محضر الجلسة الأخيرة

محضر الجلسة الأخيرة

قصة: جون أبدايك

عبّر رئيس اللجنة مجدداً عن رغبته في الاستقالة.

أشارت أمينة السر إلى أن نظام اللجنة لا ينص على إجراءات الاستقالة, لكنه يلحظ أنه يجب تقديم لائحة جديدة للأعضاء كل سنة, وأضافت أن القائمة الجديدة قد تم تقديمها فعلاً.

أجاب الرئيس بأنه رغم كل شيء لايزال اسمه وارداً على القائمة الجديدة كرئيس للجنة. وقال إنه قد شغل هذا المنصب منذ تشكيل اللجنة, وأنه شعر وبكل صدق أن رئاسته تعيق عمل اللجنة أكثر مما تساعدها. وأضاف: إن كل ما تحتاج إليه اللجنة الآن هو توجيه جديد وإدراك أشدّ وضوحاً لأهدافها, تلك الأهداف التي لم يكن بوسعه خدمتها لأنه تقدم في السن, ولأن الأحداث تجاوزته وضيّعته, وتابع بأن الوقت قد حان ليتولى الإدارة الجيل الجديد أو أن تحل اللجنة.

أشارت أمينة السر إلى أن النظام الداخلي لا ينصّ على حل اللجنة.

أجابت السيدة (هابل) عن سؤال طرحه الرئيس, باسم (اللجنة الفرعية للتعيينات), فقالت: إن اللجنة الفرعية بكامل أعضائها تجد أن الرئيس يتحلى بقيمة عالية جداً في منصبه الحالي, وأن الجمعية بكاملها سيصيبها ضعف عظيم من جراء استقالته, وأن تعيين نائبين للرئيس وتشكيل لجان فرعية سيخففان كثيراً من أعباء مهمته الصعبة.

سأل الرئيس عن عدد المرات التي اجتمعت فيها (اللجنة الفرعية للتعيينات), أجبات السيدة (هابل) أن أعضاء اللجنة قد تشاوروا مرة واحدة فيما بينهم بالهاتف, بسبب العطل, سمعت ضحكات هنا وهناك, وبروح الفكاهة نفسها لمّح الرئيس إلى أن الوسيلة الوحيدة للاستقالة فعلاً هي أن يطلق رصاصة في رأسه.

قال السيد (لانغبين), وهو أحد الأعضاء المنتسبين حديثاً, إنه قبل أن يسمح لنفسه بالإدلاء بدلوه في هذه المناقشة, فإنه سيكون شاكراً لو يفسّر له أحدهم ما هي أهداف اللجنة ومخططاتها الخاصة.

أجاب الرئيس أنه هو نفسه لم يفهم قط أي شيء منها, وأنه سيكون شاكراً هو أيضاً لمن يستطيع أن يقدم له توضيحات حولها.

حينئذ تقدمت الآنسة (بيم) بالرغم من أنها كانت الأصغر سناً بين المؤسسات الحاضرات وأعطت انطباعها, وهو أنه عند تأسيس اللجنة كانت مهمتهم المشتركة بشكل أساسي الاجتماع لإعطاء الموافقة الشكلية على نشاطات القائد, وأنه لولا شخصية القائد الساحرة وتصميمه وعزمه لما كانوا قد اجتمعوا أبداً, وأنه بالإضافة إلى تعيينه كقائد كان الموضوع الأساسي في تلك الجلسة الأولى مكرّساً لاختيار اسم للجنة التي كان من المفروض أن تسمى في البداية (لجنة تحسين حي تارابوكس), ثم ما لبثت هذه التسمية أن توسّعت لتصبح (لجنة تحسين الموارد البشرية وتطويرها). وأن القائد قد اعتقد أن عبارة (تكافؤ الفرص) يجب أن توضع أيضاً في التسمية, وأنه من الأفضل ربما أن يشار إلى أهمية الشباب دون أن يبدو ذلك وسيلة لاستبعاد الأكبر سناً من الذين ينتمون إلى الجمعية, وأنه نتيجة لذلك, طُرحت ونوقشت على حد سواء تسمية (لجنة تارابوكس للتنمية المتكافئة ولتقدم الشباب والشيوخ).

ذكّر الدكتور (كوستوبولوس), وهو أحد المؤسسين الأوائل, أن القائد تمنى ألا تبدو اللجنة كمنافسة لتجمعات موجودة سابقاً مثل (العصر الذهبي), و (شباب العشرين), وأن القائد, بالإضافة إلى ذلك, أسف لأن التسمية الرسمية للجنة لا تحتوي ولو على إشارة بسيطة للاهتمام بالبيئة وهو اهتمام موجود في كل مكان, وأنه قد تقرر بالإجماع أن تبقى مسألة تسمية اللجنة معلقة مؤقتاً.

أضافت السيدة (هابل) أنه بالرغم من أن القائد كان جديداً في المدينة فإن ذلك بدا وكأنه مبادرة رائعة, ثم أكدت أنه من نوع الرجال الذين تتحقق على أيديهم معظم الأمور. وتساءلت السيدة (ماك ميلن), وهي عضو جديد في اللجنة: أين القائد? شرحت الآنسة (بيم) أن القائد قد اختفى بعد الجلسة التأسيسية.

أوضح الرئيس أن القائد قد اختفى تاركاً وراءه حقيبة من الكرتون وفاتورة هاتف غير مدفوعة, تعالت بعض الضحكات.

لاحظت أمينة السر أن أنظمة الجمعية تحدد تماماً وبوضوح أهداف اللجنة, وقرأت بعض الفقرات التي تنص على ما يلي: (لا يمكن الدفاع علانية عن مرشحين سياسيين, ولا عن قضايا حزبية), و (لا تحفظ أسهم وسندات بهدف المنفعة والربح المادي), و (لا يسمح باستخدام أي من المباني التي تستأجرها اللجنة أو التي تمتلكها كلياً أو جزئياً للعب القمار أو لغايات غير أخلاقية).

وطلب السيد (لانغبين) أن يرى النظام الداخلي.

لبّت أمينة السر طلبه بكل سرور.

قال السيد (لانغبين) بعد تفحص النظام الداخلي إنه ليس سوى مطبوعة شائعة يستطيع أي امرئ شراءها من أي مكتبة تبيع الورق أو مستلزمات المكتب.

قالت السيدة (هابل): إن ذلك غير ذي أهمية, وأن ما يهم هو أنهم جميعاً مجتمعون.

سألت السيدة (ماك ميلن): لماذا تقوم اللجنة باجتماعات في غياب القائد.

قاطعها أمين الصندوق ليسأل المضيفة (لانديس) إن لم يكن الوقت قد حان لتقديم المرطبات.

طلب القسّ السيد (ترسل) الإذن بأن يحاول توضيح المسألة التي أثارتها السيدة (ماك ميلن). قال: إن اللجنة اجتمعت في بداية الأمر أملاً منها في عودة القائد وظهوره, ثم اجتمع الأعضاء خلال الجلسات اللاحقة بصفتهم لجنة تحقيقات تسعى لمعرفة إلى أين ذهب القائد, واستمروا في عقد الجلسات لأنهم, حسب رأي القسّ, بدأوا يحبّون بعضهم بعضا ويحتاج بعضهــم إلى البعض الآخر.

قالت الآنسة (بيم) إن عرض الوقائع هذا كان, في نظرها, عرضاً صادقاً ومؤثراً.

قالت السيدة (هابل) إنها ترى أنه لا جدوى من كل ذلك, ليس فقط لأن غالبية المؤسسين موجودون, بل كذلك لأن عدداً كبيراً من الأعضاء الجدد موجود أيضاً, فعدد الأعضاء زاد بدل أن ينقص, كما كان يفترض أن يحصل في حال كان وجود اللجنة متوقفاً كلياً على وجود القائد, وأضافت أنها من جهتها قد نسيت شكله تماماً.

أعلن السيد (دي مات) انه انتسب إلى اللجنة لكفاءته كأستاذ في علم الاجتماع, وأنه كان يظن آنذاك أنهم يسعون لوضع برنامج اجتماعات أو لقاءات هدفها تحسين استعمال أوقات الفراغ في المدارس الابتدائية.

قال السيد (تجادل) إنه جاء إلى اللجنة لكفاءته في زراعة الأشجار وبسبب توجهات اللجنة البيئية.

قالت السيدة (ماك ميلن) إنها تعتقد أن معلوماتها الشخصية عن منع الحمل عن طريق الفم يمكن أن تطبقها اللجنة في مجال مياه الشرب في المدينة.

أعلن الرئيس أن كل هذا معقد جداً, وطرح استقالته مجدداً.

لاحظت أمينة السر أن كل هذه المشاريع قد أخذت بعين الاعتبار وأنها مازالت قيد الدرس على حدّ علمها.

بدأ السيد (لانغبين) بالكلام.

قاطعه أمين الصندوق ليهنئ السيدة (لانديس) على جودة مرطباتها.

شكر السيد (لانغبين) جميع الأشخاص الموجودين لاستقبالهم إياه استقبالاً جيداً, ولتوضيح الأمور له بشكل تام. وقال إنه بالرغم من أن أيّاً من المشاريع المذكورة لم يتحقق, فإنه مع ذلك ليس لديه الانطباع بأن أعضاء اللجنة, بمن فيهم هو نفسه, عليهم أن يخشوا أن تذهب جهودهم سدى, وأنهم على العكس من ذلك أثاروا الكثير من الاهتمام والنقاش في المجتمع, وأنه لمجرد أن تكون الاجتماعات مستمرة في جذب الأعضاء العاملين والمواطنين البارزين, مثل الأشخاص الموجودين هنا, فإن ذلك يبعد فكرة أي فشل. (هنا تنقص بعض الجمل بسبب كأس وقعت عن غير قصد), وأنه ليس من الواجب التفكير على الأمد البعيد بتقليص الآفاق الواسعة التي فتحها القائد, بل يجب بالأحرى أن يركّز الانتباه حالياً على بعض الأهداف القصيرة الأمد التي هي محدودة دون شك ولكن يمكن تحقيقها, وهي ذات علاقة مباشرة بحاجات المجتمع.

اقترحت السيدة (هابل) تنظيم حفلة راقصة أو مبيعات خيرية بهدف جمع الأموال التي تمكّن بعد ذلك من البدء بمشروع مماثل.

أعربت الآنسة (بيم) عن اعتقادها أنه لكي ينجذب الشباب, فإن حفلة راقصة بلا تكلف تناسب أكثر من حفلة بثياب رسمية.

اقترح الرئيس انه يجب تعديل الأنظمة بحيث يصبح من الممكن حلّ اللجنة.

لم يصغ أحد.

قال السيد (تجادل): إنه لا يدرك لماذا هذا الاهتمام بموضوع الموارد البشرية, لأنه في البداية هناك في هذه الصالة موارد بشرية ممتازة, وعندما يكون الجذع متيناً فإن الأغصان لابدّ أن تينع. علت ضحكات وظهرت بعض إشارات الاستحسان.

أعلن أمين الصندوق أن هذه الجلسة - حسب رأيه - هي أشدّ الجلسات نجاحاً, وأنه لكي تزيد فعاليتها يجب على اللجنة أن تعقد عدداً أكبر من الاجتماعات.

قالت الآنسة (بيم) إنها تتعاطف مع الرئيس وأنها ترى أن من الواجب تحقيق رغبته.

اقترح القس السيد (تراسل) أن يتم قبول لائحة أعضاء المكتب التي قدمتها (اللجنة الفرعية للتعيينات), مع بند يشترط أن يسمى الرئيس الحالي (رئيساً مؤقتاً), وأن يتم إنشاء (لجنة فرعية للمشاريع والأهداف) لكي تساعده في أعماله اللاحقة, وتكون هذه اللجنة برئاسة السيد (لانغبين) والآنسة (بيم) معاً.

دعمت السيدة (هابيل) وغيرها هذا الاقتراح.

تم التصويت على الاقتراح بالإجماع, في حين امتنع الرئيس عن التصويت.

 

 

بسام بركة