عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

«العربي» .. عمق عربي ودولي

كانت مكتبة الإسكندرية شاهدا على مدى تغلغل مجلة العربي في عمق أمتها العربية، فالاحتفاء بمناسبة بلوغها أليوبيل الذهبى لم يكن مقتصرا على حدود دولة الكويت فقط ، ولكنه امتد للعديد من البلدان العربية الشقيقة التي احتضنت المجلة منذ عامها الأول، وقد شاركها في الاحتفال كل من المغرب واليمن ولبنان والسودان والمملكة العربية السعودية، واضخم هذه الفعاليات شهدتها مكتبة الإسكندرية التي تجمع فيها عدد كبير من المثقفين المصريين والعرب للاحتفال بهذه المجلة العتيدة، ومكتبة الإسكندرية ليست مجرد مكتبة، ولكنها مشروع ثقافي متكامل يعنى بنشر أمهات الكتب وتحقيق التراث وإصدار الدوريات وصيانة الآثار ورعاية الفنون، وهي منارة حقيقية تحيي الدور القديم الذي أدته جدتها الأولى في تلاقي حضارات العالم القديم، وقد أحست المكتبة أن جزءا من مهمتها الثقافية أن يكون لها نصيب كبير في الاحتفاء بالعمر الخمسين لمجلة العربي ، وكما يقول الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة: «إن هذا الاحتفاء يأتي تكريما لدور هذه المجلة الثقافية في دعم الحراك الثقافي العربي على مدى خمسين عاما، وتأكيدا على أن الهدف هو التعاون والشراكة وليس التنافر بين أبناء لغة الضاد»، ومجلة العربي وهي تعلن فرحتها بهذا التكريم العربي تستعد لتعيش تكريما آخر على المستوى الدولي حين تفتح لها منظمة اليونسكو الدولية ذراعيها وتدعوها إلى مقرها في العاصمة الفرنسية «باريس» في حضور نخبة من مثقفي العالم، هذا الاحتفاء بقدر ما يسعد «العربي» فإنه يلقي عليها مسئولية مضاعفة لتطور نفسها، وتصبح جزءا فعالا من الحوار الحضاري بين الشرق والغرب، فـ «العربي» هي خير دليل لا على تطور الفكر العربي ووصوله إلى مرحلة متقدمة على صعيد الفكر الإنساني فقط ، بل شاهد على انفتاح الثقافة العربية على بقية ثقافات العالم ، وعلى إيمانها بالتسامح وقبول الرأي والرأي الآخر، فهي تعبير عن العقل العربي في أفضل حالاته حين يسعى إلى التنوير والتحضر في مواجهة دعاوى الإظلام والاستسلام للخرافات.

وتنشر «العربي» في هذا العدد أكثر من قضية جديرة بالاهتمام، في افتتاحيته يتعرض رئيس التحرير لجذور ثقافة الفتنة، وهي أخطر ظاهرة نواجهها من بعض الجهات الغربية التى تنتج - بنوع غريب من التناغم - العديد من المواد المسيئة للإسلام ، وهم يعرفون سلفا أنها سوف تصيب الشارع الإسلامي في كل مكان في العالم بمشاعر الصدمة والغضب ، ويحاول المقال أن يعود لجذور هذه الفتنة التي يستخدم صانعوها هذه المرة أدوات الثقافة تحت دعوى حرية الرأي والنقد الديني.

وترحل المجلة هذا الشهر إلى جزء عزيز من وطننا العربي هو السودان الذي نتنمى أن تنتهي كل المشكلات التي يعاني منها، والتي تهدد عروبته، كما تقدم «العربي» ملفا موسعا بمناسبة رحيل الناقد الأدبي المعروف رجاء النقاش الذي قدم العديد من المساهمات للثقافة وللفكر القومي العربي، وتقيم حوارا مع عالم ومثقف عربي جليل هو الدكتور احمد أبوزيد، أضافة إلى العديد من القضايا والأفكار التي تجعل «العربي» مكانا خصبا للأفكار المتجددة.

 

 

المحرر