العرب... عام جديد وأسئلة قديمة

العرب... عام جديد وأسئلة قديمة

كتب الأستاذ الجليل الدكتور سليمان إبراهيم العسكري رئيس التحرير في مجلة العربي في عددها الصادر في يناير 2008 بحثًا قيّمًا وشاملاً وعميقًا يجمع بين أحداث الماضي وتطلعات الأمة العربية في المستقبل وفحص الحاضر وتداعياته والآمال المطروحة مع مطلع العام الجديد، ونتطلع من حولنا ونرنو للآفاق، فنكتشف أننا نراوح في أماكننا، وأن هذه المراوحة طال عهدنا بها كعرب وذلك من حيث مسألة النهضة العربية المنشودة، وحدود التفاعل مع الآخر، ووضع الهوية العربية واللغة وغير ذلك من الأسئلة التي تدور حول الوجود العربي المادي والمعنوي والثقافي والسياسي والعسكري والاقتصادي. والسبب في عودة هذه التساؤلات أو بقائها كما هي، هو تجدد أطماع الغرب في أمتنا العربية في شكله الاستعماري الجديد، يضاف إلى ذلك ظهور فكرة العولمة الاقتصادية والثقافية، وما ينجم عن ذلك من محاولة طمس الهوية العربية وفرض التبعية للغرب إلى جانب ظهور من يدعو من مفكري الغرب إلى حدوث صراع وصدام بين الحضارات، واتخاذ الإسلام والمسلمين والعرب والعروبة أعداءً وإن كانوا في الحقيقة غير ذلك. فالأخطار المحدقة بنا تكاد تكون هي هي وإن تغير شكلها وزادت حدتها مع ظهور فكرة إنشاء شرق أوسط جديد وإعادة تشكيل خريطة المنطقة.

المجتمعات من المفترض أن تضع لنفسها أهدافًا وخططًا وبعد مضي فترة من الزمن تقوم بعملية تقويم لما تم إنجازه وترصد أسباب النجاح وتتعرف على ما لم يتم إنجازه أو ما أصابه الإخفاق، ومعرفة أسباب هذا الإخفاق بغية علاج مواطن الضعف وتقوية مواطن القوة في عملية المتابعة هذه والتي ينبغي أن تكون متواصلة ومستمرة. والمثير أننا نجد أنفسنا أمام الأسئلة نفسها التي طرحتها الأمة منذ 85 عامًا على حد تعبير الأستاذ الدكتور سليمان إبراهيم العسكري.

إننا مازلنا نعاني الهموم نفسها، ويشغلنا القلق على لغتنا العربية وعلى الهوية والنهضة أو التقدم أو ما يسمى الآن «التنمية الشمولية المستدامة» ومازالت تشغلنا قضية محورية وجوهرية ومصيرية وضرورية وهي قضية الوحدة العربية، وتكامل الأقطار العربية والحوار الحضاري، وفكرة قبول الآخر والتعايش السلمي معه أو رفضه.

إذا كنا نقف «محلك سر» منذ 85 عامًا، فإن ذلك يرجع إلى وجود قوى خارجية تحد من هذا التقدم وتمنع حدوثه، ومع الأسف قد توجد قوى داخلية تعمل بوعي أو بغير وعي على تحقيق هذا الجمود، وإن شئت فقل هذا التخلف والعودة إلى الوراء، وإلى أوضاع أسوأ مما كنا فيه. الخوف كل الخوف أن ننتقل من سيئ إلى أسوأ. ولايزال رأي القدماء سائدًا وهو النقل عن الغرب، ولكننا لاننقل إلا ما يتفق مع عموميات ثقافتنا العربية والإسلامية، وما يتماشى مع قيمنا ومثلنا ومبادئنا حتى في مجال العلم لا ننقل ما يدعو إلى الكفر أو الإلحاد أو الشذوذ وإنما ننقل العلم النافع للناس جميعًا فقط كاستخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية فعملية النقل مازالت ضرورية، ولكنها ينبغي أن تكون عملية واعية ومدققة واختيارية وانتقائية.

التاريخ يعيد نفسه والمبادئ التي يستخدمها الغرب هي هي، ومن أبرزها وضوحًا في هذه الأيام ذلك المبدأ الهدام والقائل «فرق تسد» ولذلك نشهد، مع الأسف الشديد، تحريض الغرب على الفرقة بين السنة والشيعة والأكراد والعرب والمسلمين والمسيحيين بل والرجال والنساء، وحتى الأحزاب السياسية بعضها ضد بعض والتحريض بين الحكومات والشعوب. ويدعونا الأستاذ الدكتور سليمان إبراهيم العسكري، حفظه الله، إلى «التفاؤل وإلى البعد عن الخوف، وإلى حيوية الفكر والعمل نحو المستقبل ونحو النهضة وذلك مع بداية هذا العام الجديد.

د. عبدالرحمن محمدالعيسوي
أستاذ ورئيس قسم علم النفس الأسبق
بكلية الآداب - جامعة الإسكندرية.

أحمد عاصم... رؤية مختلفة

ما كتبه الزميل العزيز النحات والناقد التشكيلي السوري د.محمود شاهين تحت عنوان (أحمد أمين عاصم فنان مصري ينحت في دمشق) في عدد مجلة العربي رقم 592 مارس 2008. فيه ما فيه من خلط للوقائع والحقائق، وتشويه لتاريخ الذاكرة البصرية التشكيلية السورية، وعدم توخي الدقة العلمية وأمانة البحث الموضوعية، المتصلة بتاريخ الريادية في الفن التشكيلي السوري وفن النحت خصوصًا. ولم نقرأ في تاريخ الفن التشكيلي السوري والنحتي، ما يُشير إلي اعتبار الفنان العربي المصري أحمد أمين عاصم الذي نجلّ ونحترم فنه وذكراه، فلم تكن له مكانة مؤثرة ومميزة في طلابه كأب روحي لفن النحت السوري المعاصر. ولم نجد في متن الكتب ذات العلاقة، أو مجلة الحياة التشكيلية الصادرة عن وزارة الثقافة السورية. ولا أية مطبوعة أو دورية محلية معنية بشئون الفنون التشكيلية السورية، ما يعزز فكرته. كل ما في الأمر أن الفنان المصري الراحل بحكم مهنته وعمله الوظيفي والأكاديمي، مرّ كسحابة صيف على يوميات التدريس في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، شأنه في ذلك كسائر العابرين الأكاديميين عربًا كانوا أو أجانب. كان أجدى بكاتب المقال تناوله كفنان نحات، وتجربة إبداعية فردية عربية مصرية، بشكل مستقل بعيدًا عن حشره قسرًا في مدارات النحت التشكيلي السوري المعاصر، خدمة لمصداقية البحث، واحترامًا لذكرى فنان.

عبدالله أبو راشد
فنان وناقد تشكيلي