أعلنت شركة
الاتصالات البريطانية "تيليكوم" أنه في غضون سنوات قلائل سيكون هناك معاونون طبيون
(ممرضون ورجال إسعاف) قادرون على فحص المصابين والتصرف الطبي بناء على تعليمات توجه
إليهم - سماعا ورؤية - عبر جهاز يربطهم بطبيب مختص يناوب في أحد المستشفيات
المتخصصة ويرى ما يرونه ويوجههم تبعا لذلك . وتبعا للمخطط الذي ينفذه ويختبره
مستشفى "إسويش" Ipswich، فإن المعاونين الطبيين يقومون بارتداء خوذات تشبه خوذات
"جنود الفضاء" في أفلام الخيال العلمي، وهذه الخوذات مزودة بآلة تصوير "فيديو"
وميكروفون، ويتم نقل الصور التي تلتقطها "كاميرا الفيديو" وكذلك ما يسمعونه من
أسئلة المعاون الطبي إلى المستشفى عبر الأقمار الصناعية ليعاين الاختصاصيون هذه
الصور ويقفوا على وصف الحالة. عندئذ يقوم الاختصاصيون بتوجيه المراقب الصحي إلى ما
ينبغي عمله لإنقاذ حياة المصاب. ولأن الأمر كثيرا ما يتطلب إيضاح الإجراء المطلوب
صورة أو رسما، فإن هذا ينقل إلى المسعفين عبر شاشة صغيرة تتوضع في الخوذة أمام
أعينهم. إن هذا النظام للوجود الاتصالي يتيح تجميع المطلوب من الخبرات الطبية
الفائقة وإرسالها لتكون معلومات متاحة لحسن التصرف بين أيدي المساعدين الطبيين
الأقل خبرة، والذين يكونون في مكان الحادث، ويؤكد العاملون في هذا المجال أن هذه
الخبرة ستكون من المكونات المهمة لطب المستقبل، حيث سيتاح للطبيب الخبير أن يكون
موجودا - وجودا افتراضيا فاعلا - في مكان الحادث مهما بعد هذا المكان عن المستشفى
الذي يكون فيه الطبيب. ويقول عن ذلك الدكتور "آلان جونز" المستشار في قسم الطوارئ
بمستشفى "إيسفيتس": "مازال المشروع في إطار النموذج التجريبي، لكن الأفكار الأساسية
له تبدو مبشرة جدا".
تمكن فريق من
الباحثين السويديين في معهد كارولينسكا من التوصل إلى أن سبب مرض الكمبيوتر أو
متلازمة الكمبيوترComputer Syndrome يعود بالدرجة الأولى إلى الإجهاد والتوتر النفسي جراء
متابعة نقاط الانبعاث على الشاشة وليست بسبب الإشعاع كما كان رائجا من قبل. وقد سجل
الفريق الباحث زيادة ملحوظة في نسبة بعض الهرمونات لدى تحليل دم بعض المصابين بمرض
الكمبيوتر ذاك، وكان واضحا أن الزيادة ملحوظة في "الثيروكسين" و"البرولاكتين" وهما
مصنفان ضمن ما يسمى بـ "هرمونات التوتر". كما لوحظ أن الأعراض التي تسببها زيادة
هذين الهرمونين هي نفسها التي تظهر لدي مدمني شاشات الكمبيوتر. توصل الفريق الباحث
إلى النتائج السالفة الذكر بعد دراسة ميدانية شملت 4000 حالة توالى ظهورها منذ
منتصف الثمانينيات حتى الآن، وقد تركزت الدراسة حول معاناة العاملين على الكمبيوتر
خاصة الجلدية منها، وكانت الأعراض مرتبطة بالعمل أمام شاشة الكمبيوتر (حتى إنها
كانت تخف في أيام العطلات) كما لوحظ ترافقها الواضح مع زيادة "هرمونات التوتر".
وتتلخص الأعراض في الشعور بسخونة في الجلد مصحوبة بحكة وأحيانا مع الاحمرار. وهذه
الأعراض بدورها تسبب توترا ومن ثم زيادة جديدة في هرمونات التوتر وهكذا
دواليك.
وفي ختام الدراسة
وجه الباحثون النصح للعاملين على الكمبيوتر، لتلافي هذه الأعراض ومضاعفاتها، بأن
يلجئوا إلى الراحة والابتعاد عن جو العمل التقليدي على فترات محسوبة ومنتظمة . كما
نصحوا بالتوقف عن العمل والابتعاد عن الكمبيوتر فور الشعور بهذه الأعراض والتأكد من
زوالها قبل مزاولة العمل مجددا. ويلاحظ أن الدراسة لم تتطرق إلى مضاعفات استمرار
الأعراض، ولم تتناول جوانب أخرى ترتبط بالإجهاد وعواقبه على القلب مثلا أو على
العين. لهذا تجعلنا هذه النتائج نتذكر نصيحة طبية سابقة تقول إن العمل أكثر من 21
ساعة أسبوعيا أمام شاشة الكمبيوتر يؤدي إلى التوتر. ولا بد أن جرس الإنذار من إدمان
العمل على الكمبيوتر قد بدأ دقاته الأولى، حيث بدأ رصد الداء دون أن يكون هناك دواء
.. إلا الوقاية.
تقنية
لعبة... ضد الجاذبية
يبدو أن اليابان لا
تكتفي بمخاطبة طموح الناس إلى أدوات تقنية مدهشة تيسر حياتهم اليومية وتربطهم بما
يحدث في العالم من حولهم, فالعملاق التقني الياباني يميل إلى اللعب أيضا, ويدعو
البشرية إلى تجريب لعبه العجيبة, فقد شاعت في الأسواق التقنية أخيرا لعبة يابانية
الصنع عبارة عن مغزل (نحلة) يدور معلقا في الهواء. تتكون اللعبة من قاعدة مغناطيسية
ومغزل ممغنط, وعند إدارة المغزل على القاعدة يرتفع ببطء في الهواء, طافيا على مسافة
عدة سنتيمترات, ويظل يدور حتى تقل سرعة دورانه فيعود إلى الهبوط ببطء حتى يستقر
على القاعدة من جديد.
لغز هذه اللعبة
يكمن في ا لحسابات الدقيقة لوضع الأقطاب المغناطيسية داخل القاعدة, وداخل المغزل,
إضافة لدقة حساب الوزن الذي يشكله المغزل في مواجهة القوى المغناطيسية التي تكونها
الأقطاب. وي تشكل الحقل المغناطيسي داخل القاعدة على هيئة فنجال يدور فيه المغزل
الذي يعمل ثقله على تثبيته في وضع قائم يعزز قوة الدوران وهذه بدورها في مواجهة
المجال المغناطيسي تعمل على مغادرة المغزل للقاعدة فتكون النتيجة:نحلة تدور في
غرفتك وهي معلقة في الهواء.
إنها لعبة, لكن روا
جها لم يقتصر على عالم الصغار, بل إن الكبار أيضا يقتنونها بشغف, فهي تغازل حلما كا
منا لدى كل إنسان للانعتاق من أسر الجاذبية والانطلاق في الأعالي.
بيئة
حظائر بلا ذباب
نجحت السويد في
تحقيق معادلة صعبة تتمثل في إيجاد حظائر ومزارع واصطبلات دون وجود للذباب ودون مواد
كيماوية - قد تكون قاتلة للذباب لكنها مسممة للحيوانات ومنتجاتها ولو في أدنى درجة.
وهذا النجاح ذو مردود بيئي واقتصادي في الوقت نفسه. فقد ثبت علميا أن البيئة
الخالية من الذباب تهيئ إنتاجية أفضل في الحظائر والمزارع والاصطبلات. فالمعروف عن
الذباب أنه ينقل الجراثيم والفيروسات الممرضة للإنسان وللحيوان على السواء، ومن ثم
يتردى أداء الحيوانات الموجودة مع الذباب وينخفض وزنها ويشح إنتاجها. وعلى العكس من
ذلك ثبت أن الأبقار التي تعيش في بيئة خالية من الذباب يرتفع وزنها ويزيد إنتاجها
من الحليب، كما لوحظ تحسن في أداء خيول الاصطبلات النظيفة في مختلف فروع الفروسية
والسباقات. النجاح السويدي يتمثل في مصيدة (بيئية) سجلت براءة اختراعها في
اسكندنافيا، وبدأ استعمالها أخيرا على نطاق واسع، وهي عبارة عن خيوط خاصة مغطاة
بطبقة من المواد الطبيعية قوامها راتنجات الهيدروكربون الطبيعي وزيت شمع البارافين.
وهذه الخيوط تتمتع بجاذبية لا يستطيع الذباب مقاومتها فيقع عليها ويبقى ملتصقا بها
حتى يلقى حتفه. وخيط هذه المصيدة البسيطة، الذكية، الطبيعية، يباع ملفوفا على بكرات
تثبت الواحدة منها بشكل يتيح دورانها حول محورها في جانب ويشد منها الخيط عبر
الحظيرة لينتهي طرفه على بكرة ثانية خالية في الجانب الآخر. وبعد أن يتغطى الخيط
الممدود عبر الحظيرة بالذباب يتم لفه على البكرة الخالية ليتجدد الخيط المصيدة.
ويتوافر من هذا الخيط على البكرة الواحدة ما طوله 330 مترا، تكفي للقضاء على 155
ألف ذبابة. أي أن عشر بكرات تكفي للقضاء على أكثر من مليون ونصف مليون ذبابة. فمن
يشتري بعض هذه البكرات لبعض شوارع مدننا العربية! لعل بعض البشر لدينا ينعمون بما
تنعم به الدواجن والخيول هناك، لا لمزيد من السمنة أو الإدرار، بالطبع، ولكن لأجل
القليل القليل من لحظات الصفو النادرة. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فن
معابد على
الأكتاف
ثمة هوس مفاجىء
يجتاح البدو في راجستان ال هندية لامتلاك واحد من تلك المعابد الصغيرة المسماة
معابد شيتورغرة, والسبب أن هذه المعابد ب اتت شديدة الندرة, لأنه لم يعد هناك من
الفنانين القادرين على إنجاز هذه القطع الفن ية ذات الإيحاء الديني غير أسرتين فقط
تعيشان في البلدة التي تسمى هذه المعابد باسم ها بعد أن كان معظم سكان القرية
يضطلعون بمهمة إنجاز هذه المعابد. وتعود فكرة هذه ا لمعابد القابلة للتفكيك والنقل
والتركيب في هذا المكان أو ذاك إلى ستة قرون مضت عند ما نشأت الحاجة لدى الهندوس
البدو إلى أن يؤدوا طقوسهم الدينية اليومية وفي الأعياد ومناسبات الزواج والميلاد
وغير ذلك وهم يتنقلون من مكان لآخر بحثا عن الغذاء والعش ب لقطعانهم, وقد عرف ذلك
النوع من الصنعة الفنية في بادىء الأمر باسم "كنوار كالا" ل أن هذه المعابد كانت
تنقل على "الكنوار" أي الأكتاف, وكان صانعوها عندما يحملو نها إلى القرى يخرج
سكانها الريفيون مهللين: "حضر راما وحضر لشكمن", وكان يتم تبادلها مقابل الملابس
والحبوب.
يتكون ذلك النوع من
المعابد من لوحات مرسومة على قطع خشبية يتم تركيبها, وفكها دون تعقيد, وكل لوحة
تتضمن مشهدا من مشاهد الأسطورة الهندية الشهيرة (المهابهاراتا) على وجهها الأمامي,
وعلى الوجه الخلفي مشاهد من أسطورة رامايان. والمشاهد كلها تكرس لانتصار الخير على
الشر وتتوج برسم "لسورياديف (إله الشمس لدى بعض الهندوس) بينما اللوحات الخارجية
تقوم بدور بوابات الحراسة إذ تربض فيها رسوم الأسود الضاربة أو "غان يش". تلك
المعابد (النقالة) تتطلب دقة فنية ومهارة فائقتين, إذ إنها صغيرة يغلب أن يكون
ارتفاعها 8 بوصات بينما باعها يتراوح بين 15 بوصة ولا يزيد على ثلاثة أقدام. و هي
تصنع من خشب المانجو أو خشب أشجار النبق, وتولى عناية كبيرة لعملية تعتيق الخشب
وإتمام تجفيفه حتى لا تتشوه اللوحات بالتواء الخشب على مر السنين. وتعتبر طريقة
تلوين هذه المعابد ابنة البيئة الراجستانية إذ تكثر فيه الألوان الحارة كالأحمر
والأصفر البرتقالي ضمن عديد من الألوان الزاهية التي تملأ تخطيطا تمهيديا للرسوم
باللون الأسود ويلاحظ أن هذه الألوان على غناها ودفئها لا تكون لامعة كأنما لتتناسب
مع وقار طقوس التعبد. الحاجة أم الضرورة ـ كما نرى ـ والفن يسعف الطالبين.. في
الهند!
ظهور كيوبيد ميكال أنجلو
ظهر في قلب
نيويورك تمثال لكيوبيد-"إله الحب" عند الرومان وابن أفروديت من مارس "إله الحرب"-
من صنع ميكال أنجلو بعد تسعين عاما من ضياعه. ويبدو أنه ظل طوال هذه المدة مجرد
قطعة مجهولة الهوية من نافورة قديمة في قصر البارون روبر بالجادة الخامسة من مدينة
نيويورك. كيوبيد الضائع اكتشفته الدكتورة كاثلين ويل كاريس إحدى مؤرخات الفن
والمستشارة غير المقيمة لمجموعة الفاتيكان الفنية. وحدث الاكتشاف بالمصادفة عندما
وقعت عين المستشارة الخبيرة على التمثال أثناء حفل دعيت إليه في ذلك القصر بالجادة
الخامسة. وتقول عن تلك المصادفة إنها جاءت متأخرة، إذ ظلت لأكثر من ثلاثين عاما ترى
التمثال وهي في طريقها اليومي إلى معهد الفنون الجميلة الذي كانت تحاضر به دون أن
يلفت نظرها. وهي تعزو نجاح لحظة اكتشافها لخصوصية التمثال إلى تلك اللحظة التي رأت
فيها التمثال مغمورا بالضوء أثناء الحفل. الدكتورة كاثلين ويل كاريس بعد أن رجحت أن
ذلك التمثال نحتته يد ميكال أنجلو، بدليل طريقة معالجة الرخام، ونسق الجسم، وتجعيد
الشعر، لم تصرح باكتشافها إلا بعد أن عكفت على أبحاثها وأوراقها لتؤكد الاكتشاف
وتتعقب رحلة التيه التي مضى فيها تمثال صغير مهم لأحد كبار فناني البشرية. وقد بدأت
هذه الرحلة عندما عرض التمثال للبيع في مزاد فني بلندن عام 1902، ولم يشتره أحد،
فعاد إلى إيطاليا، ومن هناك ذهب إلى نيويورك وسط مجموعة قديمة لبناء نافورة لم يكن
مكانها محددا آنذاك، وكان ذلك سببا لانقطاع تعقب خط سير التمثال، ومن ثم صار في
عداد المفقودات. الطريف أن اكتشاف التمثال كان على وشك الحدوث قبل ذلك لولا فوات
الفرصة فالدكتور جيمس درابر مؤلف كتاب عن "ميكال أنجلو" صدر عام 1992، حدث أن رأى
التمثال منذ عشر سنوات خلت، عبر نافذة باص كان يركبه ومر بالمكان، وعندما عاد بعد
ذلك وذهب لتفقد التمثال كان الضوء كابيا ولم يمكنه ذلك من اتخاذ قرار إيجابي، وفاته
بالطبع أن يكون أول من يعيد اكتشاف هذه المقطوعة من منحوتات ميكال أنجلو أحد أكبر
أساتذة الفن في كل العصور. فميكال أنجلو (ولقبه بوناروتي) والذي ولد في إيطاليا عام
1475 ومات عام 1564، يعد في طليعة عباقرة عصر النهضة، ومن عظماء تاريخ الفن في
العالم. لقد ولد في كابريزي الإيطالية، وتلقى العلم بفلورنسا، وفي مدرسة الفن
بحدائق ميدتشي. وقضى سنتين في قصر لورنتس دي ميدتش حيث التقى العالمين ميراندولا
وبوليتيان. اشتغل بروما من 1496 إلى 1501، وقام بنحت تماثيل باخوس، والتقوى، ثم عاد
إلى فلورنسا لينحت تمثال داود، وهي مجموعة التماثيل التي تعد إبداعاته الكبرى إلى
جوار لوحاته عن "يوم الحساب" المرسومة بكنيسة سيكسيتا والتي تصور تاريخ الكون،
إضافة للوحاته الجصية بالفاتيكان، كما عرف بعبقريته كمعماري إيطالي في ذلك الوقت.
إن منحوتة ميكال أنجلو التي ظهرت أخيرا ربما تبتعث بأقوى زخم ممكن ملامح عبقرية هذا
الفنان العظيم، وثمة حوار دائر الآن عن انتزاع تمثال كيوبيد من تكوين النافورة
وإيداعه منفردا للعرض في متحف المتروبوليتان. لكن ظهر في الصورة تنافس من نوع آخر،
فالقصر بما فيه النافورة والتمثال الآن من ممتلكات السفارة الفرنسية، وهناك من
الفرنسيين من يقول باستحقاق فرنسا لهذه القطعة وضرورة شحنها إلى باريس. وحتى يحسم
الجدل، سيظل كيوبيد ميكال أنجلو في مكانه تحت الأضواء القوية والحراسة الأشد، ومن
المثير للتمعن، أن كيوبيد الضائع الذي ظهر في الجادة الخامسة، في نيويورك، في
عالمنا الحالي، يبدو وكأنه كيوبيد معوق.
فهو مقطوع
الذراعين، مكسور الساقين، ولا يحمل قوسا ولا سهم حب واحدا. فأي كيوبيد هذا، في
زمننا هذا؟