المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية

الكويت

افتتاح مركز (كاظمة) للفنون

تشهد الحركة التشكيلية الكويتية الآن نموًا في اتجاه تكوين مجاميع فنية, تشترك في رؤية واحدة, وهدف محدد, ربما يختلف في ملامحه, وأساليبه, إلا أنه يتفق في اتجاهه. وكان آخر هذه المجاميع ما أقدم عليه الفنان التشكيلي علي العوض أخيرًا, من تأسيس مركز (كاظمة) للفنون, والذي حشد فيه مجموعة من الفنانين في مجالات التصوير, والنحت, والخزف, والخط العربي وغيره من المجالات الفنية الأخرى.

ومركز كاظمة للفنون - الذي اتخذ من نادي كاظمة الرياضي مقرًا له - يهدف إلى تقريب وجهات النظر في ما يخص الفنون الجميلة في الكويت, وبالتالي إقامة المعارض الجماعية التي يشارك فيها أعضاء المركز بكل توجهاتهم وأساليبهم الفنية, ومن ثم فإن القاسم المشترك الذي يجمعهم يتمثل في التواصل الدائم مع ذائقة المتلقي بأكبر قدر من المواضيع الفنية, تلك التي تحتفي بالإنسان والحياة معًا.

وكان آخر معارض مركز (كاظمة) للفنون مشتملاً على أعمال فنية متنوعة لنخبة من الفنانين, والذي افتتحه في مقر المركز الكائن في نادي كاظمة رئيس مجلس الإدارة المدير العام للهيئة العامة للشباب والرياضة.

ومن الأعمال الفنية التي شاركت في هذا المعرض لوحات خطية للفنان والخطاط فاضل الرئيس, تلك التي ارتكزت على جماليات الحروف العربية خاصة في لوحة (قلبي أسير) بكل ما تضمنته من رؤى فنية يدخل في نسيجها الاحتفاء باللغة العربية كتابة وجمالاً, وجاءت أعمال الفنانة سهيل النجدي مثيرة للعديد من الأسئلة, لنشاهد لوحة (حوار) بمضامينها التشكيلية المفعمة بالحيوية والتدفق الوجداني, مستلهمة فيها رؤى فنية ذات اتجاهات عدة.

وعبرت خزفيات الفنان علي العوض عن استعراض ضمني لملامح رمزية تتحدث عن الحياة بكل حيويتها, وحركتها, إلى جانب حرص الفنان على الالتقاء مع مفردات تشكيلية تحمل في مضامينها تنوعا دلاليا وإيحاءات مستمدة من عمق تجربته واهتمامه بالإنسان, ثم قدم الفنان ناجي الحاي تجربته التشكيلية من خلال توهج الألوان, وإبراز جوانب فنية متحركة على أسطح اللوحة, وهي تجربة تستحق الإشادة, والوقوف على مراحلها الجذّابة.

وفي لوحة (الحلم) استطاع الفنان أحمد القصار استشراف إشارات تشكيلية عميقة الأثر, ومتفاعلة مع رؤى الفنان, تلك التي اقترب فيها أكثر من الرمز, والواقع معًا, أما الفنان عبدالكريم العنزي, فقد استلهم تجربته التشكيلية من خلال واقعية تبدو فيها الألوان مزانة بروح متوهجة بالحيوية, بالإضافة إلى ما تضمنته لوحة (هو الله) من الصوفية والاقتراب أكثر من الروحانية الشفافة للفنان أنس الزغبي.

واعتمد الفنان علي المسري في لوحته (القرون الجديدة) على تقنيات لونية, ورمزية متنوعة, ثم حرص الفنان مصطفى البدر على أن تتواصل أعماله من الرمز في أشكاله المتجددة, وقدم الفنان أحمد البغلي لوحة كاريكاتيرية تضمنت رؤى نقدية شديدة الالتصاق بالواقع, أما الفنان هاشم الشماع, فإن لوحته تضمنت تنوعا دلاليا إنسانيا, وفي لوحة (سبحان الله) للفنان أحمد بندر احتفاء حقيقي بالحروف العربية, وعبرت لوحة (الله) للفنان جمال الراشد عن رؤى خطية متنوعة.

وتطلعت الفنانة سعاد عبدالله في لوحتها (ضوء القمر) إلى إبراز جوانب حية فيما يتعلق بالبيوت التي أظهرتها في أشكال جمالية عدة, وفي أعمال الفنان جابر أحمد الخزفية (قلادة 3.2.1) سنجد أن هناك رؤى فنية أظهرها الفنان في أشكال فنية دلالية, ثم استخدم الفنان سعد بلوشي الألوان الزاهية في رصد تجربته مع لوحة (بدون عنوان), وعبرت أعمال الفنان فوزي الأسطى الخزفية عن الكهولة في حياة الإنسان, وجنح الفنان قاسم ياسين إلى فك أسرار الحياة من خلال لوحته (المحاولة الخضراء المتشابكة), وقدم الفنان فريد العلي في حروفياته الإيحاءات المتعلقة بصوفية متوهجة, وذلك في لوحة (محمديات).

كما أن الفنانة سوزان بوشناق, كانت حريصة على إبراز جوانب مضيئة في التراث في لوحة (خيال من وحي التراث). وطرح الفنان حميد خزعل في لوحته (حركة غامضة) رؤى جديدة لحالات إنسانية كثيرة الحركة, ومعالجة ضمنية لمفهوم الفن التشكيلي, وكشفت الفنانة جميلة جوهر في لوحة (من وحي السدو) عن ملامح تراثية أظهرتها من خلال تدرج الألوان وسيولتها على أسطح اللوحات.

وكانت مشاركة الفنان محمود الرضوان بلوحة عنوانها (حي قديم في مدينة فيلكا) بكل تنوعها الدلالي وقدرتها على إبراز جوانب واقعية في مدينة (فيلكا) التراثية. وقدم الفنان علي نعمان لوحة عنوانها (التأمل) تضمنت رؤى رمزية متناسقة مع ما يود الفنان طرحه من مواضيع تشكيلية, كما عبرت الفنانة فريدة البقصمي من خلال الكولاج عن بعض المواقف الإنسانية الواضحة, واحتوت لوحة الفنان نصر العزازي وعنوانها (الأمير) على دلالات فنية جذابة, واستخلصت الفنانة أميرة أشكناني ملامح تجربتها من خلال عناصر تشكيلية نابضة بالحيوية.

مدحت علام

القاهرة

الترجمة ومجتمع المعرفة
في الملتقى الدولي الثالث

ربما تلخص كلمة الدكتور ماهر شفيق فريد في الملتقى الدولي الثالث للترجمة الذي استضافه المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة قبل أسابيع, لسان حال جُل الكوكبة التي التقت في برنامجه الحافل حين قال (وراء المشروع القومي للترجمة بانٍ من بناة الثقافة المصرية المعاصرة, بل هو ـ مستعيرا تعبيرًا من المسرحي هنريك إبسن ـ سيد البنائين. إنه الدكتور جابر عصفور الأمين العام للمجلس, والسائر في خطى الطهطاوي ومحمد عبده ولطفي السيد وطه حسين ولويس عوض من أعلام التنوير. وعصفور ـ إلى جانب أستاذيته الجامعية ونقده الأدبي النافذ, وترجماته المحكمة ـ إداري حازم قدير استطاع أن يجعل من المجلس ساعة بالغة الانضباط, يسود تعاملها مع الأدباء والعلماء والمفكرين جو من الاحترام المتبادل, والنظام الدقيق, والتقدير المعنوي والمادي, مع حرص على تواصل الأجيال, ونفخ الحياة في البيئة الثقافية بما تعقده لجان المجلس من ندوات, وما يقيم من مسابقات, وما يحيي من ذكرى راحلين أعزاء, أشهد أني قد تعاملت ـ على امتداد أربعين عامًا ـ مع هيئات ثقافية كثيرة, وأضعت ساعات ثمينة فى ردهات مجلات ثقافية توقف أغلبها عن الصدور بقرارات وزارية فوقية أو أدركته المنية بالسكتة القلبية أو بأمراض الشيخوخة, أو استمرار حي كالميت ـ بالدفع الذاتي وحده, فوجدت البون شاسعًا بين دقة العمل في المجلس الأعلى للثقافة وسائر الهيئات التي تحمل أسماء من نوع: الهيئة المصرية العامة للكتاب, أو الهيئة العامة لقصور الثقافة, إلخ... ثمة تقاليد علمية وأخلاقية يرسيها المجلس علينا أن نتشبث بها بكل ما أوتينا من عزم وقوة; لأن البديل هو الانزلاق إلى غمرة الفوضى واللامسئولية والهدوء, ولدينا من هذا كله ما فيه الكفاية بل ما فوق الكفاية).

لا توجز الكلمة تقريظا لشخص بعينه, قدر إيجازها لحالة, فقد ارتبطت النهضة الفكرية بالترجمة, وارتبطت الترجمة بأسماء حفرت لنفسها طريقا لخصه الدكتور ماهر شفيق فريد, وأصبح المؤتمر الذي يجسد احتفالية المجلس الأعلى للثقافة بصدور ترجمة الكتاب الألف, حجر أساس لألفية كتب ثانية تؤسس للبنة جديدة في مجتمع المعرفة.

لا يمكن تلخيص أوراق نحو 200 باحث في بضع مئات من الكلمات, وإنما يمكن أن نضع أيدينا على ملامح من هذه الأوراق, فمنها ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ ما يتناول تجارب الترجمة لأدباء عرب: مثل ترجمة أربعة من دواوين الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح إلى الفارسية, وهى (فتافيت امرأة) و(فى البدء كانت الأنثى) و(خذنى إلى حدود الشمس) و(امرأة بلا سواحل), وهي الدراسة التي قدمها يوسف بكار وتناولت ـ بين ما درست ـ ما اعترى الترجمة من أخطاء, وعدم الدقة, وترك مواطن دون ترجمة, وهى مسائل تعود فى أكثرها إلى الركون إلى (المعجم) والاكتفاء بالمعنى اللغوى الحرفى ربما لعدم الإحاطة المطلوبة الواجبة بلغة الهدف; وإلى نقص فى (الإطار المعرفى) الشامل بالشاعر والنصوص وسياقاتها ودلالاتها الأبعد. وهو الأمر نفسه الذي تحدث عنه عبد الهادي الإدريسي في ورقته (تشويه أعمال الأديب العالمي نجيب محفوظ لدى ترجمتها), ومثلما قدم الملتقى دراسات حالة عن الإبداع المترجم, قرأنا دراسات حالة موازية لعدد من المترجمين الأكفاء مثل الدكتور فتحي مهدى وأثره فى الترجمة من العربية إلى الألبانية في بحث قدمه بكر إسماعيل الكوسوفي. ومهدي مفكر ومترجم يعتبر واحداً من المتخصصين الألبان اللامعين في مجال الترجمة من العربية إلى الألبانية, لا سيما في ترجمة معاني القرآن الكريم, وكتب التراث الأدبي الأصيلة.

ولأننا ما نجتمع في حضرة الترجمة, إلا وتذكر خيانة المترجم, فقد وجدنا هناك دفاعات كثيرة, ومنها دفاع الشاعر المغربي المهدي أخريف عن الترجمة الشعرية من لغة وسيطة حين عرض لتجربته مع نصوص فرناندو بيسوا.

وتبقى الإشارة إلى تكريم الملتقى عدداً من الفاعلين في حقل الترجمة, ومنهم الإيطالية ايزابيلا كاميرا دافليتو التي درست على يد المستشرق الإيطالي فرانشسكو جابريللى, وترجمت بين ما قدمت ميرامار لنجيب محفوظ, ورجال في الشمس لغسان كنفاني, والأشجار واغتيال مرزوق لعبد الرحمن منيف. كما كرم الياباني إيكيدا أوسامو رئيس جامعة أوساكا للدراسات الأجنبية.

وكرم أيضا الملتقى الباحث الصيني تشو وى ليه مدير معهد الدراسات الشرق أوسطية, وعضو بمجمع اللغة العربية بالقاهرة, ومترجم لمعاني القرآن الكريم, كما تم تكريم جاك بيرك الذي صدرت له ترجمة لمعاني القرآن الكريم استغرق في إنجازها ثماني سنوات.

وكرم كذلك روجر ألن أستاذ اللغة العربية بجامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة, والذي ألف ـ بجانب ترجماته الأدبية الكثيرة ـ حديث عيسى بن هشام للمويلحي : دراسة مصر إبان الاحتلال البريطاني- 1974, وكرمت أيضا سلمى الخضراء الجيوسي مديرة مؤسسة بروتا Prota ( مشروع ترجمة الآداب العربية) التي أنشأتها لنشر الثقافة والأدب العربيين في العالم الناطق بالإنجليزية. وكرم الملتقى الروسية فاليريا كيربتشينكو أستاذة الآداب الآسيوية والأفريقية بجامعة موسكو ومن أهم الأعمال التي ترجمتها عن العربية سيرة الملك الظاهر بيبرس, وكرمت أيضا كارمن رويث برابو - بياسانته, أستاذ ورئيس قسم الدراسات العربية والإسلامية بكلية الآداب بجامعة مدريد أوتونوما التي ترجمت ما يربو على عشرين عملاً أدبياً وفكرياً من العربية إلى الإسبانية في الأدب والفكر والاجتماع والمرأة. كما كرم محمد مصطفى بدوي الذي أنشأ وشارك فى تحرير (مجلة الأدب العربي) الصادرة باللغة الإنجليزية. وأخير كرم الألماني هارتموت فاندريش الذي ترجم أكثر من 40 عملا من الأعمال العربية المعاصرة, وحصد عدة جائز منها جائزة جامعة الدول العربية لترجمة الأدب العربي المعاصر للغة الألمانية سنة 2004.

مصطفى عبد الله

دمشق

معرض الملصقات السورية
أفكار نمطية, وأساليب متمردة

في أقدم ساحات دمشق يقبع سيف أموي يكسوه زجاج معشق مأخوذ من البيوت الدمشقية ونوافذها الملونة, سيف تحول من كونه تعبيراً عن مرحلة سياسية, إلى رمز تاريخي ووطني, شكل مع النشيد الوطني السوري وألوان العلم; ملصق معرض أقامته كلية الفنون الجميلة قسم الاتصالات البصرية, يعرض من خلاله ملصقات سياسية عبرت إلى حد ما من حيث الرؤية الفكرية عن وجهة نظر واحدة تابعة إلى التوجه السياسي العام ومحصورة ضمن إطار واحد موجهٍ ضد ديمقراطية أمريكا وفكرة السلام التي تدعو إليها. ولسنا بصدد تقييم الدوافع في إقامة مثل هذا المعرض باعتبار المشروع مفروضا من قبل الجامعة.

وعلى الرغم من هذا التأطير إلا أن التنوع تجسد في الأسلوب الفني وكيفية صياغة كل طالب لفكرته التي شكلت إلى حدٍ ما نقلة نوعية في الملصق السياسي السوري على الرغم من وقوع بعضهم في ذات المطب وهو المباشرة في الطرح أو رؤية الأمور من وجهة نظر واحدة سطحية منساقة لما هو مطروح دون تحليل عميق يمكن عكسه في فكرة أو ومضة لها دلالاتها ورموزها مثل ملصق أيمن العلاو الذي جمع فيه العلمين السوري و اللبناني ضمن علم واحد تمزقه يد أمريكية من الجهة السورية, وإسرائيلية من الطرف اللبناني, مما جعل مثل هذه الملصقات مستفزة للكثيرين ليس فقط لسطحيتها بل لفرضها وجهات نظر خاطئة وإن كانت سائدة, في حين اختار البعض التركيز على الإنسان ضمن هذه المتغيرات والممارسات الظالمة بحقه مثل ملصقات أبو غريب لسليمان أحمد الذي انطلق من السجن والتأطير في الظلمة إلى التعذيب ومن ثم تعميم هذه الحادثة ومشابهتها بما حدث في غوانتانامو, كوبا, النقب, رام الله, أفغانستان...., من خلال استخدامه للجسد وتشكيلاته ككتلة في الفراغ والتركيز على تفاصيله حتى في شرايين اليدين.

اعتمد الغالبية على الجسد بشكله المفصل أو خطوطه العامة تأكيداً على الإنسان وحضوره في صياغة أفكارهم كما في ملصق باسل اللحام, امرأة بلا ملامح تواري جسدها لها ألوان العلم السوري تقريباً من خلال بياضٍ عام تشوبه ظلال سوداء, ولون أحمر شبيه بالدم.

وإن كانت ألوان العلم وتداخلاتها سمة عامة في الملصقات كما في ملصق المعرض لفراس قنوع, كذلك العلم بحد ذاته كرمز وطني كان موضوع العديد منها, قوامه الأفراد غالباً مثل ملصق إيلي صائغ, بشرى طعمة, جمال اليوسف, رشا قنطار.

بالمقابل حضر العلم الأمريكي كرمز للإرهاب والقتل وتمت السخرية منه ومن سماتٍ يراها صاحب الملصق في سياسة أمريكا مثلما صورها عمر حاتم في شخص بينوكيو الكاذب وأنفه الطويل ترافقه جملة (must tell the truth u) حس السخرية ومنطق اللعب والربح والخسارة الذي ينسحب على السياسة وتغيراتها تمثل في ملصق ليلى السيد حسو حين اختارت لعبة المربعات (-- o) ورمزت للعلم السوري بالدائرة, و الأمريكي -, لكن على الرغم من إيحائها بالنهاية المفتوحة إلا أنها جعلت الغلبة لسورية, ربما لو تركت النهاية مفتوحة تعتمد منطق اللعبة السياسية وتغيراتها لكان الملصق أكثر عمقاً خصوصاً مع الجملة التي رافقته (Victory for right).

جمل عديدة كتبت على الملصقات بعضها كان زائداً لا ضرورة له فالصورة أكثر تعبيراً وبعضها جاء مكملاً للصورة, أو مناقضاً لها لإيصال الفكرة المرجوة ومثال ذلك ملصق مميز لمازن الحموي جمع فيه ثنائية الكلمة والصورة, الرؤية والانعكاس, مستخدماً مرآة سيارة متجهة إلى الحدود السورية, وما تعكسه من انفجار طائرة حربية وجملة موجودة دائماً على مرايا السيارات (ما يظهر في المرآة أكثر قرباً مما يبدو).

ومن الواضح تأثر بعض الطلاب بأهم الفنانين التشكيلين مثل لوحة (الخروج من الجنة) لمايكل أنجلو التي استقى منها زين مخلوف ملصقه وجعل المانع في التقاء الأيدي تصدعاً في الجدار وراءه أمريكا, كذلك لوحة (الصرخة) لبيكاسو, التي جعلت كندة يوسف خلفيتها العلم الأمريكي.

القسوة وانعدام الأمل والتفاؤل سمة جميع الملصقات فهي تخلو من أي بارقة أمل أو محرض يُدخل بعض السرور في النفس, مما يعكس مدى الإحباط المهيمن على جيل بأكمله, أو قدرته على قراءة الواقع بشكل موضوعي دون أحلام ورديه وقصورٍ رملية. لكنهم اجتمعوا على وجود عدو واحد خارجي وحصروه في أمريكا وشخص بوش تحديداً, ربما تطرق البعض إلى بلير وشارون. دون وجود تعدد في وجهات النظر وتحليل أكثر عمقاً لما يدور في العالم بأسره من تحالفات ومصالح سياسية تستفيد منها أطراف عدة وليس فقط أمريكا وإن كانت المنتفع الأكبر.

لكن المعرض بجملته واختيار هذا الشكل الحضاري للرفض أو الاحتجاج أدى إلى نقلة نوعية في الملصق السياسي السوري مما جعلنا نتساءل : هل الضغوط السياسية تفرض حالة مهيمنة على كل المجالات لتكون الموضوع الشاغل والأساسي في مرحلة ما ? أم أن هذا التطور الذي يشمل طريقة صوغ الشباب لأفكارهم قادرة على تناول قضايا حياتية على الصعيد الداخلي فلا يظل محصوراً ضمن الإطار السياسي فقط?

تلك النقلة كانت على المستوى الفني تحديداً سواء في طريقة التعامل مع الفراغ والكتل والألوان والظل والنور... لتجسيد أفكار بسيطة وعميقة في الوقت ذاته, وإن كانت مباشرة في أغلبها.

إلا أنها لفتت الانتباه إلى مواهب شابة أكثر اطلاعاً وحرفية وقدرة على استنباط أساليب جديدة للتعبير عن أنفسهم ورؤاهم الفكرية والفنية, وضرورة إتاحة أكبر قدر من الحرية لتنوع الأفكار دون أي تأطير كفيل بوضع حدود للإبداع ومن ثم قتله.

ليلاس حتاحت

الإسكندرية

سحر المتوسط
واليوبيل الذهبي لبينالي الإسكندرية

يعتبر بينالي الإسكندرية الدولي لدول حوض البحر الأبيض المتوسط بمنزلة تجمع يمثل لغة حوار بين دول يجمعها الموقع الجغرافي تتنوع فيها الثقافات وتتعدد التيارات الفنية محققًا هذه اللغة من خلال هذا الثراء الفني والتقني المتنوع.

ويعتبر ثاني أقدم بينالي من حيث النشأة بعد بينالي فينيسيا حيث أقيمت أولى دوراته عام 1955 والتي افتتحها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بمتحف الفنون الجميلة بالإسكندرية, والذي كان يجب أن يستقبل الحدث في دورة البينالي الحالية - الثالثة والعشرين - والتي تواكب يوبيله الذهبي إلا أن المتحف في احتياج إلى ترميمات وتطوير, الأمر الذي حدا المسئولين عن البينالي على اتخاذ قرارهم بإقامته في مركز محمود سعيد للمتاحف والذي يشمل العديد من القاعات وذلك تدعيمًا لرأي الألماني جان إيبار مارتن الذي رأس لجنة التحكيم الدولية التي تكونت من أعضاء من خارج دول حوض البحر الأبيض المتوسط فيما عدا العضو المصري د.محمد عوض, فمن ألمانيا شارك د.ديتر شولتز, ومن سويسرا برنارد فيبشر, ومن جنوب إفريقيا كليف كيلز أما الوطن العربي فشارك في لجنة تحكيم البينالي مهدي مطشر من العراق, وفيصل السمرة من المملكة العربية السعودية.

وقد ألغيت في هذه الدورة الجوائز المالية وخصصت خمس جوائز كبرى باسم منار الإسكندرية الذهبي فاز بها: عماد عبدالوهاب من مصر والذي قدم خمس لوحات تصوير بخامة الإكريليك بعنوان (الذات والآخر) قدم رؤيته لظاهرة تشوه الجسد الآدمي في أسلوب درامي, الأخوان آمال وعبدالغني قناوي من مصر قدما عملاً لأشكال آدمية مشوهة أيضًا تجمع بين الرجل والمرأة في شد وجذب في العمل المشترك بوسائط الفيديو والتصوير الفوتوغرافي, (ليزي كاليجاس) من اليونان قدمت أربع صور فوتوغرافية بالأبيض والأسود لمجموعة من السابحين في مياه البحر المتوسط مركزة على ضوء أشعة الشمس وتأثيرها على مياه البحر, أما رابع الفائزين بالجائزة الفنانة القبرصية (أزاتوها دجيوا) عن عملها (تموجات) في مجال الفيديو آرت لأسراب من الطيور في عرض تلفزيوني عبر ثماني شاشات تلفزيونية متوازية. أما جائزة أفضل جناح فحسمت لإسبانيا ذلك الجناح الذي تميز بالعمل المركب الوحيد الممثل لها للفنان (خوسيه ليدوريكو) في صالة العرض الكبرى وهو عبارة عن مجموعة من التماثيل الآدمية والوجوه البشرية التي تشير إلى المأساة التي يعانيها المهاجرون المتسللون من الجنوب إلى الشمال سعيًا وراء الرفاهية.

د. محمد الناصر

المنامة

مسابقة بحرينية حول
دور المرأة في الثقافة الإسلامية

خصصت مسابقة ثقافية جديدة في مملكة البحرين لدراسة دور المرأة في الثقافة الإسلامية, وغيرها من الموضوعات التي دعي للتنافس فيها (المفكرون والباحثون من أبناء وبنات الأمة العربية). وكانت جائزة يوسف بن أحمد كانو للتفوق والإبداع, ومقرها مدينة المنامة قد فتحت باب الترشيح للتنافس على الجائزة في دورتها الرابعة في مجال الثقافة الإسلامية حول (المرأة ودورها في الثقافة الإسلامية). شارحة أن السبب وراء هذا الاختيار هو الحديث الدائر إقليميًا ودوليًا عن المرأة وحقوقها, وفي حين يتعرض العرب والمسلمون إلى نقد بحق وبغير حق عن وضع المرأة في بلادهم, والجائزة تكريمًا منها للمرأة تطرح هذا الموضوع لتأصيل النظرية الإسلامية التي تتعلق بها وبحقوقها وكيفية ممارستها لها وخاصة دورها المستقبلي في البلاد العربية والإسلامية.

أما المجال الثاني للجائزة وهو في إطار المال والاقتصاد والأعمال فيبحث تأثير اتفاقية التجارة العالمية على الاقتصاد والتجارة في العالم العربي. في حين خصص المجال الثالث للطب والعلوم الطبية, محددا (مرض السكري: أخطاره, طرق الوقاية, أساليب العلاج), حيث يعد داء السكري مرض العصر إذ ترتفع نسبة الإصابة بهذا المرض بصورة مطردة لدى الكبار والصغار حول العالم وعلى الأخص في منطقتنا العربية, ويعتبر مرض السكري من النوع الأكثر تحديًا من حيث إيجاد طرق فعالة للشفاء التام عند الأشخاص المصابين أو الوقاية منه عند الأشخاص المعرضين للإصابة به. ولخطورة هذا المرض فإن الجائزة تطرحه للتنافس عليه في أحد موضوعين; استنباط طرق إنتاج خلايا بيتا (Betq Cells) المصنعة للأنسولين من الخلايا الجذعية (Stem Cells) لاستخدامها في زراعة خلايا البنكرياس, أو دراسة الاضطرابات الوظيفية المبكرة لخلايا بيتا (B) المسببة لمرض السكري من النوع الأول .

واشترطت الدعوة للجائزة في موقعها على الإنترنت www.kanooaward.com أن يكون المتسابق أو المتسابقة من أبناء وبنات الأمة العربية من داخل الأقطار العربية وخارجها, وألا يكون العمل أو الأعمال المقدمة قد فازت بجائزة أخرى, وأن تكون جميع الأعمال باللغة العربية ماعدا الطب فيمكن تقديمه باللغة الإنجليزية أو الفرنسية مع ملخّص باللغة العربية, على أن يغلق باب التنافس في الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر القادم.

وسيمنح الفائز جائزة نقدية وقدرها خمسون ألف دولار أمريكي في كل مجال, مع درع وشهادة تقدير.كما أن الترشيحات ستقبل من الجامعات ومراكز الأبحاث والمؤسسات العلمية, والأفراد, ولكنها لن تقبل من الأحزاب السياسية والجهات الحكومية.

الدرار البيضاء

أنطولوجيا الحلم المغربي
لترجمة القصص القصيرة

أطلقت في الدار البيضاء دعوة لتدشين مشروع -أنطولوجيا الحلم المغربي- الخاص بترجمة القصة المغربية القصيرة إلى اللغة الإنجليزية, للتعريف بالحساسيات الجديدة للقصة المغربية القصيرة الجديدة.

وقد حددت المحطات الثلاث للمشروع في إقلاعه نحو الغاية المنشودة في (الوصول للقارئ الآخر). وأولى المحطات هي النشر الإلكتروني على مواقع إلكترونية ثقافية عربية لمعانقة ذوي القربى الذين يفترض أن يكونوا أول من يقرأ الخبر وأول من يطلع على المشروع. على ان تساير هذه الخطوة نشرا موازيا على مواقع إلكترونية أنغلوفونية تعنى بالأدب المقارن والترجمة والإبداع. الخطوة الثانية هي النشر الورقي على صفحات المنابر الإبداعية والثقافية الأنغلوفونية. والخطوة الثالثة والأخيرة ستكون تتويجا للمرحلتين السابقتين من هذا المشروع بالصدور في كتاب تحت رعاية ناشر يتكفل بطبع الكتاب والترويج له ولكتابه. ومع تركيز الأنطولوجيا على القصة القصيرة, فهي تشترط أيضا داخل ذات الجنس الأدبي موضوعا واحدا كقاسم مشترك ضروري تتقاطع فيه كل النصوص المقترحة للترجمة وهو (الحلم).

ويعتبر القاص الشاب محمد سعيد الريحاني صاحب الدعوة لهذا المشروع أنه بمنزلة فاتح شهية لانفتاح إبداعي عربي قادم على الآخر مثلما هو إدانة لواقع القراءة المتردي في كل ربوع البلاد العربية وشجب لسيادة (مبدع الحي لا يطرب). فالمشروع هو مبادرة للانفتاح على الآخر على الأقل على الواجهة الإبداعية, وهي الواجهة التي نأمل أن تعرف مناضلين ثقافيين آخرين يفتحون النافذة الثانية للمشروع ويشتغلون على ترجمة ذات النصوص إلى اللغة الفرنسية أو الإسبانية أو الألمانية أو الروسية.

ويرى الريحاني أن حياة المشروع في امتلاك كل المغاربة له, (فلسنا سوى منفذي حلم/مشروع كان أصلا حلما/مشروعا في مخيلة كل المبدعين المغاربة. أما شروطه فهي غير مفروضة ولا هي نهائية. إنها تتأقلم باستمرار مع المعطيات المتجددة عندنا: النصوص القصصية المتوافرة, اقتراحات الغيورين على فكرة المشروع الذي ينمو ويتكيف ويتأقلم باستمرار مع مقترحات الزملاء الكتاب المغاربة. وعليه فقد تم إسقاط شرط (أن يكون الكاتب قد نشر على الأقل مجموعة قصصية واحدة على الأقل) اقتناعا بفكرة صعوبة دخول عالم النشر بالنسبة لأغلبية الأدباء الشباب. ثم تبعه إسقاط صفة الأدباء الشباب عن المرشحين لغموض مفهوم الشباب والأدب الشاب والأدباء الشباب وحاجته للتدقيق والتمحيص. وقد أنجز مشروع (أنطولوجيا الحلم المغربي) ترجمة (تفسير الأحلام) لنور الدين محقق, و(افتح, يا سمسم!) لمحمد سعيد الريحاني, و(حلم شهريار) لعبد النور إدريس, و(أحلام متمردة) لعبد الله المتقي, و(لكل جحيمه) لمنى بنحدو,(الرجل الرمانة) لمنى وفيق.

مدريد

رحلة الى نور المعرفة

لا شك في أن من يتابع وسائل الاعلام الغربية أو من يتحدث مع الغربيين بصراحة, يشعر بنظرتهم الخاطئة عن العرب والمسلمين بشكل خاص والإسلام بشكل عام. وقد أصبح هذا الشعور المغلوط واضحا بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001م, وما تلاها من أحداث وتداعيات أخرى جرت في دول عربية وإسلامية وأوربية. ومع ذلك, قرر أحد الغربيين وهو الإسباني خوسي خابيير غاييغو, المقيم حاليا في دمشق, نشر كتاب (رحلة الى نور المعرفة) باللغتين العربية والانجليزية, عن دار النشر الاسبانية (Al- Andalus editors), بعد أن رأى أن قصته في الاهتداء الى الاسلام مماثلة لقصص ستة غربيين أخرين ينتمون الى عدة جنسيات, هي الفرنسية والإسبانية والأمريكية والبولونية واليابانية.

وقد قام بذلك كي يبين للقراء أن اختيار الاسلام ليس اشراقة عاطفية أو ميلا الى ثقافة, وانما هو مسألة أن يكون المرء إنسانا منفتح القلب يبحث عن جوهر الوجود الإنساني, وكي يكون هذا الكتاب شعاع فجر ينير درب الكثيرين من البشر الذين مازالوا غارقين في الظلام الدامس, مصرين بشكل غريب على كبريائهم وأنانيتهم. وأهم قصص اهتداء هؤلاء الغربيين الى الإسلام هي قصته نفسه, التي بدأها قائلا: (انه من الصعب بالنسبة للانسان الغربي أن يدرك أن شخصا ما يحوز كل شيء قد يحلم به أي منا في حياته, ثم يكون غير سعيد. وأكثر من ذلك أن يعيش في يأس وشعور بعدم فائدة هذه الحياة, ويرد على ذهنه من حين لآخر فكرة الانتحار). ثم يعرض على بعض الحوادث التي جرت معه في الغرب, سواء التي تتعلق بطفولته في مدينة سرقسطة الواقعة في شمال إسبانيا, أو بالحياة السياسية الإسبانية بشكل عام التي عايشها في الربع الثاني من القرن العشرين, أو بحوارات جرت بينه وبين شباب غربيين, أو عن علاقته بالكتاب وخوفه من الموت,... والتي اكتشف من خلالها أن الكثيرين من الناس في الغرب يشعرون بأنهم بعيدون عن فطرتهم, وأن حياتهم خالية من المعنى, بالرغم من وجود شوارع منظمة ونظيفة, وحدائق ومشاف كافية, ورواتب عالية,.. الأمر الذي يخفي وراءه سوءًا في المعاملة, واباحية في العلاقات غير الأخلاقية, وحدوث فراغ روحي. وأكثر الأماكن أثرا فيه هي الموجودة في مدينة غرناطة القديمة, ومنها بلدة البايسين, التي زارها ودخل مع عائلته الى المسجد الموجود فيها وتعلم فيه كثيرا من الامور المتعلقة بالمسلمين, سواء التحية والتقبيل, أو عزل النساء في أماكن خاصة, أو صوم شهر رمضان الكريم والإفطار والصلاة وتلاوة القرآن الكريم, وكذلك قصر الحمراء الذي تعرّف فيه خلال زيارته له على بعض المسلمين, وشعر, ومعه ولداه, بطيبتهم, وبالتالي حب التعايش معهم. وهذا ما جعل كل شيء يشرق بين جوانحه, وأن يخفي كل ما كان يثور في داخله, وأن تمتلأ نفسه باشراقة عظيمة, وقد تأكد من ذلك, قبل نومه حينما كلم نفسه قائلا: يا إلهي, إنه الإسلام إذن, ذلك الذي كنت أبحث عنه كل حياتي, أخيرا وجدت ذلك المسمى: الله. وبالتالي كان له أن يعلن الشهادة في مسقط رأسه (لا اله الاّ الله, محمد رسول الله), أمام مجموعة من الرجال أتوا من غرناطة ليشهدوا على ذلك, وأطلقوا عليه اسم أبو بكر. وفيما يتعلق بالستة الآخرين, البولونية بيبايا روزكو (واسمها الاسلامي نجاة), الامريكية باميلا مستيرن (واسمها الاسلامي خديجة), الفرنسي ألاين هواراو (واسمه الاسلامي أبو بلال محمد صالح ), الياباني ناوكي ماينو (واسمه الاسلامي أحمد), اليابانية يوكو ماينو (واسمها الاسلامي صفوة), اضافة الى أليكساندي دياث باتشي الذي يحمل الجنسيتين الإسبانية والفرنسية (واسمه الإسلامي محمد), الذين اهتدوا الى الاسلام بعد حوادث مرت عليهم, أو لقاءات أجروها مع مسلمين في بلدانهم أو في بلدان اسلامية, أو اثناء دراستهم للغة العربية, وبعد أن اطلعوا على القرآن الكريم والتعاليم والعادات الاسلامية المتسمة بالحب والتعاون في المآتم والأفراح,.... لاسيما أنهم عانوا من ملل الحياة الغربية المتسمة بفقدان التآلف والتعاون على صعيد العائلة أو المجتمع, أو من فقدان التنظيم في مجرى الحياة اليومية, وكرهوا تميز العديد من الغربيين بالسطحية والمادية والاستهلاكية, واعتيادهم شرب الكحول أو تناول المخدرات,.. وقد كان اعتناق الاسلام دينًا بالنسبة لبعضهم سهلا, ودون مواجهات مع أقربائهم, بينما تخوف أهل أحدهم من الاهتداء الى الاسلام, ووصل بهم الأمر الى استشارة طبيب بخصوص هذا التحول, تجنبا لاحتمال أن تكون جماعة ما قد حولته الى أصولي أو حتى إرهابي <

د. غازي حاتم





عمل خزفي لعلي العوض





ملصق الملتقى





المستعربة الإسبانية كارمن رويث





الدكتور محمد أبو العطا والدكتور محمد شاهين في إحدى جلسات الملتقى





الديمقراطية المكبلة





ملصق للفنان فراس قنوع





عمل للفنان سليمان أحمد





عمل للفنان سليمان أحمد





عمل للفنان خوسيه ليدوريكو (إسبانيا)