المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية

صنعاء

المثقفون اليمنيون يحتفلون باليوبيل الذهبي لمجلة (العربي)

استضاف بيت الثقافة بصنعاء الندوة التي أقيمت بمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي لصدور مجلة العربي.

في بداية الندوة التي أقامها نادي القصة (المقة) في اليمن، تحدث القاص محمد الغربي عمران رئيس النادي عن مكانة العربي في الثقافة العربية قائلا: إن هذه الندوة تقام تحية لمشروع عربي لا يوجد له مثيل في نجاحه وأثره في كل فرد عربي. فمع هذه المجلة يشعر المواطن العربي أنه ينتمي لوطن كبير يمتد من الخليج إلى المحيط. وأشار الغربي إلى دور (العربي) في نشر الثقافة الإنسانية الرحبة بوعي تخطى مستوى القبيلة والقومية معتبرا أنها بذلك نجحت في أن تكون ضد مشاريع التطرف والقبح والدمار.

وبدأت الندوة بكلمة ألقاها الدكتور حسين عبدالله العمري عضو مجلس الشورى اليمني رئيس تحرير مجلة(الثوابت) الفصلية عاد فيها إلى بداية علاقته مع (العربي) منذ عددها الأول، حيث كان طالبا في مدينة بني سويف بمصر عام 1958 فنصح مسئول البعثة الطلاب اليمنيين بشراء المجلة التي قال إن «ليس لها مثيل في العالم العربي».

بعدها قرأ عبدالرحمن بجَّاش مدير تحرير صحيفة (الثورة) اليمنية ورقة بعنوان (العربي.. رحلة في عددين، ديسمبر 1970 - مارس 2008) حيث تناول فيها ذكرياته مع المجلة التي عرفها منذ عدد ديسمبر 1970عندما كان طالبا في تعز، حين حمل ذلك العدد الذي لايزال يحتفظ به استطلاعا عن هذه المدينة. واستعرض بجاش مواضيع ذلك العدد، وتفاصيل الاستطلاع المصور. وقال إن (العربي) ظلت تسجل للكويت حضورا لا تضاهيه في هذا الزمن ربما قناة (الجزيرة)، حيث كانت بتطور سفيرة الكويت إلى العرب وسفيرة العرب إلى العالم. ونوه بتطور المجلة، وأنها بقيت وفيَّة لقرائها، ولم تتقوقع، ولم تستطع الفضائيات أن تحل مكانها في عيون وعقول القراء.

واختتم بجاش ورقته بالتأكيد على أن (العربي) قادرة على البقاء والاستمرار بالرغم من وجود الفضائيات والإنترنت والكتاب الإلكتروني والمدونات وكل أشكال التعبير، لسبب بسيط، أنها تملك مبررات البقاء، الذي هو ليس المال وحده، كما قد يتخيل البعض، بل توافر الإرادة ومعرفة الهدف وامتلاك الحلم.

بدوره تحدث الشاعر والكاتب الدكتور سلطان الصريمي عن الدور الذي قدمته (العربي) خدمة للقارئ العربي، سواء داخل الوطن العربي أم خارجه، والتي حسب رأيه «جسّدت حلما عربيا كان يبدو عزيز المنال، حلما لا يزال يمد ظلاله حتى اليوم ونتمنى ألا نفيق منه».

فيما تحدث محمد الرباعي السياسي اليمني البارز عن أهمية هذه المناسبة، قائلا إن الاحتفال بمرور خمسين عاما على صدور مجلة العربي بكل ما حفلت به من إشراقات علمية، فكرية، أدبية، وتاريخية من المهم أن يشارك به الكل من المنتمين إلى مختلف مجالات المعرفة والتي أغنتها المجلة طوال هذه السنوات.

وأشار الرباعي إلى أن أول ما شدّه لقراءة المجلة منذ عددها الأول هو اسم رئيس التحرير الدكتور أحمد زكي الذي كان يشغل قبل ذلك رئاسة جامعة القاهرة، والذي تميّز بكتاباته الفكرية والثقافية بعيدا عن الصراعات السياسية. ونوه بأثر المجلة على أبناء جيله الذين شهدوا معه في عدن ولادة وقراءة العدد الأول. واعتبر أن المجلة ليست سفيرة للكويت لدى كل بيت عربي، بل لدى كل عقل عربي، وأنها ظاهرة معرفية بحد ذاتها، وصادرة عن منبع نقي وسوي يريد الخير لمحيطه العربي وللإنسانية جمعاء.

علي المقري مدير تحرير مجلة (غيمان) الثقافية تحدث عن معادلة (العربي) إذ تبلغ الخمسين وتنجح. وقال: «مثّل إصدارُ مجلة (العربي) خلال نصف قرن، في المستوى الذي تبدو عليه، دليلَ عافية في الثقافة العربية، وعلامة نجاح لمشروع، بقي في واقع عربي توّج الكثير من آماله بالانتكاسات والخيبات.

واعتبر أن المجلة مضت منذ بدايتها في نهج جنّبها الفشل، فتأسست على خط مختلف عن الثقافة العربية السائدة، وإن كانت غير بعيدة عنها.

وأسترجع انطلاق المجلة في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، حيث حينها - كما قال - ساد خطاب التشدد والتطرف الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية في الدول العربية، فالصوت القومي لا يقبل بالإسلامي، والإسلامي لا يقبل باليسار الماركسي، واليسار الماركسي لا يقبل بالليبرالي. وكلّ تيّار يقدّم نفسه بديلا عن الآخرين. وقد جاءت (العربي) وسط هذه الأحلام الصاخبة، فنهجت، في خطابها الثقافي، طريق الوسط، مبتعدة عن الخطاب السياسي الحزبي المباشر، إلاّ في ظروف ملحّة، قومية ووطنية».

وأضاف المقري أن المجلة اعتمدت منطلقات التنوير والليبرالية المتكيّفة مع أحلام النهوض العربية، ولم ترفع شعارا حزبيا، ولهذا كانت تستطيع أن تعبُر الحدود العربية الشائكة وتتجنب مقص الرقيب لتصل إلى كل قارئ بالعربية. وأشار إلى أن التنوع في مادتها وتبويبها كان «أحد العوامل المهمة في نجاحها».

إلى ذلك، قال المقري إن انحياز (العربي)، منذ عددها الأول، إلى جماليات الصورة وإعطاء مساحات كبيرة ومتميّزة لها، من أبرز عوامل هذا النجاح، إذ لم يكن ألأهم. فقد «ربطت المجلة بين فن التصور وفن الاستطلاع الصحافي عن الأماكن والمجتمعات. فقدّمت قصصها الصحافية بأسلوب شائق، وبمرجعية تاريخية واجتماعية. من جانبه ألقى سفير دولة الكويت بصنعاء سالم الزمانان كلمة شكر فيها المشاركين في الندوة التي قال إنها تحتفي بأبرز مشروع ثقافي ناجح في عالمنا العربي وهو مجلة (العربي) وأنها تقدير لدورها في نشر الثقافة العربية وتوحيد القارئ العربي بعيدا عن كل مؤثرات السياسة ومثيرات الخلافات، وهو دور لا يمكن أن ينكره أو يغفل ثماره أي عربي.

واستعرض الزمانان الظروف التي ولدت في ظلها المجلة، مشيرا إلى القرار المنشور في الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) في عددها رقم 168 بتاريخ 30 مارس 1958الذي تم بموجبه إنشاؤها من قبل أمير دولة الكويت الحالي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي كان يشغل حينها مدير دائرة المطبوعات والنشر.

ونوه الزمانان بالدور الطليعي التنويري الذي لعبته مجلة (العربي) منذ صدورها وحتى الآن، والذي جعلها تسهم في تعريف العرب بعضهم ببعض، وتعرّف المواطن العربي بالعالم من حوله، إضافة إلى ما قدّمته العربي من خدمات جليلة لليمن منذ عددها الأول، خاصة في أيام كان الشاعر الكويتي الكبير ذي الأصول اليمنية أحمد السقاف مشرفا على الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي.

ونوه الزمانان بتطور المجلة مع صدور ملحقها العلمي وإصدارها كمؤسسة لمجلة (العربي الصغير) و(كتاب العربي).

في ختام الفعالية التي حضرها عدد من سفراء الدول العربية في صنعاء وكثير من قراء المجلة ألقى وزير الثقافة اليمني الدكتور محمد أبو بكر المفلحي كلمة قال فيها: إن (العربي) كانت ولاتزال الرافد الأول لكثير من الباحثين والمثقفين في عموم الوطن العربي.

وتحدث المفلحي عن الدور التنويري الكبير الذي قامت به المجلة في إنعاش الواقع الثقافي العربي، إلى جانب توطيد التواصل الحميم الذي خلقته بين عموم المثقفين في كل أنحاء الوطن العربي الكبير.

وعبر عن تقديره لجهود دولة الكويت الثقافية المتميزة ومن ذلك إصدار سلاسل الكتب والمجلات المهمة مثل (عالم المعرفة) و(عالم الفكر) و(جريدة الفنون) و(إبداعات عالمية).

الندوة الاحتفائية اختتمت بتقطيع التورتة التي رُسِم عليها العلمان اليمني والكويتي بشكل فني. وكان المــنظـــمون قد قاموا بالتعاون مع السفارة الكويتية بصنعاء بتوزيع العدد الأخير من مجلة (العربي) ومعه كتاب (أنا عائد من جنوب الجزيرة العربية) للكاتب أحمد السقاف.

صنعاء من: علي المقري
تصوير: فؤاد الحرازي

القاهرة

رجاء النقاش.. ظاهرة لن تتكرر

اختار اتحاد كتاب مصر ودار الشروق إنشاء جائزة جديدة في النقد الأدبي تحمل اسم الراحل رجاء النقاش احتفالا بقيمته وتخليدا لذكراه بعد رحيله، بدلا من إقامة حفلات التأبين. وقد أوضح محمد سلماوى، رئيس اتحاد الكتاب المصريين، والأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، أن هذه الجائزة التي رصدت لها دار الشروق وديعة يمنح من ريعها سنويا عشرة آلاف جنيه لواحد من رموز الحركة النقدية قد توجهت هذا العام إلى ناقد كبير لم تعره حياتنا الثقافية ما يستحق من اهتمام، ولم تتوجه إليه جوائز الدولة أو تفتح أمامه سبل التكريم وهو الناقد الدكتور عبد الحميد إبراهيم الذي سيؤرخ بأنه أول من نال هذه الجائزة في حفل افتتاح المقر الجديد لاتحاد كتاب مصر في قلعة صلاح الدين الأيوبي بقاهرة المعز.

وفي حيثيات منحه هذه الجائزة قال الناقد الدكتور يوسف نوفل باسم لجنة التحكيم: إن التنوع الفعال في نتاجه الأدبي جعله بارزا أيضا في نقد الأنواع الأدبية المختلفة ودراستها بقدر تفوقه في مجال تخصصه الأثير لديه. وقد برز توجهه التنظيري على نحو جعله صاحب مدرسة ومنهج فكري عرفته الأوساط المعنية بـ(الوسطية)، وهي وسطية نابعة من تكوينه الثقافي والفكري والأيديولوجي الأصيل.

كما رأى الناقد علي أبو شادي، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة في مصر، أن يهدي المؤتمر الأول للنقد الأدبي- الذي تشهده القاهرة في الأسبوع الأول من هذا الشهر- إلى روح رجاء النقاش تقديرا لمسيرته النقدية المرموقة. وإن كانت لجنة الدراسات الأدبية بالمجلس، التي اقترحت فكرة عقد هذا المؤتمر، قد خصته بحفل تأبين استهله مقررها الناقد الدكتور أحمد درويش بقوله: لعب رجاء النقاش دور الجسر والحلقة المفقودة في كثير من نواحي اهتماماتنا الثقافية التي يكاد يتقوقع كل منها في ناحية. وكان رجاء النقاش حلا طيبا ونموذجا فريدا استطاع أن يحل المعادلة الصعبة، عندما اختار أن يقدم مادة متخصصة في قالب بسيط نجح في أن يخاطب به المثقف العام، ولايرفضه المثقف الخاص.

وما قدمه النقاش هو نمط من الإبداع كنا بحاجة إليه ولانزال نحتاج إلى الاستمرار على نمطه. وقد فعل ذلك بجدارة على امتداد ما يزيد على نصف القرن، ولم يكن حديثه مجرد اتباع لأنماط سابقة، وإنما كان حفرا واكتشافا لنماذج جديدة، ومن هنا جاء دوره الذي عرف به كمكتشف للنجوم، وهو اكتشاف لم يلبس فيه ثوب الشيخ الوقور الذي يحنو على الأجيال اللاحقة فيربت على أكتافها ويقول: هذا الفتى له مستقبل، ولكنه لبس ثوب الفتى المتطلع القادر على اكتشاف رفاقه، وتلك ظاهرة من النادر أن تتكرر، فهو الذي اكتشف أحمد عبد المعطي حجازي، الذي يقاربه في السن، وبشر بالطيب صالح، ولفت الانتباه إلى محمود درويش وسميح القاسم وغيرهما من المواهب التي تكاد جميعا تنتمي إلى جيله نفسه، وهو من خلال هذا يجدد دور المكتشف الذي لم يتوقف أبدا. وإذا أضفنا إلى هذا كله صفة التواضع ودماثة الخلق التي ميزت رجاء النقاش، لوجدناه يشكل نمطا وسطا ويحافظ على ذلك العقد بين رسوخ القدم في الشهرة، ورسوخ القدم في الخلق والتواضع، لذا فقد ترك رجاء على صفحة العصر أثرا نتمنى أن نجد له نماذج تشبهه.

وفي حضور زوجته الدكتورة هانية وابنته لميس وأشقائه: فكري وأمينة وفريدة النقاش، يتحدث الكثيرون وتتوالى الذكريات، ويستعيد فاروق شوشة البدايات عندما رشحه أنور المعداوي ليكون مراسلا لمجلة (الآداب البيروتية) فإذا برسائله تتجاوز ما كانت المجلة تنتظره منه، فهي لا تتناول العابر أو السطحي في أمور الثقافة، وإنما هي طرح عميق للمشكلات والقضايا الفكرية والثقافية الكبرى في أبعادها الحضارية والاجتماعية والاقتصادية وفي إطار الرؤية السياسية المصرية- العربية التي كانت تسود الأفق في ذلك الوقت.

وعندما عرف اسم رجاء تحول بيته في القاهرة إلى كعبة للمثقفين العرب من جيله ومن الأجيال السابقة بل ومن الأجيال التالية، كل يريد أن يقترب منه وأن يلمس عن قرب حقيقة هذا الإنسان. ومعظم هذه الرسائل التي نشرها رجاء على صفحات (الآداب) في الخمسينيات شكلت كتابه الأول (أزمة الثقافة المصرية) الذي كان مواجهة غير مقصودة منه لكتاب سبقه هو (في الثقافة المصرية) للناقدين: عبد العظيم أنيس، ومحمود أمين العالم. ويستحضر الشاعر حلمي سالم قوله بأن هناك شخصين في الأسطورة اليونانية: أحدهما كلما لمس شيئا صار حجرا أو ترابا، والآخر كلما وضع يده على تراب صار تبرا. ويعتبر أن رجاء النقاش هو الشخص الثاني في الأسطورة اليونانية، فهو الذي تحولت بلمسته الأشياء إلى جواهر ودرر وألماس وذهب وحجر كريم، وقد فعل ذلك مع كل مبدع قاده.ويرى الدكتور مدحت الجيار أن رجاء النقاش كان يصعب أن يصنف في اتجاه أو حزب لأنه وضع مقياسا أساسيا منذ بدأ، وهو أن يكون إنسانيا وموضوعيا فتجاوز بذلك كل ضيق الأفق، وأصبح نورا يهدي إليه الحائرين والباحثين عن نموذج إنساني فريد يتمثلونه في حياتهم.

أما الدكتور حسام عقل فقد تناول شريحة واحدة من إبداعاته الرحيبة تتمثل في إبداعه للمقال الصحفي، موضحا أن مقاله يبدو في إهاب السهل الممتنع الذي يجعل أي إنسان يتصور أن بمقدوره أن يحاكيه، ولكن هيهات، فمقالة رجاء النقاش في معمارها البنائي البازخ شكلا ومضمونا تستعصي على التقليد وتضمن له مساحة من الخلود في الضمير والذاكرة الأدبية. وهي تقف في منطقة الأعراف الفاصلة بين النقد الأكاديمي الذي يتلبس بالطابع الموضوعي، والنقد الذي يهب بالحس الصحفي ويمتلك القدرة على الإمساك بلب المتلقي طوال الوقت. هكذا كتب رجاء النقاش مقالة السيرة الذاتية، والبورتريه، كما كتب مقالة النقد الاجتماعي، وعروض الكتب.

أما الروائي سعيد الكفراوي فيفضل أن يقترب من إنسانية رجاء وحنوه على زملائه من أبناء جيل الستينيات وكيف كان يقرضهم من جيبه الأموال ليعيشوا حتى يبدعوا.

وإذا كانت شقيقته فريدة قد استهلت الأمسية بمرثية زرفت معها الدمع لافتقاده وهو الذي كان بالنسبة إليها الأب قبل أن يكون الأخ الأكبر، فإن زوجته هانية آثرت إلا أن تنطق بكلماته التي أملاها عليها ليقرأها في آخر حفل لتكريمه قبيل الرحيل في نقابة الصحفيين المصريين وكيف اختار أن يركز فيها على واقع الصحافة الأدبية في بلادنا وهذه النظرة الجائرة إليها من قبل رؤساء تحرير الصحف والمجلات ممن يفضلون على الصفحات الأدبية صفحات الرياضة والحوادث والمجتمع.

القاهرة من: مصطفى عبدالله

الخرطوم

رجاء النقاش في ذاكرة الثقافة

نظم الاتحاد العام للادباء والكتاب السودانيين ندوة بداره بالخرطوم حول أعمال الناقد المصري الراحل رجاء النقاش الذي رحل أخيرًا بعد سنوات طويلة من الكتابة النقدية امتدت منذ الخمسينيات وحـتى الرحيل، وقد أدار الندوة الأستاذ الفاتح حمدتو.

بدأت الندوة التي انعقدت تحت عنوان: (رجاء النقاش في ذاكرة الثقافة)، بكلمة ترحيب من الدكتور عمر أحمد قدور الأمين العام للاتحاد، والذي تحدث عن دلالات هذا الاحتفال، وعلاقات الناقد رجاء النقاش بالأدباء السودانيين، تلك العلاقات التي بدأت منذ فترة مبكرة.

وقدم الدكتور حديد السرَّاج ورقة بعنوان: (مواقف وآراء رجاء النقاش) تناول محاولات النقاش وآرائه في إعادة الإنتاج الثقافي في القرن العشرين والذي رأى فيه فتح الأبواب الثقافية بين الأمة العربية، متعرفا في كتاباته إلى العديد من القضايا العربية، الملحة مثل قضية البترول العربي والترجمة، حاملا المثقفين على التمسك باللغة العربية، واقفا على أعراس محمود درويش وهو اسم ديوان الشاعر الاول.

وتحدث في الندوة كذلك الناقد مجذوب عيدروس من رابطة الكتاب السودانيين متناولا مبتدأ معرفته بالنقاش التي كانت عبر كتاب للنقاش في سلسلة اقرأ بعنوان التماثيل المكسورة، والذي أعيد طبعه لاحقا في بيروت بعنوان آخر (الحب لا يتكلم كثيرا)، مشيرا إلى أن الكتاب يمتاز بأنه في غاية البساطة والعمق.. فالنقاش يقدم أفكاره بأسلوب سهل يسير لكل قارئ مهما كان مستوى تعليمه المعرفي.

وأضاف عيدروس: «وقد ظل هذا ديدن الكاتب في أعماله الأخرى» مشيرا إلى عمله التوثيقي والتحليلي لرسائل الشهيد غسان كنفاني إلى الكاتبة غادة السمان، وكذلك رسائل الناقد أنور المعداوي إلى الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان، وهي رسائل ألقت ضوءا على حياة كنفاني والمعداوي وهما قد تركا بصمات واضحة على مسيرة الأدب العربي في القرن العشرين.

وأشار عيدروس إلى أن النقاش ترأس تحرير صحف ومجلات عدة في مصر وقطر منها مجلة الهلال ومجلة الكواكب ومجلة الدوحة القطرية بعد الأديب السوداني د.محمد إبراهيم الشوش، مشيرا إلى أن النقاش كتب عن الشاعر السوداني الكبير محمد المهدي المجذوب، ونقل عن النقاش قوله عن المجذوب وقد رآه في الدوحة يلقي شعره: » أين كان هذا الشاعر العظيم ولِمَ لَمْ نسمع به من قبل؟».

وتطرق عيدروس إلى أنه في فترة سابقة سلمت القاصة العراقية ديزي الأمير مجموعة رسائل المجذوب لها إلى الأستاذ رجاء النقاش لإخراجها في كتاب، ولكن ظروفا ما قد حالت دون ذلك، مشيرا إلى ضرورة الاهتمام برسائل المجذوب هذه لدى الراحل رجاء النقاش، وناشد سفارة السودان بالقاهرة وسفارة مصر بالخرطوم ووزارتي الثقافة في البلدين، ضرورة الاهتمام بهذه الرسائل وفاء لذكرى الناقد رجاء النقاش والشاعر محمد المهدي المجذوب.

وتطرق إلى إشادة رجاء النقاش بالشاعر السوداني البروفيسور عبدالله الطيب الحاصل على جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي، حينما قدم محاضرته في أسبوع السودان بالدوحة عن خطر الفتنة بالشاعر «تي. سي. اليوت» على الشعر العربي، حيث كتب النقاش عن البروفيسور عبد الله الطيب في مجلة الدوحة بمحبة وتقدير. وقدمت في الندوة ورقة عن (الرباط الثقافي بين مصر والسودان) قدمها د. عمر أحمد قدور تطرق فيها إلى تجربة «ديوان النيل» المطبوع في عام 1978م، حيث تم اختيار قصائد لخمسين شاعرا سودانيا وخمسين شاعرا مصريا جمعت في مجلد واحد ضخم أسموه «ديوان النيل»، تتحدث قصائده عن النيل والعلاقة الحميمة الوثيقة بين شعب وادي النيل.

وقدم الأستاذ شول دينق مداخلة حول التجربة النقدية للأستاذ رجاء النقاش ودوره في الاهتمام بالأدب السوداني، وكذلك تحدث الدكتور صلاح الدين فرج الله يعقوب عن عمق العلاقات السودانية المصرية وتأثيراتها في الساحة الثقافية العربية بما تحفل به من أدب وثقافة عربية رفيعة مشيرا إلى تأثيرات مصر في الثقافة العربية أينما كانت.

وقدم خلال الندوة الأستاذ الفاتح حمدتو تعقيبات وإضاءات حول الفترة التي عاشها رجاءالنقاش، وقرأ الشاعر أبوقرون عبد الله أبوقرون قصيدة الشاعر التجاني يوسف بشير (ثقافة مصر) التي جاء فيها «وثقي يا مصر علائق الادب الباقي ولا تحفلي بأشياء أخرى».

الخرطوم من: محمد خليفة الصديق

طرابلس

تناغمٌ وتَلاحُمٌ بين الكلمة والمكان في أمسية الفضاء الثقافي الشعرية

في طرابلس الغرب بالمدينة القديمة وبالتحديد (حوش القره مانلي) حيث معرض للمُقتنيات التاريخية التابع لإدارة جِهاز المدُن التاريخية، أقيمت الأُمسية تم التحضير لها منذ حوالي إلى شهر تقريبا وإيمانا من مجلة الفضاء الثقافي بأهمية وضرورة رعاية الأماكن التاريخية فقد تم اختيار (حوش القره مانلي) لإجراء الأُمسية فيه لما لهذا المكان من أهمية تاريخية ووطنية في قلوب الليبيين باعتبار أنه كان مقر إقامة يوسف باشا القره مانلي الذي قدم تضحيات جمة، وبرهن على أن الليبيين قادرون على التحدي وعلى المواجهة بشجاعة.

تم الإعداد للأُمسية، ومجلة الفضاء الثقافي وجدت العون والمساعدة ورحابة الصدر من قِبل مُفيدة جُبران.. مديرة الحوش أو المعرض باعتبار أن الحوش هو الآن معرض لِلمُقتنيات التاريخية خاصة أن الأخت مفيدة تُؤمن بضرورة التعريف بالأماكن التاريخية للمواطنين الليبيين، واقتناعًا منها بأن الشِّعر والتاريخ هو تناغمٌ بين الكلمة والمكان. كُلُّ شيء كان قد تم التحضير له وحانت ساعة بدء الأمسية حيث امتلأ حوش القره مانلي بالضيوف والشُعراء والقنوات الإذاعية الليبية وكان من ضمن الضيوف الكِرام بعض المُدونين والصحفيين وكان حُضورهم تلاحُما بين الأدب الإلكتروني والورقي ودَلَّ على أن المُثقف الليبي لايزال بخير باهتمامه بهذا الحدث الشعري المهم.

الأمسية أدارها رئيس تحرير مجلة الفضاء الثقافي، وهي كما نعرف مجلة أدبية فكرية إلكترونية مُستقِلة حيثُ عرّف الأخ الشاعر صابر الفيتوري ونَوّهَ بالمكان والحدث والشُعراء الذين شاركوا في الأُمسية كانوا من مختلف المدن الليبية منهم شعراء من أجيال مختلفة، فقد كان من الحُضور شاعر الشباب علي صِدقي عبدالقادر الذي كان ضيف شرّف الأمسية بِكلِمة ألقاها منتصف الأمسية وكان من بين الشعراء تجارب شعرية ليبية اختلفت بين من يكتب القصيدة العمودية والشعر الحر وقصيدة النثر. وضمت قائمة الشُعراء المُشاركين: فريال الدالي، محمد القذافي مسعود، عبد الحكيم كشاد ، بُشرى الهوني، عادل الطاهر الحفيان، حبيب الأمين، عفاف عبد المحسن، خالد درويش، حليمة الصادق العائب، أُم الخير الباروني، سعد الغاتي، غزالة الحريري، علي صدقي عبد القادر، فتحي الحريزي، محيي الدين محجوب، جميل حمادة، مصطفى قادربوه، محمد حليمة، الكيلاني عون، عبدالحكيم هيبة، مراد الجليدي.

لم تخلُ الأمسية من حس الدعابة من قِبل بعض الشُعراء والشاعرات من كلمة شاعر الشباب علي صدقي عبدالقادر الذي كان ذَكَرَ مدينة طرابلس وجمالها وشكره لمنظمي هذه الأُمسية وكان الكلام الذي أعجب الضيوف قول شاعر الشباب أنّ من يكتب الشعر هو شاعر وأن من يسمع الشعر هو شاعر وأنّ من يقول صباح الخير بأدب لفتاةٍ في الطريق العام فهو شاعر.

طرابلس الغرب من: عادل الطاهر الحفيان

الجزائر

صمم بيوتًا تقاوم الزلازل تكريم د. لوط بوناطيرو

احتضنت المكتبة الوطنية الجزائرية أخيرًا حفل تكريم د.لوط بوناطيرو على كل ما أنجزه في بحوثه المتواصلة في مجال علم الفلك والعمران الحديث واكتشافه الفذ للساعة الكونية العالمية.

وقد حضر حفل التكريم عدد من الوجوه العلمية والثقافية المعروفة بالجزائر إلى جانب عائلة الدكتور المتمثلة في الأم والأخوة والأخوات.

لقد أبى عدد آخر من رؤساء الجمعيات الثقافية التنقل إلى المكتبة الوطنية من مدن بعيدة عن العاصمة إلى جانب زملائهم من رؤساء جمعيات علمية فلكية تنشط في الجزائر.

وكانت هذه البادرة الطيبة من جانب د.أمين الزاوي مدير المكتبة الوطنية الجزائرية.

لقد أبى هذا الابن البار للجزائر إلا أن يكرم العالم الفذ لوط بوناطيرو على إنجازات شتى واختراعات عديدة في علم الفلك والنجوم فضلا عن تصاميم جديدة لبنايات نموذجية حديثة مقاومة للزلازل تستفيد منها معظم البلدان التي تتعرض من حين لآخر إلى هزات أرضية وكوارث طبيعية.

كما استغلت هذه الفرصة جمعيات حرة تنشط في مجال علم الفلك وتصاميم البنايات الحديثة لكي تقدم بدورها شهادات تقدير واعتراف للأستاذ لوط لإخراجها من التهميش المفرط الذي تعرض له في وطنه منذ أن ذاع صيته عام 2003.

وقد تم تكريم الأستاذ لوط خلال هذه السنوات القليلة الماضية من طرف عدد من البلدان الأوربية التي اهتمت باكتشافاته الماهرة. كما استضافته جامعات عدة هناك لإلقاء محاضرات علمية في ميدان عمله. حيث شرح أفكاره الجديدة في شتى المجالات الفلكية، حيث قوبلت أفكاره بالرضا والارتياح.

اعتراف صريح لمواطن عربي مسلم احتل مكانة خاصة في هذا الميدان منذ ظهوره الأول بعد الزلزال العنيف الذي ضرب الجزائر عام 2003. لقد واصل نشاطه الكثيف لتقديم أطروحاته ونظرياته للجزائر أولاً ولكل البلدان ثانيا.

لقد قام بتصميم بيوت فردية لعائلة واحدة نموذجية تمكن من العيش الهنيء بكل أمان واطمئنان لا تتأثر بالكوارث الطبيعية ومقاومة للرياح والأمطار، كما أنشأ عمارة سكنية فريدة من نوعها تختلف عن الأبراج المعتادة، حيث أكد أن مثل هذه البنايات تحل مشكلة السكن نهائيا وتقضي على المشاكل الاجتماعية التي تعانيها الأحياء المعروفة حاليا.

لقد قام كذلك بتصميم مدينة إسلامية حديثة مقاومة للزلازل مجهزة بكل ما يلزمها من مرافق حيوية، مدينة يتمنى أن ترى النور لكي يتعرف عليها الإنسان.

اهتم الأستاذ لوط بوناطيرو بالجانب العمراني إذ كما يقول إن الإنسان لا يستغني أبدًا عن السكن المريح وأن المناخ قد تغير أخيرًا، وكثرت الفيضانات والسيول كما كثرت الزلازل كذلك.

لقد وصل الأمر بالدكتور إلى تغيير مجرى التاريخ ولم لا؟ حيث قام باختراع وتصميم الساعة الكونية العالمية الفريدة من نوعها والتي تقلب رأسًا على عقب حياتنا اليومية.

لقد اكتشف أوقاتا مختلفة لليوم في النهار أول الليل كما اكتشف خطوط عرض جديدة تختلف عن الحالية.

وأن التوقيت انطلاقا من مدينة جرينتش خطأ. وقد اكتشف توقيتا جديدا لو اعتمده الناس لعاشوا ساعات أطول.

الجزائر من: حمَّان علي





وزيرا الاعلام والثقافة في الجمهورية اليمنيه مع كعكة الاحتفالية





الندوة التي عقدت بمناسبة بلوغ العربي يوبيلها الذهبي





الندوة التي عقدت بمناسبة بلوغ العربي يوبيلها الذهبي





السفير الكويتي سالم الزمانان





د. محمد المفلحي وزير الثقافة اليمني





علي المقري مدير تحرير غيمان





الشاعر والكاتب د. سلطان الصريمي





محمد القربي عمران





السياسي اليمني محمد الرباعي





فاروق شوشة وأحمد درويش والحديث عن جسر رجاء النقاش





الدكتورة هانية زوجة الراحل تتوسط حضور ندوة النقاش





جانب من ندوة أدباء السودان عن رجاء النقاش التي قدمها الفاتح حمدتو





صورة من الأمسية الشعرية





د. لوط بوناطيرو