الثقافة الالكترونية
الثقافة الالكترونية
«صحافة المواطن».. عندما يصبح كل فرد مراسلا صحافيا!! ترى ما هو مستقبل الصحافة المقروءة، بل والإعلام المرئي أيضا بعد عشر سنوات من الآن في ظل تنامي ظاهرة وسائل الإعلام الشخصية الممثلة في المدونات، وامتلاك هواتف النقال ذات الكاميرا؟ هذا السؤال تطرحه الصحف الغربية الآن في محاولة لتقصي طبيعة «الميديا» في السنوات المقبلة، في ضوء مجموعة من الإحصاءات التي نشرتها مجلة «نيو ساينتست» العلمية المتخصصة تقول إن 69 في المئة من البالغين والمراهقين في الولايات المتحدة هم من مستهلكي محتويات الإعلام بكل أشكاله، وأن 32 في المئة من مستهلكي المحتوى الإعلامي هؤلاء، هم في الوقت ذاته منتجون للمحتوى الإعلامي، وأن هناك 83 مدونة أو بلوج blog يتم إنشاؤها يوميا في الولايات المتحدة، وأن 54 في المئة من الأفراد في الولايات المتحدة يقومون بتصوير وبث مواد موسيقية أو فيلمية أو مصورة فوتوغرافيا على الإنترنت. وتضرب المجلة مثالا تقول فيه إنه في اليوم الذي تعرض فيه أحد الجسور المعلقة على نهر مسيسيبي في مينابوليس في شهر أغسطس الماضي، تكونت، في غضون ساعات قليلة، مادة إعلامية رهيبة في أرجاء الولايات المتحدة من قبل الافراد العاديين. تنامي ظاهرة الإعلام الشخصي، له مؤشرات عديدة منها - ووفقا للمصدر نفسه - أن ما يزيد على 100 مليون فرد لديهم مدونات شخصية في أرجاء العالم، وهناك ملايين آخرون يبثون يوميا لقطات فيديو من تصويرهم على موقع (يو تيوب) الشهير، أو يضيفون معلومات على الموسوعة الإلكترونية «ويكيبيديا»، أو يسهمون بتعليقاتهم على المواقع الخبرية على الشبكة، أو ينشرون صورا ويعلقون عليها، وغير ذلك. والحقيقة أن الظاهرة ليست بعيدة عن الواقع العربي, ففي الفترة التي وقع فيها إعصار جونو خلال الصيف الماضي، وضرب العاصمة العمانية مسقط، وأجزاء واسعة من السلطنة، قام العديد من المواطنين العمانيين بالتقاط صور رقمية، ولقطات فيديو للكارثة وآثارها المروعة، وتم بثها على الشبكة في مواقع إلكترونية عدة. أحدث صحيفة إلكترونية عربية ظهرت أخيرا هي «جريدتك» (www.jaridtak.com)، التي تعطي الفرصة لكل من شاء الكتابة إليها أن يفعل وأيا كانت مهنته، وخبراته، شرط أن تكون لديه المهارات الأساسية للكتابة، وإرسال المادة والصور (انظر المادة المصاحبة عن الموقع). دخول المواطن إلى ساحة الإعلام كمنتج أصبح حقيقة واقعة، الامر الذي يطرح أسئلة حول مدى فائدة «إعلام المواطنين» هذا على الإعلام الرسمي والمؤسساتي في المستقبل القريب. وهل يمكن لهذا الإعلام (الرسمي والمؤسساتي) استثمار تلك الوسائط في تطوير خدماته الصحفية والخبرية. ومن سيكون الأكثر تأثيرا في المستقبل؟ الإعلام المؤسساتي بما يمتلكه من مصادر تمويل وقوة تأثير وانتشار؟ أم «إعلام المواطن» الذي من المتوقع أن يحظى أيضا بتمويل المؤسسات غير الربحية المهتمة بحرية التعبير، وتنمية سبل الحوار والمعلومات العالمية؟ الظاهرة ستحدث نوعا من التجويد في ساحة الإعلام العربي المؤسساتي، وربما ستتيح فرصا جيدة لموهوبين قد لا تتوافر لهم الفرص في الحالات العادية، ليس في الصحافة فقط، وإنما حتى في التصوير والسينما والعمل الفني بشكل عام. كما أن التدفق الخبري والمعلوماتي سيشهد طفرة غير مسبوقة، آخر. والأهم من هذا كله أنه لو استطاعت الآلة الإعلامية المؤسساتية العالمية في احتواء ظاهرة الإعلام الشخصي هذه بدلا من إقصائها، فإن النتائج ستكون جيدة جدا، ليس فقط على مستوى تجويد التدفق الإعلامي، وإنما في تجويد الحوار العالمي أيضا. جريدتك.. صحيفة لكل من يرغب! هذه الصحيفة الإلكترونية تأسست منذ فترة وجيزة (مارس2008)، وبالتالي فلم تتضح نتائج التجربة بعد، لكنها تضمنت عددا من الموضوعات التي يبثها مراسلون لها في لبنان (مكان التأسيس)، ما بين الخبر السياسي، والرأي وغيرها. تعرف الصحيفة الإلكترونية نفسها بالقول: » في 28 آذار- مارس 2008، تم اطلاق مشروع «جريدتك»، كأوّل صحيفة على الإنترنت باللغة العربية، تتبنى، من دون مواربة، مبادئ وأهداف «الصحافة المدنية البديلة»، أي تلك الصحافة التي يحررها القراء بصفتهم شهود عيان على الأحداث التي تجري من حولهم، أو يشاركون في صنعها، أو التي تؤثّر في حياتهم... فالهدف الأساسي لهذه الصحيفة الجديدة هو إشراك القرّاء في صناعة الأخبار، والإفساح في المجال أمامهم للتحوّل من دور المتلقّّي الى دور المرسل للمعلومات والأفكار». كما تشير إلى أنه: «يمكن لأي واحد منا أن يكون مصدرًا مهمًا للمعلومات: المدونون، مستخدمو الإنترنت، المواطنون العاديون، الجمعيات، والصحافيون... أي مواطن يعتبر«راصدا للأحداث» ويمكن أن يصبح «محررا» قادرا على تحديد وتوفير معلومات ذات قيمة عالية». وإذا صح ما يشير له الموقع فسيكون له الأولوية. هل للموقع توجهات بعينها، أم أنه مفتوح لكل الآراء مهما اختلف مؤسسوه معها؟ هذا ما لا إجابة عنه في ثنايا الموقع ولا يمكن تعميمه بسبب محدودية المادة، لكن قد تكشف عنه الخبرة في المستقبل القريب. عنوان الموقع: تجارب عالمية للصحافة الذاتية هناك تجربتان رائدتان في مجال الصحافة الذاتية هذه هما: تجربة agoravox الصحيفة الإلكترونية الفرنسية التي تستقطب نحو مليون زائر شهريا، وهي تضم في قوائمها حوالي 600 مراسل، وتتلقى يوميا أكثر من 50 خبرا وتحقيقا ومقابلة، وتقوم بنشر حوالي 30 خبرا يوميا. وهناك أيضا تجربة oh my news التي تعد نموذجا ناجحا لفكرة الإعلام البديل، ويطلق على هذه التجربة الرائدة اسم «صحافة المواطن»، اذ إن كل مواطن يمكنه الدخول المجاني إلى الصحيفة، وتسجيل اسمه ليصبح مراسلا صحافيا. تتصدر عبارة على الصفحة الرئيسية للصحيفة تختصر فكرتها، فشعارها هو «كل مواطن يُعد مراسلا صحفيا»... ووفقا لصحيفة «الجارديان» البريطانية فإن هذه الصحيفة الإلكترونية ساهمت في انتخاب رئيس كوريا الجنوبية «روه مو هيون»، كما ساهمت في تنظيم تظاهرات قوية وحاشدة ضد السياسات الأمريكية ولا سيما ضد الحرب على العراق.
|