عزيزي القارئ المحرر

عزيزي القارئ

الذات الإنسانية

عزيزي القارئ ..

نحن نقترب من نهاية قرن تنقلب فيه الأفكار على البدايات التي طلع بها على العالم. فمع اندفاع البشرية باتجاه التصنيع ومزيد من التصنيع مع بدابة هذا القرن، بدا أن التفكير في الإنسان الفرد يتراجع أمام عدوي الآلية والإنتاج بالجملة وإفراز القوالب الجاهزة في خطوط الإنتاج بالمصانع. قاد الغرب هذا النمط الحيلتي الجديد وشهد بالتالي انعكاساته الفكرية والفكرية المضادة وقام بتصدير كل ما تمخض عن ذلك من مازقوما يترتب على هذه المآزق من تمردات. لكن التمرد الغربي على التأثيرات السلبية للتصنيع، خاصة الازمات الاجتماعية بين البشر، كان في أبرز ملامحه صورة معكوسة لنمط التفكير السائد آنذاك. وكان إهمال الإنسان الفرد أمام طغيان التصنيع مؤذنا بتمرد معاكس لكنه يهمل الإنسان الفرد أيضا ويفكر في البشر كجموع وجماهير وطبقات. الآن تداعت صروح كثيرة لهذا التمرد لتفتح المجال أمام أسئلة تتوخى إجابات جديدة خاصة أن موجات التصنيع تنطلق في اتجاهات شبه خارقة. ولعل الاجابات الجديدة ستحوم حول الذات الإنسانية لتصنع نمطا سائدا من التفكير الجديد المعني بالفرد الإنساني بكل أبعاده العضوية والنفسية والروحية فهل سيكون في هذا التوجه مفتاح حل مناسب للخروج من مآزق كثيرة يواجهها الإنسان المعاصر على مستوى علاقة الإنسان بالإنسان والأنظمة، والإنسان بالأرض؟ ولعل العودة إلى الذات الإنسانية تكون مرتكزا لرؤى عديدة تشكل "العقل الباطن" لكثير من مواد هذا العدد. فافتتاحية رئيس التحرير ملف حالة اللاسلم واللاحرب ثقافيا"، وهو ملف مثقل بإرث تاريخي وايديولوجي وذاكرة جماعية تجعل من فتحه مغامرة أمام من يبحث عن منطق جديد لطرح الأسئلة قبل الحصول على الاجوبة. كذلك يذهب الاستطلاع الخارجي في هذا العدد إلى فيتنام التي ظل التعامل معها طويلا موقوفا على طريقة التفكير بالجملة كموجات من المقاومه الوطنية للقادمين من الغرب، ثم كجماهير تتراص تحت الاعلام الحوراء التي نشات أيدويولوجيتها في الغرب، بينما ظل الإنسان زارع صانع الحكايات والاساطير وتحليقات الروح الشرقية مجهولا. أما الاستطلاع العربي في هذا العدد فهو يذهب مباشرة باتجاه الذات الإنسانية التي تتجاوز حدودها حدود الأرض في البحرين.. حيث "الأرض عريقة، والناس رحب".

ولعلنا لا نكون في حاجة إلى القول أن بقية مواد العدد ابتداء من تلك العملية كالوقاية من "الموت القلبي المفاجئ" وحتى الأدبية كالقصة "دوائر من حنين" ووصولا إلى الإنسانية الساخرة في "إلى أن نلتقى.." كل هذه المواد تبدأ من الذات الإنسانية، نفسا وجسدا، وتعود إليها وجدانا ورؤية. فلنعد إلى ذواتنا ولندخل في لقاء جديد.

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات