طرائف عربية

طرائف عربية

من شارف الموت بحيوان فكفّه الله عنه
لقمة بلقمة

جلست امرأة يوما تأكل، وكان لها ابن غاب عنها زمنا طويلا حتي يئست منه، وحين كسرت اللقمة لتأكلها وقف بالباب سائل يستطعم، فامتنعت عن أكل اللقمة وحملتها مع تمام الرغيف فتصدقت بها، وبقيت جائعة يومها وليلتها.

فما مضت أيام حتي عاد ابنها، فأخبرها بشدائد عظيمة مرت به. وقال لها : خرج علي أسد من علي ظهر حمار كنت أركبه، ونشبت مخالبه في ثيابي ثم حملني حتى أدخلني أجمة من شجر كثيف وبرك علي يفترسني فرايت رجلا عظيما أبيض الوجه والثياب، قد جاء حتى قبض على الأسد من غير سلاح، ورفعه وخبط به الأرض، وقال للأسد: قم يا كلب، لقمة بلقمة، فقام الأسد يهرول، وثاب لي عقلي. ولحقت بالقافلة ولو أدر ما معنى قول الرجل : لقمة بلقمة.

فنظرت المرأة / الأم فإذا هو وقت أخرجت اللقمة من فمها، فتصدقت بها.

ركبة الغريم

حدث قاضي القضاة أبوالسائب عتبة بن عبيد الله الهمذاني، قائلا:

كان رجل من أهل أذربيجان له علي رجل دين، فهرب منه وطالت غيبته. فلقي صاحب الدين المدين في الصحراء، فقبض عليه وطالبه.

كان المدين معسرا، وكانت الصحراء ممتدة. سأل المدين الدائن أن يتركه فأبى عليه وقيده، ومشي به إلي قرية أغلقت دونهما فباتا في مسجد خراب على باب القرية، وأدخل صاحب الدين رجله في حلقة من حلقات القيد حتي لا يفر الغريم.

وعندما جاء الليل بظلامه جاء السبع بوحشيته وهما نائمان، فقبض علي صاحب الدين فافترسه، وجره خلفه فانجر معه الغريم بسبب حلقة القيد المربوط بها.

فلم يزل ذلك حاله إلى أن فرغ السبع من صاحب الدين، وشبع وانصرف، وترك المدين وقد تجرح بدنه، وبقيت ركبه الغريم في القيد فحملها الرجل مع قيده إلي أهل القرية وأخبرهم الخبر، فحلو قيده وسار إلى حال سبيله.

صراع الأضداد

قال عبدالعزيز بن الحسن الأسدى- من تجار البصرة -: كنت يوما في حقل القصب، أخرج من النهر قصبا رطبا أسنده كالقباب ليجف. وكدني الحر، فدخلت إحدى تلك القباب القصب فنمت بها لبرودتها.

انتبهت بعد العصر وقد انصرف الناس فاستوحشت للوحدة، وقررت الانصراف، فإذا بأفعى في غلظ الساق،طويلة، ملتفة على نفسها تفح فحيحا وتنظر ناحيتي بعينين شريرتين.

أدركت الهلاك ودعوت الله النجاة، لكن اللعينة كانت تسد على باب القبة، ويئست من نفسي، وأخذت هي التشهد، والفزع إلي الله تعالي.

فإني لكذلك، إذ جاء ابن عرس من بعيد فلما رأى الأفعى، وقف يتأملها ثم رجع من حيث جاء،وغاب قليلا، ثم جاء ومعه ابن عرس آخر فوقفا الواحد عن يمين القبة، والآخر عن يسارها، وصار الواحد عند رأس الأفعى، والآخر عند ذنبها. انتبهت الأفعى واستعدت لعراك العدو، لكنهما وثبا عليها في حال واحدة، وإذا رأسها وذنبها في فم كل واحد منهما، ثم جراها بعيدا عني، فخرجت من قبة القصب سالما وآمنت بأن لله جنودا من إنس وحيوان.

موقعة السباع

قال أبوبكر بن سهل الشاهد: أخبرني وكيلان كانا في ضيعتي، قالا : خرجنا مع صناع عندنا غلي حقل من قصب، فرأينا شبلا كالسنور، فقتله أحد قطاع القصب.فقال الباقون: قتلنا، الساعة يجيء السبع واللبؤة.

قال : فما كان بأسرع من أن سمعنا صوت السبع، فطرنا واختبأنا في دار خراب، وعلونا سطحها، وكان فيها غرفة عليها باب كنا نأوى إليها ليلا.

فلما رأى السبع ولده قتيلا دخل إلى صحن الدار وأخذ يقفز طالبا إيانا، فما قدر على ذلك، ثم علا ربوة وأخذ يزأر فجاءت اللبؤة، فطفرت تريدنا فما قدرت. فاجتمعنا فصاحا فجاءهما عدة من سباع، وقفزوا علينا فما قدروا حتى اجتمع بضعة عشر سبعا. وعلى حين غرة بعد أن يئست السباع إذا اجتمعت كلها كالحلقة وصاحت صيحة كالقيامة، حتى جاء سبع أسود هزيل لقيته السباع ببصبصة الذيول، وإذ هو كذلك إذ جمع نفسه وقفز إلينا فهربنا داخل الحجرة وأغلقنا الباب فلم يزل يدفع الباب حتي كسر بعض ألواحه وأدخل عجزه فعمد أحدنا إلى ذنبه فقطعه بمنجل كان معه، فصاح ورمي بنفسه بين السباع فلم يزل يخمشها ويقطعها حتى قتل منها غير واحد حتى أسلمت نفسها للريح.

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات