هل يمكننا تعديل الطقس

هل يمكننا تعديل الطقس

تعقد السحب وتغيراتها هي أكبر صعوبة في الجهود الرامية إلى تعديلها بالوسائل الاصطناعية. وساهمت المعرفة الفيزيائية للسحب في تعديل الطقس وإنشاء معايير جديدة لتقييم تجارب بذر السحب. ومن هنا تم استخدام الطائرات المزودة بأجهزة القياس الفيزيائي للجسيمات المجهرية وأجهزة قياس حركة الهواء والرادار والتوابع الاصطناعية, ومقاييس اشعاع الموجات الدقيقة والشبكات المطرية.

وظهرت مبادئ التأثير على السحب بالطرق الحديثة في أعمال Findesen و Bergeron في أواخر الثلاثينيات من هذا القرن.

وفي نوفمبر 1964تمت واحدة من أوائل التجارب العلمية في التأثير على السحب العالية البرودة من قبل العالم Schaefer عبر إدخال أكاسيد كربونية صلبة بواسطة المختبر بالطائرة العمودية التابع للقوات الجوية الأمريكية في طبقة السحب الركامية المنخفضة "AC" التي غيرت حالة تطورها مما أدى إلى سقوط المطر.

وفي صيف 1986م, أجري عمل مكثف قامت به معاهد الأرصاد الجوية الحكومية في الاتحاد السوفييتي سابقاً لتخفيض الأمطار وتبديد السحب فوق المنطقة المتأثرة بكارثة تشرنوبل كجزء من تخفيف تأثيرات فعالية الكارثة.

أما في موسكو وبمناسبة عيد النصر يوم 9 مايو 1995م فقد حققت تجربة بذر السحب نجاحا بنسبة 100%.

كذلك أجرى الاردن بعض التجارب الناجحة في مشروع الاستمطار منذ عام 86م إلى عام 89م في ثلاثة مواسم مستخدماً:

1ـ نثر الغيوم بمحلول يوديد الفضة ـ يوديد الصوديوم جواً بطائرة المشروع.

2ـ تثبيت المولدات الأرضية في مواقع مناسبة يتم اختيارها بعناية, حيث تتوافر لأنوية يوديد الفضة التي يتم اطلاقها من المولدات الأرضية, امكانية رفعها إلى أعلى لتصل إلى الغيوم وتتحول داخلها إلى أنوية أنجماد, فتتجمع قطيرات الماء في الغيمة حولها لتزيد حجم بلورات الثلج إلى ما يكفي لسقوطها من الغيمة كقطرة مطر كبيرة.

وأكدت الدراسة "أن الزيادة في عمليات الاستمطار للموسم المطري الأول 86/87م تساوي 720 مليون متر مكعب من المطر والزيادة في كمية المطر للموسم الثاني 87/88م تساوي 1226مليون متر مكعب".

وفي دولة الإمارات العربية المتحدة تم انجاز مشروع مشترك مع روسيا في الاستمطار الصناعي الذي درس مختلف جوانب عملياته معتمداً على مناخ السحب, مناخ المنطقة, خرائط الطقس للفترة أواخر 1995م وأوائل 1996م.

وأشارت النتـائج الأولية إلى أن ظـروف الاستمطار الصناعي في دولة الإمارات ممكنة وبنتائج مشجعة.

فالمعلومات المناخية تشير إلى "أن مجموع الأمطار السنوية فيها 110.7مم, 99.3مم "89.7%" تحدث خلال الشتاء والربيع من ديسمبر إلى أبريل و11.4مم "3,01%" خلال الصيف والخريف من مايو حتى نوفمبر 69.50 مم تأتي من السحب المناسبة للاستمطار الصناعي. ولذلك فزيادة كمية الأمطار بنسبة 15% تعطي 475 مليون/متر مكعب".

أي الغيوم تدر أكثر ؟

لقد أكدت الدراسات ان السحب المفرطة البرودة أي السحب التي تحتوي على قطيرات سائلة عند درجة حرارة أقل من صفر سلسيوس, تحتوي على مقادير كبيرة من المياه المفرطة البرودة, ويتضح هذا من قياسات تراكم الجليد على الطائرات ومن القياسات التي توفرها طائرات البحوث.

