تعديل طفيف شوقي بزيع

شعر

غامضًا كان،
وحيدًا،
يُرهف السَّمع لأقصى عشبةٍ
تسقطُ عن ظَهْرِ الينابيع،
ويصغى لأنين العصبِ المفطوم
عن ثَدْيِ الهواءْ
لم يكن يذكرُ من أعوامه السبعين
إلا المسرب الضيق بين البيت والتابوت،
أو بين ثُغَاءِ الروح والماعز،
لم يبحث عن الأفكار في القاموس
بل يستولدُ الأزهار من كُمِّ الفضاءْ
ويواري ما تصبُّ الشمسُ
في معطفه الرثِّ من الألوان
كي لا يدَّعيها الشعراءْ
لم يكن يقرأُ أو يستقريءُ الأشياءَ،
بل كان يسمّيها.
لكي تولد قبل الاسم في خامتها الأولى،
يذهب للأعصارِ في منبعهِ،
أو يقطف الريح عن الأشجار،
أو يعتصر الغيم الذي يعبرُ كي يشربَ،
أو يكسر قرص الشمس
كي يسكبهُ في فمه خبزاً وماء ْ
كان موصولاً إلى الأرض بخيط ثابتٍ،
تجري فيجري،
أو تغني فيغني،
يستظلان بنفس الشجر الداكن في الصيفِ
ولا يفصله عن ظهرها غيرُ الحذاء
.. فجأةً باغَتَهُ القصفُ
وأحنى جذعهُ الواقفَ قوسٌ من دماءْ
غير أن اللوزَ لم يَذْبُلْ،
وظلَّ النَّهْرُ في مجراهُ كالمعتاد،
والزيتونُ في غَفْوَتِه الجذلى
على صدرِ الخريف
حين ماتَ
انتبه الرجل الغامضُ،
لم يحدث له أن مات من قَبْلُ،
ولكنْ
لم يفاجئ دَمَهُ الموت الأليفْ
فهو لم يسقطْ
سوى مترين عن مَنْسُوبِه العاديّ،
لم يطرأْ على قامتهِ
ما يَدَّعيهِ الموتُ من فرقٍ،
ولم يختلف المشهدُ عن سابقِه،
غير هبوطٍ اضطراريّ إلى الأرض
.. وتعديلٍ طفيفْ