الحروب واستنزاف الطاقات وتشتت الجهود، ويمكن وصف الوضع القائم هناك بأنه مثل المرحلة التي - تلحم - في العظام المكسورة لتعود بعد فترة قصيرة إلى طبيعتها وتحمل أعباءها من جديد. وليس هناك أفضل من الانفتاح الداخلي والخارجي والمشاريع المشتركة حتى ينهض السودان من جديد ويثب وثبته الواثقة إلى المستقبل.

إن الخرطوم موعودة بتغييرات كبيرة على الصعيدين العمراني والاقتصادي، ويوجد هناك اتجاه قوي لإنشاء منطقة تجارية وسكنية ضخمة بكلفة أربعة مليارات دولار في العاصمة الخرطوم التي تأمل أن تصبح مركز إفريقيا التجاري والخيار الملائم للاستثمار فيها، وقد تم بالفعل إنجاز المرحلة الأولى من ذلك المشروع الذي يقع عند ملتقى النيلين. ولعل توافر المقومات الأساسية كالموقع والموارد الطبيعية والبشرية لا تكفي وحدها لقيام مناخ استثماري, والمطلوب استمرار السلام والاستقرار السياسي وتوافر البنى التحتية المتكاملة والتشريعات القانونية المرنة لتحقيق سرعة الإنجاز التي يتسم بها عالم المال والأعمال. ولو علمنا مقدار بعض ما يمتلكه السودان من مقومات لأمكن تخيل المستقبل الذي ينتظره، فهو يتميز بالتنوع المناخي على امتداد مساحته إلى جانب وفرة الموارد الطبيعية من بينها: أراض زراعية شاسعة تقدر بـ 80 مليون هكتار، المستغل منها 17 مليون هكتار فقط أي 21%، و14 مليون هكتار من الغابات والمراعي الطبيعية، وثروة حيوانية ضخمة تقدر

بـ 135 مليون رأس من الأبقار والماعز والإبل والضأن، وثروة سمكية كبيرة من مياه البحيرات والأنهار والبحر الأحمر ويقدر المخزون السنوي فيها

بـ 110 آلاف طن. وثروات كامنة في باطن الأرض لم تستغل بالكامل مثل البترول والذهب والكروم والحديد والنحاس والرصاص والمنجنيز والنيكل.

موارد مائية ضخمة من الأنهار والأمطار الجوفية تقدر بـ 39 مليون متر مكعب.

وبمثل تلك المقومات يستطيع السودان اللحاق بما فاته من فرص، وإن كان الماضي كريما بالفرص فإن الحاضر بخيل لايعطي إلا ما تنتزعه منه غصبا، وأما المستقبل فهو محجوز للأقوياء الأشداء، فلا وقت للتأجيل.

السودان.. معلومات أساسية

الموقع الجغرافي

يقع السودان شمال شرق القارة الإفريقية ما بين خطي عرض 4و22 شمالا، وخطي طول 22و38 شرقا، وتجمعه حدود مشتركة مع تسع دول إفريقية هي: مصر وليبيا في الشمال وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى في الغرب والكونغو وأوغندا وكينيا في الجنوب وأثيوبيا واريتريا في الشرق، ويجاور السودان كذلك المملكة العربية السعودية عبر البحر الأحمر من ناحية الشرق ويبلغ طول الساحل المطل على السودان أكثر من 700 كيلو متر.

يحتل المركز العاشر عالميا من حيث المساحة

المساحة

تبلغ مساحة السودان حوالي 2.5 مليون كيلومتر مربع (مليون ميل مربع) وهو أكبر قطر في القارة الإفريقية.

التضاريس

معظم أراضي السودان عبارة عن سهول منبسطة وتوجد بعض الجبال والمرتفعات، في الجنوب الأماتونج وفي الغرب جبل مرة وجبال النوبة وفي الشرق تلال البحر الأحمر، ويعبر النيل بفروعه أجزاء واسعة من السودان حيث يقطع حوالي تسعمائة كيلو متر قبل دخوله الأراضي المصرية.

أهم المدن

بورتسودان (الميناء الرئيسي)، كسلا، دنقلا، عطبرة، واد مدني، سنار، كوستي، الدمازين، الأبيض، الفاشر، نيالا، الجنينة، ملكال، واو، جوبا.

السكان

يقدر عدد سكان السودان حاليا بـ37 مليون نسمة تقريبا ويبلغ معدل النمو السكاني حوالي 2.6% كما تبلغ الكثافة السكانية 10.2 فرد في الكيلو متر المربع ويشكل سكان المدن حوالي 24.6% وسكان الريف حوالي 75.4% ويتألف سكان السودان من عرقيات متعددة.

يبلغ تعداد سكان مدينة الخرطوم 8 ملايين نسمة

أهم الصادرات

البترول، القطن، الصمغ العربي، السمسم، الفول السوداني، الكركديه، حب البطيخ، الذهب، الجلود، الماشية، السكر، اللحوم، النباتات الطبية والعطرية، الخضراوات والفواكه.

الناطق الرسمي السابق لمنظمة الوحدة الإفريقية إبراهيم دقش:
السودانيون هم أقدر الناس على حل مشاكلهم

التقت «العربي» مع الناطق الرسمي السابق لمنظمة الوحدة الإفريقية الدكتور إبراهيم دقش ليحدثنا عن علاقة السودان بتلك المنظمة الإفريقية والدور الذي لعبته فيها منذ تأسيسها، كما تحدث عن خلفيات أزمة دارفور وسبل علاجها. أوضح دقش أن السودان عضو مؤسس في منظمة الوحدة الإفريقية التي قامت عام 1963 لتمثل آنذاك 32 دولة إفريقية مستقلة ارتفع اليوم إلى 53 دولة يرتكز ميثاقها على الوحدة الإفريقية خاصة أن هناك محاولات جرت لتحديد إفريقيا بأن شمالها الصحراء وجنوبها الصحراء أي إلغاء دول شمال أفريقيا وإلغاء الدول القائمة الآن في الجنوب وهذه التقسيمات مقصودة، ولكننا قاومناها على أساس إن كل ما هو موجود داخل الرقعة الإفريقية جغرافيا هو إفريقي، ونجحنا في تثبيت ذلك. واستخدمت منظمة الوحدة الإفريقية السلاح السياسي لتحرير القارة الإفريقية من الاستعمار بكل أشكاله، وأنا غير راض عن إلغاء تلك المنظمة لأنها قامت بعمل كبير في ذلك المجال المهم.

وعندما حدث التحول إلى منظمة الاتحاد الإفريقي لم يكن الهدف هو تغيير الاسم بل إلى التحول للعمل المؤسسي وإنشاء مؤسسات دائمة تكرس ذلك الهدف مثل إنشاء محكمة العدل الأفريقية وصندوق النقد الإفريقي والبرلمان الإفريقي والسوق الإفريقية المشتركة، وهذه الأمور لم تتحقق إلى الآن.

وتعمل هذه المنظمة بالوحدة والتضامن ولا تلجأ إلى التصويت إلا في الحالات النادرة، مع تساوي حقوق جميع الأعضاء فيها دون تفرقة قائمة على المساحة أو عدد السكان، وميزانيتها لم تزد حتى آخر أيامها عن 30 مليون دولار ومن المفارقات أن ربع الميزانية تدفعه خمس دول هي مصر وليبيا والجزائر ونيجيريا وجنوب إفريقيا وهي نفسها الدول التي حاول البعض عزلها جغرافيا من القارة الإفريقية.

السودان أول من تحرر

وأكد دقش أن السودان أول دولة إفريقية تحررت من ربقة الاستعمار في عام 1956، بعكس ما يقوله البعض من أن غانا هي الأولى، ولكن الصحيح هو أن غانا استقلت بعد السودان بعام واحد، والهدف من هذا التدليس هو الإيهام بأن السودان دولة ليست إفريقية ولكنها في حقيقة الأمر قنطرة بين إفريقيا والعالم العربي. وتميز السودان بوضعه الجيد في منظمة الوحدة الإفريقية حيث تمكن من رئاسة لجنتين من أهم اللجان وهما الإدارة الاقتصادية وإدارة الإعلام لفترة طويلة مما يؤكد على إفريقية السودان وكفاءته لشغل مثل هذه المناصب الحساسة.

اختار السودان أن يكون ضمن شرق إفريقيا داخل منظمة الوحدة الإفريقية، لأنه مقبول من العرب والأفارقة وقد جرت محاولات عديدة لتعزيز التقارب العربي - الإفريقي، وفي عام 1977 عقدت قمة عربية - إفريقية ولكن تلك الجهود لم تتطور كثيرا بسبب كثرة المشكلات السياسية العربية وبعض الأفارقة ذكروا أن العرب الأفارقة يصدرون مشكلاتهم إلى إفريقيا.

دارفور والتمرد على النظام التقليدي

قضية دارفور قضية قديمة تجددت، وكانت مشكلاتهم تحل داخل إطار التقاليد والإدارة التقليدية. وقد حصلت أول هزة للنظام التقليدي بقيام ثورة 1962 ثم تفاقمت المشكلة بين عامي 88 و89 على إثر الجفاف والتصحر، وبعد تقسيم دارفور إلى ثلاث ولايات انفتحت الشهية لتولي المناصب، وهذا ما فتح باب والمشكلات والنزاعات بين أهالي ولايات دارفور وكذلك وجود تفاوت في الخدمات بين الولايات الثلاث، وهناك مثل شعبي يقول «سلطة للساق ولا مال للخناق» وتعني سلطة قليلة أفضل من أموال كثيرة تصل للرقبة.

وتفاقمت الأوضاع مع انتشار الأسلحة الخفيفة بأيدي أهالي الإقليم، وظهور الهامباتا وهم قطاع الطرق وهؤلاء ليسوا حكرا على قبيلة واحدة، وإنما من جميع القبائل العربية والإفريقية، وهم يتبعون ثقافة تمردت على النظام التقليدي لم تكن سائدة من قبل وتناقض مع قيم الكسب الشريف ومن أمثلتها مقولة «كلاش يومين ولا اغتراب سنتين» أي سلب الناس أموالهم بقوة سلاح الكلاشنيكوف أفضل من الاغتراب في إحدى الدول لمدة سنتين.

ويعتقد دقش أن مثقفي دارفور هم من خلق مشكلة دارفور وأخرجها للخارج وضخمها وهي برأيه قضية تم تضخيمها إعلاميا، بعد أن تلقفتها دول أخرى تريد الضغط على السودان لتحقيق مصالحها الشخصية، وقال دقش: «إن السودانيين هم أقدر الناس على حل مشكلاتهم وحل قضية دارفور سياسي وليس عسكريا».

 

 

إبراهيم المليفي 





صورة الغلاف





مدينة هادئة مسالمة وسكانها رائقو المزاج متواضعون لأبعد الحدود ونيل يفيض بالرحمة والتصالح.. تلك هي مدينة الخراطوم





مشهد متكرر: القوارب الصغيرة تنقل سكان جزيرة توتي في رحلة من والى الخرطوم لاتستغرق أكثر من عشر دقائق





تشتهر جزيرة توتي بكثرة مزارعها وحقولها وتنوع محاصيلها وتتمتع بشبه اكتفاء ذاتي





داخل جزيرة توتي الحياة لاتزال على فطرتها القديمة رغم انها محاطة بثلاث مدن تضح بالحياة والمتغيرات السريعة





حامي تراث المهدية: امام هذا البيت يقف هذا الشيخ يحرسه صباح مساء، وهو الآن عبارة عن متحف يشتمل على تاريخ الدولة المهدية وبعض آثار الاستعمار الانجليزي





الثقافة أقوى: بأدوات بسيطة وحناجر مجلجلة تحولت هذه الفرقة الجنوبية الى رسول سلام ومرآة عاكسة لهوية قبائل الجنوب الإفريقية





أهرامات الحضارة المروية





أحد افراد فرقة كوتو لبس كل ما يعبر عن هوية السوداني الجنوبي وبصدق الاداء وعذوبة الصوت حققت الفرقة شهرتها الدولية





سد مروي: صورة توضح جسم السد الذي شارف على الانتهاء ويتوقع ان يحقق سد مروي عدة اهداف كتوليد الطاقة وتوفير مياه الشرب ودرء الفيضانات وري المحاصيل الزراعية





مساجد وكنائس الخرطوم: حرية ممارسة العبادات يمكن تلمسها في الخرطوم خاصة بالنسبة للمسيحيين من اهل جنوب السودان وتنتشر الكنائس (إلى اليسار) في الخرطوم وباقي مدن السودان ولجميع المذاهب





 





يعج متحف السودان القومي بمئات القطع الأثرية النادرة التي تسجل فترات الحضارة السودانية من العصور الحجرية وحتى الفترة الاسلامية





 





من الآثار الجانبية لمشروع سد مروي: اعادة توطين القرى المتضررة من البحيرة التي يكونها السد وفي الصورة منزل بسيط بمكوناته سيحصل صاحبه على مسكن بديل أكثر راحة ومميزات





سدود طينية تسمى الطابية بنيت بين عامي 1879 و1880 لحماية مقاتلي المهدية وهم يطلقون النار على مراكب الانجليز





مواطن سوداني من سكان القرى القريبة من مشروع سد مروي الذي ينتظر ان يغير ملامح الحياة الاجتماعية بتلك المنطقة





بحيرة جميلة وغابة من أشجار النخيل الباسقة توقفنا عندها ونحن في الطريق إلى مشروع سد مروي





صورة من الطائرة لاحدى القرى القريبة من مطار مروي





لقطة نادرة تمكنت فيها عدسة «العربي» من تصوير أحد شوارع الخرطوم وهي شبه خاوية في فترة الظهيرة





أسواق مفتوحة في الهواء الطلق يبيع أصحابها كل شيء والبضائع الصينية وجدت مكانا فسيحا في تلك الاسواق