ويرجع ذلك إلى أنه عندما تتشكل القطرات المائية بواسطة عمليات التكاثف حول النوي أثناء صعود الهواء الرطب "فإن أنصاف أقطار هذه القطرات لا يتجاوز "0.20 ملم" كما أن سرعة سقوطها يقارب 5 سم/ث".

وأهمية بلورات الجليد في السحب العالية البرودة كبيرة بسبب مرونة بخار الماء المشبع التي تكون فوق الجليد أقل مما هي عليه فوق الماء عند نفس درجة الحرارة, وبعد ظهـور البلورات الجلـيـدية في السحب العالية البرودة تبدأ عملية تحول بخار الماء المشبع من قطـرات إلى بلورات.

إن جزيء البرد الواقع بين قطرات الماء يبدأ بالنمو سريعاً على حساب عملية التبخر وعند حجم 100 ميكرون سرعته في السقوط تكون ملحوظة, وعند السقوط المتزايد للبلورات الثلجية عبرالأجزاء الأقل سيولة يتزايد تكون جزيء الثلج بفعل عمليات التكثف والتجلط ونتيجة لذلك يغادر جزيء الثلج السحب متحولاً قطرة مطر.

وهكذا يتم تكوين جزيئات ثلجية جديدة في منطقة الهدف لتحل محل الجزيئات التي سقطت فيزداد تكونها سريعاً في مناطق السحب الأقل كثافة مائية".

وتوفر عملية البذر المكونة للجليد سواء كانت للسحب أو للأنساق السحابية المتكونة في طور النمو بفعل تدفق الهواء فوق الجبال, أفضل إمكانات الزيادة بطريقة سليمة اقتصادية.

ويؤدي بذر الأنساق السحابية الطبقية العميقة "ولكن مع وجود قمم سحابية أدفأ من ـ 20 سلسيوس" المصحوبة بأعاصير وجبهات إلى هطول كميات كبيرة من الأمطار.

كما أن بذر السحب الركامية التي تشتمل على أكبر محتوى من الميـاه المكثفـة بين جميـع أنواع السحب يمكنها أن تنتج أعلى معدلات الهطول, ويمكن لتياراتها الراسية القوية أن تبقي الجسيمـات عالقة لفترة طويلة تكفي لنموها إلى أحجام كبيرة "برد, قطرات مطر كبيرة".

وعموما أكدت التجارب حتى الآن أن عمليات الاستمطار من الغيوم الركامية قد تصل نسبة نجاحها إلى 100% ولكنها تقل بالنسبة للسحب الطبقية.

المطر على الحاسوب

تلعب نظم الحاسب الآلي دورا كبيرا في معالجة البيانات الكبيرة واختيار الفرضيات الخاصة بتعديل المناخ. وتجري عادة مقارنة للهطول خلال فترة البذر بالهطول خلال فترات تاريخية ولكنها لا توحي بالثقة عموماً. بيد أنه يمكن تحديد المناطق المستهدفة ومناطق المقارنة واستخدام أساليب مختلفة لتحليل البيانات عن مشروع بذر السحب, وقد استخدمت على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم, حيث وفرت بعض الأدلة على فعالية بذر السحب.

وتؤكد متابعة الفيزيائي "ويليام وودلي" في ولاية تكساس للسحب المزروعة بيوديد الفضة والسحب غير المزروعة مستخدما الرادار وبرنامجا حاسوبيا متطورا لتحليل صور السحب كل خمس دقائق و"اكتشاف أن السحب المزروعة تمتزج بسرعة أكبر وتنتج أكثر من ضعف كمية المطر التي تولدها السحب غير المبذورة".

ويمكن لتجربة ما "أن تتراوح بين 5 سنوات وأكثر من 10 سنوات مع التسليم بالأخطار الكامنة في تكنولوجيا غير مكتملة التطور, وعلى سبيل المثال ينبغي عدم إغفال أن البذرقد يؤدي في ظروف معينة إلى زيادة البرد أو تقليل الهطول, بيد أن المشاريع التطبيقية المصممة والمنفذة كما ينبغي تسعى إلى اكتشاف هذه التأثيرات غير المواتية وتقليلها إلى أدنى حد".

إن مشاريع الاستمطار تحتاج إلى قاعدة معلومات كافية لا تقل عن عشر سنوات في مناخ السحب, سرعتها, اتجاه حركتها, درجة حرارة قمتها, كمية الرطوبة فيها, عدد البلورات الثلجية المتوافرة فيها وحركة الرياح, خصوصاً الحركة الصاعدة والهابطة داخلها.

وينبغي أيضا التسليم بأن تجربة أو عملية الاستمطار بنجاح مهمة صعبة تتطلب كفاءة علمية عالية وموظفين أكفاء, فقيادة الطائرات بأمان في مناطق السحب الشديدة البرودة أمر صعب, ومرتفع التكلفة, وتتطلب هذه القيادة ملاحين جويين أكفاء وطائرات مجهزة بمعدات ازالة الجليد ولديها القدرة الكافية على حمل كميات الجليد الثقيلة التي تتجمع عليها في بعض الأحيان.

ومن المشاكل التي تنتجها عمليات الاستمطار على سبيل المثال قد يستفيد نوع من المحاصيل أو اقليم في أحد البلدان من زيادة الأمطار بينما لا يستفيد محصول أو اقليم آخر.وأحياناً يسبب تعديل الطقس مشاكل ذات طابع قانوني, فأنشطة تعديل الطقس داخل حدود دولة معينة قد تنظر إليها دولة أخرى على أنها ذات آثار ضارة داخل حدودها.

مواجهة الضباب والبرد والأعاصير

إن برنامج ازالة الضباب قد وضع موضع التنفيذ في مطارات الاتحاد السوفييتي سابقا اعتبارا من عام 1950م, كما طبق في كثير من مطارات العالم كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وغيرها.

والتقنية التي يعول عليها في تبديد الضباب هي الطريقة الحرارية التي تستخدم مصادر حرارية شديدة مثل المحركات النفاثة لتدفئة الهواء وتبخير الضباب اضافة إلى بذر المواد الاسترطابية, ويمكن تبديد الضباب المفرط البرودة عن طرق تكبير وترسيب بلورات الجليد. ومن الممكن استحثاث هذا بقدر كبير من الثقة عن طريق بذر الضباب بنويات الجليد الاصطناعية من نظم أرضية القاعدة أو محمولة جواً, وتستخدم هذه التقنية استخداماً علمياً في العديد من المطارات التي يكون معدل حدوث الضباب المفرط البرودة مرتفعاً نسبياً فيها.

فالبذر الاسترطابي بكلوريد الصوديوم, على سبيل المثال, يسبب تكون بضع قطرات يمكنها, عند هبوطها إلى الأرض, أن تجرف قطيرات ضبابية كثيرة. وبالإضافة إلى ذلك فإن الرطوبة النسبية تنخفض انخفاضاً طفيفاً أثناء التكثف على الجسيمات الاسترطابية وتتبخر القطيرات الضابية جزئياً فتعود الرطوبة النسبية 100%.

وداعاً للبرق

يولي الباحثون إبطال حدوث البرق قدرا من الاهتمام, نتيجة لما يسببه من حرائق للغابات التي يشعلها البرق ولأهميته في خفض هذا الخطر أثناء إطلاق المركبات الفضائية. ويتضمن المفهوم الذي يقترح عادة تخفيض المجالات الكهربائية داخلال العواصف الرعدية حتى لا تصبح قوية بما فيه الكفاية لحدوث تفريغات البرق,ولتحقيق هذا تم إدخال قدر من الهشيم "ألياف لدائنية ممعدنة" أو يوديد الفضة لإنتاج تركيزات كبيرة من بلورات الجليد في العواصف الرعدية. وقد استخدمت التجارب الميدانية الصواريخ لإطلاق الأسلاك المعدنية الرقيقة إلى السحب المتنامية لإحداث نوبات البرق غير المكتملة وتوجيهها. وتشير الأدلة الفيزيائية إلى احراز قدر من النجاح في هذا الصدد.

 

محمد سعيد حميد

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات